إلامَامحَبرلوعَاتَ الشعترَاني
لحمل الشيخ احمد فريد المزيدي
مكارة
لكرز ١ دارة الكرز للنشر والتسوزيع
طون رمه © لعبدعوعء كعغطواء الم
جميع الحقوق محفوظة لايجوز نشر أي جزء من هدا الكتاب أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة أو تصويره دون موافقة كتابية من الناشر.
وغطواء علاأوياء<ع 56060 0 568135 لزقق بلط *نه لعه] لزصة ول لعأناطم 5ل رلععنالمرمع؟ ممأءقعأاطانيام واطع مه غرهم ولق رع طاذااطام عط أه دهزووتصوضعم مععع امير عواعم عط غبمطئأايز برمعغديزد اديعننعء, مماعوةط 3)ول ق ما
الكتاب: تطهير أهل الزوايا من خبائث الطوايا تأليف: الإمام عبد الوهاب الشعراني
١١/ ش منشية البكري - مصر الجديدة - القاهرة
١7/514251 5 تليفون:
١١ الأدممهة1 | -١ ١788891/17 76 موبايل: 1821211: 021: 1421:2200( 21100.01
دارة الكرز :غ2901عع1"2
الناشر: دارة الكرز
عدد الصفحات: 191
سنة الطباعة: ؟1١٠
بلد الطباعة: القاهرة)» مصر الطبعة: الأول
رقم الإيداع: /11151/ 1١17
الترقيم الدولي: 977-6156-83-5
اد لاست اا ١ 1 سس جه و2
0
كالب
اماع وكات الشغترا بي
الشيخ أحمد فريد المزيدي
دارة الكرز
الحمد لله الذي أرشد من أراد به خيرًا إلى سلوك سبيل الهدى» وملا قلبه بنور التوفيق ولم يجعله مقابلاً ولا معانداء وهيّأ له أسباب الوصول إليهء وأعظمها أن جعله معتقداء ونشر ذكره في الآفاق فأحبه كل ولي لله خفي أو بدا.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على الحبيب المحبوب سيدنا وسندنا وعمدتنا في الوصول إلى الله الذي هو الغاية والمطلوب مولانا محمد بن عبد الله ذي الفضل الكامل والخير الموهوب كَلِهٌ وعلى آله وأصحابه وكل من والاه ما تلا تال «[ دَلِكَ ومن يِمَظِمْ سكير أله فَِنّهَا من تَقوف الْملُوبِ 4 (الحج: 007
أما بعد .. فيقول العبد الضعيف الفقير الفاني خويدم أهل الله جملةٌ وتفصيلاً ومحبهم» وتراب نعالهم أحمد بن فريد المزيدي- تولاه الله وكان له بها كان به لأخص أوليائه» وأتحفه با أتحف به أكابر أصفيائه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير آمين.
وهذا الكتاب فريد فائق» وموضوعه يعرف من اسمه اللائق» وبسطه الرائق؛ بفضل الله وعطفه زين الخلائق» كنت قد حققته بإشارة من الشيخ العارف بالله سيدي وسندي مصطفى بن عبد السلام الملواني - قدس سره - حين| ذكرت له الكتاب فاستعظم أمره على العباد في هذه الأيام» حيث لم تعد الزوايا الصوفية الموجودة الآن بالصورة الظاهرة التي كانت عليها في الماضي كزاوية الإمام الشعراني ومن عاصره؛ لاختلاف الزمان والمكان» واختلفت العوائد تبعًا لذلك» والكتاب وإن كان يتناول الزوايا وأحكامها في عصر الإمام الشعراني؛ فهو زاخر بجواهر في السلوك والتربية كعادته في مصنفاته؛ فهو بحق مدون ما حوته النصوص الشرعية
:30ت
من الأخلاق المحمدية النبوية التي يجب على كل مؤمن كامل الإيان الاتصاف والتخلق بياء فجزاه الله عن الأمة خيرًء فكم نبّه على سئن مهملة» وأخلاق نبوية مغفلة» ويكفيه شرفًا كتابي: «العهود المحمدية» و«كشف الغمة عن جميع الأمة) و«الأخلاق المتبولية».
وكأن إشارة شيخي إلى عِظم الكتاب وأهميته كمثل قول حضرة الحبيب بَكل: «أفلح إن صدق» فهي الدعوة إلى عَلو ا همة بدعوى الانتقاص؛ ليحصل المراد من الزيادة.
وبعد انتقال الشيخ - قدس سره- بعامين تقريباء في ليلة التاسع من رمضان المبارك عام ١574 ه رأيت فيم| يرى النائم مسجد الشيخ الشعراني وزاويته المباركة» وكذلك المنطقة التى مها المسجد في هيئتها وصورتبا التى عليها آنذاك» وسور القاهرة المعزية القديم بصورته.
ثم إذا بي أبحث عن مسجدي شيخي الشيخ الشعراني فأمشي إلى مسجدٍ 0 إليه 0 العصرء فأجد قارنًا يتلو آياتٍ ما بين الأذان والإقامة؛
ثم خرجت من المسجد فوجدت أمامي رجلاً سقاء يحمل قربة ماء ويرتدي فتتبعتها فإذا بي عند مسجد شيخه سيدي عبد القادر الدشطوطي.
ثم فجأة ظهر لي أمام باب مسجد الشيخ الدشطوطي الشيخ الشعرانيٍ في صورته التي رأيته عليها قبل عدة مرات»؛ وكان يرتدي عباءة حالكة السواد.وعامة
ا
بيضاءء وعليه هيبة العلماء ووقار الأولياء» فأمرني بأن أتبعه في سيره فجعلني أمثي أمامه؛ ثم جعلني أمشي خلفه متتبعًا في السير آثار قدمه ونعله الشريف», وأذكر أنني كنت أسير بحرص مخافة أن أخرج عن حيز سيره؛ فإذا بظهور نعله كأنه نعل الحبيب المصطفى يَكْةٌ فوقع في نفسي الهيبة والتعجب وا خضوع.
فأوقفني الشيخ فاتًا عباءته الشريفة مرجًا منها كتاب: «تطهير أهل الزوايا النسخة المصورة التي بحوزتنا في خزانتنا من قبل» ثم أخرج من جيبه خخاتمًا ختم به الكتاب مكتوث عليه: (وأنا مثلهم) وناطق بتلك العبارة» فجاءت عيني في عينيه محدقتين» بجلٍ وإيصاء؛ ثم قمت متعجيا من رؤيتي هذه.
فسارعت بالاتصال على الأخ - محب الشعراني- محمد بن عبد القادر - فأوّل لي الرؤيا بالخير والبشرى؛ وأكد إشارات صدقها لبعضهم.
فقمت ملبيّا بتحقيق الكتاب والضبط والتصحيح؛ والعزو والتخريج» وشرح الغريب» والترجمة لكثير من الأعلام.
علرًا أيها الأحباب أننا نعتقد أن هذا الكتاب سيقرؤه غوث الزمان» ويأمر بالعمل به وهو مبشرٌ بقرب ظهور سيدنا المهدي لكل وسيجعلها منهاجًا في العبادة والتربية» ىا هو شأن كتاب «كشف الغمة» للشيخ الشعراني» وهذا الأمر الثاني مما شف للشيخ: وذكره في مقدمته.
هذا وقد قصدت به نفع نفسي وإخواني في الله بإذن الكريم ا منان؛ لينتفع به من سبقت له سابقة الفضل من حضيرة الملك الدّيان الذي كل يوم هو في شان؛ فنسأل الله أن ينفعني بالامتثال والتشبه بالسادات الرجال الباذلين جهدهم. في نصح أمة سيد الإرسال؛ عملاً بالحديث الشائع والبرهان القاطع والنور الساطع؛ وهو قول
0غ
أفضل شافع صل الله عليه وآله وسلم ما سجد لله قلب خاشع: «الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»" يعني أن مدار الدين على النصيحة. وهي أعظم أركانه على حد قوله كيه «الجيج عرفة)” والنصيحة كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة» وهي إخلاص الرأي وإرادة الخير للمنصوح له من نصحت العسل إذا خلصته وصفيته من الشمع؛ فكذلك المنصوح فإن ناصحه لا يريد بنصيحته إلا تصفيته من الشوائب والأغيار المبعدة عن حضرة الكريم الغفار.
فاللهم اقبل هذا العمل مئّا بجاه سيد السادات - صل الله عليه وآله وسلم- ما قلا تالٍ: إبَأفوس رت إل آمك آم الباق © (غافر: 44) آمين.
وكان الفراغ من تحقيقنا هذا الكتاب في ليلة الثامن عشر من شهر رمضان المبارك الموافق يوم الجمعة لسنة ١414 ه.
وما هو إلا جهد المقل» ومحاولة الاقتراب من دخول الباب» وحصول بركة الأعتاب: وطممًا في ورثة أولي الألباب.
وصل الله على سيدنا محمد يل هادي العباد» ولباب اللباب» وموصل الألباب لحضرة القدوس الوهاب.
كتبه/ أبو الحسن والحسين: أحمد فريد المزيدي
)١( أخرجه مسلم 86 والنسائى 4١61 والدارمى 1 وأحمد في مسنده: 07/ال!, (؟) أخرجه أبو داود 17717 والترمذي »8١1 والنسائي 237987 وابن ماجه 27015 وأحمد في مسنده
8
هذا الكتاب
«تطهير الزوايا من خحبث الطوايا»" هو الكتاب التاسع عشر في ترتيب تآليف الإمام عبد الوهاب الشعراني #الته والتي أوصل بعض العلماء عددها إلى ثلاثيائة كتاب في علوم الشريعة وآلاتها" وني الكتاب يتكلم الإمام عن الحياة الاجتماعية والعلمية داخل الزاوية باعتبار دورها ومكانتها في القرن العاشر وما قبله وبعده» من كونها ملجأ وسكنا ومؤسسة تعليمية وتربوية» فرصد الإمام الشعراني لله كل التصرفات التي كانت تدور داخلهاء فمثلا ذكر أن من شروط شيخ الزاوية أن يكفي القاطنين فيها من كل العلوم فقهًا وأصولًَا وعقيدة ونحوًا وغيرها من العلوم؛ لما في ذلك من لطائف يعرفها أهلهاء ىا ذكر آداب المريدين في الزاوية مع شيخهم؛ وآداءهم مع بعضهم, وقد ألفه سئة (/451ه) في أخريات حياته قبل وفاته يرحمه الله بست سنوات ويقع في "٠١ ورقة» وهو مخطوط بدار الكتب المصرية والمكتبة الأزهرية» والكتاب يطبع بحمد الله وفضله وتوفيقه لأول مرة في مصر وتنشرف دارة الكرز للنشر والتوزيع بأن يكون لما هذا السبق في خدمة الباحثين وطلاب العلم» وسنورد فيا يلٍ ثبتًا بمؤلفات الإمام الشعراني مرتبة على حسب ورودها في المعجم وهي كالتالي:
/ه١ 4157 الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية. وقد طبع عام: )١( آم بمكتبة أم القرى في القاهرة» بتحقيق الدكتور عبد الباري حمد داود ظلله. ٠7
(؟) الأخلاق الزكية والعلوم اللدنية.
.8١ انظر اتذكرة أولي الألباب» ص )١(
9
8 الأحادق الحبولة الفاظة من الخضرة المكدية:.ويعد هذا الكفانة ثة أكبر الموسوعات الأخلاقية للإمام الشعراني؛ لتناوله لمعظم الجوانب الأخلاقية التي بنبغي أن يتخلق بها المسلم على وجه العموم» وسالك طريق الصوفية على وجه المخصوصء وقد طبعته مكتبة الإيهان بالقاهرة الطبعة الأولى عام 7٠٠7م بمجلدين» بتحقيق فضيلة الدكتور منيع ابن شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم نحمود.
() أدب القضاأة.
(5) أدب المريد الصادق مع من يريد الخالق. وهو مخطوط في مكتبة الأزهر في القاهرة بعنوان (المريد الصادق مع مريد الخالق) (تصوف رقم: 174151) وله نسخة ثانية في المكتبة البديرية في القدس -١49( تصوف -"/ .)15١
(1) إرشاد الطالبين إلى مراتب العلاء العالمين. وهو مخطوط بمكتبة الأسد بدمشق برقم:(19/17570)» وقد طبع عام 5١١7م بدارة الكرز في القاهرة» بتحقيق: د.محمد نصار وأحمد المزيدي» وطبع حديثاً في دار الكتب العلمية بتحقيق: د. مهدي ا
0 إرشاد العباد إلى سبيل الرشاد» وقد اختصر فيه كتابي الإمام ابن حجر الهيتمي (الزواجر ومرشد الطلاب) وهو مخطوط في المكتبة الملكية في برلين» ألمانياء تحت رقم (1894-178).
(8) إرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء إلى شروط صحبة الأمراء. وهو رسالة مخطوطة: في خزانة الرباط وقد جعله قسمين الأول:في صحبة العالم العلماء مع الأميرء والثاني:في صحبة الأمير معهم. وهو موجود أيضاً في مكتبة الأسد بدمشق تحت رقم )١1951١( وعدد أوراقه (177) ورقة.
-16-
(9) أسر ار أركان الإسلام أو (الفتح المبين في ذكر جملة من أسرار الدين).
وقد نشر سنة١ 5 114ه1980م بتحقيق: الدكتور عبد القادر أحمد عطاء الذي نص في مقدمته ص95 أنه: غيّر اشمه؛ ليتطابق مع موضوعه تماماً لأن العناوين الطويلة لا تناسب العصرء وأن اسمه الأصلي هو:«(الفتح المبين في جملة من أسرار الدين).
)٠١( اعتراضات ابن الجوزي على حجة الإسلام الغزالي» وقد ردَّ فيه ما اعترض به الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس على الإمام الغزالي» وغيره من الصوفية» وهو مخطوط في مكتبة ولي الدين أفندي بتركياء تحت رقم .)١17814(
)١١( الاقتباس في علم القياس.
)١١( الأنوار القدسية في معرفة آداب العبودية. وقد طبع عدة طبعات بمصر» وغيرهاء منها طبعة بولاق وطبعة صبيح ببامش الطبقات الكبرى.
(1) الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية. وقد طبع بدار الكتب العلمية» بتحقيق: طه سرور ومحمد الشافعى.
)١4( البحر المورود في المواثيق والعهود. وهو مطبوع عدة طبعات» لا يخلو أكثرها من الدس والتحريفء وإن أصحّهاء وأفضلها طبعة دار الكتب العللمية بتحقيق: محمد أديب الجادر.
(1) البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير. وقد طبع بدار الكتب
)١15( البروق الخنواطف لبصر من عمل بالهواتف.
-1١-
10) ببجة التفوس والأسْماع والأحداق فيا تميز به القوم من الآداب والأخلاق. وهو موجود بدار الكتب المصرية برقم (1"4 تصوف عربي) وعدد أوراقه (098).
(14) الت والفحص على حكم الإلام إذا خالف النّص.
(15) تطهير الزوايا من محبث الطوايا (موضوع كتابنا هذا)
(؟) تنبيه الأغبياء على قطرة من بحر علوم الأولياء.
)"١( تنبيه المغترين في القرن العاشر على ما خالفوا فيه سلفهم الطاهر. وهذا من أجل كتب الإمام الشعرانية الأخلاقية» فقد ذكر فيه هدي الصحابة وَهق والتابعين والعلماء العاملين وبيّن الكثير من المخالفات التي يقع فيه بعض أدعياء العلم والتصوف» وخاصة في القرن العاشر المجريء وقد طبع عدة طبعات منها طبعة دار البشائر بدمشق» عام 419١ه 1144م, بعناية الشيخ عبد الجليل عطا البكري.
(؟5) الجواهر والدرر. وقد ذكر فيه أنه التمس منه بعض الناس أن يذكر لهم ما تلقفه عن شيخه علي الخواص #ثلله نما فاوضه فيه أو سمعه حال مجالسته له مدة عشر سنين» فأجاب ووسم كل قول منه باسم شيء من الجواهر إشارة إلى عزة الجواب عنها ثم اعتذر عن الخطأ أو قلة الإيضاح لأن الشيخ الخواص كان أمياً لا يعرف الخط» وإنما ترجمه عنه بالعبارة المألوفة بين العلماء.
() الجوهر المصون في علوم كتاب الله المكنون» قال عنه الإمام الشعراني:(إنه مشتمل على نحو ثلاثة آلاف علم منثورة على سور القرآن. وله نسختان خطيتان ركعي شيرب الأول فيه الاين 3107م روف عرزي ) وأورافيا:9 4
-1-
ورقة» وهو ناقص بضعة أسطر من المقدمة» والثانية برقم (5/ تصوف حليم عربي) وأوراقها(؟؟) ورقة.
(14) الجوهر المصون والسر المرقوم فيا تنتجه الخلوة من الأسرار والعلوم وقد أَلْمّه فرقاً بين علامات المحققين والمتشبهين» وفرغ مله في حادى الآخرة سنة:(97*7 ه) وله نسخة مخطوطة في المكتبة الخالدية في القدس الشريفء كما ذكر الدكتور مهدي عرار حفظه الله.
(5؟) حد الحسام على من أوجب العمل بالإلهام.
(15) حقوق أخوة الإسلام (مواعظ). وهو مخطوط بدار الكتب المصرية.
بالقاهرة. .(31) درر الغواص من فتاوى الشيخ علي الخواص. جمع فيها نبذة من فتاوى شيخه المذكور مترجماً عن معنى بعضها.
(1) الدرر المنثورة في زبد العلوم المشهورة. وهو موسوعة ف علوم القرآن؛ والفقه وأصوله؛ والدين» والنحوء والبلاغة 500 منها نسخة في دار الكتب المصرية» وني برلين» وقد طبع بدار ابن زيدون» بيروت» بتحقيق الدكتور عبد الحميد صالح حمدان؛ وبدار التراث العربي مع كتاب أسرار أركان الإسلام» بتحقيق: الدكتور عبد القادر أحمد عطا.
(19) الدرر واللمع في الصدق والورع. يدف الإمام الشعراني بهذا الكتاب إلى تصحيح المسار الأخلافي عند بعض المتصوفة الذي بدا انحرافه في عصره. ومحاولة إرجاعه إلى ما عليه الخيرة من علماء هذه الأمة» وقد طبع بتحقيق الدكتور محمد عبد القادر نصار وأحمد المزيدي» بدارة الكرز في القاهرة» عام: 7٠١١0 م.
-19-
أيضاً في مكتبة الحرم المكي في مكة المكرمة» وهذا الكتاب هو نفس كتاب الدرر المنثورة في بيان زبد العلوم المنثورة.
)9١( ردع الفقراء عن دعوى الولاية الكبرى. وقد طبع في القاهرة بتحقيق الدكتور عبد الباري محمد داود يثلكه.
(9") رسالة الأنوار في آداب العبودية. وهو غخطوط في مكتبة الأزهر بالقاهرة» بعنوان (رسالة الأنوار في معرفة آداب العبودية) [تصوف برقم:(/71"1"791)]
(”7) السر المرقوم فيها أختصم به أهل الله من العلوم.
(: ") سر المسير والتزويد ليوم المصير.
(75) شرح جمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه.
(”) الطبقات الصغرى. نشر سنة0٠75١ه191/0م, تحقيق:عبد القادر أحمد عطاء وبدار الكتب العلمية سنة:4419 ١بتحقيق:محمد شاهين» وقد مر الكلام عنه
(0) الطبقات الكبرى المساة ب (لواقح الأنوار في طبقات الأخيار). موضوع هذا الكتاب: التصوفء تراجم مشاهير الأولياء من أبي بكر © إلى أيامه. في مجلدين كبيرين. وقد طبع بمصر مرارأء كما طبع في بيروت» لكن أغلب هذه الطبعات فيها من الدَّسٌ والتّحريف ما فيهاء وقد طبع أخيراً في القاهرة بمكتبة الآداب» بتحقيق عبذال رحمن حسن محمود يله وقال عنها محققها:(إِئّا خالية من التجخررتك
-15-
والتّخريف». ومن خلال مقارئة هذه النسخة مع عدة نسخ أخرى مطبوعة وجدت خالية من كثير من تلك التقولات المشوهة والمخزية.
0 الطبقات الوسطى وله نسختان خطيتان بدار الكتب المصرية» الأولى مبذا الاسم» رقم 7"٠( تاريخ تيمور عربي) )١78( ورقة» والأخحرى باسم: لواقح الأنوار القدسية في مناقب العلماء والصوفية» رقم (١51٠10حليم عربي) ١74 ورقة.
(4”) طهارة الجسم والفؤاد من سوء الظن بالله تعالى والعباد. وهو مخطوط بمكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة؛ ضمن مكتبة الملك عبد العزيز» بعنوان:«المنهج المطهّر للجسم والفؤاد من سوء الظَّنَّ بأحد من العباد) ورقمه (715 وعظ وإرشاد) وهو من روائع الإمام الشعراني الأخلاقية» لكنه وللأسف ممنوع من التداول من تصوير وغيره بقرار من إدارة المكتبة المذكورة.
(50) العقيدة الشعرانية أو(كتاب العقائد) وهو مخطوط بمكتبة الأسد بدمشق» برقم (151/58) في (7) ورقات.
(41) فتاوى الشعراني.
(47) الفتح في تأويل ما صدر عن الكّكّل من الشّطح. وقد طبع بدار أزمنة في عرّانء ط: ٠٠٠" /١ امء بتحقيق الأستاذ قاسم محمد عباس.
(5) فتح الوهاب في فضائل الآل والأصحاب. وهذا الكتاب أثبت فية الخلافة للخلفاء الأربعة على الترتيب الواقع وذكر في أوله مقدمةٌ جامعة لبيان الطريقة النافعة» وختم بذكر بعض فضائل أهل البيت فل تاركًا في الكل التعصب
2-20
الباطل أوله الحمد لله الذي منحنا معشر أهل السنة بالسنة الخ وذكرهم في أربعة أبواب.
(15) فرائد القلائد في علم العقائد. وهو مخطوط في المكتبة الملكية في برلين» ألمانية» تحت رقم )7١1/4( وتوجد منه نسخة في مكتبة الأسد بدمشق.
(55) الفصول في علم الأصول. (5؟) الفُلّك المشحون في بيان أن علم التصوف هو ما تخلق به العلماء الغاملوة:
قال الإمام الشعراني في أوّله:«هذا كتاب نفيس لم يسبقني أحد إلى تأليف مثله فيها أظن» جمعتٌ فيه جملة صا حة من أخلاق العلماء الذين أدركناهم أوائل القرن العاشر فامصتر وقراهاء وهم تجدؤقاتة وعننان فتيحاء ذكرنا ناته ف كنات الطيقات». وهو مخطوط بدار الكتب المصرية في القاهرة» ورقمه الخاص (4 تصوف حليم عربي) ورقمه العام (4411/11) وأوراقه (154) ورقة» مع نقص كبير في أوله.
) القواعد الكشفية الُوضّحة لمعاني الصّفات الإكية. قال الإمام الشعراني في مقدمة هذا الكتاب:«وهذا كتاب ذكرت الأجوبة عن صفات الحق جل وعلاء ورد ما يتوهمه الملحدون وضعفاءٌ الحال في العلم بحسب مقامي غيرةٌ على جناب الحق جل وعلا أن يتوهم أحدٌ فيه ما لا يليق بجنابه تعالى». وقد هذا طبع الكتاب» طبعة علمية بتحقيق الدكتور مهدي عرّار حفظه الله بدار الكتب العلمية» ببيروت» عام ٠05 5م.
(48) القول المبين في بيان آداب الطالبين.
3
(49) القول المبين في الرد عن الشيخ محيي الدين. وقد طبع حديثاً بدارة الكرز بالقاهرة بتحقيق الدكتور محمد عبد القادر نصار.
(60) الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر. وقد طبع هذا الكتاب بدار إحياء التراث العري» في بيروت» بأسفل كتاب اليواقيت والجواهر.
)5١( كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان.قال الإمام الشعراني عنه:«وهي نيّف وسبعون سؤالاً في التوحيد سألنى عنها علماء الجان», طبع هذا الكتاب بدار الكتب العلمية» بيروت الطبعة الأولى عام ١47١ه 1444م بعناية الشيخ عبد الوارث محمد علي.
(01) كشف الغمة عن جميع الأمة. وهو مطبوع طبعات كثيرة» منها بدار الفكر بدمشق وغيرهاء وآخرها وأفضلها طبعة دار التقوى بدمشق في مجلدين» بتحقيق أحمد عزو عناية» وتمتاز هذه الطبعة عن غيرها بتخريج معظم الأحاديث الواردة في الكتاب مع قلة الأخطاء الطباعية.
(0) الكوكب الشاهق - أو النور الفارق- في الفرق بين المريد الصادق وغير الصادق. يعالج الإمام الشعرانٍ في هذا الكتاب الأخلاقٌ التي يجب أن يكون عليها المسلم؛ وخاصّة المريد في الطريق الصوفي؛ وما يتحلى به أهل الله من صدق وإيثار وتسامح وإخلاص» وقد طبع عام:١1541١م بدار المعارف» مصر» بتحقيق: الذكتور حسن محمد الشرقاوي أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية.
(04) لباب الإعراب المانع من اللحن في السنة والكتابء أو المقدمة النحوية في علم العربية. طبع هذا الكتاب بتحقيق: د. زيان أحمد الحاج إبراهيم» ونشر في مجلة معهد المخطوطات العربية في الكويت - المجلد١٠ -.الجزء الثان» في شهر ذي
لاا
القعدة 5 :١ه صفحة: 00١ -01/4) وطبع مرة أخرى بتحقيق: د.مها بنت عبد العزيز العسكر ود.نوال بنت سليان الثنيان الأستاذتان المساعدتان في قسم اللغة العربية - كلية التربية للبنات بالرياض.
(04) لطائف المنن والأخلاق في بيان وجوب التحدث بنعمة الله على الإطلاق(المنن الكبرى). له نسخة حخطية في المكتبة البديرية في القدس برقم (7/5/ 1916) وقد طبع عدة طبعات منها بدار التقوى» دمشق» تحقيق أحمد عزو عناية» وبدار الكتب العلمية ببيروت ط: /١ 11494١م, بعناية سالى مصطفى البدري.
(07) لوائح الخذلان على من لم يعمل بالقرآن.
(010) لواقح الأنوار القدسية المنتخب من الفتوحات المكية. وله عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية.
(08) المآثر والمفاخخر في علماء القرن العاشر.
(64) المختار من الأنوار في صحبة الأخيار» طبع في القاهرة سنة: 911١م بإشراف الحيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية» بتحقيق الدكتور:عبد ال رحمن عميرة»
() مختصر الألفية لابن مالك في النحو.
)5١( مختصر تذكرة السويدي في الطبء ذكر فيه بعض الأمراض ووصف لا
)١0( مختصر تذكرة القرطبي. وله بدار الكتب المصرية عدة نسخ خطية» وأغلبها بالاسم المذكور» منها رقم (7١؟١تصوف طلعت عربي) في (5 17) ورقة»
-14-
ونسخة واحدة باسم: العقد الذهبي بمختصر تذكرة الإمام القرطبي» ورقها الخاص ١/87( تصوف حليم عربي)) وهو مطبوع أيضاً عدة طبعات؛ أغلبها تجارية.
(7) مختصر الخصائص النبوية للإمام السيوطي.
(14) مختصر عقيدة البيهقي وهو مخطوط بدار الكتب المصرية في القاهرة تحت رقم (100 مجاميع طلعت).
(17) مختصر قواعد الإمام الزركشي في الفروع وهو مخطوط بمكتبة الأزهر, رقم (/4851) خاص» ورقم (57475) عام.
(51) مختصر المدونة في الفروع المالكية.
(1) مشارق الأنوار أو (لواقح الأنوار) القدسية في بيان العهود المحمادية. وقد طبع الكتاب مرات عديدة. منها بدار الكتب العلمية في بيروت» بتحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم عام: ١١60 1م.
0 مدارج السالكين إلى رسوم طريق العارفين. موضوعه التصوف. طبع في مصر طبعة حجرية دون تاريخ.
(7) مفحم الأكباد في مواد الاجتهاد.
)/١1( مقدمة في ذم الرأي وبيان تبري الأئمة المجتهدين منه. توجد منه عدة نسخ خطية منها في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق في(18) ورقة» تحت رقم (ة5ثلات).
(77) الملتقطات من حاشية ابن أبي شريف على شرح جمع الجوامع للسبكي في الأصول. وهو مخطوط بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق» يقع في (15) ورقة تحت رقم
-1-
.)١تالا58(
(07) الْنّح السنية على الوصية المتبولية. وهي شرح على وصية العارف بالله المتبولي الأحمدي (تصوف»» توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأزهر برقم (7719) وقد طبع في مصر طبعة حجرية» سنة:(1517/5١ه). )| طبع أيضأ في مكتبة الجندي في القاهرة بتعليق محمد مصطفى بن أبي العلاء دون تاريخ.
(075) مح الِنّة في التلْبّسِ بالسّئَة. وقد طبع عدة مرات؛ منها بدار الكتاب النفيس بحلب سورياء ط:١/ 4177١ه بتحقيق: الشيخ عبد الغني نكه في
(10) منع الموانع".
(77) منهاج الوصول إلى مقاصد علم الأصول. وقد جمع فيه بين شرح الجلال المحلٍ لجمع الجوامع وحاشية ابن أبي شريف.
(/1) منهج الصدق والتحقيق في تفليس غالب المدعين للطريق. مخطوط في مكتبة الأسد بدمشق» تحت رقم )١1//48( ويقع في (/101) ورقة.
(78) المنهج المبين في أخلاق العارفين.
(79) المنهج المبين في بيان أدلة الأئمة المجتهدين أومختصر السئن الكبرى للبيهقي).
)١( الميزان المَضريّة. في الفقه المقارن» له طبعات كثيرة منها بدار الكتب العلمية.
فق كشف الظئون ج؟/ 165 هدية العارفين ج١1/ 51417.
عاد
(81) الميزان الذَّمَيّة المبيّة لعقائد الفرق العَلِيّة. وله في دار الكتب المصرية عدة نسخ تحت منها الأرقام التالية: 7110) ))271١( وقد طرم عام 1١٠٠م في الدار الحودية في القاهرة» بتحقيق:أ.دجودة المهدي وأحمد فريد المزيدي» ود. محمد عبد القادر نصار» ولكن للأسفء إن هذا الكتاب قد طالثه يد الدَّسٌ والتّحريف الأثيمة» ما لا يخفى على كل قارئ متمرّس في كتابات الإمام الشعراني» وخاصة الذي يقابل هذا الكتاب مع كتاب القواعد الكشفية يرى ذلك واضحاً جلياً» وعلى سبيل المثال لذ اللتضر انق هذا الكتاية يداقي عن دق عن نكزة اظلر ل والاعاد وك د المحققون حفظهم الله على تلك المواضع؛ وحاولوا تأويلها با يتفق مع عقيدة أهل السنة» وأوردوا ذلك من كلام الإمام الشعراني نفسه ب) يرد هذا الدسء بينم نجد الإمام الشعرانٌ يخلئه يحذر من هذه الفكرة كل التحذير» في أكثر كتبه» بل ويبرهن على بطلاهاء ومصادمتها للعقيدة الإسلامية الصحيحة. ثم يأني بالتقول عن العلماء بإيطال هذه الفكرة.
(81) الميزان الشعرانية المدخلة لجميع أقول الأئمة المجتهدين ومقلديهم في الشريعة المحمدية» أو الميزان الكبرى. في الفقه المقارن» طبع هذا الكتاب طبعات كثيرة» في سوريا ومصر ولبنان» وأفضلها- والله أعلم- طبعة دار عالم الكتب بتحقيق: الدكتور عبد ال رحمن عميرة. ْ
(85) ميزان العقائد الشعرانية المشيدة بالكتاب والسّنّة الممحمّدية.
(66) النصائح والوصاياء وهو مخطوط بمكتبة الأسد بدمشق» برقم (754ات١) (49) ورقة» وبدار الكتب المصرية تحت اسم وصايا الشبخ الشعراني في الآداب رقمها الخاص ١٠١١8( تصوف طلعت عربي)» في )١١8(
3
ورقة.
(87) هادي الحائرين إلى رسوم أخلاق العارفين.
(/60) اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر. وقد حاول في هذا الكتاب المطابقة بين عقائد أهل الكشف وعقائد أهل الفكر على مثال لم يسبقه إليه أحد. والكتاب مطبوع طبعات كثيرة» منها بدار إحياء التراث العربي» بيروت» وقد مَرٌ الكلام مفصّلاً عن هذا الكتاب عند الكلام عن علاقة الإمام الشعراني بعلم العقيدة.
الإمام عبد الوهاب الشعراني حياته وعصره
وعن حياة الإمام الشعراني يرحمه الله وعن عصره نقول انه عاش في القرن العاشر المجري فنشأ وعاش في ظل دولتين متعاقبتين هما دولة الماليك والشراكسة والدولة العثمانية وكانت ال حالة العلمية والثقافية في مصر في هذا القرن قد أصابما الجمود والانحطاط وتمكنت روح التقليد من نفوس العلماء فلم ير منهم من سمت به نفسه إلى رتبة الاجتهاد إلا القليل النادر من أمثال الإمام جلال الدين السيوطي يرحمه الله والشيخ زكريا الأنصاري والإمام عبد الوهاب الشعراني» ورغم ما أصاب الجامع الأزهر وهو الذي كان الركيزة الأساسية للحياة العلمية في مصر والعام الإسلامي كله والمعاهد الدينية والمدارس العلمية الأخرى من الركود والجمود وبالرغم من كل الظروف القاسية التي مرت بها وحاولت اقصاءها عن المسار الريادي العلمي فقد استطاعت مصر أن تنجب علاء أجلاء من جميع المذاهب كانوا
فروة
بمثابة النور الذي يضيء للناس دروبهم في عصر اشتدت ظلمته وظلمه لكن علياء الأمة كانت لهم رغم كل هذا مكانة خاصة ومتميزة يكن لما الحكام والعامة كل احترام وتقدير فكان للأزهر وعامائه المكانة المرموقة بين الناس بالإضافة إلى كون علمائه الأجلاء محل ثقة الشعب والحكومة» فالسلاطين يعتبرونهم زعامة روحية وشعبية يُحشى جانبها وعامة الناس يدركون لهم هذه المكانة والزعامة» فكانوا يلجأون إلى الأزهر وعليائه كلما حزبهم أمر أو اشتد عليهم جور الحكام والولاة فيطالبون برفع المظالم عنهم وانصافهم» وببذا أصبح علاء الأزهر وفي مقدمتهم الإمام عبد الوهاب الشعراني وخاصة في العصر الثاني» القوة التي تمثل الرأي العام..
اسمه ونسبه ومولده ونشأته يرحمه الله
هو عبد الوهاب بن الشيخ أحمد بن الشيخ نور الدين علي الأنصاري بن الشيخ أحمد بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن زرفا (يفتح الزاي وسكون الراء) ابن الشيخ موسى المكنى بأبي العمران» بن السلطان أبي عبد الله أحمد الزغْلٍ بن السلطان سعيدء ابن السلطان فاشين بن السلطان محيا بن السلطان زرقا بن ريان بن السّلطان محمد بن موسى بن السّيد محمد بن الحنفية بن الإمام علي بن أبي طالب 8©» أبو المواهب. الشّعراني» الأنصاريّ» الإمام» الفقيه» المحدّّثء الأصون» الشَّافعيء الأشعري» الصو الريُء الشَّاذْل» المصري.
وقد ولد الإمام عبد الوهاب الشعراني #لته على أصحٌ الرُوايات في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة (8948ه). في فإ ده لأمّه بقرية من إقليم القليوبية بمصرء تسمى (قلقشندة) ثم جيء به بعد أربعين يوماً من مولده إل قرية أبيه (ساقية أبي شعرة)؛ وإليها التسب فلقّب بالشعراني.
7#
وقد نشأ في قريته» وفي سنة:(9017ه) توفي والده الشيخ شهاب الدين أحمد الشعراني #الله وكانت أمه قد توفيت قبل ذلك أيضاً فنشأ يتيم الأبوين؛ فقيّض الله تعالى له أخاه الشيخ عبد القادر الشعراني الذي تولى كفالته» وتربيته بعد موت والده. فكان أقرب الناس إليه في مطالبه» وأشفق عليه من جميع أقاربه.
نشأ الإمام يتيم الأبوين؛ ومع ذلك ظهرت عليه علامة التّجابة» وتخايل الرئاسة» فحفظ القرآن الكريم وهو ابن ثاني سنين في قريته وكان والده حياء وواظب على الصلوات الخمس في أوقاتهاء ثم حفظ متون الكتبء كأبي شجاع في فقه الشافعية» والآجرّومية في النحوه وقد درسها على يد أخيه الشيخ عبد القادر الذي كفله بعد أبيه» فكانت نشأته زاخرة دائا بعبادة الله تعالى» زاخرة بالتعليم» فلم يكن ف امسو هله أن عدترف؛ لكأن يمل تامخد اوحرف من الدرك الدقوة لا بالنّسيج ولا بغيره» فقد ذكر هو - الشيخ الشعراني - عن نفسه فقال:«لم يكن لي بحمد الله عوائق دنيوية تعوقني عن المجاهدة والوصول إلى المقصود؛ وكانت القناعة من الدنيا باليسير سّدَاي وخُمتي» فأغنتني بحمد الله عن وقوعي في الذل لأحد من أبناء الدنياء ولم يقع أني باشرت حرفة ولا وظيفة لها معلوم دنيوي منذ بلغث, ولم يزل الحق تعالى يرزقني من حيث لا أحتسب إلى وقتي هذاء وعرضوا علي الألف دينار وأكثر» فرددتها ول أقبل شيئاً منها».
ثم انتقل إلى القاهرة سنة إحدى عشرة وتسعرائة (١١4ه).» وأقام في جامع أي العباس الغمريء مقبلاً على العلم والعبادة.
أخلاق الإمام الشّعراني وصفاته وثّر الإمام الشعراني لله جهداً وعناء كبيرين على قارئيه» ودارسيى شخصيته بأ
ا
تركه من آثار ضخمة تدل على صفاء صفاته ونقاء أخلاقه» فله في ذلك ثروة ضخمة خصّص لا نصيباً وافراً في كتبه» فمنها ما نجده مبثوثاً في عدة أبحاث وأماكن متفرقة من كتبه» ككتاب «العهود المحمدية»؛ و«البحر المورود»؛ و”تنبيه المغترين»» واشرح الوصية المتبولية» الذي يعتبر من أكبر الموسوعات الأخلاقية» ومنها ما أفرد لما كتاباً خاصاً بها وهو كتاب الطائف المئن والأخلاق في وجوب التحدث بنعمة الله على الإطلاق» والذي يقع في مجلد ضخم.
والذي يقرأ كتابه الأخير قراءةً واعيةٌ منصفةٌ متجردة من أي أسبقية فكرية عن المّعَرانِ يخرج منه بصورة دقيقة لأخلاقه السامية» التي تنبع من صميم تخلقه بأخلاق النبي ل وأخلاق السلف الصالح ظت فهذه هي الأخلاق التي طبَّقها على نفسه أولاً من حيث تخلقه بهاء والتي نادى بها طوال عمره ثانياً.
00
الناشر
-ه190-
3
الصفحة الأولى من إحدى غطوطين
عا
د لا
ا حمر
قاد
ا
تله الات مادا
0
53
مي
| 0
الأجامت
ا 3 3
© التربيه كع ش :
-54-
مقدمة المصنف الحمد لله رب العالمين» وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين.
وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا عبده ورسوله إمام المثقين» وسيد المرسلين إلى
اللهم فصَّلٌ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين» وعلى آم وصحبهم أجمعين. وبعل ..
فهذا كتابٌ نافع ضمنئته جملة صالحة من آداب شيخ الزاوية وفقرائها بحسب مقامي في الأدب من آداءهم وأخلاقهم» ورتبته على سبعة أبواب وخاتمة وخصصت الباب الأول بذكر الآداب المتعلقة بالشيخ لشرفه؛ ولأنه هو الأول الذي يتفرع منه آداب فقراء الزاوية وبقية الأبواب لا تخصيص فيهاء فهي في حق الشيخ والفقيه بحسب الوارد وخصصت الخاتمة ببيان الفقراء ومؤاخاتهم وآدابهاء وسميته: «تطهير أهل الزوايا من خبائث الطوايا» جعله الله خالصًا لوجهه الكريم ونفع به مؤلفه وكاتبه وسامعه والناظر فيه إنه سميع مجيب.
اعلم يا أخي أن من جملة الباعث لي على تأليف هذا الكتاب ما رأيته من بعض فقراء الزوايا من خصامهم مع شيخهم فضلاً عن بعضهم بعضًاء وترافعهم إلى بيوت الحكام وذلك لخروج الأمور عن موضوعاتهاء فألفت لهم هذا الكتاب كالميزان التي يَزِنُون مها أحواهم إذا فقدوا من ينصحهم. ١ الله في عون العبد ما كان
-584-
العبد في عون أخيه)”" وحسبنا الله ونعم الوكيل» ولنشرع في مقصود الكتاب فأقول وبالله التوفيق:
200
781 /4( رقم 5799): وأبو داود )3١1/4/4( نص رواه أحمد (5/ 2301 رقم 7/471)» ومسلم )١( رقم 006 وابن حبان 247 /١( رقم 65 والترمذي (6/ 146 رقم 6 ) وابن ماجه .)014 (197/0ء رقم
30000
الجاج كن في ذكر جملة من الأخلاق والآداب الخاصة بشبخ الزاوية» وبيان علامة كماله واستحقاقه المشيخة على الفقراء
إذا علمت ذلك» فمن علامة كاله أن يكون متبحراً في علوم الشريعة وجميع آلاتبا من فقه وحديث وتفسير ونحو ولغة وأصول وغير ذلك بحيث يغني فقراء الزاوية عن القراءة في علم من هذه العلوم على غيره؛ فإن اختلاف المشارب مضر جدًا على الفقراء» ويقبح على شبخ الزاوية أن يكون محتاجًا إلى سؤال غيره في مشكلات العلم؛ ولذلك لقبوا شيخ الزاوية قديًا بشيخ الشيوخ» وم يزل الناس يراعون هذا الشرط إلى عصر سيدي علي المرصفي فكان لا يأذن لفقير بالتصدر لأخذ العهد» وتربية المريدين حتى يتبحر في علوم الشريعة؛ بحيث لو عقدوا له مجلسًا في المناظرة لقطع علاء بلده بالحجج المقاطعة في كل مذهب؟ وذلك ليصير بسلك المريدين ويدخلهم إلى حضرة رهم من جميع مذاهبهم؛ ولايقل لأحد: اخرج عن مذهبكء وتقيد بمذهبي» أربيك وأرشدك إلى مقامات أهل الطريق. فإن ذلك من الشيخ قصور عن مقام الأشياخ.
وسمعته ده يقول: من لم يتبحر في علوم الشريعة فلا يصلح للتصدرء وإن وقع أنه تصدر فا يفسده أكثر تما يصلحه» وسمعته يقول: قبيح بالشيخ أن يأتيه مريد مذهب مخالف لمذهبه؛ فيقول: اخرج عن مذهبك حتى أربيك.
وسمعته يقول: مرارًا ما من مذهب من مذاهب المجتهدين إلا وهو موصل من عمل به إلى باب الحنة» انتهى .
3
وقد بسطنا الكلام على هذا المبحث في كتاب «الميزان الخضرية» المدخلة لجميع مذاهب الأئمة المجتهدين» ومقلديهم في الشريعة المطهرة» فراجعه ترى العجب»ء والحمد لله رب العالمين.
ومن علامة كال الشيخ أيضًا: أن يكون جاممًا بين علم الشريعة» والحقيقة وإن كان العلم بإحداهما يستلزم العلم بالأخرى عند المحققين.
كما أن من علامة كماله: ألا يدرك لنفسه قرارًا يتكلم مع الوقت والحال لا لما ولا هاء لا يغفل عن الدعاء لنفسه ولإخوائه من جميع المسلمين مع التضرع. والأدب كل واحد ب يناسب حاله؛ لأنه مسئول يوم القيامة عن الخلق أجمعين من حيث كونهم كلهم رعيته؛ يتقلب ليلاً وهارًا في علم الله كك لا يعلم أحد ما هو فيه إلا إن أشرف على مقامه؛ وقليل ما هم.
ومن علامته أيضًا: ألا يحكم على الأشياء إلا بأوصافها الثابتة في العلم الإلمي» فلا يحكم عليها بالظن؛ فضلاً عن الوهم؛ بل يحكم عليها بحكم الله فيهاء وقد ثبت عند أهل الكشف تقلب الصفات في كل زمن فرد» فلكل موجودٍ علمٌ جديد» وما ثم شيء يثبتٌ على حالةٍ واحدةٍ في نفس الأمر حتى يصحح وصفّه بخير أو شرء إلا إن كان معصومًا؛ بل يتنوع ويتغير في حال التعبير عنه» فعلى ماذا يقع التعبير: أَعلى الماضي أم على المستقبل؟ وهو حال غريب من لم يتحقق بعلمه كشمًا فهو من السفسطائيين. لا يطابق قوله وفعله وحكمه زمانين ماض وآتِ» بل يزيد وينقص.
من علامته أيضًا: أن يكون علمه بالحق لا يتعدى الكون» فليس عنده علم من الحق إلا ما ظهر من الكون بحجابه عن كنه الذات وكثرة أدبه مع الحق تعالى أن يطلب منه معرفة ما لا يصح معر فته #5ه.
ا
من علامته أيضًا: الرضا با أقامه الله تعالى فيه ولو جبليًا أو جلادًا"؛ مع الرحمة» والقصد الذي يوافق الشرعء لا تنفر نفسّه من ذلك يتغير مع تغير الكون؛ إذ هو نازل تحت حكمه وحيطته؛ فرحه للكون هو فرحه لنفسه؛ لأنه فرد من أفراده.
من علامته أيضًا: ألا يغضب إلا إذا اتتهكت حرمات الله أو لظهور الطبع في المغضوب عليه؛ أو له لا يتعدى علمه بالأمر عليه في نفسه» يضع جميع الأشياء في محالها اللائقة ببا شرعاء لا يكاد أحد يراه على تخالفة شيء من أمور الشريعة» يقيم الميزان على نفسه؛ وغيره بغير صنج يوجب تعديلاً أو ترجيحًاء بل ميزانه كميزان الحق جل وعلاء تطيش على الدر» ومع ذلك فلا يظهر فيها حكم زيادة ولا نقص.
ومن علامته أيضًا: إنه إذا تكلم لا يتكلم بكلام يدخله العجب؛ وإنما يتكلم بكلام يفهم منه العجزء وإن سكت فلا يجد في باطنه شيء يتفكر فيه.
وكذلك من علامة كاله: ألا يسامح نفسه أن تسرح في الكلام على الذات المقدس أدبا مع الله تعالى» اللهم إلا أن يظهر بذكر ما ورد في ذلك عن الشارع صريحاء فلا بأس.
وكذلك من علامة كاله: أن يتوجه في قضاء حاجته بجميع قوى حسه.
ومن علامة كاله أيضًا: أن يتكلم مع الخاصة؛ والعامة بكلام يسع أفهام الخلق أجمعين» لا يراعي في كلامه مصلحة أحد بعينه» يأمر غيره في حين با ينهى عنه في حين آخرء لا لسبب مخصص إلا أن تصرح فيه الشريعة بأمر أو نبي» فإن ذلك لا يجوز لأحد أن يتعداه؛ منها أن يكون يعرف موازين الرجال؛ بمجرد رؤيتهم بالبصرء
)١( هكذا في الأصل.
سول
ويزن النساء بأصواتهن لا بكلامهن» ولا برؤية أجسامهن» ويعرف صوت الشريف الذي ل يجتمع به والشريفة التي لم يجتمع بها من وراء الجدار» لا يحكم لأحد قط برتبة إلا أن يظهر أثر الرتبة في الكون؛ لا يأتي من العبادات ما يشق عليه فعله؛ أو قوله إلا في حين؛ لكونه قد فرغ من مجاهدة نفسه» وما بقي عليه إلا مجازاته لها بالراحة على طول تعبها معه» ومعلوم أن الجهاد لا يكون إلا للكفار» وأما إذا صارت نفسه مطمئنة لا تأمرة إلا بي| أمره الله به» فلا ينبغي جهادها.
ومن علامته: أن يشكر إخوانه بقدر طاقته هو لا بقدر مرتبة المشكورء لا يذم شيئًا في الوجود إلا تبعًا للشرع دون حكم الطبع» تتأدب معه حواسه أن تُظهر له عيب أحدٍ من المسلمين» فلا يعرف عيب أحدٍ إلا إن ذكره له ذلك الأحد؛ وحينئذ يجب عليه إرشاده إلى التخلص» ومتى اطلع على عيب أحد من طريق كشفه وجب عليه التوبة فورًا؛ لأنه كشف شيطانيء لا يكثر من تلاوة القرآن إلا بقدر ما يأذن له فيه ربه» وبقدر ما يحضر فيه معه تعالى؛ إذ القراءة مع الغيبة عن شهود صاحب و د ل 0 ِلبكَ مرك تبروا #إييد- وليتذكر وا لاب # (ص: 14 لا يقيد على نفسه بفعل شيء إلا أن قيده الشارع زمئا كان» أو عددّاء وجوبًا كان ذلك أو مندوبًا؛ إذ الكامل تابع لا متبوع.
ومنها: ألا يرجح أحدًا ولا يجرحه إلا بحق» وذلك باطلاعه على خاتمته» وما يؤول إليه أمره فهناك له أن يرجح ويجرح على يقين.
وسمعت سيدي عليًا الخواص لك يقول: لا ينبغي لشيخ أن يكثر وصف أحد بخير ولا شرء خخوقًا من المجازفة إلى حد الكذب» فيكذبه الحس.
غ9 -
ومنها: أن يتأدب مع الخلق» لا له ولا لأحدهم؛ بل لإعطاء الوجود والموجود حقه؛ لا يصلٍ شيئًا من النوافل المطلقة إلا مقيدًا في شكرء فيرى ذلك من جملة نعم الله عليه» لا مقابلاً لنعمة أخرىء فإن جميع ما يشكر به العبد ربه هو من جملة نعم الله أيضًا؛ فلذلك كان يقول: أصلي ركعتين - مثلاً- من نعم الله علٌ» الله أكبر.
من علامة كبال الشبخ: ألا يقرئ العلم الشرعي إلا وهو يشهد اتصال كل مسألة بالحضرة التي نشأت منها تلك المسألة من حضرات الأساء والصفات» وهو مقام عزيز لا يكون إلا لأفراد من العلماء؛ وذلك لأن فائدة العلم إنما هي جميع قلرب العلماء على الله تعالى به» وكل علم لا يجمع القلب على الله تعالى فهو حجاب عن الله تعالى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص الله يقول: ما شرع العلم بالأصالة إلا لبكون وسيلة إلى الحضور معه تعالى لا للغفلة عنه؛ إذ العلم دليل إلى مدلول؛ وإذا لم يوصل إلى المدلول فليس هو بدليل؛ انتهى.
وقد أوضحنا ذلك في كتاب «الميزان الخضرية» المدخلة لجميع أقوال الأئمة) ونقله بهم في الشريعة المحمدية» فراجعها. وما رأيت ألذ من قراءة العلم على الله؛ أو على رسوله يَلِكٌ وعلى الأئمة المجتهدين» وغيرهم حال كون ذلك العلم؛ جمعنا على قائله وصرنا مجالسين له مشاهدين لذاته.
وممن أدركته على هذا المقام أخي أفضل الدين؛ كان يعرف منزع كل مسألة من حضرات الأساء أو الصفات» فاعلم ذلك.
ومن علامة كمال الشيخ أيضًا: أن يقدم تحصيل أمر معاشه» وكسبه الحلال على سائر عباداته التي لم تجب عليه فلا يبالي با فاته من جميع النوافل بسبب تحصيله؛ لأن
-170-
تحصيل اللقمة تجمع شتات الحواس» فيعطي الظَّلَمَةَ ما طلبوه منه من المغارم التي وضعت على البيوت أو السوق أو الرءوس بطيبة نفس أدبًا مع الله الذي قدر ذلك عليه بحكمة بالغة» ثم يسامح ذلك الظالم وحاشيته في الدنيا والآخرة مروءة وكرم نفس» وكذلك لا يقابلهم بالأذى إذا أعطاه الله تعالى التصرف فيهم بالولاية والعزل؛ والحبس والضرب والخزي؛ بل يترك ذلك لكوههم من جملة عبيد الله بك أو من أمة محمد ل ويحصل ذلك شبيهًا بجريان المقادير عليه من الكلاً بلا واسطة» ثم بتقدير أنه يحمي نفسه عن وزن المغارم؛ أسوة المسلمين ولاب لهُ من بلاء يأتيه» وهذه أشد من تلك المغارم ىا جرت.
وكان سيدي إبراهيم المتبولي له يقول: من أدب الفقير:الصبر تحت جور الحكام من غير أن يقابلهم بشيء من الأذى؛ كما أن من أدبه: مقابلتهم بالأذى إذا آذوا أحدًا من إخوانه الذين لا يصبرون على جور الحكام.
ومن علامته: أن يكافىئ كل من أحسن إليه ولو بذرة بقناطير من نظير ذلك» ثم لا يرى إنه كافأه بشيء؛ لأن الكامل إنها يعامل الله وب لكون مشهده يعطي ذلك» بل ربا كان لا يرى الخلق مطلمًا؛ لحجابه بشهود الحق تعالى عن شهودهم.
قال سهل بن عبد الله التستري: لي منذ ثلائين سنة أكلم الله والناس يظنون أنى أكلمهم.
من علامة كاله أيضًا: ألا يبدأ أحد مهدية» أو إحسان خوفًا أن يحوجه إلى كلفة المكافأة لاسبما إن كان فقيرًا ذا مروءة» له عادة بالمكافأة لمن أحسن إليه» فإن كان لا يكافئ بلا كلفة» أو لا يكافئ أصلاً عملاً بمشهده؛ فلا بأس ببدايته بالإحسان؛ لعدم المحذور الذي ذكرناه.
0ر3
ومن علامة كماله: أن يحب العلماء والصالحين من أهل زمانه» وإن كانوا غير عاملين بعلمهم؛ إكرامًا لما حملوه من علم الشريعة» ويكفينا في سبب محبتهم أن الله تعالى جعلهم حملة الشريعة, لا يحزن على من تحولت عنه النعمة بوقوعه في معصية» بل يكون مع الحق تعالى عليه» فإنه في مقام التأديب له وذلك أن الله تعالى ما أفقر أحداء ولا أغناه إلا بحكمة بالغة؛ لكن إذا بلغ التأديب فيه حده؛ فمن الأدب شفاعتنا فيه عند الله إن كنا من أهل هذا المقام» وذلك بألا يكون أحدنا عليه ذنب مكتوبة.
وكان سيدي عليًّا الخواص لله يقول: إذا أدب الله تعالى عبدًا بالفقر» وضيق المعيشة فلا تحسنوا إليه سوى بالرغيف» وستر العورة» وإياكم أن تجلبوا له مالاً وتريدوا أن تغنوه» فإن عقوبة ذلك رب] ترجع عليه؛ لمعارضتكم للأقدار الإلهية لغير طريق شرعي.
ومن علامة كباله أيضًا: ألا يداهن أحدًا من إخوانه كبيرًا كان أو صغيرًاء بل يقول له الحق» وإن كان مُرّا وعاد عليه بالضرر لا يستتر عنه الحق تعالى بعارض.
ولايعتب قط أحذا على كلمة جفاء وقعت له منه» ولا يقول قط لأحد: لم لا تتردد إلينا؟ ولا يوبخ أحدًا قط على زلة وقع فيهاء ولا يستعين في قضاء حاجته بأحد إلا عند العجز الشرعيء ينفذ كلامه حجب العوائد والعوارضء لا يكتم أحد قط ما يطلعه الله تعالى عليه من المعارف والأسرار إلا لحكمة؛ كأن لم ير أحدًا يقدر على مل ذلك السر.
ومن علامة كاله: أنه إذا أخطأ في علم أخبر بذلك إخوانه» واعترف لهم بالخطأ إيثارًا جناب الشرع على جنابه» وإن كانت المسألة سارت بها الركبان أرسل
لع -
لهم رسولاً أو كتابًا بذلك؟ ليحفظهم عن العمل بذلك الأمر الذي أخطأ فيه.
ومن علامته أيضًا: أن يحب الاجتاع بالأمراء والأكابر؛ ليرى خليفة الحق تعالى عليهم بالإمارة والكبرياء» وينتفع الخلق» ويقضي حوائجهم عند ذلك الأمير أو الكبير.
ولا يحتجب عن أحد من الخلق إلا لغرض شرعي» يطلب من الله تعالى أن يطلعه على كل حادثة وواقعة على عملها وأدبهاء وأن الحق تعالى يتعرف إليه بسائر ما يقع في الكون إذا تكلم فهو من تحت العوائد دائًا بالله تعالى ولله» وكذلك من شأنه أن يكون مسلا لأقدار الله تعالى على الدوام؛ ومفوضًا إليه في كل الأمور إليه؛ كذلك على الكشف والشهود يسأل من جميع إخوانه الدعاء عقب الطاعات وغيرهاء كا يسأل من الأولياء» لا تأنف نفسه قط أن يكون تحت درجة أحد من الفسقة؛ فضلاً عن الصا حين كل ذلك تأسيًا برسول الله فلك في قوله لأمته: «وَسَنُوا لي الْوَسِيكَة" وف قوله لعمر بن الخطاب: «لََنْسَنَا يا أَخِي مِنْ دُعَايِكَ)0”. ْ
ومن علامة كماله أيضًا: ألا يكون عنده قساوة قلب لاسي) عند ساع القرآن والحديث؛ بل مطل عيناه بالدموع كلما استمع زواجر الحق تعالى؛ التي خوف الله تعالى بها عباده حتى كان الحق تعالى لم يخلق النار إلا له وأن تكون أهوال يوم القيامة
)١( أخرجه الترمذي (086/0: رقم 5" وأحمد (23556/5 رقم 4؛» وابن أبي شيبة (5/لاء رقم 59690) والطبراني في الأوسط (198/1» رقم *7757).
(؟) أخرجه أبو داود (1/ »8١ رقم ))١198 وابن سعد (/ 70/7), وابن عدي (60/ 27137 ترجمة 0 عاصم بن عبيد الله بن عاصم)» والبيهقي (0/ 50١ » رقم »)١١١90 والضياء /١( 25914 رقم )2
1
كلها مشهودة لقلبه ليلاً ونهارًاء يحسن إلى جميع من أساء عليه؛ فضلاً عمن يحسن إليه تخلقًا بأخلاق رسول الله يل والعلماء العاملين» وتأمل يا أخي تمد الحق محسناً إلى عباده على الدوام؛ لا يقطع بره وإحسانه عنهم مع تخالفتهم لأوامره ووقوعهم في مناهيه» وإعراضهم عنه.
ومن علامة كماله أيضًا: أنه يحب ساع القرآن» ويقدمه على ساع غيره في العلوم؛ إجلالاً لله قنك فإنه تعالى محاطِبٌ لعباده بالقرآن على ألسنة التالين؛ لا يرى مفتاح الغيب إلا من عالم الشهادة؛ وعنده من الخوف من الله تعالى ما يشغله عن الرجاء فيه؛ إذ رجاء فضل الله وعفوه تحصيلٌ الحاصل» ومن اشتغل به ضيع عمره في شيءءلا تَرَقّ له في مقام من المقامات؛ عنده من الرحمة بالخلق ما يعمهم على اختتلاف طبقاتهم» كل واحد با يناسبه؛ ليشهد جميع العوالم بعين واحدة تسع الجميع يخرج عند نزول البلاء» وإن علم إنه مصروف ال حق تعالى لا يقيد عليه فمن جملة تعظيمه وإجلاله الخوف في سَطوات غضبه.
من علامة كاله أيضًا: أنه لا يحجب عن شهود صفات عبوديته طرفة عين مع علمه ب) الأمر عليه» له في كل ثيء علامة يعرف مرتبته عند الله» ويعرف برؤية أنف الإنسان أو عينيه جميع ما عمله من الزلات طول عمره؛ لا يكون له قط علاقة صارفة له عن حضرة الحق تعالى حتى في حال بوله وجماعه؛ بل يحضر مع الله تعالى بالوجه اللائق بذلك الأمرء فإنه ما من شيء إلا وله سببان:
أحدهما: يتعلق بالله.
والآخر: يتعلق بالكون» يرى أول معرفته لله تعالى وآخرها له؛ كذلك أبد الآبدين» ودهر الذَّاهرين لا يشهد غير الله أبدًا عند استيلاء ذكره عليه فيستمد
6
الأمداد من ربه لا من قلبه؛؟ لشدة معر فته بالله وَبَن.
ومن علامة كاله أيضًا: أن واو اخ لمان و ا إذا رآه أحد ذكر الله تعالى برؤيته؛ لما هو عليه من الخوف والخشية؛ كما أشار إليه خبر الترمذي مرفوعًا: خِيَارٌ عِبَادِ الله الَذِينَ ذا رُهُوا ذُكِرَ الله0".
ومن علاماته أيضًا: أن يكرن دائًا مع الله تعالى بلا وصل ولا فصل في نفس الأمر قلبه دائيً) مع الله تعالى لا مع غيره» فهو فارغ من الاشتغال بأمر الدنيا والآخرة» وإن كان لا يخرج عن كونه في عمل واحدة منهما عمره كله عبادة» لا يأخذ أعباله ا مرج قف ولا برجي ليها [ل إل شرك وليه قرله تطال: وليه ييحم آَم كلم (مود: )١ وقوله: الم ِل نَم يُحِعُونَ # (المؤمنون: 20 م لَْهِ ِجَعُونَ # (الأنعام: 3*) ونحوها من الآيات» بطنه جائع على الدوام؛ وبدنه عار يشاهد ذلك على الدوام؛ ولو كان على بدنه ثياب» وذلك ليدوم إمدادٌ الحق تعالى له؛ لأن معرفته إنما هي للمحتاجين بالأصالة.
ومن علامة كاله أيضًا: ألا يتأسف على شيء فاته في أمر الدنيا والآخرة؛ لعلمه بأن الله تعالى لم يقسمه له تبكي عينهء ويضحك قلبهءهو كالأرض يطؤها البر الاجر ووالسيعات يال كل شو واوا لطن وسقي كل الويغولة ترات عل سني ما يحبه فقط. لا يقضي وطرّه قل من شيء في الدنيا؛ لأن قضاء الوطر إنما يكون في الدار الآخرة؛ لكوما داراً لا حجابٌ فيهابأكل الشهوات» حاله فوق ما يقول» عكس الناقصين» جميع الحالات مستوية عنده؛ من حيث نسبتها إلى الله تعالى وإمداده لهاء فيفتح له على فراشه مع حليلته؛ ى) يفتح له في صلاته» وإن اختلفت الموارد
)١( رواه أحمد في مسئده (1//4؟؟).
باختلاف المواطن؛ يصفو به كل شيء قابله؛ | كان قابلاً للنفوذ»فتضيء له أنوار العلم؛ فيبصر بها عجائب الغيوب.
ومن علامته أيضًا :أنه لا ينتقل قط في مقام من المقامات ولا يستجليه» يسع الأشياء ولا تسعه الأشياء» قد خرج علمه من أقطار السماوات والأرض والعرش والكرسي فلا يتبعه مخلوق» يرجو من الله تعالى دائً العفو عمّا يقع فيه حال عباداته من سوء الأدب الذي لا يليق بالحق جل وعلاء يشاهد دائًا جلال الحق تعالى وجماله في آنيٍ واحد» يصادف في أعماله التي لم تصرح بأحكامها الشريعة طريق© الصواب من غير قصد منه؛ لأن الله تعالى قد حفظه من الرّيعْ عن الشريعة بهدايته إلى الطريق المستقيم» يأتي العبادة في العادة بنية صحيحة لزوال العلل التي يؤاخذ بها في أعماله أو ينقص بها أجره.
ومن علامته أيضًا: أن يكون دائًا منزمًا لربه عن صفات التشبيه؛ لاستحالتها في حقه عكس ما عليه الناقصون, فإن صفات التشبيه تطرقه ثم يصرفها عنه؛؟ وذلك لأن الكامل صاحب دليل وكشف وشهود. فلا يتجلى في مرآة قلبه أبدًا حلاف الواقع؛ يكرم كل وارد عليه» ويتأدب مع الشاهد» رجوعه إلى حضرة الخلق عروج؛ سرك وحجابه ص الخلق شهود؛ سره لا يعلمه زِرَهُ؛ يوحد الله تعالى مع شهوده الكثرة ة في الوجؤد» يعلم ما وراء الحجب الكونية من غير رفع حجاب؛ يريد كل ما يريده الله به وبغيره» وقد فئيت إرادته في إرادة ربه مع سؤاله الإقالة من كل مذموم, لم يزل سالكا مع كونه ساكنًا ومقيًا وهو مسافر يسعد بالنظرة ويشقى بياء كذلك من سبقت له الشقاوة على يديه.
ومن علامة كماله أيضًا: أنه دائً) يجد في نفسه من العلوم ما لا تسعه العبارة من
50
دقائق الفهوم من واردات الحق تعال على قلبه من غير سببء لا يقول قط ما لا يعلم في الله وَبِكَ كالاتحاد والحلول؛ لأنه محفوظ من الرعونات والشطح, هو غريب في الملا الأعلى والأسفل؛ لعلو مراقيه ومراميه» لم يزل غيورًا على أسرار الحق تعالى أن تذاع بين المحجوبين» يغار لله لا على الله؛ لأنه تعالى مع كل شيء»؛ والغيرة لا تكون إلا بمن يطلب أن يكون عنده دون غيره» وذلك محال» هو متحكم بالمشيئة في الوجود من غير واسطة الأسماء الإلهية» طرفاه مستويان؛ فأزله مثل الكرة؛ تدور عليه المقامات» ولا يدور وهو عليها؛ ىا تطوف به الكعبة وإن كان هو طائقًا بها.
ومن علامة كاله أيضًا: أن يكون حّالاً لأعباء المملكة كلهاء تُنشى خواطره أشخاصًا على صورة ذلك الخاطر على الكشف والشهود. قادًا بالحق تعالى في جمعيته» نافذ الهمة» مؤثرًا في الوجود على الإطلاق بإذن الله تعالى؛ لشدة كرامته عليه؛ هو مجهول النعت والوصف عند الملائكة والإنس والجن وسائر الحيوانات؛ لعلو مقامه: لا يعرف له مقام يوصف به لعدم وقوفه مع مقام: :«( يهل يَثِْبَ لا مقا لكر » (الأحزاب: 0١7 فلا يفارق الأفعال العادية فيتميز بها عن غيره» هو خامل الذكر مستور ا حال» إذا وقع منه رحمة لأحد من الخلق يفرق في رحمته لحم بين من أمره الله برحمته وبين من لم يأمره باكوالك ليجغل لمن أمره الله تعالى برحمته خصوص مزية» لا يستر قط عيوب إخوانه ع: عنهم إذا اطّلع عليها من طريق الظاهر أو من طريق الكشف» يرشد كل من استرشده إلى طريق الحق تغالى سواء رأى المحل قابلاً لذلك أم لاء أحب الئاس إليه من يخيره بعيوبه لأنه ظهير له ومعين» إذا خالفه أحد من إخوانه في اللفظ زجره زجرًا قاهرًا لمثله» وإذا خالفه بالفعل سكت عنه حتى يقضي الله تعالى فيه بما يشاء؛ لكن مع نبيه عن فعل ذلك المحظور لا يرغب في شيء ولا يزهد في شيء إلا لغرض شرعيء يكره كل من نقل إليه مساوئ الناس فتنقص محبته
5
له بذلك؛ ولو كان من أعز أصدقائه قبل ذلك؛ لأنه دائر مع رضا الله تعالى لا مع حظ نفسه؛ لولم يكن في ذلك إلا خطور سوء الظن بالناس واحتقاره لهم بي سمع من نقائصهم.
ومن علامة كاله أيضًا: أن يصحب الناس على قدر أخلاقهم ومقاماتهم. ولا يصحبه هو أحد لجهلهم بمقامه؛ ولما هو عليه من الْحدٌ والاجتهاد ليلاً ونبارّاء فإن سكت ظاهره؛ فباطنه عّال» لا يسبق قوله فعله قطء ولا يبدأ بالصلح من غاضبه بغير حق إلا لغرض شرعي؛ لأنه يكبر نفسه؛ أي: نفس أخيه بغير الحق؛ وبذل هو نفسه بغير محل قابل.
ولا يزور أحدًا من إخوانه إلا ومعه شيء من المأكول والملبوس أو المشموم ولو زبيبة أو فلسّاء لا يتتخلف قط عن حضور مجلس علم ولا وعظ؛ اكتفاءً بها معه هو من العلم والأسرار» فقد يجري الله تعالى على لسان ذلك العالم من العلوم والأسرار مالم يخطر لذلك الكامل على بال» وقد كان الخضر اكتف مع جلالته وغزارة علمه بحضر مجلس الشيخ عبد الرزاق الواعظ ويقول: إنها يسمع أحدنا من الله تعالى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #ثلله يقول: احضروا مجالس الوعظء» فإن رأيئموه أحسن. ولم يتعد إلى كشف عورات الناس على التعيين» فأحسنوا إليه واتخذوه صاحبّاء وإن لم تجدوا فيه وجهًا صالًا فاتركوه؛ ولكن من غير تنقيص له.
ومن علامة كاله أيضًا: ألا يشغل نفسه باللوم على أحد من العلماء الذين زلوا في نقول الشريعة ببادئ الرأي» بل ينتحل هم الأجوبة الحسئة جهده. فإن لم يجد لكلامهم محملاً حسنًا أنكر عليهم رحمةً لهم وللأمة» لئلا يكونوا من التابعين للأئمة المضلين.
2-
لا يُكَذّبُ قط با تحيله العقول؛ لعلمه بأن الله تعالى على كل شيء قدير» متواضع للأكابر من الناس علماءٌ كانوا أم أمراء» بحسب نفعهم للخلق. لا يخوض قط فيا لا يعلم» إذا جالس العلماء أصغى إلى كلامهم كإصغاء من لم يعلمه قط» وإن كان دون ما يقهمه هر.
لا يقدم من إخوانه أحدًا على أحد ظاهرًا إلا لغرض صحيح. فإن لم يكن هناك غرض صحيح أسرّ ذلك عنهم؛ لا يمنع أحدًا إلا لحكمة سأله عنهاء عن شيء هو في غنى عنه تخلقا بأخلاق الله تعالى» فإنه تعالى لا يمنع أحدًا إلا لحكمة لا لبخل الله تعالى عن ذلك.
ومن علامة كباله: أنه يحب التبكير إلى الأسباب التي أقامه الحق تعالى فيهاء ويكره البطالة» ويأمر بالسبب كل من نفرت نفسه عنه منه.
وأن يكره العزلة عن المسلمين؟ لأن العزلة ربا يخالطه) رؤية النفس وازدراء الناس» ولو أن المعتزل رأى الناس خيرًا منه ما اعتزل عنهم.
لا يخرج للجمعة إلا بعد قول المؤذن حي على الصلاة وفي ذلك سر يعلمه أهل الله تعالى» لا ينبغي له أن يخص جامعًا بصلاة الجمعة إلا بطريق شرعي.
ولا يجزم أبدًا بقبول شيء من أعماله. ولا بأنها تستحق القبول لما فيها من الشوائب؛ بل يراها كلها تحت المشيئة قبولاً وردًا.
لا يتساهل قط بإزالة الأذى عن الطريق الظاهرة أو الباطنة؛ كإزالة الشوك عن الطريقء أو الشبهات عن القلوب.
يدور مع أحكام الحق تعالى حيث دارت؛ء لا يستتر الحق عنه بعارضء لم يزل
3111
قائ بالحق تعالى في حال جمعيته» عارفًا بب| يريد الحق تعالى في عباده قبل ظهور المراد؛ فيريد بإرادة الحق تعالى لا بإرادة نفسه هو لأنها مخلوقة. لا ينازع أقدار الحق تعالى؛ ولا يقاومها أدبا مع الله تعالى» ولأنه محفوظ من الدخول إلى مقام الاستطالة المعروفة بين القوم» وثمّ مقام آخر ينازع العبد منه أقدار الحق بالحق للحق» وهو خاص بالأكابر كسيدي عبد القادر الجيلي طفه.
وكذلك من علامة كاله: أن يكون شديدًا في لين يعلم مكارم الأخلاق من سفاسفهاء فينزها منازها تنزيل حكيم عليم؛ يتبرأ من كل من يتبرأ منه الشرع؛ ويحسن إليه مع التبرق منه؛ جميع الخلق آمنون من غوائله» يشاهد تسبيح كل شيء على تنوع أذكاره. لا يظهر قط مقامه إلا لعارف مثله؛ إذا وقع له تجل إِلهي يكاد يقول: «أنا هو)؛ لشدة فناء رسومه وشواهده.
إذا قال: «بسم اللها» كان عن ذلك القول كل ما قصده بهمته. لا يقول قط كن )؟ أدبًا مع قوله تعالى: نما ونا إلى ء إ5آ دنه أن نول لمكن 6 (النحل: ٠؛) فإن أذن له الحق في ذلك فلا حرج عليه [صغير بحق كبير بحق متوسط مع حق جامع لهذه الصفات كلها في آن واحدء خخبير بمقادير الأشياء وموازينهاء لا يرط ولا يفرّط]".
ومن علامة كاله أيضًا: أن يستر مقامه بحاله» وحاله بمقامهء فيجهل أهل المقامات بحاله» وأهل الحال بمقامه» له عنف شديدعلى شهوته إذا لم ير وجه الحق تعالى في طبيعتهاء لا يؤاخذ الجاهل بجهله لعلمه بأن لجهله وجهًا في العلم الإلمي. إذا أعطى فقيرًا أشياء يلقي الله تعالى في باطن ذلك الفقيرءأن ذلك كان أمانة له عنده
)١( هكذافي الأصل.
-46-
حتى لا يشعر به فيشكره عليه؛ وذلك لأن رأس ماله محفوظ من النقص»ء تزهد فيه الدنيا.
ولا يحوجه إلى أن يزهد فيها؛ لكونه لا محل عنده لها تقيم فيه» يفتح مغاليق الأمور ومشكلاتها بالنور المبين» يضم القلوب إليه إذا شاء» ويفرقها عنه إذا شاء بإذن الله من حيث لا تشعر القلوب بذلك» يقضي بين الخصمين با يرضي كلاً منههامن حسن عمله وسياسته» يعرف عظمة ربه من نفسه لا من أمر زائد عليهاء يدبر أمور الكون بينه وبين ربه كالمشير الناصح» يسمع نداء الحق تعالى من ألسئة الخلق, لا يزلزله حادثات الدهر» يتخلق با يمكن البشر التخلق به من صفات الله تعالى» ويتبرأ من كل صفة لا تليق بالعبد التخلق بهاء له الظهور بأي صفة شاء مع الوقوف عند الحدود؛ لا تعمل فيه همم الرجالء ينزه ربه أن يشهد تعمدًا له بالقوة على شيء من المخالفات بخلاف الطاعات أديًا مع الله تعالى» يحاسب نفسه على كل نفس خرج منه؛ وهو غافل عن شهود أنه بين يدي الله كَبْكَ إلا في خير» فإن مراقبة الله تعالى مع الأنفاس ليست من مقدور البشر.
ومن علامة كاله أيضًا: ألا يطأ مكانًا إلا حيًّا ذلك المكان حسًّا ومعنى بإذن الله تعالى» حتى إن بعضهم استند إلى شجرة تين كانت قد مانت من سنين» فأورقت وأحرجت تيئًا لوقتها وأكل الحاضرون منه؛ وإذا قام في أمر ساعده فيه ربه بالتأييد» وإذا غضب على أحد غضب الحق تعالى معه عليه؛ لأن حالته في سلوكه كانت هكذا بغضب لغضب الحق» ويرضى لرضاه؛ فجازاه الله تعالى بأن صار الحق تعالى يرضى لرضاهء ويغضب لغضبه لا يخطر له خاطر في شيء إلا يكون لوقته سواء من لحأ إليه في تحصيل أمر دنيوي من أغراض النفوس خسر؛ لأن مقامه مجهول بخلاف أرباب
320
الأحوال» لا ينتقم قط لمرضاة ربه إلا بإذن خاص يلقيه الله تعالى له في قلبه» فإن ل يقع له إذن عفا وصفح؛ فحق قليل الرزق عنئده كثير من حيث عطاء الحق تعالى» والكثير عنده قليل من حيث طلبه الزيادة وإظهار الفاقة؛ ىا أشار إليه الحديث الوارد في ذم الدنيا: «قليلها يكفي» وكثيرها لا يغني»)”.
يجري مع المصالح دائً) في حق الفقير» فلا يزال الحق تعالى له محبًا مؤيدًا إذا ولي ولاية تعطى الرفقة ازداد مها تواضعا.
ومن علامة كماله أيضًا: أن يكون له في جميع حركاته وسكناته ميزان شرعي» وأن يكون مستغنيًا بتعليم الله تعالى له العلم عن تعليم أحَدٍ من الخلق» وإن وقع أنه أشكل عليه شيء من علم الحق تعالى» يسأل عنه رسول الله يك ثم عمل على مقتضاه في نفسه دون غيره؛ تخفيفًا على الأمة ى! فعله الشارع حال حياته؛ لا يعطي الناس من العلوم التي علمها الحق تعالى له إلا ما يحصل به المنفعة لهم» ى) أنه يكتم عنهم كلما يحصل به المضرة لهمء لا يودب أحدًا على رذيلة إلا بنية التطهير له أي: ذلك الشخص؛ لأنه محفوظ من التشفي عن أحدء بأن يكون علمه يكشف جميع الغوامض؛ حتى لا يبقى مع نور علمه ظلمة من ظلم الجهل» لا يأكل من هدية أعلمه بها صاحبهاء قبل أن تحضر بين يديه؛ للا تصير النفس متشوقة إليها حتى تحصل .وقد نبى الشرع عن أكل ذلك.
ولا يأكل من هدية شخص تعدى جاره؛ وأرسلها له مع بعد داره؛ لثلا يساعده في مخالفة السنة» وكذلك لا يأكل هدية؛ ولا يقبل شيئًا علم من طريق كشفه
.)١٠١١ص( ذكر ابن القيم عن الإمام أحمد نحوه في عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين» )١(
1
أو بالقرائن أنَّ صاحبها يتذكرها بعد العطاء؛ لما في ذلك من رائحة البخل؛ إذ لو كان كريًا لما خطرت له تلك المدية؛ كا لا يخطر على باله عودٌ خلال إعطائه لأحب» وكذلك لا يأكل طعابًا قط لمن يعتقده» ونيا يأكل من طعام المحب؟.وذلك لأن المعتقد ما أطعمه إلا لظنه فيه الضلاح» وهو لا يخلو من حالين: فإنه إن كان صاكًا كا ظنه المعتقد» فقد أكل بدينه؛ وإن كان غير صالح» فقد أكل حرامًا بالنصب والتلبيس.
وسمعت سيدي عليًا الخواص يله يقول: لا تأكلوا إلا من طعام من يحبكم؛ كطعام الوالدة لولدهاء فتراه يقع في كل رذيلة ولا ينقص مقامه عندهاء وتضيف جميع ما وقع فيه ولدها إلى إبليس» وتقول: خزاك الله يا إبليس؛ عمل على عقل ابني وأوقعه في شيء ما كان على باله» فإن وجدت يا أخي أحدًا يحبك مثل هذه المحبة فكل طعامه؛ وإلا فلا.
من علامة كاله أيضًا: أن يزداد محبة في كل من يراه آذاه بغير حق» فأحب الناس إليه من كان أكثرهم أذى له؛ وذلك لأنه حكمه في حسناته يوم القيامة يأخذ منها ما شاءء وتضيع عليه من أوزاره ما شاء أن فنيت حسناته؛ ولا شك أن يحسن إلينا بحسناته يوم القيامة أنفع إلينا تمن انتفع» أحسن إلينا بالذهبء. والفضة» واللباس الفاخر» والأطعمة اللذيذة في دار الدنيا لفنائها.
ومن علامة كاله أيضًا: أن تطيب نفسه بمقاسمة عدوه له في حسناته» فضلاً عن طيب نفسه بمقاسمة أصدقائه؛ لأنه معتمد على فضل الله لا على أعماله.
وكذلك من علامة كماله أيضًا: أنه يرى أنه قد استحق الخسف به كلما صلى
-:4-
صلاة» وحصل له فيها خشوع؛ بل ولا يرى نفسه أهلاً لأن يقف في حضرة الله تعالى؛ خوفًا أن يدنسها وينجسهاء فإن حضرة الله تعالى ثلاثة أصناف: ملائكة؛ وأنبياء» وأولياء.
ومعلوم أن هؤلاء مطهرون من جميع الأدناس» وحكم من وقف بينهم وقد تلطخ بمعصية؛ ولو في حين من الدهرء حكم من دخل تلك الحضرة غضة" طرية؛ ووضعتها على فراش أحد من أهل الحضرة.
وكذلك من علامة كباله: أن يحب كل من يفر عنه أبناء الدنيا» وحال بيئه وبين الدنيا؛ كما إذا رسم السلطان له بألف دينار مثلأ» فجاء شخص. وقال: إن فلانًا لا يستحق مثل ذلك وفلان أحق منه وأعلم وأذين» عكس ما عليه الناقصون.
وكذلك من علامة كماله: ألا يقف قط بين يدي حاكم؛ ليتحاكم عنده مع أحد لموان الدنيا عنده؛ بل لو أخذ أحد منه جميع ماله مصادرةٌ أو سرقةً لم يتغير عليه منه شعرة» بل لو قدر أن جميع أموال الدنيا كانت في يده» وأخذها شخص ل يعاتبه على ذلك ى لا يعاتبه على أخذ حصاة من الأرضء وإذا مرّ على أتلال الذهب والفضة» أو أمطرت الساء ذهبّاء أو دخلت البغلة داره محملة ذهبًا من مطلب أو غيره؛ لم يلتفت إلى أخذ دينار واحد ولأخرج البغلة من داره» وأغلق بابه» وإن وقع أنه أخذ شيئًا من ذلك فهو بنية صالحة؛ كنية إنفاقه في مرضاة الله تعالى؛ ى] وقع لأيوب افلا والأولياء» والصاحين.
والحمد لله رب العلمين هذا ما حضرني من صفات الشيخ في نفسه» وأما صفاته المتعدية إلى غيره في النفع» فأقول وبالله التوفيق:
)١( في الأصل: غدرة.
007 35 لتك َّ 0 1 1 0 ٠ 9٠
في جملةٍ من أخلاق الشيخ مع التخلق
فمن أخلاقه مع المريد: أن يكون زاهدًا في الدنيا بأسرها؛ امتثالاً لأمر الله كك حافظًا جميع جوارحه الظاهرة والباطئة من الآثام والرذائل؛ وذلك حتى ينقاد له الفقراء» فإهم متى رأوا نفوسهم أكمل منه في مقام» أو علم؛ أو عملء عدموا النفع به.
ومنها: أن يجعل لفقراء الزاوية» وغيرهم ثمن هم تحت تربيته يومًا للمناقشة؛ لا بحضر معهم فيه غيرهم؛ خوفًا أن ينفتح باب ازدراء الأجانب للفقراء إذا سمعوا ما وقعوا فيه من المعاصي أو الخواطر السيئة مثلآء وكان آخر من علمناه يفعل ذلك من المتأخرين سيدي محمد الغمري #ه كان يدخل البستان الذي تجاه جامع السد بالمحلة الكبرى» ويغلق بابه» ويأخذ مفاتحه معه» فيتحاكم الفقراء عنده في جميع ما وقعوا فيه في ذلك الأسبوع؛ ويمتثلون بها يأمرهم به من هجرء أو صلح؛ أو عفوء ونحو ذلك» وكان أحب الفقراء إلي من يحكي له ما عليه دون الذي له على أخيه. هكذا أخبرني الشيخ شهاب الدين بن النخال أحد جماعته المعتيرين» فاعمل على ذلك يا أخي إذا عملت شيخًاء ولا تحوج جماعتك يتحاكوا عند غيرك من الحكام؛ فإن في ذلك مفاسد لا تحصى» والحمد لله رب العالمين.
ومنها: ألا يغفل الشيخ عن ملاحظة أطفال الزاوية؛ اكتفاءً بتربية الفقهاء للهم» فإن غالب القلوب قد فرغت في مصالح نفسهاء فكيف تلتفت إلى مصالح غيرها؟
.)1١1/١( له ذكر في الطبقات الكبرى» للشيخ المصئف )١(
-601-
وإن جعل للأطفال وقنًا يجمعهم فيه» ويعلمهم أمور الوضوء؛ والصلاة» والأدب مع الفقيه والنقيب» وكبراء المجاورين» وعدم الخطف إذا فرق عليهم النقيب فلوسّاء أو فاكهة» ونحو ذلك؛ فهو حسن.
وقد أخير في الشيخ محمد الطئيخي” أحد أصحاب سيدي أبي العباس الغمري» قال: أرسلني النقيب أحمل رطبًا من البستان للفقراء» وقال لي: إياك أن تقلبك النفس» وتأكل نما جمعته لإخوانك» فقلبتني نفسي فأكلت ثلاث رطبات» وأعلمت النقيب بذلك؛ فأعلم الشيخ بذلك» فأمر بهجري ثلاثة أيام عن كل رطبة يومّاء وكان أحدنا إذا فعل شيئًا يعترف به ولا ينكره.
ومنها أي: من آداب فقراء الزاوية: أن يفدوا عرض شيخهم بأنفسهم دون العكسء فإذا جاءهم مجاور؛ ليجاور عندهم في مثل الغلاء؛ فلا يقولون له: الشيخ لا يرضى بك أن تجاور؛ بل يسكتونء أو يقولون له: اجلس ونحن نشركك معنا في غدائنا وعشائنا؛ لاسييا إذ كان المجاور من أولاد أصحابهم أو جيراهم من الريف»
)١( هو سيدي محمد بن محمود الشيخ العالم المجمع على جلالته شهاب الدين الطنيخيء المصري الشافعي» إمام جامع الكبير» كان كريم النفس»؛ حافظاً للسانه مقبلاً على شأنه. زاهداً» خاشعاء سريع الدمعة» عند ذكر الصالحين؛ ولم يزاحم قط على شيء من وظائف الدنيا. أخذ عن الشيخ ناصر الدين اللقاني» والشيخ شهاب الدين الرملي» والشيخ شمس الدين البلاطنسي؛ وأجازوه بالإفتاء والتدريس فدرس» وأفتى وانتفع به خلائق» وكان والده الشيخ محمود عبداً صالحاء من أهل القرآن والخير» ذكر ذلك كله الشيخ عبد الوهاب الشعراوي» وقرأت بخط شيخ الإسلام الوالد» أن صاحب الترجمة حضر بعض دروسه؛ وسمع عليه بعض شرح المتقدم على الكافية» قال: وهو رجل فاضل مستحضر لمسائل الفقهء وخلافها وكان ذلك في سنة اثنتين وحخمسين وتسعمائة» ويؤخذ من طبقاته أنه كان موجوداً في سنة إحدى وستين وتسعماثة. [الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة /١( 5 77)].
-61-
وربها كان الشيخ إنها يرد ذلك الشخص؛ رفقا بالمجاورين لا بخلاً» فلا ينبغي لهم الاعتراض على الشيخ» بل الواجب إضافة رد من يجاور إليهم؛ أو يعطيه كل من نصيبه شيئّاء ولو لقمة كا كان عليه الفقراء الماضون.
وكان سيدي أحمد الزاهد" يقول للنقيب إذا حصل غلاء في عصره» وصار جماعة المجاورين ينقصون بالخروج إلى مكان آخر: قل للفقراء: يقول لكم أحمد, لو أن أهل مصر كلهم كانوا عيالي ما حملت لمم مما لأن الفقراء إذا كانوا يؤثرون الفقر على الغنى اختيارًا؛ فكيف لا يرضون به اضطرارًا؟ وقد كان رسول الله قَلِِ: يشد الخجرين على بطنه من اللجوع»”"كم| ورد فأي فقير من هؤلاء وصل إلى مثل ذلك» انتهى.
ومن أدب الشيخ: ألا يشارك الفقراء في رزقهم أيام الغلاء» فكيف بأيام الرخاء وإذا فرغ قمح الفقراء؛ ينبغي له أن يرشد إلى كثرة الاشتغال بذكر الله وتلاوة كلامه» والاشتغال بالعلم على وجه الإخلاص؛ فإن ذلك أيسر في وصول رزقهم إليهم؛ ىا جرب فإن تفسير قد يكون من كثرة إديارهم عن الاأشتغال
(1) هو سيدي أحمد بن محمد بن سليمان الزاهد. أصله من فاو - بلدة بالصعيد بقرب هوء من الجانب الشرقي - نشأ بمصر على قدم الصلاح والعبادة. تفقه أولاً على مذهب الإمام الشافعي حتى بلغ رتبة الإفتاء» ثم تصوف وصنف عدة تصانيف. له ارسالة النور» تشتمل على عقائد وفقه وتصوف, في أربعة أسفار كبار» و«هداية المتعلم» مجلد» و«طلب الزاد ليوم المعاد)» و«العدة عند الشدة'» و«اهدية الناصح»» و«الستين مسألة» وعم النفع بكتبه.
مات سنة عشرين وثانائة؛ ودفن بجامعه؛ نفعنا الله به. وانظر: طبقات الشعراني (؟5/١8)» وجامع الكرامات (1214/1)» ذيل الدرر الكامنة (01؟) بتحقيقناء الضوء اللامع (111/7).
(؟) أخرجه ابن عساكر (14/ .)١67
510
. بالله كَبْن.
وكان سيدي إبراهيم المتبولي" إذا رأى اشتغال فقراء زاويته بالله كبك يدخل إلى المطبخ» ويصير يضربالدسّت بالعصاء ويقول: أنت الذي جمعت على هؤلاء المخاميل» فيصيح: الكسالى كلهم خارجين من الزاوية بأنفسهم» من غير أن يخرجهم النقيب أو غيره.
)١( هو سيدي إبراهيم بن على بن عمر الأنصاري المتبول الأحمدي الصوفي» الخبير الناقد البصير.
كان ذا معرفة تامة بالتربية مع كونه أميّاه وعقل راجح؛ وتمكن قوي من نفسه؛ حتى لا تحكم عليه الأغراض النفسانية» وكان يجعل القرآن إمامه. قدم الشيخ إبراهيم من بلده متبول إلى «طنئدتا»» وأقام بضريحها مدة؛ ثم قدم القاهرة؛ فأقام بالحسينية» وصار يبيع الحمص المسلوق» بقرب جامع شرف الدين» ثم أقام بزاوية بدرب التتر -تعرف بالشيخ رستم- ثم تحول لزاوية بقرب درب السباع» وصار الفقراء يردون عليه فيهاء فيقوم بهم من زرعه؛ فاشتهر صيته؛ وتزايد خيره.
وحج مرارّاء ثم تحول لبركة الحاج» فعمّر بها الجامع والغيط المعروفين» وكثر أتباعه بحيث صار يخبز لهم كل يوم نحو أردب» بل ربا بلغ ثلاثة أرادب» سوى عليق البهائم التي لزراعاته؛ فإنه كان نحو ثانية أرادب كل يوم. وفزع الأكابر فضلاً عمن دونبهم لزيارته والتبرك به» واستفاضت له كرامات كثيرة» ولم يلزمه غسل قطء لا من جنابه ولا احتلام.
وكان مبتى بالإنكار عليه لكونه لم يتزوج» وكان كثير العطب لمن يؤذيه أو يؤذي أحدًا من جماعته؛ أو ينكر عليه. وكان يحزن على عدوه إذا مات أشد الحزن ويقول: مات من كان يحصل لنا على يده الإدمان على تحمل الأذى» ويحصّل على يده الأجر.
وخرج إلى القدسء فهات في الطريق» فدفن بسدود؛ عند سلمان الفارمي» سنة نيف وثانين وثياناثة» نحو انين سنة» كا جزم به بعضهمء لكن في «الأخلاق المتبولية» أنه عاش مائة وتسع سنين. وانظر: طبقات الشعراني (1/ 81)) الكواكب الدرية (577): وجامع الكرامات /١( 417 ؟): والضوء اللامع (86/1).
-04-
وكان الحق تعالى قد أعطي سيدي إبراهيم حرف كن تعجيلاً من نفاء من الأخروي من غير سؤال؛ بل هبة من الله تعالى له» فكان يقول للنقيب: ارفع الحصير الفلاني وخذ ما يكفي الفقراء من النفقة هذا اليوم» فكان النقيب إذا رفع الحصير يجد قناة تجري من الذهبء وهي تهدر هديرًا؛ فقال له النقيب يومًا: حيث| عندنا هذه القناة» فأذنوا لنا أن نوسع منها على الفقراء» فقال له: الأمر إن) هو بإذن من الله. فلا تتعدي ما يأذن به لنا؟ وكان النقيب إذا قلب الحصير من وراء الشيخ لا يجد تحنها
م
شيكا.
فكان سيدي عفان الحطاب”" أخوه في الطريق» إذا قل قمح الفقراء يطلع للسلطان قايتباي؛ ويقول له: أعط الفقراء قوتهم» فإنه فرغ فقال له يومًا: إيش لك في أولاد الفلاحين تجمعهم عندك وتسأل الناس لهم؟ فقال له سيدي عثمان: فإيش لك في هؤلاء الماليك تجمعهم عندك» وتصرف عليهم خراج الأرض؛ فقال: إنهم عسكر الإسلام» فقال: والفقراء الذين عندي عسكر القرآن» فتبسم السلطان» ورسم له بائة إردب قمحا وفولاً وأررّاء هكذا أخبرني الشيخ نور الدين الشوني”
)١( ذكره سيدنا المصنف في «الطبقات الكبرى» /١( 7377 37775)) وأثنى عليه ثناءً عظيًا. (؟) هو سيدي على الشوي» شيخ الصلاة على رسول الله وله بالجامع الأزهر. كان شيخًا ظاهر الوقار» باديّ الصلاح بغير إظهار» نظيف الملبس والعامة» كان من بياض ثيابه حمامة. وهو أول من سن لئاس الصلاة على المصطفى يَلِكِ جماعة.
قال الشيخ الشعراني: رأيته في النوم» في أرض من بلور» وعليها سور من بلور» شاهق نحو السماء» وهو يمشي فيها ونعله يرن» فنزلت سلسلة من ذهب وفيها قربة ماء» فوقفت بقدر ما يصل إليها فم الشارب؛ فشرب منها وسقاني فضلته ثم غاب» فنزلت سلسلة من فضة» وفيها شيء طوله شبر في شبرء فيه ثلاثة عيون تتفجر ماءً: مكتوب على العليا: تستمد هذه العين من الله. وعلى الوسطى: تستمد هذه
-600-
حين جاور عنده في زاويته التي أنشأها في خط البندقانيين بمصر.
وكان إذا توقف رزق الفقراء يصير يبكي» ويتضرع إلى الله تعالى» ويقول: اللهم لا تعسر عليهم أرزاقهم بشؤمصحبتي لهمء وكثرة ذنوبي التي وقعت فيهاء فلا يزال كذلك إلى أن يفتح الله تعالى عليهم بشىء» فيخر ساجدًا لله؛ شاكرًا له على عدم منعه للفقراء الرزق؛؟ لأجله #دوكان يقول في دعائه: اللهم إنه قد اجتمع في الشيب والعيب» فاغفر لي» وكان يحتطب معهم,؛ وينقي معهم الطحين. ويطحن معهم على الرحى» ويقرص العجين» ويرص على اللوح؛ ليحمل إلى الفرن» ويغسل القّصعء ويوقد تحت الدّست.
وكذلك رأيت الشيخ أبا الحسن الغمري #قله يفعل في داره 5 ورأيته يحمل إلى المجاورين أوانيهم؛ التي يغرف هم فيها الطعام إلى خلاؤيهم.
ولا يكلف أحذًا منهم إلى أن يقف بإنائه على الباب» ويقول لهم: اشتغلوا وأنا أخدمكم.
وينبغي للشيخ: أن يأمر الفقراء ألا يبادروا لقبول هدية جاءت إلى باب الزاوية حتى يشاوروا عليها الشيخ» فإن قال لحم: ادخلوا بهاء فذاك وإلا لم يدخلوا بها؛ فإن الشيخ آمين على أديان الفقراء» وربما كانت تلك الهدية من شبهة» أو من جهة شفاعة
العين من العرش. وعل السفل: من الكرمي. فألهمت الشرب من عين العرش» فشربت منها ماء أحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب من ريح المسكء ثم انتبهت» فأخبرته ففرح» فأوّلت له بأنه يستمد منه» وأن شربه من عين العرش تخلق بالرحمة على جميع العالم؛ لأنه تغالى ما ذكر الاستواء على العرش إلا باسمه الرحمن.مات سنة أربع وتسعائة» ودفن بزاوية الشعراوي ببين السورين. انظر: طبقات الشعراني (؟/١17١)» الكواكب الدرية ("807)) الكواكب السائرة .)١5١15/5(
-6016-
في صاحبها عند أمي» فلا يدري الشيخ هل يقبل الأمير شفاعته أو لا؟
ثم بتقدير قبولها؛ فرب)ا كان الشيخ يرى تحريم قبول الهدية على الشفاعات الواجبة أو المندوبة» وربما أكل الفقراء تلك الهدية» ثم لم يقبل تلك الشفاعة؛ فيأكلرن حرامًا أو شبهة؛ لأنه لولا ظنه قبول تلك الهدية شفاعة ذلك الفقير عند الأمير ما أهدى إلى زاويته شيئّاء ومن شك في قولي هذا فليجرب.
ثم ينبغي للشيخ ألا يمكّنَ ولده؛ ولا أحد من أخصائه يتميز عن إخوانه بشيء زائد؛ إن كانت الهدية حلالآ» فإن كانت شبهة منعهم من الأكل منها جملة اللفظ أو بالإشارة؛ لأنه مسئول عنهم يوم القيامة» وإن كان الأولى للفقراء ألا يأكلوا من هدية إلا أن أكل منها الشيخ؛ ولو لم يسرح لهم بالنهي عملاً بالقرائن» واحتياط لدينهم فإن في الحديث الصحيح:(وخير دينكم الورع»”.
وقد من الله تعالى عل بجماعة عندي في الزاوية لو بذل لهم أحد با بذل من الدنيا؛ على أن يأكلوا من طعام مكاسء أو أحدٍ من ولاة الظلم با أكلواء ولو لم أنمهم عن ذلك» وأقلهم مرتبة في الورع: من لا يأكل من طعام العزاء» ولا الجمع؛ ولا تام الشهر في ترب الأموات؛ فجزاهم الله تعالى عن دينهم خيرًا آمين» ويكون على علم الإخوان من المجاورين وغيرهم: أنه ليس لمؤمن أن يتناول شينًا يمنعه من دول حضرة الله أبدًا؛ لأنه معظم أركان الدين بعد الإيان بالله» وملائكته» وكتبه» ورسله واليوم الآخر؛ وبالقدر خيره وشره.
وقد ضاق علّ الأمر في اللقمة الحلال» ف بقي يعجبني الآن شيء آكل منه سوى من القمح الذي يأتيني كل سنة من زرع؛ الذي جعله على اسمي» إذا سلم في )١( رواه الطبراني في «المعجم الأوسط؛ )١919//15( والبيهقي في #اشعب الإيران»(؟/ .)١714
ةد
الطاحون من خلطه بنضلات دقيق غيري؟ التي كانت الحجر حين قلب طحيني في القادوس؛ ولذلك كنت أوصي كل نقيب أن يطعمني من آخر طحين من أطحنتنا يقلبه في القادوس؛ ليكون أقل خخلطًا بدقيق الغير؛ لأن دقيق القفة الأولى والثانية والثالثة مثلاً: يكون السوّر الحاجز بين دقيقي ودقيق غيري بالنظر لآخر قفة.
وكان على هذا القدم جدي الشيخ على #5 فكان قد عمل له طاحونًا في جانب داره: لها باب من داخل داره؛ وباب للئاس من بارج الدار» فكان إذا طحن بقلب الحجرء ويكنس ما تحته من دقيق الناس» ويضعه للناس في الطاحون» ثم يفضل من طحينه بقية لمن بعده» ويسامح الناس بهاء ويقول: اللقمة الخلال: هي القطب الذي تدور عليه جميع أعمال العبد الصالحة» وإذا فسد قلب الطاحون تعطلت عن الدوران. انتهى.
وقد جربت أنا نفسي في أكل لبن الجاموسء وحم الدجاج؛ والحمام من الحدايا والضيافات» فوجدت قلبي لا يقدر على دخول حضرة الله تعالى في صلاة ولا غيرها؛ مادامت تلك الطعمة في باطني؛ وذلك لأن لبن الجاموس نشأ من العلف» والأكل من زرع صاحبه؛ ومن زرع الناس؛ لعدم انضباطه كالبقر» وأما الدجاج فإن أصحاب المعمل يرمون الفراريج على الناس من غير بيع ولا شراء؛ من باب الغصب بواسطة إعانة الكشاف ومشايخ العرب للمعاملٍ على ذلك؛ ثم إن الفراريج إذا رماهم المعاملٍ على باب الفلاح الفقير في غيبتناء قد تخطفهم العرس والحدادي والفلاح غضبان عليهم؛ فلا يزال يرمي ما يفضل بعد الخطف». حتى يكبروا ويصلحوا للأكل» فبجيء المعاملٍ بحاشية الظلمة» فيئتقون خيارهم» ويأخذونه على رغم أنف الفلاح وزوجته بعد التربية والتعب.
-68-
ثم تارة يأتون للفقير من باب الحدية؛ لأجل شهرته بالصلاح» وتارة لأجل شفاعته في صاحبهم عند أميرًا وغيره؛ وتارة يأتونه على وجه طلب المقابلة والمكافأة؛ فهم ولو سلموا من الشبهة حال تربيتهم لا يسلمون منها بعد ذلك.
وربها جاءت الدجاجة إلى سيدي الشيخ بغير سؤالء فيبادر للأكل منهاء ولا ينظر لما قبل ذلك؛» وقد أكلت مرة من فروج طبخوه عندنا في البيت» من الفراريج التي أهداها ولد خالي المعاملٍ في بلاد المنوفية إلى الببت؛ فكدت أن أهلك تلك الليلة» ولم أستلذ صلاة ولا قراءة تلك الليلة» ومكثت على ذلك مدة حتى نزلت تلك الفضلة» وذهب ما اكتسبه جسمي من القوة» مع أنه بطيبة نفس ولد خالي؛ وإنا ذلك لكونه يرمي الفراريج بإذن من بغداد على الناس بغير طيبة نفوسهم» هذا أمر جربته في نفسي.
وكذلك حكم البيض الذي يجبونه ليفقس في المعمل» فإنهم يجبونه من الفلاح من غير طيبة نفسء فاتبعوني أيها الإخوان» وقدروا قدم كل طعام أتاكم وفيه شبهة؛ كما كان مالك بن دينار يفعل في رطب البصرة: كان لا يأكل منه شيئّاء ثم إذا فرغت مدة الرطب» يقول: يا أهل البصرة هذا بطني وبطنكم, أين ما زاد في بطونكم؛ وما نقص من بطني؟ ولما تركت الأكل من أطعمة الناس صرت أكل أجرة مركبي التي في 'بيلاق» واطن» هل تلك الأجرة مدة؟ ثم نظرت» فإذا ريس المركب لا يتوقف في أخذ الفلوس من أي مكّاس نزل المركب وظالم» فتركت الأكل من أجرتبا كذلك.
فأنا الآن لا آكل إلا بعد حصول مقدمات الاضطرار» بعد استئذان الله تعالى ورسوله يِه فأقول: دستور يا الله ودستور يا رسول الله آكل من هذا الطعام؛ خوفًا من حصول المرض الذي يعطلني عن مصالح الدارين» فالله تعالى يديرني» وكل من
-809-
تبعني على ذلك من الإخوان بحسن التدبير ... آمين آمين.
وسمعت سيدي عليًا الخواص” #لتته يقول: يجب على شيخ الزاوية زيادة التورع في مأكله» وملبسه. ومنطقه كلما طعن في السنء فإن أصحابه كلهم ناظرون إلى ما يرونه منه» فإن زهد زهدواء وإن تورع تورعواء وإن نام نامواء» وإن جمع الدنيا جمعواء وإن رغب في الدنيا رغبواء وإن أكل حرامًا أو شبهة أكلواء وهكذا في سائر الأحوال؛ فإن لم يمش على الطريق المستقيم» وإلا كتب من أئمة الضلال» ويصير عليه وزر كل من تبعه.
وكان يقول: من علامته اعتناء الحق تعالى بشيخ الزاوية أن يؤاخذه على أعماله
)١( هو سيدي علي البرلسي؛ الأمي» المعروف بين الخوّاص بالنواص. كان من أكابر أهل الاختصاص» ومن ذوي الكشف الذي لا يخطر والاطلاع على الخواطر على البديبة فلا يبطئع. وكان عليه للولاية أمارة وعلامة» متبحرًا في الحقيقة» أشبه البحر اطلاعه. والدر كلامه. وكان في ابتداء أمره يبيع الجميز - وهو شاب- عند الشيخ إبراهيم المتبولي بالبركة» ثم أذن له أن يفتح دكان زيات» فمكث بها نحوه أربعين سنة» ثم ترك» وصار يضفر الخوص حتى مات.وكان يسمى بين الأولياء النسابة؛ لأنه يعرف نسب بني آدم- مع كونه أميّا- وكذلك جميع الحيوان. وكان معه تصريف ثلاثة أرباع مصرء والربع مع جيسن المجذوب. وكان إذا شاوره أحد لسفر يقول: قل بقلبك عند الخروج من السور أو العمران: دستور يا أصحاب النوبة» اجعلونيٍ نحت نظركم حتى أرجم؛ فإنهم يحبون الأدب معهم؛ وهم اطلاع على خواطر من يمر في درومهم وعلى معرفة أعمالهم؛ وهم تأديب من حصلت منه زلة. وكان يردٌ ما يأتيه من الظّلّمة والأكابر» ثم قبله آخر عمره وفرقه على العميان والعاجزين.
مات سئة تسم وفلذنين وتسعرائة» ودفن بزاوية الشيخ بركات» خارج باب الفتوح» تجاه حوض الصارم.
وانظر: الشذرات (777/8)) طبقات الشعراني (؟/ »)١16١ والكواكب الدرية (861)) وجميع كتب سيدي الشعراني في التصوف لا تخلو من ذكره وعلمه.
6
السيئة على الفور» ولا يؤخر ذلك عنه إلى مدة؛ فإن الشيخ ربما ظن أن الله تعالى يسامحه بمثل ذلك؛ فيزيد في الاغترار بحلم الله » إلى أن يحجب عن دخول حضرة الله هبن يستعين ألف حجاب؛ فلا يصير ممكن من دخول حضرته أبدًا.
ومعلوم أن الصلاة لا تصح إلا مع شهود العبد أن الله يراه» وكأنه يرى ربهء لابد من ذلك حتى تتميز العبادات عن العادات» فانظر يا أخي ما يورثه أكل الشبهات من عدم صحة صلاتكء وإلحاقك في الحكم بمن لم يصل؛ وإنما اكتفى العلماء بصلاة من لم يدخل بقلبه الحضرة؛ إحسانًا للظن به وإنما يحضر فيها مع الله بخلاف الشخص في نفسه. فإنه يعلم باطن حاله ى! يعلم ظاهره؛ ولا يعلم ما قلناه إلا أهل الكشف الذين خرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة» وعرفوا ما يقبل من أعمال الناس هناك وما يرد وأما المحجوبون فلا يعرفون لذلك طعا
وسمعت سيدي عليًا الخواص #الله يقول: ينبغي للفقير أن يكون مقصوده الأعظم من التورع تمكينه من دخول حضرة شهود الح جل وعلا في صلاته وغيرها؛ ىا يفعل كذلك في الطهارة للصلاة» ونحوها ما يتوقف جواز فعله على الطهارة» ولا ينبغي له أن يقنع بكون الشرع منع من الصلاة بلا طهارة» ويكتفي بذلك غافلاً عن المقصود الأعظم من شهود الحق تعالى بقلبه في صلاته» فإن ذلك إنها هو من شأن العوام لا الفقراء؛ فكما كانت الصلاة لا تصح مع ترك لمعة من أعضاء الطهارة بلا طهارة» كذلك لا يصح مع من كان في مطعمه ذرة من الحرام؛ إن لم يكن ذلك كشمّاء فأقل أحوال العبد في ذلك الإيمان أو القياس, انتهى.
وسمعث سيدي عليًا المر صفي”" الله يقرل: يجب على المتورع والمتطهر شهود
)١( هو سيدى على المرصفى» كان أبوه إسكافيًا يمخيط النعال» ونشأ هو تحث كنفه كذلك؛ فوفق للاجتا هو سيدي علي ا مر صفي هو اع
ا
ما شرع له التورع» والطهارة من تعظيم الله تعالى من أن يقف بين يديه» ويناجيه على حديثٍ ظاهر أو باطن» ولا يجوز له أن يتورع؛ ويتطهر غافلاً عن ذلك الشهود؛ قائمًا بمنع العلماء له من الصلاة مع الحدث» من غير معرفة السر العظيم في ذلك انتهى. قلت: ومن هنا كان العارفون يؤاخذون بترك الورع دون المريدين» ويحتمل أغهم يؤاخذون كالعارفين» ولكن لا يشعرون بالمؤاخذة؛ فلكل مقام رجال. وسمعت أخي أفضل الدين #الكه يقول: إياكم أن تأكلوا من حم الأضاحي التي يرسلها لكم الكشاف ومشايخ العرب وقضاة الأرياف؛ فإنها كلها شبهات؛ وكذلك لا تأكلوا من هدية أتى مها إنسان له حاجة عند أمير؟ لتشفعوا فيه؛ فإنه لولا الشفاعة فيه ما أتى بها لكمء وكذلك لا تأكلوا من ضيافة فلاح الوقف إذا كنتم نظارّاء فإنه لولا نظركم ما أتى بها إليكم؛ بدليل أنكم إذا عزلتم عن النظر تحول بها إلى غيركم» فهي كمال العالة» وقد صرح الشارع بأنها غلول. وقال لشخص قال
بالشيخ مدين» وهو ابن ثان سنين» فلقنه الذكر» ثم أخذ عن ولد أخته» وأذن له في التصدر للمشيخة وأخذ العهد على المريدين في جملة من أجاز- وكانوا بضعة عشر رجلاً- فلم يشتهر منهم إلا هو. أخذ عنه خلق» ودانت له مشايخ عصره؛ واختصر رسالة الفشيري.
قال الشيخ المصنف: لقنني الذكر ثلاث مرات متفرقة» بين الأولى والثانية سبع عشرة سنة» وذلك أني جئته وأنا أمرد- كنت أظن أن الطريق نقل كلام كغيرها- ثم قعدت بين يديه وقلت: يا سيدي» لقني بحال. فقال: اجلس متربعا وغمض عينيك واسمع مني «لا إله إلا الله ثادما ثم اذكرها أنت ثلانًا.. ففعلت» فم! سمعت منه إلا المرة الأولى وغبت من العصر إلى المغرب.وعاش حتى انقرض جميع أقرانه» ولم يبق بمصر من يشار إليه في الطريق غيره.
مات سنة ثلاثين وتسعاثئة» ودفن بزاويته بقنطرة أمير حسين» بمصرء ولم يخلق بعده مثله. وانظر: طبقات الشعراني ))١71//7( الشذرات (8/ 7/4١)؛ الكواكب السائرة (1194/1).
3--
إغهم يأتوننا بها من غير سؤال ولا استشراف نفس. هلا جلس أحدهم في داره من غير عمالة؛ لينظر ما يدي إليه؛ انتهى.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي كاله يقول: ينبغي لشيخ الرآق إذا أتته هدية أن يجمع الفقراء» ويقول: والله إن أحبكم» وأخاف على أن ينبت جسم أحدكم من حرام أو شبهة؛ فلا يُطهره إلا النار» وقد جاءتنا هذه الهدية» وفيها الحرام والشبهة؛ والرأي: أنكم لا تأكلوا منهاء فإن «كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به" كما ورد في الصحيح؛ فلعل الفقراء يتنبهون» ويتركون الأكل من ثلاث الحدية؛ اختيارًا من نفسهم فيثابوا الثواب الجزيل» بخلاف من ترك الأكل من الشيخ مثلاً وعنده حزازة» ويود أنه لو أكل منهاء فإنه ربا لا يثاب على ترك الأكل منها.
وقد كان سيدي الشيخ عمر الكردي الذي كان ساكثا في بركة الخازن دار خارج مصر تأتيه الهدايا من الأمراء» والمعتقدون فيه الصلاح؟ فيطعمها للحشاشين الذين ينامون تحت شجر الجميز؛ الذي بجانب الزاوية أيام الصيف. فيحمل الحلوى» ويصير يضع في أفواه الحشاشين الذي ينامون تحت شجر الجميزء فإذا فتح أحدهم عينه؛ قال: يا أخي مالي أرى عيناك حمراء» فجاءه يومًا مطابق حلوى» فنظر إليها النقباء» فقال: إنم| أمنعكم منها رحمةٌ بكم فلحظ من واحد محبته للأكل منهاء فقال له: هات لي صحنًا فأتى به فملأه له حلاوة» وقال له: غطه واحتفظ عليه ولا تعطه لأحد حتى أطلبه منك ففعل؛ فدخل به مكانًا خالياء وقال له: اكشف الصعحن نأكل نحن وإياك من فكشفه فإذا هو كله خنفسّاء فقال: كُلء فقال: إنه خنفس» فقال: هكذا يصير في بطونكم إذا أكلتم منه» فتاب النقيب من الأكل من كل هدية
(١)أخرجه البيهقي في«الشعب) (0/ 5ه » رقم ))0/5١ وابن قانم في (الصحابة» (51/1).
اك
منعه الشيخ من الأكل منهاء وصار يشكر الشيخ كلما يمنعهء هكذا أخبرني به الشيخ أمين الدين الإمام بجامع الغمري» وكان من أصحاب سيدي علي الكردي #اله. وقد فعلت أنا بمثل ذلك مع الإخوان المجاورين في بعض السنين؛ فصار أكابر المجاورين لا يأكلون من الحدايا التي تأتي الزاوية؛ ويطعمونها للعميان» فطلع في أعناقهم وإباطهم المخراريج» ودودت دودًا مثل أذناب المغازل» ومات منهم تلك السئة سبعاء فشكر المجاورين الذين لم يأكلوا فضل ربهم على عدم الأكل» وكذلك أمرهم بعدم الأكل من ضحايا الأكابر التي تأثينا الزاوية في سئة ست وستين وتسعاثة؛ فامتثلواء» فقلت للشيخ أحمد المنشاوي: فإذا لم تجد شيئًا غيرها وجعت» فقال: اصبر حتى أشرف على الهلاك ولو سبعة أيام» فقبلت رأسه؛ لكونه كان سببًا لتقوية قلوب الضعفاء الذين يحبون الأكل من تلك الضحاياء فجزاه الله خيرًا. وكان سيدي إبراهيم المتبولي#ه إذا جاءت هدية من أمير أو قاض يردهاء ويقول: يا فلان» اذهب إلى الأمير أو القاضي؛ وقل له: إن كنت تحمل من الفقراء حسابها يوم القيامة قبلناهاء فأرسلها لمن هو أحوج إليها مناء فإن قال: حملت حسايها قبلها الشيخ» وإلا ردها عليه انتهى. وقد كان الحسن البصري يقول: والله لو عبد أحدكم ربه حتى يصير كالشن البالي» ما قبل الله منه صرفًا ولا عدلاًء أي: لا فرضًا ولا نفلاً حنى ينظر فيا يدخل جوفه أحلال هو أم حرام؟ وكان يقول: وددت أني آكل أكلة فتصير في بطني كالأجرة إلى أن أموت. فقد قيل:إن الأجرة تمكث في الماء ثلاثاكة سنة» انتهى. فاعلموا ذلك أبها الإخوان واسمعوا لشيخكم ما ينصحكم به؛ ولو خالفه جميع أهل البلد, فإنه أمين على أديانكم» وغيره لم يلتزم ذلك معلم؛ فلا عليه منكم إن
5
أكلتم حلالاً أو حرامًاء ولا عليه منكم إن دخلتم حضرة الله أو منعتم منها» ومن عمل ببعض مسائل الورع جره ذلك إن شاء الله تعالى إلى العمد بكلمها وما ذلك على الله بعزيزحكس من لم يتورع» ويقول: الأمر سهل» ونحن مع علاء بلدنا ومشايخها؛ فإن ذلك لا ينهض حجة للعبد إلا إذا لم يجد من يرشده إلى الورع أما مع وجوده؛ فلا يجوز له اتّباع الحجم الغفير؛ كا أنه يجب على العبد العمل بقول رسول الله» ولو خالفه جميع أهل الأرض؛ وهذا ربا يقع فيه كثير من الفقراء» فيقولون ولو بقلوبهم: نحن مع علماء بلدنا ومشايخناء وغاب عن هؤلاء قول الفضيل بن عياض»؛ وسفيان الثوري» وغيرهما: الزم طريق الهدي؛ ولا يضرك قلة السالكين» وإياك وطريق الضلالء» ولا يغرك كثرة السالكين.» انتهى.
فإنهم ما قالوا ذلك إلا لعلمهم أن المحجوب قد يرجح ما عليه أهل الضلال؛ إذا كانوا أكثر من أهل الهدىء والله أعلم.
وتما أوصاني به شيخ الإسلام زكرياء قبل موته بثلاثة أيام: أوصيك يا ولدي بالاقتداء بسلفك الصالح.» وإياك والاقتداء بأهل زمانك تبلك؛ ثم قال: هكذا أوصان شيخي الشيخ محمد الغمري» والشبخ محمد الإسطنبولي دضي الله عنهماثم قال لي: إذا كان أنس بن مالك خادم رسول الشْمي-يقول للصحابة: بعد موت رسول الله يه وموت أب بكرء وعمر وعثان» وعلي» وغيرهم من الصحابة: من كان منكم مستئيًا فليستنّ بمن قد مات من أصحاب رسول الله يِه فإن الحي لا يؤمن عليه الفتئة» انتهى.
فكيف بأهل القرن العاشر؟ وقد خدمت شيخنا هذا عشر سنين» فا أتذكر أنني رأيته غافلاً عن الله ساعة واحدة» فقلت له يومًا: يا سبدي قد من الله تعالى عليكم بحفظ الوقت عن الضياعء فقال: يا ولدي كان الحسن البصري يقول لعباد التابعين: ما أنتم في عبادتكم إلا كاللاعبين فيمن كان قبلكم» انتهى.
10-
فاعلم يا أخي ذلك وتأمل فيه والله يتول هداك.
وما أوصاني به سيدي عليًا الخواص#فله قال: إياك أن تبادر لأكل شيء رأيته ولولا عندك في هذا الزمان؛ بل اصبر عن الأكل؛ حتى يحصل لك أوائل درجة الاضطرار» وتصير أمعاؤك تأكل في بعضها بعضًاء وتخاف على نفسك حصول مرض يعوقك عن فعل مصالح الدارين» وهئاك تسامح بالأكل بقدر الضرورة» وما ينبغي لمثلك إلا ذلك إلى أن تموت» وقال: هكذا أوصانٍ سيدي إبراهيم المتبولي 45 انتهى.
ومن أدب الشيخ: ألا يغفل عن مراعاة فقراء الزاوية» ولا عن سد الأبواب التي يئول إلى الفقراء منها الضرر باللوث في أعراضهم من الناس الأجانب» ومن بعضهم بعضًا؛ وذلك كطلب بعض الفقراء المؤاخاة بين الملتحي في الزاوية» وبين الشاب الجميل الصورة؛ فرب| أظهر الملتحي للشاب الزهد, والعفة» والورع؛ وقيام الليل» وذكر الله تعالى هو وإياه في ظلام الليل زمانًا طويلاً؛ ثم أتاهما الشيطان فحول تلك الأخوة إلى الأعراض النفسانية؛ فأوقعههما في شر من البلاء» ولاث الناس بعرضه).
وكان سيدي محمد الغمري#لك: يقول: لا ينبغي أن يكون بين الغرب وبين شباب الزاوية ود ولا إخاء؛ خوفًا من وقوع الريبة في عرض الفقراء» وإن كان الشيخ حاذقًا فليجعل عنده جميع ما يحئاج إليه فقراء الزاوية من إبرة وخيط وسكين ومقص ونحو ذلك؟ حتى لا يحتاج شاب إلى ملتح إلا في النادر بحيث لا يعد مصاحبًا له» وكان يقول: إن أراد الملتحي أن يعرف ميزان صحبته للشاب» هل هي لله أو لغير الله؟ فلينظر في نفسه عند كلامه للشاب» وأخذه منه حاجة وإعطائه حاجة» وذكره معه في الليل ونحوه من المواضع الخالية» فإن وجد لك وانسًا في ذلك
5
قيزه عن أخذه وعطائه وذكره مع الشيخ» السراباتي" المنتن الرائحة» فليعلم أن صحبته لغير الله وإن وجد في نفسه التساوي من غير فرق في محبة ذاته؛ فليعلم أن صحبته لله هَيْكَ فليشكر الله تعالى» ولا يأمن من تغيير الخال.
وكان يقول: لم تزل الصوفية يحذرون إخوانهم من عشرة الشباب سلمًا وخلفًا حتى قال أبو الفتح الواسطي" #ثلته: صحبت ثلاثائة شيحًاء فا منهم أحد إلا أوصاني عند مفارقته» وقال لي: اتق معاشرة الأحداث.
وكان الإمام القشيري يقول: من مال بالمحبة إلى الشباب الذين يخاف منهم الفتنة» فذلك عبد أهانه الله وخذله. ولو بألف ألف كرامة أهلكه؛ أقل ما هناك أنه شغل قلبه بمخلوق ل يأمره الله بمحبته بعد أن كان مشغولاً بالله وك وأبدل النفيس بالخسيس» وأخرج من قلبه الأنوار» وأدخل فيه الظلمة والجيف المنتئة» انتهى.
: ال ماكر « إلاييلء
وكان سيدي عليًا الخواص #ثله يقول: زنا الرجل الصالح مع الشاب الصالح يكون بالنظر والكلام والأخذ والعطاء والمجالسة» فإذا وجد لذة في النظر إليه» أو ني أخذه منه بحاجة أو إعطائه أخرى, أو في مجالسته لذكر أو غيره؟ فقد حصل الزناء
ْ السراباتي: هو القائم على تنظيف وإزاحة الكنيف. )١( ومئهم الشيخ أبو الفتح الواسطي #5ه: شيخ :)5١١/١( (؟) قال سيدنا المصئف في الطبقات الكبرى مشايخ بلاد الغربية بأرض مصر المحروسة» وكان من أصحاب سيدي أحمد بن الرفاعي» فأشار إليه بالسفر إلى مديئة الإسكندرية فسافر إلبهاء وأخذ عنه خلائق لا يحصون منهم الشيخ عبد السلام القليبي؛ والشيخ عبد الله البلتاجي والشيخ ببرام الدميري» والشيخ جامع الفضلين الدنوشريء والشيخ علي المليجي» والشيخ جماد الدين البخاري والشيخ عبد الوهاب» والشيخ عبد العزيز الدريني» وأضرابيم؛ وكان مبتلى بالإنكار عليه» وعقدوا له المجالس بالإسكندرية؛ وهو يقطعهم بالحجة. مات في نحو الثمانين والخمسائة» ودفن بالإسكددرية» وقبره مها ظاهر يزار «ك.
ا
وفي الحديث الصحيح: «إن العين لتزني وزناها النظرء وإن الأذن لتزني وزناها الاستماع» وإن الفم ليزني وزناه القبل»".
وفي القرآن العظيم في حق زوجات النبي يك وحق الصحابة: 9#وَإدًا سَاَلْتْمُومُنَ ملعا َسحَنُوضيٌ من ورآء حاب دَلِحكم أطهر لِملُويك وَمَُوبهِنَ #(الأحزاب: 07)» فانظر كيف أمر الله تعالى الصحابة بالتباعد عن التظاهر إلى المطهرات؛ مع طهارة كل من الفريقين؛ تشريعًا للضعفاء من أمثالنا الذين نفوسهم تقع على المعاصي والشهوات؛ كما يقع الذياب على العسل أو الفراش على النار.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء: إن الشاب الأمرد الجميل الصورة في معنى ذلك في النظر إليه» والخلوة به والنقض بمسه. واللذة بالأخذ والعطاء منه؛ فإذا وجد الإنسان لذة بشخص من ذلك» وجب التباعد والترك» والوضوء من لمسه؛ كالمرأة بجامع وجود الميل إلى ذلك الشاب لظ نفس كامرأة سواء» وإذا كانت الزوجة التي يحل الاستمتاع بها ينقض منها؛ لأجل الشهوة أو مع مقدماتها أو بلا شهوة عند الإمام الشافعي» فكيف بلمس من لا يحل الاستمتاع به بحال؟!
وسمعت أخى أبا العباس الحريئى" يله يقول لفقير: إياك أن تؤاخى شابًا
.)81( رواه الطحاوي في «مشكل الآثار؛ )١(
)١( هو يوسف الحريئي» من جماعة الشيخ ابن عنان. مشهور بالديانة والخير» معروف بالاجتهاد في السّرى والسير» حسن وصفه وسمته؛ وطال عا لا يعنيه صمته؛ وكان على قدم عظيم في اتباع السنة والتهجد؛ ويميل إلى إخفاء العبادة. أقام بجامع باب البحر حتى عمّر له ابن الجيعان جامع البشيري ببركة الرطلي فانتقل إليه» ولما حصل الإذن لولده أبي العباس من المرصفي بأنه يلقن ويربي» تشوش وقال: ليس لنا حاجة ببذاء فإن الطريق في هذا الزمان قليلة النفع» وهتيكة للفقير» وليس معه رأس مال يمي نفسه من أهل الظاهر ولا من أهل الباطن. فقال ولده: أنا عبدٌ مأمور.
-م4ك-
أمرد لله تعالى» فيعمل عليك إبليس» ويوقعك في نقض العهد مع الله تعالى» وتصير تحب الأمرد للذة بصورته؛ والأنس بساع كلامه ومجالسته؛ فتتخسر مع الخاسرين» ومن عبث بشاب بعد أخوته لله تعالى؛ كان كعبثه بأخيه من النسب أو الرضاعء فيضاعف عليه العقوبة في الدنيا والآخرة» وربها خسف به؛ ىما خسف بقوم لوطء ولم يكن الذين يعملون عمل قوم لوط إلا في أفراد منهم؛ فعم بالعقاب الصالح مع الطالح؛ أما الطالح فمعلوم» وأما الصالح عرفًا فلسكرته» وعلى المنكر من غير عذر؛ وكيف يليق بحامل القرآن أن يعبث باطنه في بيت الله ويد وهو تعالى ينظر إليه بعد أن أخاه في الله» وأدخله في خفارته وحفظه؛ وصارت من جملة المحاربين لله تعالى في بيته؟ الذي جعله مُعدًا للصّلاة والذكر وتلاوة القرآن والمناجاة؟ فو الله لو أنزل على هذا العابث نارًا من الساء؛ فأحرقته بنظرة واحدة إلى من حرم عليه النظر لكان ذلك قليلاً؛ فيكن الفقير الحاذق على حذر» انتهى.
وسمعث سيدي الشيخ عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي" ب#لهيقرل: إذا
ومن كراماته أنه أخرج لعياله ملء قفة قمحاء فأكلوا منها شهرين. مات سنة أربع وعشرين وتسعمائة. انظر: الكواكب السائرة (؟/ "97).: الشذرات ,)11١7/8( )١( هو عبد الحليم بن مصلح المنزلاويء العبد الصالح؛ الورع الزاهد. كان يُؤدب الأطفال أولاً ولا يأخذ على ذلك أجرّاء فاشتهر لذلك بالصلاح ببلاد المنزلة» وصار يقصد للزيارة والتبرك» فلقيه رجل من أرباب الأحوال اسمه العبيدي فقال له: لا تكون من الصلحاء إلا إن صرت تنفق من الغيب» ثم قال: اطلب مني شيئًا آتيك به. فقال: دينارًا.. فقبض من الهواء فأعطاه دينارًا. فأثر ذلك فيه» فجد واجتهد» ومكث عامًا يصوم النهار ويقوم الليل» فأتاه العبيدي» وقال: الآن صح لك اسم الصلاح؛ مد يدك هات لي دينارًا. فمد يده في الهواء فآتاه به» فاشتهر من يومئذ شهرة تامة» وعمّر عدة جوامع بالمدزلة وغيرهاء ومارستان» وجعل زاويته سماطًا للوارد» وصار كلم يُطلب منه نفقة؛ يخرجها مسن كيس من
56 -
رأيتم الشاب ينفر من الملتتحي» والملتحي يألف له؛ فاشهدوا في الملتحي بالسوء إلا أن يكون له أفعال صالحة تحميه من ظن الناس فيه السوءء وإذا رأيتم الشاب يحب الملتتحي؛ فاشهدوا في كل منهما باخخير.
وسمعته يقول مرارًا:من أدب شيخ الزاوية: ألا يخرج الأمرد إلى حاجة عند الملتحي» ولا ينبغي له التساهل في مثل ذلك؛ إلا إذا أعطاه الله تعالى قوة يحمي بها جنيع المجاورين من الشيطان ومن كيده؛ وهذا قليل في مشايخ الزوايا في هذا الزمان» وكان يقول من الحزة» وحسن الرأي: أن يجعل للشباب مكانًا يخصهم؛ وللرجال مكانًا يخصهم؛ كما فعل سيدي محمد الغمري في زاويته بالمحلة الكبرى» وذلك حتى لا تلوث القوام الذين يترددون إلى الزاوية بالفقراء؛ فرب| رأوا شابًا يعاشر رجلاً أو عكسه؛ فيحملونهما على السوء قياسًا على نفوسهم؛ فيتولد من ذلك مفاسد» حتى ربا لاث فقراء الزاوية ببعضهم بعضًا.
وكان يقول ينبغي للفقيه للنقيب كل ليلة أن يطوف على الشباب» ويمنع أحدهم من أن ينام مُلاصِمًا للآخر؛ بحيث يمس جسمهه بل يجعل بينه وبين أخيه مقدار ذراع؛ دفعًا للريبة عنه وعن أخيه» وكان يقول للنقيب كل من أبى إلا أن ينام ملاصمًا لأخيه الأمرد فأعلمني به؛ لأمنعه أو أخرجه من الزاوية؛ للا يتلف حال المجاورين.
ومن أدب الشيخ: أن يتورع عن الأكل نما وقف الناس على فقراء زاويته» ولا
بأكل منه مترخصًا؛ بل يأخذ بالعزيمة» وإذا عمر في بيته عبارة» فلا ينبغي له أن يطعم
رأسه. مات سنة نيف وثلاثين وتسعاثة. انظر: الطبقات الشعرانية (؟/ 2»)١75 الكواكب الدرية (0/4).
الفعلاء؛ والبنايين» والنجارين» والمبلطين؛ والتراسين من قوت فقراء على الزاوية من جبن وعسل وغير ذلك؛ إلا إن كانت تلك العمارة ترجع مصلحتها للفقراء دون ما كان خاصًا بالشيخ» وكذلك إذا سفر أحدًا إلى حاجة زرعه؛ أو غيره في بلاد الريف» لا يزوّد قاصده من طعام الفقراء؛ إلا إن كان للفقراء نصيب من ذلك الأمر الذي يأي به قاصده» ومن تساهل في ذلك؛ فلا يصلح أن يكون شيخًا على الزاوية؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وأعلموا به شيخ الجاهل إذا تولى عليكم؛ لتحذروه من الوقوع في الإثم أو نقص الأجرء والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه أيضًا: ألا يغفل عن ملاحظة أرباب الشعائر في الزاوية: من إمام؛ ومؤذن» وفراش» وغيرهم؛ فكل من أخل بالقيام بوظيفته عاتبه: أو ساعده بأحدٍ من الإخوان؛ لاسيما الفراش» وخادم الميضأة إذا كان في الزاوية أطفال من عميان وغيرهم, فإنه يصير في نعت عظيم من حيث تقديرهم الزاوية» وتنجيسها بالبول ونحوهء ويقول للفراش» وخادم الميضأة: لا تغفل عن تنظيفك الزاوية» وغسل ما يتنجس منهاء وإن كان المجاورون ينامون في سطوحها أيام الصيّف أو الضيوف» فليرصهم بأن يدخل أحدهم الخلاء قبل أن ينام» فقد غفل عندنا أيامًا عن تفقد السطح؛ فرأى فيه مشخَّة كمشخّة ا خمير في الشارع.
وليعلم الفراش الشيخ بمن يخرج عن أمره إذا أغرى عليه؛ أو منعه من النوم في السطح, وليقل له: كل من عصى أمرك فأعلمني به فإما أن أؤدبه أو أخرجه.
ولا يستقبل النقيب بمخاصمة الفقراء؛ يتولد من ذلك الفساد من يغضب المجاورين بعضهم لبعض بغير حق» وإن رأى الشيخ أن يجعل الأطفال ينامون في شيء من البطائن الخارجية من سمت الزاوية كان أولى» والحمد لله رب العالمين.
اد
كذلك من أدبه: أن يعمل على جلاء مرآة قلبه من الصدأ أو الغبار» حتى يصير معرف أحوال الفقراء» وما يقع أحدهم فيه من الرذائل» ويستحي أن يذكره للشيخ إما بئس الطباع» وإما فسقًا وقلة دين؛ وهو مقام يكون لورثة عثمان بن عفان #5 كان إذا دخل عليه شخصء وقد نظر إلى محاسن امرأة في الطريق يشم رائحته ويقول: يدخل أحدكم عليناء وروائح الزنا تفوح من جسمه؛ انتهى.
وما نبي الفقراء عن الكشف الشيطاني؛ إلا خوفًا من ازدراء العصاة واحتقارهم» فخرج من لا يحتقرهم؛ وإنا ينصحهم ويرشدهم إلى التوبة من يحمل العارفين» فاعلم ذلك.
وسمعت أحي أفضل الدين» وأبي العباس الحريثي يقولان: ينبغي للشيخ أن يعمل على تحصيل مقام الكشف من أحوال جماعته» حتى يصير يربيهم ويرشدهم من غير أن بشكو أحدًا منهم له حاله؛ فإذا رأى من طريق كشفه أحدًا منهم ينتشر جارحته أمره بالجوع والأعمال الشاقّة» حتى تخمد نار بشريته وشهوته» ويصير لا ينتشر له جارحة إلا عند إرادة جماع حليلته» وأما في غير ذلك الوقت فجارحته؛ كهدية الثورب.
ويعلم الشيخ العازب أن جارحته ما انتشرت؛ إلا لشهوته إلى الحرام فإنه ليس هناك أحد يجامعه حتى ينتشر جارحته بوطته؛ إلا ما يدخل إبليس قلبه من الذكور أو الإناث؛ فهو إما زانٍء وإما لوطي يتمنى الرنا أو اللواط» فلا يجده. وكذلك القول في احتلامه؛ لولا شهوته لذلك ما أتاه إبليس في منامه بامرأة أو شاب يجامعه: فإنه لابد للمحتلم من مقدمات نظر أو سماع وتمن وتفكر لمن يحتلم فيه» فإذا عجز عن الوصول إليه في اليقظة أتاه بصورته إبليس في المنام يسخر به وهو يجامع في الهواء» ويجمع عليه الشياطين؛ ليروه على تلك ا لحالة ويستهزئون به» وهناك يحتقره
آلا
الشيطان ويصير يركبه؛ كما يركب الإنسان الحمار» ويصرفه فيهما يزيد من المعاصي والرذائل؛ )ا هو مشاهد بين الفقراء الصادقين. ٠
وكان سيدي محمد الغمري #الله يقول: كل من ليس تحته حليلة؛ وتنتشر له جارحة؛ فهو من أهل السوءء فحذروا شباب الزاوية من خخلطته؛ إلا أن يكون من أرباب الأحوال الذين يقدرون على منع أحدهم نفسه من الفواحس؛ لغلبة مراقبته لله بن وكثرة طاعاته؛ بخلاف من كان بالضد من ذلك.
وسمعت سيدي عليًا الخواص يقول: ينبغي للفقير الذي تعوّد بكثرة الجماع؛ أن يكثر من الجوع إذا حاضت امرأته أو نفست؛ خوقا أن تغلبه نفسّه فيقع في الحرام» ومن هنا أمر بعضهم أمر بتزوبج امرأتين؛ حتى يصير إذا حاضت إحداهن وجد عنده أخرى» وذلك أولى له ولو خاف من عدم العدل؛ لأن معصية عدم العدل أخف من الوقوع في الزنا مثلاً» انتهى.
وسمعت سيدي الشيخ عبد الحليم بن مصلح ب#لته يقول: لا ينبغي التسليم من يقول أنا أحب الشباب لله ول إلا بعد التفتيش في حاله؛ فإن رأيناه مشغولاً بالعبادة ليلا ونبارّاء غافلاً عن تناول شهوة بطنه وفرجه. لا تكاد الفاحشة تخطر على قلبه سلمنا له دعواه؛ وإلا حذرنا الشباب من مجالسته» انتهى.
وتقدم أن سيدي محمد الغمري أنه كان يقول: لا ينبغي لفقير أن يسلم لنفسه ما يدعيه من محبة الأمرد الجميل لله تعالى» إلا بعد أن ينظر في قلبه» فإن رآه يميل إلى الشاب الجميل الطيب الرائحة» وبرجحه في الميل على الشبخ السراباتي المنتن الرائحة؛ فليعرف أن محبته لغير الله» وإن وجدها مستويين لا ترجيح الشاب على السراباتي المذكور؛ فليعرف أن محبته لله لغير الله» وإن وجدها مستويين» وهي ميزان
7و -
تطيش على الذر ينبغي تعليمها للفقراء المتعبدين في الزاوية؛؟ ليصير أحدهم يحكم على نفسه بالخير أو بالشرء ولا يحتاج إلى سماع ذلك من غيره.
وكان أخي فضل الدين له يقول عنها: آخى الشيطان بين الملتتحي والشاب» وصار يذكر الله هو وإياه ليلاً ونهارّاء وتلك الصحبة لغير الله و» وربا أتى الشيطان للملتحي» وقال له: إن صحبتك لله وَبْكَ فإياك أن يقول لك إبليس: إن صحبتك له لغير الله» فلا تصدقه فإنه يريد أن يحرمك الخير أنت وأخاكء انتهى.
وليحذر الفقير من قول إبليس الثاني» وليمتحن نفسه ب! لو ذكر الله تعالى مع الشيخ السراباي» ومع ذلك الشاب الطيب الرائحة» فإن وجد إنه بالشاب كأنه بالسرياني فصحبته لله» وإلا فهي لغير الله ى| تقدم» انتهى.
وهذا ميزان يعرف بها الفقير كيد إبليس» فمن عمل بها وجد بركتها.
وكان سيدي محمد الغمري يقول: متى وجد الفقير في تنبيه الشاب الأمرد الجميل وجسه باليد لما ينبهه لذة ترجح على لذته لتنبيه السراباتي» فلا ينبغي أن يرسله الشيخ أن ينبه المر كان للذكر والقراءة في الليل سد الباب المفسدة» وليجعل النقيب الذي ينبه الشباب ممن قد طعن في السن» وشهد له إخوانه بالصلاح» وقد قالوا: ينبغي للنقيب أن يكون أبعد الناس عن الريب؛ لآنه ثاني مرتبة للشيخ» فلا ينبغي أن يدع فقراء الزاوية يسلمون عليه وقوعه في شيء من الرذائل» فإن من وقع فيها أهانه الله وخذله» ومن يبن الله فا له من مكرم» انتهى.
فاعلموا ذلك أيها القرابة من الفقراء» وكوئوا على حذر؛ ولاسيا من إطلاق البصر ؤإنه سم قاتل.
5000
وسمعت سيدي علي المرصفي #الله يقول: سمعت سيدي مدين يقول: علامة الأمرد الذي يحرم النظر إليه: ألا تشبع العين منه أول نظرة؛ بأن يطلب معاودته النظرة إليه ثاني مرة» فكل من طالبتكم نفسكم بالنظر إليه ثاني مرة» فاعلموا أنه جمبيل فلا تنظروا إليه» وليحذر أحدكم من.قوله: إن إبليس ليس له قدرة على إيقاعي في الرذائل؛ فربما أوقع أحدكم عن قريب في شيء من الرذائل» وأشاع ذلك عنكم في البلد فإن من شأنه أن يقول للعبد: افعل كذا وكذاء فإن الله تعالى قد قدر ذلك عليك»؛ وإن شاء الله تعالى لا يضر بك أحد من الناس» ولا يؤاخذك الله؛ فإنه غفور رحيم.
ثم إذا زين له ذلك» وجمع بينه وبين تلك المرأة التي يزني ببا؟ مثلاً وسوس إلى جميع أهل تلك الحارة» وقال لهم: تعالوا انظروا إلى هذا الصالح الذي تعتقدون فيه الصلاح والولاية؛ فيهتكه على رءوس الأشهاد» وكان صاحبنا الشيخ عبد القادر الآدمي - رحمه الله تعالى- إذا سمع هذه الحكاية يقول: الله يعدمه العافية» انتهى.
وقد سأل الشيخ علي الموان شيخنا الشاذلي عن من يقول: أنا لا يضيرني النظر إلى المستحسنات» فأنشد على الفور له من مواليًا: مَنْ كَانَ حسنٌ الصَّورٍ وَالَرق لَوشّهدَ صُورة الحْسْن وَالْعْنَى وَالجَامَع ف وجَد يُؤْمَرُ بِعَض البَصَّر بَالشَّرْع يَتَقيدٌ حَنَى يَرَى عأ الإطلاقٍ لو تمد
انتهى.
أي: فادام يشهد الحسن والقبح في الوجود من حيث الصور؛ فهو تحت حكم شهوة الطبع» فإذا صار يتلذذ برؤية الخنفساء والحمار؛ كما يتلذذ برؤية الصور الحسان من غير فرق» فلا حرج عليه حينئلٍ في رؤية الصور الجميلة؛ لأنه محجوب بحسن
-6ا-
الصنعة عن المصنوع؛ وللصادق إمارات يعرف بها صدقه من كذبه؛ لا يخفى عل حذاق الفقراء» والله أعلم.
وكان سيدي إبراهيم المتبولي 5ه يقول: لا ينبغي لفقير أن يجعل في زاويته أحدًا من ارد الذين يخاف منهم الفتنة» إلا أن يكون له حال يحميه من الآفات» ويحمي غيرهم منهم؛ فإن حكم من لا حال له يحمي به فقراء الزاوية؛ حكم من وضع قطع اللحم على سُطوح» وطلبت من الحدادي والرخم والغربان: ألا يخطفوا من ذلك اللحم شيمًا.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #الله يقول: كان سيدي أحمد الزاهد يله يقول: يجب على الشيخ أن يسد على الشيطان الأبواب التي يدخل منها لفقراء الزاوية» ولا يغفل عن ملاحظتهم في ساعة من ليل أو نهار؛ فإن الشيطان بالمرصاد لكل طائفة رآهم على خير وعبادة» ومن لم يقدر على ملاحظتهم فليطلقهم إلى حال سبيلهم» ولا يقيدهم عنده؛ فربهما زين الشيطان لأحدهم محبة أحد من شباب الزاوية» واللذة بالنظر إليه حين عجز إبليس عن جلب بنات الخطأ إلى الزاوية؛ فأشغل قلوب الفقراء العزاب بحب بعض الشباب» فصار أحدهم يمثل ذلك الشاب في قلبه حال صلاته» وحال قراءته» وحال ذكره» وربها انتشرت جارحة أحدهم» وهو في الصلاة بين يدي الله كبك حين مرّ ذلك الشاب الذي يميل إليه - والعياذ بالله تعالى-فمقته الله» وغضب عليه» وأخرجه من الزاوية بفاحشة» وسلبه جميع ما كان فيه من الخير» وصار قلبه معشش الشياطين بعد أن كان محل الملائكة والنور؛ فليحذر الحاذق من إبليس فضلاً عن الفقير الساذجء انتهى.
وقد طلب مرة فقير أن أؤاخي بينه وبين بعض شباب الزاوية» فقلت له: نعم
كا
إن شاء الله» ثم نمت تلك الليلة» فرأيت تلك الليلة أنه نبت في مكانها الذي يجلسان فيه شجرتين» وهي محملة تيا أخضر العناقيد كالجميز» ثم نمت ثاني مرة؛ فرأيت شجر خوخ زهري قد نبتت بجانبهاء فأولت شجرة التين بالندم وسوء العاقبة في تلك الصحبة؛ لأنها هي الشجرة التي أكل منها أبونا آدم لقف عند الجمهورء وأولت شجرة الخوخ الزهري إلى أطباح البصر إلى نضارة وجه ذلك الشاب» وحسنئه وجماله» من أول مّدة الأخوّة من غير نظر إلى آخر؛ فعلمت بهذين المنامين أن تلك الأخوّة عاقبتها ردية: فلم أُؤَاخ بينهها رحمة بههاء وشكرت فضل رب © في إعلامر بوحي المنام بها يؤول إليهم أمر أصحابي بواسطة [بليس من الشر؛ لأحذره منه؛ فإن الرؤيا للفقراء من باب وحي الإلهام الصحيح إذا سلمت من التلييس» ومن تلك الواقعة ما آخيت بين أمرد وملتحي إلا بعد التفتيش في حال كل منهماء فإن رأيتهما قد خرجا عن جميع الرعونات» والأعراض النفسانية» آخيت بينههماء وإلا ملتهًا حتى يخرجا عن ذلكء» وأمرتها بالبعد عن بعضههاء بحيث لا يعد أحدهما صاحبًا للآخر عرفًا.
وكان سيدي محمد الغمري#كلته يقول: فرقوا بين الشباب البالغين» وبين الشاب والملتحي في المضاجع, وني الخُلطة» إلا أن تشهد القرائن لذلك الملتحي بالدين والخير» وغفلت عن الشرء حيث يكون الأمرد الجميل عنده في الرؤية كلتى العا عن يك مرا ومتى رجح الشاب فالتفرقة بينهما أولى؛ لاسييا إن كان الشيخ العاني أكثر طاغة لله من ذلك الشاب» فإن الصحبة تكون لغير الله تعالل
وسمعت أخي فضل الدين كله يقول: إذا كان شيخ الزاوية من أصحاب
لاد
وعي الإلهام» فلا ينبغي أن يقيم عنده إلا الطاهر المطهر من الرذائل» والأعراض النفسانية؛ لثلا يتضح بإعلام الشيخ با يقع فيه من الرذائل» فإنه كالوحي وإن تفاوت الأمر بالنظر للأنبياء والأولياء» وقد بلغنا أن الصحابة لم يأمنوا من التوبيخ حتى مات رسول الله كل خحوفًا أن يقع أحدهم فيا لا ينبغي؛ فينزل على رسول الله و3 وحي يتلى» انتهى.
ووالله لو كان بعدنا وحي ينزل لمتكت سرائرنا» فلله الحمد والفضل.
وسمعت أخي المذكور يقول أيضًا: لا ينبغي أن نقيم عند الشبخ الذي له مقام وحي الإلهام» إلا الصادق في محبة الطريق» الذي يطلب التخلص من الرعونات» أو الوقوع ني الفواحشء الذي يفرح بالشيخ إذا وبخه با وقع فيه؛ ويرى له الفضل عليه بذلك؛ لكونه يرقيه إلى مقامات القرب من حضرة ربه؛ أما الذي يعرف من نفسه التكدر إذا بين له الشيخ طريق عيوبه ونقائصه» فبعده عن ذلك الشيخ أولى له وكان يقول:
الواجب على الفقير أن يفرح ببيان نقائصه لإخوانه؛ ليخرج من صفات النفاق والتلبيس» وأقل مراتبه أنه يفرح ببيانها إذا أخبره الشيخ بها في أذنه» بحيث لا يعلم مها إلا الله فمن تكدر من شيخه إذا أَسَر له ببيان عيوبه» فذلك عنوان على شفائه» وكان الواجب عليه أن يقبل نعال الشيخ» ويطلب منه طريق الخلاص من ذلك الذنب» أو النقصء فإنه مريضء وإذا كتم المريض علته عن الطبيب مات بدائه» الكهين:
وسمعت سيدي الشيخ عبد الحليم المنزلاوي #لقه يقول: للشيخ أن يمتحن من يدعي الصدق في صحبة الشباب بالطريق الخفية؛ مصلحة له. لا هتكًا لسوءته»
خلا -
وذلك أولى من حسن الظن بالمريدين» وكل من ظهر له رتبة أمر الشيخ الشباب قال: ومما وقع في بعض الزوايا أن إبليس أتى بعض الفقراء من طريق الخير؛ ليأمر بعد ذلك في الشر» فقال له: أعط سراويلك لهذا الشاب ليلبسها عند النوم؛ فإنه ربا تكَشف بالليل» فيحصّل لك الأجرء فقال للشاب: خل هذا اللباس فألبسه عند النوم؛ لأنك ربا تقلبت في النوم فانكشفت عورتكء» فأخذه الشاب منه» وشكر فضله» ثم بعد ليال وسوس إبليس لصاحب السراويل» وقال له: دب على ذلك الشاب» وإن تنبه فقل له: إنم! طلبت أخذ سراويلي؛ لأنه عاريةلي أخذها متى شئت» فدبٌ على الشابء فاستيقظ» وتناوم لينظر ما يفعل» فإذا هو قد قرب من الفاحشة مجلس» وقال: سود الله وجه البعيد» فلولا أن هذا الشاب كان صا ًا لوقع, انتهى. ولما جاء هذا الشاب من بلاد الريف إلى مصرء من بلاد المنزلة» وحكيت له الحكاية» صدقني على ذلكء وقال لي: من تلك الواقعة لم أنم بالقرب من ملتحي» ولو كان يمشي على الماء؛ انتهى. وقد كان سيدي إبراهيم المتبولي يراعي شباب الزاوية» ويحميهم من أهل الفساد. فحكى لي سيدي علي الخنواص: أن شخصًا عبث بذيل أمرد من الشباب الذين كان سيدي إبراهيم يرقدهم في خلوته» فأخذت ذلك العابث الباردة والسخونة بمجرّد إمساكه ذيل الشاب؛ فلم نزل أسنانه تخبط في بعضها بعضًا مدة سبعة أشهر حتى كاد يهلك» وأنشد: إذَامَ يكن للكزم موك مكيب ,رَعَنْهُ الَوائِي من جَجِيْع الجوائب انتهى.
- 4 -
ومن أدب شيخ الزاوية: ألا يمكن ولده يبني له منظرة أو مقعدًا في بستان يتعلق به؛ لأن العاقل لا يعمر شيئًا في أماكن الإقامة» فكيف يعمر في مواضع التنزهات التي ربا لا يتيسر له التنزه فيها أسبوعًا في السنة كلها؟ وإن وقم أن الله تعالى أراد بنا منظرة في تلك الجنينة؛ فليكن من يتفرج فيها من ولد الشيخ» وجماعة الفقراء على حذر؛ لأن إبليس ربا وسوس لأحدهم لصحبة أحد من الشباب المرد معه في تلك الجنيئة مراراء فيلوث الناس بالفقراء؛ لاسيّا إن كان ذلك الشاب الجميل قد لاث الناس بعرضه قبل ذلك» وله جماعة محارفون يتغايرون عليه فيحصل بذلك عدة مفاسد» فليكن الفقراء على حد رق لا يصحبوا معهم للتفرج في الجنينة إلا الشيوخ الكهول المأمونين العاقبة» ولكن أصحاب الأنفس الغوية لا يكمل انشراحهم في الجئينة إلا برؤية الوجوه الحسان؛ لاسيها إن كان أحد الشباب حلو اللسان» يظهر النسك والعبادة» فإن إبليس يقول لأحد الفقراء: هذا الشاب مبارك؛ واللوث بكم إذا صحبتموه بعد أن يقع» فيعاشرونه في تلك الحنينة على نقاء وطهارة» ثم يقول لهم إبليس: إن الله غفور رحيم؛ والتوبة تَجْبّ ما قبلهاء ويقارب بين الفقراء وبين ذلك الشاب» حتى أوقعهم في شين من البلاء» وتفرقوا كلهم؛ وخرجوا من الزاوية إلى احرف والصنائع» وكان لهم مجلس ذكر يهد الجبال» وكان إبليس إذا قرب منهم في المجلس يكاد يحترق» فا قدر على صيدهم إلا بواسطة ذلك الشاب المبارك في أول أمره.
وقد حكى لي الشيخ سلييان النضيري" ب#لتكه قال: كان في بعض الخرائب
)١( هو سيدي سليان الخضيري؛ كان على قدم عظيم في التزهد والتعبد» سمع الحديث عن الجلال السيوطي والقطب الأوجاقي» وأخذ التصوف عن المرحومي وغيره» وأذن له في الثربية» وأخذ عن خاق» انتفع به الناس كثيرًا. وكان الشيخ محمد بن عنان- مع مقامه- يعظمه ويزوره وله مكاشفات كثيرة
00
ثلاثون فقيرًا من الشباب يعملون الحرف» ويجتمعون في تلك الخرابة في الليل» وكان لهم مجالس ذكر تبد البال» فبين) هم في مجلس ذكرهم إذ وسوس إبليس لاعة من العتاق بأن يتضاربوا بالعصي تجاه مجلس هؤلاء الشباب» ففلق بعضهم رأس بعض» وساح الدم؛ فقال إبليس للذاكرين: قواعد شريعتكم تشهد؛ لأن الخير المتعدي أفضل من الخير القاصرء فاتركوا الذكرء وخلصوا بين العتاق» فتركوا المجلس وقاموا يخلصون بينهم» فانقلبت الخصومة إلى الذاكرين» ففلقوا رءوسهم, واشتغلوا بهم عن مجلس الذكر» فكان مققصود إبليس بذلك كله إبطال مجالسة الفقراء لله تعالى في الذكر لا غير» انتهى.
فانظر يا أخي إلى هذه الدسيسة التي تخفى على كثير من الفقراء واعتبر بغيرك.
وسمعت سيدي على المرصفي #لتنه يقول: ينبغي للفقراء إذا خرجوا إلى مواضع التنزهات في حين؛ كالبرك» والأهار» والبساتين» ألا يصحبوا معهم حدنًا حسن الصورة ولو كان من فقراء الزاوية؛ وكذلك لا ينبغي لم أن يصحبوا معهم كتايًا فيه حكايات قبيحة الساع؛ كالذي يحكيه خلبوص المغاني» إن الأدب أن يصحبوا معهم كتابًا فيه حكايات الصالحين وآدامهم» وإن ترخصوا ني ذلك» فلا ينزلون عن ذكر الحكايات المباحة التي تضحك العبوس؟ كديوان بن سودون؛ مع أن لا أحب ذلك للإخوان؛ لأن العمر ضاق عن مثل ذلك» ولكن سامحنا الإخوان به من باب ظلم دون ظلمء وما دخل العقلاء هذه الدار للهو واللعب والسخرية» وإنها دخلوا للأعمال الصالحات, والمجاهدات لنفوسهم, إلى أن يلقوا رمهم؛ ولا يليق وكرامات غزيرة. مات في حدود الستين وتسعرائة» عن مائة ونحو عشرين سئة. انظر: الكواكب السائرة .)١54/7( الكواكب الدرية (7/85),
الم -
بأحدهم الضحك حتى يجاوز الصراط.
وسمعت سيدي عليًا الخواص يقول: اللائق بالفقراء القبض والعبوس حتى يجاوزوا أهوال يوم القيامة كلهاء وهنا يليق بهم الضحك والفرح» وكان يقول: من تأمل الخلق» والدنياء والآخرة» وجدها كقوم نزلوا في سفينة» فأقلعت بهم حتى وصلوا إلى جزيرة» فلودي لهم: اطلعوا على هذه ا لجزيرة» وخذوا ما فيها من الجواهر» والذهب» والفضة» والتحف النفيسة» واحرزوه في صناديقكم؛ وعجلوا بذلك. فإن مقامكم فيها يوم وليلة فقطء وإياكم أن تحوزوا شيئًا من الأمور المنسيسة ف أوعيتكم؛ أو تشتغلوا بأحوال الغافلين؛ كالمقامرين» والمشعوذين» والمعمرين للدور» ونحوهمء وإياكم أن تقربوا من دار الملك التي فيها حريمه» وحرمه؛ أو تتعرضوا لفعل ما نهاكم عنه؛ فبين| الناس مشغولين با شاء الله؛ إذ نودي بالرحيل على غفلته» فأما الذين أقبلوا على اللهوء واللعبء والقمار» وبناء الدور؛ فندموا حيث لا ينفعهم الندم» وأما الذين حازوا الجواهر والتحف؛ فلم يلحقهم ندم؛ ثم أقلععوا حتى أرسلوا على بلد الملك الكبرى والآخرة, فبلغ الخبر أن قومًا وردوا معهم الجواهر والتحف» فأرسل لهم الملكث من تلقاهم. ووعدهم بكل خير» وقال: وأنزهم في دار الضيافة» وقال لهم: لكم عندي ما لاعين رأت» ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشرء وأما ما سواهم فأمر بحسابهم» وعتابهم» وقال لهم: ما كنتم أنتم وأصحاب الجواهر في مكان واحد, ما قيل لكم أن مقامكم في تلك الجزيرة يوم ولبلة» فكيف اشتغلتم ببناء الدور» بعد أن سمعتم المنادي ينادي على لسان الملك: إن أدخله جهنم؛ دار الخزي والموان» فهذا مثال الدنيا وأهلهاء والآخرة وما يقع فيهاء
كم -
انتهى.
وسمعت أخي أفضل الدين #لللكه يقول: لو لم يكن في محبة الخلق الذين لم يأمر الله تعالى العبد بمحبتهم, إلا اشتغال قلبه با يحجبه عن دخول محبة الله قلبه» لكان في ذلك كفاية في وجوب التباعد عن عشرة الشباب» والنساء» وغيرهم ممن تميل النفوس إليهم عادة؛ كالأمراء والأغنياء المحسنين للفقراء» فإباكم ومحبة أحد لم يأمركم الله بمحبته» ثم إياكم» والحمد لله رب العالمين.
قلت: وقد سألت الله تعالى مرارّاء ورأيت علامات الإجابة أن يبتلي كل من أفسد ني زاويتي ني حياتي» أو بعد ماتي» بالأوجاع التي لا ينفع فيها طبيب» بحيث تمنعه اللذة في الأكل والجماع والمنام حتى يموتء وأن يجعل ذلك كفارة لما فعله من السوء, لا يعاقبه في قبره. ولا فيها بعده» وإنما لم أسأل له المغفرة ابتداء إيثار الجناب الحق تعالى؛ لكونه انتهك حرمة بيته» وفسق في من هو تحت نظره» وفي حضرته؛ فلذلك لم أسأل له المغفرة ابتداء.
وانظر يا أخي إلى إبليس- لعنه الها عصى أمر الله في حضرته مرة واحدة كيف طرده ولعنه أبد الآبدين؟ وكم عصى غيره من الخلق» ولم يقع له ما وقع لإبليس؛ لكونه ما عصى إلا وهو في حجاب عن شهود حضرة الله تعالى» ونظره إليه؛ فلذلك خفف عنه دون إبليس.
واعلم يا أخي أن الفقبر مادام تحت رعاية شيخه؛ ملاحظًا له» فهو محفوظ من الشيطان؛ لارتباط ذلك الفقير بشيخه. وارتباط شيخه بالنبي وَل وارتباط النبي بحضرة الله قد فلا يجد الشيطان له مسلكًا يدخل منه إلى قلب الفقير» وقد كان تحت تربيتي شخص فجرح باطناه وصار يظهر لي أنه تحت نظري نفاقًاء فقلت له على
دناه
لسان بعض الإخوان: قل لفلان يدخل تحت جناحي؛ ليقع له الحاية؛ كالفرخ تحت الدجاجة إذا فقستء فقال: قد خرجته والذي ينزله من السماء تحمله الأرض؛ فكبس في تلك الليلة مع امرأة في الحرام» فضربوه حتى فتحوا رأسه من أماكن» وحمل لبيت الوالي» ثم لم يرجع بعد ذلك إلى الزاوية» إلى وقتنا هذاء هكذا جرت سنة الله في عباده.
وقد أنشدوا في معنى ذلك: وَمَن احْتَمّى يَومَابِفَيْرٍ جَتَابِكَ حَلْشْب هالآقَاتْوَاهَلَكَاتٌ
وما جربته أنا في نفسي أنني مادمت متوجها بقلبي إلى الحضرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام؛ فجميع الآفات مصروفة عني» حتى ضنيق الصدرء فإذا ضرب الحجاب بيني وبينها حلت بي:سائر الآفات» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واتخذوا لكم شيخًا ترتبطون به؛ ليرعاكم» ويجميكم من الآفات» ويعلمكم الآداب التي تلزمكم في مدة إقامتكم في المسجدء فإنه ما كل أحد يعرف الآداب.
فإن من أدب المجالس في المسجد: ألا يجلس فيه محدناء ولا يخرج فيه ريحاء ولا يلغر ولا يخطر في باله معصية؛ فضلاً عن فعلهاء وقد كان شخص يترخص في ترك الآداب؛ فابتلاه الله بمرض عجز عنه الأطباء» واجتمع عليه الْحَبّ الإفرنجي» وضربان المفاصل حتى لا يأخذه نوم إلا كنوم المصلوب» وكان عندي آخر يدب في الليل على أطفال الزاوية» ولا يقدر أحد يثبت في حقه شيئًاء فقلت: اللهم إن كان فلان يفعل كذا وكذا فابتله بالحصيا في ذكره» والشقاق في دبرهء وإليته فيه» فصار كلما يريد تبولاً يتلوى على الأرض كالثعبان» وهو يصيح ويستغيث فلا يغاث» وصار يحس من شدة الشقاق بأن شخصًا يشرح في دبره بسكين ليلاً ونهارّاء حتى
-4م-
امتنع من الجلوس على الأرض في غالب أوقاته» وصار يقف من العشاء إلى الصباح يصيح» وكذلك صار يكري على نفسه من يفعل فيه إلى أن ماتء والنكتة في إجابة دعائى فيه أننى ما دعوت عليه إلا غيرة جناب الحق تعالى» لا تشفيًا للنفس» فلذلك كنت أجاب في الدعاء على من عبث بأحد هو في كفالة الله تعالىم» ودعوت مرة أخرى على شخص كان يسرق أسباب المجاورين» ويفتح خزائنهم بالليل بالشنكلة» فشتكلوه في باب النصر.
دعرت على آخر كان يسرق المصاحف والنعال بمرض لا يخرج من يدنه إلى المات؟ فابتلاه الله تعالى بالخصياء والفتاق» والبواسير» والقولنج» فكان كلما يداوي أحدًا ويسكن يتحرك الآخر للوجع حتى صار يقول مقصودي أحدًا يشهد عل بالكفر كاذيًا حتى يقتلوني ويريحونٍ من هذا الأل» وبالجملة فلا يقدر على آداب سكنى المساجد إلا القليل.
وقد كان بجوارنا شخص من المجاذيب أسمه الشيخ عصفور كان يتكلم بكلام لا يقدر أحد على ساعه إلا بالتأويل» وحمله على عدم التكليف» وكنت لا أرمي من كلامه شيئاء فمن جملة ما قال للشيخ شهاب الدين البلقيني"ثلله لما زاره: الرهبان الدينين الخيرين؟ الذين لا يسرقون شيئًا من العمائم ولا النعال ولا يفتحون )١( هو أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشهاب البلقيي الأصل المصري القادري. أخذ عن حسن الكشكثي القادري» بل وفيا قيل عن ابن الناصح وتجرد وساح مدة ثاني عشرة سنة وصار مشهورًا
بالصلاح. مات في يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة سنة حمس وخمسين ودفن ظاهر باب النصر رحمه الله. [الضوء اللامع /١( 060000
-40م-
خزانة أحد في الليل وهو نائم» وإذا وضعت نعلك في الكنيسة وغبت عنه جمعة ثم جئت وجدته مكانه لم يأخذه أحد منهم بخلاف جامعك؛ انتهى.
فقلت للشيخ شهاب الدين: إيش قلت في هذا الكلام؟ فقال في غاية التوبيخ لنا: كيف تكون النصارى أبعد عن الحرام منا؟ فاعلم ذلك يا شيخ الزاوية» واحفظ زاويتك من المعتدين إما بالحال وإما بالقال وإما بالفعل وإخراج المفسد منها بالحكام مصلحة لبقية الفقراء» والحمد لله رب العالمين .
-5م-
ا 0 50 : و 7 ٠ ٠ 7
في ذكر جملة أخرى من آداب فقراء الزاوية وأخلاقهم التي يتأكد عليهم العمل بها
اعلم يا أخي أن من آداب الشييخ أيضًا: أن يجتنب مواضع الريب» كان يمكن أمرد يغمز له ظهره أو رجليه» ونحو ذلك؛ خوفًا أن يلوث الناس به وربما تبعه على ذلك كبراء الزاوية» وقالوا: فلانًا غير معصوم,ء ولولا جواز مثل ذلك ما فعله الشيخ» وقد ثبت أنه وَلِةِ كان له غلام يغمز له ظهره؛ انتهى.
والجواب أن ذلك لا ينهض حجة لغير الشيخ إذا مكن أمرد من تكبيسه؛ لأن الأشياخ محفوظون إن شاء الله تعالى» والنبي معصوم, والله أعلم.
فانظر يا أخي ما فتحه الشيخ بتمكين الأمرد المذكور من تكبيسه» ولو أنه نزل ذلك لم يفتح للمجاورين هذا الباب.
وسمعت سيدي على الخواص ##لله يقول: ينبغي للشيخ أن يكون له نقيب ملتحي؛؟ يخدمه ويغمز له بدنه إذا احتاج إلى مثل ذلك» ولا يمكن أمرد من ذلك بحال» وإذا أحس الشيخ بأن النقب زال بالغمز والتكبيسء أمر النقيب بالكف؛ لثلا يقع في الترفة» انتهى.
وقد تقدم أن الأمرد ينقض الوضوء عند أحمد» وذلك يؤيد النهي عن جعله مكبسّاء ومقام الشيخ يقتضي التباعد عن الريب» والأخذ بالاحتياط» والخروج من الخلاف.
ومن أدبه أيضًا: أن يكون قدوة للفقراء في جميع أحوالهم؛ من زهد» وورع؛ وقيام ليل» وصبر على الجوع؛ وكف الجوارح عن المحالفات كلها؛ لآنه كالمشرع لهم
- لام -
بجميع أفعاله وأقواله» وهم ناظرون إلى ما يفعله ويقوله؛ فليحذر أن يأمرهم بالزهد في الدنيا ويرغب هو فيهاء أو بالورع ولا يتورع؛ أو بقيام الليل وينام هوء وبالجوع ويأكل هو ويشبع» أو بكف الجوارح عن المخالفات ويقع هو فيهاء فإنه ولو كان له عذر في ذلك لا يقتلونه» بل يحملون حاله على حالهم لا يذوقون عن ذلك.
وني الحديث: «شَكَوْنًا إِلَ رَسُولٍ الله و المُوعَ وَرَفَحْنَا عَنْ بُطُوننًا عَنْ حَجَرِ حجر ركم ُو اله عَنْ حَجَرَيه".
فليحذر الفقراء الصادقون من المبادرة إلى الأكل من طعام أرسله لمم بعض الولاة حين بلغه جوعهم. ولا يمد يده إليه إلا أن بلغ مرتبة الاضطرار» وبعضهم استف التراب؛ كابن أدهمء وبشر الحاني» فكفاه. وقالوا: لو لم نجد الحلال سنة لاكتفينا بالتراب» انتهى.
وفعلت أنا ذلك مرة لما فقدت الحلال أيام مجاهدتي» ووجدت له طعًا ودساء فالحمد لله رب العالمين.
ومن أدب الشيخ: أن يقيم كل فقير في الزاوية في عمل يناسبه» ولا يطلب منهم أن يكونوا على عمل واحد؛ من اشتغال بقرآن» أو علمء أو ذكر» ونحو ذلك» فللقرآن أقوام» وللعلم أقوام» وللذكر أقوام» ولقضاء الحاجة أقوام» وللسفر في حوائج الزاوية أقوام» وللشفاعة عند الحكام وغيرهم أقوام؛ وهكذا الزاوية لا يقام لشعائرها إلا بذلك» وقد جربوا فوجدوا كل من أقامه الشيخ في عمل فتركه؛ انعكس وانتكسء ولم يفتح له حال في العمل الذي انتقل إليه» وقد رتب إخواني في
.)71510( رواه الترمذي )١(
-حق-
الزاوية بحمد الله لما عمرها الله تعالى في وظائفهاء فلم يطلب أحد منهم الانتقال عا أقمته فيه بإذن الله.
وكذلك من أدبه: أن يحسن إلى فقراء الزاوية؛ بإدخالهم في سلسلة القوم بالتلقين» وأخذ العهد عليهم إن كان طريقه أخذ العهد عليهم إن كان طريقه أذ العهد» وذلك ليكونوا في بركة أهل الطريق» ويمدهم بمددهم في الشدائد» وليشربوا من مسقاة واحدة» فإن اختلاف الأشربة يضر الولد والشجرء وإذا الغرس في أحدهم عدم الإقامة عنده فليس له تلقينه؛ لأنه لا فائدة فيه» إلا الزاوية والسند دون الترقي» وقد قالوا: حكم الفقير الذي يكثر التنقل من مكان إلى مكان حكم الشجرة إذا غرست في مكان ثم نقلت منه قبل أن تضرب جذورهاء وتكرر ذلك؟ ماتت» وكذلك المريد يموت قلبه بالشغل» واختلاف العشرة» وقد جربنا من يجيء إلى زاويتنا بعد أن جاور عند غيرنا لا يصلح أبدّاء بل يخرج إلى بلاده» أو إلى احرف والصنائع» بخلاف من أتانا من الريف» لم يعرف غيرناء والحمد لله رب العالمين.
وكذلك منأدب الشبيخ: ألا يقر المجاورون على الكسل» وقلة الاشتغال بأ أقامهم فيه من الذكر أو القرآن أو العلم» ويأمرهم أن يجعلوا حفظ ألواحهم إذا قاموا من الليل» فإنه أهون عليهم من حفظ النهار؛ لكثرة انتشار الناس فيه؛ وكلامهم لبعضهم بعضّاء فإن الكلام اللغو إذا دخل في أثناء القرآن مثلأ» تشتت ما كان جمعه القلب والذهن من الكليات.
وقد كانت زاوية سيدي محمد الغمري في المحلة الكبرى لا يفتر أهلها من القرآنء والذكر في ساعة من ليل أو نبار» وكذلك زاويتنا الآن بحمد الله لا يكاد أهلها يفترون عن الاشتغال بالقرآن والذكر والعلم» حتى إنه دخخل على ثلاثة أملاك
-48م4-
في بعض الليالي على لون الزعفران» وأحذهم طوله سبعة أذرع» فقال الطويل للقصير: فها أنتم الليلة طفتم الأرض كلهاء فهل رأيتم بقعة أكثر خيرًا من هذه الزاوية؟ فقالا: لاء فقال الطويل: وهو كذلك فإنه ليس في البلاد أكثر علًا ولا قرآنًا من مصرء وهذه ليس في مصر مثلهاء انتهى.
فشكرت الله تعالى على كوني شريكمًا لأهلها فيها هم فيه من الخير» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه أيضًا: أن يكون أول حاضر لمجلس الذكر وآخرهم انصرافًا منه؛ كالسلطان في موكبه لا ينصرف حتى تفرغ حوائج الناس» وذلك لأن مجلس الذكر كالجهاد؛ والشيخ لأمير العسكرء فإذا انصرف انكسرت قلوبهم» وحدثوا نفوسهم بالانصرافء قال تعالى: «إ وَآصْيرْ تَنْسَكَ مم الِّينَ يدوت مَيّهُم بِالْمَدَدةَ لمت » (الكهف: 58)» فأمر الله تعالى نبيه يل بأن يصبر نفسه مع الذاكرين» وإن كان هو لا يحتاج في ذكره لربه إلى الاجتماع مع أحدء إنما ذلك وفاءً بمرتبة الإمامة؛ لاسيم|ا إن كان الممملس يحضره الناس من الحارات» فإنهم إذا جاءوا فلم يجدوا الشيخ ولا فقراء الزاوية في المجلس فترت «متهم» وقال لهم إبليس: اذكروا في بيوتكم أفضل لكم؛ فإذا أجابوه إلى ذلك وسوس لم بترك الذكر في بيوتهم» فبطل شعار ذكر الله في الزاوية؛ وهذا هو السبب الذي يدعوني أن أخرج من بيتي؛ وأرتمي بجانب المجلس وأنا ضعيفء أو في حال قاهر؛ خوفًا أن يفترهم بعض الكسالى عن الحضور.
وقد كان سيدي مدين #للكه يقول: لا يمكن أحدًا يجاور عنده إلا إن كان يذكر مع الماعة» فجاءه إنسان» وقال: يا سيدي» المجالس إنا جعلت لتنشيط الكسالى» وأنا بحمد الله لا أحتاج إلى من ينشطني» فقال له: اخرج» وإلا أتلفت على الفقراء؛
ه88
وادعى كل واحد ما ادعيت» وأبطلوا المجلسء فالله تعالى يجعلنا ممن لا يفوته يجلس ذكر إلى المات» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه: ألا يذهب بإخوانه إلى الولائم إلا لضرورة شرعية لا عرفية» ثم إذا حضروا بالشرط المذكور لا يحضرون إلا أن علموا من أهل الوليمة إكرامهم» وإدخالهم دار الوليمة بسرعة إذا حضروا على الباب» وعدم منع البواب لهم؛ ودفعهم في صدورهم إذا طلبوا الدخولء والعامة ينظرون إلى الشيخ وجماعته؛ والبواب يمنعهم ويضرب بعضهم بالعصيان» كما يفعل بالصناع» وكل فقير صبر على ذلك؛ فلهذا قال أهل الحرفة: وهذا كان سبب عدم إرسالي إخواني إلى ولائم الناس» اللهم إلا أن تكون الوليمة لأحد من الإخوان الصادقين الذي يعظمون الفقراء أعظم من الأمراء» فلا بأس بإرسالهم» وقد كنت أرسل ولدي عبد الرحمن يكافىئ في الولائم الضرورية بعد إلحاح صاحبها عل في إرساله المرة يعد المرة» فأرسلته مرة لشخص فمنعوا جماعته أن يدخلواء فمن ذلك اليوم ما أرسلته لأحد؛ مع أن الولد والجماعة لا يأكلون قط من طعام الولائم التي فبها الألوان» ودعاء الأغنياء دون الفقراء؛ لأنها من جملة الآمور التي تقرب من الأكل نما أهل لغير الله به فعلم أنه ينبغي للشيخ في هذا الزمان أن يتعلل بخوف الضرب إذا حضرء أو بعدم وجوده ثيابًا يلبسها تناسب الوليمة» أو بعدم وجوده نية صاحة يحضر بهاء أو بتكدير أحد من الأقران إذا حضر واحد من أعداء صاحب الوليمة» فإنه إذا حضر عنده كسر خاطر عدوه؛؟ لاسبهما إن كان أعداؤه جماعة» فإن مراعاة خاطرهم أولى من مراعاة خاطر واحد بنفسين؛ ولأن المسلمين كلهم مشتركون في وجوب مراعاة خواطرهم؛ ى] يعرف ذلك من نور الله بصيرته.
- 91-
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #للته يقول: لا ينبغي لفقير أن يجيب إلى حضور وليمة إلا بالطريق الشرعي؛ فإن ترجح عنده الحضور حضرء وإلا ترك والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه: ألا يتخصّص عن الفقراء بثيء ما دخل يده؛ من نقود أو طعام ونحو ذلكء؛ بل الأولى له ألا يشارك الفقراء فيه» ويعطيه لهم كله اللهم إلا أن يتخصص عنهم بعذر شرعي يعذرونه به» فلا بأس» ويقبح على شيخ الزاوية أن يتنازع هو وفقراء الزاوية على ثىء من سحت الدنياء والناس يضحكون عليهم؛ وأقبح من كل قبيح؛ إرسالهم لصاحب ذلك المال أو الطعام يسألونه هل أعطاه لهم أو للشيخ؟ ويقؤلون له: إن الشيخ أخذ ذلك كله؛ ولم يعط أحدًا منه شيئًاء فإذا كان إرسال الفقراء المجاورين لصاحب امال يسألونه أقبح من كل قبح؛ فكيف بإرسال الشيخ؟ يقول: إن المجاورين أخذوا ذلك؛ ولم يعطوني شيئّاء فاعلم ذلك أيها الشيخ الذي ظهر في النصف الثاني من القرن العاشرء واعمل بآداب الفقراء» وإلا فانزع زمهم» وامح اسمك من ديوانهم» وقد جاءت هدية لبعض الزوايا فأخذ الشيخ نصفهاء وقال:إن النصف للشيخ» والنصف للمجاورينء فقالوا له: هذا في أي كتاب؟ فلا تسأل يا أخي ما حصل له من التوبيخ» ومثل هذا لا يصلح أن يكون شيخًا على الفقراء» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه: أن يعلم فقراء الزاوية الأدب إذا جاءهم أمير أو كبير يزوره فلم يجده؛ أن يرحبوا به» ويقدموا له ما تيسرء ولو كسرة يابسة؛ ولا يمكنوه يذهب إلا بعد ذوق شيء عندهم» وكذلك يعلمهم كيفية الآداب مع الأمير إذا أتاهم بهال وردوه؛ وذلك كقوهم: إن شيخنا أخذ علينا العهد ألا نقبل من أحد شيئًا إلا وقت
81د
الاضطرار» ونحن الآن غير مضطرين» فأعط ذلك لمن هو أحوج إلى ذلك مناء ثم إن قبلوه وترخصوا فلا يقبلونه حتى يقولوا للأمبر: إن كنت تحمل حسابه عنا يوم القيامة» وتشهد الله تعالى عليك بذلك؛ هنا قبلناه» وإلا فاصرف عنا ذلك» وأجرك على الله تعالى» وكان على هذا القدم أخي أفضل الدين #اله» فاعمل به يا أخي» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه: أن يرشد إخوانه إذا عرفوا ما يجب عليهم تعليمه من علوم الشريعة إلى الاشتغال بالعمل بم| علمواء وقد كان الإمام مالك #ه يقول: أدركنا الناس وهم يتفقهون إلى سن الأربعين» فإذا بلغ أحدهم الأربعين سنة أقبل على العبادة ليلا وممارًا إلى أن يموت» ولما بلغ الإمام أبو حنيفة وداود الطائي أربعين سنة قال أبو حنيفة لداود: أما الأداة فقد أحكمناهاء فقال داود: فا هي؟ قال العمل با علمناء فأقبل كل واحد منهما على العبادة حتى مانا.
وبلغئا عن الإمام زفْر 5ه أنه اشتغل بالعلم عشر سنين» ثم ترك الاشتغال به ولزم العبادة حتى مات عن ست وعشرين سئة» وكانوا إذا لاموه على ترك الاشتغال بالعلم يقول: قد نظرت في نفسي فرأيت الفقيه لا يخلو في نفسه عن تكبر» وحب رئاسة» وجلوس على سجادة؛ ومحبة تقبيل اليد والتبجيل؛ والتعظيم؛ فا أحببت أن يكون حظي من العلم ذلك؛ فاعلم ذلك أيها الشيخ» وقرب على إخوانك الطريق» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه: ألا يقرب أحدًا ويطلعه على أسرار القوم» إلا بعد طول امتحان وكثرة تنكرات عليه؛ لاسي إن أراد أن يجعله نقيبّاء فإن النقيب هو الشيخ الثاني ىا مر» ويحتاج إلى إطلاعه على أسرار الزاوية» وما يدخلها من الهدايا وغيرهاء فلابد من
لد
زهد النقيب في الدنياء وإيثار الفقراء على نفسه؛ وإلا فلا يصح له أن يكون نقيبًا عليهم.
قالوا: ولا ينبغي للشيخ أن يبالغ في الامتحان بالكلية» فيخرج أصحابه كلهم زغلاء ولا يجد أحدًا يرضيه وقد قالوا مرة للإسكندر ذي القرنين: هلا تمتحن أصحابك كل الامتحان؟ فقال: إذَا نخرج كلنا نحاسّاء انتهى.
والحمد لله رب العالمين.
ومن أدبه أيضًا: ألا يطلب من إخوانه كلهم أن يطيعوه ظاهرًا وباطنًا فإن ذلك أمر لم يصح لرسول الله وك مع زمانه بل منهم من قال: ول سَممَا وَأطَمَنَا © (البقرة: ومنهم من قال: 9ل سَهِمَنًا وَعَصَيَْنَا # (النساء: 45)) ومنهم من قال: سمعنا وأطعنا ظاهرًا حفظ دون الباطن» ومنهم من قال: ذلك بالباطن أيضًاء ومنهم من قال: 3١ وَكَالُوأ لباه أححِدٍ يما َعوَا َه َف عَادَازنَا وق 4 (فصلت: 5): ومن طلب من إخوانه كلهم يقولون: سمعنا وأطعنا؛ فقد رام المحال؟ فاعلم ذلك.
وينبغي للشيخ أن يحذّر المجاورين من إطعامهم ضيفهم البطيخ أيام الصيف» ثم رقاده فوق سطوح الزاوية ليلاً يبول فوق سطح الزاوية وينجسه كسلا وقلة دين» ثم إن اللوم حقيقة إن) هو على المجاورين لا على الضيوف؛ لاسبما إن كانوا من بلاد الريف فإن أحدهم يبول في أي مكان وجده. حتى إن بعضهم نام عند قاض في مصر فاستحى أن يسأل عن بيت الخلاء؛ فأخذ عرقية ابن القاضي بالليل» وتغوط فيها ووضعها وراء المخدة» فأصبح الولد يقول عرقيتي راحت» فهرب الضيف فوجدوها وراء المخذة؛ هكذا حكي صاحب الواقعة.
-66-
وينبغي للشيخ أن يعلم المجاورين التعفف عن الذهاب إلى الأكل من أطعمة الناس في بيوتهم أو في القبور» ويقولون لصاحب الطعام: إن كنت خرجت عن ذلك الطعام فالفقراء كثير في البلد. وإن كنت ولابد تطعمه لنا فاحمله إلى الزاوية؛ ليأكل منه كل من له فيه نصيب» ويصونوا خرقة الفقر عن اللوث بهاء وحمل الفقراء على شراهة النفس ورؤية المنة عليهم» وقد قال الإمام مالك: أدركنا الناس وهم يعملون الطعام» ويأتون به إلى المسجد في القصع والجفاف. فيأكل منه كل من قسم الله له فيه نصيبًا من غني أو فقير» وكانوا لا يكلفون أحدًا في الحضور إلى دورهم أدبا مع إخرانهم, انتهى.
فاعلموا بذلك أيها الإخوان وأعزوا نفوسكم.
ولا يبادر أحدكم أكل طعام الئاس إلا بعد سؤال لكمء فلا تظنوا أن قولكم لا نأكل رد لما جاء من غير سؤال؛ فإن رزقكم لا يصح رده؛ بل يأتي إليكم بعزة النفس» وكل شيء رددهوه تبين أنه ليس هو رزق لكم, وقد كسبتم برده عزة نفوسكم؛ ثم إن في حمل الطعام إلى الزاوية دقيقة تخفى على كثير وهي: أن الإنسان إذا دعي إلى طعام تصير النفس متشوقة إليه» وقد نبى الشارع عن الأكل ما استشرفت إليه النفس؛ حتى إن سيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي يخلكهكان لا يأكل من شيء أعلم به قبل أن يحضر بين يديه كما إذا قال شخص للفقراء: لا تغيبُوا حتى آنيكم بسلة عنب في الدار قد حرجت لكم عنهاء ويقول: إن النفس تصير مستشرفة للعنب حتى
وقد تقدم أن من أدب الفقراء: ألا يحضروا في بيت من دعاهم إلى طعامه إلا إن لم يكن له أعداء؛ فإن الفقراء إن جبروا خاطره كسروا نخاطر أعدائه؛ وحصل لهم
6
قهر بذلك» فاعلم ذلك أيها الفقير» واعمل به. والله يتولى هداك.
وينبغي للشبخ إذا كان متعقلاً في طريق المشيخة» وليس له حال يحميه من ازدراء الناس؛ له أن يعقد له ناموسًا بعدم الضبحك والمرح» وعدم نخروجه لشراء حاجة في السوق» ولو نفيسة كجوخة وجبة وعمامة؛ لأنه ربما جاءه آخخر من الأكابر الذين ينصب عليهم؛ ويدعي عندهم الصلاح لزيارته؛ فلم يجده في الراوية؛ فيسأل عنه فيقولون له: إنه بيشتري ًا على الصاج أو هريسة؛ ثم يأتي الشيخ وهو حامل ذلك الصحن؛ فيصغر في عين ذلك الأمير ضرورة؛ لأن الفعل مؤؤن بتعظيم ذلك الشيخ للدنياء وبخله وشحه ولو أنه كان كريًا زاهدًا في الدنيا؛ لأرسل غيره يشتري له ذلك الطعام» وأطعمه منه | عليه الفقراء الصادقرن» وليحذر هذا الفقير المتفضل من الشبه بالعلماء العاملين» الذين كانوا يتعاطون حوائجهم من السوق. ويخبزون في الفرن» ويحملون الحاجة على رءوسهم؛ لأن هؤلاء لصدقهم مع الله تعالى كانوا يزدادون بذلك هيبةٌ وتعظيًا في قلوب الناس؛ كالشيخ جلال الدين المحلي» والرمل» والشيخ أمين الدين الإمام بجامع الغمري» والشيخ شهاب الدين المسيري» والشيخ عبد الرحمن الباجوري» وأضرابهم؛ فقد سمعت الأمراء يثنون عليه بالخير والتواضع» فازدادوا بذلك تعظيًا وهيبة بخلافك أنت فإنك متفضل في المشيخة من قسم النصابين إن اتصفتء وأيضًا فإن هؤلاء لم يكونوا مريدين للشفاعات في المظلومين عند الأمراء.
وقد سمعت سيدي عليًا الكازواني” - نزيل مكة المشرفة- يقول: يحتاج الفقير )١( قال سيدي الشعراني في الطبقات الكبرى للشعراني :)47١ /١( ومنهم الشيخ الكامل سيدي علي
الهمندي - رضي الله تعالى عنه- نزيل مكة» اجتمعت به فيها سئة سبع» وأربعين» وتسعاثة» وترددت إليه؛
-41-
المتفصل إلى ثلاث: إلى عيشة وجلسة ولبسة؛ أي: لا يضحك ويلبس رأسه في طوقه كالمتفكر» ويلبس الحبة والعامة الصوفء انتهى.
وكذلك ينبغي للشيخ أن يوصي الفقراء أن يعتنوا بإيقاظ الضيف؛ للتهجد في الليل أكثر من اعتنائهم به في إطعامه الطعام؛ والفرش والغطاء؛ وهو خلقٌ قد صار غريبًا في هذا الزمان, والله أعلم.
ينبغي للشيخ أن يعلم المجاورين إقامة أحدهم الحجة على نفسه إذا خاصمه أخوه؛ ثم قبّل نعله وساق عليه السياقات» فلم يقبله ويقول لنفسه: لولا أنك بالغت في إيذائه ما قسي قلبه عليك كل هذه القسوة؛ ى) كان عليه فقراء السلف الصالح ويقبح على الفقيرين أن يصير كل واحد منها يقيم الحجة لنفسه على أخيه؛ وبذلك يدوم الخنصام بينهما» والنكتة في ذلك: عليه مراعاة الخلق على قلوبهم)» فيريد كل واحدٍ أن يجعل نفسه مظلومًا لا ظالًاء ولو راعى كل واحد منهم| ربه يجعل المدجة على نفسه لأخيه؛ ثم اشتغل بما خلق له من العبادة» وكان سيدي على المرصفي ##للكه يقول: لو لم يكن في إقامة العبد الحجة على كونه نفسه لأخيه؛ إلا كون ذلك سد
وتردد إليّ وكان عالماً ورعأء وزاهداً نحيف البدن لا نكاد تجد عليه أوقية لحم من كثرة الجوع؛ وكان كثير الصمت كثير العزلة لا يخرج من بيته إلا لصلاة الجمعة في الحرم فيصل في أطراف الصفوف ثم يرجع بسرعة؛ وأدخلني داره فرأيت عنده جماعة من الفقراء الصادقين في جوانب حوش داره» كل فقير له خمص يتوجه فيه إلى الله تعالى منهم التالي» ومنهم الذاكر» ومنهم المراقب» ومنهم المطالع في العلم» ما أعجبني في مكة مثله» وله عدة مؤلفات منها ترتيب المتامع الصغير للحافظ السيوطي» ومنها مختصر النهاية في اللغة» وأطلعني على مصحف بخطه كل سطر ربع حزب في ورقة واحد» وأعطاني نصفي فضة؛ وقال: لك المعذرة في هذا البلد فوسع الله علي احج ببركته حتى أنفقت مالا عظيياً من حيث لا
أحتسبء رضى الله عنه.
- لا -
للترقي إلى إقامة حجة الله تعالى على نفسه؛ لكان في ذلك كفاية» فإن حكم العكس بالعكس؛ وذلك انتكاس وعكس.ء انتهى.
فاعلم وينبغي للشيخ أيضًا: أن يرسل فقراء الزاوية إلى مقام التواضع مع إخواهم» حتى يرى كل واحد أنه دون أيه في الصلاح؟ وذلك ليتواضعوا ني الخير مع إخوانهم» وينفع بعضهم بعضًا؛ فإن كل فقير رأى نفسه أحسن حالاً من أخيه حرم بركة صحبته» وتعرض لمقت الله تعالى؛؟ لكونه من المتكبرين.
وكذلك ينبغي له: أن يحذرهم من الوقوع في حق شيخ آخر من أقران شيخهم؛ أو يروا نفوسهم على أحد من جماعته؛ وأن طريقهم خير من طريقته؛ كا يقع فيه غالب المريدين» فإنه خسران مبين.
وينبغي للشيخ: ألا يُمكن أحدًا من المجاورين من التوسوس في الوضوء ليلاً؛ بتشبه بعضهم لبعضء فينشغلوا بالوسوسة في الاستنجاء والطهارة عن صلاة الجماعة» أو عن غالب الركعات» وإن كان ولابد أن يتوسوس أحدهم؛ فليتوسوس فيها يدخل جوفه لا فيا يخرج من فرجه؛ فإن ما يدخل الجوف أولى بالتباعد عنه؛ وكذلك قال بعض الأئمة: باستحباب الاستنجاء دون الوجوب؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان؛ وانتبهوا عن الوسوسة في الطهارة» واعكسوا ذلك في اللقمة» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يبين للفقراء المتعبّدين في الزاوية ما في الفقراء الذين لم يتقيدوا من الصفات الحسنة؛ كالخدمة والأمانة والصٌّدق وحمل الأثقال ونحو ذلك؟؛ لئلا يروا نفوسهم بالتعبد على من لم يحضر معهم أورادهم؛ ومجالس علمهم؛ فيهلكوا بالعجبء وقد كنت في حصر من الأخ محمد - ابن أخت الشيخ خضر-من
-مة-
جهة عدم مواظبته معنا في الأوراد» فنظرت فإذا فيه صفات قد ترجح على حضوره الأوراد منها الأمانة» ومنها حمله المشعل في طريق الحج من العشاء إلى الصباح» وإذا مرض معه أخوه في نوبة مثلاً حمله نحو المرحلة» وإذا استعمله الإنسان في عمل التراب والرماد» وكسح السراب؛ فعل بطيبة نفس عكس حال من يحضر معنا الأوراد» وإذا أرسلنا معه البغال إلى الأماكن البعيدة لا يخطر في بالنا فيه سوءٌ أبدًا؛ فاعلم ذلك يا شيخ الزاوية» وسد باب العجب على إخوانك ما استطعت» وسيأقي ذكر منه بثيابه هو والولد على التلباني» وفداؤهما ثيابي بثيابي) إذا طلب ذلك مني أحد من الفقراء من غير توقف ولا طلب عوض. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يكوهمته عنده بصيرة يعرف بها من له نصيب عنده في المجاورة» فيجيبه إلى الإقامة» ومن لا نصيب له يقول له:اذهب بسلام؛ وذلك لثلا يقول له: اجلس في الزاوية على غير علم؛ فينقص مقام الشيخ بذلك» فإن مقام الأشياخ أن يكون أحدهم على علم بأحواله كلهاء وقد كان سيدي إبراهيم المتبولي يقول: لا ينبغي للشيخ أن يقول لفقير جاء يجاور: اجلس في الزاوية أو اذهب إلا بكشنيء وكان كثيرًا ما يقول للشخص: أنا لا أمكن أحدًا من الحرامية يقيم عندي, فرب) استدكر بعض الئاس ذلكء فيسرق بعد أيام وتقطع يده؛ وكان سيدي الشيخ عبد الوهاب الجوهري عنئده حائط في الخلوة فيها أوتاد» فكل من جاء يصحبه يقول له: خذ لك وتدًا ودقه في هذه الحائط» فإن ثبت فهناك؛ وإن خار ول يثبت فامض
مال سبيلك» انتهى. فاعلم ذلك والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشب أيضًا: أن يأمر الفقهاء الذين يُقرءون أطفال الزاوية من أولاد
- 959 -
الفلاحين وغيرهم: أن يعلموا الأطفال كيفية الوضوء والاستنجاء والصلاة والأدب» مع معلمهم ورفقتهم من المجاورين» وألا يخرج أحدهم إلى الميضأة أو السوق مثلاً بنعل أخيهم إلا بعد أن يستأذنه في ذلك: وكذلك لا يكتب من دواته إلا بعد استكذانه» ويعلم المميزين أن يصلوا مع الجاعة إذا أقيمت» ولا يشتغلوا عنها بقراءة ألواحهم» فيحيطوا الطريق» ويشوشوا بأصواتهم على المصلين» ويأمرونهم بحضور ورد الزاوية بعد الصبح والعشاء إن كان فيها ورد؛ ليتربوا على محبة امخير.
وقد كان عبد الله بن عباس حرضي الله عنهم|يعلم أطفاله القرآن والعلم» ويقول: صغار قوم كبار قوم آخرين؛ وربم| تعطل كبار الزاوية بمرض أو سفر عن الحضور» فقام الأطفال مقامهم في قراءة الورد» وصلاة الجماعة» وأحيوا المسجد بالقرآن والذكرء وكذلك ينبغي للفقهاء: أن يعلموا الأطفال العفة والقناعة؛ حتى يصيروا إذا دخل أحد بهدية يفرقها عليهم لا يزدحمون عليه» بل ولا يقومون حتى يفرقها هو عليهم» ولا يخافون من حرمانهم منهاء فإنه ما أتى بها إلا ل هم؟ فإذا تعودوا بالقئعة والقناعة ترقوا إن شاء الله تعالى إلى القناعة بكل شيء أعطاه الله تعالى لهم؛ ولو كان شيئًا قليلاً في العادة؛ بل يرون أنهم لا يستحقون ذلك القليل» وليحذر الفقهاء من التساهل في تأديب الأطفال» وتعليمهم الفقه زاعمين أمهم غير مكلفين» فتصير غوغاء في المسجد بازدحامهم على الذي يفرق عليهم» فيبلغون سن التكليف» وهم على ذلك الحال» وإن رأى الفقهاء تأديب الأطفال إذا قامواء وحفظوا الهدية من يد الثقيب بضرب خفيف فلا بأس بذلك؛ فاعلموا ذلك أيها الفقهاء واعملوا به. والحمد لله رب العالمين.
وكذلك يثبغي للشيخ: إذا كان ناظرًا أو ساكتا في البيوت الملاصقة للمسجدء
-وه6إ|-
أو مطلقًا ألا يتساهل في أخذ شيء من الوقف بغير طرية, شرعي» كان يعمر فيه عمارة؛ فيأخذ النجارة والنشارة لبيته من غير أن يقومها بشمن» ويصرفه في المسجد» وكان على هذا القدم الشيخ عبد القادر ابن الشامية المنوفي#لته وكذلك لا ينبغي له أن يأخذ شيئًا من زيت الوقود يقد به في بيته» أو يأخذ شيئًا من حصره ولو بليت إلا بتعويض مثل ذلك على جهة الوقف.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن يعلم من يفتتئح بالفقراء مجلس الذكرء ألا يشرع في الذكر إلا بعد قوله بقلبه: دستور يا الله ولا يسكتهم إلا بعد قوله: دستور يا الله وهذا وإن كان مع العبد الإذن العام بذلك من الشارع» فلا بأس به؛ لأنه كالإذن الخاص لدخول دار الملك وخروجه منهاء وما رأيت لهذا الأدب فاعلاً من أقراني إلا القليل» وله حلاوة يجدها العبد في نفسه لا يقدر قدرها.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #للته يقول: لا ينبغي لمن يفتح مجلس الذكر أو يختمه أن يفتح ويختم إلا بعد قوله: دستور يا الله» وبعد سماع الإذن من الحق على لسان ملك الإلهام» أو بانفساح يجده في قلبه وانشراح؛ ىا يفعل إذا صلى صلاة الاستخارة؛ انتهى.
فاعلم ذلك يا أخي, والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن ينهى الفقراء عن إظهار عداوتهم لبعضهم بعضًا!؛ صيانةٌ لخرقة الفقراء عن اللوث بهاء بل يكتم أحدهم عداوة أخيه مع عدم الغفلة عن مجاهدة النفس ليلاً ونبهارًا؛ ليخرج عن القطيعة والشحناء التي نبي الشرع عنهماء وقد أنشد الحسن بن سرحان: أنَاوَسِيْبيَ الشْرِيفَين ماهم نُحبينَ جَهْرًا مُبْفِضِيْنَ السَّرَائِر
-1-
فاعلم ذلك واعمل به؛ والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن يزجر فقراء الزاوية إذا أووا من هجره شيخهم» فإنه لو كان فيه خير كان لشيخه. اللهم إلا أن يؤوه بقصد تعلمه الأدب في حق شيخه؛ ليرجع إليه فلا يأمن» وليعلم الفقراء أن شيخه الذي هجره أشفق عليه منهم؛ وإنما هجره تأديبًا له» وكل من أواه فقد أساء في حق نفسه؛ وفي حق أخيه؛ وفي حق الشيخ؛ لأن إيواءه يبطل منفعة الحجر والتأديب» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وأعرضوا عن كل من أعرض الشيخ عنه؛ فإن الله قد أعرض عنه بحكم الشرع المطهر» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية أن يحبوا أصحاب شيخهم المترددين إليه» ويكرمرهم ولا يبادروا أحدًا منهم؛ ولو فعل معهم ما فعل من الأذى إكرامًا لشيخهم؛ وكل من ادعى محبة الشيخ» ولم يكرم أصحابه في حياته وبعد ثماته فهو كاذب؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء» واعملوا به تترقوا إلى تعظيم أولياء الله لانتسابهم؛ والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ: أنه يحمي وقف زاويته عن أكل الظلمة له بغير حق» وذلك بالعفة له عن الأكل منه إلا بقدر ما عين له في كتاب الوقف. وبإعطاء فقراء الزاوية جميع ما زاد عن حاجته من ماله فبذلك يحمي الله تعالى وقف الزاوية من الكشاف ومشايخ العرب والمكاسين» ومتى تعرض أحد من هؤلاء إلى وقفها فهو: إما لعدم إخلاص الواقف أو الشيخ؛ أو عدم استحقاق الفقراء» وقد جربت هذا الباب كل التجربة؛ ولذلك لم يحتج جاب الزاوية من يوم تكلمنا على وقفها إلِيّ برطيل لأحد من الظلمة؛ وأنا أعلم أنني لو أخذت لنفسي من وقفها شيئًا بغير حق» وأدبر
1
الفقراء المقيمون فيها من عباد الله ما قدر أحد منا يحميها؛ فالله تعالى يجعل من يتكلم عليها من بعد موتنا لا يأكل منها شيئًاء ويمن على الفقراء المقيمين فيها بالاشتغال بالله حتى يموتواء والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن يعلم فقراء الزاوية ألا يشفعوا عنده في فقير هجره؟ لأنه لا جره إلا بوجه شرعيء والشفاعة لا تكون إلا في غير الأمور الشرعية» وقد أجمع القوم تحريم التجاوز عن زلات المريدين؛ لأن ذلك غش في الدين» فيجب على فقراء الزاوية أن يصبروا على الشيخ إلى أن يطيب خاطره على ذلل المريد من ذات نفسه حين يستحق العفو عنه أو الرضاء فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن يمنع المجاورين من الجلوس في مجالس القيل والقال في الزاوية وغيرها؛ كما عليه أبناء الدنيا المترددين إلى المساجد» فليس لفقير كغيره في ذلك» فإنه ما قام في الزاوية الاشتغال با يقربه إلى حضرة الله كب لا غير» وهذه مصيبة يبتلى بها جهلة المجاورين الذين يخالطون أبناء الدنياء وأما الفقير الذي لا يخالط أحدًا من المجموعين» فهو سالم من مثل ذلكء فالله يتمم عليه ذلك؛ آمين.
فاعلموا ذلك أيها المجاورون واعملوا به» وإن ينتهي أحدكم وجلس في مجلس القيل والقال وغمزه أخوهء فليقم في ذلك المجلس ويشكر فضل أخيه على ذلك؛ ليعود إلى تنبيهه ثاني مرة» ولا يعبس في وجهه فيترك تنبيه أحدكم بعد ذلك؛ والحمد اونب العالمت:
وكذلك ينبغي للشيخ: ألا يجيب أحد دعاه إلى بستانه؛ ليأكل من ثمرته هو وإخوانه بسيف ا حياء؛ لأن ذلك من جملة أكل أموال الناس بغير حق» وذلك كان
- ١١#”
بقول إنسان لمن يتردد إلى الزاوية وله بستان: متى تعزم علينا في بستانك» وتطعمنا منه؟ فيقول: أي وقت شئتم» فيقولون: شئنا اليوم الفلاني» فيذهبون إليه بأطفال الزاوية» فيفسدون في البستان» ويقطعون ثمره الذي لم يبد صلاحه؛ ويكلفونه عمل الطعام؛ ويتعبونه ذلك اليوم أكثر ما يتعب الإنسان في عمل غرس» وربا قالوا لصاحب البستان: لولا أن سيدي يحبك ويقدمك على غيرك ما جاء إليك اليوم» فيجعلون م المنة بعد ذلك على الرجل» وهذ! كله خروج عن طريق الفقراء إلى طريق النضّابين» وليس الحل في ذلك إلا لو سألهم صاحب البستان أن يذهبوا إليه ابتداء من غير تعريض منهم؛ ويكون ذلك منه مرارّا» والحمد لله رب العالمين.
وكذلك لا ينبغي للشيخ والفقراء: أن يأكلوا من ضيافة وقف زاويتهمء وإن جعلها الواقف لمم؛ لأن حال الصلاح قد ضاق في هذا الزمان لكثرة المغارم والمظالم التي حدثت عليه في هذا الزمان من حاشية الولاة» وععجز الفقراء عن مكافأة الفلاح على ضيافته؛ ىا كان الناس في الزمن الماضي حين رثبوا الضيافة على الفلاح» وربا ذهب الجاني إليه وأخذها منه بالغلظة» والتهديد بالحكام؛ فمثل ذلك ينزل في باطن الفقير نارًا وحجارة من الحرارة والثقل | جربناه» ولقد ترخصت يومًا؛ وأكلت ورك دجاجة من الضيافة فا كنت إلا هلكت من النار والثقل» فشربت عليه كوز ماء» وألقيته من بطني ثم مَنّ الله علّ بعد ذلك: أني إذا أكلت شيئًا فيه شبهة لا يمكث في بطني» ولو اشتريته بفلومسي من السوقء فالحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقراء: أن يروضوا نفوسهم في إيثار إخواههم بأطايب الطعام من رطب وعنب وتين وغير ذلك» ومتى فضل عنهم رديء الطعام أو الفاكهة» فهو دليل على عدم صدتهم في الإيثار وصدق بعضهم.ء فاعلموا ذلك أيها الإخوان»
32000
واعملوا لتشتروا خرقة الفقراء» فإنه ربها أكل أحد معكم من الصادقين فأنكر عليكم؛ والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشييخ: ألا يمكن أحدًا من فقهاء المجاورين يسعى على وظيفة أحد؛ كما عليه بعضهم» ولو كان الساعي فقيرًا وصاحب تلك الوظيفة من الأغنياء؛ هرويًا من انحلال المروءة» ومن أذى المسلمين» وكل شيخ تساءل في ذلك فقد خرج عن طريق الصالحين» بل لو سف الفقير التراب كان أولى من سعيه على وظائف الناس» فاعلم ذلك أبها الشيخ» وخف على دين جماعتك» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لكل فقير وقع في معصية قولية» أو فعلية» أن يخرج من المسجد ولا يدخله إلا إن تاب» ووجد أمارات القبول» إن كان من أرباب الأمارات» وإذا وجد إمارة القبول للتوبة فحينئذ له دخول المسجدء وما رأيت أحدًا من فقراء القصر راعى حرمة المساجد كا راعاها سيدي علي الخواص #* كان لا يتجرأ أن يدخل المسجد إلا تبعًا للناس» وكان إذا جاء المسجد فلم يجد في المسجد أحدًا يمكث على باب المسجد حتى يأتي أحد فيدخل تبعًا له فاعلموا ذلك أيها المجاورين واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وثما ينبغي لفقراء الزاوية: إذا مات شيخهم وحَلّف ولدًّا صغيرًا أن يربوه ويشفقوا عليه؛ مجازاة لوالده على تربيته لهم» وصبره عليهم في التربية والتلوين حتى صاروا رجالا ولا ينبغي له إهماله وعدم تقويم عوجه إذا خالفهم في مرة أو مرتين؛ بل يقوموا عوجه وينصحوه أبدًا ما عاشواء وإذا صار أحدهم خليفة للشيخ ينبغي له الأدب مع ولد شيخه فلا يمكنه من تقبيل اليد» ولا من القيام» ولا من يجلس على فراش وولد شيخه على الأرضء ولا يشبع وولد شيخه جوعان, ولا
-١١8-
يكتسى وولد شيخه عريان» وهكذا في سائر الأحوال.
فاعلموا ذلك أيها الفقراء واعملوا به؛ وكيا علمكم الشيخ لوجه الله» فكذلك علموا ولده لوجه الله» والحمد لله رب العالمين.
ومما ينبغي لفقراء الزاوية: أن يتأدبوا مع شيخهم ولا يلبسوا كلبسه؛ كالجندة وإرخاء الطيلسان» والصلاة على السجادة ونحو ذلك»؛ فإن الشيخ قد خرج عن رعونات النفوس» والفقراء ربا يكون أحدهم غارقًا في شهوة بطنه» ورئاسته»
م"
وحب وصفه بالصلاح والإخلاص» وقد وأيث”* مقت سبب ذلك عند سيدي أبي العباس الحريثي؛ وذلك أنه عمل له سجادة وأرخى لمغلبة» فنظر إليه الشيخ نظرة غضبء فسألت من جميع ما كان فيه من الخير وعمل شاعر يهجو الناس إلى أن مات» نسأل الله العافية. 50 كل 78 آت هار كام كسس
وما ينبغي لهم أيضًا: سلوك الأدب مع كل من أشار له الشيخ أن يفتتح بهم المجلس ولو كان دونهم في العلم والقرآن» ولا ينبغي لهم أن يزاحموه على الاستفتاح بالمجلس؛ لأنه ربا كان أصفى قلبّاء وأطهر ذيلاً ممن يحفظ القرآن كله وحضرة الله ليس فيها تقديم إلا بطهارة القلوب» ومادام الإنسان يحب الدنياء ويرجح الذهب على التراب الزبان فلا يصلح أن يفتح باب الحضرة للناس» فاعلموا ذلك واعملوا به ما عشتم ظاهرًا وباطنًاء والله يتولى هداكم.
ومما يتعين على فقراء الزاوية إكرام من كان وليه الله تعالى ورسول الله؛ كالأيتام والعميان والعرجان والأشراف, فلا ينبغي لأحد من الفقراء أن يشتم أحدًا منهم أو يسبه أو يضربه؛ إكرامًا لمن استندوا إليهم» وإن وقع من اليتيم أو الشريف أذى فبنبغي للفقراء الرضا بذلك والصبر؛ كما هو الأمر في جريان المقادير عليهم من الله
كعك
تعالى بلا واسطة أحد من الخلق؛ كالبرص والجحذام وكبر الأنثيين» ونحو ذلك» وهذا أدب ما رأيت أحذا يراعيه مثل أخي أفضل الدين رحمه الله تعالى» فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به» والله يتولى هداكم.
وكذلك ما يتعين على احدهم: عدم جعل المص .حف في خزانته قريبًا من النعال في رف واحد ولو خاف عليه السرقة؛ بل يدعه عند أحد ممن له خلوة» ولو يأجره كل شهرء وكذلك كتب الحديث والعلم» وقد رأيت بعيني موسوسًا وضع تاسومته التي يمثي بها على حصر المسجد في قفة فيها مصحفه. فمثل هذا شبيه بالأنعام» فاعلموا ذلك وعظموا كتاب ربكم وكتب شريعة نبيكم. والله يتولى هداكم.
وما يتأكد على المجاورين فعله ألا يمكث أحدهم على حدث ساعة من ليل أو نهار» أو لأيتام كذلك على حدث ظاهر أو باطنء أما الظاهر فمعروفء وأما الباطن فهو كمحبة الدنياء وحب الرئاسة» والكبرء والحسدء والغل» والحقد» والريا والنفاق بأن يخالف ظاهره باطنه» فإن المسجد حضرة الله الخاضّة» فلا ينبغي أن يجلس فيها إلا المطهرونء وكان أحي أفضل الدين يله يقول: والله إني لأتعجب من هؤلاء المجاورين في قدرتهم على الإقامة في المسجد مع الغفلة والسهو والحدث, ثم بحلف ويقول: لولا صلاة الجماعة خلف الأئمة ما قدرت على دخوله. وكان إذا أتى في المسجد يجلس مستوفرًا كأنه جالس على الجمر» وهو يقول: يا ستار احفظني حتى أخرج» نفعنا الله ببركاته» فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به» والحمد لله رب العالمين.
وكذلك مما يتأكد على المجاورين: أن يزدادوا تعظيً لله ولحضرته إذا قاموا للصلاة» وزيادة على التعظيم الذي كان عندهم وهم جالسون في المسجدء ويفتش
لاوا -
أحدهم صفاته الباطنة التي ناه الله عنهاء ويتوب منها جميعًا قبل أن يقف بين يدي ربه ىا كان عليه الفقراء الصادقون» ومن عمل بأدب واحد جره ذلك إلى عدة آداب» ومن ترك العمل بأدب واحد فبالعكسء فاعلموا ذلك واعملوا عليه؛ والله يتول هداكم.
وكذلك مما يتعين تذكرهم الصلاة في أول وقتها إذا عمل شيخ الزاوية عرسًا أو مهبّاء وأمرهم بمساعدة فيه؛ بنقل الماء والحطب وغير ذلك» فريما تساهل أحدهم بترك الصلاة أول وقتها فجره ذلك إلى خروج الوقت» ووقع ذلك لبعض جماعة من فقراء بعض الأشياخ فلم يأكل من ذلك الطعام» وقال:إنه حصل في عمله معصية فلا آكل منه ض#ه.
وينبغي لشيخ الزاوية: إذا عمل وليمة ألا يعلم أحدًا من إخوانه بها إلا بعد الفراغ من الطبخ؛ خوقًا أن يتكلف أحدهم في مساعدته من غير حضور نية صالحة: وربها فهم إخوان الفقير من قوله: خاطركم علينا قد عزمنا على طهوّر الولد؛ أو تزويجه» أو عمل عقيقة للمولود الذي أتى أن ذلك تعريض لهم في المساعدة» فصارت شحاذة بحسن عبارة» وكل من له مروءة فرّ من مثل ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
ومما ينبغي لفقراء الزاوية: ألا يصرح أحدهم بأخوة أحدهم إلا إن علم من نفسه الساحة في مقاسمته في ماله وحسناته» وإذا توقف أحد في عدم براءة ذمته من دين هو عليه أعطاه عنه وأبرأه» وإذا سافر أخوه سفرًا طويلاً أنفق على عياله حتى يرجع» وإذا أراد الزبانية أن يلقوه في النار ورآه قليل الصبر نزل النار عنه وأعتقه من دخواء فمن كان كذلك فليفرح لأخيه بالإخوة وإلا سكت عن ذلك» وهذا سبب
1١م-
عدم مؤاخاتي لمن سألني الصحبة؛ لعلمي بعجزي عن القيام بحقهاء أو خوفي عليه
ومما ينبغي لجميع المجاورين: أن يجعلوا عمدة أمورهم كثرة الاحتمال للأذى من جميع الناس» ومحبة كل من لم يجب عنهم من إخوانهم؛ لأنهم في مقام الرياضة لنفوسهم وقد أجمعوا على أنه ما ثم شيء أنفع في الرياضة من احتمال الأذى» وعدم الجواب عن أنفسهم. فالله يلهم جميع الإخوان لذلك.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #الله يقول: لا يكمل عقل الفقير حتى يصير يقيم العذر لمن أذاه» ويقول لنفسه: لو وافقتيه في هواه المباح ما تكدرت» ولا أذاك فأنت الظالمة عليه التي لم توافقيه في أغراضه انتهى.
فاعلم ذلك يا أخي واعمل به مع إخوانك في الزاوية» وإلا تعب سيرك معهم ومن هنا أنشدوا: وَمِن نَكَدِ الدُنيا عَلٍ الخرٌ أنيرى عَدُوَالَةُماهن 1 51
وما ينبغي للفقراء: أن يحبوا كل من نفر عنهم أبناء الدنيا الفارغين من أمور الآخرة» فإنهم يشغلونهم عن الله» ورؤيتهم تقسي القلب وتضعف البصرء كما جرب. فعلم أن من خفة عقل الفقير أن يتكدر من نفر عنه أبناء الدنيا» وهو من أكبر الأدلة على عدم صدقه في طلب الطريق» والحمد لله رب العالمين.
وما يجب على جميع فقراء الزاوية: ستر عورات بعضهم بعضًاء وزجرهم لكل من نقل عن أنخيه نقصًا؛ لثلا يقع أحدهم في نظير ذلك النقص؛ عقوبة له على معايرته لأخيه فيما قدره الله عليه» ولا ينبغي لأحدهم أن يشاور بتلك النقيصة التي اطلع عليها صديقًا ولا ولدّاء فيقيض الله تعالى له من يسار بزلته صديقًا أو ولدًا
18
«1 جََرَآُ ومَانًا © (النبا: <1)» وفي الحديث الصحيح: من ستر سُتَر)".
ا
| وما ينبخغي بدميع المجاورين: إيثار الأعمال الأخرود ية كلها على أعبال الدنيا إلا
باد لأحدهم منهء ويحزن على فوات مجلس الذكرء أو قيام اليل إذا فاته أكثر من حزنه على موت ولده العزيزه ومن علامة صدقه في تلك أن كل يوم يفوته مجلس ذكر فيه لا يأكل فيهء ولا يشرب» ولا يضحك؛ بل ولو أراد ذلك لا يجد له داعية» فاعلموا لك راستراواء زراك زاكر دم رع ورك قوز مااي رب العالمين.
لا ينبغي لأحد من المجاورين أن يزاحم على الإمامة» أو الخطابة؛ إلا إن علم من نفسه الخلوص من جميع الأدناس الظاهرة والباطنة؛ ومتى كان مرتكبًا شيئًا من الرذائل التي لو اطلع عليها المأمومون ما :قدموهة فامتناعة من تلك الإمامة أو الخطبة واجب؛ لثلا يدخل في جملة المنافقين المرائين» فليزد الفقير الذي يزاحم على الرتاسة على إخوانه نفسه بهذه الميزات» ويتقدم أو يتأخرء والحمد لله رب العالمين.
ولا ينبغي للمجاورين أن ينظروا إلى أحد من النساء اللاتي يدخلن الزاوية؛ ولو في إزارها خدرًا ما بعد ذلك؛ لاسييا من أتى الشيخ» أو من خرج من دار الشيخ؛ فإن الشيخ ربا غار الحق تعالى عليه» وأنزل البلاء على كل من انتهك حرمته؛ بل الواجب على فقراء الزاوية رعدة أحدهم من رؤية المرأة الأجنبية؛ لأنها أضر على (١)ل أقف عليه هكذاء وأرى أن الشيخ يشير لحديث: «من ستر مؤمتًا في الدنيا على عورة ستره الله يوم القيامة». رواه عبد الرزاق /1١( 178 » رقم 18975) وأحمد (4/ 159 »رقم .)١7499
د هأأه
الفقير من السبع الضاري.
ولا ينبغي لمن يؤمن بالله تعالى أن ينظر إلى حرمه في داره؛ الذي هو المسجدء إلا بإذن من الشرع؛ فاعلموا ذلك» ولا تسامحوا نفوسكم بالنظر إلى الأجانب في الأزر وهم في بيت الله أبدّاء والحمد لله رب العالمين.
وتما يجب على الفقراء المجاورون: عدم ازدراء أحد من إخوانهم الذين وقعوا في رذيلة» وأخرجوا من الزاوية؛ بل الواجب الاعتقاد فيهم أنه خير منهم؛ لاحتمال أن يكون ما أشيع عنهم باطل» أو صحيح ولكن تاب الله تعالى عليهم على الفور, «التَيْبُ مِنَّ الذَّنْبِ كَمَنْ لآ َنْب لَهُ»* كما ورد في الحديث» فإياكم أيها الإخوان ورؤية نفوسكم على من كبسوه بفاحشة؛ بل الواجب عليكم أن تخافوا على أنفسكم أن تقعوا في) وقع فيه» والله ينول هداكم.
وينبغي لكل مجاور جلس في الزاوية لاكتساب الفضائل؛ من قرآن» وعلم؛ وسلوك طريقء ألا يلتفت إلى ظاهر من مأكل ولباس ونظافة وغير ذلك؛ بل الواجب عليه أن يكون اشتغاله ثما يقربه إلى الله» ومتى قامت نفسه من نخبز الشعير للناس بغير أدام» ومن لبس الحبة الخشنة» أو اعتنى بغسل عنامته وثيابه» وضاق صدره من وسخهاء ولم يلتفت إلى وسخ قلبه» فاعلموا أنه لا يجيء منه شيء في الطريق» وقد كان المريدون عند سيدي علّ المرصفي #للله يمكث أحدهم بالجبة والعيامة من عيد الفطر إلى عيد الفطرء لا يذكره بغسلها إلا رؤية الناس وهم يغسلون ثيابهم في العيد» والحمد لله رب العالمين.
.)١9١ /1١( والطبراني في «المعجم الكبير» :)١519/1( روأه ابن ماجه في اسئنه؛ )١(
-11ا-
وينبغي للمجاورين ألا يبش أحدهم في وجه مريد لغير شيخهم إذا زارهم؛ خوقًا عليه أن يميل إلى طريقتهم؛ فينفسد عن طريق شيخه؛ وربما كان سبب فساده عن شيخه موافقة طبعه لطبع تلك الزاوية التي زار أهلهاء لا لحسن طريتتهم وترجيحها على طريقة شيخه هوء اللهم إلا أن يكون ذلك المريد ثابت القدم مع شيخه. فلا بأس على الفقير من بشاشتهم في وجهه وإكرامه. فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واحفظوا قلوبكم مع شيخكم والزموا الأدب مع غيره؛ ولو من غير علمه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين في الزاوية أن يكون همتهم الآخرة في جميع ما أقامهم الشيخ فيه من نقيب» وجابي وقف. ومؤذنء ومن ملائي وخادم ميضأة» وفراش» ومنشد في اللجلس وغير ذلك وينبغي للشيخ أن يتفقد نيتهم كل قليل ولو دخلوا في هذه الوظائف بنية صاحة في الأول؛؟ لأنه مسئول عنهم وإبليس لهم بالمرصاد» وقد دخل عندي جماعة بنية صا حة فلم| طال الزمان عليهم تلفتت نفوسهم للدنياء فلذلك كنت كل قليل أذكر إخواني بالإخلاص وأحكمهم بمحكمات, وأقول هم: أيكم منشرح لمباشرة وظيفته بلا معلوم» أو أيكم يمدح النبي فلا يعطيه أحد شيئًا فمدح غيره فيعطوه يسارًا فينشرح بذلك أكثر من أخذ هو للدنيا ونحو ذلك»؛ واعلموا ذلك أمها الإخوان وادخروا أجور أعمالكم لدار القرار» والله يتولى هداكم.
وينبغي للمجاورين ألا يدق أحدهم باب خلوة أخيه إذا رأى الباب مغلقًا أو مردودًا؛ بل يصبر حتى يمخرج أخوه أو يقول: له لا إله إلا الله بصوت فيه خشوع وأدب» فإن أجابه فذاك وإلا جلس على باب خلوته فقد يكون الفقير في حال جمعية قلب مع ربه كلك فيتفرق بالدق» وذلك من أشق شيء يكون على الفقير بل بعضهم
- 1115 -
يرى ضرب وجهه بالسيف أهون عليه من دق الباب» وقد ذقنا ذلك ولله الحمد.
وقد كان شيخنا الشيخ تاج الدين الذاكر #اللكه يفرش زاويته باللباد الأسود وجلود الضأن حتى لا يسمع أصحاب الخلاوي وقع الأقدام؛ فيتشوّشواء فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واجتنبوا الدق على أبواب خلاوي إخوانكم فقد دق بعضهم على فقير فنزل له ما في عينيه فعمي بعد يوم؛ وآخر أقعد على مقور إلى أن مات؛ والحمد لله رب العالمين.
ومما ينبغي لفقراء الزاوية أن يسدوا باب الضيافة لكل وارد؛ خوفًا أن يكثر عليهم الضيوف فيحتاج أحدهم للنصب وترك التورع لاسيّما في هذا الزمان» وإن كان ولابد لأحدهم أن يضيف إخوانه الذين يردون عليه من الريف والزوايا فلا يتكلف لمم؛ ولا يخرج لمم إلا ما كان ساكًا من الشبهة عنده» وإن وقع أنه أخرج طعامًا فيه شبهة فليعلمهم به فيخرج من عهدته في الآخرة» وقد فعلت ذلك مرارًا فمن الضيوف من يأكل ومنهم من يمتنع» والحمد لله رب العالمين. |
وينبغي لفقراء الزاوية ألا يتساهلوا قط بالنوم على غير وترء ولا بالنوم على حدث ظاهر أو باطن فقد جرب القوم أن النوم على وتر وطهارة من أعون شيء يكون على قيام الليل» وقد نمت مرة على غير وتر وعلى غير سُنة العشاء فرأيت الإمام على بن أبي طالب #ه ثلث الليل» وهو يقول لي: قال رسول الله يك: «من لم يُصلٌ مع كل فريضة نافلة لم تقبل منه تلك الفريضة»" فمن تلك الواقعة ما تركت سُنةٌ من سئن الفرائض التي قبلها أو التي بعدهاء والحمد لله رب العالمين.
)١( هو حديث كشفي.
7لا -
وينبغي للفقير إذا دخل بيت الخلاء ألا يوجه الإبريق للقبلة قياسًا على مداته في الدخول بالرجل اليسرى؛ بخلاف وضع الإبريق في المسجد أو البيت مثلاً فإنه ينبغي أن يكون للقبلة» حتى كان السلف الصالح إذا دخلوا خانقاه ورأوا أباريقهم لغير القبلة يستدلون بذلك على عدم اعتنائهم بالسنة» فاعلموا ذلك أيها الإخوان, واحملوا الإبريق حكم إذا خرجتم من مكانكم إلى موضع تقيبد» فربما احتاج أحدكم إلى البول والغائط فدخل ميضأة فلم يجد في حيضات خلاؤها ماء فيصير في علبة؛ فإذا كان معه إبريق فيه ماء استغنى عن تلطخه بالنجاسة أو بكشف عورته على الميضأة بحضرة من يدخل ومن يخرج» فاعلموا ذلك.
وينبغي لجميع الفقراء الذين تلقنوا الذكر من شيخ الزاوية أن يضم أحدهم نفسه؛ ولا يرى نفسه أهلاً لذلك إذ اللائق بكلمة التوحيد إذا دخلت قلبًا أن يخضع ويذل لعظمة الله كبِقَ فلا يصير عنده في نفسه بقية كبرياء ولا نكير» حتى لو قال له مريد شيخ آخر تعالى ألقنك وأربيك لخضع له؛ وكان على هذا القدم سيدي عبد العزيز الديريني» والشيخ عبد الحليم بن مصلح. والشيخ محمد الوصيف بالبحر الصغير» وقد تقدم أن آخر وصية قالها سيدي أحمد بن الرفاعي لأصحابه: من تمشيخ عليكم فتلمذوا له؛ فإن مد لكم يده لتقبلوها فقبلوا رجله» وكونوا آخر شعرة في الذنب؛ فإن الغسربة أول ما تقع في الرأس» انتهى.
ثم أنه التفت إلى يعقوب الخادم» وقال: انظر يا يعقوب إلى النخلة لما قفمت بصدرها وأشرفت على الجيران كيف جعل الله تعالى ثقل حملها عليها وحدهاء ولو ملك ما حلت لا يساعدها أحد زانظر إل شجرة اليقطين ١ تواضعت ومدت خدها على الأرض كيف جعل الله حملها على غيرها ولو حملته ما حملت لا يحتاج أحد
-115-
ليساعدها بل ولا تحس متى يثقل حملهاء التهى.
فاعلموا ذلك أيها الفقراء واعملوا على تحصيله والله يتولى هداكم.
وينبغي لفقراء الزاوية أن يكونوا كلهم زاهدين في الدنيا حتى يصير أحدهم يحب الحظ إلا وفر لأخيه دون نفسه. وإذا سمع أن ولي الأمر عازم على أنه ينادي بإبطال الفلوس الجدد مثلاً وعنده فلوسء فلا يخرجها تلك الأيام لشراء شيء ولا لوقادين؛ بل يصير حتى ينادي عليها ولي الأمرء وهي عنده فتكون الخسارة عليه؛ وقد فعلت أنا مبذا الخلق مرات وأمرت به الإخوان فاعلموا ذلك واعملوا به» ولو كان عندكم جديد واحد فلا تخرجوه حتى يستقر الأمر على شيء, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقراء إذا مرض أحدهم أن يبادر إلى الصلاة قائّاء ولا يصل قاعدًا إلا إذا عجز عن القيام بكل حيلة ى) هو مقرر في كتب الشريعة» وإذا كان بوجع البطن وتكرر منه دخول الخلاء يتوضأ عقب كل مرة إن لم يغتسل لاحتمال أن يموت وهو يتكلم كما جرب وقد كان إبراهيم الخواص يغتسل عقب كل مرة لما أخذته البطن حتى أنه دخل الماء في يوم موته سبعين مرة فهات عقب السبعين #5 وإذا دخل على أحدكم أخوه يعوده فلا يظهر وجعًا أكثر ثما هو فيه» فإن ذلك تعاقد ولا يخفض صوته لأجل العائد له بل يرفعه بقدر حاجته ى! كان قبل أن يدخل عليه العائدء فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واخدموا إخوانكم إذا مرضوا في الزاوية ليجازيكم الله تعالى بمن يخدمكم إذا مرضتم؛ والحمد لله رب العالمين.
ويجب على المجاورين ألا يذكر شيئًا من أسرار الطريق التي يسمعوبها من الشيخ إلا لمن يؤمن بها ويعتقد الشيخ» وإلا فربها حرف الكلم عن مواضعه واستفتى
- 118 -
على الشيخ وشن عليه الغارة في البلد» ولو أنه كان قصده بذلك الخير لكان أشفقهم غن ذلك الشيخ فكان يخبره بمعناه» فالله تعالى يرزق إخواننا العمل بذلك آمين اللهم آمين.
وينبغي ألا يقيم الفقراء خليفة أو يقيئا بعد موت شيخهم إلا بعد طول استخارة في أمره؛ لأن مثلهم ليس عنده نفوذ بصر ولا تصير كالأشياخ بخلاف الشيخ في حال حياته؟ فإنه ربم| استأذن الله تعالى في نقيب ذلك النقيب» أو استأذن رسول الله أو القطبء, أو أصحاب الحديث من أصحاب التوبة» واستغنى عن الاستخارة» فلا ينبغي للفقر اء القاصرين الشبه بالأشياخ في ذلك» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب الذي يفرق الحدايا وغيرها على فقراء الزاوية أن يكون آميئًا لا يمشي بالغرض بين الفقراء» فيَمنّ أحد عن أحد إلا أن علم بالقرائن أن نفوس الفقراء طيبة بذلك الزائد أبداء وينبغي للنقيب أن يوطن نفسه على ساع الكلام في حقه من جفاة المجاورين فقد قال بعضهم للنبي كَل لما قسم بين أصحابه شيئًا: «هذه قسمة ما أريد مها وجه الله)”, انتهى.
فاعلم ذلك أبها الطباخ والنقيب والجاني والناظر وكل من دخل في وقف الزاوية وعاملوا الله وَبِكَ واطلبوا أجركم منه لا من الناس» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يمكن ولده الصغير بن أ شيء من الهدايا التي دخحلت الزاوية قبل الناس إلا أن يعلم الفقراء بالقرائن أن تلك اهدية بالأصالة إن)ا هي
:)115/1( رواه الحاكم في «المستدرك» )١(
-111-
للشيخ» ولكنه تورع عنها أو أشرك الفقراء معه. ولولا الشيخ ما أرسل أحدًا إليهم تلك الحدية ثم لا فرق في الهدية بين البقر والغنم والأوز والدجاج والسمن والعسل» وقد جاء ولد صغير لعمر بن عبد العزيز فأخذ تفاحة قبل القسمة؛ وأدخلها في فمه فمسك عمر حنكه وأخرجها من فمه قهرًا عليه ورماها على التفاح» وقال: لقد أخرجتها من فم ولدي وكأن) أقطع من قلبي قطعة؛ انتهى.
فاعلم ذلك يا شيخ الزاوية وآثر إخوانك على نفسك إن أردت طاعتهم لك؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي جميع فقراء الزاوية أن يطالبوا نفوسهم بحقوق إخواهم؛ ولا يطالبوا إخوانهم بحقوقهم ىا جرى عليه السلف الصالح. ولا ينبغي لأحد منهم مشائمة من شتمه ولا ظلم من ظلمه؛ ولا غيبة من اغتابه» ولا احتقار من احتقره» ولا غير ذلك من سائر الأمورء وإن كان الشارع قد قال: :9 وَجَروًا سيكو سَيْكَه كلها #(الشورى: )*٠ لأن المثلية عزيزة الوقوع فإن من شرطها المقابلة بمثل تلك الشتمة في حروفها وتأثيرها في المشتوم وأهله بقدر ما أثرت في المشتوم الأول من غير زيادة» وأي شخص يدعي أن مقابلته بالشتمة الثانية لا زيادة فيها على الشتمة الأولى لاسيباء وقد سمى الله تعالى سيئة المجازاة سيئة» وأكدها بمثلها وخلع عليها اسم السيئة ىا خلع على الأولى.
ثم عرض بالعفو والإصلاح بعد ذلك فاختار أهل الله تعالى عدم المقابلة لأجل ذلك احتياطًا لأنفسهم, ثم سامحوا أخاهم في الدنيا والآخرة #: فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به في الزاوية» فإنه يقبح على من يبيم من مجلس الذكر ويقرأ في القرآن والعلم» أن يقف يتشاتم مع جاهل والناس يتفرجون عليهاء والله يتولى
الا -
هداكم وما يتأكد على المجاورين حضورهم أوراد شيخهم التي جعلها في الزاوية ولا يتساهل أحدهم في الحضور من صغير أو كبير» فإن كل شيخ قد وضع مدده في حزبه ومن جلس في الزاوية بلا مدد حصل له فكأنه لى يصحب الشيخ» وقد من الله تعالى على جماعة في الزاوية بعد جماعة فيسهرون معي ليلة الجمعة إلى الصباح» ومن بعد صلاة الجمعة إلى صلاة العصر» ومن بعد صلاة الصبح إلى صحوة النهار» ومن بعد صلاة العشاء إلى قطعة كبيرة من الليل زيادة على ذكرهم المفرق وقراءتهم المفرقة مدة نحو من خمسين سنة: فالله تعالى يجزيهم عن دينهم خيرًا لمجالستهم ربهم في هذه الأوقات مع اشتغالهم بمهمات آآخر» وهذا لا يوجد الآن في زاوية من زوايا مصر أبدًا كما هو مشاهد بل لم يتيسر ذلك لأكبر ملوك الدنياء فالحمد لله رب العالمين على نعمه التي لا تحصى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص الله يقول: لا ينبغي لمن يجتمع بالأشياخ أن يتساهل في حضور ورده أبدّاء فإن بعضهم وضع مدده في ورده» وبعضهم في طعامه وشرابه» وبعضهم في ملاحظته فإذا وقع بصره على إنسان حصل له المدد الذي كان يحصل بقراءة الأوراد» وبعضهم وضع مدده لكل إنسان يحسبه» فمن أقامه في فراشة أو وقادة أو خدمة الميضأة مثلاً فمدده في ذلك» ومن أقامه جانبًا للوقف أو نقيبًا فمدده في ذلك» ومن أقامه يعجن أو يخبز أو يطبخ فمدده في ذلك» وهكذاء وكان على هذا القدم سيدي إبراهيم المتبولي» والشيخ أبو المواهب الشاذلي» والشيخ على الخواص» وأخي أفضل الدين رضي الله عنهم أجمعين.
فاعلموا ذلك أبها الإخوان» ولا تغيبوا عن مجالس زاويتكم, ولا تعكسوا فيا أقامكم الله فيه على يد شيخكم تنعكسوا وتنتكسّواء ووالله لو عرف المحجوبون قدر
350
ما فاتهم من مجالسة الله بك لانفطرت من أمرهم وماتوا حزئاء ولكن غالب من يغيب عن الأوراد كالأنعام» ولا يعرف مقدار ذلك إلا الشيخ» ولذلك كان يتأثر على تقويت أحدهم شيثًا من تلك المجالس أكثر مما يتأثر ما فاته؛ بل ربا فاتته مجالس الحق تعالى ليلة الجمعة من العشاء إلى الصباح ثم أصبح يأكل وبضحك مع أنه يتأثر إذا فاته نصف من سحت الدنياء فالله يحفظ جميع أصحابي من مثل ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
ومن أدب المجاورين ألا يفتح أحدهم باب خزانته بشدة لعلة خوقًا أن يشوش على أحد ثمن يكون في جمعية قلب مع الله تعالى» فإن حضرة الحق جل وعلا حضرة هيبة وخشوع قال تعالى: فإ وَحَمَعَتِ الْأْصْوَاتٌ تمن 6 (له: 308)» فلا تسمع إلا همسًا فينبغي للمجاور أن يصلح ضبة خزائنه بالبخار حتى يصير لا لقلقه لما إذا فتحها وقت إقامة الصلاة وإحرام الناس بهاء وقد تقدم أن ضرب وجه الفقير بالسيف أخف عليه من إخراجه من جمعية قلبه مع الله تعالى» فعلموا أطفالكم أيها المجاورين هذا الأدب والله يتولى هداكم؛ وافتحوا عيونكم مادمتم جالسين في المسجد تجدوا نفوسكم بين يدي الله في حضرته وهو ناظر إليكم بعين الرضاء إن تأدبتم معه أو عين الغضب والسخط إن ل تتأدبواء وأنشد سيدي الشيخ أبو المواهب من موشح:
أت حاف رفي القضصرّة ييِدَفِكْرِيهَلئَدره
فبالله عليكم اسمعوا لشيخكم والأحسن تم في الدارين.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي يلت يقول: جميع ما يأمركم به شيخكم من الأعمال الشاقة على النفوس إنما هو تمهيد لمقام تأهيلكم لمجالسة الله تعالى» فإنهم
-1185-
أجمعوا على أنه لا يصلح لمجالسة الله تعالى إلا من كان كالملائكة في الصفات الحسنة والطهارة الربانية بحيث يصير لا يمل من عبادة ربه ليلاً ونهارًا قال تعالى:
- ا د ار م ور م
يحون اليل ار لا يفعونَ * (الأنبياء: 0٠١ وأما قوله تعالى: 9 وَأذَكيْ آم رَيْكَ 3ك وأصياة © (الإنسان: 5؟) أي بعد الصبح وبعد العصر فذلك تشريع الضعفاء» أو و ٠. ا 0 325 0 ٠ 8
للكمل الذين إذا جلس أحدهم لحظة مع الحق تعالى في هذين الوقتين استمر حضوره مع اللحق تعالى إلى الوقت الآخر فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وإن عجرتم عن مداومة الذكر ليلا ونهارًا فلا تعجزوا عن ذكر ربكم بكرة وأصيلاً عملاً بقوله تعالى: 9 والممك ِل رب الْعلوِينَ © (الأنعام: 6).
وسمعت سيدي عليا الخواص الله يقول: ما كل ذاكر يجالس ربه على الكشف والشهود حتى يفيض عليه من حضرته الإمداد فإنه تعالى حكم على نفسه أنه لا يدخل حضرته أحدًا من أصحاب الرعونات النفسانية» ومن لم يدخحل حضرته حرم من الإمداد فيقال لمن يدعي حضور قلبه مع الله في حضرته في مجلس ذكر مثلاً ماذا أفيض عليك من المدد؟ فإذا قال: ما أحسست بشيء. قلنا له: فإذن لم تجالسه على الكشف» وإنا أنت كالأعمى تعلم أن زيدًا جليسك» ولكن لا تراه.
وسمعت أخي أبا العباس الحريثي ته يقول: مادام العبد يشهد عالم الشهادة فهو غائب عن حضرة الله فإذا غاب عن العوالم فهناك يكون مع الله فلا يعلم أحد قدر ما منحه الحق تعالى من الأخلاق الحسنة؛ انتهى.
وهذا الذي قاله هذا الأخ في مقام البداية أما النهاية فإن صاحبها يحضر مع الحق تعالى ومع الخلق في آن واحد» ويعطي كل ذي حق حقه؛ والحمد لله رب العالمين.
-96آ1-
ومن أدب الفقراء: أن يسألوا شيخهم عن سبب وقوفهم عن الترقي إلى مقامات الأولياء مع مواظبتهم على الأوراد التي في الزاوية» فإن الترقي إنما يكون حقيقة بالإخلاص الذي في الأوراد لا بنفس الأوراد» وإن كان يكتب له مها حسئنات من حيث التلفظ بهاء وقد وقع لي أنني اطلعت في ليلة من الليالي على ملك إخواني المقيمين عندي في الزاوبة وعرفت علة كل واحد» فقلت له مرادي أقول بكل واحد في أذنه على سبب عدم ترقيه» ثم قلت: ترك ذلك أولى حتى يكونوا هم السائلين في ذلك. فأنا إلى الآن أنظرهم فالله تعالى يلهم كل واحد السؤال عن علته وطلب دوائها آمين, اللهم آمين.
وكان سيدي على المرصفي #ثلتنه ينشد هذا البيت إذا طلب الإنسان خيرًا فلم يتفق له ذلك: مَا حِيْلَتِي بنقل الأقْدار مَا أمرث وَاخَلْقَ مَا بَبْنَ ذِي عَيٍّ وَذِي رَشَدٍ
وقد مررت مع والد تربيتي الشيخ خضر رمه الله تعالى على شجرة النارنج التي عند البئر بخطين السورين» فقال: انظر إلى هذه الشجرة؛ فإن لها أكثر من حمسين سنة وهي على حالة واحدة: لم تزد فروعًا ولا ثمرة لكون الأرض ضاقت على عروقها في الظن» فكذلك الفقير إذا كان في أعاله علة يبقى على حالة واحدة إلى أن يموت أو تزول تلك العلة» انتهى.
فيا مررت على هذه الشجرة بعد ذلك إلا وقد تذكرت حالي في عدم وجود الترقي فالله يلطف بناء ويختم لنا بخير آمين.
وكذلك من أدب الفقراء: إذا تحاكموا عند الشيخ أن يختصروا الكلام ويقول كل واحد أنا ظالم على أخي» وذلك لثلا يضيعوا على الشيخ وعلى أنفسهم الوقت من
-1565-
غير فائدة» فإن هناك أمور هي أهم من ذلك» وهذا يقع فيه الحمقى كثيرًا فيريد كل واحد أن يعتقد الناس فيه أنه مظلوم ويقيم الأدلة على ذلك» فيضيعون الوقت في حظوظ نفوسهم؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به؛ والله يتولى هداكم.
كذلك من أدب الفقراء: أن يجعلوا ذكرهم وتلاوتهم للقرآن تقيدًا محضًاء ويقصدوا به الشفاء من الأسقام التي في أجسامهم وقلوبهم» وكذلك تخلف عليهم الأوراد كا أن من كان به مرض القولنج أو ضربات المفاصل من منعه النوم والتلذذ بطعام أو شراب» فقال له: شخص أنا أداويك من هذا الداء فداواه وحصل له الشفاء» فمن الأدب أن يشكر فضله وأن يحسن إليه» فاعلم ذلك يا أخي» واعمل به والله يتولى هداكم.
وكذلك من أدب فقراء: الزاوية إذا زارهم أحد من إخوانهم المجاورين في زاوية أخرى ألا يبسطوا له في المأكل خوفًا أن يزدري أحدهم طعام شيخه الذي في زاويته» فيتغير قلبه؛ بل يظهرون له التعفف حسب الطاقة ليشكر الله تعالل عل النعمة التي في زاوية شيخه. ولا يفسد قلبه عليه» فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به واخرجوا عن طبع النفس إلى اتباع الشرع والحمد لله رب العالمين.
كذلك من أدبهم: ألا يخرجوا الزيارة حي أو ميت من الأولياء إلا ما شاء الشيخ وكل فقير لم ير شيخه يغنيه عن جميع الأشياخ الأحياء والأموات فليس هو مريد لذلك الشيخ إنا هو من معارفه» فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وشاوروا شيخكم على زيارة القرافة مثلاً فإن أذن لكم فذاك وإلا فكل كلمة يربيكم بها شبخكم أفضل لكم من زيارة قبر ألف شيخ, والحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدبهم: إذا عمل أحد تحت زاويتهم محبظين أو حيال الظل ألا
115:95
يتفرج أحدهم على ذلك إلا إذا أذن له الشيخ» فإنه قد يكون هناك أمر محرم لا يجوز سماعه ولا رؤيته» وقد مر الله تعالى علي بججماعة في الزاوية لا يلتفتون قط إلى مثل ذلك؛ وخخرجت مرارًا في الليل فأجدهم مشغولين بالذكر والقرآن والصلاة طول الليلة» فالحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدبهم: ألا يظهروا العداوة لمن كان مجاورًا عندهم ثم خرج إلى زاوية أخرى أو عمل صنعة أو حرفة؛ لأن الإنسان يسأل عن صحبة ساعة, ثم إن كانت مجاورته عندكم خيرًا له فهو الذي تركهاء وإن كانت شرا فقد استراح منكمء وإن كانت لا خيرًا ولا شرًا فالأمر سهل» وقد قال رسول الله يَل: «وكونوا عبادًا لله إخوانًا»” والله أعلم.
كذلك ينبغي لفقراء الزاوية أن يستعيذوا بالله تعالى من شر كل داخل عليهم من الأمراء والأكابر وهم يقرءون في وردهم؛ فإنه قل فقير يدخل عليه أمير كبير» وهو يقرأ فيورده إلا ويقع في نفسه استحلاء السيادة» وذلك من أقوى دليل على عدم الإخلاص ووجود الرياء» فإياكم من استعلاء العبادة لأجل الخلق» ثم إياكم والحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدبهم: ألا يشتغل أحدهم بكلام رفيقه بعد السلام من الصلاة؛. بل يشتغل كل واحد منها بالأذكار المشروعة بعد الصلاة ىا أمرهم الشارع بذلك» ولذلك سر يطلعون عليه» وهذا الأدب يخل به كثير من المجاورين؛ فإياكم أبها الإخوان وأتباعهم على ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
.)55 /4( رواه البغوي في «مسند ابن الجعد» )١(
-1197-
وكذلك من أدبهم: ألا يقبلون هدية تمن لا يعرفون كسبه هل دخله شبهة أم لا؟ وإنا يقبلون من صاحب يعرفونه» ويعرفون حاله تمن لا يعرفون شخصه ولا كسبه الحلال لا يقبلون منه هدية؛ وهو خخلق غريب في هذا الزمان» فاعملوا به وأحيوا سُنة القوم» والحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدب الفقراء: ألا يزاحم أحدهم على الاستفتاح بالجاعة إذا ذكروا إلا إذا كان معه ة اد سد ددني ؛ فإذا وجد في نفسه كسلا فلا ينبغي له أن يستفتح بالجماعة» ولو كان من أكابرهم وله عادة بذلك بل يأمر:غيره بأن يستفتح ممن يرى قيمته قوية مصلحة للفقراء» فاعلموا ذلك واعملوا به والله يتولى هداكم.
وإذا كان أحدكم في مجلس الذكرء وطرأت حاجة فاستأذنوا ربكم أو الشيخ وقوموا لها لاسيهما إن كانت من مصالح الزاوية كالعجن والخبز والطبخ؛ فإن ذلك مقدم على التقيد بمجالس الذكرء ولولا علم الذاكرين بأن لطفًا منهم من ببيئه لهم ما قدروا على الإقبال على ذلك المجلسء فهيئوا طعامكم وشرابكم ثم اذكروا في المجلس وطولوا جهدكم» فعلم أن من سوء أدب الفقير أن يقول له النقيب: قم فاخبز العجين وإلا حمض وفسدء فيقول: انظروا أحدًا غيري؛ فإني جالس أقرأ في لوحي مثلاً؛ لأنه باب يفتتح ترك قضاء غيره لحوائج الزاوية؛ ويصير كل واحد ينعلل بعلة» والحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدبهم: أن ينزهوا المسجد عن اللغو وذكر أحوال الولاة ومن يولى في ذلك اليوم ومن عزل» وخاضوا” في الفقراء والتجار والمباشرين وغيرهم تمن
)١( غير واضحة بالأصلء والمثبت بقريئة السياق.
-4؟1-
بوسوس لمم بذكر إبليس» فإنه بالمرصاد لسكان المساجد وما للفقير وذكر الناس ويضيّع وقته في مدحهم فضلاً عن ذمهم؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وكذلك من أدب قارئ الكرسي قبل الصلاة: أن يطول القراءة بحيث يجتمع الناس الذين عادتهم الحضور في صلاة الجماعة» فإذا حضروا شرع المؤذن في إقامة الصلاة على الفور نظير ما قالوا في الإسراع بالإقامة لصلاة الجمعة على أثر الخطبة» وذلك لأن القلوب تحضر عادة في ميعاد إقامة الصلاة» فإذا غير المؤذن العادة تفرقت القلوب وتشتت فاحتاج إلى تعب في جمع قلوببم» لاسيم| إن كانت قراءة الكرسي أو السبع قبل صلاة الصبح وبعده يشرع الفقراء في قراءة الأوراد» فإنه متى اختل نظام الزاوية في أول ورد يكون فيها اختل نظام جميع الأوراد التي بعده.
وكان شيخي العارف بالله تعالى الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري يجيب المؤذن للصبح؛ يركع ركعتي الفجر على الفور ثم يقرأ ويقول: منى تخلفت عن العادة اختل نظام قراءة الأسباع والأوراد التي بعد الصبح في جامع الغمري؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به» وقوموا بشعار زاويتكم محبة في ربكم.
وينبغي للفقراء أن يتزاحموا على قراءة الحزب الذي في الزاوية وعلى التسبيح والتهليل والتحميد الذي يكون قبل الصلاة وبعدهاء ولا ينبغي لأحد منهم أن يترك ذلك ويقول هذا على المؤذنين فإِذًا ذلك جهلء فإن قراءة المؤذنين للحرب المذكور إنها يكتب ثوابه في صحائفهم لا في صحائف المجاورين» وليس هذا من الأمور التي يقوم غير الإنسان مقامه فيهاء وقد أدبر مرة جماعة المجاورين عن قولهم: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيمءأستغفر الله مائة مرة قبل صلاة الصبح في رمضان»
-158-
فرأيت الأمداد قد صرفت عن المجاورين يميئًا وشمالأ» فخرجت من البيت وجمعت أطفال المجاورين حتى أصابهم من ذلك المدد لما جبلني الله عليه من الرحمة» فالله يلهم جميع إخواننا المبادرة إلى فعل الخيرات إلى المات ... آمين؛ اللهم آمين.
وينبغي للشيخ والنقيب وأكابر الزاوية أن يمنعوا الأطفال من المواظبة على التفرج على وقود قناديل المساجد الكثيرة ى) في جامع الأزهر وغيره في رمضان» وعلى رؤية المحبظين” وجميع الموالد التي تعمل خارج الزاوية لما في ذلك من المفاسد ويعرف الأطفال الناس الذين لا يتقيدون في سياج الأدب» فيصير الطفل أول ما يكلمه النقيب أو مؤدبه كلمة زجر وتربية تحدثه نفسه أن يخرج إلى تلك اللجاعة الذين تعرف بهم في جامع الأزهر وغيره» فربا تمزق حاله فأما التفرج على القناديل والمحبظين فلا يخفى حكمه. وأما سماع القرآن والمداحين في ذلك المولد» فأهل الزاوية كل يوم في مولد وقراءة وذكر ومدح.ء فا ثم شىء غريب حتى يخرج الإنسان من زاويته وينام خارجها لأجله. فاعلموا ذلك أبها الإخوان واعملوا به ربحًا لأطفالكم والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراءالزاوية: أن يفرحوا إذا ضيق الشيخ على أحدهم وأمره لمخالفة حظوظ نفسه كغسل ثيابه وعمامته كل قليل بغير إذن الشيخ» وككثرة مجالسته في مجالس القيل والقال» وككثرة المشاتمة والمضاربة لأهل الزاوية» وكمنعه من الجلوس معه في مجلسه؛ وكزجره وتوبيخه بين الناس الذين يعتقدونه ونحو ذلك» فإذن ذلك من الشيخ علامة على اعتنائه به وطلب الترقي له فليثبت تحت التربية ولا يتقلق»
)١( هم المخيلين والممثلين؛ ويقال أيضًا؛ البهلوانات.
-15-
ومن كلام سيدي على بن وفا قدس سره: «اثبت مع المخافق للسبك في البواتق»)”"
وينبغي للشيخ ألا يجعل قراءة أوراده وخدمة الفقراء كالثابج» فيقول: أتانا البارحة فلان ونحن في قراءة» أو ونحن ننقي الطحين من الطين» أو ونحن نغللٍ للفقراء ثيامهم» أو ونحن نقر من العجين» أو ونحن في وسط المجلس وكان مجلسًا اناه ونحو ذلك؛ لأنه مؤذن بأن مقصود الشيخ وجماعته بذلك إعلام الناس بتلك الفضائل» والفاعل غافل عن مثل ذلك» فاعلم ذلك أيها الشيخ الذي ظهر في النصف الثاني من القرن العاشر واعمل به» والحمد لله رب العالمين.
ومن أدب فقراءالزاوية: أن يقدم أحدهم من يبين له عيوبه ولو عدوا على من بعثه» ويكتم عنه عيوبه ولو صديقًا؛ لأن من يبين للعبد عيوبه ساع في رفع درجاته ليصلح لمجالسة الحق جل وعلاء ومن يكتم عنه عيوبه كالذي رأى على ثوب شخص فذرة وهو عازم على الجلوس بها على فرش السلطان فلم يخبره بهاء فالعاقل من أحب كل من بين له عيوبه ولو على سبيل التشفي منه. وقد ظفرت طول عمري بأخوين بينا لي عيوبي على سبيل الشفقة على ديني» ولا يخالطها شيء من التشفي» ومنهما الشيخ حسن الطريني بجامع الغمري» والشيخ على الحصصي بزاوية الشيخ سليمان الخضيري رضي الله عنهما | أجد الآن في أصحابي المقيمين في الزاوية مقامهما فالله تعالى ينفعني ببركات نصحهم على المات آمين» آمين.
وقد قامت للاعة المجاورين مرارًا كثيرة دلوي على عيوبي» وأجركم على الله
)١( المخافق: آلة كالسيف تستخدم للسبك. البواتق: اسم لآلات يسبك فيها الحديد والرمل» فهي آلة من الفولاذ مطعمة بالزجاج» ذات صوت يحدث الصمير.
- 11/-
فيا وى أحدهم بذلك لغلبة الحياء الطبيعي عليهم» وقد كان عمر بن المخطاب يقول لأصحابه كثيرًا: ماذا تفعلون بي إذا أنا زغت عن الحق» وصممت على ذلك؟ فيقولون له: نضرب رأسك بالسيف» فيقول: بارك الله فيكم هكذا كونوا مع أئمتكم, انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به» ولا تقولوا: قد يكون شيخنا وجه صحيح في العلم فإن ذلك من تلبيس إبليس» والحمد لله رب العالمين.
وما ينبغي للشبخ والمجاورين: أن يتلطفوا بمن كان مجاورًا عندهم ثم غير وبدل وخرج من الزاوية وصار يتردد إليها آحاد الناس» ولا يظهرون له قط شوق نفوسهم عليه» ولا أنهم على قدم في الطاعة أكثر منه؛ لأنه ربا زكى في نفسه» وفخر عليهم وقل أدبه لما هو فيه من الحجاب عن طريق الخير التي كان فيهاء فاعلموا ذلك واعملوا به» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع من كان على قدم التتجريد والعبادة ليلاً ونهارًا ألا يغتر بذلك حتى يموت عليه فإن إبليس بالمرصاد» وكلم) زاد العبد في العبادة ليلاً ونهارًا ألا يغتر بذلك حتى يموت عليه» وكلما زاد العبد في العبادة وطعن في السن كلما ازدادت عداوته له وربم| مد له الحين وأمهله إلى يوم موتء فيزين له العجب بحاله فيتلف كل شيء عمله طول عمره؛ ويكون كالنحل الذي يبني أقراص الشهد طول عامه حتى ملا الخلية» وما بقي إلا الختام فشرح على الحنظل فرعي منه ثم مه على أقراص الشهد فرز جميع ما عمله طول ستته» فاعلموا ذلك واعتبروا ببذا المثل» والله يتولى هداكم.
وكذلك ينبغي لمن كان على قدم المجاهدة والعبادة طول عمره أن يحذر من كيد
-118-
إبليس أواخر عمره فربا وسوس للناس أن يصفوه بالزهد والصلاح والورع حتى وصل ذلك على علم؛ فرتبوا له مرتبًا من جوالٍ ونحوها فركن إلى ذلك فهلك وكان جميع عباداته إنم| كانت وسيلة لذلك المرتب فقد تعجل هذا أجره في الدنياء وذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الخيرات فإنه لولا زهده وورعه وعبادته ما رتبوا له ذلك» كا أنهم لم يرتبوا ذلك لمن كان بالضد من صفات الصالحين؛ فاعلموا ذلك وَاخدروامن كيد إثليين» والمد لله رت العالمين:
ومن أكّد ما يؤمر به حذاق المجاورين وبها ليلهم ألا يصغوا قط إلى قول من يدعي معرفة علم الكيمياء» فإنه نضّابِ ومن أصغي إلى ذلك خرب قلبه وصار مشغولاً با لا نفع فيه لأحد من المسلمين؛ بل ربا يكون سببًا لخراب الزاوية وشئق جماعة من المجاورين ى) وقع للشيخ اصطباي على أيام الغوري» وأيام جمال الدين البراب» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يبادر للحكم بين الفقراء حال ثوران نفوسهم بل يتربص اليوم واليومين حتى تبرد نار نفوسهم» فإذا بردت حكم بينهم حينئذ؛ لآن ذلك أسرع لانقيادهم له ببواطنهم بخلاف حكمه بينهم حال ثوران نفوسهم؛ فإنهم إن أطاعوا لا ربا يكون ذلك بلسانهم فقط» فينقضي ذلك الحكم بعد ذلك ويرجعوا إلى الخصامة ثانيًا وثالثًا وأكثر» ومن هنا قال بعض العلماء: بعدم وقوع طلاق الغضبان لترلزل عقله فعلم أن من بادر للحكم بين الفقراء قبل خمود نار نفوسهم صاروا يتخاصمون كل قليل دوام قهرهم في الزاوية وربها خرج أحدهما من الزاوية من شدة النكد؛ ثم إذا حكم الشيخ بينهم ورضوا بحكمه؛ فليصلح بينهما من حيث القلوب» وينبغي أن يكون المحكوم عليه هو الذي يبدأ بطلب الصلح إظهارًا للرضا بحكم
-158-
الشيخ ثم يقبل رأس أحيه أو رجله؛ ويحذر الشيخ إذا حكم بين الفقراء أن يلطف :الكلام لواحد دون آخر ما استطاع ولو كان ذلك من أكبر أهل الزاوية بل يكون ميزاته نطيش على الذر؛ لأنها فوق ميزات الحكام في التدقبق ثم إن عجز عن الصلح بينهما فليرجع عن الحكم بينههاء ويكل أمرهما إلى الله تعالى وفي الحديث: (إن الله تعالى يصلح بين عباده في الآخرة»". وفيه أيضًا: «إن الله تعالى يأمر الملائكة بعدم رفع أعمال المتشاحنين ويقول دعوا هذين يصطلحا)” انتهى.
وكذلك ينبغي للشيخ أن يقول لنفسه ذلك ويعمل به وقد كان سيدي أحمد بن الرفاعي إذا عجز عن الصلح بين فقيرين ورأى القوي عازمًا على أن يضرب الضعيف في الليل يأني سيدي أحمد إلى ذلك الفقير الضعيف» ويستعير منه ثيابه ويلبسها ثم ينام مكانه فيأي القوي» ويضرب الشيخ الضرب الذي كان يضربه لخصمه. فإذا علم سيدي أحمد أنه اشتفى منه يكشف عن وجهه؛ ويقول: أنا أحمد فربما كان يغشى على ذلك الضارب من هيبة الشيخ فيرش سيدي أحمد الماء على وجهه؛ ويقول له ما كان إلا خيرًا أخذت ثأرك من أخيك في ظنك وحصل لأحمد بالضرب, وأبرأ ذمتك منه فاعلم ذلك يا أخي واقتد بسبدي أحمد في ذلك إن استطعت. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للمجاورين إذا كان يوم الجمعة أن يحضروا فيأخذوا مواضعهم من
.)91/ /1( ذكره الشيخ الأكبر في «الفمتوحات» )١(
(؟)أخرجه أحمد (؟/١٠5» رقم 9188)) ومسلم (4/ 21941 رقم 6 »2 وأبو داود (5/ 271/9 رقم »)441١ والترمذي (4/"الالاء رقم 11١7)؛ وقال: حسن صحيح. ومالك(؟2)408/1 رقم ©>؛ والبخاري في«الأدب المفرد؛ (ص 58 »١ رقم »)4١١ وابن حبان /١1( لالا4 » رقم 0551).
هآ
الصفوف ويشتغلوا بالقراءة أو الذكر أو المراقبة قبل حضور الناس لكونهم في المسجد ولا كلفة عليهم في المثي إليه كغيرهم لاسيها إن كانت حارة زاويتهم فيها مساجد كثيرة يقام فيها الجمعة» فإن أهل الحارة إذا دخلوا الزاوية قريبًا من الآذان» ولم يجدوا فيها جماعة كثيرة انكسر قلبهم وربا خرجوا صلوا في غيرها بخلاف ما إذا جاءوا فرأوا القارئ قادمّاء والذاكر ذاكر» والمعتكف معتكماء فإن تقوى قلبهم على الحضور في الجمعة الآنية فهم كأمير العسكر إذا انكسر تبعه جنده فعلم أنه لا ينبغي للمجاور أن يقول: إن جماعة الفقراء المجاورين يكفونا في إقامة الجمعة ولا يحتاج إلى غيرهم قلنا قد ورد الفضل في كثرة الجماعة فلا ينبغي الترخيص في ذلك إلا لعذر شرعي» والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي لجميع المجاورين إذا كانوا في مجلس الذكر الطويل كالليلة الكاملة» أو من صلاة الجمعة إلى العصر وطرقه النعاس أن يقوم فيمشي على القبلة خطوات» ثم يرجع فإنه مجحرب لزوال النعاس والكسل والخمول» وليحذر من ترك ذلك فيتعدى النعاس والكسل إلى جاره ليكون عليه اللوم في سريان ذلك الكسل إليه» ويجب على من يغلب عليه النعاس في مجالس الخير» ويغلب عليه اليقظة في مجالس اللغو أن يطلب دواء قلبه من الشيخ حتى يصير نومه غلبة لا كسلاًء ولا قلة رغبة في الخير» وليمتحن الفقير نفسه إذا غلبه النعاس في الذكر إذا أتاه شخص بألف دينار» أو وضع بين يديه صحن كنافة مبسوسة بقطر نبات وسكر وهو جوعانء فإن نام وترك الألف دينار والصحن المذكور فنومه غلبه لا لوم عليه فيه» وإن استيقظ فنومه عن الخير إن! هو لضعف برغبته في الخير فيجب عليه طلب الدواء من الشيخ» فإنه يعرف مرض المجاورين كما يعرف البيطار مرض الدواب» وربا كان غلبة
-19-
النعاس على الفقير من تعلق قلبه بشهوة محرمة كالعشق في أمرد أو جارية مثلاً فيأمره الشيخ بالخروج عن تلك الشهوة فيبرأ من دائه.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي لله يقول: ما ثم شيء أفسد لقلب الفقير العازب من عشقه في الشباب المرد الذين تميل إليهم النفوس الغوية؛ فإن ذلك مجرب لخراب قلب الفقير وحدوث الغشاوة والظلمة فيه حتى لا يصير يحن على فعل خير» انتهى.
وربا كان ذلك النعاس عقوبة له ليغيب عن كل وقت طيب جزاء له على مساهله بحضور مجالس الذكر في الزاوية من حيث إن في ضمنها مجالسة ربه وب فإن من قاطع حضرة الحق تعالى قطعه الله عن حضرته حتى يذوب ويعرف مقدار الوصال والحجرء وقد أنشدني بعضهم في هذا المعنى على لسان العبد المهجور لقلة أدبه من أمثالنا إذا شم روائح التقريب:
لنا ولك عتبٌ إذا اجتممً الشمل فلا الكُيْبٌ في هذا تُقِيدٌ ولا الرسْلُ زعمدٌ أن قد سَلَوتٌ هوكم وحائّى لثلٍ عن هوّى مئلِكُمْ يَسْلُو فلا تلوموني سَلُوةٌ لست أهلّها وحبَكُمإِنَ الكَلْوَلَ هُأَمْل لوده جني حساك وعدي .ا نلك ناينا لطر والشيل فلا جُلْتُ عن ودٌّي القديم وعهيو 2 ولِيُثْينِي عنكم مَلالَ ولاعَذْلُ
فاعلموا ذلك الإخوان وابكوا الدم على فوات حظكم من دخول حضرة الله تعالى ومشاهدة ذلك الجمال البديع» واشكروا فضل من أيقظكم ولو بصب الماء على وجوهكم وثيابكم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يتعامى عن لغو المجاورين الذين يقع بينهم عادة» ولا يصل
-12-
إلى حد الخصام عادة فإن إمساك مثل ذلك على المجاورين بغير طلبهم ذلك من الشيخ تضييع للوقت؛ ويكون على علم سيدي الشيخ أنه ما كل من جاور عنده يكون قاصدًا للتربية حتى منعت معد كا هو الحكم الآن في زوايا الأشياخ الذين ماتوا كسيدي أحمد البدوي» وسيدي إبراهيم المتبولي بل رأيت المجاورين في مثل هذه الأماكن يشتكون شيخ الزاوية من بيوت الحكام فليكن الشيخ على حذر تمن بقيم عليه ميزات التأديب» ويمنعه من السعي على وظيفة مثلاً فإنه عدو في صورة مريد ومن شك في هذا الزمان أن يقيم ميزات التربية على من يجاور عنده إلا أن طلب هو ذلك؛ فإن لم يطلب ذلك فمن عقل الشيخ أن يصانعه كالجار السوء إلى أن يقفي الله في ذلك المجاور بها شاء إذ المريد الصادق يفرح كل) نهوه الشيخ وزجره وأضاف إليه العيوب والنقائص» وبزداد في الشيخ محبة عكس حال الكاذب.
ويتبغي للشيخ ألا يذل نفسه للناس بسبب هدية لفقراء الزاوية من أضحبة وفاكهة أو غير ذلك؛ وليكن عزيز النفس ويردها حسب طاقته؛ ثم بعد ذلك إن قسمت تلك الحدية له فقد وصلت إليه بعزة نفس» وإن لم يكن قسمت فقد سلم أيضًا من ذل النفس بغير سبب يلجئ إلى ذلك» وقد أرسل إلى بعض الأصحاب المباشرين خمسة أرؤس من الغئم في أيام الأضحية فرددتها ولم أجدها قاصدة. فأرسلتها مع النقيب إلى داره ثم إنه بعد يوم أذى واحدًا من أصحابي» ثم جاء يعتذر إليّ فلم أفتح له الباب فمكث من العصر على قريب الغروب, ثم ذهب ول أفتح له فا رأيت لعري وذله ولو أن كنت أخذت غنمه ما قدرت على غلق الباب عليه ولا كان ينقاد لي في الصلح بينه وبين ذلك الشخص الذي أذاه» وقد أنشد عنترة العبسي الجاهلى:
9
-1177-
لاقني ماةالحبِةةيلِنُةٍ بَلفَإسقِي باليرٌ كَأسَ الحَظلٍ مايلو كوهد بالير يِب مسرل
أنتهى.
فاعلم ذلك فإن في الحديث: «شرف المؤمن في قيام وعزه في استغنائه عن الناس»" والله أعلم مما يتأكد على شيخ الزاوية ألا يدع أحدًا في مجلسه يجرؤا فيه فقراء الزمان؛ إلا بخير إذ يقبح على من أسكنه الله تعالى بيته وفضله بالخدمة على جميع من في الزاوية من المخدومين أن ينقص عباد الله في حضرة الله فليحذر الشيخ من ذلك كل الحذر فقد فشا هذا الأمر في بعض المتمشيخين للنصب على الدنياء فترى هذا تجرح هذاء وهذا تمرح هذاء وهذا حول فلان نصاب لا تذكروا لنا حديثئه» ونسى هو أنه قد استغابه بجعله نصابًاء وقد كانوا يقولون في الزمن الماضي لو لم يكن في محبة العبد لطريق القوم إلا أن العبد بصير يرى نقائصه. ومحاسن الناس لكان في ذلك كفاية فانعكس الأمر في هذا الزمان» وأحب كل إنسان أن الله تعالى يصرف إليه وجوه الناس وحده دون إخوانه» وإذا وقع أن أحدًا شكرًا خاصم في مجلس» وذكر بعض فضائله عبس أحدهم وجهه؛ وانقبض بعد أن كان يضحكء. فإياك يا شيخ الزاوية من مثل ذلكء ثم إياك فإن الأمر ييل إلى بغض كل منكى| عند الناس» وذلك لأن خصمك له معتقدون وأنت لك معتقدون وكل جماعة يصدقون شيخهم في )١( حديث سهل بن سعد: أخرجه الحاكم (4/ 38١ » رقم 20971١ وقال: صحيح الإسناد» ووافته الذهبي. والبيهقي في شعب الإيان (49/9" » رقم )23١6541 والخطيب (5/ 623٠١ وابن عساكر (3517/17)» وأبو نعيم في الحلية (1/ '701). حديث جابر؛ أخرجه البيهقي في شعب الإييان (9/ 7448 » رقم ٠65١١)ءوأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (9/ 181) .
- 154 -
تنقيص الآخر» ويقولون حاشا شيخنا أن نكذب العاقل من ضبط لسانه في حق إخوانه والسلام ومن واجبات الفقراء» وفروض أحواهم ألا ينقضوا العهد الذي عاهدوا عليه شيخهم فإنه كالردة عن الطريق» وقد أشد بعضهم في ذلك: وحياقمن ملكت يداه قبادي لأخلمّنّ عل الموى حُسَادِي وعدن التجراكن اطشقية: ١ ولامتيرن لع انين نعاض وأصَيرْن لبو بين المشا 2 قرراولا بعلم بذاك فؤادي ولأجعلن نزاهني في هلكا ولأكِْليٌ محاجري بشهاد وَلأَخْلِمَن له بصدق عقي ماحل تُيومًاني هوا وِدَادِي
وينبغي للشيخ إذا لم يتفق له رد هدية الولاة التي أهداها إلى الزاوية من أضحية وغيرها ألا يحضر تفرقتها؛ بل يهمل أمرها مفوضًا أمرها إلى الله تعالى؛ فيقسم لمن شاء ما شاء من تلك الهدية» ويكفي الشيخ في تخليص ذمته أن يقول للمجاورين هذه من الشبهات فلا تأكلوا منهاء ولم أزل بحمد الله أفعل بذلك في أضاحي الكشاف ومشايخ العرب ونحوهم؛ فلا تسأل عنها ما جرى فيها فالله تعالى يلطف بنا وبإخواننا في هذا الزمان» ويدبرنا فيه بحسن التدبير» وقد من الله تعالى على بعض جماعة عندي بالتورع عن مثل ذلك فلم يحرجوني أن أمنعهم من الأكل فالله يديم ذلك عليهم إلى الممات آمين آمين.
وينبغي للشيخ أن يسأل فقراء الزاوية الدعاء ولا يغفل عن ذلك لثلا يلحقه الزهو والعجب برؤيته خدمتهم له وترتيبهم» وقد شرع لنا ذلك رسول الله ود بقوله لعمر بن الخنطاب 5ه: «لا تنسني يا أخي من دعائك)”» وقال لأمّته: «واسألوا لي )١( تقدم تخريجه.
- 1750 -
الوسيلة» فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد لله كك وأرجو أن أكون أنا هوا”" فأمرهم بأن يتأسوا به في التواضع كا تأسى وَل بربه بك في نزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا ى) أخبر عنه بذلك» فإنه تعالى إن أضاف إلى نفسه ذلك على لسان رسوله يله ليعلم الملوك من عباده التواضع مع رعيتهم» ولا يقف أحد في مقامه الذي جعله الله تعالى له من العظمة والكبرياء» ولا يتنزل العقول رعيته» فاعلم ذلك أيها الشيخ» وقبل يد الفقراء ما استطعت ى| يفعلون معك لاسيما عند الفراغ من مجلس الذكر؛ لأن العبد لا يدري من غفر الله له من الحاضرين ممن ل يغفر» وبالجملة فكل شيء م ينبهه على التواضع تواضع جماعته معه فهو من البهائم» وقد قال بعضهم للجنيد #ه: لم جعلت عندك هؤلاء الفقراء؟ فقال: لأتذكر بحاجتهم إلى حاجتي إلى الله كبك إذا غفلت عنه؛ انتهى» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشيخ الزاوية أن يأمر الفقراء في الزاوية بالعمل على جلاء بواطنهم من سائر الأدناس» وذلك ليصير أحدهم يحسن الظن بأخيه ومادام عند أحدهم شيء من الدنس» ولازمه سوء الظن بأخيه ومادام عند أحدهم شيء من الدنس فمن لازمه سوء الظن بأخيهء وذلك باب يفسد فتحه في الزاوية جميع الفقراء فكل واحد يحمل أخاه على المحمل السيئ» فلا يصير له في قلبه اعتقاد فلا يسمع له نصحًا.
وسمعت أخي أفضل الدين لله يقول: مادام الفقير يخطر في باله السوء فهو من أهل السوء» ولا يخرج عن ذلك إلا بحيث لو رأى أمردين ناما متعانقين في خلوة إلى الصباح» ثم خرجا فاغتسلا لا يخطر في باله سوءًا بنا فمن وصل إلى هذا المقام فقد خلص من باب سوء الظن بشباب الزاوية؛ والله أعلم فليمتحن الناصح لنفسه كان
.)05١ /5( رواه مسلم (588/1))» وابن حبان )١(
-155-
باطنه يعرف مقامه في الخلوص من الأدناس أو يلطخه بهاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يتلقى كل كلام قيل فيه من المجاورين وغيرهم بالرضا والتسليم لتقتدي به الناس في ذلك فإن مقام شيخ الزاوية يجل عن أن يتكدر لكلام قيل فيه؛ لأن ذلك دليل على أنه يطلب المقام عند الخلق دون الله تعالى وذلك نقص عظيم.
وسمعث سيدي الخواص #كللنه يقول: من علامة كمال الفقير أن يبادر إلى الفرح والسرور إذا بلغه أن أحدًا من أقرانه نقضه في المجالس فإنه نفعه بذلك أشد النفع» أو الفقير إذا توالت عليه الطاعات والخيرات» من ورع وزهدء وقيام ليل؛ وحسن خلق» وكنفت جوارح بل أن يسلم من الإعجاب بنفسه إذا رجحوه على أقرانه» فإذا وقع أن أقرانه نقضوه فقد ردوه إلى مقامهم فاستتر في الدنيا كما استروا فكان تنقيصهم له كالأنفحة للجبن تصلحه وتثبته على مصائب الزمان وتغير الحدئات؛ ولولاها لفسد اللبن والجبن وكذلك القول في وقوعه في معصية بل هي أولى أن بهضم مقام العبد بين الناس وترده إلى الذل والانكسار» وتكون أحسن أثر من الطاعات التي يتكبر مها على الناس كما قاله صاحب الحكمة لله وتأمل يا أخي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لما عصموا من الإعجاب بنفوسهم وازدادوا ذلا بين يدي رهم بالطاعات» كيف عصمهم الله تعالى من الوقوع في المخالفات وجميع ما حكي عنهم إنما هي أمور لا حقيقة» فاعلم ذلك أبها الشيخ» وأحسن إلى فقراء الزاوية وغيرهمء ولا يصدنك عن الإحسان إليهم ذمهم فيك وحملك على المحامل السيئة كا جرى السلف الصالح. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ آلا يؤاخذ آخر بكلام قاله في حقه مطلقًا؛ لأن ذلك الآخذ لا
-1199/-
يخلو إما أن يكون كثير الطاعات فيكرمه الله تعالى لكثرة مجالسته له ليلا وهارًا ووقوفه بين يديه كذلك» وإن كان ذلك الآخذ قليل الدين والطاعات فهو صاحب مصائب كثيرة فلا ينبغي لصاحب مروءة أن يزيد عليه في المؤاخذة؛ لأنه كشخص ترادفت عليه الديون مع إفلاسه واجتمعوا حكمهم عليه عند حاكم دورًا بعد دور, وقد عدوا مطالبة من هذا حاله من قلة المروءة» فإذن لا يليق المؤاخذة بشيخ الزاوية بحال ثم إن نزل عن هذا المشهد فذلك الشخص الذي نقضه وأذاه من جملة أمة محمد وله فيكر مه لأجله؛ والله عليم حكيم.
وينبغي لفقراء الزاوية إذا تخاصموا أن يرضوا بحكم الشيخ عليهم» ولا ينبغي أن يطلب كل واحد منهم أن يكون الشيخ معه على خصمه؛ لأن الشيخ ميزان عدالة» وإذا ظهر الغرض مع واحد صار خصًا للآخر فيحتاج إلى ثالث يصلح
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #للكه يقول: من أدب الفقير إذا لم يحتمل من أخيه أمرًا أن يحكي ذلك للشيخ ثم يسكت ويننظر ما يأمره به من مؤاخذة أو عفو وصفح؛ فإن سكت الشيخ فليسكت الآخر» ولا يفتح الباب بعد ذلك حتى يفتحه الشيخ فربا كان يرى حصول الصفاء بتأخير الحكم بينهماء ثم يصلح بينهما صلحًا خالصًا من الشوائب النفوس من حقد وشحناءء وليعلم الفقراء أن الأشياخ لا يمشون إلا على التأمي بالأخلاق الإلهية» فكما أن الحق تعالى لا ينتصر لعبد إلا أن سكت عن خصمه ول يقابل خصمه بالأذى» وقد ورد أن الله تعالى يقول: «أنا ولي من سكت)") انتهى.
() ذكره الشعراني في «العهود المحمدية» (صه6ل؟١).
-116-
فمن لم يسكت فليس الله تعالى وليه يعني الولاية الخاصّة وإلا فهو تعالى ولي الذين آمنوا.
وسمعت سيدي محمد بن عنان”" ؤثلتكه يقرل: إذا تخاصمتم إلى فقير فلا يتكلم
)١( هو سيدي محمد بن عنان إمام تقدم في جامع الإيان» وعارف أشرقت بضوء شمسه الأكوان» كثير التعبد» غزير الت4هجدء وافر الجلالة» عليه للقبول أية دلالة» غالي التربية» علي المرتبة» لا يقاس به غيره» ولا يشبّه. وكان عظيًا في الديانة» نمدودًا من الله بالإعانة» سلك طريق الحداية» وعني بالتصوف أتم عناية.أخل عنه الشيخ المصنف» وقال: ما رأيت مثله. وكان مشايخ عصره بين يديه كالأطفال. قال: وأخبرني الشيخ نور الدين المشتولي» قال: سمعت الشيخ عبد القادر الدشطوطي يقول: محمد بن عنان يعرف طبقات السهاوات وأزقتها وملائكتها. هكذا قال.
وله كرامات منها: أنه أشبع خمساكة فقير من عجين أمه- وكان نصف ويبة- وقال: وعزة ري؛ لو شئت ملأت البلد خيرًا من هذا العجين.
وأرسل نقيبه إلى الشيخ أبي العباس الغمري في المحلة بعد العشاء» وقال: لا تصل الصبح إلا عندي. فذهب وعادء فقال له: عديت من أي المعادي؟ قال: مادرت بالي للبحر» ولا علمت به. فقال لأصحابه: طوى البحر بهمته» فلم يجده في طريقه.
وأخبر أن رجلاً يصيح في القبر الليل كله» فأتى قبره؛ وقرأ تبارك» فمن ذلك الوقت لم يسمع.
وأراد رجل من الشرقية أن يتزوج زوجته؛ فنام بعد العصر بجامع المقسم قبالة ضريح الشيخ» فرآه» فقال له: ضاقت عليك الدنياء ما وجدت إلا فرشي؟ وطعنه بحربة في جنبه؛ فاستيقظ مرعوبّاء وهي بجنبه بارزة كالكبد المشوي» فحمل لبلاده؛ فيات في الطريق؛ وذلك لأن من خخمصائص جروح الفقراء أنها لا تختم قطء ولا يفيد فيها دواء؛ وليس فيها إلا روح صاحبهاء ولا ينبئكك مثل خبير.
وأرسل له أحد أهل الدولة ثاني جرار عسلاً في الوقت». فانصبّت كلها على الأرض» وضاق الوقت عن شراء عسل» فخرج إلى الخليج» وقال: اتبعوني بالجرار. فملأها كلها من الماء» فوجدوها كلها عسلاً فطبخوا بباء فقال: الحمد لله الذي حمانا من عسل الولاة.
وأخبر بأن رجلاً زمنًا بالإسكندرية إذا غضب على رجل قال: يا قمل؛ رح إليه. فيمتلئ قملاً فلا ينام» ويعجز عن تنقيته» فذهب إليه» وقال له: ما رأيت تعمل إلا شيخ القمل؟ وأخذه بيده؛ ورماه في الهواء»
-258-
أحدكم با يظفره بالحجة على خصمه. فإن الشيخ يكون مع ذلك الخنصم لعدم إقامته الحجة مع خصمه؛ فهو إما يمده بالظفر على خصمه. وإما يأمره بالصبر عليه حتى يحول الله تعالى ذلك الحكم؛ ويقويه على تحمل الأذى حتى لو قام الثقلان يؤذونه لاحتملهم؛ وهذه هي النصرة الحقيقية» فإن بها يصبّ عليه الأجر من الله تعالى صب ويحكمه الله تعالى في -حسنات الذين أذوه يوم القيامة حتى يأخذ منها ما شاء» فاعلم ذلك.
وينبغي إذا وقع أحد من فقراء الزاوية في نقيصة تقتضي التأديب بالإخراج بألا يكونوا بذلك فيا بينهم؛ فإن ذلك يأكل الحسنات» وإنما الأدب أن يذكروا ذلك للشيخ فقط ليحكم فيه با يرى وربا تاب ذلك الشخص عقب الذلة وصار أحسن
فلم يعرف له خبر.وسافر هو والشيخ أبو العباس الغمري فاشتد الحر» وعطش الغمري وليس هناك ماء» فأخذ ابن عنان طاسة وغرف بها من الأرض اليابسة ماء» وقال اشرب. قال: يا شيخ محمد؛ الظهور يقطع الظهور. فقال : لولا خوف الظهور جعلتها بركة يشرب منها البهائم إلى يوم القيامة. وأتى برجل أكل موهيتين فسيخًاء وموهيتين تمرّا في ليلة» فألقى له رغيفًا صغيرًا في فمه» فلم تزل أكلته كل يوم حتى مات. وكانت أوقاته مضبوطة لا يصغي لكلام أحد ويقول: كل نفس مقوم علي بسنة. وغضب من أهل بلاده لعدم قبوهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرء فقدم مصر وسكن بسطح جامع الغمري. وكان كل جامع أقام به لا يقيم إلا على سطحه شتاءً وصيفًا.
وقال عنه المصنف: كان خادم الحجرة النبوية في طريق الروحانيات»؛ فلا يدخل أحد على المصطفى ف من الأحياء والأموات إلا بإذنه.وكان من أصحاب الخطوة» والتطوير.
ولا احتضر أبن عنان بسطح جامع باب البحر مات نصفه الأسفل» فصلى؟ قاعدّاء فل فرغ أضجعوه» فها زال همهم بشفتيه والسبحة بيده حتى مات» وصعدت روحه سنئة اثنتين وعشرين وتسعاكة وعشرين سنة. وانظر: الكواكب السائرة »)74/١( شذرات الذهب ))١١5/8( كرامات الأولياء ))١1/4 /١( طبقات الشعراني ))١11//1( والكواكب الدرية (81).
1١8ه
حالاً من المتعبدين في الزاوية» وهم يظئون في نفوسهم أنهم أحسن حالاً منه.
سمعت سيدي عليًا الخواص #لته يقول: ينبغي لفقراء الزاوية إذا خرج من عندهم أحد من الزاوية بفاحشة أن يغلبوا ذلك بذنب آخر هين في العيون؛ لكونه يغتاب الناس لاسيا للمفارق المترددين إلى الزاوية من الأرياف وغيرهم, فإنهم يملئون بذلك البلاد» ومهتكون الشخص عند أقاربه ومعارفه» وقد ورد في الحديث: «لا تعيّر أخخاك بذنب وقع فيه فيعافيه الله ويبتليك)”» انتهى.
ثم إذا ذلت نفس من أخرجه الشيخ وساق عليه السياقات وشهدت له قلوب إخوانه والشيخ بالذلة والانكسار» فمن الواجب قبوله لئلا يتمزق بالكلية.
وبنبغي للشيخ أن يحذّر المتزوجين من فقراء الزاوية ألا يسمع لزوجته فب تنهيه في حق غير زوجها وزوجته؛ فإن ذلك شديد الضرر وربا تزايد المرر بذلك حتى أدى إلى خروجهم من الزاوية؛ بل الواجب على أحدهم إذا قالت له زوجته: أن فلانة وزوجها قالا في حقفك كذا وكذا أن يكذبها ويزجرها ويسكت عن ذلك؛» ويجتمع بأخيه فإن اعترف أخيه بذلك عمل بمقتضاه؛ وإن أنكر ذلك وجب تصديقه وتكذيب تلك المرأة في) أخيرت كا قال به الحسن البصري ه.
وسمعت سيدي علي المرصفي #لتكه يقول: إذا أنمت زوجة أحدكم عن أخيكم وعن زوجته أمرًا فكونوا مع أنخيكم واتركوا كلام النساءء» فإن الأخ عز وصحبته ربا تدوم أكثر من صحبة الزوجة» وهذا بعكس حال الفقراء الكاذبين في )١( ومثله: ١لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك! أخرجه الترمذي (4/ 567 رقم 1905)»
والطبراني (؟5؟/ 0 رقم »)١71 والقضاعي (8/1/» رقم 414).؛ والبيهقي في شعب الإيان "١6 /0( رقم /الال1") » والخطيب (4/ 48)» وابن الأعرابي في لمعجمه) (4/ 5/) .
-1681-
الطريق الغارقين في شهوات فروجهم فربا يقدم كلام زوجته التي لا تستحق أن يطعمها النخالة في حق أخيه» وكان الواجب عليه العكسء فعلم أنه لا ينبغي لفقراء الزاوية أن ينتصر أحدهم لزوجته على أخيه وزوجته؛ لأن ذلك خروج عن طريق الأدب والمعروف» وإن) الواجب على كل واحد منها أن يأمر زوجته بالصبر والاحتمال والمسامحة» وإن لم تطعه في الاحتمال فليرفع أمرها إلى الشيخ ليقضي با يراه» ويؤدب الظالم منهما أو منهن ومتى لم يرفع أمرها إلى الشيخ فربما جرهم الحال إلى تخاصمة الرجال وانتصار كل واحد لزوجته. فخربت الزاوية واشتغل كل واحد بالحط في خصمه حتى تمزقت أديانهم وأموالهم ورب ترافعوا إلى الحكام فاتسع الخال ولو أنهم اكتفوا بالشيخ لكان أولى ببم» وأخف كلفة وكل من خخرج عن أمر الشيخ في تأديب زوجته فقد خرج عن الإرادة وصار عاقًا للشيخ؛ ووجب عليه نحديد العهد الذي كان عاهد شيخه عليه من الطاعة له وامتثال أمره» وإلا فربها مقت فلم يفلح بعد ذلك أبدّاء وليحذر شيخ الزاوية أن يصدق أطفال الزاوية في قولهم فلانفرح نفسًا بالشيطنة كما يقع فيه فقهاء المكائب فإن مقام الشيخ يِل عن مثل ذلك» وإنا منصبه أن يمشي على الوجه الشرعيء فليأمر كلا منههما بالبعد عن صاحبه؛ وتقدم أن من الأدب أن أمنع النقيب شباب الزاوية من النوم مع بعضهم بعضًا في غطاء واحد أو خلوة واحدة أن يسمعوا له» ويتفرد كل واحد في النوم وحده؛ وإن لم يسمع من النقيب فهو إما صحب تدليس على نفسه؛ أو مدع للقوة على إبليس وكلاهما جهل.
وينبغي للشبخ إذا كثرت عليه الهدايا في الزاوية أن يخاف ببادئ الرأي أن يكون ذلك ثواب أعماله الصالحة من زهد وورع وعبادة» وليحذر أن يظن ببادئ
- 1472 -
الرأي أن ذلك من باب إكرام الحق تعالى له ومحبته» فإن ذلك مضاد لما ورد في الأخبار نحو قوله ول للفقراء: «أسرع إلى من يحبني من السبيل إلى منتهاه)".
وقوله: «إذا أحبٌ الله عبدًا زوى عنه الدنياوحماه منها | يحمي الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلاك)”: انتهى.
وربا قال له إبليس ونفسه إن) أعطاك الله تعالى ما أعطاك لعلو مقامك عنده وكثرة ورعك وزهدكء فيشغله إبليس أو النفس أن ذلك تعجل ثواب أعماله في الدنيا وتنسيه أن ذلك من هوان الله تعالى به.
وسمعت سيدي عليًا الخواص لق يقول: أكمل المؤمنين مقامًا من كان على عبادة الثقلين وحماه الله تعالى من معرفة أحد من الناس مقامه؛ ولم يقبل أحد يده؛ ولم ينتقده بجديد في وقت من الأوقات مع كونه يبيت الليالي طاويّاء ولا يشعر به أحد من أهله فمثل هذا هو الذي يخرج من الدنيا وأجره موفر لم ينقص منه شيء» انتهى.
فاعلم ذلك أبها الشيخ واعمل عليه والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يمنع الشباب المرد في الزاوية من لبس الثياب النظيفة الرفيعة» ومن تكحيل العيون بالكحل الأسود إلا لضرورة شرعية» وكذلك يمنع الرجال من النظر إلى الشباب بغير حاجة» ومن دخول الحام بغير ضرورة؛ ومجالسة الرجال؛ وكان الشيخ أبو حسن بن الصائغ الشلذلي لله يقول: لا ينبغي لشيخ الزاوية يدع الشاب البارع في الال يقيم بين أظهر الفقراء» وإنم| يفرده ببخلوة وحده )١( رواه الترمذي (7011), )١( ذكره المتقي الحندي في «كنز العيال1 (1/ ١9 1) وعزاه لابن وهب عن حذيفة.
-14178-
لا يدخل له فيها إلا النقيب الآمين على جوارحه أن تقع فبها حرم الله عليهاء وإن أعطاه النقيب الحاجة من باب الخلوة ولم يدخل عنده كان أولى صيانة لعرضه عن اللوث به؛ ى) بسطنا الكلام على ذلك في «العهود الكبرى» في عهد شيخ الزاوية فراجعه» وكان سيدي محمد الغمري # إذا رأى عازبًا يكرر النظر إلى الأمرد يقول له: إن لم تكف بصرك وإلا فاخرج من الزاوية» فإني أخاف عليك أن يحرك النظر إلى ما فوقه.
وحكي القشيري في «رسالته»: أن مريدًا كان يمشى خلف شيخه فوقع بصره على شاب جمبل الصورة» فقال: يا سيدي أترى الحق تعالى يعذب هذه الصورة مع جمالها؟ فقال الشيخ: أو قد رأيته؟ فقال: نعم» فقال له: ستجد غيها بعد حين» قال المريد: فنسيت الفراق بعد خمسة عشر سنة عقوبة على تلك النظرة» هذه عقوبة على نظرة واحدة» فكيف بعقوبة من يكرر النظر على وجه التساهل بذلك ليلاً ونهارّاء نسأل الله العافية,
وينبغي للشيخ ألا يقرب من خدمته شابًا جميل الصورة إلا أن يكون له حال يحميه من لوث الناس بعرضه من أهل الزاوية وغيرهم؛ فإنهم لا يقيسون حال الشيخ ألا على حال أنفسهم من الوقوع في الرذائل» ولا يظنون بالشيخ أنه محفوظ من الوقوع في الرذائل لبعدهم عن مقام الكال» وقالوا: لا يمكن المريد أن يظن في شيخه الخلوص من الشهوات النفسانية إلا إذا شرف هو على الخلوص منهاء وذلك عند استحقاقه الفطام» ومالم يصل إلى هذا المقام» فمن لازمه حمل شيدخه على أحوال نفسه وغاب عنه أن الشيخ فد صار لا يجب أحد إلا لزيادة دينه» فكل من كان أكثر عملاً صالحًا فهو المرجح عنده في المحبة سواء كان كهلاً أو شابًاء وقد كان سيدي
-155-
يوسف العجمي يحب شابًا ويقربه من مجالسه ويطرد الكهول فكان عند الفقراء من الشيخ شيء بسبب ذلك فامتحنهم الشيخ, وقال للشاب والكهول: نحن محتاجون إلى شيء من حشيش البخيل» فذهبوا وأنوه بالبخيل» ورجع الشاب بلا شيء؛ فقال: لأي شيء لم تأتنا بالبخيل مثل إخوانك؛ فقال: يا سيدي وجدته يسبح الله تعالى ويمجده فخشيت منه أن أقطعه وهو يخاطب الله تعالى» فقال سيدي يوسف: انظروا فهذا سبب تقدمي له عليكم في المحبة» فاستغفروا وتابوا إلى الله من سوء الظن بالشيخ» وما تحمله فلا ينبغي للفقراء أن يجعلوا شي شيخهم مأمورهم بل هم الذين يكونون مأمورين له وليس لمم التشبه به إلا فيا اكد اديه ار هالت
وينبغي للشبخ إذا كسا الفقراء كسوة أن يبدأ بمن يراه مشغولاً بربه لا التفات له إلى ظاهره فيكون خليفة لتصريف القدرة الإلهية في ذلك؛ فإنها تسخر الدنيا لكل من خدم ربه وبْكّ وتسخر العبد الذي يمخدم الدنيا لخدمتهاء ولسان القدرة الإلهية يقول: ايا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه)”.
وقد فعلت أنا بحمد الله تعالى ذلك مرات فأبدأ بالكسوة بمن أراه يجلرم ربه ويخدم الفقراء» ولا يلتفت إلى ثيابه ولا إلى عمامته» وأواخر من أراه بالضد من ذلك ولو كان أكثر مخالطة لي» وقد خدمني شخص من فقراء المطاوعة مدة» ولم أقدر على قلبي يحن إليه في كسوة ولا مطعم لاعتنائه بظاهره فرب| باع الجحبة التي تساوي ثلاثين نصفاء واشترى له بدلها جبة نساوي حمسين نصفًاء وربها مكث نصف في عمامته الصوف قدر ما يقرأ الإنسان عشرة أحزاب» ورب اتسخت أثوابه فضاقت عليه الدنيا ويسود قلبه» فلم يلتفت إليهء وربا هجرته الجمعتين والثلاث لأجل غسل
(١)رواهابن أبي الدنيا في «الزهد» (؟/ ١7 وفي اذم الدنيا» (414).
-150-
عامته المستأكلة لمقامه في الدنس تنفيرًا له عن غسلها بغير حاجة» فيعود ويغسلها بعد أيام وقد عجزت قدرتي فيه» ووالله أن العاصي أقرب إلى العفو والمغفرة من المعجب بأعماله وأحواله. ىا أشارت إليه الأحاديث الصحيحة نحو حديث: (المعجب ينتظر من الله المقت والعاصي ينتظر من الله المغفرة0”.
ويؤيد ما ذكرناه ما ورد أن ملائكة تتنزل من السماء كل ليلة ومعها أواني من نور ومعها أدوية لمن فوض أموره إلى الله تعالى» فيضعون في حلقه من ذلك الدواء ما يذهب عند سائر الأمراض الظاهرة والباطئة وربا أراد أحد منهم أن يضع شيئًا من ذلك في فم من ليس عنده تفويض» فيقول له صاحبه: دعه فإنه حكيم نفسه. انتهى.
وقد تقدر قول سيدي إبراهيم المتبولي #كللله: إذا رأيتم الفقير يخدم ظاهره ولا بلتفت إلى باطنه فأخحرجوه من الزاوية لئلا يتلف بقيت الفقراء» فاعلموا ذلك أيها الإخوان وشاكلوا في نظافة الثياب حالكم الباطن» فقد كان الشعبي يقول إذا لاموه على وسخ ثيابه: ليت قلبي في القلرب يكون مثل ثوب في الثياب» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يقرب أحدًا | ال ا فسد أحوالهم وتغيرت ثيامهم وخانوا أماناتهم» ومن كلام بعض الحكاء: العاقل هو من يعد التجريب قبل التقريب» والأخرق هو من كان بالعكسء وإن قدر أن الشيخ )١( بلفظ: «النادم ينتظر الرحمة والمعجب ينتظر المقت» وكل عامل سيندم على ما أسلف عند موته؛ فإن ملاك الأعبال بخواتيمهاء والليل والنهار مطيتان فاركبوهما بلاعًا إلى الآخرة» وإياكم والتسويف بالتوبة والغرة بحلم الله» واعلموا أن الجئة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله» فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا
يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره». (الثقفى فى الأربعين: وأبو القاسم بن بشران فى أماليه عن ابن عباس. وأورده ابن طاهر المقدسى فى تذكرة الموضوعات (ص ١1901 »رقم ,)١1١1١5
-145-
جرى عليه المقدر بتقريب من لا يصلح كرميه الفتن بين المجاورين أو ليتبع عوراتهم» وغير ذلك وطلب الشيخ إبعاده عنه فمن المعروف والأدب من جميع المجاورين من عده الشيخ على ذلك مصلحة للزاوية» ولا ينبغي لأحد منهم معارضة الشيخ في ذلك» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يمنع الشباب من الجلوس على الباب الذي على الشارع أو الحوانيت» أو الخروج إلى السوق وتخالطة أهله إلا لحاجة فقد فسد من ذلك حال جماعة كثيرة» وكان سيدي أحمد الزاهد» وسيدي محمد الغمري» وسيدي مدين ذأ يقولون: لا ينبغي لمجاور أن يخرج إلى السوق إلا لضرورة ثم يخرج متعففًا بردائه ويرخيه على عينيه حتى يرجع؛ ولا يكشف إلا بقدر ما ينظر مواقم قدميه لثلا يعثر في وهدة أو بئر أو نجاسة؛ وقد كان أنس بن مالك #ه يلبس البرنس أو الطيلسان على الدوام» ويقول أنه يكف البصر عن فضول النظرء فاعلم ذلك أبها الشيخ واعمل عليه والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يتخذ نقيبًا بخيلاً لا تستح نفسه أن يعطي أحدًا ما سمح له به الشيخ بالطريق الشرعيء فإن مثله يقيم الفتن في الزاوية ويري له وللشيخ الأعداء؛ وربما أمره الشيخ بإعطاء أحد من كبراء الزاوية شيئًا فمنعه أو أعطاه دون ما رسم له به الشيخ فوقع بينه وبين ذلك الفقير عداوة» فإن أجاب الشيخ عن النقيب صار هو الخصم وقويت نفس النقيب» وإن لم يجب عنه ذات حال الفقير النقيب وأذاه الفقراء أشد الأذى؛ فيتبغي للنقيب أن يكون حاذقًا يلحق بلاحق اللاحق ولا يخالف الشيخ في شيء فيجلب الضرر له وللشيخ.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #الله يقول: ينبغي للنقبب أن يكون ميزان
-/ا14-
عدالة بين فقراء الزاوية والضيوف» فلا يسرق ولا يقتر كا أمره الله» وليحذر من أن يكرم ضيوف أصحابه من الفقراء دون ضيوف من بينه وبينه وقفة فإن في ذلك مفاسد وفتح باب لتوغير القلوب» وتضعيف جاه النقيب» فيقولون له: لأي شيء يخرج ليوف فلان الخبز والملح فلا يجد له حجة يحتج بها إلا الأعراض النفسانية» انتهى.
وسمعت سيدي محمد بن عنان يقول ينبغي للنقيب أن يرد إلى بيت الطعام كل شيء فضل من الضيف من خبز وعسل وجبن وغير ذلك» وإن كان شيئًا يخشى فساده أعلم الشيخ به فتصرف فيه قبل الليل مثلاً لئلا يتلف وربما جاء الزاوية ضيف بعد العشاء بلا عشاء فيخرج له تلك الفضلة» انتهى.
وكذلك ينبغي للنقيب ألا يغفل عن من يأتي الزاوية بعد عشاء الفقراء لاسي| إن كان ممن لائق به فربها كان من رجال الامتحان فطلب العشاء»؛ فلم يعطه الثقيب شيئًا فدعا بتحويل النعمة عن الزاوية فحول الله نعمته عن أهلهاء وخرج ذلك الفقير فلم يعرفوا له مكانًا حتى يطيبوا خخاطره» ويسألوه أن يدعو له بعود النعمة.
وسمعت سيدي الشيخ أبا الحسن الغمري لله يقول: ينبغي للئقيب أن تكون عينه دائّا ترقب من يدخل الزاوية» فإن رأى ذلك الداخل جوعانًا جوعًا قويًا عجل له بها تيسر من الطعام» وإن لم يجد عنده جوعا شديدا أخر طعامه حتى يتغدى أو يتعشى مع فقراء الزاوية» أو مع ضيف آخر طلبًا للبركة في الطعام وعملاً بحديث: «خير الطعام ما كثئرت عليه الأيدي)".
,)751 /1١5( ذكره الغزالي في (إحياء علوم الدين» )١(
-148-
ويحذر النقيب من أن يستعمل أحدًا من المجاورين في الوظيفة التي تكون بيده غير النقابة من ملء ميضأة أو.وقادة أو فرشة الأباجرة دون أن يهددهم بتقتير الطعام والشراب عليهم؛ إن لم يفعلوا فإن ذلك: حرام وكذلك ليحذر من استعالهم في حوائج سماط الزاوية بالغرض الفاسد, فإن ذلك ظلم بل يجعل الخدمة على طائفة بعد طائفة بحكم العدلء وإذا كان الطعام داخل بيت الشيخ» فأراد إخراجه بالغرض الفاسد فإن ذلك ظلم بل لأحد من الفقراء» فليقل للخادم في بيت الشيخ أخرجي عشاء واحدًا أو اثنين أو ثلاثة مثلاء فإن طعام الفقراء إن) هو معد للمحاجن للداكن] تقام يفط را
وينبغي للمجاورين إذا كان لهم جار يحب ساع الغناء والآلات طول الليل؛ وأحدهم يصلي ويذكر ربه طول الليل أن يرى.أن جاره أخف أثّ) من أثمه الحاصل في نقص عباداته وسوء الأدب مع الله تعالى فيهاء ثم يدعو لذلك الجار بالمغفرة كي| يدعو لنفسه وفاء بحق الجار» ثم يرجع على نفسه باللوم التي وقعت على عيب جارها إذ لو كانت من أهل حضرة الله تعالى لم تر إلا الأعمال التي ترضي ربهاء وكانت حجبت عن أعبال الفسقة والغافلين لأخذ الحضرة لمجامع قلوب أهلها عن شهود غيرهاء فاعلم ذلك واعمل عليه أيها المجاورء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يبالغ في إظهار أعماله الصاح بالكلية بحيث يطفئ نور أقرانه من مشايخ الزوايا فإن الله تعالى قد يكره العبد المتميز عن أخيه؛ ثم إذا وقع في التميز وبلغه عن أحد منهم أنه ينقصه في المجالس يفرح بذلك» وإذا طلب منه أصحابه أنه يقابله كذلك بالحط عليه يقول لهم أنه اطلع على عيوبي فينبهني عليها محبة في لا رجع عنهاء وأنا لم أطلع له على عيب حتى أنبهه عليه؛ اللهم إلا أن يريد
-156-
ردعه عن الوقوع في أعراض المسلمين بقطع النظر عن تخصيصه هو بذلك رحمة به فلا بأس» وكان أخي أفضل الدين إذا قالوا له: أن فلانًا يذكرك بالنقائص التي لا نراها فيك» يقول: هو أعلم بعيوب نفسي مني لأن من شأن النفس أن تلبس على صاحبها حلاف الأخ الصادق مثل هذا الذي ذكرتم عنه أنه ينقصنيء انتهى.
كما جرى عليه الفقراء الصادقون» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وجماعة الزاوية ألا يزور أحدهم أححا إلا بشيء يؤكل أو يشرّب أو يلبس أو يشم ونحو ذلك» تعظيًا لوجه الحق الذي يقابله من أخيه فإنه ما أدبر مدبر حقيقته إلا عن وجه الحق» ولا أقبل مقبل كذلك إلا على وجه الحق فكان من الأدب مقابلته بالتعظيم والهدية بين يدي مواجهته؟ لأن الحدية إذا طلبت بين يدي نجوى رسول الله يل فبين يدي مناجاة الحق جل وعلا من هيكل الخلق أولى» وهذا هو السر المشار إليه في قولحم ينبغي للفقير ألا يلقى أخاه إلا ببدية» وهم في ذلك سر يعلمونه لا يفشى بين المحجوبين؛ انتهى.
فإن قال قائل هذا حكم من شهد وجه الحق تعالى من يلقى أنخاه فيا حكم من كان محجوبًا عن ذلك فهل يؤمر ببدية كذلك معتمدًا للقاء أم لا؟ فالجواب: نعم يؤمر بذلك على وجه الإيهان بحضور وجه الحق عند اللقاء» وإن لم يره هو كالأعمى معرف أنه جليس ربك» وإن كان لا يراه ومتى نزل الفقير عن درجة الإيان فهو والبهائم سواء؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان؛ واحملوا معكم عند زيارة إخوانكم ولو لقمة أو ثمرة أو زبيبة» والله يتولل هداكم.
وينبغي للفقراء إذا اغتسل أحدهم عن الجنابة أو توضاً لرفع الحدث أن ينوي رفع الحدث الأعضاء الظاهرة والباطنة من محبة الدنها وشهواتها المباحة فضلاً عن
-10«-
المحرمة والمكروهة ليطهر ظاهرًا وباطناء ولا ينبغي له الاقتصار على نية رفع الحدث الظاهر فقط كا يفعله العوام» وكان على هذا القدم سيدي محمد بن عنان» وسيدي أبو السعود الجارحي وأصحابه| رضي الله عنهم أجمعين.
وينبغي للشيخ أن يكون فيه هذه الخصال الحسنة وإلا فمشيخته ناقصة وهي علمه بأحكام الشريعة المطهرة في كل ما يأت ويذر وينزلها على قواعد الحقيقة بحيث لا يخرج عنها مقدار ذرة» ويقابل الواردين كلهم بالعيش والقرى ويخضع للفقراء والمساكين» ولايرى نفسه أرجح منهم في المقام بذرة واحدة» انتهى.
وينبغي للشيئخ أيضًا أن يكون قدوة للفقراء المجاورين في جميع أقواله وأفعاله» فإنهم كلهم ناظرون إلبه | مر لاسيّا في وسع الأخلاق واحتمال كلام الأعدا وحملهم على المحامل الحسنة» فإذا بلغه أن أحدًا يحط عليه على أنه قصد بذلك الخط تنبيهه على نقائصه التي غفل» وينتهي عنها ليتوب ويرى عدوه أصدق في معرفة نقصه من نفسه ليقول لنفسه: إذا تبرأت من النقص فلأني أعلم منك بعيبك؛ لأنك بيت التلبيس على نفسك فاسمعي له #بتدي» وقد بلغنا عن مالك بن دينار أنه قال لنفسه يومًا: أنك مرائيه بأحوالك» فقالت: حاش لله ونازعته في ذلك وإذا بامرأة تقول لصاحبها هذا مالك بن دينار الذي يرائي بأعماله» فقال مالك لنفسه: قد قلت لك مرارًا أنك مرائيه فأبيت فاسمعي من هذه المرأة الصادقة» وتوبي عن الرياء واخلصي في أعمالك قبل الموت» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشبخ الزاوية أن يكفي الفقراء الذين في الزاوية علا فلا يحوجهم إلى الخروج لأحد غيره يقرءون عليه؛ لأن ذلك نقص كبير في الشيخ وهو مجرب لفساد حال الجاعة لاختلاف المتناوب عليهم: وقد كان سيدي عبد القادر الجيلي- قدس
- 6١-
سرّه- يدرس جماعته في علوم الشريعة من فقه ونحو وأصول ومعاني وقراءات وجدل حتى ماتء فاعلم ذلك أبها الشيخ» ودع عنك كلام من يقول من المحجوبين عن حضرة الله تعالى أن قراءة هذه العلوم تغني قلب الفقي» فإن ذلك كلام شخص جاهل بالشريعة» وكيف تكون قراءة شريعة محمد وله التي جاء بها عن الله ولك تغني القلب» ووالله إنه يخشى على من يقول ذلك الكفرء وقد ذقئا حلاوة قراءة هذه العلوم بين يدي الله عز وجل» ف| رأيت أحلى منها حين تفرغ من مجلس الذكر فكان القارئ يقرأ ذلك العلم على الله بك أو على رسول الله يَيِةِ وكان الشيخ يدخل السرور عل وبيرك لله ايا بيع من ترح علباء متاق يبه ركليع مراذة امشكر سول الله ولك ربه على ذلك قال تعالى: :39 وول أعْمَلُوا سيرك هه ملك ورسُولةوَالْمؤْمُونَ 6»(التوية: ).
وهذا من الحق تعالى من باب تعليم عبادة الأدب حيث ينزل تعالى لتعليق رؤية أغالبهم على ظهورها لهم؛ وإلا فهو تعالى عالم بها تكن القلوب؛ لأنه خالق لماء ولا فيها فافهم» وقد كان سيدي الشيخ عبد القادر الجيلٍ #ه يقول: يقبح على شيخ الزاوية أن يجلس للمشيخة وهو محتاج إلى من يعلمه فيخرج فيقرأ على غيره ثم يرجع؛ لأن ذلك نقص عظيم في مشيخته. انتهى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص له يقول: ينبغي لكل من درس العلم أن يستحضر أنه في حضرة رسول الله وله فيقرأ شريعته عليه ويقصد بذكر ما ذكره علماء أمته في شريعته من الأحكام إدخال السرور على رسول الله وله من جهة كونهم نابوا منابه في تقرير شريعته ونشرها بين الأمة لكي لا يضلوا عن طريق الحدى» ولو فتح المدرس عين قلبه لرأى نفسه مجالسًا في حضرة الله كي فكان ذلك أكمل وألذ في
-161'-
تقرير العلم؛ انتهى.
وهو مقام الوارثين في العلم فالحمد لله الذي جعلنا من خدامهم, وبالجملة فمن يغلب عليه قراءة العلوم الشرعية عقب الذكر فهو ضعيف الحال لعجزه عن مراعاة كلام الخلق مع شهود الحق تعالى» فلا يصلح شيخنا للزاوية» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يغفل عن تعليم المجاورين الآداب المتعلقة بأكلهم وشريهم ولباسهم» وذلك ليثابوا على جميع أفعالهم وأقوالهم» ولا تكون أحوالهم جهلاً كالبهائم» وإذا أكل أحدهم لا يأكل إلا طلبًا للحياة ليخدم ربه أبدًا ما عاش» ويتخلق بوصف الذل والمسكنة لله» وإذا لبس ثوبًا أبيض ينتبه بسرعة تدنسه» وقلة حمله للدنس حال قلبه فا يسارع إلى غسل ثوبه وعمامته إذا تدنساء فكذلك يسارع إلى غسل قلبه بالتوبة إذا دنس بوقوعه في شيء من الرذائل» وإذا لبس ثوبًا أسود وراءه لا يظهر فيه الدنس يتذكر سواد قلبه فيكثر من التوبة والاستغفارء ويخرق ببصره على باطن قلبه فيرى سواده ى) يخرق ببصره الظاهر إلى رؤية دنس ثوبه الأسود والأزرق» فيغسله وهكذا في سائر الاعتبارات فلا يدع لأحدهم عملاً إلا ويعرفهم حكمته» وهذه هي التربية الحقيقية» وأما الذي همل المجاورين من غير تربية فهو كمن جعل عنده زريبة مهائم يعلفهاء فاعلم ذلك أيها الشيخ واعمل عليه واطوةشرت العاميق:
وينبغي للشيخ أن يوصي النقيب بأنه لا يخرج شيئًا من حاصل الفقراء إلا ويسمي الله تعالى عليه بحضور قلب وصلاح نية؛ لأن ذلك مجرب للنمو الزيادة في ذلك الشيء؛ وقد كانت عندي زوجة مباركة لا تخرج شيئًا حتى تسمي الله عليه
-101'-
وهي خائفة أن ينقص من كثرة شفقتها فكانت ربا تخرج الجبن من الزلعة الواحدة لنحو المائة من المجاورين نحو ثلاثة أشهرء فلما توفيت إلى رحمة الله تعالى كانت الخادمة تخرج منها نحو الشهر وتفرغ الزلعة.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #ثللكه يقول: إذا كان عند النقيب شفقة ورحمة في أمر قوت الفقراء فكل شيء أخرجه أنزل الله تعالى في ذلك القوت» فكأنه البركة فلا ينقص بل يزيد» وإذا لم يكن عنده شفقة طارت البركة من يده؛ وربا زاد الشيخ في الخبز نحو ثلث ولا يكفي الفقراء؛ انتهى.
وقد جربنا ذلك مرارًا فاعلم ذلك أيها النقيب واعمل عليه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب إذا دخل للزاوية هدية أن يفرفها على الرءوس كا يفعلون في صدقة صحبة رسول الله ب فمن له زوجة أعطي سهمان؛ ومن له أولاد أعطي على عددهم» وقد فعلت أنا بذلك ما لا يحصى فأعم أهل الزاوية والبيت من صغير وكبير» فرب| يخص الرأس حبة تين أو ثلاث رطبات أو خيارة» وإن رأيت الهدية لا تعم سطرتها على عدد الرءوس» وهذا أمر ما رأيت له فاعلاً بعد الشيخ عبد الحليم بن مصلح ببلاد المنزلة» فالحمد لله الذي وقفنا لمثل ذلك والحمد لله على كل حال.
وينبغي لأهل الزاوية إذا نهر النقيب أحد أو زجره من شباب الزاوية لأمد فأوقع فيه من سوء أدب أو قلة حياء ألا يتعصبوا على النقيب مع ذلك الشاب حمية جاهلية لاسيها إن كانت النفوس تميل إلى ذلك الشاب لاله وحلاوة لفظه؛ فرب| حصل بذلك مفاسد لا تحصى لكن إذا راءوا من النقيب انحرافًا عن طريق الحق فمن الواجب عليهم أن يعلموا الشيخ بذلك ليؤدب النقيب, أو يعزله كه) مر بسطه مرارًا.
- 108 -
وينبغي للنقيب أن يكون عنده زيادة حذق وفطئة بحيث يلحق بلاحق اللاحق لاسيما في هذه الأيام التي فسد فيها نظام الفقراء» وصار أحدهم يفجر على شيخه فضلاً عن النقيب حتى ربا أمرهم الشيخ بمعروف فرافعوا فيه عند الحكام بغير طريق» ومن جملة حذق النقيب أن يستعمل في حوائج الزاوية كل من يراه قليل القراءة والذكرء وليحذر في الحاجة أن يستعمل من كان بالضد من ذلك فيترك الفارغ من أعمال الدنيا والآخرة» ويستعمل من يراه جالسًا يذكر أو يقرأ في لوحة مثلاً فإن ذلك جهل وسوء تصريف» وقد قال أشياخ الطريق: من أشغل مشغولاً بالله عن الله أدركه المقت في الوقت» انتهى.
فإن لم يجد النقيب في الزاوية إلا ذلك القارئ أو الذاكر مثلاً» وخاف فساد العجين أو الطبيخ فلبجلس عنده بأدب» ويقول: دستورء الأمر قد احتاج إليك في هذه الحاجة؛ فإن أبى؛ وقال: لا أترك الرحى ولا الذكر مثلاً تركه» ومضى إلى الشيخ وأخبره بذلك ولا يتلاغا هو وإياه فضلاً عن الشتم واللغوء وهناك يفعل ما يأمره به الشيخ.
وينبغي للنقيب أن يكون قليل الكلام قليل المزاح والمخالطة للمجاورين؛ وذلك ليهابوه ويمتثلوا أمره إذا أمرهم أو نهاهم» فإن كل من مزح استخفت الئاس به شاء أم أبى خصوصًا المزح مع من لا يحتمل المزح فربم| شتم النقيب» وليحذر كل الحذر من نقل الكلام على وجه الفساد بين الفقراء؛ فإنه يصير ناما والندام ملعون والمعلون لا يصلح أن يكون نقيبًا على الفقراء» ويجب على النقيب أن يوطن نفسه على جميع ما يقول فيه بعض المجاورين من الزور والبهتان في حقه. فإن المعاملة إنها هي مع الله تعالى لا مع الخلق» وليحذر أن يطلب من الشيخ عوضًا دنيويًا في نظير خدمته
- 108 -
للفقراء» أو ليرفع *مته عن مثل ذلكء والله تعالى يسخر له الدنيا التي تكفيه» وتكفي عياله بحسب صدقه في خدمة عباده» وربا كان الشيخ في وارد لا يقدر على خلطة اذ يحب الننيا فمقت :ذلك النقيت فلم يقلح بعدما أبّاء كا واقع لتقي سيد يحمدك ولا يشكرك؟ وانظر إلى فلان وفلان كيف صارت لهم دور وملابس ومراكب وقطاع الطريق» فلو أنك تركت خدمة هؤلاء لأعطاك الله تعالى كما أعطى هؤلاء علءًا تغيرت نيته من كلام إبليس دفعه الشيخ بالحال» فوجد نفسه في قصر مريض أصفر اللون نائم على سرير مقور وبه ضربان المفاصلء لا يتهنى بأكل ولا شرب ولا منام» فقال للنقيب: خذ جميع ما رأيته في هذا القصرء وأعطني العافية التي الملك» فاستغفر وتاب فجذبه الشيخ فإذا هو واقف بين يديه يقول نبت إلى الله» ومن وأخبرني الشيخ عبد القادر الدشطوطي" #لله: أنه كان عند سيدي إبراهيم )١( هو سيدي عبد القادر الدشطوطي: المعروف بالكرامات»؛ المشهور بخوراق الآيات البينات والكشف. والقبول التام عند الملوك فمن سواهم من الأعلام» ذو الصفات التي اشتهرت» والعجائب التي مبرت عندما ظهرت؛ وكان ضريراه وعمر عدة جوامع بمصر وقراهاء ووقف الناس عليها أوقافا كثيرة. وكان صاحيًاء لكنه كان حافيًا مكشوف الرأس,ء عليه جبة حمراء» وكان لقبه بين الأولياء «(صاحب مصرا.
-105-
وتوقف النيل» ثم هبط أيام الوفاء ثلاثة أذرع» فخاض في البحر وقال: اطلع بإذن الله. فطلع فوراء فأقبل الناس يتبركون به.
وحج ماشيًا حافيًا طاويّاء فللا وصل إلى باب السلام» وضع خده على العتبة» فيا أفاق إلا بعد ثلاث.. وكان يُرى مع الدليل تارة ومع الساقة أخرى؛ ويختفي ويظهر.
وكان لا يُرى يصلي فيقول: الناس معذورونء يقولون عبد القادر لا يصلي» والله ما أظن أني تركت الصلاة منل جذبت لكن لنا أماكن نصل فيها.
وكان قايتباي إذا زاره؛ يمرغ وجهه على أقدامه.
وقال لشيخنا العارف الشعراوي: كل من قال: إِن السعادة بيده كذب.
وكنت في «دشطوط» لا أهجع من السعي على الدنياء وأنا على ظهر فرسء من الغيط إلى السواقي» إلى التقدمة؛ وكان المثل يُضرب بي في الجهد على الدنياء فبين) أنا كذلك» حصل لي جاذب إلهي» فصرت أغيب عن حسي ليومين وثلاثة ثم أفيق» فقلت: اللهم إن كان هذا وارد حق فاقطع علائقي من الدنيا؛ فأخذت في السياحة إلى يوم هذا. وقال: طلبت من الله تعالى مقام الحضور بين يديه» فتجلى لي من حضرته مر ذابت منه مفاصلي» وصرت أطلب طلوع روحي فلا أُجابٌ» فتوسلت بالمصطفى 44 فرحمني» وأسدل عل الحجاب.ولما عمّر القبة التي دفن فيها بزاويته» صار يقول للشيخ جلال الدين البكري: أسرع» فالوقت قربء وقال له: لا تجعل لأحد من الشهود والقضاة وظيفة في زاويتي إنما جعلت وقفها لكشفي الركب من كل مقيم ووارد.وكان ينام عند نصراني بباب البحر» فيسأله جاره القاضي أن ينام عنده فيأبى» ويقول: هذا ما هو نصراني؛ فأسلم بعده.
وكتب مرة ورقة إلى شيخ الإسلام ابن أبي الشريفء يسأله في أن يقرئ شابًا فتمنع» ثم أرسل الالخاح عليه فأجابء فأقرأ الشاب مجلسًا واحدًا ثم قال: أنا لست بمفرغ لإقراء الأطفال» وحجبه عنه» فعاد إلى صاحب الترجمة» فتوجه معه بنفسه إلى شيخ الإسلام» فتوانى في الإذن له- لكونه كان مشغولا بالعشاء- فاضطرب الموضع الذي هو فيه حتى كاد يسقط» فخرج إلى الشيخ وقال: يا سيديء بالأرواح.. فقال: ماذا أعمل؟ أنت مشغول باللذة» والوقت أمسى.
قال الجلال السيوطي: رفع إلي سؤال في رجل حلف بالطلاق إن ولي الله الشيخ عبد القادر بات عنذه ليلة كذا فحلف آخخر بالطلاق أنه بات عنده تلك الليلة بعينهاء فهل يقع الطلاق على أحدهما؟ فأرسلت
-/ا160-
المتبولي نقيب يكاشف الناس على ما في بواطنهم يطلب يومًا من الشيخ أن يساعده على التزويج فأعطاه شيئًا فغضب ولم يأخذه فمقته الشيخ فسلب الكشف وعمل بياع خبز فلم يشتر أحدًا منه رغيفًاء فعمل نقيب أطفال في مكتب ففر منه جميع الأطفال إلى أن بقى وحده فمرض في المارستان مسلويًا ممقونًا نسأل الله العافية؛ انتهى.
وينبغي للشيخ أن يكون أول الناس حضورًا لمجالس الخير من صلاة الجماعة والذكر وقراءة العلم» والزهد والورع» وقيام الليل» وترك التنزه في الأنهار والبساتين» وسماع الآلات ونحو ذلك؛ لأن فقراء الزاوية كلهم ناظرون على أفعاله ليقتدوا به فيها» وقد أنشدوا في ذلك: إذاكانَ رأسٌ الدار بالدفٌ مولع فشيمةٌ أهل الدارٍ كنّهمْ الرَفْص
فلا أتعب قلبّا من عمل شيخًا على الفقراء لا جسمً اللهم إلا أن يكون له حال قاهر يحمي به نفسه عن اقتداء الناس به في اللهو والغفلة عن الخبر في الظاهر» فمثل هذا يسلم حاله» ولكن ليس لأحد الاقتداء به في ذلك» وإن شيخًا في الصورة كما هو
قاصدي إلى الشيخ» فسأله عن ذلك» فقال: ولو قال أربعة إنٍ بث عندهم لصدقواء فأفتيت بأنه لا يحنث واحدٌ منها انتهى. وقال بعضهم: كان قد خلعت عليه خلعة التطورء فيدير ما شاء من الأجساد المعددة» بحيث نام عند
رجلين في بلدين متباعدتين في ليلة واحدة» وأكل عند كل منهما لبنًا.ونظير ذلك ما حكي عن الشيخ محمد الخضري-المدفون بالبهنسا- أنه خطب في سين بلدًا في يوم واحد خطبة الجمعة. مات سئة نيف وثلاثين تسعائة» ودفن بزاويته المباركة خارج باب الشعرية.
وانظر: طبقات الشيخ الشعراني (؟/78١): جامع الكرامات (؟/ 40) الشذرات ))١19/8( الكراكب السيارة (47/1؟).
-1884-
شأن بعض أولاد الشيخ إذا مات والدهم» وعملوا مشايخ بعده في الزاوية فإنه ليس لهم من المشيخة سوى الاسم فقط» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يذكر جميع أقرانه الذين هم في الزوايا بخير لاسيها عند الأكابر من الأمراء الذين يزورونه سترًا للخرقة فإن حكم العكس بالعكسء فإنه إذا نقص أحذا من أقرانه» فبلغه ذلك صار الآخر بنقصه بحضرة كل كبير دخل عليه فانحل الأمر إلى ببدلة الشخصين عند الناس كما يقع في بعض من جلس للمشيخة من غير نظام على يد شيخ كأنه يريد من الناس ألا يعتقدوا أحدًا في البلد غيره فيعاقبه الله بضد قصده. وتنفر منه قلوب الناس كما وقع لكثير من الناس» فليحذر سيدي الشبخ من مثل ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذ لا يتعاطى أسباب الشهرة كعمل الولائم الكثيرة ودعا الأكابر إلى حضورها من علاء وأمراء ومشايخ أسواق ونحوهم» فإن ذلك من سخافة العقل» وما طلب أحد الشهرة وحصلت له إلا وحصل له ندم على ذلك في الدنيا والآخرة.
ولما حضرت سيدي أحمد بن الرفاعي الوفاة» قال ليعقوب الخادم: والله ما كان لحميد خيره إلا في الوحدة فياليت حميدًا لم يعرف أحدًا ولم يعرفه أحد» وكان سيدي على بن وفا يقول: يا مريد الله بالصدق لا تهتم بأمر الشهرة في هذه الدار فإن الله تعالى لابد أن يشهرك وينفع بك لموضع صدقات» ويأمر يد الشهر بالكذب على الله تعالى إن حصل لك ما طلبت لن تمتع به إن مقت الله 9# أَسَّدٌ بَأْسَا وََسَّدٌ تتكيلا » (النساء: 84)» والله أعلم.
وني كلام ١الحكم» لابن عطاء الله: ادفن نفسك في أرض الخمول فم نبت مما لم
-108-
يدفن لا يتم نتاجه أي بخلاف الحب الذي يدفن فإنه ينبت تحت الأرض» ثم يشق الأرض قهرًا عليها ويخرج ثابتًا لا تقلعه الرياح» وقد درج الأشياخ كلهم إلى عصر سيدي على المرصفي على أن أحد لا يبرز للناس إلا بعد كاله وتبديده بالسلب إن لم يخرج» فاعلم ذلك أيها الشيخ واعمل عليه والله يتولى هداك.
وينبغي للشيخ أن يتفقد ذرية من وقف على زاويته وقفًا إذا رآهم افتقروا بعد موت والدهم مثلاً؛ فإن والدهم لو عاش ورآهم في ضيق عيش لربا أشركهم مع الفقراء في الوقف, أو سلخ لهم شيئًا منه إن كان شرط لنفسه الإدخال والإخراج فكا نفع هذا الواقف فقراء الشيخ كذلك ينبغي له أن ينفع ذريته؛ ولا ينبغي للشيخ أن يطيع من يصده عن الإحسان إليهم من جبابرة المستحقين» ويقول: إن الواقف نفسه صار كالأجنبي فضلاً عن ذريته» فإن ذلك وقاحة وبخل ولوم طباع وعدم معروف» ثم إن غلبه الممستحقون ومنعوا الشيخ من أن يعطي ذرية الواقف شيئًا فيتبغي له أن يعطيهم نصيبه هو أو يشركهم معه في ذلك ويقدر نفسه أحا لأولاد الواقف في حياته» وإن كان للشيخ الإدخال والإخراج فليسلخ لهم رزقه من الوقف مثلاً ويقدر أن الواقف لم يقف ذلك عليه ولاعلى جماعته؛ والله أعلم.
وينبغي للشيخ إذا شك في حل شيء من جهات وقف الزاوية أن يجتمع هو والفقراء» ويسألوا الله تعالى أن يعطل كل جهة فيها لوث في نفس الأمرء أو يرسل مكاتبيها لحاكم شرعي حاذق ينظر في أصولاء ويعطي كل ذي حق حقه من جهة السلطان أو أحاد الناس» وقد فعلت أنا بمثل ذلك في وقف زاويتناء فعطل الله منه بعض جهات فلم يقدر أحد من الحباة يستخرج من هو واضع اليد عليها شيئًا من الخراج أو الأجرة مع كون مستنداتنا أصح وأقوى في الظاهر.
3
وكذلك أرسلت مكاتيب الواقف لديوان السلطان أيام الباشا سليهان وغيره» وقلت له: قد بلغني أن في هذا الوقف شيئًا لجهة السلطانء وأنا لا أنظر إلا على وقف لا شبهة فيه ففتشوا مكاتيبه التفتيش الكامل المخلص للذممء فا وجدتموه لكم فخذوه وما وجدتهوه لغيركم فأعطوه له. ولو جميع الجهات ولا تخافوا من دعاء الفقراء؛ فإن الفقراء هم السائلون في ذلك» وأيضًا فإن من يأكل الشبهات لا دعاء له يستجاب فنظروا فيها وأخرجوا عنهماء ثم أرسلوهما لنا وقالوا لتأكلوا الآن حلالاً طيبّا ولو كان أصل جهاتكم إقطاعًا فإن السلطان قد سمح لكم بذلكء انتهى.
ولا أعلم أحدًا فعل مثل ذلك في مصر غير فقراء زاويتنا فالله تعالى يتم عليهم الورع إلى المات آمين اللهم آمين» ولا يغفل ذلك الأمر إلا نمن تمكن في مقام اليقين» واعتقد كشمًا ويقيئًا أن ما قسمه الله تعالى له لا يقدر أحد على منعه منه» وما لم يقسمه لا يقدر هو على الوصول إليه فالحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ ألا يغفل عن مصالح الفقراء المقيمين في الزاوية في أمر دنياهم وآخرتهم» فيحصل لهم القوت ويخزنه لهم ليقل التفات أحدهم إلى تحصيل أمر معاشه ويقبل على عبادة ربه» ويأمر أحدهم بالوضوء قبل الوقت ليدخل عليه الوقت وهو متهيئ للصلاة مترقب لواردات الحق تعالى» ولا يفوتهم فعل السّئن التي قبل الفرائض ولا تكبيرة الإحرام في الفريضة» ى) هو شأن من يؤخر الوضوء إلى دخول الوقت فربا فات أحدهم الركعتان والثلاث من الفريضة؛ وقد أجمع الأشياخ على أن كل فقير تباون بفوات تكبيرة الإحرام لا يجيء منه شيء في الطريق لما ورد في فضل صلاة الجماعة» ويكون من لا شوق عنده إلى الوقوف بين يدي الله تعالى مع المؤمنين للخدمة فهو منافق لما عنده من الكسل الذي هو أعظم دليل على حصول النفاق لاسيما في يوم الجمعة | مرت الإشارة إليه في هذه الرسالة» والله أعلم.
1
وينبغي للشيخ أن ينبه المجاورين على المواطن التي ترفع *ممهم عن تحمل منن الناس عليهم من إخوانهم أو الأجانب» كأن يتركوا النقيب يخرج القمح من الحاصل ويغربله وينقيه ويحمله إلى الطاحونء ثم يأتي به إلى الدار فيعجنه ويقرصه.؛ ثم يحمله إلى الفرن» ثم يأني به إلى الزاوية» ثم الدار وأحدهم جالس يتحدث ويلغوا ويقرأ في ماضيه أو يذكر» فإن ذلك يمنع ترقي الفقير على دناءة الهمة وقلة مروءته حكمه حكم المرأة في البيت لا نصيب له في الرجولية.
وقد كان أبو سليان الداراني يقول: ليس الشأن أن تصف قدميك للعبادة وغيرك يفت لك إنا الشأن أن تحرز قوتك أولاً بنفسك ثم تقبل بعد ذلك على العبادة ثم لا فرق عند أصحاب المروءة بين أن يكون ذلك النقيب له جامكية في وقف الزاوية على ذلك أم لاء فإن المجاورين ربا كثروا عليه فشق خدمتهم كلهم وصار يخدمهم كالمكره بسيف ا حياء لا يقدر على تحرير نيته» فيخرج هو والفقراء عن آداب أهل الطريق» وكان سيدي محمد الغمري يقول: ينبغي للنقيب أن يستعمل أولاد الفلاحين الذين أتوا للمجاورة في الخدمة حتى تنكسر نفوسهم وتتهذب أخلاقهم» ثم بعد ذلك يخفف عنهم الخدمة كغيرهم من قدماء الحجرة» وإن كان نساء المجاورين يأكلن من وقف الزاوية» فينبغي لأزواجهن أن يأمروهن بالأعمال التي تكون داخل البيت كالغربلة والتنقبة من الطين والبخر» إن شاءوا وكالطبيخ ولا ترمي إحداهن بنفسها إلى الكسل فينقص رأس ماها في الدين» وقد جاورت في زاوية لبعض الفقراء وأنا صغير فكان أهلها في أرغد عيش لانقيادهم لأمر الشيخ» وكان أحدهم إذا دعا لنقيبه الرطب من اليسر يبرب من كثرة النعمة؛ فلما خرجوا عن أمر الشيخ» وقال كل واحد: أنا لا يلزمني خدمة غيري حول الله تعالى عنهم النعمة وصار كل واحد يجري طول نهاره في تحصيل اللقمة» هذا أمر رأيته بعيني
-؟13-
وربا غضبوا كلهم وامتنعوا من حمل طبق العجين إلى الفرن» وقال كل واحد: هاتوا لي خبزي أخبزه فذهبوا كلهم إلى الفرن وكانوا نحو سبعين نفسّاء ولو أنهم داموا تحت أمر الشيخ في خدمة بعضهم بعضًالم يتحول عنهم نعمة وفي الحديث: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»" فاعلموا ذلك أبها المجاورين واسمعُوا وأطيعوا لكل من أقامه الله شيخًا تفلحوا إن شاء الله تعالى» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يأمر المجاورين ونساءهم بالنيابة في الخدمة لكل من حصل له عذر من مرض أو نوم أو سهر على ولد مريض برمد أو غيره» فتنوب إحداهن عن صاحبتها في الخدمة ذلك اليوم لتفعل الأخرى معها كذلك إذا حصل لا مرض أو سهر على مريض؛ فإذا صعب ما على السهران أن يستقبلونه بالخدمة وسط النهار قبل أن يستريح بالنوم» وليعلم المجاورين المتزوجين أن أحدهم أولى بالخدمة من العزاب لال عقله وكثرة مؤنته الزائدة على مؤنة العزاب» ولا ينبغي له أن يقول: إن امرأتي تخدم عني؛ فإن ذلك ندالة وقلة مروءة» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وأحملوا التعب والمؤنة عن إخوانكم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يعلم الفقراء أدب زيارتهم لإخوانهم وذلك بألا يرى أحدهم له فضلاً على المزور؛ بل يرى أنه أدى حمًا كالواجب عليه لأخيه؛ وإذا ترك أحدهم زيارة أخيه فليكن ذلك بوجه شرعي خالٍ عن الرعونات كأن يخاف من زيارته له اشتغاله عما هو فيه من العبادة فيترك زيارته لمثل ذلك» وليحذر أن يقول:
)١( أخرجه أحمد (7/ 767 »رقم ))411١ ومسلم (4/ 7١17/4 »رقم 648 ) وأبو داود (4/ /41؟»
رقم )2 والترمذي (0/ ١46 ؛رقم 6,© وابن ماجه /١( 87 )2 رقم 6؛ وابن تحبان (/597ء رقم 074),
-131-
56 300037
نلساأق 5 مع 2 ! لم لديل عق بدن ب وغاى بودخار 01
لع
0 له وليص لطر عل تقال القدم تبارقة له ريقو نا تركت زيارته خوقًا عليه أن يكبر نفسه كا عليه أصحاب النفوسء فإنه سُوء ظن بذلك الأخ وهو حرام والله أعلم.
وينبغي للشيخ أن يصبر على جفاء المريد ونقضه عهده؛ لأنه في حجاب عن معرفة نفاسة ما يدعوه إليه الشيخ؛ فلا يزال الشيخ في تعب حتى تعلق فيه صنارة محبته للطريق حين يشرق على نفاسة ما يدعى إليه» وهناك يستريح ويصير المريد يفعل المخير من أدب نفسه أو لمجرد الإشارة» وهناك يصير المريد يبكي على موت الشيخ أشد البكاء بخلاف ما إذا مات شيخه وهو لم يعرف نفاسة ما كان يدعوه إليه؛ فإنه لا يحزن عليه ولا يبكي ثم إذا علقت في المريد صنارة محبة الطريق فينبغي للشيخ أن يفرح بذلك المريد أشد الفرح لكن من حيث جمعية قلبه على عبادة ربه لا من حيث نسبة هدايته إليه هو كما أشار إليه حديث: «لأَنْ يَيْدِىَ الله بك رَجلاَ وَاحِدًا
بلك مِنْ أن يَكُونَ لَك حمرٌ النصم0", انتهى.
فاعلم ذلك أبها الشيخ وافرح ببداية مريدك لله لا لحظ نفسك بحيث يتساوى عندك هدايته على يديك وعلى يد غيرك على حد.سواء؛ ومتى وجذت في قلبك حلاوة ببدايته على يديك أرجح من حلاوة هدايته على يد غيرك فأنت في حظ نفسكء وما دعت الأنبياء ونوايهم إلا إلى عبادة الله لا إلى نفوسهم قال تعالى: 92 وَإِكا سأللك يبادى عَيْ َإِنْ ضََرِيبُ © (البقرة: 187) أي: فدلهم على قربي لا على قربة منك» والحمد لله رب العالمين.
,)1817/1/4( ومسلم »)1١1// /17( رواه البخاري )١(
-934-
وينبغي للشيخ إذا ورد عليه فقير قوي العزم في الذكر وأراد أن يكون ذلك الفقير من أصحابه ألا يقول له: ادخل في صحبئتنا لتلا يقول: أنا في صحبة فلان فيخجل الشيخ؛ بل يقول بقلبه اللهم إن كان لهذا الفقير نصيب عندنا فقيده لصحبتناء وإلا فاصرفه عنا إلى شيخه» واصرف قلوبنا عن التعلق بصحبته» وقد فعلت بذلك مرات فإما يتقيد ذلك الفقير علينا من غير لفظ» وإما ينصرف عناء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشييخ أن يعلم فقراء الزاوية بأن تكون أعالهم كلها تدور على رضا الله تعالى» فلا يحبون ولا إلا لأجل نسبته إلى الله تعالى فيشهدون عظمة الله تعالى قبل عظمة ذلك الولي» ولا يقصرون بصرهم على ذلك الولي مع حجابيم عن شهود من أحبوه لأجله؛ ولهذا الأدب حلاوة يجدها الفقير لا يقدر قدرهاء ومن هنا قال الشبخ أبو الحسن الشاذلي: الأولياء آيات الله وأعلامه على ما يدل على ذاته» وأكثر من ذلك لايقال» وكان سيدي على الخواص #الك#يقول: لا يعمل الفقير حتى يجتمع بقلبه على الله تعالى شهود كل شيء في الوجود, كا قال القائل: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد فاعلم ذلك أبها الشيخ» ولا تغفل عن تعليم أصحابك الأدب مع الله والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يأمر مؤدب الأطفال في الزاوية أن يحذر الأطفال من السرقة أو الاختلاس لشيء لا حق هم فيه؛ ليدخل عليه سن البلوغ وهو يوصف بالأمانة دون الخيانة» ويحذره من سرقة درهم أو أكل حبة واحدة من الفاكهة التي حملها إلى بيت الشيخ أو الفقيه مثلاً» فإنه وإن لم يكن مكلقًا فلا يبعد أن يلحق في الحكم بالعبد الذي تعلق برقبته مال» فلا يطالب العبد به بعد العتق كذلك لا يبعد أن يطالب به
156 -
الطفل بعد البلوغ» أو في الدار الآخرة ثم إن جرى المقدر على طفل ونخان في رطبة أو جديد نقره وم يقدر على الوفاء لغيبة صاحبه أو موته» فمن العقل أن يقرأ له حم ونحوه ويدعو له» وقد فعلت أنا بذلك مرة في درهم أخخذته وأنا صبي اشتريت به حلاوة بغير إذن صاحبه» فقرأت له ختمة وأهديتها في صحائفه؛ وأنا خائف ألا يرضى بذلك في نظير درهمه؛ ويقول: في الآخرة مات درهمي بعيئه» فالله تعالى يلطف بنا وبكل من عليه حق آمين آمين آمين.
وينبغي للشيخ معاتبة كل من تخلف من المجاورين عن صلاة الجماعة» أو مجلس الذكر وتوبيخه على ما فاته من الوقوف أو الجلوس بين يدي رحمة الله كن فلعله يأخذ حذره في المستقبل ويواظب على الخير وينجبر ذلك الخلل الذي حصل بتحريك الهمة التي حصلت بالتوبيخ والحزن على ما فات.
وكذلك ينبغي للشيخ والئقيب أن يأمر الجماعة بالاجتماع على السماط لاسيا أيام الغلاء أو ضيق طعام الزاوية» فإن رسول الله كل أمر بذلك أهل بيت كانوا. يأكلون ولا يشبعون وقال: «لعلكم تفترقون» فقالوا: نعم يا رسول الله فقال:اجتمعوا على طعام يبارك لكم فيه»”» انتهى.
وفي ذلك أيضًا سد باب اللوث بالشيخ من الأعداء إذا رأوا جماعة السماط قليلة» ويقولون:إن الشيخ يأكل حق الفقراء» ولا يطعم من وقف الزاوية إلا القليل فإذا رأى العدو وجميع المجاورين يأكلون على السماط في صحن الزاوية مثلاً ورأى كثرتهم فرب| ترك اللوث بالشيخ» أو قال الشبخ في كلفة عظيمة من جهة كثرة المجاورين الذين عنده وفي اجتاع الفقراء أيضًا سد باب التكبر من الفقراء» ى] عليه )١( رواه أبو داود (71/55).
-131-
بعض المجاورين الذين يخالطون أبناء الدنياء ويظهرون الكبر والغناء عن سماط الشيخ فأشق ما على أحدهم أن يدخل عليه ذلك الصاحب وهو جالس يأكل مع الأطفال والعميان ولو أنه كان صادقًا في محبة الشيخ لفرح بذلك أشد الفرح وعزه على ذلك الصاحبء وقال له: كل من طعام سيدي الشيخ يحصّل لك البركة فبالله عليكم يا إخواني ذللوا نفوسكم ليرفع الله مقامكم؛ ومن كان منكم مستغنيًا عن طعام الزاوية فليحضر مع الفقراء تواضعا وتكبيرًا لسوادهم» ولا تخالفوا تندمواء والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للفقراء إذا كان لهم ورد في الزاوية ليلاً أن يحضر أحدهم ولا يتعلل بتأنيس زوجته التي لا تستحق أكل نخالة الشعير» وإن كانت تخاف حقيقة فليسأل بعض عجائز الحارة أن تنام عندها ولو بعشائه تلك الليلة» وإذا كانت الزوجة قوية القلب لا تخاف إذا أغلق عليها الباب فليحضر للورد من غير مؤنس وليحذر من التعلل بوحشة الزوجة. فإن الناقد بصير وبتقدير صدقه؛ فينبغي له أن يفعل ذلك الورد في بيته حتى لا يفوته الأجر» وقد رأيت من يجلس على بعض الحوانيت يتحدث مع السوقة حال مجلس الصلاة على النبي فلْةٌ يوم الجمعة من الصلاة إلى العصرء وإذا عاتبه أحد قال: حصلت لي ضرورة استغرقت الوقت ورأيت من يقوم ويشمر أكىامه ويشد وسطه ويخرج من الزاوية يوهم أنه يأقي بحطب الطعام أو شراء الدهن ونحو ذلكء والحال أنه إن خرج زهقًا من المجلس ورأيت من يأتيه ولده الصغير فيجلس بجنبه فيطأطئ رأسه له ويقول: ككي ثم يقوم وهم الحاضرين أنه إنها قام به خوقًا أن ينجس المسجدء والحال أنه إنم! هو من كثرة الحصر الذي حصل له من مجلس الذكر» ورأيت من يقوم من المجلس ويدور في الزاوية ثم ينزل الميضأة فيطوف على بيوت الخلاء بينا بيتا ثم يطلع بلا قضاء حاجة ويوهم أنه إنا نزل
-171/-
لحاجة البول مثلا» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وتزودوا من الخيرات؛ فإن الموت أقرب إلى أحدكم من حبل الوريد والحمد لله رب العالمين.
وينبغي من لم يقدر من الفقراء على مجالسة الله وك من أول الورد إلى آخخره أن يخضر أول المجلس وآخره ليكتب في الأول من السابقين للخيرات وفي الآخر من أهل المجلس فيفرق عليه ما قسم له ولو أنه كان مفتوح البصيرة لحزن على ما فاته من ذلك الخير أشد من. خزنه على ولده العزيز إذا مات في ذلك الوقت» وإذا احتبل المجلس فلا ينبغي لأحد من الفقراء مفارقة المجلس؛ لأنه يكسر قلوب الجماعة ويضعفها ويفرق قلوبهم» وهذا نظير ما ورد في المنصرف من صف القتال» فلا ينبغي للذاكر الانصراف إلا إن كان متحيرًا إلى فئة يذكر معها ليقوي قلوبها أو ليذكر الله تعالى في جانب آخر من ا حلقة لا لعلة؛ لأن الذاكر لله كالمجاهد في سبيل الله» ومن هنا قال أبو على الدقاق: الذكر منشور الولاية فمن وفق للذكر فقد أعطى مرسومًا بأنه ولي الله وكان يقول الذكر سيف المريدين به يقاتلون أعداء الله من شياطين الإنس والجن» انتهى.
فاعلموا ذلك فإنه نفيس» وكان سيدي على المرصفي كله يقول: لا ينبغي لأهل المجلس أن يقوموا دفعة واحدة للطهارة ويخلو جانبًا من الحلقة؛ بل يقوموا متراسلين جماعة بعد جماعة لا يظهر هم خلل في الحلقة ولابد لهم من إذن شيخ المجلس في ذلك ولو بإشارة عملاً بقوله تعالى: هما المُؤيئوت> دين ءامثرأ به ورسولو. دا كاتا مع عكن أثر جايج لَرْ يدْهَبوأ حَقَّ يتوه 6 (النور: 57)» ومجلس الذكر أمر جامع للقلوب على الله بيقين» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يعلم المجاورين العمل بها علموه من أحكام الشريعة» ف
-118-
كل من علمها عمل بها لاسيهما النوافل وصغائر الذنوب كالتهجد» وحرق البق والنمل» إذا كثر في الزاوية أو البيت فيأمر الفقراء بالنوم كل ليلة على طهارة» وذكر من غير حدث ولا لغوء ويأمرهم إذا أرادوا إخراج البق أو النمل بفضل الأمور التي ليس فيها عذاب على الحيوان» وذلك بأن يضع للنمل رأس حيوان مطبوخ, فإذا دخل النمل فيه رماه على الكومء أو يأخذ فتيلة ويقربها من مواضع البق فإذا أحس بالحرارة وخرج من موضعه فليقتله بيده مثلاً دون أن يحرقه بالنار» أو يضعه في الشمس حتى يموت؛ فإن الشمس أخف من الثار في الحرارة» وكان سيدي محمد المنير يجلس عند الحصر التي فيها البق أو البرغوث في الشمس فإذا انتشر البرغورث أو النمل أو البق قتله وهو خائف من الله في جهة عدم إحسانه القتلة التي أمره الله بباء فإن دهك البق أو النمل أو البرغوث والقمل بجرًا أو بمصقلة مثلاً ما هو إحسان للقتلة إن) الإحسان أن يقتله بأهون طريق يكون» ويتمنى أن لو كان يمكنه ذبح القملتين أو البرغوث لفعل» انتهى.
وهذا الأمر يقع فيه المجاورون كثيرًا ولا ينبغي لهم ذلك؛ بل كان سيدي أحمد بن الرفاعي يقول: لأصحابه اصبروا على قرصة النمل والقملة والبرغوث؛ وعودوا نفوسكم بتحمل الشدائد في الدنيا ليصير لكم إدمان على تحمل شدائد الآخرة؛ فإن جميع شدائد الدنيا إن) هي كالإدمان لشدائد الآخرة» وكان يقول: إذا لم يصبر أحدكم على قرصة برغوث فكيف يطلب طريق القوم» وفي رواية عنه من كان ينفذ غضبه في برغوث أو قملة فكيف يطلب منه ألا يتقد غضبه في حق أخيه المسلم» انتهى.
وكان ذو النون المصري ينهي أصحابه عن البصاق تجاه القبلة وعن اليمين واليسار» وعن البصاق في بحر النيل» ويقول: يبصق أحدكم على أكبر نعم الله
-158-
الدنيوية على عباده» انتهى.
فاعلموا ذلك أيها المجاورون واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ أن يعلم المجاورين ألا يفعلوا فعلاً ولا يقولوا قولاً مندوبًا أو عاديًا في المجلس إلا مع شهود أحدهم كون الله تعالى يراه وإن ذلك من جل ما تت إلا ا زياع لكيه ف الم لابين الات التطينة المخرة اف حضرته ويلف عامته لقا مليكًا في حضرته. وفي نفسه أنه لولا أن الله أمر بذلك وأباحه لما فعله» ولهذا حلاوة عظيمة لا يقدر قدرهاء ومن أدمن هذه الشهوة في المسجد انسحب الحكم معه إن شاء الله في كل الأماكن؛ فلا يصير يفعل شيئًا أو بقوله إلا مع شهوده أنه في حضرة الله وهو يرا» وكان سيدي محمد المنبر لله يخل عمامته ويلفها كل يوم ويقول: إن| أفعل ذلك تعظيًا للمواكب الإلهية إذا وقفنا بين يدي ربنا سبحانه في أوقات الصلوات أو جلسنا بين يديه في حال الذكر وربها عات قملة أو برغوث في طيات العامة فأصل بجلدته ولا أشعرء انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وكذلك ينبغي للشيخ أن ينهض همة الفقراء ويقوم معهم في مجلس الذكر إذا ذكروا الله قائمين اللهم إلا أن يكون له عذر كأن طعن في السن فلا حلاج» وينبغي للشيخ أن يقبل عذر كل من تخلف عن مجلس الذكر أو مجلس المناقشة إذا ألقى الله في قلب الشيخ صدقه. فإن لم يلق الله تعالى في قلبه صدقه فلا يجوز له قبوله لما فيه من الغش لنفسه. وكذلك الفقير لكن لا يخفى أن العذر المقبول إن) هو كالنوم والنسيان أو السعي على العيال وليس من العذر المقبول اشتغال الفقير بدرس القرآن؛ أو ورد
هلآو
آخر خلاف ما أمره به شيخه فإن النفس ربا تفعل ذلك للحظهاء [...]”.
وسمعت سيدي عليا المرصفي يقول: من شأن النفس الخيانة لصاحبها والغش له فلا ينبغي لعاقل أن يصغي لما يقوله بغشه إلا بعد التفتيش العظيم وعرض ذلك على الكتاب والسّئة» وسمعته مرارًا يقول: إذا نسب إليكم عيبًا لا تغير قوله من نفوسكم وصدقوا أخاكم وقولوا هم أعلم بنفسناء منا فإن من شأن النفس أن تغعش صاحبها وتستر عنه عيوبه بخلاف الأخ» انتهى.
وقد فعلت أنا بذلك مرارًا لا تحصى ووجدت له حلاوة عظيمة عكس من يكون بالضد من ذلك فيصدق نفسه ويكذب أخاه؛ فإنه يجد في نفسه الحصر والضيق حتى أنه يود أن ذلك الأخ يبعد منه كل البعد» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للفقراء المقيمين في الزاوية أو غيرها أن يكون أحدهم حاذقًا يلحق بالحرام أو الشبهة إذا أهدوا أحدًا إلى الفقراء» ولا يحوجوا شيخهم إلى أن ينهاهم عن الأكل من مثل ذلكء فإن الشيخ قد يموت أو يسافر؛ فإن لم يكن عند الفقير تفوى وإلا أكل من ذلك وأتلف قلبه وأعماله فإن القلب والأعمال تابعان للقمته حلاً وحرمة أو مكرومًا وشبهة لا يقدر أحد أن يخرج أعماله عن مشاكلة لقمته أبدًا ومن
وسمعت سيدي عليًا الخواص #لهيقول: أول ما في عقوبة العبد إذا أكل حرامًا أو شبهة أن تمنعه الملائكة من دخول حضرة الله تعالى في صلاة أو غيرهاء ومعلوم أنه لا يقدر أحد على قلبه إذا أكل حرامًا أو شبهة يمكث في حضرة الله تعالى
)١( في المخطوط: والشيخ مش على كل سائر في الفقير. وهي عبارة غير واضحة.
-ال1-
من يعبد الله كأنه يراه أو يستصحب نظره به إليه حال عبادته أبدّاء ولا يصح عند القوم صلاة إلا في الحضرة وأما تخارجها فلا فرق بين العبادة والعادة» ومن لازم ذلك عدم حصول الثواب وعدم القيام با كلف به.
وسمعت أخي أفضل الدين #للنه يقول: من أكل حرامًا أو شبهة حرم الخشوع في عبادته ومعلوم أن الصلاة لا تصح عند القوم إلا مع الخشوع؛ ومتى خطر في بال المصلي حين يحرم إلى أن يسلم من الصلاة غير الله تعالى فلا يصح له صلاة» انتهى.
وسمعت سيدي عليا المرصفي لله يقول: لولا وقوف المعارضين بين يدي الله تعالى في صلاتهم لانفطرت سرائرهم من حجاب العبد» قال: ولا يعرف ما قلئاه إلا من كان مقربًا عند أحد من :الملوك يطلعه على أسراره ويفعل له كلما أراد ثم جفاه الملك وطرده عن حضرته وتوسل إليه بكل حيلة فلم يرض عنه؛ وقد من الله تعالل عل بجماعة من الإخوان في الزاوية لا تطيب نفس أحدهم أن تأكل شيئًا من الشبهات في غيبتي وحضوري فلتسأل الله تعالى من فضله أن يديم ذلك عليهم إلى المات» وقل أن يوجد ذلك اليوم في زاوية بل ربما تخاصموا على هدية الأمراء إذا دخلت الزاوية مع شيخهم. انتهى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص يله يقول: إذا فرق الباشا أو الدفتردار أو القاضي ضحايا أو نحوها على سائر زوايا البلد» فينبغي للشيخ والفقراء أن يقبلوا ذلك موافقة لفقراء البلد ثم يصرفوه إلى المحتاجين إلى مثله لاسيها إن ترتب على رد ذلك مفسدة في الدين أعظم من مفسدة الرد» وإن رأى الشيخ أن يطعم تلك الهدية لأطفال الزاوية ولنساء المجاورين اللاي يخرجن عن طاعة أزواجهن» ويخرجن الصلاة عن وقتها بغير عذر فلا بأس؛ لأن الأطفال غير مكلفين والنساء المذكورات
-؟1-
مقامهن لا يقتضي الورع عن مثل ذلك. انتهى.
وقد فعلت أنا بمثل ذلك في هدية بعض الأمراء لما ختن أولاده فإنه أرسل لنا بقرًا وغمًا وعسلاً أسود وأرز وسمن وحطب وقمحء فخفت إن رددناه عليه أخجلناه بين الناس ونسبناه إلى عدم الورع» وزكينا نفوسنا عليه وتميزنا بذلك عن جميع مشايخ البلد فرأيئا القبول أخف مفسدة من الرد. فبالله عليكم أيها الإخوان اسمعوا لشيخكمء وكونوا متورعين بالقلب ولا تضروا شيخكم باللسان في قلبكم حزازة من الرد أو من عدم الأكل من مثل ذلك فإنه قليل الثواب؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقهاء الزاوية ألا يتساهلوا في تأديب أطفال الزاوية إذا تخاصموا وضرب بعضهم بعضًا بالعصاء وقال بالحزام وبالوايل» كا يفعل آباؤهم في الريف فإنهم يبلغون على تلك الخال فيعسر تأديبهم بعد ذلك إذا تخاصموا كا جبرنا ذلك في أطفال الزاوية» ويتأكد على الشيخ أن يساعد الفقهاء على تأديب الأطفال إن كان ذلك الفقيه ضعيف الجانب لسذاجة أو غيرها؛ لأنها مصلحة تعود على أهل الزاوية كلهم نعى بعضهم على بعض وربا اشتكوا بعضهم من بيت الوالي ىا هو مشاهد فيمن خرجوا عن طاعة شيخهم والزمان في زيادة من الشر لا في نقصء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية ألا يتركوا النصح لبعضهم مادامت قابلية أخيهم قابلة للنصح» ويرى أن ذلك النصح خيرًا له» فإذا زالت قابليئه وصار يعد النصح له من جملة الأذى» ويقول:إن فلانًا لم يزل يؤذيني فحينئذ يخفف الإنسان عنه النصح حتى يحصل عنده قابلية» وإلا فرب| وقع بيئهما خصام وترافعوا إلى الحكام كيا هو مشاهد
-ال1-
في بعض الزواياء فيشتكي أحدهم أخاه من بيت الوالي فيترتب على ذلك ضرر شديد وإخراج من الزاوية أو الحارة» فاعلموا ذلك أبها الإخوان وانصحوا بعضكم بعضًا مهذه الميزات» والحمد لله رب العالمين.
1
-11-
في ذكر جملة أخرى من آداب فقراء الزاوية وأخلاقهم
إذا كثر أصحابه والمعتقدون فيه دون أخيه» وصار أحد المعتقدين إذا دخل الزاوية فلم يجد صاحبه حاضر أنزل من الزاوية ولم يجلس فيهاء ومن علامة تحقق الشيخ أو غيره بهذا المقام ألا يجد في نفسه حرجًا وضيمًا إذا تحولت أصحابه عنه إلى صحبة أخيه» وصار ليس له صاحب واحد يجالسه» فإن وجود الحرج والضيق دليل على أنه كان يرى نفسه على أخيه بكثرة الأصحاب ولمعتقدين» وقد جاءت النصوص القاطعة يشهد بأكل عمل دشله الربا لا يقبله الله» أي: إما بالكلية أو لا يقبله ذلك القبول الذي يكون لمن أكثر من مراعاة الإخلاص.
وسمعت سيدي عليًا الخواص المرصفي #اله يقول: من علامة إخلاص الشيخ في تربية المريد ين أن يتساوى عنده نسبة أصحابه إليه ونسبتهم إلى أحد من أقرانه على حد سواء؛ لأن مقصود الصادقين جمع قلوب الشاردين عن حضرة الله إليها بأي وجه كان حتى لو مكث الفقير عند أحدهم سنين عديدة ولم يفتح عليه من الطريق بثيء» ثم ذهب إلى أحد من أقران شيخه فصحبه ففتح عليه في ليلة يزداد سرورًا بذلك» ومتى تغيرت منه شعرة واحدة لأجل ذلك فهو لم يشم من الإخلاص رائحة:» انتهى.
فاعلم ذلك يا أخي وقس نفسك قبل الموت وتداركها بكثرة الاستغفار» والحمد لله رب العالمين.
-16-
وينبغي لفقراء الزاوية ألا يطلب أحدهم وظيفة في الزاوية إلا بعد تحصيل شروطهاء وذلك راجع إلى علم الشيخ لا إلى علمه هو فإن المسجد حضرة الله الخاصة وخدامه كلهم هم أهل حضرة الله كيك حقيقة عند كل من فتح الله عين بصيرته فمن لم يتطهر عن الرذائل الظاهرة والباطنة» فليس له أن يزاحم على وظيفة في الزاوية» وقد حصروا أهل الحضرة الإلهية في ثلاثة أصناف: أنبياء وملائكة وأولياء» وليس في باطن أحد من هؤلاء ولا في ظاهره شيء يكرهه الله أبدَا إذا علمت ذلك.
فمن شرط بواب الزاوية أن يكون مطهرًا من سائر الرذائل الظاهرة والباطئة؛ فإنه بواب الحضرة الإلهية التي يدخلها أهل الحضرة يناجون فيها ربهم؛ ويقبح أن يكون فيه خصلة يكرهها الله وَبك.
ومن شرط الفراش كذلك أن يكون كذلك أن يكون مطهرًا من سائر القاذورات الظاهرة والباطئة الحسية والمعنوية ليشاكل بعضه بعضًاء ومن كان بدنه أو ثيابه أو قلبه قذرًا فلا يصلح أن يكون معدًا لإزالة القذر المحسوس في المسجد.
ومن شرط الوقاد أن يكون قلبه مستنيرًا من الأعمال الصالحة حتى يصير فقراء الزاوية يقتبسون نور قلومهم من نور قلبه» ى! يقتبسون نورهم من مصابيح المسجد.
ومن شرط الإمام والمخطيب أن يكون أطهر الفقراء قلبًا وأنظفهم جسمًا وثيابًا؛ لأنه هو المترجم لهم عن رهم لجبريل انقلا وفي الحديث: «اجعلوا أتمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيهما بينكم وبين ربكم)”.
)١( رواه الدارقطني في سننه (؟//81).
لاا -
ومن شرط النقيب والجابي والناظر أن يكون أرحم لفقراء الزاوية من أمهم» فلا يجر إلى أحد منهم ضررًا بوجه من الوجوه بل يكون نفعًا صرف لهم في أمور دنياهم وآخرتهم وهكذا في سائر الوظائف» وقد فتحت لكم أيها الفقراء باب الأدب مع الله في بيته فقيسوا على ذلك مالم أذكره لكم, والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشبخ أن يكون يزجر من يراه من فقراء الزاوية يشتغل بعلم الروحاني فإن المسامحة في ذلك تجر إلى المقت وضيق الرزق وقساوة القلوب على فاعله ونسبته إلى السحر» وقد كان سبدي إبراهيم المتبولي الله يقول: وعزة ربي عباد الأوثان على همة من أصحاب علم الحرف؛ لأن عباد الأوثان قالوا: «9مَا تََبدُهُمْ إلا لِعرَبويَا ِل الله ليح # (الزمر: 07» وما أهل الحرف يفعلون ذلك لأغراض فاسدة دنيوية لو عرضت على العاقل من غير سؤال كان من العقل الزهد فيهاء» وكيف يستعمل الإنسان نفسه في الاشتغال بالأساء الإلحية والحروف الملكية في تحصيل محبة جارية أو غلام عشقه إنسان في الحرام ولم يصل إليه» وكان يقول أيضًا: ثلاث من النوافر في أعمال الدنيا والآخرة: الاشتغال بعلم الروحاني» وبلع الحشيش» ومحبة الشباب المرد؛ انتهى.
فاعلموا ذلك» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يعلم فقراء الزاوية شدة توقير رسول الله ويه واحترامه وتعظيمه فلا يتعاطى أحدهم قراءة: 9 إِنَا أَعْطيتتلك الْكَوْثَرَ #4 (الكوثر: »١ أو الإكثار من الصلاة عليه يي مثلاً ليراه في منامه بل ينزه ذلك الكمال عن رؤية مثله؛ وعن تكليفه للمجيء من المدينة المشرفة إلى مكان ذلك الشخص الذي يطلب رؤيته؛ بل لو كان صادقًا في محبته له يك فطلبه رسول الله كل أن يبيء إليه لكان من الأدب تقبيل نعله وسؤاله في بالله ألا يأنيه تعظيًا وإجلالاً فإنه َل أكثر الخلق
لالاا-
تواضعًا ولو سأله أخس الناس في حاجة لأجابه إليها ى) كان في حياته يل وقد قررنا مرارًا أن من أدب الزائر لقبر رسول الله يي أن يقول له: أعطني يا رسول الله يدك لأقبلها إلا بإذن سابق منه كلك فإن الأدب أن ينزه العبد النبي ول عن مسه بعضو قد تدنس بالمخالفة ولو مرة واحدة في العمر» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا وقع بينه وبين أحد من أقرانه وقفة ثم جاء ذلك الأخ إليه ليصا حه ويقبل رجله؛ ألا يقول لأصحابه: إن فلان جاءناء وقبل رجلنا مثلاً إلا على وجه التعظيم له ووصفه بكثرة التواضع» ويقول لأصحابه: كنت أنا أول بذلك ولكن لم يزل فلان يسبق إلى الفضائل والخيرات» وذلك لثلا يعظم مقام أخيه حين تواضع له ك) يقع فيه بعض المتشبهين بالقوم؛ فيحكي مثل ذلك على سبيل الضخامة لنفسه والتحقير لغيره وذلك حرام بإجماع المسلمين» فاعلم يا أخي ذلك ووبخ نفسك التي لم تسارع إلى مصالحة أخيهاء وامدح من بدأك بالصلح بين إخوانك؛ وقل لحم: هكذا فافعلوا وابدؤوا بالصلح من غضب عليكم من إخوانكم عملاً بحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»".
وأما ترك البداءة بالصلح على نية الخوف على أخيك من رؤية نفسه عليك؛ فذاك خاص بأكابر العارفين الذين خرجوا عن دسائس النفوس» فإن كنت منهم فلك فعل ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
ولا ينبغي لأحد من الفقراء أن يتمشيخ في مجلس الذكر إلا بإذن الشيخ» كأن يقول لأهل المجلس اذكروا سواء أو زيدوا الذكر أو اختصروا أو استعجلوا ونحو ذلك؛ لأنه سوء أدب مع الشبخ وربها كثرت المشايخ في المجلس فحصل في المجلس
.)١19484 رواه البخاري (17507/0)) ومسلم(4/ )١(
-84ا-
اختلاف وارتجاج يشوش قلوب الحاضرين؛ فليحذر الفقراء من مثل ذلك؛ لأن الشيخ على الجماعة هو الأمين على أعالهم وليس ذلك لغير الشيخ.
وإذا زحفوا عن مكاهم إلى قلب الحلقة مثلاً وفرغوا من الذكر فليرجع كل واحد إلى مكانه الأول إن أمكن؛ وإلا جلس بجنب شخص آخر ليسدوا خلل المجلس التي يدخل منها الشيطان» فاعلموا ذلك أيها الإخوان وليتوافى يد إخوانكم وأطيعوا بعضكم بعضًا في اتفاق الأصوات» ولا يعتمد أحدكم في الذكر على لذة تناسب الأصوات في الرفع والخفض بحكم الموفقة» فإن ذلك نقص في الاستعداد فيكون أحدكم مع نعمته وزنته لا مع المذكور كا عليه جماعة من الأعاجم الجاهلين بالطريق؛ بل اذكروا ربكم بهمة وعزم حتى يبتز أحدكم من فرقه إلى قدمه ويغيب عن شهود الحاضرين؛ والحمد لله رب العالمين.
ويتبغي للفقراء ألا يحضروا قط وليمة لأحد إلا بإذن الشيخ ولو كانت لأعز أصدقائه» فقد لا يرضى الشيخ لجاعته أن يأكلوا من تلك الوليمة لغرض من الأغراض الشرعية التي تخفى على غالب الفقراء» كدخول شبهة في ذلك الطعام أو تحمل منته في ذلك الطعام مع عدم مكافأته ونحو ذلك, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ المتفعل في المشيخة إذا بلغه أن شخصًا من تلامذة الأشياخ عقد له مجلس ذكر بغير إذن من أستاذه» ألا يقول ما كان ينبغي له ذلك لا فيه تقصير همته عن الذكر؛ وإن كان الأصل أن مجالس الذكر لا تكون إلا للكمل» بإذن أشياخهم؛ بل الأدب أن يذهب إليه ويقوي قلبه وقلب جماعته على المواظبة في ذلك المجلس محبة في ذكر العباد ربهم وَبْك.
ولا ينبغي للشيخ أن يتعلل بخوف الرياء على ذلك الشخص الذي عمل
-1/8-
شيخًا؛ لأنه ربا يقال له الآخر وأنت كذلك يخاف عليك الرياء فلم لا نترك مجلسك أنت الآخر وهذا الأمر يقع منه مفاسد» وربا استفتى بعضهم على بعض وترافعوا للحكام؛ وذلك في غاية سُوء الأدب اللهم إلا أن يأتي في صاحب ذلك المجلس ويستشير شيحًا في دوامه عليه وفي إبطاله فهناك يشير الشيخ عليه تما يراه أصلح له؛ لأن المستشار مؤتمن.
وسمعت سيدي محمدًا الشناوي" #للهيقول: لا يظهر من أحد من الفقراء رؤية المشيخة» وأهلها غاتب مع شهود الحق تعالى يود أن لو كان كل من في الوجود
١( )محمد الشناوي الأحمدي المحمديء الصوفيء المسلك» المري» أخدذ عن جماعة كثيرين» أجلهم الشيخ أبو الحمائل» وعنه آخرون أجلهم الشيخ الشعراوي.
وعظم قدره» وعلا صيته» وصار لا ترد شفاعته» وكان يقول: لا ينبغي لفير أن يطلب الظهور عدد الأمراء والملوك إلا إن أمكنه إظهار كرامة» وإلا فالتستر له أولى.
وكان يلقن الرجال والنساء كلمة الشهادة ببلاد الريف؛ ويقول للرجل: اذكر بإخوانك» وللمرأة: اذكري بجيرانك. ويقول: أشعلنا في البلاد نار التوحيد» فلا تطفأ إن شاء الله إلى يوم القيامة.
وكان لا يقبل شينًا من هدايا أهل الدولة؛ ويقول: شرظ الداعي إلى الله أن يطعم الناس» ولا يطعموه.
وكان يقول: الطريق إلى الله أخلاق» لا أقوال ودعاوى.وكان أكثر تربيته بالنظرء ينظر إلى قاطع الطريق وهو مارء فيتبعه حالاً. وكان يفتئح مجلسه بالعشاء» ويختمه مع الفجرء فإذا صل الصصسبح افتتحه إلى ضحوة النهار» واقتفاه شيخنا الشعراوي في ذلك.
ومن كراماته: أنه كان يكلم الشيخ أحمد البدوي» فيجيبه من القبر. ومنها: أنه كان من أصحاب الخنطوة» وكان يرونه كل نسنة في عرفة. ومناقبه كثيرة» وفضائله شهيرة. مات سنة اثنتين وثلاثين وتسعائة» ودفن بزاويته بمحلة روح. الكواكب السائرة (417/1)» كرامات الأولياء (119/4/1)) طبقات الشعراني (7/ ))١17 الكواكب الدرية (876).
6د هما -
ذاكر الله لا يغفل عنه لحظة» فعلم أن في إنكار الشيخ على أحد من الذاكرين ما لا يخفى من رعونة النفسء وربا تحركت نفس الشيخ الجديد واعترض عليه كذلك فحصلت فتنة عظيمة» انتهى.
فاعلموا ذلك أيها المشايخ واظهروا السرور بكل شيخ برزت حارتكم وتحولت جماعتكم إلى مجلسه» وتركوا مجلسكم فإن ذلك أرقى لكم فإن الاشتغال مبداية الخلق» وإن كان محمودًا فالاشتغال بالله وحده أحمد وأحمد, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يؤاخي بين جميع أصحابه من الفقراء والأغنياء والمباشرين والأمراء وغيرهم» ى) سيأتٍ إيضاحه في الخاتمة آخر الكتاب» وكا كان وَل يفعل مع أصحابه وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى على عاقل أقل ما في ذلك حصول التعاضد في إقامة شعائر الدين» فإن الأعداء من شأنهم أن كل واحد يخالف الآخر ويخذله فيا أراد فعله فيذهب شعار الدين في الزاوية وغيرها ومن مصالح ذلك كون كل أخ يصير يفتقد صاحبه في كل خير من أمور الدنيا والآخرة بخلاف من ليس بينه وبينه أو خاصة» ولو انفتحث بصيرة العبد لكانت أخوة الإسلام تكفي في التعاضد. ولكن لما ضعفت الدواعي احتاج الناس إلى الأخوة الخاصة كما فعله الشارع مع أصحابه على حكم التشريع لمن بعدهم, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب أن يزيد نصيب كل من رآه عفيفًا شريف النفس على من يراه بالضد من ذلك إذا قسم هدية بين الفقراء مثلاً اللهم إلا أن يترتب على ذلك فتنة لقلت سياسته» فيكون ترك تلك الزيادة أولى» وإيضاح ذلك أن الساكت وليه الله والمتكلم وليه نفسه» ومن جعل الله وليه استحق الإكرام أكثر.
-كلما-
وينبغي له مراجعة الشيخ في -أي: الفقراء-أعلى مقامًا ليرتب على ذلك مقتضاه؛ فإن مقامات الفقراء قد تخفى على النقيب بخلاف الشيخ إذ النقيب لا يعرف مقام الفقير إلا بكثرة عباداته» وقد تكون تلك العبادة كلها محتفة بآفات تحبطها كالعجب والكبر بها على الإخوان» وقد نقص النقيب يومًا نصيب فقيرين عندي لعدم تظاهرهما بكثرة العبادة منه» وهما الشيخ محمد السبكيء والشيخ إسماعيل الطباخ» فقلت للنقيب: إن في هذين الفقيرين خصلة ترجح على عبادة هؤلاء الذين رجحتهم في العطية وهي الاعتراف بالنقصء فإني ما أضفت إليها قط نقص إلا وقبلاه مني ببادئ: الرأي وصدقاني عليه» بخلاف غيرهما من أرباب العبادات الكثيرة» فإن أحدهم لا يكاد يرجع إلى قول إلا بعد احتجاج لنفسه وحصول تعب شديدء وهذه الخصلة التي في هذين الفقيرين متى يحط رحال جميع الخلق أجمعين فإنه لابد لهم بعد شدة المجاهدات والرياضات من التعويل على فضل الله لا على أعمالهم فالله يكثر في الفقراء من مثل هذين الفقيرين آمنين آمين.
وكذلك ينبغي له كلا فرق هدية أو غيرها على فقراء الزاوية أن يمهد لهم بساطًا قبل التفرقة بين لهم فيه فضل الزهد الورع والعفة والقناعة وما ورد في فضل ذلك كا كان يل يفعل ذلك مع أصحابه وذلك حتى لا تطمع نفس أحد في طلب الثمين عن أخيه؛ بل يرى الفضل في طلبه أن يكون نصيبه أنقص من جميع إخوانه.
وينبغي للشيخ أن يساعد النقبب في ذلك» ويقول له: لك من رأيته أعف وأكثر قناعة من أخيه فأعلمني به لأحبه أكثر من غيره؛ فإن الفقراء إذا سمعُوا مثل ذلك يسارعوا على ما يزيدهم محبة عند الشيخ» وهي سياسة لطيفة تذهب وحر الصدورء فإن الغالب على الفقراء القاصرين تغير قلوبهم كلها يفرق النقيب عليهم شيئًاء ومن شك في قولي هذا فليجرب. فإن الدنيا حلوة خضرة فسخر قلوب العلماء
-؟ما-
فضلاً عن غيرهم؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء» وتعففوا جهدكم فإن ما قسمه الله لكم لا يرده عنكم التعفف؛ بل لابد أن تصل إليكم لكن مع عز النفس وكان أخي أفضل الدين كلما أراد أن يفرق على إخوانه شيئًا يقول: أيكم أضع يقيئًا وأشره نفسًا حتى أزيده» وأيكم أقوى يقيئاء وأقل شرمًا حتى أنقصه؛ فكل من شهد على نفسه شيئًا عمل بمقتضاه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يكون مضبوطًا في جميع أحواله لا يخرج عن ظاهر قواعد الشريعة في شيء منها؛ كأن يطق النظر إلى المرأة العجوزء أو يقبل الأمرد الحسن الصورة زاعً أنه» أي: الأمرد» من قسم الرجال» ونحو ذلك» فإن الفقراء ربا تبعوه على ذلك فجرهم إلى ما هو أشد من ذلك.
وسمعت أخي أفضل الدين #الههيقول: ربما وسوس الشيطان لبعض العزاب بمؤاخاة الأمرد الحسن الوجهء وصار يعانقه» ويقبله في وجهه وفمه» ويزعم أن ذلك من جملة المحبة للأخ» والحال أن ذلك مخلوط بشهوة النفس المحرمة» قال: ومن شك في قولي هذا فلينظر إلى نفسه عند تقبيل الشيخ الفاني السراباتي» المنتن الرائحة المصلي ذا الدين الخير» وعند تقبيله ذلك الأمرد فإن وجد اللذة أرجح في تقبيل الشيخ السراباتي على الشيخ المذكور» فهو صادق في أن تقبيل الأمرد بغير شهوة وإن وجد أدنى ترجيح للذة في تقبيل الشابء فليعلم أنه غارق في طاعة الشيطان» مجانب لطاعة الرحمن» فليحذر الفقير العازب من مثل ذلك» ولا يلبس على ربه ولا على شيخه.؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يكون رحيًا بمن ابتل من المجاورين بمحبة أحد من الشباب» وغلبت محبته بقلبه» فإذا رأى عنده شدة شغل قلب فلا ينبغي نميه له عن
- 1892 -
القرب من ذلك الشابء فإنه يزيده نارًا؛ بل يأمره بالقرب منه» ويأمر الشاب بالتحفظ حتى تبرد نار شوقه؛ فإذا بردت آخى بينه وبينه» وقد فعلت مثل ذلك بشخصين من فقراء الزاوية» فتحولت تلك المحبة إلى محبة الله تعالى» وخلص» فال حمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يرى كل نقص وجده في جماعة الزاوية إنم| حصل لهم بشؤم صحبتهم له» ولولا صحبتهم له لكانوا من أكمل الناس؛ كا كان عليه السلف الصالح #ن» ولعل بعض الفقراء يدعي هذا المقام» وهو لم يتحقق به فينبغي له ترك الدعوى؛ ومن علامة صحة تحقيقه به: أن يصير يشهد أن نقصهم إنما هو بشؤم صحبتهم له» بادئ الرأي من غير تفكر وتمهل وتدبرء فإن كل من احتاج إلى تفكر في شهود ذلك من نفسه فهو منفعل في المقام» وممن أدركته من المتحققين بهذا المقام أخي أفضل الدين» كان يقول: ما أصاب أحدًا من أصحابي داهية إلا بشؤم صحبتي؛ وكان إذا بلغه أن أحدًا نقصه ورماه بالعظام» يقول ببادئ الرأي: والله إن قلب هذا بتر الذي أدركت تلبيسي ونفافي» فالله تعالى يزيده نور اليقين» ينبهنا على نقائصناء آمين اللهم آمين» فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا على تحصيله؛ والله يتولل هداكم إن شاء الله تعالى» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ إذا غضب على أمير أو كبير ووالاه أحد من الفقراء ألا يغخضب عليه؛ لأن مقام موالاة الشيخ ومعاداة من عاداه إنم! يكون للفقراء الصادقين الذين أشرفوا على مقام الكمال» وأرادوا الترقي إلى مقام موالاة من والى الله؛ ومعاداة من عاداه فقط» وأما من لم يشرف على مقام الكمال فهو محبوس في دائرة حب الدنيا وأهلهاء لا يقدر على منع نفسه من ذلك؛ لغلبة الحجاب على قلبه» ولذلك عظم مقام
-غ18-
الأمير عن أن تهجره تبعًا لشيخه. وقد صمح عندي سبعة أنفس ذاقوا هذا المقام؛ أحدهم: سيدي شرف الدين بن الأمير» ف) أعرضت عن أحد إلا وأعرض عنه تبعًا لي» ولو كان من أعز أصدقائه» وما أقبلت على أحد إلا وأقبل عليه تبعًا لي» ولو كان من أشد أعدائه؛ فالله تعالى يستره وذريته بستره الجميل في الدنيا والآخرة» آمين آمين.
وقد ادعى شخص من أصحايي المباشزين هذا المقام» فغضبت على أمير فوالاه» وقال: الشوكة التي أراها في كفه أحطها في عيني» فافتضح في دعواه بين الإخوان» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وكونوا تبعًا لشيخكم في جميع الأمور الشرعية؛ والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشيخ أن يعلم الفقراء طريق تحصيل مقام انشراح الصدر بفعل معالي الأمور» دون الوقوف مع سفاسفهاء فإذا قام للصلاة أول الوقت لا يقوم إلا إجلالاً لله لا ليمدحه الحق تعالى أو الخلق على ذلك» أو ليحصّل له الثواب الأخروي إلا مع شهود الحياء من الله تعالى» وإذا امتنع من أكل حزام أو شبهة أو شهوة تحجبه عن ربه لا يئرك ذلك إلا لكونه يحجبه عن دخول حضرة الله تعلل» وهكذا في جميع الأحوال» وذلك ليكون شهود الحق تعالى داثًا له في كل فعل وترك» فأين مقام هذا ممن ترك الحرام خوفا من دخول النار مع غفلته عن الله تعالى؟ وليكن على علم الإخوان أن مراد الأشياخ من جميع ذلك أن يكون أحدهم مشاهدًا للمشرع في كل فعل أو ترك؛ فلا يفعل شيئًا ولا يتركه إلا امتثالاً لأمر الله على الكشف والشهود.
وسمعتث سيدي عليًا الخواص #الله يقول: ما ثم حضرة أشرف من حضرة الله تعالى» ومن عرف شرفها لم يتدنس بشيء من الآثام الظاهرة ولا الباطنة؛ لآن ذلك
-88آا-
يمنع العبد من دخول حضرة ربه؛ وضرب وجهه بالسيف وحرقه بالنار» آمنون عليه من حجابه عن دخول تلك الحضرة؛ فينبغي لكل من ادعى محبة الله وِبِكَ ألا يقع في إثم مطلقًا؛ لأن ذلك يمنعه من دخول حضرة الله وهو أعظم عذاب عل المحبّين» ويجب عليه التمهل والتفكر عند كل حركة وسكون. وينظرء هل ذلك يرضى الله أو يسخطه؟ ويعمل بمقتضاه: انتهى.
وسمعت أحي أفضل الدين ب#لت#يقرل: كل من ادعى محبة الله تعالى وتعاطى أمرًا يحجبه عن دخول حضرته فهو كاذب في دعواه المحبة» انتهى.
وسمعته 5ه يقول: اجعلوا مقصودكم الأعظم من جميع أعمالكم شهود ربكم لا شهود ثوابه وعقابه» مع غفلتكم عنه» فإن ذلك من عمي البصيرة» فاعلموا ذلك أمها الإخوان واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا ترادفت عليه الضيوف من الفلاحين وغيرهم؛ وضاق عيش الزاوية عنهمء أن يبدأ بفقراء الزاوية الذين هم جالسون فيها للعبادة على الدوام» وأما الفلاحون فإنهم ينامون لا يحضرون أوراد الفقراء؛ كالبهائم السارحة؛ لكن إن كان في وقف الزاوية التعرض لإطعامهم أشركهم الناظر مع الفقراء؛ وليحذر الشيخ أن يتعرض عل ذمته ويطعم الواردين إلا لضرورة شرعية دون العوائد الطبيعية من خوف العتب ونحو ذلك.
ثم إذا اقترض فليحرص أن يكون مال القرض حلالاً والمال الذي يرده عليه حلالأء فإن الشارع لم يأمر أحدًا بالمقام الضيوف الشبهات, وإنما أمرهم بأن يطعموهم الحلال الذي لا شبهة فيه» ثم إن قدر أن مال المقرض حلالاً فلا يخلص ذمة المقترض إلا بإيفائه من مال حلال مثله على السواء» وهذا متعذر جدًا فتصير
-145-
التبعة عليه في الآخرة» ومن أمارة غلبة الحرام في مال العبد أن يراه يبيع على الظلمة وأعوانهم أو جاهلاً بالحلال والحرام؛ كجهلة التجار والمباشرين؛ فلا ينبغي لعاقل أن يأكل هؤلاء طعامًا ما عملوه في وليمة أو غيرهاء ولو رأى علاء البلد يأكلون منه فقد يكون لمم أدلة تبيح لهم مثل ذلك» فهم يأكلون بحسب علمهم؛ ونحن نتأكل ونترك بحسب علمناء غير أنه لا يجوز حمل العلماء على أنهم يأكلون حمل العلماء طعام الأمراء وأعوانهم بغير دليل؛ لأن ذلك سوء ظن بالعلماء» فاعلموا ذلك واعملوا به» رامق شناري العالين:
وينبغي للفقراء المقيمين في الزاوية أن يقوموا مقام كل صاحب وظيفة غاب عنها لعذر أو لغير عذر؛ من رقادة وفراشة وأذان وملء ميضأة وبيوت خلاء ونحو ذلك ولا يقولوا هذه ما هي وظيفتنا؛ لأن المعاملة إنم! هي مع الله تعالى» وعيب على فقراء الزاوية أن يجدوا الزاوية مطفية القناديل في الليل» أو يجدوا الميضأة أو بيوت الخلاء بلا ماء فلا يقدونها ولا يملئونما؛ لاسيها إن أمرهم الشيخ بذلك؛ بل لو أمرهم بنزح السراب» وتوفرة أجرة السراباتية على جهة الوقف. لكان من الواجب عليهم امتثال أمره» وقد ظفرت من المجاورين طول عمري بشخصين لا تأنف نفسهما من نزح السراب إذا أمرتبي| بذلك أحدهما: محمد المنوفي مؤدب الأطفال كله والثاني: محمد ابن أخحت خضر المؤذن -فتح الله في أجله-فهذان هما اللذان ظفرت بها ينزحان السراب بطيبة نفسء» ولا حزازة فيهماء وبلغنا ذلك من فعل سيدي الشيخ عبد الله المنوفي شيخ الشيخ خليل المالكي» فكان سبب فتحه أن شيخه الذي قرأ عليه القرآن قال: انظروا لنا أحدًا من السراباتية ينزح لنا سراب المسجدء فأخذ الشيخ عبد الله فأسَا وقفة» ونزحه كله في ليلة» فأصبح الشيخ فرأى ذلك فدعا
-لاما-
لهء فكان من أمره ما كان؛ وكذلك بلغنا أنه من فعل أبي حامد الغزالي #للله بغير إذن من شيخه. فبين| هو يكسح بيوت الخلاء إذ قامت نفسه من فبيح رائحة الغائط فمسحه بلحيته؛ فناداه الشيخ من خلوته قد وصلت إلى مقامات الرجالء انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان واعملوا به» وأجركم على الله تعالى» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب وغيره أن يقضي حوائجه قبل دخول وقت مجلس الذكر أو الدرس مثلاء ولا يصير خارجًا يلقب» فإذا حضر مجلس الذكر قام هو لملى الماء» أو يحمل الحطب للطعام ونحو ذلكء فيفوته ثواب ذلك المجلسء وربما كان أرجح ثوابًا من خدمة الفقراء» فالحاذق من حرص على فعل كل شير كان في الزاوية» وحصل له فيه نصيباء وإن كان ولابد للنقيب وغيره من فعل تلك الحاجة وقت المجلس» فليشغل نفسه بالذكر أو القرآن وهو يقضي الحاجة فلا يفوته شيء ما كان عليه أصحاب سيدي محمد الغمري وأصحاب سيدي على المرصفي ه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أن يفرق على فقراء الزاوية من كل شيء دخل الزاوية على اسمه هوء ولا يقل هذا خاص بي» فإن قلومهم تخرج عن طاعته وتصير تعارضه في كل ما يفعله من مصالح الزاوية لإخراج شخص عرف بالفساد؛ أو اعتراض على كل من أخل بوظيفته من المستحقين ونحو ذلك» وقد سمعت سيدي علي الخواص لك يقول: خصلتان من فعلهما صار إمامًا على الناس ولو على طول وهما: إيثاره الإخوان على نفسه في سائر الشهوات» واحتاله الأذى منهم بعد ذلك» وخصلتان إن فعلهما العبد صار وراء الناس كلهم وهو: إيثاره نفسه عليهم بالطعام واللباس
-ماا -
والجاه والرئاسة» وعدم احتماله الأذى منهم.
وقد رأيت شخصًا من مشايخ الزوايا يختص بالهدايا والضيافات التي لوقف زاويته فأراد إخراج شخص تكرر منه نسبته إلى الحرام» والدب على الأطفال» فقام الفقراء عليه وقالوا: إيش ثبت عليه يا سيدي الشيخ حتى تخرجه؟ فلم يقدر الشيخ على إخراجه وكتبوا له محضرًا بالعدالة» ولو أنه كان فرق عليهم شيئًا من الحدايا التي اختص بها لربه)ا ساعدوه على إخراجه مصلحه لهم ولإخوانهم» وفي مذهب الإمام مالك 5ه: أنه يجوز الضرب في التهم لمن يكون ولي أمر؛ دفعًا لمفسدة هي أشد من ترك الضرب؟؛ لاسيما في الربا والسرقة؛ تقديًا للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة» وني قانون السلطان بن عثان: أنه يجوز العمل بالقانون إذا كان مؤيدًا للشريعة» بألا يصل الحاكم إلى الحكم بالشريعة إلا به؛ كأن يبرب القاتل أو السارق فيمسك الحاكم ولده أو أخاه أو صهره ويضيق عليه؛ ليدل عليه أو يحضر به» فعلم أنه لا يجوز العمل بالقانون مع قدرة الحاكم على الحكم بالشريعة» وإيصال الحقوق إلى أربابها ى) أخبرني به شيخ الإسلام شيخي حلبي بمدينة مُنف له حلاف وما يظنه بعض من لا خلطة له بالسلطان وجماعته فيظن أن السلطان يبيح العمل ل م ل
وسمعت سيدي عليًا المرصفي الت يقول: حقيقة الأمر المسوغ لزجر الفقير وهجره وإخراجه من الزاوية إذا اتهم بتهمة إنم| هو لتساهله في الظاهر برقة الدين حنى صارت التهمة تقبل فيه» فمن هذا الباب كان عليه اللوم وإلا فيحتمل أنه لم يقع فيها اتهم به» فلو أنه كان حفظ ظاهره عن رقة الدين لكان الناس يزجرون كل من أضاف إليه نقصّاء ويقولون: حاشى لله أن يقع فلان في مثل ذلك» وما هو بأهل
-1848-
للك اقهى» واكهد تارنب العالمن؛
وينبغي للشيخ: إذا كثر المجاورون عنده أن يجعل على كل جماعة عريًا لاسيما الأطفال؛ وذلك ليكون أمرهم راجعًا إليه في التربية» ويفتح على كبراء الزاوية أن يحوجوا الشيخ إلى تربية الأطفال» ويقيمهم من النوم للقراءة» وإن كان يطوف عليهم واحدًا واحدًا؛ لأن مقامه قد يرقى عن مثل ذلك إلى إرشاد الأكابر من الفقراء إلى آداب أهل الطريق» ما هو أرقى من أحوال الأطفال؛ لاسييا إن كان مشغولاً بتأليف كتب الشريعة وتحريرهاء أو متصدرًا للشفاعات في المظلومين عند الولاة» أو له أوراد خاصة تليق به تكاد أن تستغرق وقته» أو غلبت عليه مراقبة الله وَنَّ دون خلقه؛ ونحو ذلك.
وقد لام بعضهم سيدي إبراهيم المتبولي في تركه تربية شاب كان عنده في الزاوية» فقال: يا أولادي؛ انصحوا بعضكم بعضًاء فإني مشغول بأمور هي أعلى وأولى من أحوالكم؛ ثم قال: وعزة ربي معي سبعون وظيفة ستنقسم كل وظيفة بعدي على سبعين رجلاًء ويعجزون عنهاء انتهى.
وقد [ورثته]" بحمد الله في بعض الوظائف؛ كتدريس المجاورين كتب الشريعة وتبيئة ما يأكلون وما يشربون» ومناقشتهم على أعالهم» ومعاملتهم لبعضهم بعضًاء ومشاركة المكروبين في مصر وقراها في همومهم؛ وعقوباهم في بيت الوالي وغيره» وتلقي الواردين على الزاوية طول النهار من الفلاحين؛ والفقهاء. والتجار» والمباشرين؛ والأمراء والفقراء» وإعطائهم بعض حقوقهم؛ فإن لكل واحد حقًا ومزاجًا لا يشبه الآخر وربما لا تغرب الشمس كل يوم حتى أحس في جسمي بأني
)١( ني الأصل: رئته.
شربت رطلاً من السم وذابت مفاصلي؛ وربها صرت في نار؛ كالذي يتقلب على الجمر» وأنا ألهث كالثور الذي تعب من العمل» والفقراء يضحكون ويلعبون في الزاوية لا يدرون ما أنا فيه؛ فاعلموا ذلك أبها المجاورين» وشاركوا شيخكم فبها هو فيه؛؟ لتتأهلوا بعده إلى شيء من وظائفه. وإذا لم تشاركوه فادعوا له بالمساعدة؛ واعذروه في ضيقه وحصره. والله يتولى هداكم» وهو يتولى الصالحين.
وينبغي للشيخ: إذا نصح الفقراء أو زجرهم عن فعل قبيح أن يكون ذلك برحمة» وسياسة لا يدخل ذلك حظ للنفس؛ لأن الزمان قد [قلب]" غالب أهله. وصاروا مع بعضهم بعضًا على علالة» فربما زجر الشيخ أحدًا منهم؛ فقابل الشيخ بالكلام الجافي» أو استفتى عليه» واشتكاه من بيوت الحكام؛ | وقع لبعض إخوانناء فليحتشم الشيخ مع الفقراء ليحتشموا معه» وليحذر أن يطلب أن يحكم فيهم ولا يحكمون فيه» أو يطلب منهم أن يشكروه على تربيتهم» وخدمتهم بالأكل والشرب والكسوة؛ فإن ذلك أمر قد تودع منه ما بقيت الدنياء وقد رأيت مرة تلميدًا اشتكى شيخه من بيت ناظر النظار على الأوقاف, وقال: ادعي يا مولانا على هذا الرجل أنه أكل وقف زاويتناء فحصل للشيخ غاية التوبيخ؛ فلولا أنَّ الله تداركه بأن جاء جماعة» وشهدوا: أن الجهة التي اشتكاه التلميذ عليها عاطلة لم يأتٍ للشيخ منها شيء, وإلا كانوا حبسوه مع أن الشبخ ربّى هذا التلميذ من حين كان طفلاً» زوّجه من عنده» وفعل معه ما يفعله الوالد الشفيق مع ولده الصالح. فالعاقل من اعتبر بغيره» والله أعلم.
وقد ربّى أخونا الشيخ عبد الله العجمي ولدًا حتى شابت لحيته» فتنكر عليه
)١( في الأصل: قبل.
-151-
يومًا؛ فاشتكاه ورماه بالعظائم بعد هذه التربية» وكان الشيخ عبد الله هذا قد غرس حول زاويته بالقرب من مصر العتيقة -خمسة وعشرين ألف بركة من خشب الأثل؛ ثم أوقفها على مقام الإمام زين العابدين سرّاء ووضع المكتوب عنده إلى بعد موته؛ محبةٌ في الإمام زين العابدين وأدبًا معه؛ وكان يقول: جميع ما بيدي له؛ لأني خادمه, فذهب ذلك الشخص إلى بعض أعداء الشيخ عبد الله هذاء وقال لهم: إن فلانًا وقف الأثل كله على مقام الإمام زين العابدين» وصار كالأجنبي عنه؛ فخذوا النظر عليه حسبة» ففعلوا ووضعوا يدهم عليه.
وكذلك فعل الشيخ عبد الكريم خليفة سيدي أحمد البدوي» فكتب المجهات الموقوفة من أجداده على أولاده. ونسله» وعقبه. وجعلها على مقام سيدي أحمد. فسافر شخص إلى الروم» وجاء بمرسوم السلطان بالنظر على ذلك حسبة وصار كالأجنبي» فقلت: له في ذلك» فقال: إني قصدت اللحاية من الظلمة؛ بجعلها لمقام سيدي أحمد» وما حسبث هذا الحساب» انتهى.
فاعلم ذلك أيها الشيخ وإن كان ذلك عقار؛ فاجعله على نفسك» وذريتك ثم من بعدهم إلى من أراد الله تعالى من جهات القرب الشرعية» وإلا أخذوا ذلك منك» ومن ذريتك؛ وخلوكم على التراب» ولا ينبتك مثل خبير؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: ألا يتكلم بكلام يفهم منه المن على الفقراء بم) اصطاده لهم من الأوقاف» والطعام؛ والثياب» ونحو ذلك في الزمن الماضي؛ هروبًا من إحباط الأجرء ولو لم يتلفظ به؛ لأن الباطن عند الله كالظاهر على حد سواءء ويكون على علم سيدي الشيخ أنه لولا إقامة الفقراء عنده في الزاوية» ما ساق الله تعالى ذلك الرزق الواسع الذي كفى مائة نفس وأكثر؛ فالمسألة مركبة من شيخ ومن فقراء» حنى صحٌّ
-187-
النصب على ذلك الرزق» وبتقدير أن يكون الشيخ سببًا في تحصيل ذلك الرزق؛ فمرتبة تقتضي أن يطلب أجره من الله تعالى لا من الفقراء» فما ساق الله تعالى إلى الزاوية رزقًا واسمًا إلا على اسم الشيخ والفقراء ممّاء فإن إرسال بعض الأمراء بقرةً أو خمسة قناطير عسلاًء أو حمسين إردبًا من القمح: أو عشرة من البسلة يقفي العقل أن الشيخ وزوجته لا يقدران على أكل ذلك كله؛ فالقرينة تشهد بالاشتراك في ذلك بين الشيخ والفقراء.
وسمعث سيدي الشيخ عبد الحليم بن مصلح بكله يقول: ينبغي للشيخ أن يرى الفضل للفقراء عليه في تأهيله لخدمتهم؛ لا أنه يرى فضله عليهم.
وكذلك ينبغي له أيضًا في هذا الزمان أن يعامل الله كبك في عباده» ويوطن نفسه على أن يكون مأكولاً مذمومًا كسّالة الشعير» وذلك أكثر أجرًا ممن يشكر على إحسانه؛ فإنه ربا لا يجيء تعبه في خدمة الفقراء في نظير شكرهم له في دار الدنياء انتهى.
وقد رأيت أنا في واقعة أني نزلت تحت الأرض إلى الموتى» فرأيت جماعة واقفين منكسين رءوسهم» وحسناتهم عنهم بعيد كالجبال الروابي» فقلت لشخص هناك: ما بال هؤلاء؟ فقال لي: هؤلاء قوم كانوا من المحسنين للناس في دار الدنياء فجعل الله حسناتهم في مقابلة شكر الناس لهم» فلم يبق لهم حسئة؛ فخسروا أعرالهم» وإنما لم تضمحل بالكلية حتى لم يبق لها أثر زيادة في توبيخهم» فأراهم ا حق تعالى إياها من غير أن تكون لهم زيادة في الأسف. وهناك يشتد ندمهم» ويقولون لأنفسهم: لولم يشكرنا أحد؛ لكانت هذه الحسنات كلها لنا الآن» انتهى.
فاعلم ذلك أبها الشيخ وجماعتك؛ واعطفوا على بعضكم بعضًا؛ ليسوق الله
-185179-
تعالى لكم الرزق بسهولة من غير تعب. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشيخ الزاويةإن كان مسلكًا أن يأمر المريد بترك محبة أحد من الناس؛ تلك المحبة عن ما هو فيه» فلا يزال المريد ينقص من محبة الناس حتى يصير لا يحب سوى الشيخ» وهناك يترفي إلى محبة رسول الله ييه صاحب الشرع؛ ثم يترقى من محبته إلى محبة الله» فإذا أحب الله فهناك يجب عليه أن يحب كل من أحبه الله» ولا يصير يشغله محبة مخلوق عن الله وب وهكذا الحكم في سائر المقامات؛ فإن السالك إذا انتهى سيره» ثم رجع إلى الخلق يرى معية الحقٌّ تعالى مع سائر الوجود؛ فلا يصح له الزهد في شيء ما كان مأمورًا بالزهد فيه حال السير؛ لكونه كان لا يشهد معية الحق تعالى معه؛ فالحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ إذا كان له ورد في الليل من العشاء إلى الصباح» ورأى عند الفقراء فشر عزم أن يقوي عزمهم» ويذكر لهم حال أهل الله الذين كانوا يصلون الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة وأكثر؛ كالإمام أي حنيفة» وإبراهيم بن أدهم,
مج 4
وبشر الحافي» والفضيل بن عياضء ورابعة العدوية» وأضرابهم خدس الله أسرارهم ويخبرهم بأن لله تعالى الفضل عليهم في إذنه لهم في الوقوف بين يديه؛ لولا فضله عليهم لكان أنامهم كا أنام غيرهم» وتقدم أن سيدي محمد الشربيني كان لا ينام الليل هو وجماعته في صيف ولا شتاء» وكان إذا رأى عند أحدهم فتور عزم, قال بعد صلاة العشاء بأعلى صوته: شاباش للفقير الذي يعزم على مجالسة ربه من هذا الوقت إلى الفجرء فيجلسون يتحادثون في الطريق» وأحوال أهلها إلى الفجر؛ ثم ينصرفون على تماتهم» وتحصيل معاشهم؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا على
)١( هي كلمة فارسية يشار بها للتفخيم ويلقب بها الجنود.
-185-
تحصيله» واستغنموا ما بقي من عمركمء والله يتولى هداكم.
وينبغي للشيخ: أن يَنْهِى المجاورين وأولاده عن سلوك مواضع الريب؛ فإن الريبة تحكم على أصحابها بالنتقص؛ ى| تحكم الشمس بوصول حرارتها للأرض بإذن الله تعالى فإذا نبى الشيخ ولده أو غيره عن مواضع الريب» وخالف ول يُسمع لقوله» فليستخير ربه» ويتوجه إليه في حصول زيادة اللوث به من الناسء ونسبته إلى الفواحش؛ ليرتدع وينزجر إن شاء الله تعالى 39 وَأَلّهُ يَعْلَمُ مسد مِنّ النضيم # (البقرة: )77١ ا ا لاو ا ا ا بحطبه» ويؤيد ذلك قوله تعالى: «( وَيَكوْكهُم بِلَلْسَئَدتٍ وَالسيعَاتِ للم َنجِعُوتَ (الأعراف: 114).
ثم إذا وقع اللوث بذلك الفقير الذي خالف الشيخ» فينبغي للشيخ أن يشكر فضل ذلك الشخص الذي لاث باطنًا ويزجره ظاهرًا؛ لئلا تتسع الفتنة بكثرة سوء الظن» ويسيء المجاورون ظنهم ببعضهم بعضًا؛ لاسيما في أمر عيالهم إذا كانت مساكنهم متلاصقة كبيوت الربوع» فإن أحدهم ربا عجز عن إخراج صاحبه بالريبة» فانتقل من الزاوية وسكن خارجهاء وقلّ الاشتغال بالله تعالى فيهاء وإنما قلنا: إن الشيخ يشكر من لاث بولده أو بغيره من الفقراء؛ لأنه ردهم عن الريبة وخلصهم من الإثم الحاصل بكلام الناس فيهمء فإن كان اللوث بحق فهو يستحق العقوبة المناسبة له في ذلك الأمر؛ فضلاً عن اللوثء وإن كان بغير حقٌ وإن! هو سوء ظن فقطء فقد قبح ذلك الفعل في عينه في المستقبل؛ ثم إذ لاث الئاس بمن خالف إشارة الشيخ» حتى امتلأت الزاوية بذلك؛ فمن العقل أن يخرج إلى مجالسة أصحابه؛ ولا ينقطع في بيته فتقوى الريبة في حقه. ولكن يجب عليه أن يكثر من الاستغفار»
-186-
ولا يجيب عن نفسه فإنه منهم في ذلك؛ ولكن إذا قبل الله تعالى استغفاره ورضي عنه» رجع الناس عن اللوث به؛ لأن الله تعالى هو الخالق لذلك الكلام الذي وقع اللوث به لحكمة بالغة.
وقد قضى الله تعالى في سابق علمه على أنه لا يوقع أحدًا من أهل حضرته في رذيلة؛؟ بل هم مطهرون من سائر الرذائل» فمن عقل العاقل أن يرجع إلى الله الذي بيده زمام كل شيء؟ ليحفظه من الوقوع فبها يلوث الئاس به لأجله؛ لأنها أقرب الطرق بخلاف من ترك الرجوع إلى الحق» وصار يعتذر للخلق فإن الأمر يزداد شدة ويطول زمنه فإن قال قائل: كيف يسوغ للفقير أن يتوجه إلى الله تعالى في زيادة اللوث بالذي سلك مسالك الريب؛ لما فيه من سؤال الحق تعالى أن يقدر على عبده المخالفات؟ فالجواب: أن السائل لم يصرح بالسؤال في ذلك وإنما سأل الله تعالى أن يكفه عن سلوك مواطن الريب» ولو بسبب من الأسباب؛ كما أشار إلى ذلك الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في كتاب «الحكم': (رُبٌ معصيةٍ أورئتٌ ذُلّا وافتقارًا خيث منْ طاعةٍ أورئُتٌ عرًا واستكبارًا»". انتهى.
)١( قال الشيخ ابن عجيبة: العبد إذا كان سائرًا لمولاه قاصدًا لوصول حضرة حبيبه ورضاه قد يحصل له كلل أو يصيبه ملل أو يركبه كسل فسلط الحق عليه ذنبًا أو تغلبه نفسه فيسقط فإذا قام من سقطته جد في سيره ونبض من غفلته ونشط من كسله؛ فلا يزال جادًا في طلب مولاه غائبًا عما سواه حتى يدخل حضرته ويشاهد طلعته» وهي الحضرة التي هي تجليات الحق وأسرار ذاته» ومثال ذلك: رجل مسافر أصابه في الطريق نوم أو كسل فيسقط فيضربه حجر فإذا قام ذهب كسله وجد في سيره.وفي الحديث: «رُبّ َنْب أدخل صاحبّة الجَنٌدَاء قالوا: وكيفَ ذلكٌ يا رسو الله؟ قال: «لا يزال تايبا فارّا منه خائقًا من ربه حتّى يموت فيدخل الت أو كما قال التلاء وفي حديث آخر عن أب هريرة 5ه قال: قال رسول الله : اوالذِي نفري بيده لو 1 تُذْيبُوا لذهب الله بكُمْ وجحاء بقوم يُذْبُونَ فيَسمَفْفرُونَ فيغفرٌ كُمْ» التهى»
-155-
فإن مراده أنها خير من حيث الأثر المتولد منها لا من حيث الأصل» وكيف تكون طاعة أمر الله كمعصيته» وبلغئا عن عمر بن النطاب 4ه أن بعض زوجاته كانت تأي المسجد وهي بديعة الجمال» وكان يستحي من الله أن يمنعها من حضور صلاة العشاء في جماعة المسجد؛ فتلفح بردائه ووقف لما في طريق المسجد في عطفة» فلما مرت عليه مشى وراءهاء وجس بيده على سفلها فردت مهرولة إلى الدار؛ ثم ذهب عمر إلى المسجد ورجع إليهاء فقال: ما منعك من الحضور إلى المسجد هذه الليلة» فقالت: كنا نظن أن الناس ناس» ولم تزل تصلى في بيتها حتى ماتت» انتهى.
وهي حيلة مباحة فإن أمكن الشبخ أن يعمل على من خالف إشارته حيلة مباحة» فهو أولى من الحيلة المكروهة» وليحذر المجاورون أن يخالفوا نبي الشيخ لهم عن سلوك مواطن التهم؛ زاعمين أن مثلهم لا يقع في رذيلة؛ فإن الشيخ أعرف بمواطن تلبيس النفس والشيطان منهم؛ وأتم نظر لأنفسهم من نظرهم لنفوسهم.
وقال فلك في شأن الطاعة التي لم تقبل: «رُبِّ صائم ليس لَه منْ صيامه إلا الجوعٌ؛ وقائم ليس له من قيايه إلاالسهرة؛ فمثل هذه الطاعة المعصية التي يصحبها الانكسار أحسن منها بكثير. ١
وقال أيضًا: إنها كانت المعصية التي توجب الانكسار أفضل من الطاعة التي توجب الاستكبار لأن المقصود من الطاعة هو الخضوع والخشوع والانقياد والتذلل والانكسار أنا عند المتكسرة قلومهم من أجل فإذا خلت الطاعة من هذه المعاني» واتصفت بأضدادها فالمعصية التي توجب هذه المعاني» وتجهلب هذه المحاسن أفضل منها إذ لا عبرة بصورة الطاعة ولا بصورة المعصية» وإنما العبرة بها ينتج عنهم|: «إنَّ لله لا ينظرٌ إلى صُوَرِكُمْ ولا إلى أعمالِكُمْ ونا ينظرٌ إلى قلوبِكُمْ؟؛ فثمرة الطاعة هي الذل والانكسار وثمرة المعصية هي القسوة والاستكبار فإذا انقلبت الثمرات انقلبت الحقائق صارت الطاعة معصية والمعصية طاعة» ولذلك قال المحاسبي #5ه: إنم| مراد الله سبحائه من عباده قلومهم فإذا تكبر العالم أو العابد وتواضع الجاهل والعاصي وذل هيبةً لله كك وخوفًا منه فهو أطوع لله كك من العالم والعابد بقلبه انتهى.
-/اؤا-
وقد نبيت بعض جماعة من المجاورين عن مؤاطن التهم؛ فلم ينتهوا وخفت عليهم؛ فقلت: اللهم أدبهم بأمر من الأمور؛ فا تفرقوا إلا بقذفهم أعراض بعضهم بعضاء ولولا لطف الله تعالى ترافعوا إلى بيت الوالي» فبالله عليكم أيها الإخوان اسمعوا وأطيعوا لأمر شيخكم. فإنه أشفق عليكم من نفوسكم الأمارة بالسوء؛ وإذا نسب أحد من إخوانكم إلى ريبة؛ فاكتموها ولا تذكرونها إلا للشيخ؛ ليحكم بينكم برحمة وشفقة» واحذروا كل الحذر أن تحدثوا بها بعضكم بعضًّاء حتى تمتلى الزاوية ىا مرّ ولا يدري بذلك الشيخ, فإن المفسدة تعظم.
وإياكم واللوث بمن لاثوا به في الزاوية؛ فإنه يأخذ حسناتكم في الآخرة؛ هذا إذا كان اللوث بحق» فكيف إذا كان باطلاً؟ وهو أمر يخفى على كثير من الفقراء؛ فضلاً عن العوام» وربما تاب الله تعالى على ذلك العبد بتقدير وقوعه في الزلة عقبهاء فقبل الله توبته؛ فلا يجوز لأحد ذكره مها بعد ذلك كما مرّء فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وامتثلوا أمر شيخكمء واجتنبوا ما نهاكم عنه؛ فإنه إن يأمركم وينهاكم بشرع ربكم لا بشرعه هوء واعلموا أنه» أي: الشيخ يحب من يمتثل أمره أكثر من ولده الذي يخالف أمره؛ لأنه قد خرج من حب الطبع إلى الحب في الله» والبغض في الله؛؟ وقد تحفقت بذلك ولله الحمد؛ وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي يقول: من أطاع أمر الله فهو ولدي» ولو كان من أقصى الأرضء ومن عصى أمر الله فليس هو ولديء ولو كان ابني لصلبي؛ ولذلك ورد أن محمد كان مؤمن تقي»ء انتهى.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي الله يقول: والله إن ظفر المجاور الذي يمتثل ما أمره به» أرجح عندي من ولدي المخالف لأمري» وكان سيدي إبراهيم المتبولي #تللنه يقول: ينبغي للشبخ أن يزجر من سلك سالك التهم ومن لاث به؛ فقد قال
-1354-
الإمام عمر بن الخطاب: من سلك سالك التهم فلا يلومن من أساء به الظن؛ وأما اللاثث فإنه قد كشف سوءة أخيه من غير تحقق» فهو إلى القذف أقربء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا كان من المسلكين في طريق أهل الله كَنك: أن يفوض أمر ولده إلى الله و إن طلب أن يكون شيخًا بعده في الزاوية على الفقراء» ولا يكلف نفسه في ذلك شططاء فإن الولاية الإلهية لا تعمّل للعبد فيها بخلاف الولاية الدنيوية يصح فيها التعمّل والتكسب.
وقد بلغنا أن بعض الأقطاب طلب من الله أن تكون القطبية بعده لولده؛ فإذا النداء في سره: ذاك في الإرث الظاهرء وأما الإرث القلبي فذاك إلينا لا إليك» انتهى.
وقد أدخل سيدي أحمد الزاهد ولده سيدي شهاب الدين الخلوة أربعين مرة» ولم يفتح عليه بشيء» فقال له: والله يا ولديءإنك لمن أحب الناس إل ولكن الأمر ليس بيدي» انتهى.
وقد فتح الله على خلائق على يديه من العرب» والعجمء والمغاربة» والأكراد, والترك» منهم: سيدي محمد الغمري» وسيدي مدين» وسيدي عبد الرحمن بن بكتمر"» فينبغي للشيخ في هذا الزمان: أن يقنع من ولده بكونه خادمًا لفقراء الزاوية هببئ هم طعامهم» وشرابهم» ويشاركهم في قراءة أورادهم» ويتلقى ضيوفهم الواردين على الزاوية» وما زاد على ذلك؛ فلا يطلبه من ولده فقد أدركت نحو مائة وخمسين شيخًا في أوائل القرن العاشر» فا رأيت ولد أحد منهم جاء سالكًا بعد
(١)ل ذكر في «الطبقاث الكبرى» /١( 7:6),
-199-
والده إلى وقتي هذا؛ إنما غاية طريقة مشايخ الخرق من الأحمدية والبرهانية ونحوهمء فا تواكلهم بعضهم في أمر أولادهم» وأما ولد سيدي الشيخ أب الحسن البكري ونحوه؛ فإنه من نوادر الزمان» فلا يقاس عليه؛ على أن فتحه إنما هو وهب من الله لا كسب في طريقة» فإنه ثم كثير من الفقراء أطول عمرهم في العبادة» ولا يصلح أن يكون تلميدًا لهه ومن شك منهم في قولي هذا يحضر درسه في الجامع الأزهر أو الحرم المكي؛ يعرف صدقي» ويعرف أن الخبر ليس كا معاينة؛ فالله تعالى يفسح في أجله للإسلام والمسلمين» آمين.
فاعلم ذلك أبها الشيخ» وأرح نفسك من التعب في ولدك» إلا فيا لابد منه من أمر الدين» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا كان سببًا في حصول شيء من الهدايا إلى الزاوية: ألا يختص به ويقول: أنا كنت السبب في إرسال فلان مبذه الهدية؛ بل يشرك الفقراء معه في ذلك» وإن أخذ نصيبًا كأحدهم كان أولى» وإن ترك الكل كان أكمل في حقه وليتأمل الشيخ في نفسه أنه لو كان وحده في الزاوية» 1 يرسل أحد إليه مكل خمسة أرادب أرز» ولا حمس قناطير عسل! والقرينة تعطي أن علة الإرسال مركبة من الشيخ والفقراء؛ ى! مرٌ قريبّاء ثم أقبح من كل قبيح أن يتخاصم الفقراء والشيخ» ويذهبوا إلى صاحب الحدية» ويقولوا له: أرسلتم هذه الهدية لنا وللشيخ أو للشيخ وحده؟ فإنه أخذها وم يعطنا شيئًا؛ لما في ذلك من النداء على الشبخ بأنه طماع؛ لم يشم من طريق الفقراء رائحة» وكذلك الحكم فيا إذا كان الشيخ سببًا في الرزق» والعقارات التي وقفها الناس على زاويته» وربها كانت أصول الرزق مطعونًا في صحتها؛ فيذهب المستحقون إلى مفتش الأوقاف, ويخبرونه بأصوها التي رأوها أيام
30
الشيخ» فيأخذوها للسلطان فيفوتهم كلهم ذلك الرزق.
وقد نصب شخص على عيسى شيخ البحيرة» وقال: عندي فقراء كثير» فأعطاه نحو ماثة إردب قمحًا؛ ثم علم عيسى بحاله فتاب إلى الله من إعطائه شيئًا بعد ذلك؛ عقوبةٌ له على نصبه فليكن الشيخ حاذقًا يلحق بلاحق اللاحق؛ ولا يطمع في نصيب الفقراء يروح نصيبه ونصيبهم» وا حمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا ينهمك على محبة المعتقدين فيه» والمحسنين للاعته بحيث تدخل محبتهم قلبه؛ فإن الله تعالى غيور» ولو أنه قلب تلك المحبة لله تعالى كان هو الصدق؛ لأنه هو المحسن الحقيقي له وللباعته؛ )| أشار إليه الحديث: «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها»") انتهى.
لكن لا يشهد هذا المشهد إلا المقربون» وأما المحجوبون فيشهدون الإحسان من الخلق ببادئ الرأي» ولا يشهدونه من الله تعالى إلا بعد تأمل رتفكرء فحكم الخلق كالغلام الذي حمل لنا هدية من أستاذه لا غير؛ فله أجرة الحمل لا ثمن الهدية: وإن كان ولابد من محبة من أهدى إليناء فليكن من غير انواك؛ بحيث لا يحجبنا عن شهود ربناء وكان سيدي عل الخواص كلتهيقول: لا ينبغي لشيخ أن يبالغ في الإحسان إلى غير مريده؛ خوفًا أن تتشرب محبته قلب ذلك الشخص»ء وكل عارف بالله يكره أن يرى محبة نفسه في قلب تلميذه؛ إيثارًا لمحبة الله وَبْدَء ولولا علمه بأن محبة المريد له أثرًا في قبول الإرشاد والتربية منه ما سمح لمريده أن يجعل محبته في هامش قلبه» فاعلم ذلك أبها الشيخ واعمل عليه؛ والله يتولى هداكم.
)١( رواه البيهقي في الشعب )7781١/١( وأبو نعيم في الحلية »)١7١/54( والقضاعي 236٠ /١( رقم 6 والديلمي (5/١1١1ء رقم 15084).
-اء”# -
وينبغي للشبخ إذا جاءه شخص يريد المجاورة عنده» بعد أن خرج من الزاوية التي كان فيها بسبب من الأسباب؛ ألا يمكنه من المجاورة عنده إلا بعد أن يبحث عن سبب خروجه من الزاوية التي كان فيهاء ويبني على ذلك مقتضاه؛ فإنه ربا أخرجوه بسبب لا ينبغي ذكره» أو خرج في منافسة مع أحد من الفقراء» أو من قلة أدبه مع الشيخ أو كبراء الزاوية» ونحو ذلك؛ فإذا رآه خخاليًا من الموانع التي يحصل بها التأديب مكنه من المجاورة إن شاء.
وكان الشيخ جلال الدين البكري لا يقبل أحدًا جاء مطرودًا من زاوية؛ مراعاةً لخاطر أهلهاء وإذا دخل الزاوية مريد في كفالة شيخ آخرء فلا ينبغي له أن يقول أحلق هذه الشعرة. أو اترك هذه العذبة أو السبحة. ونحو ذلك؛ لأنه ليس تحت حكمه حتى يأمره أو ينهاه؛ اللهم إلا أن يراه مالقا للسنة في شيء» فمثل هذا له الأمر والنهي فيه؛ لأنه السنة ينبغي فعلها لكل مسلم. فَعَلِم أن كلامنا نما هو في الآداب التي استنبطها الفقراء» لا فيما صرحت به الشريعة» أو انعقد عليه الإجماع.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #اللكه يقول: لا تدكروا على فقير حاله» ولا لباسه إلا إذا خالف السنة الصريحة؛ فإن الإنكار يُوحش قلب الفقير الضعيف. فاعلم ذلك يا أخي, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: ألا يسرع بالغضب عل فقير قل أدبه» ما دامت قابليته للخير ثابتة؛ فليحتمله ثم يساوقه بتعليمه الأدب شينًا فشيئًا؛ فإنه ما قلّ أحد أدبه إلا وهو أعمى عن طريق الصوابء وقالوا في أعمى البصر: ينبغي لكل عاقل مساغعته في قلة أدبه؛ لأن العين هي التي تجعل صاحبها يستحي؛ ثم إذا تَصَرَّمَتْ حبال ود من قل أدبه» وتزلزلت قابليته» فمن الأدب وكول أمره إلى الله تعالى والدعاء له بالهداية» من
ل
غير تقريع ولا توبيخ» ولكن ذلك علامة على شفاعة ذلك المريد.
وكان سيدي على بن وفاء #اله يقول لأصحابه: أطيعوني تطيعوا ربكم» وتقدم عن سيدي إبراهيم المتبولي أنه كان إذا رأى من فقراء زأويته سوء أدب» وكسل عن الاشتغال بالله وك يدخل إلى المطبخ» ويضرب الدَّسْتٌ" بالعصاء ويقول: أنت الذي جمعت عندي هؤلاء المخابيل» فيصبح كل من كان عنده حمول خارجًا بأمتعته بنفسه من غير أن يأمره أحد بالمخروج::انتهى.
وينبغي إذا كان يدرس الفقراء في علوم الشريعة والحقيقة: ألا يفرح بكثرة حفظهم للنقول؛ بل يتربص حتى ينظر ماذا عملوا با علمواء فعند ذلك يفرح أو يحزن عليهم؛ ويندم حيث علمهم ما يكون زادهم إلى النار؛ ى) ورد في الصحيح, وربما بث فيهم علمه فلم يثمر لهم سوى الدعاوى العريضة والمجادلة به» ورؤية نفسهم به على عامة المؤمنين.
وكان سيدي علي المرصفي الت يقول: علامة انتفاع الفقراء بتعليم العلم: أن يمخرج أحدهم بعد موت شيخه لا نفس له ولا دعوى؛ بل يرى أنه أحقر خلق الله فمثل هذا هو الذي انتفع بصحبة شيخه. وأما من خرج من صحبة شيخه مجادلاً متكبرًا مقراضًا في طوائف الفقراء» فهو تمقوت حرمانه بركة أهل عصره كلهم.
وسمعت أخي أفضل الدين يقول: من علامة انتفاع المريد بشيخه: أن يرى الناس كلهم من أهل الجنة إلا هو» وأن الله تعالى راض عنهم كلهم؛ وساخط عليه وحده.؛ انتهى. )١( نقل عن اماج فياشفاءالغليل»: أن عامّة مِصْرَوغيرهَا من بُلْدَان اكَقْرق يُطْلِقَونَ الدَّسْتَ على در الشحاس. انظر: اتاج العروس» .)١1١817/8/١(
3
وينبغي للشيخ: أن يحتمل ضعفاء المريدين إذا بحثوا معه فيا طريقة الفهم؛ لأنهم جاهلون بمقام الشيخ؛ ولو أنهم كانوا عالمين بمقامه لم يجادلوه؛ لأن أقل مراتب الشيخ أن يكون أميئًا على ما ينقله عن الشارع وعن الأئمة» فلا ينبغي منازعته» ويؤيده حديث: اعند نبي لا ينبغي التنازع)”"» انتهى.
وكذلك ينبغي أن يكون الحكم في ورثته يل في العلم بعده؛ أديًا مع الوحي النبوي أو الإلهامي» فإنهم نواب الشارع ومترجمون عنه أحكام شريعته ولا يعرف الطالب من الشرع إلا ما علمه له شيخه وكان يقول: كل من نازع شيخه فليس هو بمريد له؛ إن) هو أجنبي عنه؛ انتهى.
وهذا هو حال مريدي هذا الزمان» فالله يلطف بنا وبهم» آمين.
وينبغي للشيخ إذا جاء الزاوية قمح أو حطب كثير» ورأى عندهم عدم داعية إلى حمله إلى حاصل الفقراء؛ أن يساعدهم ويحمل معهم» ولو مرة أو مرتين؛ تقويةٌ لهممهم فإنهم محجوبون عن معرفة مقام معاملة الله وك» فإذا رأوا الشيخ قد عمل معهم قوى عزمهم؛ تقليدًا للشيخ وحياءً منه» وكان سيدي إبراهيم المتبولي يساعد الفقراء في الطحين على الرحى. وفي جمع الخطب للطبيخ من البساتين» ويحمي تحت الدست ويقرص معهم العجين؛ كا مر بسطه في هذا الكتاب.
وإذا كان الشيخ قد طعن في السن» فله ترك مساعدتهم كما أن له التخصيص في المأكل معهم؛ وذلك لأن الأشياخ قد تلطفت أمزجتهم وما بقي كل طعام يناسب مزاجهم» ولا كل لباس يوافق أبدانهم؛ سواء كان ذلك من جهة الخشونة أو الحل» بخلاف المريدين فإن أمزجتهم كثيفة تقبل الأطعمة الكثيفة؛ كالبسلة» والكشك» )١( ذكره المصنف في «الطبقات» (8/1)؛ وابن المطهر في «البدء والتاريخ» (1/ 7177).
غ6
ونحو ذلك فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وسلموا لشيخكم أفعالكم العلوية؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشي الزاوية: أن يتحفظ من أسباب زوال النعمة التي هو فيها؛ من كثرة الطعام» والمجاورين؛ والعلم؛ والذكر, والجاه في قلوب الخلق» وتسخير الأكابر وغيرهم له بقضاء حاجته وافتقاد زاويته بالهداياء وغيرها دون أحد من أقرانه؛ فإنه جعل شيخ يرتفع على أقرانه في البلد إلا ويحصّل عنده خاطر الدعوى للصلاح» خاطر الكرام والسخاء والعجب بحاله» وكل مدّع ممتحن؛ فربما امتحن أصحاب التعريف هذا الشيخ بإرسال أحد من خدامهم؛ يسأله شيئًا من الطعام أو الدراهم أو الثياب» وتعنت عليه؛ كقوله: أعطني عمامتك أو جوختك” هذه أو ما عندك من النقد» فيشح بذلك فيحّول الله تعالى تلك النعمة؛ فيزول اعتقاد الناس فيه ويذهب جاهه من القلوب؛ ويبطل ذلك التسخير الذي كان لأهل الزاوية؛ حتى يصير يسأل الناس» ويلح عليهم فلا أحد يلتفت إليه؛ ىا وقع ذلك لابن الزرازيري» فإنه كان قد اشتهر بالكرم؛ وقصده الناس من سائر الجهات» فجاءه فقير بعد العشاء الآخرة؛ فقال: اعمل لي فرخة في هذا الوقت» واعجن واخبز لي ولا تطعمني شيئًا باردًا؛ فثقل ذلك عليهء وأعرض عنه» فقال: اللهم حول عنه هذه النعمة؛ فحوطا الله عنه» ف| أنتجت ببهائمه وخيله وإبله وغنمه» وخربت عقاراته» وغارت آباره فهاتت بساتينه ولم يزل يسأل الناس على الأبواب» حتى مات وخلفه ذريته في ذلك؟ فهم الآن يسألون الناس.
وأخبرني سيدي علق الخواص أن لله تعالى ملائكة ينزلون إلى الأرض بقصد
.071/1( (الجوخ):نسيج صفيق من الصوف.انظر : «المعجم الوسيط» )١(
7”:
امتحان من أراد الله امتحانه» فيقفون على باب ذلك الكريم» وعليهم مرقعات كالشحاذين» ويسألونه الطعام» ويتعنتون عليه فيه» وربما كان ذلك عقب بوارد ضيوق بعد ضيوق عليه ذلك اليوم» فيزجر ذلك الملك فيحول عنه النعمة» وربا سأله الدنانير» وألح عليه حتى أخذها منه؛ ثم رماها في التراب» فيندم ذلك الفقير» ويعزم أنه ما عاد يعطيه شيئًا بعد ذلك» ويقول: إن رميها في التراب من فعل السفهاء» وقد قال تعالى: :9 ولا مُوَموا الشقهئآة أموككم الت ماه ل كما #4 (النساء: 0). والحال أنه رماها لفقراء الجان» فالتقطوها من الأرض بقصد التصدق على فقراء الجان أصحاب الضرورات؛ ليعظم الأجر لصاحب تلك الدراهم؛ كما شهدت ذلك من الشيخ فرج المجذوب”» ومن الشيخ إبراهيم المجذوب
)١( قال المناوي: هو من له الكشف التام؛ والكرامات الخارقة. كان جنديًا فجذب وهو مشغول بأمر الإقطاع.وكان دائًا يقول: عندك إقطاع سفرية» بشرط أن يكون فيه ضيافة من فراخ وأُورٌ وغنم. وكان يجمع الدراهم ويفرقها على المحاويج. وله وقائع كثيرة مع أهل مصر.
أخبرني والدي أنه جاءه» وقال له: أعطني ثلاثين نصفًا فلم تسمح نفسه إلا بخمسة أنصافء فأخذهاء وصار كل حانوت مر بها يرمي فيها نصفّاء ثم ذهب. قال: فجاءني رجل بكتاب من الصعيد من الشهابي أله أزسل قي ثلائين إزديا قمكا يالك اليوم بعيتةةافجاءق:رجل :دقع إل منها خمنسة + ول قف البقية الثلاثين على أثر ولا خير.
وقال الشيخ جمال الدين بن شيخ الإسلام زكريا: خرجت للحّام فرآني» فقال: نصف. فأعطيته» وقال: آخرء وهكذا إلى تسعة وثلاثين نصفًّاء فقال: هات. قلت ما بقي غير نصف للحمام. فقال: كتبت لك وصولاً على شموال اليهوديء فليا عدت من الحمام جاءني يبودي بتسعة وثلاثين دينارّاء فقال: أقرضني والدك أربعين ديناراء ولم أقدر إلا على تسعة وثلاثين. فأعطانيها.وله وقائع كثيرة مع أهل مصر. انقطع آخرًا بالمارستان» ثم مات. ودفن بزاوية الشيخ ببهاء الدين بباب الشعرية. انظر: «طبقات» الشعراني (؟/ ١17 «الكواكب الدرية» .)81١6(
ك5 -
بمصر 5"
واعلم يا أخي أن من شأن أرباب الأحوال: أن يعموا على العبد سبب أخذهم 'الفلوس؛ لدفع البلاء الفلاني عنه امتحانًا له لينظروا هل الدنيا عنده حقيرة أم عظيمة؟ فلا يسمح بها لأخيه المؤمن» ولو أ:هم ذكروا للإنسان أن هذه الدراهم مثلاً: نريد أن ندفع بها عن كذا وكذا من البلاء» فربما سمح بها وبأضعافها بحسب ثقل البلاء وخفته» فإن طلب الول دينار السلامة فمراكب التاجر التى في بحر الحند با فيها أمر حقير؛ بل لو أعطاه الألف دينار كانت الخيرة له في ذلك» وينبغي للشيخ إذا ردَّ فقيرًا مجهولاً ولم يعطه ما سأل أن يقول بتوجه تام: اللهم إن كان هذا من أوليائك أو رسول أحد من أوليائك» فاجعلني أسمح له با سأل» فإني يا رب لو علمت أنه من أوليائك» أو قاصدًا من عندهم ما رددته؛ وذلك لثئلا تؤثر فيه أرباب الأحوال فإذا التجأ إلى الله حماه من تأثيرهم فيه» ولم يستطع أحد منهم أن يتصرف فيه بمرض )١( قال الشيخ المصئف في الطبقات الكبرى /١( 7774): ومنهم الشيخ إبراهيم أبو لحاف المجذوب 8ه كان من أوسع الناس خلقاً لا يكاد أحد قط يغضبه؛ ولو فعل معه ما فعل» وكان أولا مقيأً في برج من أبراج قلعة الحبل نحو عشرين سنة فللا قرب زوال دولة الجراكسة أرسل يقول للغوري: تحول» وأعط مفاتيح القلعة لأصحابها فلم يلق إليه بالأء وقال: هذا مجذوب فنزل إلى مصرء وزالت دولة الجراكسة ولم يزل في مصر إلى أن مات؛ ودفن في قنطرة السد بالقرب من مصر العتيق في الحوش الذي هناك وكان يقيم عندي الشهر» وأكثر فكنت أرأه لا ينام شيئاً من الليل إلا قبيل الفجرء وكان 2 يقول: طول ليله: الله الله لله لا يفتر» وكان حافيًا مكشوف الرأس ملتحفاً بملاءة حمراء» وبيده عصا غليظة م تزل في حضنه» ويقول: احتاج الزمان إلى هذا» ولما مددت للتسويط في أيام السلطان أحمد بسبب شخص من أكابر الدولة قيل: إنه ممبأ عندي» وقف عند رأسي» وقال: لا تخف ما عليك باس غداً تقضي الحاجة أذان الظهر فلم| كان الغد خرج السلطان أحمد هاربًا من القتل أذان الظهر ىا قال» وكنت لم أزل أسمعه يقول هذه الكلمات: سبحان من خلق الخلق احتياط علم خبر فقط رحمة الله تعالى عليه.
الأول
ولا موت ولا عزل؛ فاعلموا ذلك؛» وتحفظوا من الوقوع في أسباب زوال النعم من المعاصي؛ ورؤية النفس على الناس بالكرم» ونحو ذلك؛ فإن جميع النعم التي بأيدي الخلق الآن قد تفلتت من أيد.هم؛ لقلة الشكر» وعدم مواساة الفقراء بهاء فالعاقل من حوط نفسه بالآيات والأساء ليلا وبارّاء ويسأل الله أن يديم عليه النعمة فضلاً منه ورحمةٌ» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقراء: ألا يطلبوا من الشيخ حضور مجلس الذكر معهم بعد العشاء؛ كما يفعل في مجلس الذكر بعد صلاة الصبح, فإن الحق تعالى ربا تل لقلب الشيخ» فأخرس لسانه عن النطق من شدة عظمة ذلك التجلي؛ بخلاف المريدين فإن أحدهم في حجاب عن شهود ذلك التجلي؛ ولذلك حت سيدي يوسّف العجمي خواص أصحابه المريدين على تخفيف مجلس الذكر بعد العشاء؛ رحمة بهم» وشفقةٌ عليهم؛ لإشرافهم على مقام الكُّمّل من الأشياخ؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واسمعوا لشيخكم في جميع ما يرشدكم به ولا تقتدوا بأفعاله كلها إلا إذا أمركم بذلك» وأما مالم يأمركم به فالواجب عليكم ملازمة ما أمركم به» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ أو النقيب ألا يمكن أحدًا من أطفال الزاوية أن يبادر إلى الأكل من شيء أرسله أحد من أركان الدولة» أو غيرهم إلى الفقراء؛؟ ليحملوا حملته في عدم عزله من وظيفته» أو في تحويل مرضه؛ أو مرض من يعز عليه ويأمر الأطفال بالتربص» وترك الأكل من ذلك الشيء إلى أن تقضى حاجته؛ وإن خيف فساد الطعام تصدق الشيخ به عن صاحبه؛ وأعطاه للفقراء. الخارجين عن الزاوية من عميان» وأيتام» وأرامل» ونحوهم؛ لأن مثلهم لا يتحاشى عن الأكل من مثل ذلك» ولا ينبغي لأحد من فقراء الزاوية أن يترخص ويأكل قبل قضاء الحاجة؛ فإنه ربما عوقب
للهلا -
بطلوع الحكة» والجرب؛ والحب الفرنجي» وضربان العظم والمفاصل؛ ىا وقع لبعض فقراء الزواياء بل وقع لي أنني كنت أرسل مثل ذلك للعميان المقيمين عندنا في الزاوية»» وأمنع منه غيرهم؛ فكان غير العميان يتأثرون من حرمانهم من ذلك الطعام؛ فلما طلع الجرب واحكّة والخراريج في أبدان العميان» ودودت أبدانهم؛ شكر الذين لم يأكلوا من ذلك الطعام ربهم على ذلك.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #ثلله يقول: من بادر إلى الأكل مما أرسله المرضى إلى فقراء الزاوية قبل قضاء الحاجة» فقد عرض بدنه للدمامل» والقروح» وشرب الأدوية الكريهة» والحقن الكبيرة حتى ينفق على الأدوية أكثر من ثمن ذلك الطعام مرات» وإذا أتى الزاوية شيء من الفواكه ونحوها ما يفرق في العادة؟ فللشيخ أن يشرك أهل بيته مع الفقراء» وإن كان ذلك ثما يدخر في العادة؛ كالقمح» والعسل؛ والأرز فله ادخاره على اسم فقراء الزاوية» وغيرهم من الفقراء والمساكين الواردين على الزاوية في مستقبل الزمان» وإذا كانت القرائن تعطي أن ذلك الشيء إن| أرسله صاحبه إلى الشيخ خاصة؛ كالثوب الصوفه, والعامة» والقلنسوة؛ والنعل فللشيخ أن يتخصص به؛ لأنه لا يَتَبَعْضٍ ليفرق على كل واحد قطعة قطعة.
وينبغي له ألا يغفل عن وعظ إخوانه في الزاوية» ولا عن تربيتهم وإرشادهم إلى مصالح دنياهم وآخرتهم» ويكون هو إمامهم في كل ما يعظهم به ويزهدهم فيه» فلا يأمرهم بقيام الليل مثلاً وينام هوء ولا ينهاهم عن جمع الدنيا والرغبة فيهاء ويفعل هو بضد ذلك؛ ى] عليه بعضهم.؛ فيصير الفقراء يضحكون عليه من ورائه) ويستهزئون ويسخرون به. وقد قالوا: من عقل الرجل ألا يأمر أحدًا بأمر حتى يفعل هو به» وإن لم يكن ذلك شرطاء فإذا عمل بذلك الأمر فهناك يحسن منه أن يعظهم
- :8-
ويأمرهم» بشرط الرحمة والشفقة واللين والعطف؛ كأن يقول لهم: اعلموا أنه ما أحب أحد الدنياء ورغب فيها لغير ضرورة إلا سقط من عين رعاية الله وبَْ» وصار مهينًا في ملكوت السماوات والأرض» فعلم أن من خفة عقل الرجل أن يأمر إخوانه بالإنفاق لكل شيء دخل يدهم على الفقراء والمساكين» ويمسك هو الدنياء ولا يسمح بها لمحتاج إليها؛ فربا لم ينقد له أحد» ولا يعود يفتقده ويحجبه شاهد جماله عن سماع مقاله؛ وكيف تنقاد الفقراء لشخص يرونه يزاحم على الدنيا» ويركب كل قليل للأغنياء والأمراء فيزورهم في دورهم, أو يرون الأمراء يزورونه. ويحملونه على النصب عليهم؛ ونظير ذلك ما لو رأوه يخاصم الناظر أو الجابي على معلوم وظيفة نظر» أو مشيخة حضورء أو تدريس علم؛ أو خطابة» أو إمامة» ونحو ذلك مما خالف فيه طريق السلف الصالحين.
وكذلك من الأسباب التي يترك الناس الاعتقاد في الفقير: كوههم يرونه يسافر إلى البلاد البعيدة يطلب الدنيا كالمرتب والمسموح؛ فإن طلبه لاعتقاد الناس فيه مع ذلك» وقبوهم إرشاده من قلب الموضوعء وما هكذا كان آحاد المريدين في الزمن الماضي فضلاً عن الأشياح؛ لأن أول مراتب الإرادة هو الزهد في الدنيا.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #لللكه يقول: علامة صحبة الإرادة زهد الفقير في الدنياء ومحل صدقه في الزهد أن يصير ينقبض خخاطره إذا جاءته» وينشرح إذا تحولت عنه؛ انتهى.
وينبغي للشيخ: أن يُرغبٍ جماعته في عمل الحرفة؛ ليأكلوا منها ولو كان لزاويتهم وقف. ويقول لهم: إن أكلكم من عمل أيديكم أفضل لكم من الأكل من صدقات الناس» وأعون لكم على طلب الطريق والترقي في مقاماتها.
3000-0-75
وكان سيدي إبراهيم المتبولي يقول: أنا لا أحب للفقير أن يجلس للتعبد في الزاوية بلا حرفة يأكل منها؛ لثلا يقتسم أصحاب تلك اللقيمات جميع الحسنات» التي نشأت من قوى تلك اللقيهات؛ لأنها لولا هي ما قدر على ذلك التعبد» وكان يقول: من أقبح أحوال الفقير أن يكون لا حرفة له ويأكل بدينه خبرًا وطعامّاء ويصير الناس يعتقدونه لانقطاعه للعبادة» ويرسلون له الطعام واللباس» ويقولون له: ادع لنا؛ فإن هذا يذهب دينه كله وتنقل حسناته في صحائف المعتقدين فيه» حتى يوافي القيمة وليس معه حسنة؛ لأنه استوفى أجر أعاله كلها في الدنيا.
وقد كان الفضيل بن عياض يقول: لأن آكل الدنيا بالطبل والمزمار» أحبٌّ إل من أكلها بديني» وكان #5 يسقي على جمل بمكة» ويتقوت هو وعياله من ثمن الماء؛ كا أوضحنا ذلك في كتاب «العهود» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يأمر المجاورين بالتعفف عن هدايا الناس» وصدقاتهم» والقناعة بسائر العورة ولو من شراميط الكييان”» والقناعة با يسد الرمق ولو كان من ورق الخسء والبقل الذي يلتقط من الموارد والأنبار؛ كا جرى عليه الفقراء الماضونء ووالله لقد فعلت ذلك سنين؛ حتى وسع الله تعالى علي الرزق من حيث لا أحتسب» ولا [...]" في طريقه؛ ثم شرعت في الزرع؛ فأغناني الله تعالى به عن الناس» فأخزن كل سنة منه قوتي وقوت عيالي» وألبس منه الجبة والععامة وغيرهماء فالحمد لله رب العالمين.
)١( كلمة عامية تعني: القطع البالية من القماش. (؟) كلمة غير واضحة بالمخطوط.
- #1
وينبغي للشيخ: أن ينهى الفقراء المقيمين عنده على نية التجرد. وطلب الطريق عن إمساكهم الدنياء إلا ما لا بد لهم منه في طريق سيرهم؛ وذلك كزاد المسافر مما لا بد له منه كإبرة وقصعة وسكين وخريطة؛ لا كطراحة ولحاف وصندوق للثياب وإمطار من الفخار» وأما الذهب والفضة فيمنعهم من إمساك ذلك جملة واحدة؛ حتى يكمل حالهم ويفطمهم عن الدنيا فطامًا صحيحًاء وحينئلٍ لاايضر أحدهم جمع الدنياء ولو كان عنده أموال جميع الخلق ما شغلته عن ربه عز وجل.
وليحذر من قبول جهة المريد أنه ما أمسك الدنيا إلا لأجل العيال؟ فإنه ربا كان ذلك منه تلبيسًا على نفسه؛ وكل من شامخ مريدًا بإمساكه الدنيا من غير امتحانه فقد غشه؛ ثم إن نهاه الشيخ عن الدنيا ولم يفته فهو الغاش بنفسه؛ وليس على الشيخ منه في ذلك شيء» وهذا الأمر قد عم فقراء الزوايا في هذا الزمان؛ فيأذن لأحدهم شيخه بأن يربي المرتدين» وبرشد السالكين» وهو لم يفطم عن محبة الدنيا؛ بل ربا عامل الناس بالرباء وصار يقرض الألف دينار فأكثر» ويشتكي الناس من بيوت الحكام» وإذا ساقوا عليه شيخه» يقول: ما يحل للشيخ من الله تعالى أن يضيع مالي؛ ى] شاهدت ذلك من بعض مريدي إخواننا في مصرء وقد رأيت من يملك الألف دينار؛ ومع ذلك يأكل من صدقات زاوية شيخه؛ ولو أن صاحب الصدقة علم بهذا ما أعطاه رغيمًا.
وسمعث سيدي عليًا المرصفي يقول: والله ما كنا نظن إننا نعيش إلى زمان صار الناس يحبسون في زوايا الفقراء؛ لأجل الدنياء ويوهمون الشيخ وجماعته الصادقين أنهم ما جلسوا؛ إلا للآخرة وطلب طريق القوم» وسمعته يقول: من شرط الصادق من الفقراء أن يجلس عند الشيخ للآخرة» ويجعل الدنيا بحكم التبع؛
-؟51 -
فعكس الفقراء اليوم ذلك فالله يلطف بنا ومهم؛ آمين...آمين.
وينبغي للشيخ إذا رأى جناعته قد كسلوا عن العبادة والاشتغال بالله عز وجل- أن ينبههم على نقص حاهمء وينهاهم عن الأكل من خبز الزاوية؛ ترقية ل همهم ويقول لهم: إن صاحب الوقف ما وقفه بالأصالة إلا للمنقطعين إلى الله تعالى المقبلين على عبادته ليلاً ونبارّاء فمن لم يكن منقطمًا للعبادة» فلا حقّ له في تلك الصدقات التي في الزاوية؛ وإنما هو يزاحم الفقراء في طعامهم بغير حقٌ» فلا يزداد باطئه بالأكل منها إلا ظلمة» ولا قلبه إلا سوادًاء ولا همته إلا فتورًا وكسلاً وغفلة» ولو أنه قيل للواقف حال حياته: إِنَّ فلانًا قليل العبادة لا يلتفت إلى عبادة؛ بل هو يأكل» ويشرب» ويلهوء ويلعبء وينام طول الليل؛ لقال: لا حاجة لنا بإدخاله في فقراء الزاوية؛ بل كان يخرجه منها.
وينبغي للشيخ: أن يبين كل قليل لفقراء الزاوية ما كان عليه السلف الصالح من التقشف. وأكل الخبز اليابس بالملح أو حاقاء ولبس الجيب اللخشنة والبشت والفروة الكباشية والخيش ولبس الأسود من الثياب» ونحو ذلك ما لا يشغل تحصيل عن الله تعالى ويمنعهم لبس الحوخ الرفيع والعمامة الرفيعة» والثياب النفيسة جملةٌ واحدة؛ لئلا يشتغلوا عن عبادة ريهم بتحصيل ثمن ذلك أولاً؛ وعن خياطته انيّاء والعُجُب به ثالث وغسله إذا اتسخ رابعًاء وكثرة الخروج والزيارة للوخوان خانم
وفي الحديث: «مروا النساء كي يلزمن قعور بيوتكم فإن المرأة إذا أكثرت ثياب زينتها أكثرت من الخروج إلى الناس ليروا ثياب زينتها»" أو ى! قال وَل.
(1)1 أقف عليه هكذاء وانظر: «العهود المحمدية» (ص١58).
- 519-
وقد رأيت سيدي عليًّا الخواص» وأخي أفضل الدين؛ والشيخ عبد القادر - أخي-لا يغسلوت عمامتهم إلا في عيد الفطر فقط» وكانوا يغسلونها بالملح تحقيقًا للمؤنة» وتقوية للقماش؛ فإن الملح يزيده قوة» وكان سيدي إبراهيم المتبولي يغسل ثيابه بالملح» ويقول: نوسع على إخواننا بالصابون» ويُخبر أن أهل الصفة كانوا يغسلون كذلك به ثيابهم.
وسمعت سيدي عليًا الرصفي ظالته يقول: لا ينبغي لفقراء الزاوية أن يلبسوا المضريات النفيسة» ولا الجيب الرفيعة» ولا غير ذلك في لباس أهل الرعونات» ويقول: إن الفقراء إذا فعلوا ذلك. مالوا إلى مجالسة أبناء الدنيا من التجار والمباشرين ونحوهم» فياتت قلوبهم بمجالستهم ى) جرب؟؛ بخلاف ما إذا لبسوا الجبة الغليظة» والمرفقات بالخيش» وسبح عليهم القمل؛ فإن نفوس أبناء الدنيا تنفر من مجالستهم» بل نفس الفقراء لا يحبون مجالستهم؛ لعدم مشاكلتهم في أحوالهم» وقد طلب الإمام الأوزاعي الصحبة من إبراهيم بن أدهم؛ فقال له إبراهيم: يا عبد الرحمن؛ الطير لا يطير إلا مع شكله انتهى.
وسمعت سيدي محمد بن عنان كله يقول: يجب على الفقير حذف العلائق الدنيوية» حتى الوظائف التي لها جامكية”؟ فإن الفقير يحتاج إلى مباشرتها في أماكنها فيضيق الوقت عليه» ويصير له وقت يقدر منه على طول مجالسة الله -هز وجل- فينقطعون عن الخير» ويصير أحدهم في الغفلة كأبناء الدنيا بل أشد؛ لأنهم ذاقوا طريق الفقراء ثم تركوهاء ومن هنا قال الجنيد: لو أقبل عارف على الله تعالى ألف عام (١)الجامكية: لفظ فارمي معرب» وهو رواتب أصحاب الوظائف من الأوقاف. انظر: «معجم لغة الفقهاء4(١108/1١).
-514؟-
ثم أدبر عنه لحظة» كان ما فاته في تلك اللحظة أكثر ما ناله في الألف عام؛ وذلك لأن كل لحظة متضمنة لجميع الإمداد السابق عليهاء ويزيد عليها بمدد الوقت فافهمءانتهى.
وسمعت سيدي محمد الشناوي #لله يقول لهم: الفقير قبل صحبة الفقراء؛ كالحديد النقرة» وبعد صحبتهم ومفارقة طريقهم حكم الدرهم الزغل”؛ فلا يقبله أحدء انتهى.
وسمعث سيدي محمد ال منير #للته يقول: ليحذر الفقير أن يدعي الحاجة إلى ما يجمعه من الدنياء والحال أنه كاذب؟؛ وإنما يجمعه محبةٌ في الدنيا فإن الناقد بصير» ومن فعل مثل ذلك فقد غش نفسه وشيخه. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يرقي الفقراء في مقامات اليقين» والرضا بالقسمة الإهية) ويكون هو أولهم في ذلك» فيقول لهم: مقصودنا التعفف عن الدنياء ورد كل ما أتانا منها؛ لنكتسب عزة النفس المحمودة بذلكء فإنه لا يخلو ما نرد من أحد شيئًاء إما أن يكون لم يقسم لنا فلا تتبعه نفوسناء وإما أن يكون قد قسم لنا فهو حاصل لناء ولو رددناه لا يرتد لاسي الزكوات التي هي أوساخ الناس» وهدايا العمال التي لا تسلم في الشبهة» وتحتها مائة بلية» وكان لأحدهم تقطيب وجهه لمن أتى شابك الهدية إليهم ثانيّاء ويتعين فعل ذلك على أهل المروءات من الفقراء؛ ليريجوا أنفسهم وشبخهم من التلطخ بأكل الشبهات» وأوساخ الناس» وغسالة ذنوبهم؛ فإن مثل من يقول للشيخ: خذ زكاتي لك ولأصحابك؛ مثل من يقول: خذ وسخي وصناني
.)87١ /1( الزغل:الغش» وهو يقصد أنه يصبح كالدرهم المغشوش. انظر «المعجم الوسيط؛ )١(
- 50-
وبصاقي» وتلطخ به أبداهم وقلوبهم؛ كا أشار إلى ذلك رسول الله كع بقوله في الصدقة: (إنّا هِي أَوْسَاحُ الَّْسٍء وَإئّما لا تل يمد وَلا لآل ححميا0.
قال بعض الأئمة: والوسخ يشمل سائر فضلات الإنسان من غائط وبول؛ ولكنه يل كان يكني عن القبيح في العرفء انتهى.
وأما قوله في الحديث: «ولا لآل محمد» فيشمل آله من حيث الروحية؛ كما أشار إليه حديث: «آلّ جد كل مُؤْمِنٍ تَقِيْ)”» ولا شك أن الفقراء من خدام رسول الله وه لكثرة اتباعهم سنته» ومولى القوم منهم.
وقد كان سلمان الفارسي لا يأكل من الزكاة» ويقول: قال رسول الله وَي: «سََانْ منَا أَهْل الْبَيْتِ)" فتحًا لباب التأسي به؛ فكل فقير تنزَّه عن أوساخ الناس فهو تابع في ذلك أهل البيت» ثم لا يخفى أن الوسخ يزيد في القبح» وينقص بكثرة الشبهة التي في تلك الصدقة؛ وقلتها» وطيب مطعم صاحبهاء وكسبه؛ فمن الناس من يشبه كسبه: الغائط» ومنهم من يشبه كسبه روث البهائم» ومنهم من يشبه كسبه دَرْقُ العصافير» وهكذا إلى ونِيمٌ الذباب إلى دم البراغيث.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #للكه يقول: علم مال من يغش في المعاملات» ويأكل الربا والزشوة والحراتم؛ كالقيح والغائط» وحكم مال من ينصح في المعاملة» ولكنه يبيع على من يأخذ أموال الناس بالباطل؛ كالبول والدم؛ قال: والحاذق لا يخفى عليه مثل ذلك» وكان يقول: ما بقي للفقير خلاص في مأكل ولا ملبس. إلا أن )١( رواه مسلم (/7/1)» والنسائي (؟/ 08)» والبيهقي (/1/ 97).
(1) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء؛ ,)١9/١( (”) روه الحاكم في «المستدرك» »)5١7/١( والطبراني في «الكبير) (7/ .)١١
- 515-
يكون في درجة المضطر؛ فإن المحترف بتقدير أنه ينصح في حرفته فيبيع على من إذ التجار وسائر السوقة الآن إلا من شاء الهلا يريدون دراهم أصحاب الشبهات إذا وظائف الظلم بلا واسطة؛ انتهى.
وكان سفيان الثوري #5 يقول: أكل الحرام يضر آكله؛ ولو ل يعلم به ىا يضر السم» ولو لم يعلم به آكله» انتهى؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يتخذ نقيبًا أو صاحبًا من الفقراء» ويقربه منه إلا إن كان يقبل التربية والصدقء, وإلاا شك قربه من الشيخ سريرته؛ فإن حكم الشيخ حكم الفتيلة التي تنور على البقاع حوطاء وكل من عمل في الضوء فاحشة أ الناس» بخلاف القرب من غير الشيخ, فإنه ربها كان لا مزية له فلا يكشف ستر من قرب منه؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» ولا تطلبوا القرب من شيخكم. إلا إن كان أحدكم طاهر القلب والجوارح من كل رذيلة» والحمد لله رب العالمين. وملابسه ومراكبه وضيوفه» ويخرج فقراء الزاوية عنده طليًا للشكر بين الناس» ووصفه بالسخاء والكرم والجود لاسيهما إن كانوا -يعني: فقراء الزاوية تغلب الحياء من الشيخ؛ ولا شك أن مثل ذلك معدود من العُلُول"» ولو أنصف الشيخ لأعطى الفقراء جميع الحدايا الكثيرة الداخلة للزاوية؛ لأنهم شبكه التي يصطاد بباء ولولاهم ما أهدى أحد إليه تلك المدايا الكثيرة ا مربطه قريبًا. )١( قَانُوا: الْعُُولُ وَالْإِغْلَالُ: الجيائة» إلا أنَ الْمُلُولَ في المَمْتَم تَاصَّةً وَالْإِْلَالُ عَام. (المصحاح في اللغة/ غلي).
-/1؟ -
وسمعت أخي أفضل الدين #اللنه يقول: ليحذر شيخ الزاوية أن يصطاد شيئًا على اسم الفقراء من غير علمهم؛ ثم لا يعلمهم به إذا وصل إليه من قمح أو نقد أو ثياب ونحو ذلكء؛ ولا يعمر به دارا ولا يزرع به زرعاء ولا يشتري به حمارًا ولا فرسّاء ولا يكسو به أولاده ولا عياله؛ فإن ذلك كله ممحقة لليركة من يده؛ ولا بد أن تركبه الديون عقوبة له ويقل رزق زاويئه ما جرت؛ لاسيما إن علم بذلك فقراء الزاوية» وأعلموا صاحب تلك الهدايا التي أخذها على اسم الفقراء بأنه تخصص ببا؛ فإنه يحول هديته وصدقته إلى زاوية أخرى ك| مرّ.
وليحذر الشيخ من أن يأخذ شيئًا من زيت الزاوية ليوقد به في بيتهه وكذلك لا يأخذ من حصر الزاوية شيئًا يفرشه في بيته وقت الوليمة أو غيرها؛ كما يتناهل فيه كثير من الناس.
وليحذر أيضًا من ,أن يقبل مرتبًا من مال السلطان؛ أو مسموحًا أو جوالي؛ بل يجب عليه التعفف عن مثل ذلكء إذا كان الفقراء يتبعونه على ذلك؟ فإنه يقطعهم عن الطريقء وكان الأولى له إذا عرضوا عليه ذلك أن يرده» ويقول: جند السلطان الذين يسافرون في التجاريد» ويحمون بيضة الإسلام أولى مني» فإنه لا تقع في الإسلام؛ كا كان عليه المشايخ الذين أدركناهم أوائل النصف الأول من القرن العاشر» فقد أدركت جحمد اللهمائة وحمسين شيخًا من أولياء مصر وقراءها؛ بأن أحدهم إذا عرض الأمر عليه مسموحًا أو مرتبّاء لا يقبله تورعًا وزهدًاء رضي الله عنهم أجمعين.
وذلك لا ينبغي لفقراء الزاوية؛ أن يكتبوا زلة أحد من إخوانهم في سجل من فاحشة وقع فيهاء أو سرقة» أو عمل زغل» ونحو ذلك؛ لأن من شأنهم الستر لآحاد
200
المسلمين» فكيف لإخواهم وأصحاب شيخهم؟ ومن يسبب في كتابة محضر» أو كتابة سجل لمن وقع في زلة» كان عليه الإئم بعدد كل من خاصم ذلك الشخص» وكشف السجل على ممر الأزمان» وعرض نفسه لكشف السوءة والمتيكة» بقدر من كشف على ذلك السجل» وكان عليه في كشف السجل كل مرة من الإثم؛ بقدر الإثئم الحاصل له يوم وقع في تلك الزلة لهتيكته الأولى» نظير ما ورد في أجر المصيبة؛ أن كل من تذكرها بعد تقادم عهدهاء فأخذت لما استرجاعاء كان له من الأجر كأجرة يوم أصيبء وبالجملة فلا يقع في كشف السوءات إلا الشياطين وأهل حضرتهم؛ لكثرة عداوتهم للمؤمن, فإياكم أيها الإخوان من مثل ذلك ثم إياكم» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يبالغ في زجر من يخرج عن طاعته من المجاورين؛ ولا يتأهل ني ذلك؛ لاسيم| إن عاد من ذلك ضرر على غيره من المجاورين؛ كعدم تقرب أحد منهم بعد ذلكء قياسًا على ما جرى له مع ذلك المجاور الذي خرج عن طاعته؛ وأكثر الفساد أن يفتح أحد على إخوانه باب المقاصرة في الخبز والطعام» وكفران نعمة الله التي أجراها على يد الشيخ؟ فإن الله تعالى يحول النعمة حين تكفرء وما دام الفقراء معترفين بنعمة الله تعالى عليهم؟ فالنعمة مخلدة عليهم» ولكن إبليس بالمرصاد لكل مكان رأى فيه خيرًا كثيرًا وسماحةٌ عظيمة» فيوسوس لأحد الفقراء بالطعن في الشيخ والجابي مثلأ» ويتهمونه| بأنهما يأكلان حق الفقراء؛ والحال أنه| بريئان من ذلكء فيحول الله تعالى تلك النعمة عنهم؛ تشتت شملهم» وتبطل تلك المجالس التي كانت لمم في الذكر» والعلم» والمناقشة» وتصير همتهم كلها لبطنهم وفرجهم؛ فاعملوا ذلك أبها الإخوان وسدوا باب الاعتراض على شيخكمء وعلى كل من أقامه عليكم من جابي وغيره» واستغنموا يجالس الذكر والنصح وهدوء السير في حياة
- 518-
شيخكم؛ فإن الخيرات اليوم قد قلت من زوايا الفقراء كما هو مشاهدء ووالله إن حكم الخير الذي في زاويتنا الآن كالتيغار" الماء» الذي تصدّع وتكسر من سائر الجوانب» وهو يخر الماء منها الذي هو كناية عن خروج دين الإنسان من قلبه وجسده؛ فيحتاج من يريد جمع فقراء الزاوية كلهم على الخير إلى صبر شديد؛ فإن جميع ما يفعلونه من الخير إنم] هو أمور مستعارة لا دوام لها.
وقد سمعت سيدي عليًا الحواص #الته يقول: حكم من يريد من مشايخ الزوايا الآن جمع أصحابه على الخير؛ حكم الحجاج إذا رجعوا من الحج» وشاهدوا أوطانهم؛ فإن أحدهم يترك تقطير جماله مع جمال غيره ضرورةٌ؛ ولو طلب أحدًا أن يقطرها يخالفه» ويتخاصم هو وإياه» انتهى.
فالعاقل من عرف زمانء ولم يطلب من أهله إلا ما يقدرون عليه من مسمى الاستقامة.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي يقول: لبحذر شبخ الزاوية أن يطلب من فقرائها كلهم أن يكونوا تحت أمره وطاعته؛ بحيث لا يخرج أحد منهم عن طاعته في وقت من الأوقات, فإن ذلك أمر لم يجعله الحق تعالى لمحمد ولك في حق قومه. بل قال بعضهم: «9 سَمِعْمَا وَأَطْعَنَا © «البقرة: 186)» وبعضهم: 9 مَهِمَنا وَعَصَيْنَا © (النساء: *4)» وبعضهم قال: «3 وَكَالُواْ فلوبنًا ف ِبر مما سَعْوا ليه وَفْة مَاداننَا وك 46 (فصلت: ه» فإذا كان هذا شيئًا لم يصح لرسول الله #ة» مع كونه أعظم الخلق سياسة ولطفًا ورحمةًٌ وشفقةٌ» فكيف بمن هو من آحاد الأمة؟
)١( وعاء كبير من الفخار يستعمل في عصر الدبس.
300
وقد قالوا: يجب على العالم بالله تقرير الوجود في باطن الأمر على ما هو عليه
من شقي وسعيد موافقة لما سبق في علم الله عز وجل ال تعالى: «9 وَلَوَشِْنَا آنا
شه لء. ا ا هر سس 2ه رم سر 2
كل فين هدنها ولكن حَنّ الْقَولُ م لَأْمَلَدنّ جهنم مب الْجِنَّدٍ الئاس معي » (السجدة: 1) ونحوها من الآيات» فكل شبخ طلب من جماعته أههم يطيعون كلهم :ظاهرًا وباطناء فقد رام المحال مع ما في ذلك من معارضة ما سبق به العلم وإن كان ما عارض أيضًا ما سبق به العلم؛ فافهم.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #القه يقول: لا يكمل الرجل في مقام العرفان؛ حتى يصير مراده مزاد الله» وينشرح لكل مقدور؛ ولا يجد شيئًا يمحصل له به قهر ولا يتق» وهناك يدخل حضرة النعيم المقيم في الدنيا قبل الآخرة؛ فإنه ليس على النفوس شيء أشد عليها من مخالفة أغراضها النفسانية» وقد قدمنا على أن من شرط الكامل أن يصل إلى مقام يجب عليه موافقة نفسه في] تطلب له من الخير؛ إذ النفس إذا اطمأنت لا تصير تأمر صاجهاء إلا با أمر الله ورسوله به» فمن خالفها فقد خالف أمر الله وأمر رسوله.
وسمعت أحي أفضل الدين #الله يقول: من علامة كال الفقير: أن يصير يستحلى جميع الأقدار الإلهية من حيث التقدير والحكمة» ويذوق مرارتها من حيث الكسبء والتكليف والقائل بأحد هذين الشيئين أعور ينظر بفرد عين» والكامل ينظر بعيني الشريعة والحقيقة» انتهى.
وكان يقول: الكامل من بحث عن الحكمة في تقدير العاصي على العباده وعرف الشيب الذي قدر الله تعالى به على عباده ما قدر؛ لأمن جهل ذلك, والحمد لله رب العالمين.
-551-
ينبغي الفقراء إذا كان لهم جار فقيه. ودعاهم إلى وليمة» فلم يختصروا له طريق العذر» ويقولون: نقول كلنا: نستغفر الله العظيم» ونتوب إليه من تقصيرنا في حقنك يا أخي» وليحذروا أن يقيم أحد الحجة عليه» ويقولون: نحن مشغولون با هو أهم من حضور وليمتك؛ فإن الفقيه لا ذوق له فيا فيه الفقراء من الأحوال: كالاصطلام”» والبوادة"» والحجوم”» والمراقبة» وغير ذلك» وليحذر أحدهم أن يقول له: فلأي شيء أنت لم تحضر مجلس ذكر بالله صباحًا ومساءً وتفوز بمجالسة الله تعالى طرفي الليل والنهار؟ فإنه ربم| أقام الأدلة على أن ما هو فيه أفضل» بتعصب وحط نفسء ول يرجع إلى إقامة الحجة عليه”.
)١( قال القاشاني: الاصطلام هو نعت وَلَهِ يرد على القلب فيسكن تحت سلطانه؛ فإن دام ذلك بالعيد حتى سلبه عن نفسه؛ وأخذه عن حسه؛ بحيث ل يُبق منه اسيأء ولا أثرأ» ولا عينأء ولا طللاً» حتى صار مسلوباً عن المكونات بأسرهاء فيا دام العبد كذلك فهو ممحو الآثار» فلهذا لا يجري عليه أحكام التكليف» ولا يوصف بتحسين؛ ولا يخص بتشريف. اللّهِم إلا أن يُرَد با يجري عليه من غير شيء منه فيكون في ظنون الخلق متصرفاً» وفي التحقيق مصكفاً. قال تعالى: (وَتَحسَبهُمْ أْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ) الآية. (1) قال القشيري: ما يفجأ قلبك من الغيب على سبيل الوهلة» إما موجب فرح» وإما موجب ترح. (5) قال القشيري: وال هجوم: ما يرد على القلب بقوةً الوقت؛ من غير تصنع منك.
ويختلف في الأنواع على حسب قرّة الوارد وضعفه. فمنهم من تغيره البواده» وتصرفه الهواجم
ومنهم من يكون فوق ما يفجؤه حالاً وقوة. أولئك سادات الوقت. الرسالة القشيرية /١( ص .)4١ (5) قال الشيخ المصئف: قال السهروردي-رحمه الله تعالى-: وهي العلوم التي سموها بأساء غريبة اصطلحوا عليها نحو الجمع أو التفرقة والبوادة وال هجوم والتجلٍ والاستتار» والتجريد» والسكر والصحوء والمحو والإثبات» والفناء والبقاء ونحو ذلك مما هو مذكور في «رسالة القشيري» وغيرها وحاصلها أنها إشارة إلى أحوال يجدونباء ومعاملات قلبية يعرفونها لا يعرفها إلا من ذاق فافهم» وكان من الحزم رمزها؛ لأنها من أسرار الله تعالى» ومن ختصائص أهل الطريق التي لا توجد في غيرهاء واعلم
- 557-
وقد كان سيدي علي الخواص #الله يقول: لا يكون فيه بمرةٍ الذكر من مجالسة الحق تعالى» ويزيد عليه بتعدي منفعته إلى الأمة في تصحيح عباداتهم ومعاملاتهم» وأما إذا كان العلم يحصل معه؛ فقلة عن مشاهدة الحق تعالى فليس هو أفضل من
الذكرء انتهى. وهو كلام نفيس فاعلموا ذلك أيها الأخوان» واعملوا به» والحمد لله رب العالمين.
2200000
أن المريد الصادق من أول قدم يضعه في الطريق يعرف إشارات القوم التي رموزها وإشادتهم ومراداتهم بها حتى كأنه الواضح لماء فإن اذَّعى دخول الطريقء ول يفهم المراد بها إلا بتفهيم أحد له أو مطالعته في كتاب فهو غير صادق في طلب الطريق» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وتأملوا في هذا الخلق فإنه نافع جدًاء والحمد لله رب العالمين. [الأخلاق المتبولية ص5 ؟1] بتحقيقنا.
ررك
الجا امن
جامين. في ذكر جملة أخرى من آداب فقراء الزاوية وأخلاقهم
اعلم يا أخي أنه ينبغي للشيخ إذا رتب السلطان أو أحد من الأكابر لزاويته مرتبّاه أو أخرج لهم مسموحًا أن يصرف ذلك في أحوج الناس إليه من العميان؛ والعرجان» والأرامل؛ وكل عاجز عن الكسب عجرًا شرعيًا أو حسيّاء وإن كان هو وأولاده محتاجين لذلك أخذوا منه أسوة الفقراء.
وليحذر أن يسأل جماعة السلطان في مثل ذلك» بعد إظهاره النسكء والعبادة» والتورع» وإنفاق كل ما دخل يده على الفقراء؛ ثم إذا أعطوه ما سأل ينفق منه مدة؛ ثم يعترضه الشيطان» ويحول بينه إلى حرمان الفقراء» ويصير ينفق منه على نفسه وأولاده؛ ويبني به دورًا ويغرس به البستان» ويتخذ له فرسًا وخادمًا وئيايًا نفيسة؛ فإن ذلك حرام من وجوه عديدة؛ ثم لابد له من إشاعة الفقراء ذلك عنه والعيال الأمر إلى الحرام» فيندمون على إجابته إلى ذلك المرتب» ويقل اعتقادهم فيه وفي بقية الفقراء» وربما حولوا ذلك المرتب عنه إلى شخص آخر؛ ى) وقع ذلك في إسطنبول:
فخرج السلطان متنكرًا هو وثلاثة من أصحابه» فدقوا باب زاوية شيخ؛ وقالوا له: نحن جيعانون» فقال: اصبروا؛ ثم أخرج هم بعض خبز يابس وملحاء فقالوا له: دستور بعلم السلطان يرتب لك شيئًاء فقال: نحن بخير ببركة السلطان؛ فعجزوا فيه فلم يجيبهم إلى ذلك ففارقوه» وطرقوا زاوية أخرى لبعض النصابين» وكان السلطان قد رتب له ولفقراء زاويته أربعة خرفان من الغنم كل يوم وأرز وعسلًء وغير ذلك فأطعم الواردين من ذلك مدة؛ ثم منعهم فبلغ ذلك السلطان»
- 550 -
فلبس له مرقعة» وأخذ له إبريقًا وعكاراء وأتى إلى الزاوية بعد العشاءء وقال: أنا جيعان» فقالوا: ما عندنا شيء» فألح السلطان عليه وقال: بكرة النهار أخبر السلطان» فقالوا له: تخبره أو لا تخبره ما عندنا شيء؛ فأمر السلطان بعض الجاوشية بأن يأتي إلى تلك الزاوية» بعد أن ردوه بلا عشاء» فقال لهم: أنا من جماعة السلطان» وأنا بلا عشاء فأخرجوا له حلوًا ولا وكذا وكذا لوئاء فأخير بذلك السلطان» فحول ذلك الطعام عنهم إلى شيخ آخرء وأمر ذلك النصاب بالخروج من اسطنبول فخرج» وأسكن مكانه الشيخ الأول؛ هكذا أخبرني بعض قضاة الأدوام.
فاعلم ذلك أيها الشيخ» واجتنبت أكل الحرام والشبهات» وأعط الفقراء ما اصطدته على اسمهم؛ لاسيم| إذا كانت القرية تعطي ذلكء كا إذا رتبوا للزاوية كل بوم عشرين نصمًا؛ فإن مثل ذلك لا يعطى لواحد يجمع ويمنع؛ إنما يعطى مثل ذلك لأمير يسافر في التجاريد» ويحمي بيضة الإسلام؛ كما بسطنا الكلام على ذلك آخر العهود الكبرى» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا كان هو الناظر على وقف الزاوية: أن يحميه من أخذ الظلمة شيئًا منه» وذلك بأن يكون زاهدًا في الدنياء لا يمسك منها شيئًا إلا عند الضرورة؛ ورد كل ما جاءه من الولاة وغيرهم» ويكون مجتنبًا لسائر المعاصي القولية والفعلية والخواطرية» الظاهرة والباطنة» وألا يتخصص عن الفقراء بشىء منه في ملبس ومأكل» أو منكح, أو مركب أو غير ذلك» وأن ينفقه جميعه في مفارقه الشرعية؛ بحيث لا يعرف منه شيئًا في غير ما شرط له فمن» فعل ذلك حمى الله تعالى وقف زاويته من سائر الظلمة» وخافوا منه بفضل الله أشد الخوفء وأما من كان بالضدٌ من ذلكء فلا يقدر على حماية نفسه فضلاً عن غيره.
5775
وإيضاح أن الله تعالى ما سلط الظلمة إلا على أهل الدنياء وأما أهل الآخرة فلا يقع عليهم تسليط» ومن أدعى أنه من أهل الآخرة» وأخذ الكشاف» ومشايخ العرب» والماكسون شيئًا من وقف الزاوية» أو من المدايا الداخلة إليها من الأرياف مثلا» فليس هو بصادق إنا هو من أبناء الدنيا؛ ى] هو مشاهد في بعض مشايخ الزوايا؛ فإن الظلمة يأكلوا غالب وقفه؛ ورب ذُلّ لبعض الأمراء» و طلب منه أن يجمعه فلم يقدر؛ لعدم استحقاق ذلك الشيخ للحاية» وإن قدر أن الشيخ من أبناء الدنيا الآخرة» وعارضه الولاة في وقف زاويته؛ فهو لعدم استحقاق فقرائها؛ ى) سيأ إيضاحه في الباب السابع إن شاء الله تعالى.
وسمعث سيدي الشيخ عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي يقول: ينبغي للشيخ: أن يحمي وقف زاويته» وما يأني إليها من الظلمة كالمكاسين» وذلك بالزهد في الدنيا؛ فإن زهد ثم تعرض أحد من الظلمة لحاتها؛ فذلك لعدم استحقاق فقرائهاء لابد من ذلك كأن يكون أحدهم قليل العبادة» مقراضًا في الناس» غافلاً عن ربه --عز وجل- لا يتعبد بقراءة قرآن ولا ذكر ولا علم» وفي بعض الآثار يقول الله عز وجل: «يَ دُنْيًا مَنْ ححَدَمَنِى فاخدمي وَمَنْ نحَدَمَك فَاسْتَخْدِوِيه)” انتهى.
ره 7
وفي الحديث الصحيح: «من أصبح همه الدنيا فليس من الله في شيء» وشتث الله عليه ضيعته» وجعل فقره بين عينيه؛ ثم لم يأته من الدنيا إلا ما قسم له ومن أصبح وهمه الآخرة جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه» وأتته الدنيا وهي راغمة»" أو ىا قال؛ فاقلبوا ذلك أبها الأخوان إرشاد نبيكم يِه واشتغلوا بعبادة )١( تقدم تخريجه. )١( رواه الترمذي (4/ 547)» والدارمي (1/ 85)) وابن ماجه (؟/ 1159/0) بنحوه ,
-/1؟ -
ربكم تفوزوا بخير الدنيا والآخرة» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يخرجوا عن إشارة شيخهم؛ لأنه أمين على أديانهم» فضلاً عن دنياهم؛ فإذا نهاهم عن جمع الدنيا الزائدة عن حاجتهم قْ يومهم» وجمعتهم» أو شهرهمء أو عامهم فمن الأدب اجتناب ما نباهم عنه.
وسمعت سيدي عليا الخواص #له يقول: كان سيدي إبراهيم المتبولي يقول: أكثر ما بلغنا عن رسول الله يله أنه أدخر قوت عامه؛ تشريعًا لضعفاء اليقين من أمته فينبغي لفقراء الزاوية: ألا يخزن أحدهم من الدنيا ما يزيد على نفقة سنة؛ لشبههم بأهل الصفة؛ بل ورد أن رسول الله ولك وجد في حجرة إزار شخص من أهل الصفة دينارين» فقال: ١كَيتَانِ مْنْ ثار)”.
وكان سيدي علخ الخواص يقول: ينبغي لفقراء الزاوية: ألا يدبروا عن عيادة ربهم في ساعة من ليل أو نهار؛ فإن إدبارهم >ن العبادة يعسر عليهم أرزاقهم؛ لأن الحق تعالى ما ضمن تسهيل الرزق إلا لمن كان مقبلاً على عبادنه.
وسمعت أخي أفضل الدين #خلته يقول: إن رزق الزاوية ووقعها ينقخص ا كل سنة بقدر ما أخلّوا به من شعائرها ووظائفهاء فمن طلب من النظار أن ريع وقفه بأتي إليه كاملاً؛ فليأمر المستحقين بأن يسدّوا في وظائفهم كلهاء أو يأتي إليه من ريعه النصف.» قلنا: فإن ساروا فيها بحكم النصف» وهكذا إل العشر؛ ولمذا كان ريع غالب الأوقاف إلى الآن يذهب على الكشاف» ومشايخ العرب» وغيرهمء فلا يسلم للمستحقين إلا بقدر ما باشروه من وظائفهم» مع أن خراج رزق الأوقاف الآن في
.)517/١( ذكره النووي في «روضة الطالبين» )١(
-8م؟؟-
زيادة» ولا نرى لتلك الزيادة أثر في جوابك المستحقين» بل يأكلها النظار والمباشرين وغيرهم» وقد رأيت بعض فقراء الزوايا شرط الواقف عليهم» كل يوم خث بقرؤونه» ويختمونه كل ليلة عند الغروب؛ فاختصروه إلى أن صار واحد يقرأ 0 الختم كل يوم؛ ثم جعلوه ربعة تقرأ بعد العصرء ثم جعلوه قراءة: 9 كل هو أ حر * (الإخلاص: )١ كل ليلة ثلاث مرات» وقالوا: إنها تعدل ثلث القرآن فمنم الله تعالى البركة من رزق الزاوية» مع أني رأيت شخصًا استأجر جهة من وقفها بأربعين ألف نصف في سنة واحدة» ولا تجد الآن فيها شخصًا واحدًا جالسًا يقرأ القرآن أو العلم» أو يذكر الله مجلسّاء فبالله عليكم أبها الإخوان قوموا بوظائفكم؛ وعبادة ربكم؛ ولا تختصروا الأسباع ولا نوبة الأذان» ولا تسرقوا من زيت الوقود» ولا من قمح الفقراء» ولا تعلفوا منه دجاجكم؛ ولا تخزنوا في شيء من وقفها؛ فإن ذلك ممحق للبركة ى] جرب.
وسمعت أخي أفضل الدين #الله يقول: إذا شبع الفقراء من الخبز والطعام تعسرت عليهم الأرزاق» وإذا جاعوا رقت قلوبهم» وتيسرت لهم الأرزاق لكثرة توجههم حينئلٍ في طلب أرزاقهم إظهارًا لعبوديتهم؛ قال تعالى: اك إن لاسن طم 0 أن زمه أشتفق 1 * (العلق: ١ - 0) أي: يخرج عن وصف عبوديته حال غناه بأ خزنه من النقود. والأقوات. والئياب» وغفل عن ربه بذلك» ومن هنا اختار رسول الله ب لأهل بيته وأصحابه» وأمته التقلل من الدنياء وقال: «اللهم اجعل رزق آل محمد قونًا0» وني رواية: «كفاًا»"؛ وذلك ليكون أحدهم سائلاً ربه مظهرًا لفقره
. )5 15 /5( وأحمد ))١7"81/ /1( وابن ماجه :)7١0781/4( 01/١ /1( رواه مسلم )١(
(؟) رواه ابن حبان في "اصحيحه» /١5( 4 10)) وذكره العجلوني في اكشف اللنفاء؛ (1/ 1/ا4) .
-94؟ -
وحاجته إليه» والقوت والكفاف: هو الذي لا يفضل منه شيء بعد العشاء؛ ولا بعد العشاء؛ وهذا أمر قد أغفله غالب مشايخ الزواياء فيخزن أحدهم قوت عامه وأكثر» فيصير أكثر غفلة من التجار والمباشرين وأعوان الظلمة.
ولذلك كان من محلق سيدي أحمد الزاهد: وسيدي مدين أن يشتري أحدههما الدقيق» والسيرج» والحطب؛ ونحو ذلك كل يومء ولا يخزن من الأقوات وآلاتها شينًا؛ ليصير فقراء زاويته| متوجهين إلى الله في تحصيل أقراتهم كل يوم وبلغنا ذلك عن الشيخ أبى الحسن الشاذلٍ وتلامذته» وعن سيدي يوسف العجمي» وسيدي أحمد بن الرفاعي”؛ فكان لا يسأل ولا يرد ولا يدخر 5ه فاعملوا ذلك أيها الفقراء»
)١( هو الغوث الكبير سيدي أحمد الرفاعي» من انتهت إليه الرئاسة في علوم الطريق وشرح أحوال القرم» وكشف منازلاتهم» وبه عرف الأمر بتربية المريدين بالبطائح؛ وتخرّجٍ بصحبته جماعة كثيرة» وتلمّذ له خلائق لا يخصونء وهو أحد من قهر أحواله» وملك أسراره؛ وله كلام كثير عال على لسان أهل الحقائق» وهو الذي سُئل عن وصف الرجل المتمكن فقال: هو الذي لو نُصب له سنان أعلى شاهق في الأرض» وهبّت الرياح الثانية ما غيّرته.
وكان يقول: الزهد أساس الأحوال المرضية والمراتب السئية» وهو أول قدم الصادقين إلى الله ك, والمنقطعين إلى الله» والراضين عن الله» والمتوكلين على الله؛ فمن لم يحكم أساسه في الزهد لم يصح له شيء ما بعده. وكان يقول: الأنس بالله لا يكون إلا لعبدٍ قد كملت طهارته» موصمًا ذكره» واستوحش من كل ما يشغله عن الله تعالى» فعند ذلك آنسه الله به» وأورده بحر حقائق الأنس» فأخذ عن وجدٍ طعم الخوف لما سواه. وكان يقول: لو تكلّم الرجل في الذات والصفات كان سكوته أفضل» ولو خخطا من قاف إلى قافٍ كان جلوسه أفضل. و4 كان يقول: لما مررت وأنا صغيرٌ بالشيخ عبد الملك المخرنوبي أوصاني وقال لي: يا أحمد, احفظ ما أقول لك» فقلت: نعم» فقال: ملتفت لا يصل» ومتكشل لا يصلح» ومن لم يعرف من نفسه بالنقصان فكل أوقاته نقصان» فجعلت أكرّرها سنة» ثم رجعت إليه فقلت: أوصني» فقال: ما أقبح الجهل بالألباء» والعلة بالأطباء» والجحفاء بالأحباء» ثم رجت وجعلت أردّدها سنة» فانتفعت بموعظته. وكان يقول: الشفقة ما يقرب إلى الله. وكان يقول: أخوك الذي يمل لك أكل ماله بغير إذنه هو
3
واشتغلوا بالله وهو يضمن لكم أرزاقكم؛ ويسهلها عليكم؛ والحمد لله رب العالمين.
الذي تسكن نفسك إليه؛ ويستريح قلبك. وكان يقول: إذا صلح القلب صار مهبط الوحي والأسرار والأنوار والملائكة» وإذا فسد صار مهبط الظلم والشياطين» وإذا صلح القلب أخبرك عا وراءك وأمامك؛ ونبّهك على أمور لم تكن تعلمها بشيءٍ دونه» وإذا فسد حالك بباطلات يغيب عنها الرشد وينتفي معها السعد.
وكان ذه لا يجازي بالمّيئة الكيئة؛ ولكن يعفو ويصفح تَلُقًا بأخلاق رسول الله و وكان إذا تجل الحق تعالى على قلبه بالتعظيم يذوب حتى يصير بقعة ماءء ثم يتدارك باللطف فيصير بحمد الله شيا .فشيئًا حتى يرد إلى جسمه المعتاد؛ ويقول: لولا لطف الله بي ما رجعت إليكم.
قال يعقوب الخادم: ونا مرض السيد أحمد مرض الموت قلت: تَجلٌ العروس في هذه المرة؟ فقال: نعم» . فقلت له: لماذا؟ فقال: جرت أمور اشتريناها بالأرواح» وذلك أنه أقبل على الخلق بلاء عظيم فتحملته ' واشتريته بها بقي من عمري فباعني»؛ وكان يمرغ وجهه الشريف وشيبته الكريمة في التراب ويبكي ويقول: العفو العفوء اللّهُمّ اجعلني سقف البلاء عن الخلق.
' وكان مرض الشيخ بالبطن» فكان يخرج منه كل يوم ما شاء الله تعال» فبقي في امرض شهراء فقيل له: من أين هذا كله ولك عشرون يومًا لا تأكل ولا تشرب؟! فقال: يا أخي» هذا اللحم يندفع ويخرج» ولكن قد ذهب اللّحم وما بقي إلا الم اليوم يخرج وغدًا نعبر إن شاء الله تعالى» فخرج منه شيءٌ أبيض مرّتين أو ثلاث, نُمَ توف يوم الخميس وقت الظهرء ثاني عشر جمادى الأوّل سنة سبعين وحمسائة» وكان يومًا مشهودا.
وكان آخر كلمة قالها: أشهد أن لا إله إلا الله» وأشهد أن محمدًا رسول الله» وهو الشيخ الجليل الحسيب النسيب أحمد بن أبي الحسين علي الرفاعي بن محيي بن ثابت بن حازم بن أحمد بن محيي بن خازم بن حسن بن مهدي بن أب القاسم محمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد بن موسى الثاني بن إبراهيم المرتضى بن إبراهيم المجاب ابن الإمام موسى الكاظم, ابن الإمام جعفر الصادق, ابن الإمام محمد الباقر» ابن الإمام زين العابدينءابن الإمام الحسين السّبط» ابن الإمام عل بن أبي طالب» رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وانظر: طبقات الشعراني الكبرى »)١1١/١( وقلائد الزبرجد شرح حكم مولانا أحمد له أيضاء
-5؟ -
و ينبغي للشيخ: أن يرشد كل من طمع من المجاورين في جانبه أن يكسوه ألا يجعل له [حلًا]" إلى كسوة أهله؛ لأن ذلك إشراك مع الشيخ: وهو مجرب لتعسير الخير الذي للمريد على يد الشيخ؛ فهو كمن لا ينسى نفسه في كسوة ولا غيرهاء وقد عجزت أني أجر نفعًا إلى بعض جماعته عندي من المجاورين؛ لعدم عقليتهم عن تدبير أحوالهم» فكلم! أردت كسوة أحدهم منهم يحول بيني وبيئها؛ بخلاف من كان ناسيًا نفسه اشتخالاً بالله -عز وجل- فإن الأمور تأتى إليه على يدي من غير سؤال؛ والله أعلم.
وينبغي لشيخ الزاوية: أن يفتش في كل هدية دخلت الزاوية من الفلاحين» وغيرهم لربها كانت شبهة؛ لاسا الكبر واللبن والفول المشوي والفريك» فقد جرت عادتهم بأن يأخذوا ذلك من أي مارس كان» وربها كان من مارسهم بغير إذن شريكهمء؛ وأما اللبن فربما كان من لبن الجاموسء والغالب فيه الشبهة؛ لأن الجاموس لا يتقيد على الأكل من زرع صاحبه كالبقر» بل ربا كان صاحبه هو الذي يطلقه ليلاً في زرع الناس عامدّاء فلا ينبغي لشيخ الزاوية: أن يشرب لبن الجاموس» ولا يطعم منه أحدًا من فقراء الزاوية وغيرهم؛ إلا إن أعلمهم بذلك» وربها كانت التبعة عليه بعد إعلامهم أيضًا؛ لأنه راع وكل راع مسئول عن رعيته فلهم المهنأة بأكلهم» وعلى الشيخ التبعة؛ وكيف ينبغي لمن كان أمينًا على أديان الفقراء أن يطعمهم الشبهات؟
وسمعت سيدي عليًا الخواص #التكه يقول: ينبغي للفقير إذا كان له صاحب له جاموس: أن يعلمه الورع؛ وأن يطعم جاموسه من الحلال؛ ثم بعد ذلك يشرب من
)١( غير واضح بالمخطوط.
-؟"5 د
اللبن الذي يأتي به؛ ثم إذا تاب صاحب الجاموس من رعي جاموسه في زرع الناس» فلا ينبغي للمتورع: أن يأكل من لبنه إلا بعد أن تمضي عليه مدة يظهر لنا منه توبته الخالصة من سنة» أو أكثر بحيث يطمئن قلبنا إلى الأكل من لبنه بالأمارات والقرائن.
وكان جدي ظاله لا يأكل لبن الجامرس مطلقاء ويقول: إن أمهات تلك الجاموسة» وأباها لم يكونوا ينضبطون على الأكل من زرع ملاكهم, فقد نبت لحمهم من الشبهات.
وكان أخي أفضل الدين يقول: ينبغي للفقير إذا جاء طعام فيه شبهة أن يقدر عدم قسمته له من الأصلء؛ أو عدم هدايته له بل لو قسمه الله له لا ينبغي له أكله إلا إن لم يكن للشرع عليه اعتراض؛ فإن الذي قسمه للعبد: هو الذي نبى العبد عن أكله؛ فافهم, والله أعلم.
وينبغي لشيخ الزاوية إذا كان مسلكًا ألا ينام ليلاً ولا نبارًا؛ لأن الأمداد الإلهية م تزل نازلة في الليل والنهار؛ ولذلك كان سيدي علي النبتيتي" لم تزل يده مبسوطة
)١( هو سيدي على النبتيتي الضريرء العالم العامل» الفقيه الصوني الكامل» كان مقصودًا من الآفاق لحل الإشكالات. وكان مُقيَا ببلده» ويأتي إلى مصر أحياناء فينزل عند شيخ الإسلام زكريا الأنصاري» وهو الذي يقال إنه عاونه في شرحه للبهجة؛ فلذلك سهاه بعض الناس: شرح الأعمى والبصير.
كان كثير الاجتماع بالخضر اككلا» وكان يقول: لا يجتمع به إلا من كان سليم الصدر لأهل الإسلام؛ وهو على السنة في جميع أحواله؛ ولاايحرص على الدنياء ولا يدخر شيئاً لغد.
قال الشعراني: ما كنت أمثلة إلا كالفضيل بن عياض» رحمه الله.وكان يرى المصطفى وَل يقظة.
وحكى عنه والده الشيخ عمرء أنه كان لا يزال يمد يديه نحو السماء ويقول: الحق عطاؤه فياضٌ ليلاً ونبارٌاء يعرض بذلك في كل وقتء فكا أنه تعالى لا يمل من العطاء؛ فكذا لا يمل العبد- لشدة فاقته- من الأخحذ.وكان إذا نزل بالناس بلاء» لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يضحكء؛ ويبكي حتى يصير
الا
نحو السماء إن قعدء أو مشىء أو اضطجم. ويقول: إن صدقات الحق على عباده لم تزل نازلة عليهم في الليل والنهار؛ ولا ينبغي لعاقل أن يكون غافلاً عنها؛ لاسيما من له تلامذة فإن مدادهم لا يصل إليهم إلا بواسطته» فإذا غفل عن تليقها فاتته وفاتتهم» وكيف يكون المريدين مستيقظين في الليل» والشيخ نائم» وجميع أهل الحضرة الإلهية قد اصطفوا بين يدي الله في سائر أقطار الأرض؟ هذا خروج عن أحكام المشيخة» وبالجملة فمن طلب أن يكون رئيسًا على الناس في أعمال الدنيا أو الآخرة» فلا ينبغي له النوم؛ لأنه إن نام في الليل ضيع نفسه من الأمداد الإهية النازلة على المستيقظين؛ وإن نام في النهار ضيع أمر رعيته فإن المظلوم ربا أتاه؛ ليزيل ظلامته» فوجده دائًا لا يستطيع الدخول إليه ليشكو إليه حاله؛ ولذلك كان عمر بن عبد العزيز 5 لا ينام ليلاً ولا نهارًا مدة خلافته» ويقول: إن نمت في الليل فائني إمداد الليل» وإن نمت في النهار ضيعت مصالح رعيتي.
فاترك أيها الشيخ النوم إلا لضرورة؛ فإنك إن لم تكن تمد الفقراء» فلا تكن أنقص درجة منهم؛ والواجب عليك أن تبارك كل فقير عندك في الزاوية في كل مدد نزل عليه في ليل أو نهار؛ فإن هذه الدار ليست هي بدار إقامة ولا نوم, إنها هي دار سفر للآخرة» فالعاقل من أكثر من الزاد؛ ثم اعتمد بعد ذلك على رب العباد لا على ذلك الزاد» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا رأى من المجاورين مزاحمة على هدية دخلت الزاوية من عسلء أو عنبء أو تين» ونحو ذلك: أن يعطيهم؛ وتُذكر لهم حكايات الفقراء كالطير المذبوح. مات يوم عرفة سنة سبع أو ست عشرة وتسعمائة» ودفن ببلده. انظر: طبقات الشعراني (7/ 5 »)١7 الكواكب السائرة (1/ »)548١ والدرية .)8١8(
-5؟17-
الصادقين في عفتهم» وورعهم؛ وعدم مزاحمتهم على الدئياء ويقول لهم: إن كنتم تتشبهون بهم» فتشبهوا ني العفة والزهد والورع؛ دون لبس الجبة وإرخاء العذيةء ونقول لمم: إن الفقراء ما تميزوا عن غيرهم إلا بالزهد في الدنيا اختيارًا لا اضطرارّاء وقد كان الناس يأتون إليهم بالهدايا من نقود. وطعام, وثياب. وغير ذلك فيردوتهاء فكبيف حال من تزاحم على ذلك» ويتعرض له بالسؤال بالحال أو بالقال.
وينبغي للنقيب: أن يزجر من يراه من الفقراء يزاحم على ذلك من صغير أو كبير» ويأمرهم بالعفة والإيثار» وأن من الأدب إذا رمى بينهم فاكهة أو نحوها ألا يأخذ أحدهم شيئًا نما وقع بين يدي أخيه؛ إلا بإذنه ويدمنهم على ذلك» حتى يصير ذلك عادة لهم وأجره على الله تعالى.
وكذلك ينبغي للنقيب: أن يخفي من فقراء الزاوية مقدار الهدية التي دخلت. في ليل» أو مغطاة بغطاء؛ وذلك ليكون فيها البركة» ولئلا تطمح إليها نفوس من عندهم شَّرّهُ نُسء وعدم إيثار؛ فيطلب كل واحد منهم النقيب أكثر من نصيب أحد من إخوانه. وربا أعلمهم النقيب بقدر الحدية وزنًا أو كيلاً أو عددًا؛ ثم فرقها عليهم» فقالوا: نفى منها شيء لم يفرقفَيَحَوْنه؛ فترفع البركة من الزاوية بواسطة تخوين النقيبء فإنه الشيخ الفاني في الزاوية» وهو الواسطة عادة في جميع الأرزاق التي تدخل الزاوية» وأما قول بعضهم: ينبغي للنقيب ألا يؤاخذ أحدًا من الفقراء إذا نسبه إلى خيانة» فلا ينافي ما ذكرناه؛ لأنه ولو ساعحهمء فلا يستحقون أن يجزى الله تعالى على يده خخيرًا لهم؛ لسوء أد-هم وكفرانهم نعمته.
وكثيرًا ما يُعلم النقيب الساذج الفقراء بقدر الهدية» فيطلب كل واحد منهم التميز على إخوانه» ويخاصمه إن لم يفصل معه ذلك؛ ولو إنه لم يعلمه بقدرها؛ لا كان
-6؟9؟ -
يعرف النصيب الزائد من الناقصء بل قالوا: إن من أدب الشيخ: ألا يدخل ال هدية التي جاءت على اسم الفقراء بيته» ثم يفرقها بعد ذلك؛ لأن الفقراء ربما نسبوا الشيخ» وأولاده؛ وعياله إلى أنه تميز عن الفقراء بشيء زائد» فيخونون الشيخ فضلاً عن النقيب؟ ثم إذا فرق النقيب تلك المدية» فليحذر من التفاضل بينهم جهده إلا بإذن جميعهم؛ اللهم إلا أن يعسر عليه المساواة بينهم على التحديد؛ كا لو فرق العنب» أو التمرء أو التين» فيحكم عليه التفرقة بخمس ثمرة أو عنبة» أو نصفهاء أو ثلثهاء ونحو ذلك؛ فمثل ذلك ينبغي للفقراء مسامحة النقيب به أو يقول لهم النقيب: فرقوا أنتم على أنفسكم. إن كانوا من أهل الإيثار والمعروف؛ فإنه أخلص لذمته. .
وسمعت سيدي علي المرصفي الله يقول: أدركنا فقراء سيدي الشيخ محمد الغمري» وسيدي مدين؛ وغيرهما؛ وكل واحد يطلب من النقيب أن ينقص نصيبه» ويجعل الزائد لؤخوانه.
وينبغي للشيخ إذا رأى بين أكابر المجاورين فتورًا عن نصرته؛ وعدم إعانته على تأديبه أحدًا استحق التأديب من المجاورين؟ كالذي ينسب الشيخ إلى الخيانة) وأنه يأكل كل حق المجاورين: أن يشركهم معه في التحدث على الوقف. فإذا رآهم قاموا بحقه» وعذروه في النظر عليهم» فإن شاء رجع إلى النظر» وإن شاء تركهم وبعضهم بعضّاء فإن الوقت قد ضاق على الفقراء في هذا الزمان» وصار أحدهم ولو مشى على الاستقامة لايحملونه» ولا على حال أنفسهم من الطمع والتخصص.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #لقه يقول: لا ينبغي للمريد أن يكون جابيًا لوقف الزاوية؛ فإن الشيخ رب|خاونه في المال الذي دخل يده فيرد كلام الشيخ» ويقول: تصدق سيديء ولكن المسألة فيها كيت وكيت» خلاف ما ظنه الشيخ؛
5"
فيخرج عن الأدب, فلا ينتفع بالشيخ اللهم إلا أن يكون ذلك المريد قد رسخت. محبته للشيخ» واعتقاده فيه؛ بحيث صار يكذب نفسه ظاهرًا وباطئًا؛ في| أجابت به عن نفسها ويصدق شيخه. فهذا لا بأس يجعله جابيًا للوقف. انتهى.
وقد كان شخص من مشايخ الزوايا متكلًا على وقف زاويته؛ فكان فقراءها ينسبونه إلى أنه يأكل الوقف, فأرشدته إلى أنه يشركهم معه في النظر على الوقف. فجعل بعضهم جابيّاك وبعضهم نائبًا عنه في النظرء وبعضهم شاهداء وبعضهم مباشرًاء وبعضهم صيرفيًا؛ فصاروا هم يجيبون عن الشيخ» ويقولون لمن ينسبه إلى أنه يأكل الوقف: حاشا لله أن الشيخ يأكل شيئًا من الوقف. ويعذرونه با صاروا يعذرون به نفوسهمء ولو أنه لم يشركهم معه لداموا على اللوث بعرضه؛ فيحتاج الناس اليوم إلى سياسة شديدة زيادة على السياسة التي كانت لأهل الزمن الماضي؛ والله يدبر من عمل شيخًا في هذا الزمان بحسن تدبيره؛ فإنه إن لم يكن له قدم راسخ مع الله في معاملته عباده لأجله؛ وإلا ندم أشد الندم حين يكفر الفقراء نعمته. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يتحملوا عن شيخهم أوساخ النسبء وينزهوا شيخهم عن إضافة الرذائل إليه؛ ويقولون: الحق مع شيخنا ونحن الخارجون عن الطاعة» ولولا وجود شيخنا ما وصلنا إلى شيء ما نحن فيه من الخير» وهذا الأمر قد صار عزيرًا في هذا الزمان» بل رأيت من يجرح شيخه؛ ويزكي نفسه -فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم- والحمد لله رب العالمين.
وسمعت سيدي عليًا الرصفي #لقه يقول: ينبغي للشيخ: ألا يطلب من فقراء الزاوية تحقيق المحبة له؛ وأن يشكروه غلى ما يفعله معهم من الإرشاد والخير» بل
-/”ا”8 -
يكتفي منهم برائحة دعوى المحبة» ويجعل معاملته مع الله تعالى لا معهم.
وقد كفر جماعة من الزاوية مرة نعمة نصحي لهم وخدمتهم بطيب فراقهم؛ فرأيت سيدي عليًا الخواص لله في المنام بعد موته» وهو يقول لي: قال لك رسول الله ي: اصبر مع إخوانك» طالب بخدمتهم وإرشادهم وجه الله. وتخوهم بالموعظة الحسنة كل قليل» واعذرهم في تنكر قلوهم من بعضهم بعضًا في هذا الزمان؟ فإن القلوب قد أقبلت على حب الدنياء وصار كل واحد يود أن لو أخذ ما في يد أخيه ولو بغير حق» انتهى. '
ويؤيد ذلك قوله يَل: «ما دخلت الدنيا بين قوم إلا ألقى الله تعالى بينهم العداوة والبغضاء شاءوا أم أبوا»”؛ فإن ذلك أمر قهري عليهم؛ ثم إن العداوة والبغضاء إذا وقعت بين قوم لأجل الدنياء كانت بحسب كثرة محبتهم للدنيا وقلتها.
وقد سمعت سيدي عليًا الخواص له يقول لشخص مرة: يا أخي أنت محب للدياسوق نالعال وخر سق دغل اخ كي الذنياة افيى!
وقد اجتمعت [بالبطرك]": فقلت له: هل محبة الدنيا عندكم مذمومة؟ فقال: نعم» وكيف لا تكون مذمومة وهي عدوة لله تعالى؟ لا يصح لعبد محبة الله تعالى إلا إن تركها؛ هذا لفظه.
وقد تقدم نقل الإجماع من سائر الملل والنحل على أن عدم تحبة الدنيا» وإخراج ما بيد العبد منها وإنفاقه في الخيرات محمود» وأن أخذه مذموم.
( 1١ل أقف عليه. (؟) في المخطوطة: بترك, والصواب ما أثبتناه» وَالبَطْرَك:مقدّم النصارى.
-خ8؟" -
وسمعت سيدي عليًا الخواص #اللكه يقول: إذا كانت محبة الدنيا قد عمت خواصنا في هذا الزمان» فكيف يطلب من أحاد الناس الزهد فيهاء وقد سمعت مرة عانًا يقول لآخر: أنت لو لاح لك حديد تفزه تحت سور قلعة؛ لهدمت القلعة كلها لأجله؛ وفي الحديث: «حب الدنيا رأس كل خطيئة»" فعم الخطيات كلهاء ولم يخص منها خطيئة واحدة دون أخرىء وبالجملة فا خرج عن حب الدنيا إلا الأنبياء والأولياء فقط والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يغفل عن تعليم المجاورين العلم والأدب؛ فإنهم رعيته وغنمه؛ وكل راع غفل عن رعيته فقد عزلته المرتبة؛ لأنه غاش لهم حيلئلٍ» والغاش لرعيته لا يصلح أن يكون إمامًاء وينبغي له أن يضرب من لا يرجع عن قلة الأدب» إلا بالضرب والتأديب بالعصا على من يرجع بدون الضربء لكن بحيث لا يبلغ به أدنى الحدود» وأن يكون ضريًا غير مبرح؛ لاسي في هذا الزمان» فربم| اشتكوا الشيخ للوالي.
وقد كان أحدهم في الزمن الماضي يحكم الشيخ في نفسه. وما له اختيار يتصرف كيف شاءء وهذا أمر تودع منه ما بقيت الدنيا؛ فليعرف الشيخ زمانه والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يمنع من المجاورة عنده كل من رآه كسلانًا عن العبادة» لا يحضر مع الفقراء أورادهم ولا غيرها؛ كصلاة جماعتهم أو يشتغل في أمر آخر حال قراءتهم أورادهم» ويقول: ما أنا فيه أفضل مما أنتم فيه» وكذلك ينبغي منعه من )١( رواه أبو نعيم في «الحلية» (5/ 7"88), وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (1798/7)» والعجلوني في اكشف الخفاء» (1/ 1117).
58-
المجاورة لكل من عرف بخفة اليد؛ أو محبة الشباب؛ لاسي) إن تكرر منه ذلك على أطفال الزاوية» فإن مثل هذا يجب إخراجه كا مرّ في هذا الباب؛ لأن إقامته تفسد أكثر شباب الزاوية لسرقة طباعهم منه؛ ا جرت.
وينبغي للشيخ: ألا يتخلف عن ورد من أوراد الفقراء في الزاوية في ليل أو مبار» بل يكون أول خاضع لذلك الوردء أو صلاة الجماعة؛ تقوية لعزم الفقراء واتباعا لسنة الأشياخ السابقين» عكس ما عليه بعض مشايخ هذا الزمان» زاعمين دلوم مستي ذن ستيروه ب اللتراء بالسدعية لي حصت قي انا بيسارة اله تعالى وغاب عنهم قوله تعال: «« وَآصَيِرْ تنْسَكَ مَمَ ألَذِينَ يذغوت رَيَّهُم بِالْمَدّذة لمشي يِبِدُونَ بهد *<الكيف: 08 فإنه تعالى أمر نبيه يك أن يصبر نفسه مع فقراء الصحابة من أهل الصفة وغيرهم؛ تقويةً لعزمهم؛ وإن كان التبتل للعبادة في مكان مخصوص عسر على الأكابر؛ كا أشار إليه قوله تعالى: 9[ وَآصَّيِرْ نَنْسَكَ # فافهم هذا شأن الأكابر الذين يقدرون على التنزل لمراتب إخوانهم؛ فإن غلب على أحدهم حال قاهر فهو معذور.
وعلى ذلك يحمل حال سيدي مدين» وسيدي علّ المرصفي» فقد كانا لا يخرجان من بيتها إلا بصلاة العصر فقطء مع أن كلا منهما ساكن في الزاوية» وكانا يقولان للفقراء :عذرّاء ولعلهما كانا يريان الصلاة الوسطى هي صلاة العصرء وكان سيدي مدين لا يدع أحدًا يجاور عنده إلا إن كان يحضر مجلس الذكر» مع الفقراء عقب الصلوات الخمس» وكل من امتنع من ا لحضور أخرجه؛ وجاءوا له يومًا برجل لم يحضر مم الماعة مجلس الذكر» فقال له: ما منعك عن الحضور؟ فقال: إن اجتماع الفقراء في الذكر إنم) هو تقويةً لقلوب الضعفاء والكسالى» وأنا بحمد الله قوي القلب
200
لا كسل عنديء فأمر بإخراجه. وقال: إن مثل هذا يتلف بقية الفقراء» فيصير كل واحد يقول: قلبي قوي ولا كسل عنديء فيبطل شعار الزاوية ونظامهاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يغفل عن خدمة من مرض عنده من الفقراء؛ الذين لا أصل لهم» ولا أصحاب يخدمونهم» قال الشيخ: هو المسئول عن ذلك بين يدي الله أولأء وإن لم يكن عنده شيءٌ يشتري به الأدوية أرسله إلى المارستان» ووصى عليه الخدام والأطباء» وأحسن إليهم با يقدمه عليه من الدراهم أو غيرهاء وإن كان أصحابه من التجار» والمباشرين؛ والأمراء يكفونه في شر الأدوية؛ كان مريضه في الزاوية أولى بطريقه الشرعيء والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وينبغي للشيخ أيضًا: أن يتوصى بالأيتام» والعميان» والعرجان» وكل عاجز عن الكسبء ويغتني بهم في الخدمة أكثر من غيرهم» ويوصي عليهم النقيب وأكابر الزاوية؛ فإن مهم يرزق الشيخ وجماعته» وبهم تنزل عليهم الرحمة» وبهم تصير الناس يتفقدون الزاوية بالحداياء وبهم يرضى عند ربه؛ وبهم يرتفع البلاء» ومن فرط في ذلك كان بالضد من ذلك.
وينبغي للشيخ أيضًا: أن يتفقد المجاورين كل قليل» فمن ل يجد عنده منهم هضة في| أقامه فيه» حوله إلى أمر آخر» فإن أبى أخرجه؛ خوفًا أن يتلف بقية الفقراء؛ فإن شغل المجاور إما القراءة للقرآن والعلم» والمواظبة على الذكرء أو خدمة إخوانه.
وكان سيدي أحمد الزاهد يمنع من المجاورة كل من رآه كثير الجدال في العلم؛ ويقول له: اذهب لجامع الأزهر؛ فإننا لا نقرئ العلم إلا مع الأدب» والورع؛ والزهد في الدنياء واحتمال الأذى» وعدم دعوى العلم» وعدم إدحاض حجة الإخوان؛ فقيل
- 41 -
له في ذلك» فقال: إن وقت الفقراء فد ضاق عن تحقيق العلوم المتعلقة بالأكوان من بيع» وشراء» ورهن؛ وغير ذلك» وغيرهم بحمد الله قائم عنهم بذلك؛ فإن في جامع الأزهر كل عام لو انفرد في إقليم لهدى أهله إلى الصراط المستقيم؛ وإنم| طريق الفقراء الآن الاشتغال برياضة النفس والذكر؛ ليجد العلم في بواطنهم محلاً ساًا من الرباء والدعاوى يقيم فيه» ولو إننا وجدنا بواطن الفقراء سالمة من جميع الأمراض الباطنة؛ ما أشغلناهم بشيء غير العلم أبدًا. وبلغنا أن شخصًا دخل زاوية سيدي أحمد الزاهد فاشتغل بالإعرابء فقال له: يا ولدي» أعرب أولاً في أفعالك؛ ثم أعرب في أقوالك؛ ثم قال: إنما كان السلف الصالح يشتغلون بالنحو واللغة» وفقه المعاملات» والأقضية» وغير ذلك من أول أمرهم من غير اشتغال ذكر» ولا رياضة نفس؛ لسلامتهم من الأمراض الباطنة التي حدثت فيمن بعدهم؛ وذلك لأنه لا يظن عاقل أن أحدًا من السلف يرى في باطنه غلا أو حقدًاء أو كبرًاء أو عجبّاء أو حسدّاء أو محبةً للدنيا ورتابتهاء ويترك علاج ذلك ويشتغل بالنحو ونحوه أبدًا؛ فإن ثمّ علم مهم وعلم أهمء فالعاقل من اشتغل في هذا الزمان بطهارة باطنه» حتى طهر كله. وخلص من الأدناس؛ ثم اشتغل بالعلم بعد ذلك فإن العلم لا يسكن إلا في محل طاهر من جميع الأدناس» وإذا وقف العلم على باب القلب» ورأى في القلب دنسًا رجع ولم يدخل» وقد قال الإمام الشافعي شَكَوْت إلى وَكيسع سوءً حفُظي تجن إل تسزاه الحامِي واعجدزن يان الونكم تحيوة ٠٠ وتتوو 1ه لاسوى إسحافن اكه
1727م
ومصداق علمه ذف مبذه الوصية: ما تواتر عنه أنه كان يقول: ما سمعت شيئًا قط ونسيته» أي: لصفاء باطنه وعدم تدنسه بشىء من المعاصي؛ فإن المعاصي كاسودادٍ من الفحم أو الحبر» لا يظهر فيه ما ينقش فيه من الكتابة.
وكان سيدي علّ الخواص #لتنه يقول: قد قامت الشريعة لمجموع الفقهاء والصوفية في دولة الباطن والظاهرء ولا يخلو الوجود من طائفة من كل من الفريقين» وتقدم في هذا الكتاب أن حقيقة الصوفي: هو عالم عمل بعلمه على وجه الإخلاصء فلو كان كل فقيه متصمًا بذلك؛ لكان الناس كلهم لهم لقب واحدء وم يختلف تلقيبهم بفقهاء وصوفية» لكن لما كان الجامع بين العلم والعمل بكل ما علم قليلاء فرق الناس بين الفقهاء والصوفية؛ فسموا من يراعي العمل با علم صوفيّاء ومن لم يراع العمل بها علم كل تلك المراعاة فقيهًا؛ِ أي: فهيًا يفهم العلم فقطء ومعلوم أنه لا يسمى عاكًا إلا من عمل بعلمه؛ كما جرى عليه السلف الصالح.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي له يقول: كن فقيهًا وصوفيّاء ولا تكن أحدهما فقط» وقدم ما هو أقرب إلى حضرة ربك» واستغنم الفضائل بقية عمرك؛ ولا تصغ إلى من يعزلك عن الاشتغال بالأفضل في ذلك الزمان» فإنه قد يغشك؛ إذ الفقيه يود أن الناس يكونون كلهم فقهاءء, والنحوي يود أغهم يكونون كلهم نحاة» والمنطقي كذلكء والمتكلم كذلك, والأصولي كذلك» وقد حبب الله كل طائفة فيا أقامها فيه» فلو قلت للفقيه أو النحوي: اترك المطالعة» وتعال جالس ربك في ذكره لحظة ما وجد عند نفسه داعية» وبالعكسء فليقل طريق من طرق الشريعة وآلاتها أقوام» وقد كانت الأشياخ الماضون من الصوفية يدرسون العلوم الظاهرة» حتى ماتواء وكانوا يقولون: ألذ ما تقرأ كتب الشريعة وآلا:ها على الله تعالى وعللى رسوله
-42؟ -
يل وعلى الأئمة الأربعة وغيرهم» فيقرأ العلم على صاحبه؛ كأنه يعرضه عليه ليقر عيئه بذلك» وقد تقدم أننا ذقنا ذلك -ولله الحمد- وهذا بعكس حال بعض المتصرفة؛ فإن أحدهم لا يقدر على تقرير درس في الفقه أو النحوء ويقول: إن ذلك حجاب؛ والنفس تنفر ما يحجبها عن ربهاء انتهى.
وذلك جهل منه» كيف يكون العلم المشروع حجابًا؟ ولكن النكتة في جعله حجابًا: عدم إخلاص النية فيه» وطلبهم به الرئاسة والتقدم على الأقران؛ فإن صدق أحدهم في قوله: إن العلم حجاب. فهو لما يدخله» ويطرأ عليه من الآفات لا لذاته» وقد عر هذا المقام في متصوفة هذا الزمان» حتى صار الئاس لا يكادون يقولون عن أحد من جماعة مشايخ القصر: إنه من طلبة العلم أبدًا؛ لقلة اشتغاله بالعلم» فاعلم ذلك. واعمل على تحصيل مقام العلم والعمل؛ حتى يستنير باطنك» وتصير تعرف أبزار الشريعة والحمد لله رب العالمين. ظ
ويتبغي لفقراء الزاوية إذا نهاهم الشيخ عن عِشْرة أحد من إخوانهم؛ فضلاً عن غيرهم: أن يمتثلوا ذلك» ويجتنبوه» ولا يقل أحد منهم في نفسه: أن مثلي لا يغيره مثل ذلك؛ لعدم سرقة طبعي من طباع أحد من الفسقة؛ فإن ذلك خروج عن سياج التربية» وليعلم الفقير أن الشيخ أتم نظرًا منه» ولا ينهاه عن عشرة أحد إلا مصلحة له أو لما؛ لاسيما إن كانت النفس تميل إلى ذلك الشخص؛ لبره وإحسانه؛ أو لجمال صورته وثيابه» فربها حصل للفقير الفتنة» وازدري ثيابه» وما هو فيه من النعمة.
وقد أخبرني سيدي الشيخ شهاب الدين الرملي "#لتقه قال: اشتريت لي جوحة )١( قال المناوي: أحمد بن حسين بن أرسلان - بال همزة كا بخطه؛ وقد جرى على الألسنة حذفها - الشهاب أبو العباس الرملي» الشافعي؛ رأس الصوفية المنشرعة في وقته. ولد برملة فلسطين كما قاله أجل
-745-
لونها بنفسجي» فكنت أغعجب بها على فقراء رواق جامع الأزهر إذا لبستهاء وأشكر الله تعالى على ذلك» فسألتى الخواجا" ابن الزمن أن أقرئ ولده؛ فأجبته إلى ذلك» فلا دخلت على ولده وجدت عليه جوخة بنفسجى فنظرت إليهاء فإذا هى كالحرير
تلامذته الكمال بن أبي شريف المقدسي» والشمس السخاوي وغيرهما. ولم يطّلع عليه بعض متفقهة زمننا تمن قصر نظره فظنه من غيرهاء سنة ثلاثة وسبعين وسبعرائة» ثم رحل لأخذ العلوم؛ فسمع الحديث عل جماعة كثيرين وبرع في الفقه حتى أجازه قاضي القضاة الباعوني» وتصدى للإقراء. قالوا: وما قرأ عليه أحد إلا وانتفع. وكان يكني جماعته بكنى كأبي طاهرء وأبي المواهب» فلا يتخلف أثرها. لزم الإفتاء والتدريس مدة» ثم ترك ذلك وسلك طريق الصوفية القويم» وجد واجتهد حتى صار منارًا مبتدي به السالكون» وشعارًا يقتدي به الناسكون. وغرست محبته في قلوب الناسء فأثمر له ذلك الغراس. وكان كثير الفقه والأدب» متمسكًا من التضوف بأقوى سببء زائد التواضع في الرغب والرهبء أعظم أهل عصره اتباعًا للسنة النبوية» واقتفاءً للآثار المصطفوية؛ يراعي ذلك -حسب الإمكان في دقيق الأمور وجليلهاء ويأخذ نفسه فاضل الأقوال والأعبال دون مفضوهاء أوقاته موزعه على أنواع العباذة» ما بين قيام وصيامء وتأليف وتربية وإفادة. فمن تصانيفه النافعة: شرح سنن أب داود» والبخاري» وجمع الجوامع» ومنهاج البيضاوي؛ ومختصر ابن الحاجب» وشرح أرجوزته «الزّبد في كبير وصغير» وتصحيح الحاوي» ومختصر الروضة: والمنهاج» والأذكار» وأدب القضاء للغزي» وحياة الحيوان» وعلق على الشفاء ونظم في علم القراءات» وأعرب الألفية» وشرح الملحة» ونظم من علوم القرآن ستين نومًا » وعمل طبقات للشافعية» وغير ذلك.وله كرامات لا تكاد تُحصى. قال الكمال المقدسي: وقد حصل عند أهل الرملة والقدس وما حولها تواترها معنى. وكان صائً) قائّاء قلّما يضطجع بالليل. مات سنة أربع وأربعين وثمانياثة» ودفن في بيت المقدس» وارتجت الدنيا لموته. وصّلٍ عليه بالجامع الأزهر صلاة الغائب. وقال ابن البارد: ولم يخلف بعده في عصره بمجموعة مثله علا وتصومًا » ونسكا وزهدًا وسلوكا وانظر: جامع الكرامات »0751/1١( الدليل الشافي /١( 55 ). المنهل الصافي /١( 50/8؟): الأنس الجليل (9/ 174)) الكواكب الدرية (581).
)١( كلمة عامية يقصد بها: كل من ليس بعري» وكان يقصد بها في تلك الفترة الزمنية كل من هو من أصل تركي.
- 540-
الشْرْمُزِيُ» ورأيت جوختي معها كمشاق الكتان» فازدريت جوختي؛ فكنت أنزعها ما دمت أقرئ الولد حقارة لهاء فإذا دخلت جامع الأزهر» ورأيت ثياب فقراء المجاورين أعجبت بها؛ هذه حكايته لي #لللكه.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #للله يقول: ما دامت الأشباح تغلب الأرواح؛ فالفتنة واقعة برؤية الصور الجميلة» فإذا من الله تعالى على العبد بغلبة روحه على جسمه؛ فقد أمن الفتنه على نفسه غالبًاء ومحك الصدق في ذلك أن يصير الشاب الجميل الصورة الطيب الرائحة عنده؛ كالشيخ الفاني القصّاب أو السراباتي على حد سواءء لا ترجيح عنده للشاب المذكور عليه؛ وهناك لا يضر العبد عشرة أبناء الدنيا ولا المردان» فليمتتحن الناصح لنفسه نفسه ببذا الميزان» انتهى.
وقد قدم تقرير ذلك في هذا الكتاب مرارّاء فاعملوا ذلك أبها الإخوان» وامتثلوا أمر شيخكم» وإخوانكم السادقين إذا عرضوا لكم بعدم مخالطة أحد ممن اشتهر بالفساد؛ فإن الطبع يسرقء ولو على طول» والحمد لله رب العالمين.
ؤيننغي للشيخ: إذا رأى بعض جماعة الزاوية في يوم عيد الفطر والجمعة؛ مثلاً ليس عندهم شيء من الثياب الزينة» وإنما عندهم خلقان الثياب من صوفء وقطن, وكتان أن يلبس في ذلك اليوم ثيابًا خلقة؛ مشاكلةً للفقراء» وجبرًا لخاطرهم» ويكون ذلك مقدمًا على نفسه أخشن ثيابه.
وكان على هذا القدم من السلف أبو القاسم الحسن» والشبلي» وسيدي أحمد ابن الرفاعي -رضي الله عنهم- وممن أدركناه على ذلك سيدي عليًا الخواص؛ وأخي أفضل الدين» والشيخ عبد الحليم ابن مصاح المنزلاوي؛ فكانوا يشاكلون الفقراء في يوم العيد؛ خوفًا أن يزدري أحد من الفقراء نعم الله تعالى عليه؛ إذا رأى على الناس
-41؟:-
الثياب الفاخرة» فيسيء الأدب مع ربه -عز وجل- فكانوا في مشاكلتهم للفقراء في ذلك؛ رحمةٌ بهم وغيرة على جناب الحق -جل وعلا- أن يسبيء أحد الأدب معه.
وقد فعلت بذلك في عيد الفطر سنة سبع وستين وتسعاثة» فصليت العيد في جبة» وتركت لباس الزينة في العيد» ورأيت ذلك مقدمًا على لباس الزيئة المأمور به في يوم العيد؛ حين عارضني في ذلك كسر خاطر فقراء الزاوية من عميان وعرجان» ولولا خوفي من تكليف إخوانيٍ في شراء ثياب لبعت ثيابي» واشتريت للفقراء بهم ثيابًا؛ وذلك لأنه لا معلوم لي في الدنيا إلا ما يفتح الله تعالى به علي من خراج رزقتي وثمن بعض زراعاتي» وذلك أمر لا يكفي أصحابي كلهم من الفقراء؛ فاعلم ذلك يا أخي واعمل به؛ فإن في الحديث: «ومن أراد الآخرة ترك زيئة الدنيا»"؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يتعففوا عن المطاعم وغيرها؛ التي يفرقها الشيخ عليهم جهدهم. ما دام أحدهم يقدر على تركها عملاً بحديث: (ومن يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله" سواء أكان ذلك أتى الزاوية فتوحٌاء أو من وقف الزاوية؛ فإن بذلك يكثر الله تعالى الرزق على فقراء الزاوية» ويهان عليهم كما جرب, فاعملوا ذلك أيها الإخوان» واقنعوا ب| يعطيه لكم شيخكم من كعك العيد» وحم الأضحية مثلاً» ولو كان يسيرًا؛ فإن الله تعالى ينزل لكم البركة فيه» ويكون أهنأ وأمراأ.
ومن استخرج من الشيخ شيثًا زائدًا على إخوانه بسيف الحياء» وقلة الأدب م يبارك له فيه» مع أن في ذلك خروجًّا عن سياج الأدب مع الشيخ» وربها مقت الله
.)7 81 /1( رواه الترمذي (57"97/4) » وأحمد )١(
(؟) رواه البخاري (018/5)) ومسلم (59/5).
لا" -
تعالى من أتعب قلب الشيخ؛ بسبب السخط على ما أعطاه له» وقد قالوا: إن الشيخ سلم للترقي إلى مقام الأدب مع الله تعالى فمن رضي وقنع ب أعطاه له شيخه أرضاه عنه» وازداد فيه محبة» وترقى إلى مقام الأدب مع الله تعالى ومن سخط وشرهت نفسه. أغضب شيخه وازداد فيه كراهة» وعدم الترقي إلى مقام الأدب مع الحق - جل وعلا- انتهى.
فليحذر الفقراء من قولهم ولو بالقلب» هذه قسمة ما أريد بها وجه الله؛ إذا فاضل الشيخ بينهم؛ | يقع فيه بعضهم, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لنقيب الشيخ: أن يكون حاذقًا معظ لمقام الشيخ على مقام كل زائرء ووارد عليه من الأمر أو أرباب المناصب؛ فإذا حبس الشيخ نفسه في بيته من الناس يوم العيد مثلء وجاء الناس إلى زيارته فمن الأدب: أن يعتذر عن الشيخ بعذر مقبول» وإلا فتتح على الشيخ معاداة الناس له» ونسبتهم له إلى التكبر» ومن الأعذار المقبولة -إن شاء الله تعالى قول النقيب: أن الشيخ خرجء فلم يعرف أين ذهب» ويعني بذلك خروجه فيا مضىء ولا ينبغي أن يقول: إنه جالس في البيت وقال: لا تدخلوا عل أحذا اليرم» وإن كان الشيخ صاحب عزم وهمة» فمن الأدب: أن يتوجه إلى الله تعالى» ويحمي الناس من الوقوع في التكدر منه؛ إذا جاءوا إليه في يوم عيد, ولم يبخرج لهم؛ وقد تشاغلت في التوجه إلى الله تعالى في ذلك في عيد من الأعياد» فتكدر أصحاب الأنفس من اللغاة» ومنهم من عزم على أنه ما عاد يأتي إلي زيارتي أبدًا لجهله بالسبب الذي منع الفقراء من الاجتماع بالناس.
وقد سمعت سيدي عليًا المرصفي #للتكه يقول: من شأن الفقير أن يكون حاكيً في غيره؛ لا أن غيره يحكم فيه» وكل صاحب نفس تكدر من فقير إذا لم يخرج لهء
-8؟-
فقدم محبته إلى الفقير أولى» وما هكذا كان الفقراء الذين أدركناهم؛ بل كان أحدهم يرجع باللوم على نفسه إذا لم يخرج له الشيخ» ويصير يخاف من الشيخ أكثر نما كان» ويقول: لولا وقوعي في ذنب لما احتجب الشيخ عني!؛ إذ هو رحمة الله تعالى التي يتحلى بها المريد فحبسه نفسه عن أصحابه؛ دليل على وقوع الحجاب بينهم وبين رمهم؛ وخروجه لهم دليل على رفع ذلك الحجاب عنهم» انتهى.
فاعلم ذلك أبها النقيب واعمل عليه والحمد لله رب العالمين.
ولا ينبغي لأحد من فقراء الزاوية: أن يطلب من الشيخ أن يزوجه؛ بل يصبر حتى يشير عليه الشيخ بذلك من ذات نفسه؛ وكل فقير طلب ذلك من الشيخ فقد خرج عن الأدب؛ فإن الشيخ أمين عليه ولو أنه كان رأى التزويج خيرًا لذلك الفقير؛ لأشار عليه به» وقد عد القوم التزويج للمريد من أكبر القواطع عن الله -عز وجل- وقالوا: من الأدب للشيخ ألا يزوج مريده إلا إذا كمل في مقام الرجولية» وصار لا يشتغل عن ربه بشيء من الكونين» وقالوا: إن تزويجه قبل ذلك من جملة الغش للمريد؛ اللهم إلا إن تفرس الشيخ في المريد عدم الصدق في طلب الطريق» وخاف عليه العنت» فله أن يشير عليه بالتزويج» وعمل الحرفة التي تقوم به ويزوجه.
وقد زوجت بحمد الله في فقراء الزاوية نحو خمسين نفسًا على هذه النية؛ حين رأيتهم لا صدق عندهم في طلب الطريق؛ خوفًا عليهم من الوقوع فيا لا ينبغي» فالله تعالى يمن على العزاب المقيمين الآن بالصدق في الطريق؛ بحيث لا يصير لأحدهم التفات إلى شيء من شهوات الدنيا والآخرة» ولا يطلبون من الله سوى تأهيلهم لمجالسته لا غيرء فإن! هي مقصود أولياء الله في الدارين» ولا يجالس أحد
- 184-
ربه في الجنة إلا بقدر الأوقات التى كان يجالس ربه فيها في دار الدنيا لا غير؛ فإنها كالخميرة للعجين: أو المادة للمجالسة الأخروية» ومن هنا ورد مرفوعًا ليس يتحسر أهل الجنة» إلا على ساعة مرت مهم في الدنياء لم يذكروا الله فيهاء انتهى.
فا أعظمها من حسرة» وقد كان سيدي إبراهيم يم المتبولي يقول: لا ينبغي لفقير أن يتزوج إلا بعد كيال المقام» فإن المرأة ة تدحس» وتفلس وتغلس.ء انتهى
ل ل وليحذر الفقير أن يطلب التزويج على امرأته» فيمنعه شيخه فيتأثر من ذلك» ثم لما يأذن له الشيخ يقول لزوجته: أنا ما كان على بالي تزويج» وإنما الشيخ هو الذي أمرنيٍ بذلك» فيغذي نفسه من غضب زوجته عليه بغضبها على الشيخ؛ فإن ذلك من أعظم
وينبغي الجميع فقراء الزاوية: أن يقوموابواجبحق الضيف الوارد على الزاويةفي غيبة الشيخ» ويؤنسونه بالكلام الطيب والتبجيل» ويقدموا له ما يجدونه من الطعام» ولو خبرًا وملحًاء أو خبز بغير ملح ويحكون له من كان من السلف يأكل الخبز حافًاء ويجعل العافية إدامًا؛ كبشر الحاني» والإمام البغوي» وغيرهما؛ اثلا يحتقر ما قدم إليه ليخالف السنة» وإذا خرج الضيف من الأدب أن يشيعوه إلى باب الزاوية» ويسألوه الدعاء؛ من حيث كونه أفضل منهم بتواضعه لهم زيارته لشيخهم» ومعلوم أن علو المقام تابع لكثرة التواضع» وقد صار هذا الخُلق غريبًا في فقراء الزوايا؛ لعدم ارتباطهم بأشياخهم» فلا يكاد أحدهم يقري ضيفًا أتى إلى زيارة شيخهم؛ ول يجده؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: ألا يغفل عما يأتيه من الهدايا إلى الزاوية؛ فقد يكون ذلك
-#0+٠-
معدودًا من الرشوة» أو من جملة هدايا العال ولا يشعر؛ كما إذا كان له شخص مستأجر بستانًا أو عقارًا من وقف الزاوية؛ ثم ماث فخافت زوجته أن الشيخ يخرج ذلك العقار أو البستان عن أولادهاء فجاءته بهدية ليؤجر أولادها الأيتام؛ فإن ذلك في حكم الرشوة في المعنى» أو كحكم هدايا العمال؛ لأنه لولا خوف أم الأولاد على أولادها أن يخرج عنهم ذلك البستان مثلأء ويعطيه لغير أولادها ما جاءته بالحدية؛ لاسيها إن كان في الأولاد أحد من القاصرين؛ وأخذت الحدية من تركة والده قبل القسمة أو بعدها من حصة الطفل؛ فاعلم ذلك يا شيخ الزاوية وتنبه لنفسك؛ فإنك مسئول في الآخرة عن فعل ذلك؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية من أولاد الأرياف: ألا يسلكوا مسلك الجهل الذي كانوا عليه في الريف. بعد قراءتهم القرآن في الأمصار» وسماعهم كلام العلماء والصالحين» وذلك كأن يصفعوا من يدخل الحام ليدخل على عروسته في عنقه؛ كا يفعل أهل السخريا بالشودبء أ و أن يضربوه صباح الدخول بها بالجريد إذا لم يزل بكارتها وغير ذلك؛ إنما الأدب أن يعلموه أدب المتاع؛ أو المداعبة الحسنة مع زوجته والتحبب إليها بالحلاوات» والفواكه» والطيب» ونحو ذلك» وأن يحذروه من الميل إليها بشهوة النفس الطبيعية؛ كما حذره الله تعالى في نحو قوله تعالى: 99 إرت مِنْ ل وَأَوَْدكُمْ عدو لحم كَأَحَدَرُوش (التغابن: 54 وفي نحو قوله كل «ما تركت على أمني فتلة هي أشد عليهم من النساء)", اننهى.
فانظر كيف قدم الله تعالى ذكر الزوجة في العداوة على ذكر الولد» وانظر كيف
)١( رواه أبو شيبة في مصنفه (41/14)» والديلمي في الفرودس (1/ 44)) وذكره العجلوني في كشف النفاء؛ جميعهم بنحوه.
-160١-
وصف وَل النساء بأعبن أشد فتنة تقع لأمته بعد موته؛ وحقيق على كل فقير له أدنى عقل أن يحذر ما حذره الله ورسوله منه. وني كلام سفيان الثوري #ه: إذا تزوج الرجل فقد ركب البحر؛ فإن ولد له ولد فقد كسرت به المركب» وروى سفيان بن عيئية مرة: وهو واقف على باب الخليفة» فقيل له في ذلك» فقال: هل رأيتم صاحب عيال أفلح قط؟! وكان الإمام الشافعي #2 يقول: من تعود أفخاذ النساء لم يفلح» وكان يقول لي: منذ ثلاثين سنة أسأل أصحاب المتزوجين: ماذا رأيتم في التزويج؟ فا منهم واحد ذكر أنه رأى خيرّاء انتهى.
وقد قال القوم: أنه ليس على الفقراء في انقطاعهم عن الطريق أضر من التزويج؛ وذلك لأن الزوجة تدعوه إلى الكسب؛ ليأتي ها با تطلبه من شهوات الدنياء ولا يخلو كسبه إما أن يكون على طريق أبناء الدنيا؛ بالبيع والشراء في الأسواق ونحوهاء وإما أن يكون على طريق العباد المنقطعين في الزوايا للعبادة؛ فإن هؤلاء يكسبون شهوات نسائهم بذهاب دينهم بالرياء» والنفاق لمن يحسن إليهم بالطعام والكسوة وغير ذلك؛ فربا قال أحد من المتزوجين للزاوية: إن فلانا تزوج» وإنه من عباد الله الصالحين» وليس له شيء يقوم به فتصير الناس يحسئون إليه بعضهم بالطعام» وبعضهم بالخبز» وبعضهم بالكسوة» فيأكل الدنيا بذكره» وصلاته وقراءته» ونحو ذلك» ويذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الأعمال الصالحة» ويقال له يوم القيامة إن طلب ثوابها: إنك قد أكلت بها خبرًا ولحّاء ولبست بها عمامة وجبة» ونحو ذلك؛ فلو تأمل بعين البصيرة لوجد حاله وهو عازب؛ أخف من حاله بعد الترويج» وأقل مؤنة ومنة من الناس» وقد أنشدوا:
عش عَازِبَا تحظَّى بِعَيْشٍ مني وَالْحَرْم كُلَالْحَزْم حَفْظ التي
- 5095-
مو كان الح رمق اسح عن كل روفي
وليحذر الفقير من سماع كلام امرأته في حق جيرانه» ومن معاداته إخوانه في الزاوية أو غيرها؛ ب تلقيه إليه زوجته» فإن ذلك من أكبر المفاسد» وربها اتسعتث الفتنة بين الفقراء» وصار كل واحد يصدق زوجته في حق غيرهاء وترافعوا لبيرت الحكام» وأخرجوا من بيوتهم؛ فالعاقل من لا يسمع لزوجته كلامّاء وكان مع خصمه عليهاء وأدى حنى جاره من الإحسان إليه بالطعام والفاكهة» واحتمال الأذى منه» ونحو ذلك» حتى يفارقه بموت أو انتفاء عنه إلى حارة أخرى.
وإذا كان سكن فقراء الزاوية ملاصق لسكن بعضهم بعضًا؛ تالربرع فليحذر أحدهم من إطماح البصر إلى عيال أيه في وقت من الأوقات؛ فإن ذلك من أعظم الخيانات.» وربها جره النظر إلى ما هو فوقه في الفحش» قال تعالى: ِلِحكَ أله من ياف قيب فَمِنِ أغتّدئ بَعدَ ذلك َم عَدَابٌ ليم * (المائدة: 14) توعد تعالى بالعذاب كل من تعدى عرا أحل له إلى غيره» فافهم.
فينبغي للشيخ: أن يحذر الفقراء القاطنين بالزاوية من إطماح البصر إلى عيال بعضهم بعضًا كل قليل» ولو لم يعهد لأحدهم فجوز قبل ذلك؛ لأن الشيطان بالمرصاد» وربا آلف بين الفقير وعيال جاره» حتى صارت زوجته تحب القرب من ذلك الجار أكثر من زوجها؛ إما لصغر سنه» وجمال صورته» وطيب نفسه بالنفقة؛ وإما لغير ذلكء ولم يزل يقارب بينهماء حتى وقعا في الزنا في غفلة عن الرقيب من الخلق من زوجء أو جارية؛ أو ولد؛ ثم شرعا في الفاحشة» وسوس للجيران» وقال: إن فلانًا مع فلانة» فتعالوا انظروا خلوته هو وإياها في غيبة زوجهاء وقوموا بواجب حق أخيكم في التتبع عليه» وضربه. وإخراجه من عندها؛ فتصير الناس وأهل الحارة
- 581
يلوثون بها» وبتك سريرتههاء ويصير بعضهم عمل الفاحشة» وبعضهم يقول: كان عازمًا على العمل» فعلم به الناس فقطعوا عليه العمل؛ ثم بعد ذلك ربا تعصبت فقراء الزاوية عليه فقالوا: لا نسكن بالزاوية إلا إن أخرج الشيخ هذاء فيخرجه الشيخ ضرورةً» ويفعل أكبر المصلحتين» فالحذر الحذر أيها الإخوان» وغضوا أبصاركم؛ ى) كان عليه الفقراء الماضون الذين كانوا يتجاورون نحو الخمسين سنة» ولا يعرف أحدهم وجه جارته؛ وعندنا الآن في الزاوية جماعة على هذا الحكم؛ لا يعرفون صوت جارتهم» فضلاً عن لون وجههاء وهيئتهاء فالله تعالى يمن عليهم بالدوام على ذلك إلى الممات؛ آمين...آمين.
وليحذر الفقير من سماع قول زوجته: إن الشيخ أعطى فلانًا من الفاكهة» أو من الطعام أكثر منك؛» وهذا يدل على استهانته بك فلو كنت حديد اللسان؛ لأعطاك مثل ما أعطى الذين يخاف من نسائهم» فيصير يدمدم بالسخط على الشيخ» حتى ربا غضب الشبخ عليه بذلك» ومقته فلم يفلح؛ ى| تقدم وقوع مثله لواحد من فقراء سيدي إبراهيم المتبولي» فاعترض على الشيخ في شيء قسمه بين الفقراء» فسلب جميع ما كان فيه من الكشفء. وقسا الله تعالى عليه القلوب» ومات على أسوأ حال» نسأل الله العافية.
وإذا كان الفقراء يأكلون من طعام الزاوية بحكم السوية» ولم يكن في وقف الزاوية ما يقوم بأجرة خدمة الفقراء؛ من غربلة القمح» ونخله بعد الطحن» وعجنه وتقريصه» وتبيئة الطبخ؛ فمن المعروف أن يأمر الفقراء عيالهم بتهيئة ذلك؟ لاسيم| إن كان يعمل في المواسم» ويفرق على جميع فقراء الزاوية؛ كالكعك» وحم الأضحية؛ والوليمة لأحد من الفقرا ويقدر كل واحد نفسه أنه ساكن في دار وحده وله
-05؟ -
معيشة وحله؛ فإن كل امرأة تصير تغربل» وتنخل» وتعجن. وتطبخ لا تتوقف في ذلك» وقد كئرت فلوس بعض جماعة عندي» فطلبوا عتق نساءهم من الخدمة» فقلم الله عنهم إمداده» وتعسرت عليهم الأعمال الصالحة» وصار أحدهم إذا جلس في مجلس ذكر؛ كأنه جالس على الجمر» بخلاف من لم يطلب حماية زوجته من الخدمة؛ فإن مدد الله الظاهر والباطن عليه فائكض: فإن الله تعالى أخبرنا على لسان نبيه يل: «إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»”؛ انتهى.
لاسيما إن كان ذلك بإسناد الشيخ» فإنه ربها رأى تلك الخدمة دافعة للبلاء عن أجسام النساء؛ وأن تلك الخدمة من جملة زكاة العافية عن أبدانين» وأولادهن, وسمعهن» وبصرهنء وأنبن متى خالفن إشارة الشيخ عرضن أبدانهن للحكة, والجرب» والحب الفرنجي؛ وضربان المفاصل» والعمى» والطرشء وطلوع الخراجات والطلوعات في فروجهن, وأنفهن» وأفواههن؛ وأكل الحب أعضاءهن؛ كما وقع في بعض الزواياء وكذلك القول في الرجال؛ الذين يطلبون وظائف الخدمة التي أقامهم الشيخ فيها؛ كل وظيفة تدفع عن صاحبها الآفات» وقد قلت مرة للأخ محمد ابن أخحت خضر: لا تغفل عن التسبيح في هذه الليلة» فعزم على النوم ؛فلدغته عقرب من قبل آذان العشاءء فلم يتم تلك الليلة» فقلت له: والله إن التسبيح على المنارة كان أهون من ذلك.
وكذلك ينبغي للفقير إذا تزوج: أن يحذر من التبسط في المأكل أول ما يتزوج» فيعود المرأة بشيء ثم يقطعه عنهاء فيقع بينه| الخصام؛ وإنم| الأدب أن يمهد للزوجة بساط القناعة» ويذكر لما ما كان عليه أزواج رسول الله وَلْهِ وبناته من الطحين على
)١( تقدم تخريجه.
-15068-
الرحى» وأكل خبز الشعير بالملح أو بالخل» وأن ذلك أفضل؛ ثم بعد ذلك يزيد لما في المأكل شينًا فشيئًا؛ فإن بذلك يقوى قلب الزوجة دون العكسء فإنه من شأن النصابين؛ فيتبسط في الأكل والفواكه أول ما يدخل بهاء فيفرغ ما كان معه» فتزدريه المرأة في عيئها؛ هذا حكم من لم يكن له شيخ أما من كان له شيخ فهو تحت حكمه وإشارته ما يأمّره به؛ فإنه حكيمه وطبيبه في دنياه ودينه» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا به تفلحواء ولا تغفلوا عن تفقد أحوالكم الصالحة التي كانت لكم قبل التزويج؛ فإن المرأة ربها غيرت أحوالكم؛ ونقصت بتكم لها أعمالكم؛ وأشغلتكم عن ربكم في الغالب» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية إذا فضل عن غدائهم أو عشائهم خبز: أن يدفعوه للنقيب يفتته للفقراء في الجفاف» ولا ينبغي لهم ادخار شيء من ذلك في خزائنهم حرصًا وشرمًا؛ فإن ذلك مجرب في تعسير الأرزاق» وفي بعض الكتب الإهية: الحسود لا يسود أبدّاء والحريص محروء أبدّاء والبخيل يأكل ماله الأعداء؛ انتهى.
وأي شيء يضر الفقير أن يعطي النقيب الخبز اليابس» ويأخذ بدله الخبز الطري في كل يوم؛ اللهم إلا أن يقل رزق الزاوية» ويحصل التفرقة» ويصير مؤئة كل فقير على نفسه دون الشيخ» فلا بأس لضعفاء اليقين بالادخار رخصة لمم» وإلا فالأقوياء قد مدحهم الله تعالى بالإيئار في أوقات الخصاصة وضيق المعيشة؛ تشجيعًا هم.
وقد بلغنا عن سيدي إبراهيم المتبولي» وسيدي محمد الغمري» وسيدي محمد ابن داود"» والشيخ عثان الحطاب #: أنهم كانوا إذا حصل غلاء» وعند أحدهم
)١( قال الشيخ المصنف في «الطبقات الكبرى» :)571/١( هو شهاب الدين بن داود بن الملزلاوي
- 7501-
حاصل قمح؛ أخرجه للناس وفرقه عليهم؛ ثم يصير يشتري من السوق كا يشتري الناس» وقد عرضت هذا الأمر على فقراء زاويتي في سئة من السنين» فقالوا: لا نقدر على الجوع» ولا على شيء نشتري به القمح فأمكنه لهم ولو أجابوني إلى ذلك لكان أرضى لله وللخلقء فالله تعالى يمن عليهم بكمال اليقين؛ ليصير أحدهم معتمدًا على فضل الله من حيث لا يحتسب ذلك الفضلء؛ كما عليه كل المؤمئين» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشباب الزاوية: أن يلازموا الأدب مع كهوهها؛ الذين لم يمن الله تعالى عليهم بحفظ قرآن» ولا علم بحكم العادة» ولا يقول أحد من الشباب لأحد من الكهؤل: أنا أفضل منك؛ لكوني من حملة القرآن والعلم» فإن في الحديث: «ليس منا من لم يوقر كبيرناء ويرحم صغيرنا»" يعني به الكبير في السن أو القدر» والصغير في
المحمدي رضي الله عنه» كان ملازماً للعمل بالكتاب؛ والسنة» ما رأيت يعني بعد الشيخ محمد بن عنان أضبط للسنة منه» وكان يقول: من أراد حفظ السنة فليعمل بباء فإنها تتقيد عنده» ولا ينساهاء وكان يدرس العلمء ويقرأ كتب التصوف في زاويته على بحيرة دمياط» وكان مورداً للضيوف الواردين من دمياط» والصادرين؛ وكان ربا لم يجد شيئاً لالضيف غير الأرز فيعلق الدستء ويضع الماء يغليه؛ ويطعمه للضيف فيقول له ما أطيب لبن هذا الأرز فيقول الشيخ: سبحان الستار» صحبته رضي الله تعالى عنه نحواً من أربعين سنة ما رأيته قط زاغ عن السنة في شيء من أحواله. مات سنة إحدى وحخخسين وتسعماثة عن نيف وثانين سنة رضي الله تعالى عنه.
)١( أخرجه أحمد (5/ 77" , رقم 51801) » قال المنذري :)54/١( إسئاده حسن. والحكيم .)187/١( والحاكم 231١ /١( رقم )51١ وقال مالك بن خير الزيادي مصري ثقة وأبو قبيل تابعي كبير. وأسحرجه أيضًا: البخاري في التاريخ الكبير (9/ 717 » ترجمة 11574)» والرافعي )١177/54( والضياء من طريق الطبراني (4/ 751 » رقم 450). قال الحيئمي :)1117/1١( رواه أحمد والطبراني في الكبير» وإسئناده حسن.
-/61؟ -
القدر أو السن» فينبغي للكبير من حيث السن أو القدر أن يرحم الصغير؛ كذلك من حيث السن أو القدر؛ فلكل شخص من الكبير والصغير جهتا نقص وكمال» فهو من حيث كماله في السن يرحم الصغير فيه؛ ولو كان أعلم منه من حيث كراله» ونقصه في السن يوقر الكبير الذي زاد عليه في السن ونقص عنه بالجهل؛ وإن كان الذي يحسب من العمر حقيقة إنا هو زمن العلم دون الجهل» فافهم فإن هذا سر لعله ما طرق بالك قبل ذلك.
فإياكم أيها الإخوان إذا وقع بينكم وبين أحد من كهول الزاوية الذين لم يفتح الله تعالى عليهم بمثل ما فتح عليكم من القرآن والعلم» أن يقول له: أنا أفضل منك؛ فإن ذلك هو ذنب إبليس الذي أخرج به من الجنة» وطرد ولعن.
وإياكم إذا قام الشيخ مع ذلك الكهل دونكم, أن يقول أحدكم ولو في قلبه: ما للشيخ إلا التلميذ» ولو أن الشيخ كان معه مدد لأفاضه على فلان يعني الكهل؛ لأن مرتبة الشيخ إن| هي الإرشاد. ومحبة الخير للفقراء؛ وأما كونهم لا ينتفعون بكلامه ولا يلتفتون إليه» فذلك إلى رحمة الله لا إلى الشيخ؟ فللشيخ أجر هداية الناس» وإن لم يفتح عليه بشيء ما فتح للقوم» فقال الشيخ: يا ولدي ما أحد أعز عند الوالد من ولده؛ ولكن التوفيق راجع إلى الله لا إليه» ولو كان بيدي توفيق؛ لقدمتك على مدين» وعلى محمد الغمري» وعلى غيرهما تمن فتح عليه؛ انتهى.
وكذلك بلغنا عن الأقطاب: أنه طلب من الله تعالى أن تكون القطبية لولده من بعده» فسمع الحائف يقول: ذلك في الإرث الظاهره وأما الباطن فهو إلى الله تعالى لا إليك» انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان والزموا الأدب» مع من كان أكبر منكم سنا
-08؟ -
وأقدم مجاورة في الزاوية؛ كما أن من كان أقدم الواجب عليه: الاحتمال لمن قل أدبه عليه من الشباب؛ لأن كل من كان أقدم أعلى مقامًا في المعرفة بالله» وفي دخول حضرته؛ فهو أحق بالاحتمال تمن كان بالضدٌ من ذلك» وإذا كان هذا الأدب مع كهول الزاوية» فكيف بالأدب مع الشيخ؟! فيقبح كل القبح أن يقول المجاور لصاحب الزاوية: إذا كان لا تحفظ القرآن أنت» ولو كنت شيخ الزاوية فأنا أفضل منك لحفظ القرآن دونك؛ كما وقع لبعض الفقهاء مع سيدي عثران الحطاب؛ فكان عنده فقير يحضر دروس جامع الأزهرء ويرجع إلى الزاوية لأجل خبزها وطعامهاء فقل أدبه على فقير يومّاء فقال: أنا أفضل منك ومن شيخك؛ يعني: الشيخ عثمان» فمقت الله تعالى ذلك الشخصء وسلب مما كان فيه» ومات وهو دائر مع شوذب المغاني في الريف -نسأل الله العافية- فاعلموا ذلك» واستعيذوا بالله من تغيير قلوب الأشياخ» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وأولاده: أن يزيدوا في الإحسان لمن يقضي حوائجهم زيادة علٍ, عموم الإحسان للمجاورين, فإنه لا يلزم أحدًا من المجاورين خدمة الشيخ ولا أولاده» وإنما ذلك من باب البر والمعروف؛ كخدمة الزوجة لزوجهاء هذا أمر يقع فيه الجهلة من المتمشيخين» فرب| استخدموا المجاور في ملء الماء من الصهريج للغسيل كرمًا عليه وعطلوا قراءة لوحه في ذلك اليوم» وذلك لا يجوز؛ فإذا أحسن إلى أحد فربا قابله كذلك بالخدمة» وجعل الإحسان كالأجرة للأجير» وسلم من الإثم» وإن جعل الشبخ أو ولده له خادمًا بأجرة تمن لا يقع في غير ذلك؛ كان أخلص للذمة؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يأحذوا في أسباب الاتحاد بشيخ الزاوية؛ بحيث
- 508 -
يصير إذا هم بشيء بهم به؛ كذلك فقراء الزاوية» فإذا خطر على قلبه ساع القرآن يشرعوا فيه عقب الخاطر» وقد وقع لي مثل ذلك مرات مع الولد عبد الرحمن» ومع الأخ محمد الترساويء فإني أحب ساع صوتها بالقرآن والمدح لرسول الله و فرب طلبت ذلك منها ليلاً ونبهارّاء فيشرعان في القراءة؛ فأجد لذلك حلاوة لا يقدر قدرهاء وكذلك يقع لي مع الشيخ علي السرسي المؤذن؛ فرب| كنت في الصلاة: وتطلع المؤذنون يسبحون الله دونه» فأريد أقطع الصلاة» وأوقظه فيستيقظ لوقته؛ ولا جني إلى إيقاظه بالقول فالله تعالى يتم عليهم ذلك إلى الماتآمين...آمين...آمين
ل 8 مع بعضهم بعضّاء وقال: لأي شيء تغلقوا الأبراب عليكم؟ فإن كان ذلك نصحًاء فعموا به المسلمين ولا تختصوا به؛ وإذا كان غير نصحء فالأمر أسهل من أنكم تغلقون على أنفسكم الأبواب؛ أن تجيبوه بقوهم: إنه مجلس توبيخ للنفوس وتفريغ؛ وما كل معارفنا يقدرون على هضم نفوسهم بين إخوانهم» وتصبرون على إضافة الأفعال الناقصة إليهم؛ فإن كنت يا أخي تطلب أن تدخل معناء فادخل في صحبة الشيخ وعهده؛ حنى يلطف كتائفك» ويطلعك على نقائصك؛ التي تقع فيها بينك وبين الله تعالى» وتصير ترى جميع ما ينقصك به أعداؤك دون ما تعلمه من نفسك» أنتهى.
ويعلموه ٠ أيضًا أن غلق الباب في حال مناقشة الفقراء لم يبتدعه الشيخ من عنده؛ وإنما هو سنة السلف الصالح, فقد تقل عن الحسن البصري» ومعروف الكرخي» وسري السقطي» والإمام الحسن, وأبي بكر الشبل» وأبي حفص الحداد والشيخ عبد القادر الجيل» والشيخ أحمد بن الرفاعي: أنهم كانوا لا يجلسون في
95٠ه
مجلس المناقشة إلا بعد غلق أبواب دارهم» وجعل مفاتيحها تحت وركهم» ويقولون: ذكر الكلام لغير أهله عورة؛ انتهى.
فإياكم أيها الإخوان أن تدخلوا معكم صاحبًا من غير علم الشيخ؛ عملاً با عندكم من محبته لكم» فإنكم قاصرون عن معرفة من يصلح للمجالسة كمن لا يصلحء بل اعرضوا أمره على الشيخ» واعملوان| يشير به؛ فإنه أعلم ببواطن الناس؛ كالبيطار في معرفة مرض الدواب» واحملوا با يشير به من نسبكم إلى الزندقة» وأعفوا عنه» واصفحواء واكتفوا بعلم الله تعالى فيكم؛ فإنه لابد لكل من دخل طريق القوم من رمي بعض الناس بالزندقة؛ وذلك لأنه دخل دائرة خارجة عن معلومات الخلق عقولهم» فلا تحملونه على تحمل حسن؛ إلا إن ذاقوا ما ذاق» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع الفقراء: الذين يحضرون مجلس امناقشة ألا يكذب أحدهم الشيخ فيا يضيف إلى أحدهم من النقائص؛ التي لم يعرف من نفسه أنه وقع فيهاء فربها كشف للشيخ أنه يقع فيها في المستقبل» فحذره من الوقوع فيها؛ ثم أخبره بدعائها ليداوي بها نفسه إذا وقع في تلك الزلة مثلاً؛ فإن الشيخ ربا خرق بصره» فرأى ما في عروق أصحابه ونفوسهم بالقوة قبل وقوعه بالفعل» ولا تستبعدوا ذلك عليه؛ فإنه مقام من مقامات إبليسء فإنه ورد: (إنه يجري من ابن آدم مجرى الدم»” فلا تستبعدوا على الشيخ أن يقول: يا رب أعطني مقام إبليس في أن أجري في مريدي مجرى الدم؛ لأعرف ما يعزم عليه من المعاصي» فأزجره عن الوقوع فيهاء )١( رواه الببخاري (5547/0)) وابن ماجه (2017/1) والدارمي »)4١١/1( والنسائي ني الكبرى (7370/5)» وأحمد (8/ »))١165 والطبراني في الكبير (4 ؟/ .)9/١
- 1581-
النون:
إذ.العبد مأجور على مثل ذلك؛ سواء أكان ذلك الأمر من الأمور المعلقة» أو الأمور المبرمة» فافهم ذلك يا أي واعمل على تحصيل كمال اعتقادك في شيخك؛ لتنتفع به وبإشارته» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: ألا يستكبروا لهم عملاًء ولو استغرقوا الليل والنهار بالعمل؟ فمن نظر إلى كثرة عمله وقف عن السيرء وفاته في تلك الوقعة من المدد أكثر ما ناله قبل ذلك طول عمره؛ كا ذقنا ذلك» وقد قالوا: لا يجوز أن يستريح من العمل إلا بقدر ما يتنفس» فيأخذ له راحة؛ فإذا وصل إلى مقام ليل» ومسك أطناب خيمتهاء ووقف بين يديهاء فهناك تقول له ليل: استرح من التعب واجعل عملك مجالستي» وشهود مجانستي لا غير؛ فيا طول ما نعبت وتعنيت» ويا طول ما رجع غيرك من الطريق وجيتء انتهى.
فاعلموا ذلك أبها الإخوان» واستغنموا ما بقي من عمر شيخكم؛ فإنه ربا بقي منه أيام قلائل» فيندم أحدكم على موته حين لا ينفعكم الندم؛ ولا يجد أحدكم بعده من ينصحه بكلمة واحدة» ولا من يأكله قبله على أشياء من الخيرات» وليكن منخاس" أحدكم من نفسه؛ ولا يتعب شيخه في تنبهه على العمل؛ بل يكون هو الذي ينبه نفسه. فلا يمل من عمل إلا وينتقل لعمل آخر؛ فإن طريق القوم جهاد لا صلح فيه؛ والله تعالى يتولى هداكم, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: أن يعتنوا بالأعمى» والشريف, والضعيف الحال
)١0( المدخاس: عود أو نحوه تنسخ به الدواب أو الرقيق.
- 5117 -
الذي لا يؤبه له» أكثر بما يعتنون بججاعة الباشاء أو الدفتردار' أو قاضي العسكر إذا دخلوا؛ فيطلبون زيارة الشيخ» أو يفرقون فلوسًا على الفقراء» وكل فقير عظم جماعة الولاء على الفقراء والمساكين فقد تعكسء وانتكس» ونقض عهد شيخه؛ فيجب عليه طلب تجديد عهده ثانيا؛ لأن العهد الأول قد انتقضء ف! بقي يصلح له البناء عليه» ويكون على علم الإخوان أن مجموع عهد الشيخ يرجع إلى: عدم تقديم المريد أعمال الدنيا على الآخرة؛ طلبًا لمرضاة الله تعالى والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للجميع فقراء الزاوية: ألا يبيت أحدهم كل ليلة» حتى يعرض على شيخه صحيفة عمله في ذلك اليوم؛ وذلك إما ليرشده إلى طريق التوبة النصوح من تلك الأععال السيئة أو الناقصة؛ وإما ليستغفر الله تعالى له فيغفر له» وإما ليناقشه عليها فيخفف عليه الوقوف للحساب في الآخرة؛ فإن الحساب يوم القيامة لا يقع إلا في أمور أهمل العبد نفسه فيها في توبيخها من أجلهاء فمن أتقن في مناقشة نفسه هنا؛ بحيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وناقشها عليها لم يوقف للحساب أبدًا؛ ومن ناقش نفسه في بعض» وأهمل البعض وقف بقدر ما أهمل» فاعلموا ذلك أيها الإخوان؛ واطلعوا شيخكم على جميع ما في صحيفتكم. ولا تخفوا منه شينًا منها؛ تغشوا نفوسكم أولأء وشيخكم ثانيّاه وتعرضوا نفوسكم لشدة الحسب ثالثاء فقد ورد أن بعض الناس إذا وقف للحساب بين يدي الله تعالى يقع لحم وجهه من شدة الخجل من الله كبك والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية إذا غلب على أحدهم النوم زيادة عن الضرورة: )١( الدفتردار: تعني مسئول مالية وخزيئة المديئة (ماسك دفاتر حسابات الوارد والصادر أو الداخل والخارج من الأموال العامة).
- 557-
ألا ينام إلا في المواضع التي يراه النقيب فيها؛ لينبهه للصلاة» والذكر ليلاً كان أو نهارّاء ومتى نام الفقير في المواضع القليلة الناس؛ كدوائر المئذنة» أو خلوة في السطوح, أو في مسجد آخر خارج الزاوية» فقد أخطأ الطريق» وهو دليل على غشه لنفسه. وأنه لا يجيء منه شيء في الطريق» ومثل هذا يجب على الشيخ والفقراء توبيخه؛ لكلا يفسد بين الفقراء بتعليمه لهم الحيل التي تضرهم في دينهم.
وكذلك مما ينبغي للفقراء: أن يزاحم أحدهم على أن يكون جلوسه في حلقة الذكر دون الجلوس خارج الحلقة؛ وذلك دليل على علو همته» وثبوته في المجلس من أوله إلى آخره» وعلى أن مقصوده أن يكون رأسًا في أمور الخيرات لا ذنيًاةِ عكس حال المريد الكسلان الذي لم يرد الله له الخير؛ فإنه ربما قال له النقيب: ادخل الحلقة» فيقول له: انظر لك أحدًا خلاني, فإني لا أتجوز في الحلقة؛ ي) سمعت ذلك من بعضص العميان» فالله تعالى يرزق إخواننا كلهم المزاحمة على الخيرات إلى المات» آمين اللهم آمين» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي لجميع من يحضر مجلس المناقشة: أن يأخل جميع توبيخات الشيخ في حق نفسه دون إخوانه ببادئ الرأي» ولا يأخذ شيئًا منها في حق إخوانه؛ ى| عليه بعض العوام إذا سمعوا واعظًا أو خطيبًا يقولون: أفلح الواعظ اليوم في الحط على الظلمة» وعلى فلان وفلان» ولا يكاد أحدهم يأخذ كلام الواعظ في حق نفسه أبدّا» ومن يعمل مثل ذلك فهو دليل على عدم الشفاعة بكلام الواعظء أو الشيخ, أو الخطيب؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وخذوا جميع التوبيخات والتعريضات التي تقع من شيخكم في حق أنفسكم دون إخوانكم» ولو كان أحدكم غائيًا عن المجلس؛ فإن المريد الصادق يسمع صوت شيخه؛ ولو كان بينه وبيئه مسيرة سنة وأكثر.
- ]755-
وقد بلغنا أنه كان لسيدي إبراهيم الجعبري مريدة بنواحي الصعيد» وكانت تسمع كلامه من زاويته خارج باب النصر بمصر؛ فبينم)ا هو ذات يوم يعظ أصحابه؛ وهم يبكون إذ قال:
ياقاع لةفيالطاقة والكل بيأك(لفي العجين
ياكلب كلواتمهتا فاللعجين أص حاب
فلم يعرف الحاضرون سبب إنشاد الشيخ هذا الشعزء فقال: إن لنا مريدة بالصعيد جلست في غرفتها تسمع كلامناء ونسيت العجين فنبهناها على أن تطرد الكلب عن عجينهاء انتهى.
وتقدم أن هذا المقام أصله موروث من مقام إبراهيم لما نادى الئاس بالج وهم في الأصلاب فأجابوه» وكذلك بلغنا عن سيدي أحمد بن الرفاعي: أنه كان إذا تكلم على الكرسي في أم عبيدة - بلده- انتشر صوته إلى سائر القرى التي حول بلده؛ فكأنهم في مجلسه الذي فيه الكرسي» والحمد لله رب العالمين.
ويتبغي للنقيب: أن يعتني بجميع الفقراء الذين خلقهم سيى في مجلس المناقشة» أكثر من اعتنائه بمن يكون حسن المخلق؛ لأن حسن الخلق ليس بمحتاج إلى من يبذب خلقه كل ذلك الاحتياج» بخلاف سيئ الخلق لما عنده من الإيثار» وكثرة الاحتال للأذى؛ بخلاف من كان سيئ الخلق» فإنه هو الذي يقع منه الخصام» والشوم"» والشتم» والضربء, وغير ذلك؛ فكان أولى بالحضورء والحمد لله رب العالمين.
)١( كلمة باللهجة العامية المصرية تعنى: الفضيحة.
160 -
وينبغي حابي وقف الزاوية: أن يكون عنده حذق يعرف به ميزان أعمال الدنيا والآخرة وسياسة يسوس بها الساكنين في بيوت الوقف والمزارعين في طينه» وذلك حتى يخلص الخراج منهم بسهولة من غير احتياج إلى شكوى من الحكام؛ فكل جابي احتاج إلى شكوى من حاكم شرعي أو سيامي فهو دليل على قلة معرفته بطرق السياسة» وإذا تحمل على فلاح أو ساكن في بيت أجرة أو خراج وعجز عن أنخذ ذلك منه» وأراد الرزقة أو البيت لشخص آخر فمن العقل أن يخفي ذلك عن المديون حتى نستوفي منه» ويقول له: إن وفيت با عليك لم نخرج عنك ذلك البيت أو الرزقة أبدّاء وقد غفل بعض الحباة عن هذه الإجارة السياسية» وأظهر إجارة تلك الجهة للمديون قبل أن يستوفي منه فأتعب سره واحتاج شكواه إلى الحكام» ولو أنه كان أخفى ذلك عنه لربما بادر إلى دفع ما عليه» فإن حساب المتصل ما هو حساب المنفصل.
وكذلك من حذق الجابي في الأعمال الأخروية ألا يطعم الناظر ولا ولده شيئًا من الوقف بغير طريق شرعيء ويقول ما: إيكما يستحقان الوقف كله ولولاى) ما قدر أحدنا أن يجبي شيئًا منه؛ كا يقع فيه بعض الحباة الغلف المتهورين في دينهم» وكان الأولى له أن يحفظ على الناظر دينه؛ بل لو قدر أن الناظر أو ولده طلب منه شيئًا من الوقف بغير حق شرعيء فمن الواجب عليه منعه من ذلك؛ لاسيم| إن كان الناظر شيخه في الطريق؛ لأنه يتلف عليه قلبه فيعدم النفع به؛ كا إذا تلف قلب حجر الطاحون امتنعت من الدوران» فليحذر الجابي من أن يشتري لبيت الناظر - ليلة من الليالي- زيئًا حارّا للمسرجة» أو بطيخة لضيفه ويتساهل في ذلك؛ ثم يضيفه إلى مصاريف وقف الزاوية؛ فإن ذلك حرامء والناقد بصير.
فينبغي للناظر أن يحذر من الجاني المتهور أكثر من حذره من التمساح؛ أو من
- -
الحية السوداء؛ وليحذر الجاني أيضًا من أن يخرق سياج الأدب مع الفلاح؛ فيمده ويضربه من غير أن يكون له حرمة تمنع الفلاح من أن يمد يده إليه» فإن ذلك من خفة العقل» وربا أمر بضرب ذلك الفلاح» ثم رأى عيئه حمراء عليه وله أولاد عم أو أخ؛ فطلبوا أن يضربوه ويبهدلوه؛ إن مد يده إلى قريبهم؛ فرجع يرقرق لهم ولحقوا به فازدادوا فيه قلة حرمة» وصغر في أعينهم؛ فليكن الجابي يحسب العواقب» وإلا ربا قتلوه ولم ينتطح فيه شاتان.
وقد نزل شخص يجبي خراج وقف, فشتم الفلاح فشتمه» فرمى عمامة الفلاح فرمى الآخر عمامته» فصارت رءوسهم| مكشوفة» والناس ينظرون إليهماء وعجز عن استخراج الوقف. واحتاج الناظر إلى إرسال غيره» فاعلم ذلك أيها الجابي» وحسشم نفسكء. والله يتولى هداك.
وينبغي للجميع فقراء الزاوية: ألا يؤذوا واحدًا إن خرج من زاوية أخرى؛ وأتاهم مجاور عندهم إلا بنية صاحة» أو أذن الشيخ؛ كأن يقصدوا بإيوائه الإحسان إليه تخفيف الاثم على فقراء تلك الزاوية التي أخرج منهاء فرب! تعد واحد فرد الله في تأديبه وإخراجه» فازداد عليهم الإثم بعدم إيواء أحد لهء وقساوة القلوب عليه؛ فأخذ الله تعالى بذلك؛ وقد فعلت مثل ذلك مع فقير أخرجوه من زاوية سيدي مدين.
وقلت: اللهم اجعل كل إحسان أحستته إلى هذا الفقير في صحائف الذين أخرجوه؛ ليخفف عنهم الإثم» فعلم أن كل من أوى أحدًا أخرج من زاوية مكايدة لفقرائها؛ أو ليشكره الناس على ذلك؛ فهو لم يشم من الإخلاص رائحة» وهو من الأعمال التي أهل بها لغير الله وهو خخلق غريب قل من الفقراء من يراعيه؛ بل ربا
- 751/-
عادى أهل الزاويتين بعضهم بعضًا من تحت رأس ذلك الشخصء وترافعوا إلى الحكام» وخرجوا عن سياج الطريق؛ فالله تعالى يلهم جميع إخوانيٍ الإخلاص في
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يتساهل أحدهم بالجلوس على حوانيت السوقة المجاورة للزاوية» ولا يعاشر أحدًا من غير حرفته؛ خوفًا من سرقة الطبع من أفعالهم وأحواله, الرديئة؛ التي لا تليق بالفقراء عادة» وربهما كان المجاور أمردّاء فأفسده العيّاق بالبر والإحسان» حتى مال بقلبه إليهم» فنالوا منئه أغراضهم الفاسدة» وذهبوا به إلى مواضع التنزهات» والخانات التي فيها بنات الخطأء فانقطع عن قراءة القرآن» ومجالس الذكر» وفسلد بالكلية.
فينبغي للشيخ أو النقيب: ألا يقر مجاورًا على مجالسة السوقة إلا لضرورة؛ لئلا يموت قلبه بمجالسة أهل الغفلة» ولا يصير له قلب إلى قراءة» ولا ذكر» ولا خير؛ وقد عجزت عن رد بعض جماعة عندي عن مثل ذلك» وماتت قلوبهم عن الخير» عكس حال الفقراء الذين لم يخالطوا السوقة؛ فالله تعالى يتم عليهم ذلك» ويتوب على غيرهم... آمين.
وينبغي لكبراء فقراء الزاوية: ألا يذكروا مجلس ذكر إلا بعد أن يمثلوا نفوسهم بين يدي الله هده وأكابر الحضرة الإلهية من أهل السماوات»؛ وأهل الأرض حاضرون من ملائكة» وأنبياء» وأولياء؛ فإن الذكر في مثل هذا الموكب العظيم لذة عظيمة لا يقدر قدرهاء وكان فقراء الزاوية جليان الحضرة؛ ومجاذيبها ليئاتهم بين يدي ربهم؛ وهم واقفون يذكرون اسمه تعالى؛ وأكابر الملائكة» والإنس من جبريل» وميكائيل؛ وإسرافيل» وعزرائيل» وغيرهم» ومحمد؛ وإبراهيم؛ وآدم» وموسى» وعيسى,
184
وغيرهم جالسون حلقًا حلقًا من خارج حضرة هؤلاء الذاكرين» وهم يمدونهم بالإمداد التي بأيديهم كل واحد حسب إرثه ومقامه؛ فالله يلهم جميع إخواني ألا يذكرون مجلسًا إلا مع هذا المشهد؛ ليفوزوا بالإمداد من أكابر الملائكة وأكابر الأنبياء...آمين.
وسيأتيٍ في الباب الآتي: أن سبب جلوسي بعض الأوقات في حال الذكر؛ إن هو لاستشعاري من أكابر الحضرة أنهم يطلبون مني: الجلوس شفقةٌ عل حين عملوا كهوليتي؛ وقوة عزم الذاكرين» فامتثل أمرهم واجلسء والحمد لله رب العالمين.
2000
-714-
في جملة أخرى من آداب فقراء الزاوية وأخلاقهم.
وهو ختام الأبواب إذا علمت ذلكفمن أدب الشيخ والفقراء إذا وقفوا رزقة أو بينًا مثلاً على الزاوية» أو أراد غيرهم أن يقف شيئًا عليها: أن تكون نية الواقف منهم جازمة؛ إذ هي من القرب الشرعية» فلا ينبغي لأحدهم أن يجعل لنفسه في رفقة الإدخال والإخراج مثلاً» وقد كنت من أشد الناس كراههةً لذكر الواقف مثلاً ذلك في كتاب وقفه» وأقول: كيف يتقرب العبد إلى الله تعالى بشيء يتردد فيه؟ حتى أن القاضي عبد القادر القادري أراني مسودة كتاب وقف زاويتنا؛ الذي وقف فيه الجهات على شعائرهاء وسماط الفقراء بها؛ فرأيته قد جعل لي فيه ما جعله لنفسه من الإدخال» والإخراج» والتغيير» والتبديل؛ فتكدرت من ذلك» وقلت له: اضرب على ذلك في حقي دخله في حق نفسك. فأبى فبعد مّدة خرج الشيخ عمر الإمام عن طاعتي في الزاوية» وصار الفقراء يخافون من لسانه» فذكرت ذلك للقاضي عبد القادر» فقال: أخرجه من الوقف بالشرط الذي جعلته لك» فهددته بالخروج؛ فندم واستغفر؛ فكان الواقف أتم نظرًا في مراعاة مصالح الفقراء في الزاوية مني» فإنه لو م يكن لي هذا الشرط» ما كنت أقدر على إخراجه إلا بثبوت أمر بفسقه مثلأ» وقد كان الناس في الزمن الماضي أهل صلاح ونيات صالحة» وكان أحدهم إذا أسدى إليه أحد معروقاء لا يرى أنه يقدر على مكافأته طول عمره؛ وكان إذا جعله في جامعة إمامًا أو خطيبًا مثلاً؛ ثم قال له: عزلتك لا يعادي الواقف» ولا يشتكيه من بيوت الحكام؛ بل يقول: إنه محسن؛ فإن شاء أدام إحسانه علّ» وإن شاء حوله إلى من هو أولى مني به مثلاً» فصار الواقف اليوم إذا فعل مثل ذلك يتجرد المستحقون لعداوته وإيذائه بكل
كلففة
ما يقدرون عليه؛ فلذلك احتاج إلى أن يشرط لنفسه. ولمن شاء من ذريته» أو غيرهم من النظار على وقفه الإدخال والإخراج؛ رحمةٌ بهم» ومصلحة لبقية المستحقين؛ ليصير يخرج من ذلك الوقف: كل من تعدى حدود الله تعالى» أو لم يتعد» بل رأى غيره أصلح منه» وني كلام السيد عمر بن الخطاب #: إن الله تعالى يحدث للناس في كل زمان أقضية بحسب زمانهم» انتهى.
وتأمل يا أخي لما صار الناس يقع من أحدهم البراءة لخصمه عند الحاكم؛ ثم بعد ذلك يقول: الأمن الشيء الفلاني» ويدعي الذهول والنسيان؛ كيف صار القضاة يكتبون في مستند البراءة؟ ولا ذهولاً ولا نسيانًا سدًا لباب وإلا فإذا ادعى العبد الذهول والنسيان» ربا يقبل الحاكم ذلك منه إذا كان مشهورًا بالدين» ولم يعهد عليه كذب ولا دعوى باطلة؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واشكروا فضل الواقف حين جعل لي الإدخال والإخراج؛ وإنه صح لي تقريركم في وظائفكم» ومساكنكم؛ وزيادة جوامك بعضكم» وإخراج من يؤذيكم في الزاوية؛ ولولا ذلك ما صح لي ولكم شيء من ذلكء. والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشيخ وكبراء الزاوية المجاورين إذا كثرت الخيانة في الزاوية: في سرقة النعال والأمتعة) وم يعرفوا السارق: أن يتوجهوا إلى الله تعالى في تأديب ذلك السارق؟ فإنه تعالى لا يغرب عن علمه شبيء؛ فيؤذيه تعالى إما بالإخراج من الزاوية؛ سافن الأساف» وده وتله ترش وه القلدةبالأكل دو الشرية والتردة والجماع» حتى يموت, أو يخرجه من الزاوية إلى بيت الوالي بسرقة تثبت عليه أو بتهمة من التهم» ويضربه المقارع والكسارات؛ ووضع الخوذة المحاة على رأسه؛ وغير ذلك من أنواع العقوبات؟ لانتهاكه حرمة ربه في حضرته؛ إذ المسجد بيت الله
-؟؟ -
الذي يناجيه عباده فيه مناجاة خاصة» فكان ما ذكرناه من العقوبات دون ما
ستحقه.
وتأمل يا أخي إبليس لا كانت معصيته في الجنة التى هي حضرة الله تعالى البرزخية» كيف كانت عقوبته اللعن والطرد من الحضرة؛ وتأبيده بعد ذلك في النار؟ وكم وقع غير إبليس في المعاصي؟ ولم يقع له ما وقع لوبليس؛ لكونه عصى في حجاب عن شهود حضرة الله يق فافهم.
ثم إن هذه الخصلة من جملة ما يعيبه علينا اليهود والنصارى؛ فإن النصراني أو اليهودي يضع نعله على باب الكنيسة أو البيعة» ثم يدخل فلا يأخذ أحد نعله؛ ولو مكث على باب الكنيسة شهرّاء زاعمين أن ذلك تعظيًا؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وتوجهوا إلى الله تعالى في تأديب من خخان في الزاوية؛ فإنه تعالى يعلمه» ولا تشتغلوا بالتهمة لبعضكم بعضًاء؛ فقد يكون من اتهموه بريئًا من مثل ذلك» ولو سبقت له بذلك عادة» وهذا الذي ذكرناه لكم من التوجه أولى» وقد فعلنا به في الزاوية مرات» ورأيناه أحسن من التهمةء وإن وقع للفقراء أخهم لاثوا بأحبٍ من فقراء الزاوية؛ فليكن ذلك من حيث كونه لم يحفظ ظاهره عن تعاطي ما يؤذن بقلة دينه» حتى صارت التهمة تقبل في حقه» ولو أنه كان حفظ ظاهره بإذن الله تعالى لكذب الناس كل من اتهمه بسرقة» وقالوا له: تكذب على فلان» وحاشا لله أن يكون فلان حرامي ونحو ذلكء» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي لخادم الفقراء من شيخ وجابي ونقبب: أن لا يقصد بخدمته الفقراء الأجر الأخروي؛ وذلك لأن من طلب الآخرة تبعته الدنياء ومن طلب الدنيا نفرت منه الآخرة» وقالوا: من أراد ببخدمته الآخرة وفق للصواب» ومن أراد بخدمته الدنيا
رقف
وفق للخطأء أي: وقع فيه؛ وقالوا: حقيق بجزيل الثواب من خدم فقيرًا واحدّاء فكيف بمن يخدم ما لا يحصى من الفقراء؟ وذلك لأن الله تعالى يدخل عليه من السرور بقدر ما أدخل على الفقراء بخدمته لهم وتخفيف التعب عنهم ومساعدتهم على عبادة ربهم» والوقوف بين يديه تعالى ولولا تلك الخدمة؛ لاشتغلوا عن عبادة ربهم بتهيئة أثر مقامهم» وربما جعل الله تعالى ثواب تلك العبادات التي عملها الفقراء في صحائف من خدمهم» من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
وليحذر شيخ الزاوية والنقيب من أن يكلف نفسه ما لا يطيق المداومة عليه عادة» إذا شكره الناس على ذلك» أو طلب به الأجر الأخروي؛ فقد قالوا: من يكلف في أعمال الدنيا أو الآخرة أدركه التعب والعناء» وكان كالذي حمل دابته في السفر الطويل فوق طاقتها؛ فلابد أن ترقد؛ فلا هو قطع الطريق» ولا هو أبقى ظهره؛ وهذا الأمر يقع فيه النقيب الذي عقله خفيف» فيوري أهل الزاوية الهمة والنشاطء أو الخدمة الزائدة» ثم تفتر همته ويكسل» وتسميها الناس نفحة الإسطبل؛ فليعامل النقيب ربه ونفسه بالرفق دون الخرق» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشيخ الزاوية ونقيبها: أن يكون قصير الأجل جدًا؛ ليستغنم خدمة الفقراء»ء ولا يسوق فيها؛ فإنها من الأعمال الصالحة بيقين» وإن خرجت عن الصلاح؛ فإن| ذلك الأمر عرض لاء وقد قالوا: من كان عالي الحمة في أعمال الدنيا والآخرة» وفاضت خدمته وفضله على أصحابه؛ فهو طويل العمر وإن قصر عمره؛ ومن كان دني الحمة» ولم يفض له فضل على أصحابه؛ فهو قصير العمر وإن طال عمره؛ وقالوا: ما واظب نقيب على خدمة الفقراء إلا ورقاه الله تعالى إلى مقام الأشياخ؛ كما أن من واظب الخدمة بباب السلطان لابد أن يفضي حاجته؛ وينال فوق
- 5/4
ما كان يؤمل.
وثما وقع: أن نقيب خطب ابنة السلطان» فقال له السلطان: أنت لا تقدر على مهرهاء فقال: وكم مهرها؟ فقال: من جملته عشر جواهر؛ كل جوهرة بعشرة آلاف دينار» فقال: وأين محل تلك الجواهر؟ فقال: في البحر المحيط» فأخذ النقيب قصعته. وذهب إلى ساحل البحر ينزح ماءه على الساحل» فمر عليه بعض الناس» فقالوا له: في ذلك! فقال: أنضحه؛ حتى أصل إلى الجواهر التي فيه أو أموت دونهاء فأخبروا بذلك السلطان؛ فأعجبه همته» فأرسل له فحضرء فقال: قد زوجتك ابنتي؛ فقل: قبلت نكاحهاء فقال ذلك فجعله وزيرًا له؛ لما رأى من علو همته؛ انتهى.
وكذلك الشيخ ربا أعجبهُ همة ذلك النقيب؛ فمده بالإمدادء وجعله +ذغة على الفقراء بعده» فخضعت له رقاب الملوك؛ كى) وقع ذلك لسيدي حسن التستري مع سيدي يوسف العجمي رضي الله عنهما.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #للته يقول: من شرط من يخدم الفقراء: أن يزين لهم ما يراه منهم من الصوابء فيزدادون بذلك بصيرة؛ فاعلم أبها الأخ واعمل نه والحمد لهرت العالمين.
وينبغي للنقيب: [أن يباب]" الشيخ | يباب الملوك؛ لأن الشيخ لا يدخل تحت التحجير؛ لما عنده من تأييد الحق تعالى له في حركاته وسكناته؛ ىا لا يدخل الملوك تحت تحجير خدامهم.
وفي كلام الحكاء ثلاثة أمور لا يتجزأ عليها إلا جاهل قليل العقل» ولا يسلم
)١( سقطت من المخطوطء ولعل إثباتها الصواب.
- هلالا -
من ضررها إلا قليل من الناس: صحبة الملوك والأولياء» وطلب الأمانة من النساء في كتماءين الأسرار» وحفظ نفسها بالغيب وشرب السم للتجربة» وقالوا: ثلاثة لا تنال إلا بعلو الحمة وعظيم المخاطرة وهي: خدمة الأشياخ» والخروج منها سانّاء وتجارة البحرء والمبارزة للعدو.
ينبغي للنقيب: أن يلوم نفسه إذا أبعده الشيخ» ومنعه دخول داره بعد شدة التقريب» ويكثر من الاستغفار» وليحذر كل الحذر من استصغار ذنبه في خيانة ليمونة» أو ثمرة» أو جديد نقرة؛ فإن ذلك ربا جره [إإلى]” الخيانة في أكبر الأمور, وقد قالوا: الأمانة تدخل العبد إلى صدر البيت» والخيانة تخرجه من صدر البيت إلى القعار» وقد قالوا: لا يكن كالفأر يخرجه أهل الدار» وينفونه عنهم مع شدة مجاورته لهم؛ لكونه يؤذيهم» وتأمل الباز كيف تدخله الملوك ويجالسونه ويجلسونه على أكفهم؛ مع كونه وحشًا غريبًا؟! لما فيه من النفع» فاعلم ذلك أبها النقبب» وإياك واللخنيانة ولو في حبة خردل والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ والنقيب وجميع الفقراء: ألا يركنوا لمن يكون تكرر منه الأذى في الزاوية لإخوانه» ويتوب وينقض التوبة؛ بل الواجب عليهم كلهم الحذر منه؛ لأن تكرار الأذى دليل على كون ذلك طبيعة له» والخروج عن الطبع عسير جدّاء وقد قالوا: إذا قبل لك: أنَّ جبلاً تحول عن مكان فصدقء وإذا قبل لك:إن فلانًا تحول عن طبعه فلا تصدق إلا بعد طول امتحان؛ فربا رجع إلى طبعه بعد سنة وأكثر» وقد قال بعض الحكاء: لا يغرك عدم لدغ الحية لك؛ إذ لو وطثتها برجلك؛ فتعود ثانا
)١( سقطت من المخطوطء ولعل إثباتها الصواب.
كلا
لو وطئهاء فتقتلك بسمها؛ فإن الطبع أغلبء وقد قالوا أيضًا: نحت الجبل بالأظافير أهون من مخالفة الموى؛ إذا استحكم في الفقراء؛ انتهى.
ويؤيد ذلك قول الفقهاء: إنه يشترط في الفقهاء التوبة عن ذنب» حتى يتتحقق عدم عوده إليه أن يمكث مدة تغلب على الظن أنه لم يبق عنده داعية تدعوه إلى الوقوع» وقدرها الأكثرون بسنة» وبعضهم بثلاث سنين» انتهى.
فليكن الفقير الذي كان يؤذي إخوانه» ثم رجع عن ذلك؛ كذلك لا ينبغي الركون إليه» إلا بعد مضي المدة التي تغلب على الظن علينا أنه صادق في توبته» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: أن يحذر جملة الفقراء: من أن يؤذوا أحدًا من إخوانهم إلا بطريق شرعيء لا تلبيس فيه» ونعلمهم أن الله تعالى لابد أن يأخذ للمظلوم حقه من الظالم؛ إما في الدنيا وإما في الآخرة» وأن الله تعالى من شأنه الحكم» وعدم المعاجلة بالعقوبة» وإنه ربما يعجل على الظالم من الفقراء بالعقوبة؛ فيظن أن ال حق تعالى عفا عنه وساعحه؛ والحال أنه ادخر عقوبته إلى الدار الآخرة» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشيخ: أن ينهي المجاورين عن عمل المكائد لبعضهم بعضًا؛ لثلا يرجع كيدهم عليهم ك] هو مشاهد؛ وما وقع أن جارية من جواري هارون الرشيد وقع بينها وبين أخرى عداوة» فا قدرت على تنفير الخليفة منها بوجه من الوجوه؛ فشرعت في العمل على قتلها؛ فعمدت إلى سم فوضعته في قصبة» وتركت عداوتها حتى نامت» وجاءت على ديرهاء» ووضعت القصبة في دبر تلك النائمة؛ تريد تنقح السم في دبرها فتقتلهاء فللا وضعت فمها على ثقب القصبة؛ لتنفخ السم خرج من النائمة ريح؛ فرجع السم مع الريح إلى حلقها فاتت؟ فمن هنا قالوا: لا تفعل مع
-لالا؟ -
أحد سوءًا فيرجع عليك مثله؛ فإياكم أبها الفقراء في أن تسعوا في إخراج أحد من الزاوية بغير حق» فيقيض الله لكم بحكم العدل من يخرجكم» ومن شك فليجرب» وإياكم أن تفعلوا مع أحد من الناس سوءًا مطلقاء إلا بطريق شرعي لا تلبيس فيه؛ فإن الله ولي كل عبد مظلوم, والحمد لله رب العالمين.
وليحذر خادم الشيخ» وبقية الفقراء من الخيانة لبعضهم بعضًا في أعمال الدنيا أو الآخرة؛ كأن لا يخدم أحدهم صاحبه إلا لرهبة أو رغبة» ولا ينصحه إلا لأجل ذلك؛ فإن الله تعالى قد أوجب النصيحة على كل مسلم مطلقاء وقال علماء الشريعة: إن النصيحة مشتقة من النصيحة التي هي الإبرة» فكما تؤلف الإبرة بين أجزاء الثوب» وتجعله كأنه قطعة واحدة؛ كذلك الناصح يؤلف بين أجزاء الدين بعد تفرقهاء فتجمع النصيحة للمنصوح دينه بعد تفرقته.
وسمعت سبدي عايّا المرصفي #الله يقول: من كتم عن إخوانه نصيحة؛ فقد عدم الرشد؛ وكان كمن كتم الطبيب مرضه. أو كتم الإخوان رأيه» فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وانصحوا بعضكم بعضًاء واخرجوا بذلك وأحبوا الناصح, والحمد لقنن العالمين
وليحذر فقراء الزاوية كالإمام والنقيب: من أن يعاقب أحدًا من أطفال الزاوية بغير سبب شرعي؛ كأن يطلب من الطفل أن يخدمه بحمل خبزه إلى التنورء أو شيله" الماء من البئر؛ فمن فعل ذلك مع أحد من الأطفال» فربما قيض الله تعالى له بحكم العدل من يعاقبه كذلك بغير سبب موجب جزاءً وفاقاء وقد قالوا: لا ينبغي للحاكم أن يعاقب أحدًا على الظن والتهمة؛ وإنما يعاقب على الأمر المحقق» بخلاف
)١( أي: يحمل.
-014؟-
السلطان؛ فإن مقامه يجل عن التقيد كغيره» ولا يدخل تحت التحجير سوى للتنازع فقط» بخلاف مؤدب الأطفال وشيخ الزاوية؛ لأن مقامه دون ذلك -اللهم- إلا أن يبلغ الشيخ مقام الاستطالة كالشيخ عبد القادر الحيلٍ #ه؛ فإنه يكون كالملوك؛ فى) أن من يخدم الملوك مخاطر بنفسه.» وديله») وجسمه؛ فكذلك من يخدم أكابر الأولياءء وني كلام الحكاء: من ذا الذي داخل السلطان فدام له منه الإحسان؛ فإن مثل السلطان في قلة وفائه بحقوق أصحابه؛ كمثل المكتب كلما خرج واحد جاء آخر» وقالوا: من شأن أكابر الأولياء الإطلاق كالسلطان؛ فهم يرضون عمّن لا يستحق
وينبغي للشبخ وأكابر الزاوية: أن يكونوا من أزهد الناس في الدنيا وشهواتهاء فلا يزاحمون بقلوبهم أطفال الزاوية على هدية دخلت الزاوية.
وسمعت سيدي علي الخواص #اله يقول: خير الأشياخ من أشبه النسر حوله الجيف». لا من أشبه اليف حوها النسور.
ويقبح على شيخ الزاوية: أن يكون من تصطاده الدنيا وشهواتها كالأطفال والنساء؛ إنما اللائق به الشهامة والعفة الدائمة» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» والحمد له رب العالمين.
ينبغي للشيخ والفقراء: ألا يغلطوا القول لمن تكرر منه العوج كثيرًا؛ فإنه كالحية في جحرهاء أو كالأسد في غابته» وقد قالوا: من عقل العاقل ال مرب ممن لا يطاق شره؛ وقال الحكاء: لا تطلبُوا تقويم من لا يستقيم» ووطنوا نفوسكم على تحمل البلايا إذا فعلتم خيرًا؛ فإنه لابد لكم منه» وقد قالوا: من سارع إلى فعل الخيرات تسارعت إليه البليات» وإياكم ومشاورة النساءء» وعشرة اللئام؛ فإن من
- 59/8
شاور النساء فتن» ومن عاشر اللئام أهين» وقالوا: إياكم ومعاونة أهل الإثم؛ فمن عاونهم كان شريكا لهم في عقوبة الآخرة؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وزنوا أفعالكم وأقوالكم بميزان الشريعة والعقل؛ والحمد لله رب العالمين.
ينبغي لشيخ الزاوية: أن يكون عنده شيء من علم الفراسة» فيعمل به في بعض الأوقات عند الحاجة إليه؛ وكثيرًا ما كنت أسمع سيدي عليًا الخواص #ثلته يقول: من علامة صاحب الكذب» والغيبة» والنميمة» والفجور: أن يكون عينه صغيرة كثيرة الاختلاج» وأنفه مائلاً إلى جانبه الأيمن» وما بين عينيه من الشعر ممتدّاء ويتكس رأسه إذا مشى» ول يزل يلتفت إلى ورائه» وفي كلام الإمام الشَّافِمِي 5ه: إياكم من معاشرة الأعرر» والأعرج والأشقر والأفجج"» وفي كل جسمه نقص؛ فإن فيه التواء» ومعاشرته عسرة؛ انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واحذروا من كان ببذه الصفات في الزاوية كل الحذر, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يرقي همة كل من يراه يخدم الفقراء» ويجلب إليهم المنافع الدنيوية والأخروية» ويأمره بأن يفعل ذلك على نية نفع الغير» لا على نية نفع نفسه هو بالأصالة ىا يفعله الحمقى؛ فإن ذلك قليل الأجر» وقد قالوا: من صنع المعروف لنفع نفسه في الدنيا؛ كطلب الفخر أو اكتسابه الأجر كان كالصياد. والذي يبذر الحب في الفخ لنفع نفسه لا للطير» وليس ذلك من فعل أصحاب العقول الكاملة. (١)الأفلَحُ الذي اغرجاجه في يديه» فإذا كان في رجليه فهو أَفْجَّجء والفَلِيجَةٌ: شقة من شقق الخباء. انظر: « هذيب اللغة» .)١7/5(
دهخ#!-
وسمعت سيدي عليًا الخواص الله يقول: لا تتم مروءة فاعل الخير» إلا أن يعفف بباطنه عن طلب العوض على ذلك في الدنيا والآخرة» فإذا تم له ذلك وجب عليه إظهار الفاقة» والحاجة إلى فضل الله وثوابه» وطلب ذلك من الله من باب الفضل والمنة؛ ىا طلبه الأنبياء في نحو قولهم: يإإِن أَجْرىَ إِلَا عَلَ أله ©(يونس: 078 فإن الله تعالى غني عن العالم» وما خخلق نعم الدارين إلا لعباده» انتهى.
وسمعت سيدي عليًا الخواص #للته يقول: ينبغي لشيخ الزاوية: أن يأمر الفقراء بجميع ما يكفيهم عن سؤال الناس» ويغنيهم عن الحاجة إلى أصحابهم؛ ليكسبوا بذلك عز النفوسء؛ وتعكف عليهم الإخوان؛ وما ذم الشرع إلا من يجمع الدنيا حرصًا وبخلاً» ولا ينفق منها على نفسه ولا على إخوانه؛ فيا جمع أحد المال وشح به إلا كانت عاقبته عليه شرا في الدنيا والآخرة» وقد قالوا ما الأهل والإخوان إلا مع المال» فمن لا مال لهء فلا أهل له ولا إخوان؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان واعملوابه. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن ينهي أقوياء الفقراء في الزاوية عن أن يظهروا قوتهم على ضعفائها وغيرهم؛ فإنه ما اغتر قوي بقوته على ضعيف إلا هد الله قوته» ونصر عليه الضعيف ولو بعد حين» وكذلك ينبغي له: أن يرشد المتعبدين في الزاوية إلى مقام الصدق» ولا يقنعون بثناء الناس عليهم؛ فقد أجمع القوم على أنه لا يسمى الفقير عابدّاء إلا إن كان يقوم النهار ويقوم الليل» ويحفظ جوارحه الظاهرة والباطنة عن جنيع الأشباه؛ كا أشار إليه قوله تعالى: «9 وَدَرُوا طهر ألِْنّمِ وَبَاطِتَد #6(الأنعام: )1١ وقالوا: لا يكمل صوم العبد إلا إن كان يفطر على الماء والخبز الحاف. ومتى أكل دسمً نقض صومه؛ ى) عليه غالب الناس» فا استفاده من الجوع بالنهار من النورء
-81؟-
خسره آخر النهار من ظلمة الدسم؛ وكأنه لم يصمء فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وحاسبوا نفوسكم» وزنوا أعمالكم بميزان أسرار الشريعة؛ والحمد لله رب العالمين.
وبنبغي للشيخ وفقراء الزاوية: أن يرشدوا من كان مرّ اللسان في الزاوية إلى حلاوة لسانه» ولا يتركوه كالثعبان يلدغ بلسانه ضعفاء الفقراء» وقد قالوا: الطعن باللسان أشد من الطعن بالسنان؛ فإن طعن السنان يندمل» وطعن اللسان لا يندمل» وربما دام جرحه إلى الدار الآخرة حين يقع الحساب.
وقد سمعت سيدي عليًّا المرصفي #للته يقول: ليحذر فقراء الزاوية من الوقوع في أعراض بعضهم بعضًا؛ فإن ذلك أشد من الجراح بالسهام؛ لأن الكلام الذي يؤذي إذا وصل إلى القلب لا يمكن خروجه منه؛ بخلاف النصل من النشاب مثلاً؟ فإنه يمكن استخراجه.
وسمعته يقول: يجب على فقراء الزاوية كظم الغيظ» والتغافل عن جواب الكلام الذي يؤذيهم» وعدم مقابلتهم بمثله؛ لاسيم| الوجوه الني تقابل بعضها بعضًا طول النهار والليل» وسمعته#ه يقول: من أراد السلامة من المخاوف والريح العاصف. فليكن كالتشيش تميل مع الريح» حيث مالت به وليس له اختيار» وتشهد القلوب كلها أنه لاغرض له في ذلك الميل؛ وإنما حركته فسرته؛ فلا يؤاخذ بها.
وينبغي للشيخ: أن يحذر الفقير من الركون إلى إحسان عدوه له على خلاف عادته معه؛ فربا أحسن إليك عدوك خديعة؛ حتى تميل إليه» فيئال منك غرضه بالأذى» فاعلموا ذلك أيها الإخوان, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يعمل كل واحد منهم على تحصيل مقام العفة والإيثار؛ بحيث يصير ذلك سجية له لا يتكلفه. لاسي) أكابر الزاوية؛ كالإمام
- 585 -
والنقيب» والجابي: مؤدب الأطفال» فيقبح على أحدهم أن يقوم يزاحم الأطفال على فلوسء أو هدية دخلت الزاوية» أو تحد به نفسه بأن يأخذ من ذلك وقد صح عندي بحمد الله جماعة في الزاوية قلبهم فارغ من حديث نفس تأخلذ شيء دخل الزاوية؛ تقديً) للعمل بالعفة والإيثار» حتى أن بعضهم إذا فرق النقيب الحلاوة ليلة الجمعة في الليل لا يقبل شيئًا من ذلك» ويقول: هذا إنا يأتي به صاحبه؛ ترغيبًا للأطفال وصغار العقول الذين ضعفت داعيتهم عن الخير» فرب| يغلب على أحدهم النوم وهو يناجي ربه» فيعطيه النقيب حبة عقيد» فيستيقظ ويذهب نومه؛ فمثل هذا كأنه ينادي على نفسه: ألا اشهدوا أن حبة العقيد عندي أعظم [من]” مناجاة ري» انتهى.
فعلم أن كل من زاحم على هدية» أو حدثته نفسه بأن يأخذ من النقيب الحلاوة التي تفرق في الليل؛ فهو من جملة الأطفال؛ وإن كان له لحية بيضاء» وممن علمته تحقق مبذه الصفة: الشيخ الصالح أبو بكر بواب الدشطوطي» فأخبرني الثقيب أنه يعجز فيه أن يأخذ شيئًا من الحلاوة» فلا يقدر عليه؛ قالله تعالى يكثر في فقراء القوم من مثله آمين... آمين.
وللشيخ وكبراء الزاوية أن يعمل أحدهم على تحصيل مقام تحمل الأذى؛ تأسيًا بأخلاق الله تعالى ىا أشار إليه قوله يَلِةِ: «لا أحد أصبر عل أذى من الله وَبْ)”"2, انتهى.
فإنه تعالى ما أعلمنا بمثل ذلك؛ إلا لنقتدي به في ذلك» وإلا فهو تعالى لا يدخل في حد الأذى الواقع لخلقه؛ لأنه تعالى هو الخالق لأفعال عباده كلهاء فافهم. )١( سقط من الأصل. (؟) رواه مسلم (5/ ))275١75 وأحمد (4/ 746) بلفظ: ١ لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله...».
- 189-
سمعت سيدي عليًا المرصفي له يقول: يتعين على شيخ الزاوية وفقرائها: أن يعمل أحدهم على تحصيل مقام الانشراح كلم آذاهم الناس» حتى يصير أحدهم يتقيض خاطره إذا لم يجد من يوصل إليه أذى من أعدائه؛ محبةً في التخلق بأخلاق الله دْء وطلبًا لتحصيل مقام الكال» ولولا أن تحمل الأذى مقام كبال» ما أضافه الحق تعالى إلى نفسه؛ فإن قال قائل: إن الجزء البشرئ الذي في كل إنسان لا يمكن أن ينشرح بالأذى» فالجواب أن هذا الجزء يدق في الفقراء بالرياضة والعلاج» حتى لا يكاد يحس به إلا كل حاذق لدقته؛ فكأنه معدوم لقلته» فلا يظهر عن صاحبه تأثير» ولا تكدير با يقال فيه من العيوب والنقائص مثلاً؛ فافهم» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وجماعة الزاوية: أن يعمل أحدهم على تحصيل مقام التلذذ: بطول العبادة في الليالي الطويلة الباردة» حتى يصير قلبه يخفق كلما تذكر طلوع الفجر؛ كما يخفق إذا قرب من معصية؛ محبةٌ في مناجاة ربه وده ثم العمل على مقام [التضرع]" من المناجاة وطول السهر» حتى يصير كأنه واقف, أو راكع؛ أو ساجدء أو جالس عل الجمر؛ فرحًا بمفارقة حضرة الله قكَ؛ أن يكون مثله واقمًا بين يديه تعالى عند حال سلوكه؛ فإن بعضهم قال: من حصل عنده ثقل بطول مجالسة الله و3, فقد أساء الأدب مع الله كبك ورجح ذلك الثقل في الإثم على حصول أجر ذلك السهر الطويل» وفي تلك العبادة» انتهى.
وبالجملة فيحتاج العبد إلى عدة عيون» فعين يستغفر منها إذا شعر بالثقل من مناجاة ربه وبْكْ ومحبته؛ لفراق تلك الحضرة الشريفة» وعين يفرح منها لفراقها؛ لعدم
)١( غير واضحة بالأصل.
-584-
رؤية نفسه أنها أهل لمناجاة الله وَنَك, ى! قررناه من مرارّاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يحذر الساذجين من الفقراء من عشرة قرناء السوء؛ فإن الطبع السليم الساذج يسرق جميع ما كان في جلسة من خير أو شرء ولو على طول؛ وفي كتاب «سياسة الملوك»: قل ملك ابتلي بوزراء السوء, إلا وألقوه في المهالك؟ فإذا كان هذا في حق الملوك مع كمال عقوهم» فكيف بآحاد فقراء الزاوية؟
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #اله يقول: ما وثق أحد بأمانة نفسه إلا وخانته في الأمانة» وما قال فقير: إن عشرة الأرزال لا تؤثر فّ» إلا وصار من الأرزال؛ انتهى.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان؛ ولا يستبعد أحدكم وقوعه في مثل فعل الأرزال إذا خالطهم؛ فإن الطبع سراق» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي لمن يجاور ني الزاوية: أن يكون كثير التواضع كثير الأدب إن أراد الترقي في المقامات» والثناء من ورائه ىا هو بحضرته؛ فقد قالوا: من تكبر وطلب الثناء الحسن» أو أساء الأدب وطلب الشرف؛ فقد أخطأ الطريق» وقالوا: ما تكبر أحد وأساء الأدب إلا وتقرب منه أصدقاؤه؛ وذكروه من ورائه بكل سوءء وما استهان شيخ الزاوية بضعفائهاء وأكرم أقويائها إلا واستحق العزل من تلك المشيخة؛ كها يشهد لذلك حديث: الا قدس الله أمة لم يأخذ قويها الحق لضعيفها»"» أو ى| قال: فاعلموا ذلك أيبا الإخوان» وكونوا عباد الله إخواناء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية إذا غضب الشيخ على فقير: أن يتمه لوا في تطيبب
)١( رواه البيهقي في «اشعب الإيهان» »)8١/7( والطبراني في «المسجم الكبيرة )١١8/11( بنحوه.
-1588-
خاطره عليه؛ حتى يبدأهم الشيخ بالتربص لذلك؛ وليحذروا أن يطلبوا من الشيخ أن يطيب خاطره على ذلك الفقير» قبل أن يرى الشيخ استحقاق الفقير بذلك؛ فإنه سوء أدب مع الشيخ ومع ذلك الفقير.
سمعت سيدي عليًا المرصفي #اللله يقول: يجب على فقراء الزاوية: أن يعتقدوا في شيخهم أنه ما هجر فقيرّاء أو طلب إخراجه من الزاوية إلا لمصلحة تعود على ذلك الفقير لا تشف للنفس» ولو كان ذلك مخلوطًا بحظ النفسء فلا ينبغي للفقراء رد الشيخ عن عقوبة ذلك الفقير قهرًا عليه» وقد قالوا: لا يطلب من الملك إذا غضب المشي على الاستقامة؛ فإن السلطان إذا غضب لا يلتفت لقول أحد» ويستوي عنده صغير الأمور وكبيرهاء انتهى.
فالحقوا أيها الفقراء الشيخ بهذا الملك» واصبروا عليه حتى تخمد نفسه ذلك الفقيرء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يبادر لإخراج أحد من فقراء الزاوية بسبب شيء من التهم؛ إلا بعد مشاورة جميع إخوانه وأكابر الزاوية» فقد قالوا: الشيخ في زاويته كالسلطان في مملكته؛ فى] لا ينبغي للملك أن يبادر لعقوبة أحد بالتهم؛ إلا بعد مشاورة أصدقائه ووزرائه مرارّاء فكذلك الشيخ؛ لأن ضرر المسلمين أمره شديدء فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وعليكم بالحكم على كل من قل أدبه من فقراء الزاوية؛ حتى تخمد نفوسكم من حمية الجاهلية» ومن العصبة» وكونوا مع شيخكم فيا يريد تفلحواء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشيخ الزاوية إذا كان ناظرًا على وقفها: ألا يغفل عن محاسبة الجابي كل سنة» فيخلص ذمته وذمة الجابي؛ فإنه مسئول عن ذلك يوم القيامة» وإن علم الشيخ
- 581-
من نفسه مشقة الالتفات إلى الدنياء فليوكل من يحاسب الجابي ممن له معرفة بالحساب.
ثم إنه ينبغي له: أن يعلم الجابي أول السنة» أنه لابد أن يحلفه آخر السنة على أنه ما اختلس شيئًا من مال الوقف من وراء الشيخ والفقراء؛ ليأخذ حذره من التساهل بأخذ شيء لا تسمح نفوسهم بهء زيادة على معلوم الجباية الذي عينه له الواقف أو الحاكم الشرعي» وصورة الحلف أن يقول الحابي: اللهم إن كنت اختلست شيئًا من مال هذا الوقف؛ ما لا تسمح نفوس أقراني به لو علموا به فأنزل على جسمي بلاء من بلائك لا ينفع فيه طبيب» ويمنعني لذة الأكل» والشربء واللماع» حتى أموت؟ هذا صورة اليمين إن كان صادقًا؛ وذلك ليؤاخذه الحق تعالى على اختلاسه بسؤاله هو لربه» ولا يكون على الناظر تبعه من تلك المؤاخذة» وكان سيدي الشيخ أبو الحسن الغمري يفعل ذلك مع جابي وقف الجامع؛ فكان الجابي إذا علم اشتغال ذمته بشيء من الوقفء يصير يحلف ويتلجلج؛ وربما امتنع عن الحلف؛ خوفًا من نزول البلاء به انتهى.
وأنا أوصي الناظر من بعدي على وقف زاويتنا: أن يفعل مثل ذلك مع الجابي؛ ليخلص ذمة كل منهما في الدنيا قبل الآخرة» واللحمد لله رب العالمين.
وينبغي للمتعبدين في الزاوية: أن يحذر أحدهم من التعريض للناسء إنه على طريقة حسنة» ولو على سبيل التحدث بالنعمة؛ فإن الشيطان ربا زين له ذلك» فذكره على سبيل التحدث بالنعمة» ثم لما اطمآن له عين نيته» وزين له حب الرياء والسمعة» وصارت أفعاله تكذب دعواه؛ نظير من يصف نفسه بالزهد» والورع» والعفة» والقناعة» وهو عين بطنه كبطن الدبء وقد قال أهل العقل: ثلاثة تسخر
-لاخ؟ -
منهم الناس:من وصف نفسه بالنبل» والعبادة والورعء والعفة؛ وهو سمين غليظ لا خشوع عنده ولا رقة» والمرأة التي تزعم أنها عذراء أولأء وليست بعفيفة ولا حَصّانء والذي يدعي أنه شهد القتال» وأسر الرجال» وسبي الذراري» وليس له أثر ضربة ولا طعنة؛ فليحذر الفقير من مثل ذلك ولا يتكلم إلا با كان عليه شاهد منه؛ والحمد لله رب العالمين.
وليحذر أكابر الزاوية من تعليم الجهلاء العلم إلا إذا زاد عليهم علامات القول والصلاح. ف! كمل علم ينفع صاحبه.
وسمعت سيدي عليًا امرصفي الله يقول: من الجهل تعليم العلم للجاهل الذي لا يقبل وعاؤه العلم» والتحريش بالسفهاء الذين يقعون في أعراض كل من خالف أهواؤهمء وإفشاء السر لغير الثقة؛ فاحفظوا نفوسكم أبها الإخوان من الوقوع في شيء من هذه الثلاث خصالء ولا تتساهلوا فيها تندمواء والحمد لله رب العالمين.
وعليكم بمواصلة إخوانكم الذين كانوا في الزاوية؛ ثم خرجوا منها إلى بلادهم؛ أو مكان آآخر في البلد» قال تعالى: 9# ولا كَنْسوأ ألْفَصْل بسكم #6 (البقرة: /180) وإياكم أن تتساهلوا بالإحسان إلى أخبكم؛ وترك إرسال هدية أو مكاتبة إليه؛ فإن ذلك جفاء يسرع بقطع الود من القلب؛ كا أن من لم يسرع بالثناء على المحسن؛ أو لم يعترف له به قطع وده من قلبه؛ فافهموا ذلك؛ وامشوا على ترتيب الوجود تفلحواء والحمد لله رب العالمين.
وعليكم بالتباعد عن الكذاب؛ والذي لا يملك نفسه عند الغضب» والسلطان الذي يرتب العظائم من غير مشاورة النصحاء والوزراء؛ فإن هؤلاء
خخ -
الثلاثة يعملون بغير الحق» ورجوعهم إلى الصواب عسر جدّاء وكذلك أوصيكم أيها الإخوان: بعدم الضحك أو بقلته إلا لضرورة؛ لاسي) بحضرة الأكابر الذين يستحى منهم عادة» فقد قالوا: أربعة لا ينبغي الضحك بحضرتهم: السلطانء والفقير» الناسك؛ والساحرء والسيى الخلق.
وعليكم بمعرفة صديقكم وعدوكم؛ لتعطوا كل منه) حقه في المحبة والقرب والمداراة» وقد قالوا: من اتخذ صديقاء وأضاع حق أخيه؛ لأجله حرم ثمرة تلك الصداقة» عقوبةً له على تعديه الواجب» ورب أيس أهل مودته من وده وبعدوا عنه» واعلموا أن كل من رجوتم منه الخير فهو صديق» وكل من رجوتم منه الشر فهو عدو وعليكم بمؤاخاة كل من يعترف بالجميل ويراه كثيرًاء وإن كان قليلاً» وإياكم من يكون بالضد من ذلك» وقد قالوا: إذا لم تجد أحدًا يعرف مقامك؛ فأنت معدود مكاي وا مور ا ب وقالوا: من البلاء المبين الذي من العدو وفراق المحب؛ لاسيّما إن كان العدو قريبًا أ جارًا.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي الله يقول: من عقل الفقير إذا ابتلى بمخالطة عدو في الزاوية أو في الحارة أن يصاحه ثم يصانعه» ويظهر له الود والمحبة» وتعجل الانصراف من مجلسه إذا وجد إلى ذلك سبيلاً» وعليكم أها الإخوان بعدم الركون إلى أحد من المخلق» ولو قريبًا أو جارًا.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي تله يقول: من عقل الفقير إذا ابتلى بمخالطة عدو في الزاوية أو في الحارة أن يصالحه» ثم يصانعه؛ ويظهر له الود والمحبة» وتعجل الانصراف من مجلسه؛ أو وجد إلى ذلك سبيلاً» وعليكم أبها الإخوان بعدم الركون
-15848-
إلى الخلق ولو قريبًا؛ فقد قال بشر الحافي: العاقل يعد أباه صديقّاء وأخاه رفيمّاء وزوجته إلقاء وابنه ذكرّاء وابنته خصومة» وقريبه غريّاء ونفسه فردًا وحيدّاء ومن ركن إلى أحد من هؤلاء» وجعله كالجزء منه فهو أخرق العقل؛ لاسيهما إن كان ذا مال؛ فإن هؤلاء كلهم يتمنون مكانه.
وعليكم أيها الإخوان با يزيدكم وذَّاء أو يسهل عليكم أرزاقكم» ويرضي عنكم ربكم وإخوانكم؛ وذلك بكف الأذى» وحسن الأدب» ومجانبة الريب» وحسن الخلق والإكثار من العمل الصالح» وعليكم بمجانبة الأشرار» ولو كان [ذا]” مال؛ فقد قالوا:
من لم ينفق ماله؛ فهو شل عليه.
ومنكانت زوجته تميل إلى غيره» فهي شر عليه.
ومن كان ولده عاصيًا لربه» فهو شر عليه.
ومن كان له أخ يخذله» ويخاف من شره؛ فهو شر عليه.
ومن كان ساكنًا في بلد لا يطمئن على نفسه فيهاء فهو شر عليه.
ومن صحب من لا عهد له؛ ولا وفاء بذمة» ولا يرجوا منه خيرًا إلا إن أسدى إليه مثله» فهو شر عليه.
وعليكم بالقناعة باليسير من الرزق في زاويتكم؛ ما دمتم تجدون فيها ما يسد رمقكم ومعيشتكم, على القيام با أنتم فيه من الأوراد وغيرهاء وأحدكم أمين في خلوته أو ببته؛ فإن ذلك خير لكم من التوسع في الدنيا وشهواتهاء مع نقص العيش» )١( زيادة ولعلها سقطت من النسخة.
-عء88
وعدم الأمن» وعليكم أيها الإخوان بالعفو» والصفح عن كل من جرح عرضكم من الأقران؛ فإنه ما جرح عرضكم إلا حين رأى رجحانكم عليه في العلم» والعمل» وإقبال الناس عليكم بالاعتقاد فيكم دونه؛ فقصد بتجريحكم أن يرد حالكم إلى حاله؛ وني كلام الشيخ أب المواهب: لم تزل الأشراف تبتلى بالأطراف. ولم تزل الجهال تحسد العلماء» ولم تزل الحبناء يحسدون الشجعانء ولم تزل الأشرار يحسدون الأخيار؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعرفوا زمانكم وأهله. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا فرغ قمح الزاوية»؛ وصار الأصحاب يفتقدون فقراءها بالقمح من الك والصدقة ألا يأكل من ذلكء؛ بل يشتري له من السوق كل يوم رغيفًا يأكله؛ لاسيم| إن كان في ذلك القمح رائحة بتحريمه؛ كل ذلك ليكون الشيخ مرفوع الرتبة على فقرائه» ولا يكون كأحدهم في مهيأة ال همة؛ فإن مقام الرجولية فوق ذلك فهنيئًا لأصحاب الحرف الذين يأكلون من كسبهم دون صدقات الناس» وقد فعلت بهذا الخلق مرات» لما فرغ قمح الزاوية من زرعي ومن الوقف.
وينبغي للشيخ: أن يعلم المجاورين الأدب مع كل فقير دخل الزاوية لصلاة أو غيرهاء وأن يقوموا له» ويقبلوا يده ويسألونه الدعاء؛ ى) قال الجنيد لأي حفص الحداد- رضي الله عنهم|-: قد أدبت أصحابك أدب الملوك» فقال أبو حفص: إن أدب الملوك دون أدب أهل الله وَيك.
وبقبح على فقراء الزاوية أن يدخل علبهم شيخ من أشياخ الطريق» فلا يقوم له أحد ولا يسلم عليه؛ لما في ذلك من الإزراء به وفتح باب اللوث بشيخ الزاوية؛ حيث لم يعلم أصحابه الأدب مع الأشياخ, والحمد لله رب العالمين.
-91؟1-
وينبغي لأرباب الوظائف في الزاوية: أن يكرموا من سدّ عنهم من إخوانهم في وظائفهم؛ من فراش» ووقاد. وميضأة» وغير ذلك» وإن لم يطلب هو منهم عوضًا؛ فإن في كل إنسان جزءًا يحب العوض الدنيوي» ولا يجد له داعية لفعل الخير إلا به؛ وقد جربنا ذلك كثيرًا في فقراء الزاوية» فيجعل أحدهم الخير من أذان» أو خدمة ميضاة؛ أو مباشرة سقاء» مدة» ثم بعد ذلك ينظر إلى العرض» حين يرى أرياب الوظائف يقبض أحدهم جامكية؛ ولا يعطيه شيئًا؟ فاعلموا ذلك أيها الإخوان.
ولا تأكلوا معلوم وظيفتكم من غير مباشرة لما؛ فإن ذلك حرام؛ وإن تعذر عليكم المباشرة» فاستبينوا لكم أحداء والله يترلى هداكم.
وينبغي للشبخ: أن يتفقد حال المجاورين الذين خالطوا أبناء الدنياء ا ل ا عن حال الفقراء» وفتح عينه لحال أبناء الدنياء ويقول له الشيخ: إز نى أخاف عليك من تمويل الت ؛ لقلة مكزلةة ويقول له انظر إل أهللك الأدين فاركتهنم في الزين من أخ» وعمء وابن عم وجارء وانظر إلى ملابسهم ومأكلهم» وما أنعم الله به عليك من: السرّباتِ” البعلبكي والجوخ الرفيع؛ والعمامة الرفيعة» والثوب الرفيع؛ ونحو ذلك ما ليس هو عند شيخ بلدك؛ فلعل أحدهم يتذكر ما هو فيه من النعمة» ويشكر ربه على ما هو فيه؛ فإن نعمة مجيء العبد من بلاد الريف إلى مثل مصر من أكبر نعم الله عليه؛ | أشار إلبه قول يوسف الفلا: و وم لَحْسَنّ ب إذ لحن من ينجن وج
من ادر (يوسف: )٠٠١ فرأى مجيء إخوانه من البدو من أكبر الإحسان إلى 598 فإياكم أيها الإخوان من استبيان نعم الله تعالى عليكم» فربم| حوها عنكم
() هي ثياب غلاظ.
-؟59 -
وردكم إلى مخالطة الفلاحين وسكنى الريف. وصار أحدكم في أسوأ حال؛ يحكم فيه المباشرون من النصارى إن عمل مباشرات بلد؛ ولا يصير يقدر على شراء جوخة» ولا عمل مضربة بعلبكي» ولا شيئًا من النعم التي كانت عليه في مصرء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لأصحاب الجوامك من فقراء الزاوية: ألا يحضروا معهم أحدًا ممن لبس له جامكية وقت القبضء إلا إن كانوا يقاسمونه في الجامكية؛ وذلك لثلا ينكسر قلوبهم» ويكون على أصحاب الجوامك اللوم؛ ويقبح على من يدعي محبة أخيه أن يتخصص عنه بشيء من الدنيا؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا به يحصل بينكم التعاطف والمحبة» ولا تطلبوا من إخوانكم الفقراء المحبة مع عدم البر؛ فإن ذلك عزيز وجوده في غالب فقراء الزواياء وإنما ذلك خاص بالفقراء الصادقين الذين راضوا نفوسهم, حتى باشر صريح الإيهان قلوبهم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: أن يمثي بالعدل بين فقراء الزاوية في دنياهم وأدياهم» ويحمي كل من يحبه عن الدخول في أمور الدنياء ويجعل في الدنيا من كان دون إخوانه عنده في المحبة؛ تأسيًا بأخلاق رسول الله يل فقد ثبت عنه أنه كان يعطي أصحابه العطاء» ثم يقول: (إن الذي منع أحب إلي من الذي أعطى»”" انتهى.
وينبغي للفقير إذا طلب من الشيخ: أن يجعله صائئًا لمال الوقف مثلأء ومنعه أن يشكر فضل الشيخ على ذلك» ويقول: لولا أنه يحبني ما منعني من الدنياء وقد ورد في الحديث مرفوعا: (إن الله كبك ليحمي عبده المؤمن من الدنيا؛ ىا يحمي
.)19/0( رواه البخاري (511/1)) وأحمد )١(
-_ 1
الراعي الشفيق غنمه من مراتع الحلاك)”) انتهى.
وقد كان يك يقول: «إن الدنيا حلوة حضرة» وإن الله تعالى مستخلفكم فيهاء فناظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا» واتقوا النساء»" فإذا كان هذا خطاب رسول الله يلو لأصحابه الذين هم أفضل الناس من أمته» فكيف بأهل النصف الثاني من القرن العاشر أبي العجائب والغرائب؟ وفي الحديث أيضًا: أن رسول الله يله قال يومًا لأبي ذر 5ه: «إني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين ولا تلين مال يتيم»”.
وسمعت أخي أفضل الدين #لتكه يقول: لابد لفقراء الزاوية التي ها وقف من جابي يجبي خراجها؛ فإن وجد الشيخ أميئًا زاهدًا في الدنيا؛ فمن العقل توليته» وإن لم يجد أميئاء أو وجده ولكن حاف عليه من الخيانة في المستقبل» وأنخذ شيء لنفسه وعياله» فمن علم الشيخ والفقراء؛ فلا ينبغي له توليته» حتى يقول بلسانه: اللهم إن أسألك بأسرائك؛ وأنبيائلك» وأوليائك إن خنت في هذت الوقفء أن ينزل على البعيد بلاء من بلائك في جسده. لا ينفع فيه حكيم» يمنعه لذة الأكل والشرب والنوم إلى أن يموت؛ فمن قال ذلك فليوله الشيخ الجباية» وحينئلٍ يصير ا حق تعالى ولي الشيخ والفقراء في أمر الوقف» فيؤاخذ ذلك الجابي؛ عملاً به سأل ربه فيه» انتهى.
وهذه حيلة للشيخ والفقراء في دفع من يطلب الجباية لوقفهم؛ ممن يخاف عليه الخيانة؛ وأما من كان يعرف من نفسه الصدق في الأمانة» فلا يبرب من هذا الدهاء (1) رواه البيهقي في شعب الإيمان (1/ 2771 وذكره المناوي في فيض القدير (؟5/ 594).
(؟) رواه مسلم »)5١98/5( والترمذي (5/ "147). (1) رواه مسلم (”7/ »)١461/ والبيهقي في السئن الكبرى. (1/ .)١79
غ58 -
على نفسه؛ بل يدعو به وهو منشرح؛ لعلمه من نفسه عدم العزم في المستقبل على أخعذ شيء من غير علم الشيخ والفقراء» بحيث لو عرض عليه لا يسمحون له به.
وسمعت سيدي الشيخ أبا الحسن الغمري #كلله يقول: من علامة خيانة الجابي: أن يزيد في ملبسه ومأكله وأمتعة دارة عبا كان عليه قبل الحباية» ومثل هذا إن كان دعا على نفسه بالدعاء المتقدم قبل دخوله في الجحباية» فلا بد من نزول البلاء عليه قبل موته؛ إما بالمتب الفرنجئ» وضربان المفاصل؛؟ وإما بتجرد الكلى» وتقطعها ني بطنه» ونزوطا من دبره؛ وإما بحاصر البول» والحصيا"» والفتاقات» والبواسير» والشقاق» ونحو ذلك مما يصير يتمنى الموت منه فلا يجاب.
وقد وقع مثل ذلك.لشخص عند في الزاوية؛ فكان الحكيم إن داوى مرضًا تحرك عليه المرض الآخرء. إلى أن مات؛ وذلك لأن ولي الله ووقف زاويتي؛ لعدم قدرني على إلقاء بالي إلى ما يدخل من خراجهاء وما يخرج على التفصيل» فقلت: اللهم أنت ول في هذا الوقف.. وما مع الله لعب؛ وإن كان عندكم أبها الفقراء شك» فسوف يظهر لكم صدقي» فيمن يخون بعد هذين. الشخصين اللذين ذكرته)؛ فاعلموا ذلك» واستكفوا البلاء» والحمد لله رب العالمين..
وينبغي للشيخ إذا رأى جماعة الزاوية يميلون إلى القراءة في البيوت أو المقابر بالفلوس» وبقولون: إنما نقرأ جبرًا لخاطر الإخوان» لا محبة في الدنياء وأكل الحلو واللحم» أن يقول لهم: استخفوا نفوسكم» وأعرضوا عليها ما إذا دعوكم القراءة بلا فلوس» ولا أكل؛ ولا شرب هل كان ذلك يخف عليكم؛ كما يخف عليكم القراءة بالفلوس والطعام؟ فإن كان الأمر متساويًا عندكم» فلا حرج عليكم في القراءة
)١( يقصد حصوة الكُل- نسأل الله العافية.
-15960-
بالفلوس والطعام» وعلى ذلك يحمل قول العلماء: أنه يجوز أخخل الأجرة على تلاوةالقرآن؛ لأن به يخرج العبد عن ببع ثواب القرآن بعرض من الدنياء الذي نبى عنه الشارع؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء» واعملوا به.
ولا يقرأ أحدكم بفلوس» وبدعي على أن همته ليست للدنيا؛ وإنما هي حبر خاطر أخيه المسلم؛ فإن الناقد بصير» وقد فعلت أنا بذلك مع بعض المجاورين المحبين للدنياء فرب| ترك أحدهم السهر معنا في ليلة الجمعة؛ لتلاوة القرآن» والذكرء والصلاة على رسول الله يك وخرج يقرأ في القبور» ويزعم أنه يحب تلاوة القرآن أكثر من الذكر والصلاة على رسول الله كَل فقلت لهم: إن كنتم صادقين» فخذوا عن مجلسنا ليلة الجمعة جانب» واتلوا القرآن من العشاء إلى الفجر بغير فلوسء وانظروا؛ فإن كان يخف عليكم المداومة على القراءة بالفلوس» وأكل الحلو واللحم؛ فأنتم صادقون في محبة تلاوة القرآن؛ قربةٌ إلى الله تعالى فنظروا في نفوسهم» وافتضحوا واعترفوا لي بالنصح؟ فأسأل الله من فضله أن يجعل جميع إنخواني من المحبين للآخرة» ويحفظهم من التخليط والغش لأنفسهم -آمين اللهم آمين- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب إذا احتاج فقراء الزاوية إلى قمح» أو عدس» أو حطبء ونحو ذلك؛ ودَرْوَرٌ" لهم أن يدروز بلياقة وعزة نفس؟؛ وذلك بأن يمهد لذلك الأمير» أو الكبير الذي يريد يأخذ منه حاجته ببساط يريه فيه أن الحظ الأوفر له في ذلك؛ بحكم الأصالة» ونفع الفقراء إن| هو بحكم التبع؛ وذلك ليكسب الأمير أو الكبير الأجر )١( الدَّزرٌ: واحد دُرُوزء الثوب ونحوه وهوفارسي معرّب, وعن ابن الأعرابي أنه قال: الدَّرْرُ نعيم الدنيا
ولذَّاتَا ويقال للدنيا: أَحُدَوْنْ وربيا يتصد هنا بالدرز طلب أشياء الدنيا من أمير ونحوه. وانظر: لسان لبرت دور ا لالت يساك نا عا جز
- 11
والثواب» مع عدم هضم خباب الفقراء» وإظهار ذلحم له. وحاجتهم إليه» وقد كان لي نقيب اسمه الشيخ إبراهيم السندبسطي #لهإذا دروز للفقراء يدخل على الأمير» فيسلم عليه على لساني سلامًا كثيرًاء ويخبره بشدة محبتي له. وكثرة ثنائي عليه بحسن النية في الأعبال الصالحة» وحسن معاملته لله وَبدْ» ويقول له: طلب بعض الأمراء أن يرسل للفقراء شيئًا من القمح, أو الأرزء أو العدس مثلء فقال سيدي الشيخ: إن أرسل لكم شيئًا فلا تقبلوه؛ خوفًا من أن يرى لنفسه المنة على الفقراء بذلك» ولا تقبلوا شيئًا إلا نمن يحبكمء ويحسن إلبكم لله تعالى مع رؤيته الفضل بكم عليه؛ بقبولكم هديته؛ أو صدقته لصاحبنا فلان» ويشير إليكم» وأسأل الله تعالى من فضله أن يسبغ عليكم النعم» ويزيدكم إخلاصًا في أعالكم كلهاء انتهى.
فاعلم ذلك أبها النقبب واعمل عليه؛ فإن الكذب في مثل ذلك جائز على لسان الشيخ؛ قياسًا على الكذب لإصلاح ذات البين» أو على الزوجة التي لها ضرة؛ وقد احتاجت مرة للقمح» فذهب النقيب إبراهيم ب#للكه إلى بعض الكشافء وقال له: قد طلب الكاشف فلان أن يرسل لنا الزاوية أمس ثانين إردبًا من القمح» فقال سيدي الشيخ: لا تأخذوا منه شيئّاء فإنه بلغنا أنه يكره صاحبنا فلانّاء وذكر اسمكم؛ فلم سمع الكاشف الثاني بذلك أرسل لنا أربعين إردبًا سابقة في المحبة» والأجر لذلك الكاشف الأول. والحال أن الشيخ إبراهيم كان غير صادق في أن ذلك الكاشف طلب [أن]" يرسل للزاوية شيئًا؛ إنما قصد بذلك تحريض الكاشف الثاني» والأععال في مثل ذلك بالنيات» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا رأى عند المجاورين مللاً من قراءة القرآن» والذكر )١( زيادة ولعلها سقطت من النسخة.
-/ا6؟ -
وغيرهما من الطاعات في أيام رمضان وغيره: أن يجلس معهمء ويقرأ ويذكرء أو يصلي» أو يسبح تقويةً لقلوبهم؛ فإن غالب فقراء هذا الزمان قد حجبوا عن شهود الحق تعالى في عباداتهم» وعن شهود الجزاء على ذلك بلا شك عادة» وفي الحديث: ااعجبت من الجنة كيف ينام طالبهاء وععجبت من النار كيف ينام هاربها»”, انتهى.
وقد فعلت أنا بهذا الخُلق مرارًا مع المجاورين» فأترك وردي الخاص ب في البيت» وأخرج إليهم أجلس معهم؛ محبةً في ذكرهم لربهم» وتلاوتهم لكلامه د والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يختار أحدهم وردًا غير ما اختاره له شيخه. ولو كان ذلك أفضل مما أمره به شيخه عند العلماء؛ فإن العلماء لم يلتزموا مع الفقير ما التزمه معه الأشياخ من كونهم لا يأمرون أحدًا بعمل إلا إن كان فيه ترقية» وإن) يأمرونه بالخير مطلقًا ولو كان مفضولاً؛ من حيث أصله؛ أو من حيث العلة الفادحة فيه» وكل فقير سلك هذا المسلك مع مرتبة؟ فإنه خير كثير.
وقد ابتليت ببعض جماعة في الزاوية؛ لم أزل آمز أحدهم بالأمر الذي فيه الترقي له فيتركه ويشتغل با تهواه نفسه» ويخادعني في ذلك» وهو خيانة في الصحة؛ ولو أنه خرج بلسانه» وقال: أنا لا أدخل تحت مرتبتك؛ لكان أخف حالاً ممن يظهر لمرتبة أنه تحت طاعته باللسان ويخالفه بالفعل؛ ولذلك عدم غالب فقراء الزاوية الترقي بالأعمال التي ينفردون بها دون قراءة الورد» الذي جعله لهم شيخهم؛ كا إذا قام أحدهم في مجلس الذكرء أو نقيبًا ينبه الناس من النوم للذكر والقرآن» فليس له أن يترك الذكر للقرآن أو التنبيه» ويجلس يقرأ أو يذكر؛ وليعلم أن شيخه ما جعله
.)١١19 والأوسط (4/ 75)؛ وأبو نعيم في الحلية (؟/ »)5٠١ /15( رواه الطبراني بنحوه في الكبير )١(
-588-
نقيبًا إلا حيث لم ير عنده همة للعبادة» فأشغله بتنبيه الناس؛ ليحصل له الأجر كلما ذكر أحدًا وقرأ القرآن» ولو أن شيخه رأى عنده همة لمباشرة الذكر والقرآن» والدوام على ذلك لأشغله به» فعلم أن من خالف شيخه عدم النفع؛ فلا هو فعل ما أمره به شيخه: ولاهو قدر على الاشتغال بم| اختاره لنفسه» وعندي من هذا النوع جماعة لهم عندي أكثر من عشرين سنة» وهم يخادعون» ويتركون ما أفتيهم فيه؛ فلا هم سمعوا النصح. ولاهم ثبت لهم قدم في الأمر الذي اختاروه ففاتهم العلم والذكر والحرفة» فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يتنبه أحدهم لنفسه؛ ولا يكلف شيخه كثرة التعب في تربيته؛ بل يكتفي منه بالإشارة؛ وقد قالوا: ما دام الفقير يرجح أعمال الدنيا من كسل وخمول وغفلة وهو ولغو وأكل شهوات ونوم؛ فمربيه معه في غاية التعب؛ فلا يستريح مربيه من التعب فيه إلا إن خرق المريد ببصره إلى الدار الآخرة» ورأى محاسباتها وموازناتهاء وصار يقدم أعمال الآخرة على الدنياء فهناك يستريح معلمه من التعب» ويصير يعمل الأعمال الصالحة بلا [فتور]؛ فإن نام لا ينام إلا غلبة» وإن أكل لا يأكل إلا لضرورة» وإن تكلم فكذلكء وإن لبس ثيابًا فكذلك» وإن مسك الدنيا فكذلك» وهكذا في سائر أحواله؛ ى! أنه إن خرج في حاجة فهو ذاكر في نفسه؛ أو قارئ» أو مسبح أو متفكر ليلاً ونهارًا؛ بخلاف حال المحجوب عن الدار الآخرة؛ فإن مربيه لا يكاد يغفل عن مراعاته؛ وينبهه لحظة؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» ولا تحوجوا مربيكم إلى تعب في تقويم عوجكمء وقوله لكم أذكروا واقرءواء أو خذواء أو اذكرواء أو املئوا الميضأة» ونحو ذلكء» وليقم كل شخص بالفرع الذي أقامه شيخه فيه؟ فإن نجاته من الحلاك والآفات التي تصيبه في بدنه في ذلك»؛ والحمد لله
-88؟ -
رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يتركوا خيرًا يفعل إلا وهم فيه نصيب من قراءة قرآن» وتسبيح» وذكر» وصلاة على رسول الله كه وإنصات للخطيب» وقراءة الأذكار التي بعد الصلوات الخمس ونحو ذلك» ويقبح على من يجاور في مسجد: أن يكون الواردون على المسجد من الحارات البعيدة يحصلون الخير دونه» وأقبح من كل قبيح تهاونهم بالوضوء؛ حتى يدخل الوقت» وتفوتهم تكبيرة الإحرام مع الإمام؛ فضلاً عن ركعة وأكثر» أو يصير خطيبهم يعظهم؛ وهم مشغولون عنه بحديث الدنيا مع بعضهم بعضًا؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وتنبهوا لنقص دينكم قبل أن تندمواء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لأرباب الشعائر: أن يكون الغالب على أحدهم مباشرتها؛ طلبًا لإقامة شعار الدين» ويحصل المعلوم على ذلك بحكم التبع لا بالقصد الأول وأقبح من كل قبيح تعكيس المؤذن في مثل يوم الجمعة» أو ليالي رمضان مثلاً؛ طلبًا لشيء زائد يأخذه من الناظر» يعمل به موسًا أو يكسوا به أولاده» ويركب عليه الناظر؛ فإن ذلك ممحقة للبركة لا يستر صاحبه؛ ولا يغني من جوع كما جرب» وربما كان الناظر من عباد الله الصالحين فدعا على ذلك الشخص بقلة البركة في عمره ورزقه» ففاته خير الدارين؛ فاعلموا ذلك» واطلبوا أبها الإخوان الدار الباقية التي عن قريب تنقلون إليهاء دون الفانية التي عن قريب ترحلون عنها -وقد نصحتكم- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشبخ الزاوية وجميع الذين لا يعرف لهم وارث؛ لبعد بلاده مثلاً كالهنود والمغاربة والعجم ألا يتساهلوا في التصرف في شيء ما خلفه؛ بل يرسلونه
#هود
لناظر بيت المال» ولو كان سواكا أو نعلاً أو خلقة بالية» ولا يقل أحدهم: نأخذ ذلك» ونقرأ له الفاتحة مثلاً؛ لأن ذلك معدود عند أهل الورع من الغلول» فقد ورد في الكتاب والسئة ما شهد لذلك في نحو قوله تعالى: «إوإن كات قال حو ينْ حَردلٍ ما يها وك ينا سيت 4 (الأنبياء: 41) وسمى رسول الله و من أخذ من الغنيمة تخيطًا؛ أي: إبرة» أو مسلة من غير علم أمير الجيش: غالأًء ومعلوم أن الغلول حرام؛ فإياكم أيها الإخوان أن تتساهلوا في مثل ذلك؛ فتشغلوا ذمتكم بشيء ليس نحته طائل» وليس معكم إذن من السلطان بالتصرف فيه» ومن فوائد ذلك: أن يعلم ناظر بيت المال بإرسال نحو المخيط» أو الصحن له شدة وريبكم» ويصير يق قولكم بعد ذلك فيمن مات عندكم من الأغراب؛ بخلاف ما إذا فعلتم بالعكس» وغمزه أحد عليكم» ورب تساهل أحدكم في جبته وعمامته البالية فيرقى من ذلك إلى ما هو أنفس منه؛ وكتمه عن ناظر بيت المال؛ فأرسلوا وراءكم» وأسمعوكم الكلام في حقكم؛ وقد نصحتكم؛ فاعلموا ذلك واعملوا به» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يتلفت أحدهم إلى ثياب الزينة في مثل يوم العيد ويوم الجمعة؛ فإنه ما جاء إلى الزاوية إلا للعبادة» واكتساب الفضائل الأخروية» وتنظيف قلبه من الرذائل والشهوات», وأما طلب النفس لثياب أبناء الدنيا وغيرها؛ فلم يكن الدخول إلى الزاوية يثبتهاء وني كلام الجنيد #ه: أحسن ثياب الفقيرء وأكثرها نورًا ما طرح عليه الرقعات في يوم العيد ويوم لجمعة» وكذلك ورد في الحديث: «من ترك زينة الدنياء وهو يقدر عليه خبره الله تعالى يوم القيامة في أي حلل الجنة شاء يلبسها»)”» انتهى.
(١)رواه أبو داود (4/ 7448)»؛ والترمذي (4/ :.)56٠ وأحمد (178/9).
اد ل
فاعلموا ذلك أيها المجاورون. ولا تنظرا إلى لباس من أبناء الدنيا في يوم العيد وغيره؛ فإن أحدهم ما حصّله إلا بتسويد باطنه» ونقص زهده وورعه» وعن قريب يكسوكم الله تعالى من حلل الجنة ما شئتم» وقد نصحتكم فاقبلوا نصحي حتى يوسع الله عليكم من الحلال الذي يأتي بلا سؤال» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقير إذا أعطاه الجابي جامكية وظيفة: أن يحسب جميع الأيام أو الساعات التي أخل فيها بالعمل» ويردها على الوقف؛ فإنه لم يباشر بنفسه ولا بوكيله» ولو قدر أن الجابي والناظر طابت نفوسه) يصرف كال تلك الجامكية؛ فليس ذلك حجة لصاحب الوظيفة في إباحة القبول؛ فإن الحق في ذلك للواقف لا لماء هذا ما أدركنا الفقراء عليه أوائل النصف الأول من القرن العاشرء وعكس ما عليه فقراء هذا الزمان؛ بل بعضهم خاصم الجابي والناظر إذا لى يصرف له مدة تعكيسه في مباشرة الوظيفة؛ لغيبه في سفر أو لكسل» وهو خخروج عن قواعد الشرع وعن الورع؛ وكذلك من ورع صاحب الوظيفة إذا استناب فيها شخصًا أن يعطيه المعلوم كاملاً» ولا يشاركه فيه بالنصف أو الثلث مثلاً؛ لأن المعلوم إنما هو لمن عمل إلا أن يشرط الواقف غير ذلك فيتبع ذلك الشرط.
وقد فعلت ببذا الخلق في وظائفي بمدرسة أم خوند من حين كتبوها باسمي؛ فأعطيت معلومها كله للنائب إلى وقتي هذاء وذلك نحو سبع وثلاثين سنة؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا عليه. واطلبوا التنزه في الدنيا من باب فضل الله مطلقاء ولا تقيدوا ذلك بمعلوم وظيفة» وتخاصموا على معلومها وتقولوا: هذا حقناء فإنه ولو كان حقكم فلكم ترك نورهاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للذّاكرين الله تعالى في الزاوية: ألا يكتفي أحدهم بمجلس الذكر مع
.د
الناس صباحًا ومساءً» بل يزيد على ما استطاع؛ لاسيما أوقات غفلة الناس عن الذكر: وقت الضحىء وبعد صلاة الظهر أو العصر أو المغرب؛ فإن ذاكر الله في الغافلين؛ كالشجرة الرطبة في الحطب اليابس كما ورد مع مضاعفة الأجر الحاصل لهذا الذاكر؛ وكثرة نزول الإمداد الإلمي عليه؛ فكأنه يأخذ جميع الأمداد التي كانت تنزل على جميع أهل الزاوية وتلك الحارة لو كانوا ذكروا الله في مجلس.
وقد شاهدت الولد على البهوي» والولد أحمد البحيري”» وغيرهما إذا ذكر أحد ربه في وقت الضحى وبعد الظهر مثلاً؛ كأنه جالس الله تعالى وحدة في حضرة خاصة» وصار الإمداد يآتيه من جهاته الست. فالله يلهم جميع أصحابي أن يفعلوا مثل ذلك؛ ليفوزوا بنعيم الدارين» وقد تقدم أنه ما ؟ ثمَّ مقام يطلب في الدنيا والآخرة أعظم, ولا أضخمء ولا أفخر من مجالسة الله تعالى في ذكره أبدًا.
فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واستغنموا عمركم في الخير؛ فعن قريب يأتي أحدكم الموت على غفلة» فيندم حيث لا ينفعه الندم» وسيأتي في هذا الباب: أن الله تعالى أعطاني مقام الغيرة على ذكر الله كبك وأنه من ترك ذكر الله لا يصير بيني وبينه علاقة في المحبة» ولا مقدار شعرة واحدة» فالله تعالى يمن علي بذلك إلى الممات عمللا بقوله تعالى: ١ مَأ عَرضٌ عن من تو ل عن وَكْرنَا 6 (النجم: 4) والحمد لله رب العالمين.
)١( هو الشيخ العلامة المفئن السالك الشاعر المعمر شهاب الدين أحمد البحيري المصري المالكي. حفظ القرآن العظيم؛ وسلك في شبوبيته على الشيخ العالم الزاهد الناسك أ بي العباس المرسي مريد الشيخ الملك محمد الحنفي الشاذلي؛ وأخذ الشيخ مدين؛ واستقل في العلم» وأمعن في العربية ولاسيما التصريف» وألف فيه شرحا جيداً على المراح» وكتب بخطه كثيرًاء وبما كتب شرح مسلم للآبي» وأخذ الفقه عن الشيخ يحيى العلمي وله نظم جيد وألغاز» وكان قانعاً متقلل وتزوج وهو شابء ثم تجرد» وتوفي خامس شوال سنة تسع وعشرين وتسعرائة رحمه الله تعالى. [الكواكب السائرة .]47/1١
الو
وينبغي للفقراء إذا دخلوا في مجلس الذكر: ألا يفتح أحدهم عيئه من حين يفتح المجلس إلى أن يختمه؛ وذلك ليجمع قلبه على حضرة ربه ويزول عنه التشتت» ولاسيما إن كان في المجلس أحد من أصحاب الصور الحسان؛ فرب! لمح البصر تلك الصورة؛ فاشتغل بها عن مناجاة ربه وبك» وحجب عن شهوده؛ وربا تحركت بشرته في حال حجابه؛ بسبب رؤية تلك الصورة الجميلة» واشتهى تقبيلها مثلاً فمقته الله تعالى؛ ا وقع لبعض الإخوان» وقد بسطنا الكلام على ذلك في كتاب «قواعد الصوفية»؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: ألا يغفلوا عن تأليف الناس من أهل الحارة؛ الحضور مجلس الذكر الذي في الزاوية ليحصل لهم الخير» لاسيما من كان شريرًا في الحارة» ا لي الل ليا
ولا ينبغي للفقراء: أن يحوجوا شبخهم إلى تأليف أهل الحارة إلى حضور ل د عليهم؛ وطريق الفقراء في تأليف أهل الشر من ا حارة أن يقولوا له: إن سيدي الشيخ يحبكم كثيرًا وسمعناه مرارًا يقول: أود فلان وفلان ألا أذكر مجلسًا ولا أفعل خيرًا إلا وهم شركائي في ذلك؛ لنبعث يوم القيامة نحن وإياهم سواء؛ فلعل أحدهم ينشرح لحضور مجلس الذكر ولو مرة» فإذا حضر فربا ذاق الخير الذي هو فيه» فيصير هو يحب الخير من ذات نفسه؛ وني الحديث: لون وليقل شعو قل كل جر فاعله)”".
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #لللكه يقول: لا لوم على أهل حارتكم في عدم حضورهم معكم في أورادكم؛ إلا بعد أن تدعرهم إلى ذلك مرات» وترغبوهم فيه؛ )١( رواه مسلم )١5١5/1( وأبو داود (37177"/4)» والترمذي .)5١/5(
م
وإلا فمن كان بينه وبين الخير سبعون ألف حجابء فربا كان معذورًا في تركه الحضور معكم., انتهى.
فبالله عليكم أيها الإخوان لا تغفلوا عن تأليف إخوانكم من أهل الحارة» وليعين كل واحد منكم نفسه لواحد منكم؛ ليكتب أجر كل من يجلبه من غير أن ينقص من أجره شيء» وليكن الداعي لكم إلى ذلك نحبةٌ مجالسة إخوانكم لربهم وذ لا شيئًا من الأغراض النفسانية» ولو طلب الثواب؟ خوفًا أن تكتبوا في ديؤان العبد السوء الذي يطلب على خدمة سيده أجرّاء مع رجوع منفعتها إليه لا إلى سيده؛ إن الله لغني عن العالمين» وفي بعض الكتب الإلهية يقول الله وك: «ومن أظلم ممن عبدني طلبًا للجنة أو خوفًا من النار» لو لم أخلق جنة ولا نارًا لم أكن أهلاً لأن أطاع» - انتهى- والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للنقيب: أن يتفقد أطفال الزاوية في أوقات اللهوء واللعب الحاصل في البلد؛ كيوم خروج المحمل» ويوم عيد الفطرء ويوم عيد النحر؛ فيمنعهم من الخروج في ذلك اليوم» وإن شاء خرج معهم ودام مع أحدهم» حتى رجع وفاءً بحق التربية؛ لاسبما إن كان أحدهم في كفالة الحق - جل وعلا- كاليتيم الجميل الصورة؛ فإن خروج النقيب أو أحد من الفقراء الثقات معه متعين» وقد فسد من الخروج عندنا عدة أطفال» وبعضهم صار يشرب البوظة» ويدخل على بنات الخطأ ىا أخيرني عن نفسهء وإذا خرج النقيب أو أحد من الثقات مع الأطفال؛ فليحذر من أن يسمح لأحدهم بلعب النرد أو البندق أو غير ذلك من القمار؛ وإنما يريه ذلك بالعين ويقول له: إن ذلك حرام» ويقبحه في عين الطفل أشد القبح» ويحذر من الركون إلى أحد من العيّاق» أن يقبل منه فلوسّاء أو حلاوة» أو طعامًا؛ فإنه ربما فعل ذلك مع الطفل
-0ثة ل
ليصطاده به ويصير يستحبي منه أن يخالفه إذا قال له: اذهب بنا إلى الموضع الفلاني مما فيه ريبة» ولا يدرك الطفل بعقله ما عزم ذلك العائق على فعله من الفجور؛ فالله...الله أيها الفقراء» وألقوا بالكم إلى أطفالكم الذين يخدمونكم؛ ويقرءون عليكم؛ وقوموا بنصحهم جهدكم. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يفدوا ثياب مشايخهم بثيابهم» إذا جاء سائل يطلب منه عمامته أو جبته مثلاً؛ فإنه ما كل لباس يصلح للشيخ في الحل والزيء فإذا أعطى السائل ما طلب من ثيابه» فرب| لا يجد شيئًا عليه يلبسه تلك الأيام» وقد ظفرت طول عمري بثلاثة من الأصحاب يفدون ثيابي دائًا بثياهم في الحضر والسفر» وهم: الشبخ إبراهيم السندبسطي ##للكه والولد محمد بن أخخت الشيخ خضرء والولد عل التلباني؛ فيم! جاءني سائل يطلب جُبَتيء أو قلنسوي» أو عبامتي مثلاً إلا وأعطوه ما طلب من ثيابهم» من غير توقف ولا إشارة مني» ولم يفعل مثل ذلك معي إلا القليل؟ فأسأل الله من فضله أن يرحم الشيخ إبراهيم» وأن يسبغ عليههما نعمة الدنيا والآخرة» وأن يلطف مها في الشدائد حتى يجاوزا الصراط» وأن يمن على بقية الإخوان بمثل ما منَّ عليهما من السخاء بثيابهم| من غير تطلع إلى رؤية عوض على ذلك في الدارين -آمين اللهم آمين- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يخصوا أصحاب شيخهم الصادقين بعد موته بزيادة المحبة والود وفاءً بحق شيخهم؛ فإنه والدهم في التربية» وقد كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: من بر الوالدين بعد موتب)| الإحسان إلى أصدقائه| من بعدهماء ورواه بعضهم مرفوعًاء وروي: أن عبد الله بن عمر رأى شيخًا من الأعراب قد طعن في السن, فنزع ثوبه وعمامته» وكساهما له فقيل له: رحمك الله إنهم
اوخاا د
الأعراب» وهم يرضون منك بدون ذلك فقال: إن هذا كان وذًّا لعمر» وإن من البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه» انتهى.
فأوصيكم أيها الإخوان بود أصدقائي من بعدي؛ كسيدي شرف الدين بن الأثبر» وسيدي محمد الحنفي» وسيدي أبي الفضل صهره» وسيدي زين العابدين حولي سَواقي عَجْرُود"» ونخل سواقي القلعة» وسيدي زين العابدين سبط سيدي علي المرصفي» وولد خالته سيدي على» وسيدي جلال الدين التاجر بخان الخليلي؛ وسيدي محمد بن الموفق» وسيدي محمد العبادي. وأخيه سيدي يحيى» وسيدي علي بن الأمير أزيك» وسيدي محمد ابن الأمير» وسيدي شرف الدين بن الأمير الخطيب» والشيخ حسن الطريني»؛ والشيخ عامر الطريني؛ والشيخ شمس الدين الطنيخي» وجماعة ذكرناهم في كتاب: «المفاخر والمآثر في مناقب أهل القرن العاشر»» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لنقيب الشبخ في الزاوية: أن يكون حاذقًا عارفًا بأحكام الورع؛ وله إشراف على مقام ورع الشيخ وغيرةً على دينه» فإذا أرسله بدراهم إلى السوق؛ ليشتري له بها طعامًا مثلء فلقيه شخص من المتعبدين في الشيخ» وقال له: أعطني هذه الدراهم أتبرك بباء وخذ هذه الدراهم فاشتر للشيخ بها حاجته؛ فليس له أن يعطي تلك الدراهم لذلك الشخصء ويشتري للشيخ بدراهم غير دراهمه؛ لأنه ما كل دراهم يصلح أن يشترى بها حاجة الشيخ» وقد تكون دراهم ذلك المعتقد فيها شبهة ماء أو هي دون دراهم الشيخ في الحل» وكل نقيب فعل مثل ذلك» فقد نان أمانته وشيخه.
2 هورم ل روي
.])5١١7/1( من مُناهل الحج المضريّ فيه ماء حَبِيثُ وسَكَدَيْةُبَنُو عَطيّةٌ. [تاج العروس )١(
الاء# د
وقد أرسلت مرة الولد علي البهوتي يشتري لي بطيخة بدراهم أعطيتها له؛ فأخذ دراهمي» واشتري لي بطيخة من ثمن غزل؛ فرددتها عليه ولم آكل منها شيئاء قلت له: كيف آكل من كسب أمرأة غجوز تستحدق الصدفةفقال عا ملكت ذلك لي وأنا ولدها؛ فقلت له: إذا كنت أنت عديم المروءة تأكل من كسب أمكء؛ فكيف. تطلب مني النزول إلى مقامك في دناءة المروءة؟ فليعلم ذلك جميع نقب الأشياخ» ولا يشتروا لشيخهم إلا بعين دراهمه» وإن طلعت مغشوشة توقف عن شراء تلك الحاجة» حتى يراجع الشيخ في الدراهم التي يشتري بهاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يحذر المجاورين من تحمل شهادة؛ لاسيما إن كان أحدهم ساذجّاء أو قليل الضبط واليقظة؛ فإنه ربا نسى الشهادة» وشك فيها عند التأدية عند الحاكم» فنسب إلى الزور إن شهد, أو ضيع أموال الناس؛ لاسي فيما يتعلق بالإبضاع والفسخ على الغائبين» وأموال الأيتام والقاصرين.
وكان سيدي عل الخواص لتك يقول: لا ينبغي لفقير أن يتحمل شهادة إلا إن تعمدت عليه شرعاء وإن وقع أن أحدًا من الموسوسين الذين لا يعتقدون شهود المحلة عقد عند شهود المحكمة؛ ثم جاءهم يجدد العقد عندهم» وقال لهم: أنا ما اعتقد إلا شهادة مثلكم» فمن العقل رده وعدم تحمل الشهادة؛ خوفًا أن يكون فيها فكيدة يخفيها عن الفقراء.
وقد منعت جماعة من إخواني عن تحمل الشهادة مطلقًا؛ لكثرة سذاجتهمء وعدم حرجهم كالشيخ محمد المنوفي ملأ الميضاة» كان والشيخ شهاب الدين المنشاوي الإمام بالزاوية» والشيخ علي السرسي المؤذن وأمثالهم؛ رحمةٌ بهم وبالناس حين رأيت منهما دخول الحيلة على عقوهم, فا وقع للشيخ محمد المنوفي أنني سألته
-للمه7-
في خامس شهر شوال: كم مفى في الشهر يوم؟ فقال: خمسة عشر يوماء فقلت له: بالعجل؟ فقال: لا تأخذ علي؛ فإن ذهني سبق إلى إنك تسألني عن الشهر الماضي» انتهى.
فقلت له: وهل مضى في الشهر المافيى خمسة عشر يومًا فقط؟ قال: نعم؛ وحمل يومًا خشبة» وركب الحمارة» وقال: إنما فعلت ذلك شفقة على الحمارة؛ وحج معنا فقيل له في العقبة: إن حملت هذا الحجر مكثت زوجتك بلا ولادة حتى ترجع؛ فحمل الحجر على رأسه؛ وعزم على أنه لا يضعه» حتى يرجع من الحجاز» وقال: أخاف أن تعمل عصيدة وأنا مسافر» ولا تخلي لي منها شيئًا.
وأما الشيخ شهاب الدين المنشاوي فإن بعض المجاورين قال له: يا سيدي وجهك أصفرء ولعلك ضعيف؛ وهو جالس يقرئ الأطفال» فقال للأطفال: هل أنا ضعيف؟ فقالوا له: نعم وجهك أصفرء فأرسل لعياله في البيت أن ترسل له محدة وعصابة» فأرسلتههما له فتعصب واضطجع؛ وصار يقول: آه...آه...آه. فأخبروني بذلك» فخرجت وقلت: لعله نزل عليه حادر؛ فوجدته على ذلك الحال» فقلت له: أي شيء يوجعك؟ فقال: ما أحس بثىء يوجعني؛ ولكن فلان هو والصغار كلهم قالوا لي: وجهك أصفر وأنت ضعيفه فقلت لعقلي: إن هؤلاء كلهم ما يكذبون؛ انتهى.
فمن تلك الواقعة منعتهما عن تحمل الشهادة مطلمّاء وقلت للناس؛ الذين كان عادتب) أن يستشهدوهما من حمل هذين شهادة؛ فهو ظام.
وكذلك منعت أصحابي من أن يسعوا في فسخ نكاح أحد من الغائبين؛ لاسي| جند السلطان الذين يرسلهم إلى الأماكن البعيدة في الغزوات وغيرهاء فربما غاب
3
أحد من العسكر؛ ثم جاء فوجد زوجته قد فسخت عليه؛ فعبث بالشهود» وضرب أحدهم ضربًا مؤلَاء أو قتله بالكلية» وقد يكون ذلك الغائب أيضًا صاحب خال» أو مستند إلى أحد من أصحاب النوبة؟ فيقتله أو يمرضه بالحال -بإذن الله تعالى- ثم الداهية العظمى: أن تكون تلك المرأة التي فسخوا نكاحها قد تزوجها شخص من الزاوية؟ فإن البلاء يعظم بذلك؛ ومن شاك فليجرب.
ويلحق بصاحب الحال الذي غاب عن زوجته: قطاع الطريق من العرب والعياق» فربا كان من تزوج زوجتهم المذكورة؛ فإن القتل عندهم بسبب ذلك ار ا رن وقد كان الأخ ناصر الدين السنديسطى فد عزم على الشهادة على شخص من عرب محارب» غاب عن زوجته عندنا نحو خمس سنين: بأنه لم يرسل لها نفقة ولا كسوة» وطلب أهلها منه الشهادة؛ ليفسخوا على البدوي» فقلت له: يا ناصر الدين إنك تنزل البلاد لأجل الخراج؛ وربها قالوا للبدوي: إن هذا هو الذي شهد عليك» حتى فسخوا نكاح زوجتكء فطعنك بالحربة فخرجت منكء ولا يؤخذ لك بثآر فامتنع؛ فالحذر أيها الإخوان من دخولكم في الشهادة» ثم الحذر إلا بطريق شرعي واضح كالشمسء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يعظ المجاورين على حسب كثرة ذكرهم لله تعالى؛ واستنادهم إليه دون خلقه بكل من كان أكثر ذكرّاء أو استنادًا إلى الله تعالى أحبه أكثر» وافتقده بالأكل معه أكثر إجلالاً لله 5ك؛ وليكن على علم شيخ الزاوية أنه ما أجل أحد ربه بالغيب إلا أجله الله في الملا بين عباده: :3 إت أنه لا يْضِيمٌ بر لْمَحَيِنِينَ © (التوبة: )1١١ وقد م الله تعالى علي بالعمل بهذا الخلق» فليس أحد أحب إلَّ ممن أراه يذكر ربه أكثر؛ لاسيها في أوقات الغفلات عن الذكر؛ كوقت الضحى
311
الأعلى» وكالوقت الذي بين الظهر والعصرء وكبعد العصر والمغرب؛ فإذا رأيت ذاكرًا لله تعالى في هذه الأوقات» أود أني لو شققت قلبي» وجعلته فيه بجسمه؛ تبعًا لحبه الذي وضعته له في قلبي قال تعالى: مإ وَأَشْرِيُواأ في مُّنُوبومُ الْوِجْلَ 4 (البقرة: المراد أشربوا حب العجل لا جسد العجل؛ فهو على حذف مضافء ولكن لا كان للتحقق من المحبة للأجسام هو الميل لصاحبهاء اكتفى الناس بحصول المعنى غالبًا؛ فافهم.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي #لقديقول: من الواجب على شيخ الزاوية ترجيح الذاكرين في الزاوية على غيرهم؛ وألا يأكل شيئًا إلا ويشركهم معه فيه؛ إجلالاً لله ويك لمجالستهم له في ذكرهم؛ انتهى.
فينبغي لكل شيخ: أن يفعل ذلك إلا أن يكون ذلك الذاكر في مقام المجاهدة والرياضة؛ فإن الطعام اللذيذ ربا ضره ونقص به رأس ماله؛ فبهذه النية يا أخي أترك شركتهم معك في الأكل» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يذكر مع الفقراء قامًا إذا قامواء ولا يجلس إلا بإذن من أصحاب الحضرة الإلهية؛ فإن الغالب عليهم الذكر وهم جالسون؛ ى] تقدم تقريره؛ فإذا استدعاه جبريل» وميكائيل» وإسرافيل؛ أو سيد المرسلين؛ أو السيد إبراهيم الخليل» أو القطبء أو الأوتاد إلى الجلوس؛ فمن الأدب امتثال أمره» ويكون ذلك مقدمًا على القيام؛ تنهيضًا لهمة المجاورين؛ وهذا سبب جلوسي في بعض الأوقات» حال قيام المجاورين في مجلس الذكر في مكان جلوسي قبل قيامهم »أو داخل حلقتهم إن لم يكن بي وجعء فاستشعر استدعاء بعض أكابر الحضرة الجالسين خارج حلقة
-1511-
الذاكرين» حال وقوفهم إلى أن أذكر مع الفقراء جالسّاء فامتئل إشارتهم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يعمل على تحصيل مقام الاطلاع على عمل أصحابه القبول» وعملهم المردود إذا كان يفرق عليهم حلاوة» أو حمصّاء أو زبيبًا إذا غلب على أحدهم النعاس؛ وذلك ليكون على يقبن من حصول الأجر لصاحب تلك الحلاوة» أو من يكون عمله مردودًا عليه؛ إما لمخالطته بالرياء والنفاق والعجب. فلا ينبغي للشيخ أن يطعمه شيئًا من ذلك؛ لعدم الفائدة لصاحب الحلاوة» فهو كمن يطعم أحدًا عيشًا من غير حاجة» وهذا أدب دقيق قل من يتنبه له من الأشياخ الذين يسهرون الليل كله؛ كججاعة سيدي الشيخ نور الدين الشوني ونحوهم؛ فربا أطعم أحدهم من كان عمله مردودّاء فيخالف غرض صاحب تلك الحلاوة من مساعدته على حصول الأجر؛ ليكتب له الأجر نظيره» فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا به إذا عمل أحدكم شيخ مجلسء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يغفل عن تشجيع الفقراء الكسالى بالذكر أمامهم؛ والقيام في الذكرء إذا كان أحدهم يذكر جالسًا وهو ينعس» ويأمر بالذكر من ليس له عادة بكئرته؛ ليقول الكسلانء ولو في نفسه: انظري إلى ذكر فلان» وكيف صار أعلى همة في ذكره منك» فيصير يذكر الله تعالى مثله» بخلاف ذكر من له عادة يكثرة الذكر؛ فإنه ربها لم ينهض له همة أحد من الكُسال؛ لكون ذلك صار عادة له عندهم. فلا يستغربونه ولا بحرك همتهم.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي له يقول: ما دام الفقراء يطرقهم الكسل عن الخيرات؟ فشيخهم معهم في تعب عظيم» ومتى غفل عنهم تركوا العبادة» ولم يلتفتوا
شوريرة
على حاجاتهم من مناجاة ربهم ومجالسته؛ بخلاف ما إذا كان لأحدهم مذكر من نفسه» ومنخاسة منه؛ فإن شيخه يستريح من التعب فيه.
وسمعته يقول أيضًا: ما دام الفقير تخلطًا في أحواله: يطيع تارة» ويعصي أخرى؛ ويتورع تارة» ويقع في الشبهات أخرى؛ ويقبل على ربه تارة» ويدبر أخرى؛ فجهاد معلمه له واجبء ومحاربته واجبة» وقد قال لي مرة فقير: إن الفتنا لك يحصّل لك منها الأجر أكثر» فقلت: كيف؟ فقال: بصبرك على تربيتناء فقلت له: هذا من تلقين إبليس لك؛ بل حصول الأجر للداعي إلى خير؛ إذا عمل المدعوون به أفضل» وأتم من أجر الصبر عليهم إذا خالفوا؛ فإياكم أبها الإخوان من تلبيس الشيطان عليكم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب: أن يمنع أطفال الزاوية وغيرهم إذا خالفوا من النوم بلا غطاء في ليالي الصيفء فينزل على أبدانهم الطل آخر الليل؛ فتثقل أجسامهمء ويخدل عظامهم حتى يكون أثقل ما على أحدهم من يأمره بالقيام؛ لصلاة الصبح وقراءة الورد» وبعضهم يحسب حساب تنبيه النقيب له فيغير مكان مرقده؛ حتى لا يعرف النقيب مكانه. فإما يطلع منارة المسجدء وإما يخرج لمسجد آخر قريب ينام فيه؛؟ حتى لا ينبهه أحدء وإن كان له خلوة أغلق بابها عليه؛ فلينتبه النقيب ومن يريد الخير من المجاورين لمثل ذلك» وينام بالغطاء أو تحت سقف -«والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ والنقيب وكبراء الزاوية: أن يمنعوا الشباب من تعلم الدقاف": ورمي النشاب إلا على يد معلم يخشى الله كب؛ لتلا يجرهم إبليس من )١( انظر: الضوء اللامع (1/ 59 ؟)) والعهود المحمدية للمصئف (ص١181).
- 1517 -
ذلك إلى الفساد» وعشرة العياق الذين لا يتقيدون على حدود الشرع؛ فبخرج أحدهم عن مراسم الفقهاء والفقراء إلى طريقة الذعر والعياق؛ فإياكم أبها الشباب من مثل ذلكء ثم إياكم» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لمن تعكس وظيفته من جميع المستحقين بالزاوية: ألا يقل حياءه على الجابي والناظر» أو كان الغيبة إذا ضبطوا عليه أوقات البطالة» وأسقطوا قدرها من جامكيته؛ بل يخضع لهمء ويشكر فضلهم على مناقشته في تخليص ذمته من أخذ ما لا يستحقه شرعًاء ولا يجوز له أن يعكسء ويكابر من ضبط عليه عنادًا وفسقاء أو يقول لأحدهم: كذبت علي؛ فإن في ضمن ذلك تكذيبًا للملائكة الكرام الكاتبين المعصومين من الكذبء سلمنا أنه يكذب جنسه من البشر جحدًا وعنادًاء فهاذا يفعل برسل الله تعالى الذين وصفهم الله تعالى بأنهم يعلمون عليه؛ ى) يفعل لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا:أحصوها عليه حتى أنبع يكذبون الكذبة كذبته؛ ى) ورد في الحديث”".
وبالجملة فلا يقع في مخاصمة من ينهه على نقصه في دينه إلا كل من طرده الله تعالى عن طريق الشريعة والحقيقة؛ فاعلموا ذلك أيها المستحقون, وإذا غاب أحدكم أو كسل؛ فليستنيب من يسد مكانه» ولا ينبغي أن يرضي من يؤذن عنه؛ احتسايًا من
)١( نصه: اعَنْ سَعْدِ بن جَُادَة قَالَ: لا قَرَعّ رَسُولُ الله من حُكينء ََلْناكَفْرَا من الأزضي» لَيْسَ فبه قي قََالَ النبّ ذ: اجمَعُوا » مَنْ وَجَدَ عُودًا كَيَأتٍ د وَجَدَ عَظَّا أو سينا َيَأتِ يو قَالَ: قا كَانَ إلا سَاعَة حَتّى جَعَلْئاهُ رُكَامَاء فَقَالٌَ الي 8ذ: أَترَوْنَ هَذَاء مَكَذَلِكَ مده الذثوث عَلَ الرّجْلٍ مِنْكُمْ كا َعْتُمْ هَذَاء ليق الله رَجُل» قلا يُذْيْبْ صَغِيرةَ ولا كير فنا مخْصَاةٌ عََيْا. أخرجه الطبراني (5/ 07 » رقم ممغ 6).
-714-
أطفال الزاوية أو غيرهم؛ لأن ذلك رضا ينقص الدين» وهو لا يجوز فللناظر عزله والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية إذا مدح أحد رسول الله ولك أو الرب -جل وعلا- أن يستحضر أحدهم أنه في حضرة الله تعالى ورسوله» والله تعالى أو رسوله يسمع ما يقوله ناظم ذلك المدح أو المنشد له فيه ولا ينبغي لأحد منهم أن يسامح قلبه بالخروج من حضرة الله كنك بمجرد ما يفرغ الذكر؛ بل يداوم على الحضورء واستشعار نظر الحق تعالى إليه لحظة؛ فإن أنشد أحد شيئًا من كلام القوم فذاك؛ وإلا استأذن ربه ثم انصرف؛ قياسًا على ما ورد في السلام على من كان في مجلسهم, ثم قام عنهم؛ فإن رسول الله وه قال: «إذا قام أحدكم من مجلس فانصرف؛ فليسلم على القوم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة)*" انتهى.
وقد أنشد الشيخ محمد الترساوي قصيدة الشيخ محمد بن أحمد بن المهلهل الفيومي؛ الذي جعلها على حرف الدال بعدها ألف» وجعلها كلها استعارات على أبوب النحو: من باب التعريف إلى باب الإدغام» وهي قصيدة ما سمعنا بمثلها طول عمرنا؛ فرأيت في الوقعة حال إنشادها أنني عند رأس رسول الله وَل وسمعته يقول لأبي بكر وعمر: اذهبا فاسمعا محمد الترساوي» وهو ينشد ما مدحني به ابن المهلهل؛ فإنه ليس على وجهٍ الآن أحد يمدحني بمثلهاء فجاء أبو بكر وعمر فجلسا على يساري في المجلسء حتى فرغ المنشد منها؛ فحصل لأهل المجلس بكاء حتى تناحبواء وكان وقنًا مشهودًا بين أرباب القلوب من أهل المجلس؛ فاعلموا ذلك أيها )١( رواه البخاري في الأدب المفرد /١( 747)» والترمذي (517/0)), وأحمد (؟/4774)» والطبراني في الضغير ٠ /١( *11) جميعهم بنحوه.
-176-
الإخوان» وإن لم تصغوا فتصاغوا؛ قياسًا على قول عبد الله بن عمر: فإن لم تبكوا فتباكواء وقيل: إنه مرفوع» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يغفل هو والنقيب وكبراء الزاوية عن نصح المجاور الذي غير وبدل ما كان عليه من الضبط والمكث في الزاوية» وعدم الغيبة عن حضور جماعاتها وأورداهاء وصار يعاشر أبناء الدنيا ويكثر من مخالطتهم؛ لأن أحوج ما يكون إليك أخوك إذا عثرت دابته» أو أصابته مصيبة في دينه أو دنياه» وانعوج بها عن طريق الاستقامة» ويحذر الفقراء من اتباع مثل هذا فيها فعل؛ أو يخيرهم في المجاورة وعدمهاء وإلا فربا أتلفوا ضعفاء الفقراء؛ الذين قصروا بصرهم على أمور الدنيا دون الآخرة.
وينبغي للشيخ: أن يقصد بالتحذير من فعل ذلك الفقير الذي غير وبدل حمايةً من تبعة الذي تبعه في ترك صلاة الجماعة» وعدم قراءة الأوراد» والاشتغال بالعلم؛ والقرآن» وغير ذلك من خدمة الفقراء؛ خوفًا عليه أن يكتب من جملة من أضل الناس» لا بغضًا فيه وتشفيًا للنفس.
سمعت سيدي عليًا المرصفي الله يقول: لا ينبغي لشيخ الزاوية: أن يصرف لمن غير وبدل شيئًا من خبز الزاوية وطعامها؛ إلا إذا أمن على جماعة المجاورين من التشبه به في الخروج عن الطاعة» مع صرف الخبز والطعام الموقوف على المجاورين؛ فإن خاف على المجاورين من اتباعه على ذلك» فليشاورهم» ويقطع خبزهم» أو يطعمه من مال نفسه دون مال الوقف» انتهى.
وقد فعلت أنا مثل ذلك مع بعض من خرج عن سياج المجاورين» وأصرفت
1
له الخبز من قمح زراعتي لا من سحبز الوقف؛ وفاءً بحق الصحبة السابقة قبل التغيير والتبديل» فإني أعلم من الواقف #لله أنه لو رأى أحدا من المجاورين خرج عن السياج الذي عليه الفقراء لم يمكنه من المجاورة» ولم يصرف له شيئًا من الخبز والطعام والكسوة؛ فكان من الواجب على من يكون ناظرًا بعده على الزاوية: ألا يفعل إلا ما فيه توفير الأجر على الواقف» ومن أطعم من واقفه من علم أنه لو كان في حياته لما صرف له طعامّاء فقد ان غرض الواقف» وقد صار الفقراء اليوم لا يتشبهون إلا بمن قل حياءه وأدبه في الزاوية؛ فإذا صرف الناظر الخبز لمن خرج عن طاعته؛ قالوا: إن فلانًا قد خرج عن الطاعة» وما فعل الشيخ فيه شيئاء بل خبزه وطعامه مصروقًا له إلى الآن؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» ونزهوا نفوسكم عن الرذائل» وعن مخالفة من حبكم؛ حتى تفارقوه على رضائه عليكم» وقد خرجوا فوجدوا كل من فارق شيخه على غير رضًا منه لا يفلح بعده أبدّاء وربما استحكم فيه المقت؟ فلم ينفع بعد شيخه في أعمال الدنيا ولا أعمال الآخرة» نسأل الله العافية.
وينبغي لفقراء الزاوية: أن يغادروا كل من غير وبدل ما كان فيه من الخير بالشر والبطالة؛ لأنه صار محجوبًا عن طريق الخير التي كان فيها حتى يتطلبهاء وليحذر أحدهم من رؤية نفسه عليه؛ لأنه ربا كان ني علم الله إنه الآخر لا يموت حتى يبدل ويغير.
وسمعت سيدي محمد المنير #لله يقول: حكم الفقير الداخل في طاعة شيخه حكم الشخص الجالس في حضرة السلطان؛ فهو محفوظ من سائر الآفات» وحكم الفقير الخارج عن طاعة الشيخ حكم من ابتلعه تمساح وجعله في فمه؛ فلا ينبغي للشيخ أن يكلفه بطاعته إلا بعد أن يخلصه من فم التمساح -انتهى- فاعلموا ذلك؛
- لاثم -
ويتبغي للشبخ وكبراء الزاوية: أن يرشدوا أطفال الزاوية إلى أن كل من وجد شيئًا من حوائج المجاورين يحفظه لصاحبه» وبنادي عليه ولا يكتمه؛ ولو دواة» أو قلَاء أو إبرة» أو رقعة» ولا يتساهل في ذلك؛ فربما جره كتمانه الحديد النقرة إلى كتمانه النصف, وجره النصف إلى الدينار؛ ى! جرب.
وقد وقع لأبي يزيد البسطامي#5: أنه سافر في رد إبرة نسيها في متاعه مسيرة أحد عشر يوماء وكان قد استعارها من شخص لقضاء حاجته بها» ونسي أن يردها إلى صاحبها قبل أن يسافر؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان المجاورين» ودربوا أطفالكم على الدين؛ والخير» والويهان بيوم الحساب, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: ألا يأذن لفقراء الزاوية في المثي في زفة نحتان أو عرس؛ إلا إن كان لا يخاف عليه من ازدراء نعمة الله تعالى عليم إذا رأوا تلك الثياب الفاخرة التي في الزّفة» ولا يشتغلون بذلك عن ربهم ونحو ذلك من الأمور المطلوبة شرعًا؛ فإن حاف عليه شيئًا من ذلك» أو اطلع على عدم صلاح نيتهم في ذلك» منعهم من الذهاب إليهاء ولا ينبغي له التعلل بكسر خاطر صاحب الزفة؛ لأن مثل هذا في العقل كالطفل» والأطفال لا يجابون إلى كل ما دعتهم نفسهم إليه؛ فاعلم ذلك» ودر مع الحق تعالى وشرعه؛ ولا تضع ميزان الشريعة والنصح للمسلمين من يدك. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: ألا يتساهل في السكوت على محبة مريده؛ لمن أحسن إليه من التجار والمباشرين والأمراء؛ فإن ذلك غش للمريد وإتعاب للشيخ» وحكم هذا المريد حكم من دخل في فم التمساح» وطلب من شيخه استخلاصه من فم
-”84-
التمساح؛ فيقامي الشيخ ما لا يطيقه عادةٌ» حتى يخرجه من فم التمساح؛ ويحتاج إلى تعب عظيم في مداواة ذلك المريد؛ فإن التمساح إنا كان دغدغ جسمه وعظمه؛ حين طبق عليه بأنياية؛ وكسر أضلاعه؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وإياكم أن يبلعكم التمساح الذي هو المحسن إليكم من الناس» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ والنقيب: أن ينهضوا همة كل من يخدم الفقراء» وكذلك يقووا قلب المخدومين على ما هم فيه من العبادة؛ فإن العلة في كسل الخدام مركبة من ضعف العزم في طلب الثواب على ذلك من الله في الدار الآخرة» ومن ضعف داعية الفقراء عن العبادة» وكثرة إدبارهم عن الله ك؛ فإذا أخذ المجاورون في العبادة والإقبال على الله» وقويت داعية الخدام في طلب الثواب من الله» سارت المركب بأهلهاء واستراح الرئيس والنوابية.
ومن الأمور المساعدة على تقوية عزم الخدام: الإحسان إليهم عاجلاً في هذه الدار» وتفضلهم في العطية إذا حصل في الزاوية هدية من نقود أو طعام أو ثياب ونحو ذلك؛ فإن في كل إنسان جزءًا يطلب الدنياء ولو ارتفعت درجته؛ ما عدا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فمن هذا الجزء يحصل الملل عن فعل الخير تحابًا بلا عوض في الدنياء ثم إن الملل يختلف باختلاف الناس؛ فمنهم من يعمل طلبه للعرضء ومنهم من يقل؛ فاعلم ذلك أبها الشيخ والنقيب وكبراء الزاوية» وداووا كل من ثرونه ضعيف العزم عن فعل الخير؛ نصيحةً له» وتحصيلاً لمنفعة الإخوان به؛ وإذا فرقتم شيئًاء فزيدوا كل من كان أكثر نفعًا في الزاوية في أمور الدنيا أو الآخرة؛ كالقائمين بشعار الدين فيهاء والمخلصين في الخدمة أو غير المخلصين؛ رجاء أن يخلصًوا بعد ذلك إن شاء الله
-516-
تعالى.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي يقول: لا ينبغي لشبخ الزاوية: أن يغفل عن ترغيب المجاورين في فعل الخير كلما تقارب الزمان؛ فإن الهمم تزداد فتورًا كلما طال عليها الأمد» قال تعالل: :9 تَطَالَ عَم مد مقت مومهم #«الحديد: )1١ ومعلوم أن الكسل عن فعل الخيرات» إن) يقع بعد حجاب القلب عن شهود الآخرة وقساوته وقد أشار إلى ما ذكرناه قوله يِل لأصحابه: «سيأت على الناس زمان يكون ثواب العامل فيه كأجر خمسين منكم)"؛ أي: من أمثالكم وإلاء فقد قال ولك في حق خواص أصحابه: «لو أنفق رجل مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)”» انتهى.
فلذلك قلنا: أي: من أمثالهم لا من أعيائهم» وفاءً بحق الصحابة وأدبًا معهم.
وسمعت سيدي الشيخ أبا الحسن الغمري يقول: ينبغي لشيخ الزاوية: أن يتلطف بخدام الزاوية إذا رأى أحدهم كسل عن فعل الخير؛ لأن غالب الناس اليوم قد صاروا في غمرة وحجاب عن شهود الحق تعالى وشهودهم ثوابه؛ حتى يعاملون خالصاء أو لأجل الثواب» فيحتاج الشيخ إلى سياسة عظيمة» وتعب في تلطيف كتائف الخدام؛ حتى يقوموا بخدمة الزاوية؛ انتهى.
وينبغي للشبخ أيضًا: أن يخبر الفقراء بأن طريق القوم جهاد مع النفس والشيطان على الدوام» ما داموا في دار التكليف؛ فلا ينفك أحدهم من عمل صالح؛ إلا وينتقل إلى عمل صالح حتى يموتء ويتلوا عليهم نحو قوله تعالل: «( يَكأَيْهَا )١( رواه البيهقي في السئن الكيرى »)4١/٠١( والطبراني في الكبير »)١117//117( والأوسط (/ 7107) بنحوه.
(؟) رواه البخاري (7/ 417 117)؛ ومسلم »)١1971//5( والترمذي (0/ 148).
- 7”
م بر
لدت عامَثُوأ ضير أوَصَاِرُوأ ورَايِطُوأ ونوا َه لمَلّكُمْ سورت 6 (آل عمران: )٠٠١ اوسا و م امو اخلصوا في ذلك؛ لتجدوا ثوابه في الآخرة» فمن لم يصبره ولم يصابر» ولم يرابط» ولم يخلص في علمه وعمله فاته الثواب -انتهى- والحمد لله رب العالمين.
ويتبغي لجميع ادام الذين في الزاوية: أن تكون ثيابهم سوداء أو زرقاء؛ لتحمل الوسخ» ويخف عنهم كلفة غسلهاء ولا يلبس أحدهم البياض إلا يوم الجمعة؛ كما مر تقريره مراراء لاسيم| الطباخ والعجان ومُلّاء الميضأة.
وسمعت سيدي محمد بن عنان #ه يقول: من شرط الفقراء الذين يخدمون في الزاوية: قصر الثياب والأكىام؛ وشدة العزم؛ فيكون أحدهم كالفرس المسرج الملجم على الدوام» فكل نقيب اعتنى بغسل ثيابه البييض» فقد تودع من صلاحه؛ انتهى.
وقد ابتليت بنقيب عندي لم يزل يعتني بغسل ثيابه وعمامته» فأزجره على ذلك وانتهره؛ فيقول: تبت إلى الله تعالى ثم بعد يوم أو يومين أجده غائبًا يغسل ثيابه» فلما تكرر ذلك منه كثيرّاء علمت أنه لم يؤهل لمقامات الرجال فتركته» فالله تعالى يمن علينا وعليه بالنظر إلى أمور آخرتناء وتنظيف محل نذلر ربناء آمين...آمين
وينبغي للشيخ وجميع المجاورين إذا كثرت الخيانة في الزاوية» ولم يعرفوا هل تلك الخيانة من جماعة الزاوية» أو من الواردين عليها من بلاد الريف وغيرها؟ أن لا يلوثوا بأحد معين بالظن, لا من المجاورين ولا من الواردين؛ لأن ذلك سوء ظن لا يجرزء وإن) الأدب أن يقفوا كلهم في الزاوية ويتوجهوا إلى الله تعالى أن يؤدب من يخون في بيته» وينتهك حرمة الزاوية إما ببلاء في جسده؛ وإما بتهمة في ببت الوالي»
-1؟”3-
وإما يتوب عليه بالاستغفار ورد المظالم إلى أهلهاء وإما يخرجه من الزاوية ليستريح الفقراء منه؛ فإن الله تعالى لا يعزب عن علمه شيء في الوجود العلوي والسفلء فيؤدبه بها شاء؛ أو يتوب عليه أو يخرجه من الزاوية.
وقد فعلت أنا والفقراء ذلك مرارًا؛ فتارة يظهر الحرام؛ وتارة يخرج السارق بنفسه من غير إخراج» وقد عمّت البلوى في الزوايا والمساجد؛ بسرقة العمائم والنعال وغيرها من الأمتعة» فلا يكاد مسجد الآن في مصر يخلو من سارق» وذلك من أقبح خصال المسلمين» حتى أن بعض النصارى إذا وضع نعله في الكنيسة ونسي مكائه يقرل للرهبان: كأنكم ناوون أن تبلوا دينكم كا يفعل المسلمون في مساجدهم» وهذا من أقبح التوبيخ لفسقة المسلمين.
وقد غفلنا مرة عن حاصل القمح في الزاوية» فسرق جماعة من المجاورين منه في ثلاث ليال نحو خمسين إردبّاء فكانوا يغلقون باب صحن الزاوية الذي بين المجاورين وبين حاصل القمح» ويحملون منه الغرائر إلى بيت بجوار الزاوية بعد نوم الناس» ويبيعون ذلك للطحانين» فتبعنا أثر القمح وقبضنا عليهم؛ فاعترفوا بذلك» ثم خرجوا من الزاوية.
وما وقع أن بعض المجاورين أكثر من الهيام في الذكر» حتى كان يضرب به ل اا أصحابهاء ويفتتح خزائنهم في الليل» ويأخذ أمتعتهم فأخرجره؛ وبعضهم رأى شخصًا معه حمسراثة دينار في زاوية سيدي مدين فوضعها في خلوته. فعمل أعمى مدة كذا كذا شهرء حتى غاب صاحب الخلوة؛ فأخذ الخمساثة دينار تلك الليلة»
سورد
وخرج بصير العيون أعمى القلب؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وتوجهوا إلى الله في إخراج من يخون عندكم. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين: أن يرشدوا عيالهم إلى فعل الأوراد الواردة في السئة» وإلى جميع الآداب والأخلاق التي يسمعوما من الشيخ؛ وإلا رغبوهن في محبة الشيخ» وأمروهن أن يسألن الشيخ أن يجعل لمن وقنًا يجتمعن معه فيه؛ ليعلمهن ما يجهلنه من أمور دينهن؛ كما كان عليه سيدي أحمد الزاهد #لكهفإن الله تعالى وصف المؤمنات با وصف به الذكوره بقوله تعالى: 88 إِنَّ المشلييت> وَالْسْيمت َالْمؤمديس> وَالْمْوْئت وَالَْنَ وات © (الاحزاب: 0") إلى آخر النسق» فجعل هن نصيبًا من جميع ما جعله للمؤمنين؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وكملوا إحسانكم إلى عيالكم بإكال ما يتقن من دينهن؛ فإن ذلك أعظم من الإحسان إليهن بأمور الدنياء ولا تحوجوهن إلى الخروج إلى واعظ يحضرن مجلسه؛ فإن في ذلك عدة مفاسد» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين: أن يزجروا عيالهم إذا حكين لهم صورة امرأة من الأجانبء أو ذكرتها بنقص؛ لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد» وإن هجر أحدهم زوجته الليالي والأيام في الفراش كان أزجر لا وأرضى لله كبك وقد هجر النبي ك4 بعض نسائه لما ذكرت ضرتها بنقصء مع ما عند الضرائر من شدة الغيرة ولم يعذرها في ذلك؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان واتبعوا شريعة نبيكم» ولا تتساهلوا في ترك العمل بشيء منهاء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقراء الزاوية إذا كانوا يأكلون من وقف الزاوية» أو مما يفتح الله تعالى وليس لأحدهم نصيب معين على عمل معين» ألا يتصدق با زاد عن حاجته على
سرؤارة
أحد من الطوافين الذي يسألون الناس إلا بإذن الناظر؛ لاسيما إن كان المجاورون في الزاوية كثيرّاء وهذا أمر يقع فيه نساء المجاورين» وليس لأحدهن ذلك؛ بل يجب عليها رد كل ما زاد عن حاجتها إلى النقيب» وإن طلبت التصدق؟ فلتتصدق من كسبهاء وخياطتهاء وغزها؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا عليه» والحمد لله رك القائين: ْ
ينبغي لجميع فقراء المجاورين: ألا يغمس أحدهم شرموطًا من قناديل المسجد؛ لينزل به الميضأة مثلاً إلا بإذن الوقاد.الدّين الخبّر العالم بالحلال والحرام؛ فإن كان قليل الدين» فلا عبرة بإذنه في ذلك وهو حرام؛ لأن قناديل المسجد إن) جعلت. لتنور على المصلين» اللهم إلا أن ينطفئ نور المبضأة في الليالي المظلمة؛ فلا بأس بتغميس الشرموط لدخول الميضأة في الليل؛ لثلا يتندنجسء أو خوفًا من أن يعبث به الجن مثلاًء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للمنشد في مجلس الذكر: ألا ينشد داثً) إلا بعد أن يشير عليه شيخ المجلس بالإنشاد» وكا إذا رأى همة الذاكرين فترت عن الذكر» بتشتت قلوبهم في أودية #موم الدنياء فعند ذلك يشير عليه بالإنشاد؛ ليجتمع بتلك المعاني أو الصوت الحسن قلوبهم على حان الذكرء وكتب القوم ورسائلهم مشحونة بذلك في مجالس اجتماعهم؟ كقولهم: اجتمع الجنيد» والشبلي» وأبو حفص الحداد» وفلان وفلان؛ فأشاروا إلى القول بأن يسمعهم شيئًاء فأنشدهم كذا...كذاء فعلم أن من أدب المنشد أن يكون ملاحظًا بعينه لشيخ المجلس؛ فإن أشار إليه بالإنشاد أنشد» وإلا ترك الإنشاد وذكر الله تعالى مع الفقراء. ١ش
وسمعت سيدي عليًا المرصفي الله يقول: لا ينبغي للمنشد أن ينشد
- 754
للذاكرين؛ إلا إن سرى فيه حال الذكرء وامتلاً قلبه من معناهء وإلا فإنشاد الفقير وهو خال عن ذلك الشعور ربا فرق قلوب الذاكرين» وكان وزر ذلك عليه انتهى.
وقد جهدت كل الجهد أن أجعل المنشد عندنا في الزاوية يلاحظ هذا المعنى» فلم يقدّر الله له ذلك» وكثيرًا ما ينشد بغير إذن» ويكون قلوب الماعة مجتمعة فتتفرق؟ فتارة استحي من قولي له: أسكت؛ خوفًا من ثوران نفسه» وتارة أقول له: أسكت»؛ ولو كان من أهل الأدب لم ينشد دائاء إلا أن أشار عليه شيخ المجلس؛ لأن الإنشاد حكمه حكم التداوي للمريض باستعمال العقاقير» فإذا حصل الشفاء كان استعمال تلك العقاقير عبثًا لا فائدة فيه» ثم إن هذا كله من هذا المنشد يدل على أن إنشاده صار بحكم العادة» لا بحكم العبادة؛ فليتنبه منشد الفقراء لما ذكرناه» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا أراد أن يؤدي أحدًا من فقراء الزاوية بضرب أو خروج: أن يعلم فقراء الزاوية بذنبه» وما ني تأديبه من المصلحة له ولهمء ثم بعد ذلك يتفق هو وإياهم عليه» وتكون كلمتهم واحدة؛ وإلا فربما كان بين ذلك الشخصء وبين أحد من الفقراء ارتباط باطني لعلة من العلل» فيبادر إلى المعارضة في تأديبه» ويقع في سوء الأدب. ولم يرجع عن معارضة الشيخ إلا بعد استفهام الخبر» ولو أن الشيخ كان أعمله بالقضية؛ لربما كان وافق الشيخ» ولم يعارضه لا باطنًا ولا ظاهرًا؛ كا عليه أهل الأدب مع الشيخ» فليرفق الشيخ بجفاة الطبع من المجاورين؛ فإنهم في حجاب عما هو فيه من الأفعال التي تعود مصلحتها عليهم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية إذا تجدد لهم صاحب مريد أسن يصير يحضر معهم مجالس أورادهم وذكرهم: أن يبسطوا وجههم إليه» ولا يعبسوا في وجهه؛ لأن
- 590 -
مثله في مقام التأليف, وإذا طلبت من أحد من الفقراء أن يكلمه لغوّاء ويقطع الورد؛ فليقطعه؛ ويكلمه لغواء ويلاحظ الورد بقلبه؛ حتى لا يفوته الأجر بالكلية» ثم إذا ثبت في الصحبة» وصار يحب مجالس الخير» ويكره من يشغله عنها فهناك يستغنى عن التأليف. فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وداروا الضعفاء من إخوانكم بالكلام المباح» فإذا قوي فلا حرج عليكم في ترك مداواته؛ لأن الكلام اللغو مثلاً في حقه؛ كاستعمال العقاقير الخاصة بالمرضى لغير من به مرض» وذلك ملحق بالعبث؛ وإذا علمتم من هذا الصاحب أنه متى رآكم قمتم من مجلس الذكرء قام الآخر وخرج» فمن المعروف عدم قيامكم؛ تحصيلاً لمصلحة أخيكم في الخير.
ويقع لي هذا كثيرًا فربم| أكون محصورًا بالبول أو جيعاناء ويغلب على ظني أنني متى قمت؟ لقضاء الحاجة أو للأكل يقوم ذلك الشخصء فأتحمله ولا أقوم إلا إن وصلت إلى حد الضرورة؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا عليه» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يرشد المجاورين أنهم لا يضربون أحد الخصمين إذا حكموا بينهما؛ وإنما يأخذون بيد الظالم» ويكفونه عن الظلم؛ فإن يكن بذلك فلا حرج عليه» وهذا الأمر يخل به جهلة المجاورين» وربما ضربوا الخصمين؛ ليكفوهما عن بعضهماء وهو مخالف لقواعد الشريعة؛ وإنما أباح الح تعالى ذلك للمظلوم فقط بقوله تعالى: هآ مَمَنِ أعْتّدى عَلِيَكم َعيدُوأ عَيَهِ بِمِئْلٍ ما أَعْتَدَئ عَلِيَحْ © (البقرة: 5 وبقوله: 92 وَحَروا سَيْكَوْ سَيئّه يلها # (الشورى: ١؛) فلأحد المخصمين أن يدفع خصمه بالأخف فالأخف؛ ى] هو مبسوط في باب القتال من كتب الفقه» وأما غير الخصمين فليس له ذلك إلا بطريق شرعيٌ» وكثيرًا ما يأقي شخص يخلص بين
لين
المتصمين» فيمنع أحدهما عن صاحبه؛ فينقلب الخصم لمخاصمته؛ ويترك مخصمه ويصير هو خصمه؛ لاسي| الجند وحاشية الولاة» فليكن الذي يخلص بين الخصمين على حذرء ولا يخفى أن تغيير المنكر باليد إنما هو للولاة» ومن داناهم؛ كما أن تغييره باللسان إن| هو للعلاء العاملين؟ الذين يمتثل الناس أمرهم» ويسمعون نصحهمء فمن لم يكن ذا شوكة» ولا يمتثل الناس قوله؛ فليس له مد اليد إلى أحد.
وقد كان سيدي إبراهيم المتبولي #5 يقول: وظيفة الفقير في إزالة المنكر: أن يتوجه قلبه إلى الله؛ فيزيل ذلك المنكر» وأما مد يده أو كلامه فربا لا يفيد مع الوق الضرر له غالبا فاعلموا ذلك أيها الإخوان؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقير إذا كان يجتمع بطلبة العلم» ثم تركهم واجتمع بفقراء الصوفية: أن يلزم الأدب مع إخوانه الذين فارقهم» ولا يبالغ في مدح فقراء الصوفية» إلا بعد أن يرى عند أحدهم قابلية لصحبة الفقراء؛ وذلك لأن طلبة العلم في حجاب عما يذوقه الفقراء» بل ربما كان غالبهم يظن أن طريق الصوفية طريق بطالة» وهجر للعلم» ولا يكاد يشهد لهم بالكال إلا إن علقت فيه صنارة محبة الطريق» فيصير الفقير الذي كان يجتمع بطلبة العلم؛ ثم فارقهم على تحمل الكلام الجافي منهم مدة طويلة» فإنهم معذورون.
وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي #ه يقول: ملخص طريق الصوفية: أنهم يُعلّمون الفقيه الطريق الموصلة إلى العمل بها علم لا غير؛ إذ لا يلزم من معرفة الأحكام معرفة الطريق الموصلة إلى العمل ب| علم؛ لاسبم! في هذا الزمان الذي عَوِي فيه غالب الناس عن معرفة الإخلاص والورع؛ وقد كان السلف الصالح من الصحابة» والتابعين» والأئمة المجتهدين؛ والعلاء العاملين -بصفاء قلوبهم- لا
يفار
يحتاجون إلى شيخ آخرء خلاف شيخهم في الفقه؛ بل يكفيهم ذلك الشيخ عن كل
وقد كان السلف الصالح أحدهم يرفض الطالب سنئين؛ حتى يقربه العلم» ويمهد له مكانًا طاهرًا يكن فيه» فلا ذهب أولئك العلاء العاملون» واكتفى الناس بحفظ نقول العلم من غير مطالبة نفوسهم بالإخلاص في العلم والعمل» احتاج من وفقه الله تعالى لطريق السلف إلى شيخ آخر اسمه صونفي؛ أي: عالم عامل بها علم؛ يبين له عيوب الأعبال» ودسائسها با أمره الله به» على وجه الكمال المأمور به شرعاء وذلك كان يأمر الطالب بمداومة الجوع؛ والعزلة» والصمت,ء وذكر الله سرّا وجهرّاء ليلاً ونبارًا؛ حتى يحصل له منه حال» ويرق حجابه؛ فيشهد الأمور الأخروية كأنها رأى عين» فلا يكاد يفرط في فعل خير؛ مع مشاهدة ثوابه» ولا يقع في منهي؛ لمشاهدته عقابه» وهناك يعرف أن كل عمل لم يرد به وجه الله تعالى يضمحلء لا يصل إلى الآخرة منه شيء» وهناك يأخذ في الإخلاص في علمه وعمله؛ حتى يصير صوفيًا ضرورةً؛ أي: يصير عائًا عاملاً» فهذا غاية طريق التصوفء انتهى.
وكان #5 يقول: لو أن طالب العالم اهتدى إلى علل الأعمال» ما احتاج إلى الصوفية؛ لكنه عمي عن شهود العلل في علمه وعمله؛ فلزمه دعوى العلم والإخلاصء من غير علم ولا إخلاص.
وكان يقوله: من لم يعمل بعلمه على وجه الشريعة» ويختم عليه بخاتم الحقيقة» فهو إلى الإثم أقرب.
وكان يقوله: ما افترق الفقهاء عن الصوفية» إلا من حيث إن الصوني يطالب نفسه بالحقائق» بخلاف الفقيه؛ فإنه يكتفي بصورة الأعمال فقطء ولا يعرف
- 78
الطريق التي يدخل منها إلى تسهيل العمل با علم.
فإذا قلت له: أرشدن إلى طريق الإخلاص» يقول: لك اقصد يعلمك وجه الله دون الأغراض النفسانية» هذا غاية ما يرشده إليه؛ بخلاف ما إذا قلت للصوفي: أرشدني إلى طريق الإخلاص؛ يقول لك: أكثر من ذكر الله قبك؛ حتى يرق حجاب نفسكء وتشهد الفعل البارز على يديك خلقًا لله تعالى وحده. وليس لك منه إلا كونك محلاً لبروزه لا غير؛ من حيث إن الأعمال أعراضء والعرض لا يقوم بنفسه؛ فلا دلا من جسم يظهر منه» فهذا هو الإخلاص» وأما الفقيه؛ فيأمرك بالإخلاص مع شهودك العمل لنفسك بالكلية» أو على حكم أن النصف لكء والنصف الآخر لله» ومن لازم ذلك كثرت العلل تبعًا للذات المعلولة» بخلاف الفعل إذا كان للحق -جل وعلا- فلا يصح دخول علة فيه فعلم أن من شهد الفعل له وطلب الإخلاص؛ فقد أخطأ الطريق.
وفي كلام الشيخ عز الدين بن عبد السلام' مما يدلك يا أخي على أن الصوفية
)١( هو سلطان العلماء عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم الحسن بن محمد بن مهذب السلمي المنوفي الدمشقي عز الدين الفقيه الشافعي» كان بمصر ولد سنة 01/4 وتوفي سنة .17٠
له: الإشارة والإيجاز في بعض أنواع المجاز في القرآن. أمالي في تفسير القرآن. الإمام في أدلة الأحكام. بحار القرآن. بداية السول في تفضيل الرسول. بيان أحوال الناس يوم القيامة (بتحقيقنا). ترغيب أهل الإسلام في سكني الشام. رسالة في القطب والأبدال الأربعين وغيرهم. شجرة المعارف والأحوال (بتحقيقنا). شرح منتهى السؤل والأمل لابن الحاجب. الغاية في اختصار النهاية. القواعد الصغرى في الفروع. القواعد الكبرى. مقاصد الرعاية. فرائد الفوائد وتعارض القولين لمجتهد واحد. الفوائد في اختصار المقاصد. فوائد البلوى والمحن. الفرق بين الإسلام والإيمان. الفتاوى المصرية.
- 754 -
قعدوا على قواعد الشريعة؛ وفقد غيرهم على الرسوم ما يقع على يد أحدهم من الكرامات» والخوارق الدالة على صدقهم في اتباع الشارع؛ فإن الكرامات فرع المعجزات» فى تدل المعجزات على صدق الأنبياء» فكذلك الكرامات تدل على صدق الأولياء؛ فمن وقف على ظاهر الفقه» ولم يصل إلى مقام الإخلاصء فلا بقع على يديه كرامة» ولو كان شيخ الإسلام في العرف؟ كما هو مشاهدء انتهى.
وسمعت سيدي عليًا المرصفي اله يقول: يجب على كل طالب علم اجتمع بالفقراء: كثرة الاحتمال لقول من يعدله عن طريق القوم» ويقول له: إن هؤلاء أكلة: سطلة. بطلة» ولو أنك دمت على الاشتغال بالعلم؛ لكنت الآن من جملة علماء الإسلام» ونحو ذلكء فربما حصل له الندم والتأثير؛ وذلك دليل على أنه إلى الآن لم يدخل طريق القوم؛ فإن طريقهم الاكتفاء بعلم الله تعالى فقط» ولا التفات لهم إلى ذم الخلق لهم ومدحهم.
وسمعته #5 يقول: من حصل له ندم بقول من يعذله عن طريق القوم» فهو علامة على بقاء ريائه للخلق» وأنه يعمل لأجلهم أو يشكرهم في العمل مع الله تعالى ولا يخفى ما فيه؛ فليمتحن الفقير نفسه ب لو قام يصلي طول الليل» ويحفظ جميع جوارحه الظاهرة والباطنة عن كل منهي؛ ثم أجمع الناس على أنه فاسق قليل العمل؛» أو عديم الإخلاص وينظر؛ فإن تكدرت منه شعرة واحدة» فهو لم يشم من الإخلاص رائحة.
وقد وقع لبعض طلبة العلم من جامع الأزهر أنه اجتمع بناء وأعرض عن خلطة أهل الجامع؛ فكانوا يقولون له: لأي شيء تركت العلم» واجتمعت على هؤلاء المتصوفة الجهلة؟ فكان يحصل له بذلك التأثير» وذلك أنه كل سنة يقسم
ات
«شرح المنهاج»" للشيخ شمس الدين المخطيب الشربيني؛ الذي جمع فيه زُبد ما في شرح «الروض)”. وشرح «البهجة) وشرح «الإرشاد والتصحيح)"؛ وشروح «المنهاج» كلهاء وقال لي شارحه: قد ذكرت فيه زُبدة تحريرات الشيخ شهاب الدين الرملي”؛ التي لخنصناها من دروسه مدة ثلاثين سنة» وقال لي: إن اكتفيت بمطالعة شرحي على «المنهاج» عن جميع الشروح؛ وإنه يكفي أهل درسي الكبير في جامع الأزهر» فقلت: لهذا اجتمع بنا إنك يا أخي مرائي بعلمك وعملك؛ وكيف يتأثر ثمن يقول لك أنك تركت العلم؟ وأنت كل سنة تطالع جميع ما يقال في دروس الجامع الأزهر من تحريرات المتأخرين والمتقدمين» وكيف تترك يقين ما عندك لظن ما عند الناس؟ فاستغفر وتاب إلى الله من الرياء بالله تعالى» منّ عليه بدوام ذلك...آمين.
ونظير هذه الواقعة ما وقع لبعض العلماء مع أخي أفضل الدين #الله يقول: وذلك أنه قال له: إني رأيت الليلة الماضية؛ كأني حامل شمعة نضى عل ثم انطفأت مني فخفت أن يكون قد انطفئ نور إياني» وكان عند أخي عبد أسود عشاري السن» فقال للعبد: أجب سيدك» فقال: يا سيدي هذا يدل على أن إيمانك على الفتح» كيف يؤثر عالم خيالك في عالم شهادتك» وينسخ علم ما أنت عليه من الشهادة بم يقع لك في المنام» انتهى .
)١( هو مغني المحتاج في شرح المنهاج.
(1) هو أسنى المطالب شرح روض الطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
() البهجة الوردية للقزويني؛ وتمن شرحها شيخ الإسلام زكرياء والشمس الرملي.
(4) هو الإمداد شرح الإرشاد» وفتح الجواد شرح الإرشاد كلاهما للمحقق ابن حجر ال هيتمي. (4) التصحيح هو تصحيح التنبيه للنووي.
- 33-
وسمعت سيدي عليًا المرصفي الله يقول: طريق القوم أقرب الطرق إلى الله تعالى؛ أي: إلى دوام مجالسته وشهوده؛ وذلك لأن من دخلها يصير الغالب عليه النطق باسم الله ومراقبته» وشهود أنه بين يديه بخلاف الطرق التي فيها غالب الناس؛ فإن فيها دورات طويلة» ثم قال: وقد وقع بين الجنيد وأبي العباس بن سُريج مناظرة؛ فقال الحنيد: طريقنا أقرب من طريقكم إلى الحق» فقال ابن سريج: بل طريقنا أقرب» فقال الجنيد: بيئنا وبينك البرهان؛ فأمر شخصًا برمي حجرًا في وسط حلقة الفقهاء فرماه» فقالوا كلهم: حرام عليكء ثم أمره مرة أن يلقي حجرًا في حلقة الفقراء» فرماه فصاحوا كلهم بأعلى صوتهم: الله...الله؛ فرجع إلى شريح إلى الجنيد» وصار يحضر حلقة الحنيد حتى مات,. انتهى.
وكذلك وقع للإمام محمد بن أسعد اليافعي اليمني" #الله قال: مكنت خمسة
)١( هو العلامة الشيخ عبد الله بن أسعد بن علي بن سليهان بن فلاح اليافعي الإمام عفيف الدين أبو السعادات اليمني الشافعي نزيل الحرمين ولد سنة 548 وتوفي في جمادى الآخرة من سئة 74 ثيان وستين وسبعمائة له من التصانيف: الإرشاد والتطريز في فضل ذكر الله سبحانه وتعالى وتلاوة كتابه العزيز»خلاصة المفاخر بمناقب الشيخ عبد القادر (بتحقيقنا). أطراف التواريخ. الأنوار اللائحة في أسرار الفاتحة. بهجة البدور في وصف الحور. الدر النظيم في فضائل القرآن العظيم. الدرة المستحسنة في تكرير العمرة. الراح المختوم بالدر المنظوم في مدح المشايخ أصحاب السر المكتوم. قصيدة. رسالة الملكية في طريق السادة الصوفية. روض البصائر ورياض الأبصار في معالم الأقطار والأنهار الكبار. روض الرياحين في حكايات الصالحين. سراج التوحيد الباهج. النور في تمجيد صانع الوجود. مقلب الدهور ومعرفة أدلة القبلة والأوقات المشتملات على الصلاة والصيام والفطور. عقد للآلي المفصل بالياقوت الغالي قصيدة في العقائد كفاية المعتقد ونكاية المنتقد مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعثير من حوادث الزمان وتقلب أحوال الإنسان. مرهم العلل المعطلة في الرد على أئمة المعتزلة (بتحقيقنا). مناقب الأئمة المائة من أئمة الأشعرية. المنهل المفهوم في شرح السنة المعلوم. نزهة العيون النواظر وتحفة القلوب والخواطر في اختصار روض الرياحين. نشر الريحان في فضل المتحابين في الله من الإخوان. نشر المحاسن
سرود
عشر سنة» وخاطر يدعوني إلى دوام الاشتغال بطريق الفقهاء» وخاطر يدعوني إلى الاشتغال بطريق القوم من غير ترجيح لأحد الطريقين؛ فلقبني شخص من أرباب الأحوال في شارع من شوارع زبيد» فقال: يا محمد طريق الصوفية أقرب إلى رضا الله؛ لما فيها من #بذيب الأخلاق» قلت: بم؟ قال لي: اذهب معي إلى المسجد الفلاني؛ لأريك ذلك بالفعل» قال اليافعي: فذهبت معه؛ فجلسنا في المسجد؛ ثم قال للنقيب: أذهب إلى فلان المفتي» فقل له: إن الفقراء يطلبون حضورك إليهم في مسجد كذاء فقال: نعم؛ فأمر الشيخ الجاعة ألا يتحرك أحد له؛ ولا يرد عليه السلام؛ فلا دخل فعل ذلك معه؛ فتميز من الغيظ» فقال له الشيخ: الفقراء في نفسهم منك شيء. فقال: وأنا في نفسي منكم أشياء» وأشار بأصابع يديه؛ ثم خرج يسب الفقراء» ويلوم نفسه على حضورها لمثل هؤلاء؛ فقال الشيخ لليافعي: انظر؛ ثم أرسل إلى فقير من فقراء زبيد» وأمر الناس أن يفعلوا معه؛ كا فعلوا مع ذلك العالم» ففعلوا فتبسم» وصار يقول: السلام عليكم؛ أنا مسلم من إخوانكم العصاة؛ فأعطوني الأمان» فقال له الشيخ: الفقراء في نفسهم منك شيء؛ فأحذ النعال ووضعها على رأسه؛ وقال: أقول استغفر الله» وجزاكم الله خيرًا على تنبيهي على نقائصيء ولم يزل واقفًا والنعال على رأسه» يطلب رضًا القوم عنه؛ فقال: يا محمد انظر ثمرة طريق القوم» وثمرة طريق الفقهاء» قال اليافعي: فأقبلت من ذلك اليوم على طريق القوم إلى وقتي هذاء
الغالية في فضل المشايخ أولى المقامات العالية. نفحات الأزهار ولمعات الأنوار. نوادر المعاني. تاج الروس في الذيل المأنوس على سوق العروس. الدرة الفصيحة في الوعظ والنصيحة. روض الرياحين. ترياق العشاق في مددح حبيب الخلق والمخلاق. حلية الأخيار في أخبار أهل الأسرار. مهيجة الأشجان في ذكر الأحباب والأوطان. الشهد الحالي في فضل الصالحين ومقامهم العالي. الشهد الشفا في مدح المصطفى. عالي الرفعة في حديث السبعة. شمس الإيمان وتوحيد الرحمن في عقيدة أهل الحق والإتقان.
الرارارة
انتهى.
وحكى لي سيدي علي المرصفي #الله: أن جماعة الشيخ عبادة المالكي”- مفتي مصر- تركوا مجالسته وصاروا يحضرون مجلس سيدي الشيخ مدين» فصار الشيخ عبادة يحط عليهم ويقول: أتتركون العلم» وتشتغلون بطريق البطالين؟ فبلغ ذلك الشيخ مدين» فأرسل وراء الشيخ عبادة في مولده الكبير الذي يعمله كل سنة» وقال: لا أحد يتحرك للشيخ عبادة إذا جاءء ولا يفتح له ولا يلتفت إليه؛ فلما دخل الشيخ عبادة لم يقم أحد له؛ ولم يلتفت إليه؛ فضاقت عليه الدنياء وندم على حضوره؛ فرفع 'سيدي مدين رأسه وقال: أفسحوا للشيخ ليجلس قريبًا ففعلواء وأوهمه أنه لم يعلم به؛ فلما جلس بجانب سيدي مدين قال له: سؤال حضرء فقال: قولواء فقال: هل يجوز لمسلم أن يقوم لمشرك مع أمانه من شره؟ وهل يجوز لمسلم أن يقول لإخوانه لا يرضيني منكم في التعظيم إلا أن تعظموني» وتقوموا لي؛ كا تقومون لربكم في الصلاة؟ فقال الشيخ عبادة: أما الأول فيحرم ذلك عليه» وأما الثاني فيكفر؛ فقال سيدي مدين: الله عليك...آما تكدرت من عدم قيام الناس لك» وطلبت منهم القيام لك؛ فنهض الشيخ عبادة قائّاء وقال بأعلى صوته: أشهدوا كلكم على أني أسلمت على يدي الشيخ إسلامًا جديدًاء وهذا أول دخولي في دين الإسلام؛ ثم لم يزل ملازمًا لسيدي مدين إلى أن حضرنه الوفاة» فأوصى أن يُدفن في تربة فقراء سهدي مدين - خخارج باب النصر نحت عتبة التربة - انتهى. )١( هو العلامة الشيخ عبادة بن علي بن صالح بن عبد المنعم بن سراج بن نجم بن فضل بن فهد» شيخ الإسلام زين الدين بن نور الدين الزرزاري الأنصاري المالكي؛ شيخ المالكية بالديار المصرية في زمانه. [المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي (؟/71].
غ79 -
فاعلم ذلك أبها الفقيه الذي اجتمع بالفقراء» واشكر ربك على اجتماعك بأوليائه وأصفيائه» وراع ربك وحده. ولا تطلب لك مقامًا عند الخلق؛ تمت على أسوأ حال؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين: أن يفرحوا كلما حرمهم الشيخ شيئًا من الدنياء وأعطى ذلك لغيرهم؛ من حيث إن ذلك علامة على شهود الشيخ بقوة قدمهم في محبة الطريق» ولو أنه رأى قدمهم متزلزلاً؛ لقدمهم في العطاء على غيرهم.
وسمعت سيدي عليّا المرصفي #الكه يقول: إذا رأيتم شيخكم يقدمكم في العطاء على جميع أصحابه؛ فاعلموا أنه رأى همتكم ضعيفة ؤ, طلب الطريق» ولو أنه رأى همنكم قوية؛ لكان حرمكم كما حرم أكابر الزاوية» فإياكم أن تعترضوا على شيخكم إذا أعطى أحدًا من طلبة العلم عامة أو صوفاء ول يعط ذلك لكم؛ فإنه يريد بذلك تأليفه على الطريق» وأما أنتم فقد فرغ من تأليفه» فاشكروا الشبخ على حرمانكم, والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين إذا ربى أحدهم دجاجاء أو طلب أن يطبخ في بيته طعامًا خاضًا به دون ضيوفه وإخوانه: ألا يعلف الدجاج من قمح الفقراء» ولا يطبخ من حطبهم الذي في الحاصل إلا بإذن من جميع الفقراء؛ وإن كان منهم قاصرون من الأيتام وغيرهم» فينبغي له أن يكتفي بإذن الأكابر البالغين؛ لعدم صحة إذن الأطفال فيا يخصهم من ذلك القمح» والحطب الآني للزاوية من الوقف ومن صدقات الناس» وكل مجاور علف دجاجة من القمح المذكور أو طبخ من الحطب المذكور» فقد أكل شبهة؛ فاعلموا ذلك أيها المجاورون؛ واعملوا على تحصيل مقام الإيثار لبعضكم بعضًاء حتى يصير أحدكم يطيب خاطره بكل شيء يأخذه أخوه مما
- 750-
يخصه؛ ثم خذوا من القمح» والعسل» والحطب, والأرز» ونحو ذلك ما شئتم سر وجهرًا؛ ىا كان عليه الفقراء الصادقون الذي كان أحدهم يدخل بيتهم في غيبتهم ويتصرف في] يجده فيه من النقد» والطعام؛ والثياب» ويتصدق به ويهادي به؟ ثم يدخل أحدهم بيته» فيحكون له ما فعل أخوه فيخر ساجدًا شكرًا لله على وجود مثل ذلك الأخ الصالح» وما دمتم أبها الإخوان لم تصلوا إلى مقام الإيثار؛ فاشكروا نفوسكم عن التخصص.ء ولو أن النقيب أعطى أحدكم شيئًا من غير علم إخوانه» فمن الدين رده عليه» وبذلك يزداد رزق الزاوية عليكم» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: ألا يطلب أحدهم من الشيخ إلا ما لا بد منه من سد الجوعة وستر العورة» ولو كسرة شعير أو قطعة جبن ما دام سالكًا في الطريق» ومن طلب من شيخه زيادة على ذلك» فقد خرج عن محبته» ونكص على عقبيه» وقد أجمعوا على وجوب تجرد الفقير من كل أمر زائد عن الضرورة مطلقا في: مأكله. وملبسه؛ ومنامه» وكلامه» وخلطته. وغير ذلك. إليه من أصحاب الشيخ» أو غيرهم في المحبة على الشبخ؛ فإنه ربا مقته الله» وجعله غلامًا لأبناء الدنيا يمخدمهم إلى أن يموت على أسوأ حال؛ ى! وقع لبعض من يعاشر أبناء الدنيا من المجاورين» ويطلب أن يكون لباسه كلباسهم. وطعامه كطعامهم؛ الشيخ بإحسانه إليهم؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء.
وليحذر أحدكم أن يقول للشيخ: إني والله أحبكم أكثر من فلان المحسن إلي» وإنه لولاكم لما أحسن لي» والحال بخلاف ذلكء قال الناقد بصير: وقد ادعى فقير
ا
عندي ذلك؛ فقلت له: سافر إلى الجزيرة التي فيها الحطب للفقراء فائتنا بشيء منه» فحك في أذنه وقال: إن بدني ضعيف عن السفر» فعقب ذلك: سأله شخص يحسن إليه في قضاء حاجة أبعد من الجزيرة بسفر يومين» فخرج لذلك السفر قبل العيد بيوم منشرحًاء وترك يوم عيد الفطر عند شيخه وعياله؛ ولم يتعلل بمرض ولا ببعد مسافة؛ فالله تعالى يحمي فقراء الزاوية من مثل ذلك» ويخعل أحدهم قانعًا باللقمة والخلقة؛ حتى يبلغ مبلغ الرجال وتصير الدنيا تجري وراءه فلا يلتفت إليها؛ امن نامي
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: ألا ينظروا عدمهم إلى ثياب من كان مجاورًا عندهم؛ ثم فارقهم وسعى في الدنياء وصار له ثياب حسنة» وامرأة سميئة وخادم؛ وصار يحلف بالعتق؛ لأن النظر إلى مثل هذا حمية للضعفاء» وليتأمل الفقراء في حال هذا تجده ما حصل تلك الأمور إلا بإدباره عن ربه قبْدَ وإقباله على الدنياء وترك مجالس الذكر والأوراد والمناقشات» وتقديمه دنياه على آخرته. ولو أنه كان تمن يقدم الآخرة على الدنيا؛ ما فارق شيخه ولا إخوانه» ولدام على القناعة بالحبة الخشنة» وغيرها من أمور الفقراء الزاهدين في الدنياء حتى أن بعضهم ترك الفراش والمخدة وصار ينام على التراب؛ فلا تنظروا أيها الفقراءء إلا لمن فارقكم لأعمال أخروية هي أفضل مما أنتم فيه» والله يتولى هداكم وهو يتولى الصا حين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: أن يلقوا باهم لمن يخل بوظيفته ويكتفي برفيقه فيها؛ كالمؤذنين الذين كل اثنين منهم في نوبة» فيكسل أحدهم عن الآذان» أو يؤذن ويذهب من غير صلاة؛ فإن مثل ذلك علامة على الخذلان وعدم التوفيق؟ ومن هنا وضع الواقفون للمساجد المشدّ» وكاتب الغيبة الذي يضبط على أصحاب الوظائف
- 55 -
أوقات التعكيس» وجعلوا ميقانًا ينبهم على أوقات الصلاة؛ لاسيها إن كان المؤذن صاحب كتبة كبلع الحشيش؛ فإنه ربا نام في الآذان» واضطجع في الدرابزين إذا نسم عليه الربح؛ كا رأيت ذلك في بعض المدارس» فصار المشد يضربه؛ ليكمل الآذان فلا يقوم؛ فمثل هذا ينبغي للفقراء أن يكفوا الشيخ المؤنة فيه ولا يحوجوا الشيخ؛ لأن يكتب الغيبة عليه أو يتبع أحواله» ويجعلوا الشيخ لما هو أهم من ذلك من المناقشات» وجمع شمل نظام الفقراء» وتبيئة خبزهم وطعامهم» وإرشادهم إلى علل أعالهم؛ ونحو ذلك.
وقد كان عندنا بمدرسة «أم خوند» مؤذن من الصالحين اسمه: الشيخ محمد الصعيديء كان إذا مرض يزحف في المئارة درجة... درجة ولا يستنيب؟ فقلت له: في ذلك» فقال: إذا أذن غيري كتب ثواب ذلك في صحائفه دوني؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان» ونبهوا بعضكم بعضًا على الخيرات بسياسة ورحمة» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للفقراء: ألا ينكروا على من ترك تورع تارة؛ كالذي يذهب إلى طعام الظلمة» والكاسين في بعض الأوقات اختيارًا؛ ثم يسألونه ويقسمون عليه مرة أخرى: أن يذهب إلى وليمتهم؛ فيأكل من طعامهم فلا يجيب!؛ فيقول بعض الناس عليه مرة: هذا كله تنطع ورياءء ولأي شيء أكل طعام فلان أمسء واليوم يتورع عنه؟ فإن هذا الإنكار من الجهل؛ لأنه يرجع إلى أمره بأن يتورع مُطلقًا أو يأكل مطلقاء وذلك معارض لقوله ي: «إذا مبيتكم عن أمر فاجتنبوه» وإذا أمرتكم بأمر
فأتوا منه ما استطعتم)”» انتهى.
2907/6 رواه البخاري (5700/8/94)) ومسلم (؟/ )١(
-7”8-
وقد يكون بعض طعام الظالم في بعض الأوقات حلالاً» فلا يؤمر أحد بالتورع عنه» وقد يكون طعام التاجر حرامًا فلا يؤمر أحد بالأكل منه؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء» وافرحوا لأخيكم إذا تورع» ولو مرة واحدة في السنة» ولا تقولوا: إنك م تزل تأكل الحرام؛ فلأي شيء تنورع اليوم؟! ورغبوه في التورع جهدكم.
واعلموا أيها الإخوان: أن غالب الناس اليوم قد صار في غفلة. وغمرة عن فعل ما يصلحهم» ويرفع درجاتهم» أو يزحزحهم عن النار» وصاروا يتكرون عل من خالفهم في أكل الشبهات وتورع؛ حتى كأنه خرج عن الشرع -فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- وإن شككت في قولي هذا أيها العالم أو الصالح؛ فاحضر وليمة الباشا أو الدفتردار» مع علماء بلدك وصوفيهاء أو امتنع من الأكل دونهم» وانظر ما يقولون في حقك؛ حتى كأنك وقعت في معصية» وكان الواجب عليهم مدحك وشكرك على عدم أكلك؛ لكونك قمت بشعار ركن من أركان الدين وهو الورع؛ ثم يحزنون على أنفسهم, ويندمون غاية الندم» وفي الحديث مرفوعا (وخير دينكم الورع»”» انتهى.
ف جعله الشارع خير ما في الدين» كيف يجوز لأحد أن ينكره على فاعله؟ فإياكم أبها الإخوان من الإنكار على من تورع من إخوانكم؛ ثم إياكم؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لشي الزاوية إذا كان هو الناظر على وقفها: أن يحذر الجحابي لوقفها: ألا يتساهل بإطعام الشيخ شيئًا منه بغير طريق شرعي؛ لاسيم| إن كان الجابي معدودًا من
)١( رواه أبو نعيم في الحلية (؟/ 550)» والطبراني في الأوسط (4/ 41١)؛ وراجع كتاب الشيخ: «الدرر واللمع في بيان الصدق في الزهد والورع» بتحقيقنا بمشاركة أخينا الدكتور محمد نصار النقشبندي.
- 9
تلامذته» فإن الواجب عليه جزمًا أن يحميه من مثل ذلك؛ لثلا يتلف قلب شيخ فيعدم النفع به» هذا إذا كان الجابي من أهل الدين والخير؛ فإن كان قليل الدين فربا تعمد إطعام الناظر من الوقف. وزين له أنه يستحق مثل ذلك, ويقول له: لولا وجودكم ما وصل فقراء الزاوية إلى بىء من الوقف؛ وقصده: أن يلطخ الناظر بأكل ما لايحل له؛ ليصير إذا أنكر على الجابي يقول له: وأنت الآخر قد أكلت كذا...كذا؛ فخلص ذمتك منه؛ فربيا كان الناظر عاجرًا عن وزن مثله ل+مهة الوقف. فلا يسعه إلا السكوت على ما يأكله الجابي.
فاعلم ذلك أيها الجابي» ولا تطعم الناظر إلا ما تعلم أنه حقه» بطريق واضح لا شبهة فيه ولا تلبيس» وقد سألت الحباة في الزاوية مرارًا: ألا يطعموني ولا عيالي؛ إلا ما يعلمون أنه لي» وإن أطعموني ما ليس لي فالله تعالى خصمهم في الآخرة» وإنما كنت أسأهم في ذلك؛ لكون جهاتي الخاصة بي قد خلطتها مع وقف الفقراء وجعلت شيء فيها كأحدهم, لا أتميز عنهم بشيء إلا لضرورة:؛ ولو أنها كانت منفردة عن الوقف؟؛ لكنت كالأجنبي عن الفقراء» فكان لا يخفى علي حكم ما يطعمه لي الجابي» وكنت لا أقبله أبدّاء وأنا أوصي كل ناظر يق بعدي على الزاوية: أن لا يتخصص عن الفقراء بشيء إلا بطريق شرعيء ولا يخلط ماله بوال الوقف؛ فإن ذلك ولك أخلص لمقامه ودينه» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشيخ والمجاورين: أن يكون عندهم شخص يضحكهم إذا حصل لهم نظرية من الجوع والمجاهدة؛ يخرجهم ذلك عن حد العبوس؛ كما كان نعيمان #5 يفعل مع رسول الله وَل وأصحابه» ونرجو أن لا يكون عليه من ذلك تبعة في الآخرة؛ وقد كان و يمزح مع أصحابه من النساء» والرجال؛ والأطفال؛ ولا يقول إلا حقّاء
9+
فقال مرة لعجوز: (إنه لا يدخل الجنة عجوز»”» وقال: (يا أبا عمير ما فعل النغير؟"”"» وقال لشخص مرة: «أحملك على ولد الناقة»”"؛ يعني: الجمل الكبير.
وفي كلام الإمام على #: لا بأس للرجل بالفاكهة في الكلام؛ ليخرج بذلك عن حد العبوس» وإنم| كان مزحه حمًا يلك في هذا الذي قاله؛ لأن الجنة لا يدخلها عجوزء وإنا هن كلهن بنات ثلاث وثلاثين سنة كا ورد؛ وأما قوله: يا أبا عمير؛ فوجهه لينزل لعقل الطفل.
وثما وقع: أن النبي يلك جاء من خلف إنسان» ووضع يده على عينيه فغماه؛ ى| تفعل الأطفال مع بعضهم» وكما وقع: قال النبي وله: «من يشتري العبد»": فقال ذلك الإنسان: إذن تجدني والله يا رسول الله كاسد .وما وقع لنعييان مع رسول الله : أنه وجد ني السوق سلة عنب مليح» فقال لصاحبها: اتبعني بها إلى الدار, فأدخلها دار رسول الله يله وقال لصاحب العنب: قف فخذ ثمنهاء وذهب نعيمان إلى حال سبيله يظن رسول الله يلِكُ أن ذلك هدية» وأكل منها وفرقها؛ وإذ بالرجل يطلب ثمنها فقال له: «من دلك على دارنا؟»» فقال: نعيان» فأرسل رسول الله وَل خلفه فحضرء فقال: «ما حملك على هذا ونحن ليس عندنا اليوم ثمن ذلك»» فقال:
.)77”0( رواه أبو الشيخ في «أخلاق النبي و (/ا/19)) والبيهقي في #البعث والنشور» )١(
(؟) رواه البخاري (6/ ))5141-711١ والترمذي (؟/ 1054).
(؟)أخرجه أحمد (7/ 7517 (1786617)» والبّخَارِي في «الأدب المفردا 758 وأبو داود (44944)) وَالتَدْمذِي 194١ » وفي «الشّمائل» ))١78( وأبو يَعْلَ في لمسنده؛ (81/87/5).
(4) رواه أحمد (9/ »)١151 والطبراني في «الكبير؟ (0/ 4 /70).
-751-
يا رسول الله أحببت أن أطعمك منه وليس معي ثمنه؛ فضحك النبي ولخ".
ومن وقائعه أيضًا: أنه رأى شخصًا أعمى من أكابر زهرة يقول: من يدلني على البراز؟ فسمعه نعيان» فأخذ بيده وأجلسه في المحراب» وقال له: اقض حاجتك هناء فشمر الرجل ثيابه وتبيأ لقضاء الحاجة؛ فناداه الناس: إنك في محراب المسجد» فقام وأرخى ثيابه» فقال: من قادني إلى هنا؟ فقالوا له: نعيهان» فقال: لعن وجدته لأضربه بالعصاء فسمع بذلك نعيمان؛ فآتاه وقال له: هل لك في نعيمان؟ فقال: نعم» فأوقفه على عثمان بن عفان وهو ساجدء فقال: هذا نعييان؛ فعلاه الأعمى بالعصا على مقعدته وظهره؛ وهو ساجد فصاح الناس أمير المؤمنين» فقال: من قادني إليه فقالوا: نعيمان» انتهى.
وسمعت سيدي محمد السروري #قللته يقول: ينبغي لشيخ الزاوية أن يكون حوله شخص قوي الوجه. يتكلم بالحق الذي يستحي الشيخ أن يتكلم به؛ كما إذا رأى سائلاً يسأل من الشيخ ثوبه» ويدعي أن ذلك على وجه التبرك بهاء فيقول له: إن عندنا جملة من شعر رأس الشيخ» فخذ لك منه ثلاث شعرات فتبرك بهاء فإنها أولى من الثوب؟ لأنها جزء من جسم الشيخ بخلاف الثوبء فينتفع الشيخ والسائل بذلك» أما الشيخ فقد يكون فقيراء ليس له ثوب غير ذلك» وأما السائل فحماه عن أخذ ثوب الشيخ بسيف ا حياء» انتهى.
وقد قيض الله تعالل عندي ولدًا اسمه: علي التلباني لم يزل يفعل مثل ذلك مع الذين يسألونٍ الثياب» فيقول لأحدهم: إن عندي شيئًا من شعر الشيخ؛ فإن كنت (١)أخرجه أحمد "١7/1( )ء وابن ماجه (71/19),
-74-
تطلب التبرك أتيتك بشيء منهء فيذهب ذلك السائل» ويتبين أن سؤاله؛ إنها هو استكثار من الدنياء ولا يخفى ما ورد فيه من النهي.
ومن وقائعه أيضًا: أننا خرجنا لجنازة شريف خارج مصر في بلد اسمها: بلقيس» فرأى الشيخ شهاب الدين المنشاوي - الإمام بالزاوية- اكترى له حمارّاء فقال له: يا شيخ شهاب الدين ا حار مبزك فيحرك عليك الدموية» فتحتاج إلى فصد وضعف» ولكن خلني أركبه» وامش أنت خلفي أهون عليك» فقبل الشيخ شهاب الدين منه ذلك لسذاجته» فأضحك الفقراء ذهايًا وإيايًا.
وقال مرة أخرى للشيخ محمد الترساوي: اركبني معك على حمارك» فلم يرض فقال له: فاركب أنت معي» فقال: نعم» فربط ا حار بخيط؛ فصار يعرج إذا ركبه الترساويء فنزل الترساوي عنه. فحل الخيط وركبه فمشي بلا عرج.
ومن وقائعه: أن شخصًا سافر معنا من مصر» ونحن نعمر الزاوية التي في بلدئا؟ فاحتجنا إلى حماره في حمل الطوب الأحمرء فلم يسمح بذلك؛ فأخذ التلباني طوبة وخلطها خميرة عجين» ولطخ الحمار بباء وصار يحمله ويمر به على صاحبه؛ فيقول له: هذا حمار قوي لا تفتقه إلى آخر النهار؛ لظنه أنه حمار غيره» فلم يزل يستعمله إلى الغروب» فأعلموا صاحبه بذلك فغضب, فقلت له: يا تلباني ما ملك على ذلك» فقال: أحببت أن يكون له نصيب في عمارة المسجد؛ وله وقائع كثيرة فمثل هذا لا بأس به في الزاوية؛ لأنه يضحك العبوسء فلا ينبغي منعه؛ إلا إن تعدى حدود الله في الأدب بغير نية صاحة. ظ
ولما حج سيدي محمد السروي”" قال لأصحابه: اجعلوا جمالنا ساقة الحج كله
(1موسياي انمازت الكاقر »لقي الشافل ليور بانج أن الخقل» دافن قطان عطلتوك
- 745-
الكرامات؛ وعارف وصل إلى أعلى المقامات.كان طودًا عظيًا في الولاية؛ وملجأ وملادًا لطلاب الحداية. أخذ عنه نلق كثير كالشناوي» والحديدي؛ والعدل» وأضرابهم. وكان عالي الحمة» كثير الطيران من بلد لآخر. وكان يغلب عليه الحال ليلاً فيتكلم بألسئة غير عربية من: عجم» وهند» ونوبة» وغيرها. وربما وكان مبتلى بالأذى من زوجته؛ مع قدرته على هلاكها. فربا أدخل فقيرًا الخلوة» فتخرجه قبل تمام المدة» وتقول: قال لك فلان أنا ما أعمل شيخًا؟ .فلا يتكلم.وقدم مصر فسكن الزاوية الحمراء» ثم زاوية إبراهيم المواهبي» وببا مات. وعزم عليه أمير» فأجلسه في مقعده؛ فنظر إلى السقف وقال: هذا يصلح لزاويتنا. ولم يكن عمّرهاء فليا عمرها أرسل من يشتري له سقفّاء فوجد ذلك السقف بعينه يباع في السوق» فاشتراهء فهو سقفها الآن. وقال: إذا غلب على الفقير الحال» وتفلت من يده صار كالأسد إذا انفلت» يكسر كل من وجده حتى ولده وصاحبه. وقال: لقنت نحو ثلاثين ألقَاء فما عرفني منهم أحد غير الشناوي.وكان يكره للمريد قراءة أحزاب الشاذلية» ويقول: ما ثم جلاء للقلوب مثل: لا إله إلا الله. وقارئ أحزاب الشاذلية كزبال خطب بنت السلطان» وصار يقول للسلطان: أعطني بنتك؛ واجعلني جليسكء وهو لا يعرف شيئًا من آداب حضرته. وقال: ما رأينا مريدًا وصل مقامات الرجال بقراءة الأحزاب. ودخل مرة على جماعة إبراهيم الشاذلي» وهم يقولون: اللهم اجعل لنا كذاء وافعل كذا. فزجرهم وأقامهم؛ وقال: يقرل أحدكم: اجعل لي» واعمل لي» وهو لا يصلح لخدمة الخلق» فكيف بالحق؟ قال الشعراوي: وسمعته يقول: كنت جالسًا عند الشيخ يحيى المناوي في خلوته بجامع عمرو, أقرأ عليه في الأصولء وإذا بشخص أسود كبير البطن جذاء عليه خيشة؛ ومتحزم بحبل؛ وقف على رأس الشيخ» فنظر إلى الكتب التي عنده؛ وقال: ما أكثر هذه الكتب! هل تحفظها كلها؟ قال: لا. قال: أنا أحفظها كلها. فقال الشيخ: كيف ذلك؟ قال : أنا أعرف أن كل حرف منها يقول: كن رجلاً جيدًا. ثم اختفى» فلم نجده؛ فقال الشيخ: اتبعوه. فما وجده أحد. فسألت الشيخ عن كبير بطنه» فقال: يا ولدي» هذه إشارة إلى أن السيئة تضيع فيها لوسعها. فلا يؤاخذ أحدًاء بخلافنا يا ولدي» بطوننا ضيقة؛ أدنى وكان يقول: لا ينبغي لفقير الاجتماع بشيخ وعنده التفات لغيره.وقال: لا يكمل الفقير حتى يقتل الله بسببه وسيب أصحابه بعدد أعضائه من الظلمة الذين يؤدنهم.قال الشعراوي: لقنني الذكر وأنا طفل سنة اثنتي عشرة وتسعاثئة. مات بمصر سنة اثنتين وثلاثين وتسعاثة» ودفن بزاويته بين السورين. طبقات الشعراني (7/ 77١)؛ الكواكب السائرة (1/ 79)» الكواكب الدرية (819).
غ7 -
فصار أصحابه في تعب شديد؛ لكونهم لا يصلون إلى المنزل إلا قريبًا من وقت الرحيل» فلا يسع الوقت لطبخهم وراحتهم» فاتفق جماعة من جماعة الشيخ أن يزاموا بالجمال في محل آخر في مقدمة الركب» ففعلوا ووقع بينهم ضرب؟؛ فلا أخبروا الشيخ بذلك شكرهم عليه» وقال: إنا ينبغي فعلك المعروف والإيثار» مع من يقابلك بمثله؛ وأما من يكون قلبه فارغًا منك فمزاحمته أولى؛ لثلا ييلك جمالك؛ انتهى.
فإن قال قائل: ولأي شيء لم يكن الشبخ يفعل ما يفعله جماعته: من عدم إعطاء السائل ما سأل من الثياب وتقديم الجمال؛؟ حيث حصل الضرر بتأخيرهم في الساقة؟ فالجواب: إن منصب الشيخ يأبى وقوع مثل ذلك منه» وقد كان يل يعطي العطاء للسائل» ويقول: «يذهب أحدهم بهديته يتأبطها نارّاك: فقال له عمر: فلم تعطيهم النار يا رسول الله؟ فقال: «فماذا أصنم؟ يأبون إلا أن يسألوني» ويأبى الله لي البخل)”» انتهى.
وقد ورد أنه يَلِكِ أعطى سائلاً ثوبه ولم يكن عنده غيره» فجاء وقت الصلاة فلم يقدر على الخروج؟ فأنزل الله تعالى عليه: و3 ولا بجحل يدك مَعْلُولة إل عنقِك ولا سوسا ل الس فَتَفْعدَ مَنومًا تسُويًا © (الإسراء: 9؟) فمن ذلك اليوم صار لا يعطي إلا ما زاد عن ضرورته وَل فاعلموا ذلك أبها الإخوان» ولا تمنعوا من يمزح معكم في الزاوية» ويخرجكم عن حد العبوس والتطوية إلا إن خرج من سياج الأدب بالكلية؛ بل قال الإمام الشافعي ##: ينبغي للعالم الكبير أن يكون حوله من يسافه السفهاء عنه - انتهى - واللحمد لله رب العالمين.
)١( رواه الترمذي في نوادر الأصول (1/ 77) بلحوه.
- 86 -
وينبغي للشيخ والفقراء إذا اطلعوا على خيانة أحد من المجاورين في سرقة نعال الناس وعمائمهم مثلاً» وأرادوا إخراجه: أن يتفقوا مع الشيخ على أمره بمداومة الذكر» أو عمل الحوائج» والخدمة التي تشق عليه ولا يقدر على فعلها؛ ليكون هو الخارج بنفسه من غير قوله الشيخ والجاعة له: أخرج من عندنا يا حرامي؛ فإنه لا ينسب إلى ساكت قول بخلاف ما إذا مسكناه ثم أخرجناه» فإن ذلك ليس من أخلاق الفقراء. قد فعلت أنا بذلك مع شخص كنت وضعته في الخلوة على باب الفقير» فكان كل من دخل لزياري من جندي أو فلاح أو فقيه أو تاجر يأخذ نعله ويخفيه؛ ثم يبيعه بعد ذلك بمدة» وكنا لا ننطق في ذلك الفقير أنه يخون؛ فأخفيت ذلك عن إخرانه» وصرت أقول لهم: إن كنت مجاور عندي فاترك كل ما عدى الذكرء واذكر ربك فلم يقدر على ذلك» فذهب إلى الجامع الأزهر فاسترحنا منه؛ فالله يتوب علينا وعليه من غير ذلك» والحمد لله رب العالمين. وينبغي للشيخ: ألا يحضر في محفل من محافل الولاة مع العلماء والأكابر إلا إن كان يعلم من نفسه اليقظة» والقيام لكل داخل منهم» والتأخر من مكائه لأجله؛ فإن لم يعلم من نفسه اليقظة لمثل ذلك» فمن العقل حضوره في غير وقت حضور الناس؛ امتثالاً لأمر من دعاه إلى الحضور إلى عنده من الولاة؛ لأنه ربا كان يكره القيام له فلم يقم لأحدهم؛ مخافة أن يدخل عليه تكدير» أو كان حاله بعكس من ذلكء» فقامت على الشيخ القيامة ونسبوه إلى التكبر» وإلى احتقار العللاء؛ كا وقع لي ذلك مع شخص من علماء مصر أيام الباشا إسكندر وأيام الباشا علي» فمن تلك الواقعة ما حضرت محفلء وإن وقع أن الباشا كتب اسمي مع الذين يحضرون من العلماء
غ1
والفقراء؛ أستأذنه في الحضور وأحضر في غير وقت حضور الناس» وإن لم يقع مني استئذان ذهبت إلى محل الحضورء وأرسلت قول للباشا: وبعد...فإن الفقير فلانًا حضر إلى المحل الفلاني قبل الناس؛ امتثالاً لأمركم على وجه الاعتناء والمبادرة تعظيًا لأمركم؛ ولم أقصد بذلك مخالفة إشارتكم؛ فيرضى مني بذلك.
فعلم أنه ينبغي للفقير: أن يكون امتناعه من الحضور مع العلماء؟ إنها هو أيضا.
فينبغي لكل فقير طلب الحضور مع العلماء: أن يكون يقظًا وإلا لاثوا به إذا يتحرك لدخول أحد منهم؛ وربا كذبوه باللسان أو بالقلب إذا قال: إنما تركت القيام يقال فيه؛ فإغهم لا يكادون يحملونه إلا على التكبر» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يصبر على وعظ أرباب الشعائر من المؤذنين والفراشين وغيرهم روحه عليهم؛ ماداموا لم يخرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة» وبنظروا ما أعد الله تعالى لمن يخدم بيته» وينظروا ما أعد الله تعالى لمن يخدم بيته» ويدعوا الناس إلى حضرة ربهم» وبنظف مواضع وقوفهم بين يدي ربهم؛ فإذا خرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة فهناك يستريح الشيخ من وعظهم وترغيبهم في ذلك.
وقد منّ الله تعالل على جماعة من أرباب وظائف الزاوية؛ وقرأ الأسباع بها فخرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة» ورأوا ثواب الله تعالى» وما أعدّ لمن يخدم بيته ويقرأ كلامه» وأرجو لهم من فضل الله تعالى أن يمن عليهم عن قريب بأنهم يعبدون
-/ا74 -
الله تعالى» ويرون الفضل لله تعالى عليهم بتلك العبادة؛ بل لو كانت الدنيا والآخرة في يد العبد» وبدها في نظير الوقوف بين يدي الله تعالى -لحظة في العمر مرة كان ذلك
م
قليلا.
وممن علمته خرق ببصره إلى الدار الآخرة؛ واستغنى عن من ينبهه على فعل الخير: ولد عمي الشيخ عبد السلام» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ محمد الصعيدي؛ والشيخ ناصر الدين السندبسطيء والشيخ علي السرسي المؤذن» والشيخ محمد الخضريء والشيخ علي شقير» والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ علي البهوتي» والشيخ أحمد البحيري» وجميع من يقوم يتهجد في الليل ويذكر الله وك والدار الآخرة» فإنه لولا حب الله قَبْكَ والدار الآخرة ما قام في الليل» فأسأل الله تعالى أن يديم عليهم ذلك إلى المات» وأن يمن على بقية المجاورين با منٌّ عليهم - آمين...آمين- فاعلموا ذلك أبها الإخوان» وألقوا بالكم إلى تحصيل الدرجات الأخروية؛ فإنكم ما دخلتم هذه الدار إلا للتزود لتلك الدار» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ وكبراء الزاوية: أن يحققوا الورد الذي يقرأ بعد صلاة الصبح يوم المحمل أو كسر النيل بمصر؛ رحمةً بالأطفال الذين يحضرون الورد خوفًا من تنفير قلوبهم من الخير» فإن قلوبهم تصبح وهي ناظرة إلى الفرج» ولا يكاد قلب أحدهم يجتمع على قراءة الورد؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» وداووا قلوب أطفال الزاوية وإلا أخلوا بواجبات دينهم؛ أو بها هو أهم من قراءة ذلك الورد.
وقد شاور شخص سيدي عليًا الخواص #الكه على أنه يجلس للمشيخة بسلك الناس في مصرء فقال له الشيخ: افهم هذا المقال ثم اجلس أو لا تجلس» فقال: نعم»
-4غ7 -
فقال له: إذا فتح الفقيه المكتب يوم الخميس بعد العصر» وقد شردت قلوب الأطفال للانصراف فأي فائدة» يمحبس أجسامهم بلا قلوب» فإن قلوب الناس صارت كقلوب هؤلاء الأطفال؛ كحكم من يريد ضبط هؤلاء الأطفال» أو حكم من يريد تقطير الحجاج إذا رجعوا من سفر الحج ورأوا أوطانهم على حد سواء» ولو أن أمير الحاج قطرهم قهرًا عليهم رأوا ذلك عذايًا عليهم؛ فعلم أن ثمرة العبادات إنما هو حضور القلب مع الله تعالى لا غير» وإذا غاب القلب عن شهود الرب؛ فلا فرق بين تلك العبادة وبين العادة» وفي بعض الكتب الإلحية: إن الله تعالى يقول للملائكة الكرام الكاتبين: اكتبوا عمل عبدي فلان واكتبوا أين كان قلبه حال العمل »-انتهى- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقهاء الزاوية: أن يرجعوا إلى قول الشيخ في أمر الأطفال الذين يعلمونهم القرآن والعلم» فإذا تفرس الشيخ من طفل سواء, فلا ينبغي للفقيه أن يمل قوله؛ لأجل خميسة» أو لأجل خدمته له ونحو ذلك» بل يرجع إلى قول الشيخ» ويريح نفسه من شدة التعب معه؛ فإنه لا خير فيه» ومن شك من الفقهاء فليجرب» فإن ذلك الفقيه لا بد أن يحصل له من جهته ذلك الطفل سوء إما في الدنيا وإما في الآخرة فينتقل إلى منعه آخر» ويصير يحط على معلمه» أو يترك القرآن والعلم وينساهما جملةً» ويعمل محترفًاء أو يعمل قاضيًا يحكم بالباطل ويأكل الرّشاء ويدعي مع ذلك أنه من الصا حين» مع كوههم من أول من يسعر بهم النار» وما دام الطفل يخاف من هجركم له. ويراعي الأدب فأدبوه بالجوع» وأجركم على الله تعالى؛ فاعلموا ذلك أيها الفقهاء» واسمعوا لشيخكم إذا تفرس في صغير سوءء أو قال لأحدكم: لا تتعب نفسك في هذا الولد؛ فإنه لا يقول لك ذلك إلا إن أطلعه الله تعالى على عاقبة أمر ذلك الطفل. ظ
- !44-
وقد جربنا شيخنا الشيخ أمين الدين"الإمام بجامع الغمريء فم رأيناه أشار إلى سوء يحصل من صغير إلا ولا بد من وقوع ذلك السوء منه؛ ولا أشار إلى خير يحصل من صغير إلا وقع ذلك منه» ومقت نحو ثلاثين نفسًا ف! أفلح منهم أحد؛ نسأل الله العافية.
ينبغي للشيخ وفقهاء الزاوية ألا يمكنوا أحدًا من الشباب المجاورين في الزاوية يخرج إلى فحامهه أحد من جند السلطان إلا بسياسة وحسن ملاطفة؛ خومًا أن يقع بينهم ضرب وشتم؛ وربما جرح بعضهم أو قتل» فسعوا بالشباب المدلاة الأمور» فأرسلوهم إلى مراكب الند يقذفون فيهاء وأخرجوهم من جنات ونعيم وعيون وفواكه» وجلوس في ظل ظليل» وأتعبوا سر شيخهم في الشفاعة فيهمء وأشاع الناس أن أهل هذه الزاوية من الذعر لأمن الفقراء؛ فالعاقل من عرف زمانه» ولم يكن له بين الناس كلمة ولا حرمة» وإذا طلب أحد من جماعة الولاة بأخذ الحبن
)١( قال المناوي: هو سيدي أمين الدين بن النجار البدراني» ثم المصري. إمام جامع الغمري» كان عابدًا زاهداء صوفيًا فقيها محدئاء كتب بخطه من كتب الفقه والحديث والتفسير ما لا يحصىء وكان إذا قرأ في المحراب أبكى سماعه الناس» وكان لا يخرج من الامع» مكث فيه سبعًا وخمسين سنة.
وكان الشيخ الغمري رحمه الله يقول: هو روح الجامع» وكان أولياء مصر-كاين عنان رحمه الله وأقرانه- يعرفون حقه ويزوروته» وكان لا يراه أحد من أهل الدولة إلا ونزل وقبل يده» ومع ذلك يحمل الخبز على رأسه ويخبزه في الفرن» وكان إذا مقت رجلاً لا يفلح أبدًا.مات سنة تسع وعشرين وتسعاثة؛ ودفن بتربة بجوار الجعبري رحمه الله.
قال سيدا الشعراني: رأيته في النوم» فروى لي حديثًا أسنده بالسرياني ومئّنه بالعري» فقال: قال رسول الله وَلِ:2 من أدمن النوم بعد صلاة الصبحء ابتلاه الله بالبعج»» قلت: وما البعج؟ قال: وجع في الجنب.. قال: وجربته» فوجدته كذلك. انظر: طبقات الشعراني »)١417//1( الشذرات ))١160/8( الكواكب السيارة /١( 7)» والكواكب الدرية (51) بتحقيقنا.
958٠
أو البرسيم أو التبن الذي اشتراه من أحدء فمن العقل أن يتركه لحم ولا يعارضهم
فيه.
وقد كان سيدي أحمد بن الرفاعي الله يقول: لا ينبغي لفقير يخاصم أحدًا من ضعفاء المسلمين فكيف بأقويائهم؟ فجاء رجل بولده ليدعوا له الشيخ: فقال: أسأل الله ألا يجعل لولدك كلمة ولا حرمة» فقال: لايا سيدي» فقال: إن طلبت له الراحة فادع له معنا بذلك -انتهى- والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع فقراء الزاوية: أن يساعدوا مُلّاء الميضأة إذا كثر فقراءها في أيام الصيف. ونزح ماءها رفقًا بأخيهم» ولا يطالبونه بآن يملا الميضأة لحم كل يومين والثالث مثلاً؛ لما في ذلك من المشقة عليه» فاعلموا ذلك أيها المجاورين» وساعدوا خادم الميضأة؛ وإلا فربا ملأ لكم ماء طهارتكم خوفًا من لسانكم, فيصير أحدكم يتوضاً باء كالمغصوب.
وقد منع بعض الأئمة صحة الصلاة بالطهارة من الماء الملغصوبء وقد أدركنا الفقراء الماضين وأحدهم لا يفارق الحبل» والإبريق» أو الركوة في أي مكان يكون فيه؛ ليملا لنفسه. ولا يحتاج إلى الطهارة من ما تكلف أحد في تحصيله.
وما وقع: أن فقيرين دخلا لزاويتنا من فقراء بلاد الهند» ونحن في مدرسة أم خوند» فلم| رأيا ميضأتها يملؤها شخص من البثر امتنعا من الطهارة منهاء وخرجا إلى الخليج: وقالا: هذا ماء مكلف لا ينبغي لفقير التطهر منه» فأعجبني صدقها في الطريق» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للمجاورين: ألا يتساهلوا في تنبيه عيالههم على تأدية الصلاة في وقتها؛ لاسيها إن ذهبت إحداهن إلى عرس أو عزاء بمصيبة» فإن الغالب في نساء الفرح
-50١-
والعزاء ألا يصلين في دار الفرح أو العزاء عادةٌ» ولكن إن كانت الواحدة من نساء المجاورين دينة تخاف على دينهاء فلتذهب إلى الفرح والعزاء متطهرة؛ لتصلي الصلاة في وقتهاء وإلا عرضت الصلاة للخروج عن وقتهاء وكانت مصيبتها أعظم من مصيبة من ماث له ميت.
وقد كان السلف الصالح كسفيان الثوري؛ وبشر الحاني» والفضيل بن عياض» وإبراهيم بن أدهم- رضوان الله عليهم- يعزون كل من فاتته صلاة» ويرون ذلك آكد من تعزية المصاب في ماله أو ولده؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» ولا تتساهلوا في ترك عيالكم الصلاة إلا بطريق شرعي كحيض أو جنونء فإنكم مستولون عنهن يوم القيامة» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقهاء الأطفال إذا ربوا طفلاً وتعبوا فيه أكثر من أولادهم؛ ثم طلع بيضة فاسدة» وأراد الشيخ إخراجه من الزاوية أن يكون الفقهاء منشرحين لذلك ظاهرًا وباطنًا؛ فإن الشيخ لا يخرج أحدًا من زاويته» وهو يرجوا خيرًا منه في المستقبل أبدًا؛ٍ وإنما يخرجه إذا رأى عياله كلها قد صرمت من الخير» لاسيما إن صار الطفل يعاشر العيّاق» ويجتمع معهم في أماكن بنات الخطأ ومواضع السكرء فإن مثل هذا يجب التبرؤ منه قطعّاء وإن كان له والدة ساكنة في الزاوية» وشق ذلك عليها فلتخرج معه» وتشغله بحرفة من الحرف؛ فيا كل من دخل الزاوية يكون فقيهًاء وإنا هي كعمل البيض فمنه ما يتخلق حيوانًاء ومنه ما يطلع مذرًا منتنًا لا ينفع في أكل ولا غيره؛ فالعاقل من أطاع شيخه. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وكبراء الزاوية: ألا يمكنوا أحدًا من فقراء الزاوية يستعمل شرب القهوة» وإن أفتى العلماء بحلها من حيث ذاتها؛ وذلك لما يؤدي إليه ذلك عادة
- 5017 -
من عشرة أهلها الذين لا يتقيدون على قواعد الأدب؛ وربما جرهم ذلك إلى استعمال اليش والحشيشء. ومن شك فليجرب ولو لم يكن في استعماطا إلا ذلك لكان فيه كفاية في الزجر» وقد أفتى العلاء بتحريم شربها؛ من حيث هيئة تعاطيها من إنشاد الشعر حال مناولة الكأس للشارب كما يفعل شربة الخمر» وتأمل يا أخي نفرة قلوب العلماء وأهل العقول من استعالماء ومعلوم أن القلوب لا تنفر من شيء إلا وفيه رائحة ريبة؛ فاعلموا ذلك أيها المجاورين واسمعوا نصحي؛ فإني والله ناصح لكم ما أنا غاش ولا متعنت» وإن أبيتم إلا استعال القهوة للتداوي وقطع البلاغم | يزعمون؛ فليكن ذلك بعد فقدكم ما يقوم مقامها من سائر العقاقير» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقهاء الأطفال في الزاوية إذا كثر المجاورون بهاء وضاق وقفها عن جميعهم: أن يطلبوا من أهل الأطفال أن يتفقدوا الزاوية ببعض قمح, أو شعير» أو جبن؛ ونحو ذلكء وإلا بدأ الناظر بمن ليس له أهل من العميان والأيتام فصرف لهم ما يكفيهم؛ ثم إن فضل منهم شيء صرفه إلى من كان له أهل من المجاورين» ولا ينبغي للفقهاء أن يعارضوا في ذلك» ويأخذ أحدهم ما يرسله أهل الأطفال. ويخنص به دون أهل الزاوية؛ فإن ذلك حيف وطمع وشره نفس؛ ثم إذا أمر أهل الأطفال بافتقادهم بالقمح ونحوه؛ فإن كان أحدهم قادرًا على القيام بالطفل فليرسل له كل سنة ثلائة أرادب» وإن كان متوسطًا فيرسل له إردابين» وإن كان دون ذلك فإردب؛ مساعدةً لشيخ الزاوية ما دام وقفها ضيمًا عن حاجة الفقراء» فإذا اتسع الرزق فيتبغي للناظر أن يقول: لأهل الأطفال لا تعودوا ترسلوا شيئّاء ويسابقهم إلى الأطفال ليكون الأجر له وللواقف؛ فاعلموا ذلك أيها الفقهاء واعملوا به فإن فيه خلاصكم. والحمد لله رب العالمين.
ررس
ينبغي لجميع فقراء الزاوية: ألا يتعبوا قلب النقيب إذا فرق عليهم طعامًا أو فصّل لهم ثياباء فيطلب كل واحد منهم أن يبدأ به؛ لأن ذلك سقاطة نفس لا تليق بشهامة الفقراء» لكن الأدب أن يقول كل واحد: ابدأ بأخي قبلي؛ لاسيما إن كان ذلك الأمر الذي يفرقه عليهم بطيخًا مزوثاء أو بلحًا لا يؤكل إلا إن ترطب؛ فإن النقيب لا يقدر يفرقه في يوم واحدء بل في أيام بحسب ما يتعطب من البطيخ» أو يترطب من البلح؛ وقد قالوا في المثل السائر: إذا غاب عنك أصله فإن دلائله فعله؛ أي: إن أفعاله تدل على خسة أصله أو شرف أصله؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان والزموا الأدب؛ فإن كان زلة تقع من الفقير ترده إلى حالة هي أنقص مما كان فيه قبل صحبة الفقراء» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقهاء الأطفال: أن يمنعوهم من الحموم في الأنهار والبرك أيام النيل مثلاً إلا الحاجة حر أو حدثء ثم إن مكنتموهم من الحموم بهذا الشرط فلتوصوهم ألا يخائطوا أحدًا من أولاد المباشرين وأهل الصنائع» ونحوهم ممن لا يتقيد بأدب الفقراء» ويحذرهم من ركوب بعضهم بعضًا في الماء؛ فربا لمست عورة أحدهما الآخرء ولا يخفى ما يتولد من ذلك لاسيها العزاب» وكل فقيه سامح الطفل الذي يقرأ عليه في قلة أدب» فهو غاش له ومن غش الناس فليس من المسلمين؟ فاعلموا ذلك أيها االفقهاء» وربوا أطفالكم ولا تغفلوا عنهم» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي لجميع المجاورين: ألا يعكسوا ورد الزاوية إذا مرض الشيخ أو سافر» بل يكونون على ذلك في غيبته أو مرضه أشد فعلاً؛ وذلك حتى لا ينقضوا لشيخهم ولا لأنفسهم عملا وكان جماعة سبدي علي المرصفي يجعلون ثواب أعالهم كلها في صحائف شيخهم؛ مجازاةً له على أورادهم» ويقولون: جميع أعبالنا التي نعملها طول
- 505 -
عمرنا لا تكافئ شيخنا على كلمة نصح نصحنا بها.
وقد من الله تعالى عل بجماعة يقومون بأوراد الزاوية إذا مرضت أو سافرت» منهم ولد عمي الشيخ عبد السلام» والشيخ شهاب الدين الشناوي» والشيخ محمد الصعيدي؛ والشيخ علي المنوني» والشيخ علي البسطي» والشيخ شرف الدين الصائغ» والشيخ أبو النصر التفهني» فجزاهم الله عن دينهم خيرًا؛ فاعلموا ذلك واعلموا عليه» فإنه يرجع نفعه إليكم بالأصالة؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب: أن يرشد الفقراء الذين يغربلون قمح الفقراء» وينفقونه من الطين والبخر» ويطحنونه» ويعجئونه. ويخبزونه؛ أن يكون أحدهم على طهارة وذكر؛ لتنزل البركة في قوت الفقراء» وإن رأى النقيب أحدًا من العجانين أو غيرهم من خدام الفقراء عنده كسل» أو مرضء أو شغل قلب معين يضعف داعيته للخدمة عمل تلك الحاجة مكانه» ولا يعطل الخدمة ى| يفعله من يتخذ النقابة وظيفة رئاسة بالكلام دون الفعل؛ فإن ذلك ينقص مقامه وتوقفه عن الترقي الذي يطلبه الشيخ» إذ الشيخ لا يعمل نقيبًا إلا من يريد أن يجعله خليفة على الفقراء من بعده» فكلما زاد النقيب في الخدمة كلما طوى المقامات» وقرب من مقام الشيخوخة؛ فاعلم ذلك أيها النقيب واعمل به» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لمن كان الشيخ واسطة له في التزويج من المجاورين: أن يزيد في خدمة الشبخ» ويزيد في العكوف عليه زيادة عما كان عليه قبل التزويج» وليحذر أن يشتغل عنه بتلك الزوجة» التي ربا لا تستحق أكل نخالة الشعير لقلة دينهاء وتركها الصلاة» وتساهلها بالطهارة» وكفرانها نعمة زوجها وغير ذلك ويكون على علم هذا المتزوج أن الشيخ ما ساعده في التزويج إلا لما توهمه فيه من الخير والفلاح»
- 17500 -
فطلب تزويجه أن يعكف على حضرته؛ ليرقيه في مراتب العلم والأدب إلى الغاية اللائقة بمثله؛ فاعلم ذلك أيها الفقير» واعكف على شيخك ليترقى إلى العكوف على حضرة ربك؛ فإن الأشياخ على الأخلاق الإلهية» فكما أن الحق تعالى يحسن إلى عبده العاصي ليتوب ويرجع إليه؛ فكذلك الشيخ قال تعالى: 8( وَبَكوَكَهُم باسنت وََلسَّيعَاتِ َمل بَيَحِعُونَ © (الأعراف: 158).
وكذلك القول في هجر الشيخ للمريد. فإنه ما هجره إلا لعله يرتدع بذلك ويتنبه لنقصه؛ ويطلب الكالات من: زُهَدِء وورع؛ وكرم» وكثرة الاحتال للأذى؛ ونحو ذلك؛ وقد بسطنا الكلام على ذلك في كتاب «قواعد الصوفية» في باب: الأدب مع الشيخ فراجعه. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع المجاورين إذا صحب أحدهم أحدًا من أبناء الدنيا الذين يشغلونهم عن العبادة» وعجز الشيخ في تنفيره عنهم» فقال لأبناء الدنيا: إن فلانًا ذكر لي عنكم يكرهونا وينقضونا في المجالس» ونحو ذلك من الفتن» أن يصدق الشيخ ولا يقول: حاشا لله تعالى أني أقول مثل ذلك؛ فإن فيه تكذيب الشيخ وغش نفسه. أو الشيخ إن! قصد بذلك نفع الفقير بتنفير أبناء الدنيا عنه» وذلك من الشيخ من باب التحذير حقيقة لا من باب رمي الفتن بين المسلمين.
وقد فعلت مثل ذلك مع الولد علي التلبان؛ لما تعلق قلبه بالشيخ محمد العبادي وصار جالسًا في قلبه؛ كل| أريد أدخل قلبه أجد العبادي سبقني وجلس فيه» فقلت للعباد: إن هذا الولد يبلغني عنك أنك تبغضني» وإنما تكلمني نفاقًا وملقّاء فوعدني بأنه ما عاد يدخله قلبه؛ فالله يتوب علينا وعليه من كل شيء يقطعنا عن طريق القوم؛ والحمد لله رب العالمين.
-705-
ويتبغي لكبراء المجاورين: أن يتكدروا إذا جاءتهم أضحية من جهة لا تسلم من الشبهة؛ كالتي يرسلها مشايخ العربء بل ولو كانت حلالاً لا شبهة فيها ينبغي لحم أن يظهروا العبوسة والتكدر» ويقولون لنفوسهم: لولا قلة دينك ما أرسل أحد إليك هدية» بل كنت تدفعين ذلك بالهمة» وينسون اسمك بالكلية» والله إني لأتكدر من مجاور دخل علي وهو مسرور با يرسله الولاة إلى الزاوية» ولا أقدر على نفسي التبسم له بل ربا نبرته فخرج وهو متكدر, وربما قال: هذا جزاء الخير الذي أخيره بشيخه ينفع الفقراء» كيف يتكدر منه فلان؟ ويقيس حالي على حاله» فرحم الله من رد كل هدية جاءت الزاوية ولم يعلمني بذلك» جملة بيني وبين من ينتسب في شيء من الشبهات إلى فقراء الزاوية.
ولا أرسل عيسى شيخ البحيرة بقرتين أضحية على يد النصراني المباشر عنده دخل علي النقيب وهو فرحان يبشرني بذلك فكدت أن أذوب» ولو كان لي ولاية عليه لضربته تعزيرًا؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واحفظوا نفوسكم من أكل الشبهات؛ لاسيما ما يأتي على يد النصارى لما في ذلك من المنّهَ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب وكل من أراد الله تعالى له الخير: أن يتفقد أطفال الزاوية في مجالس الذكر ويعاتبهم على عدم حضورها ليتمرنوا على الخير» وإن رأى عجزه عن الحضور في مجالس الذكر إلى آخره أمرهم بحضوره عند الختام؛ ولا يتساهل النقيب في مثل ذلك؛ فإن ذكر الله أفضل من جمعه لهم على الطعام أو تفرقة الزكاة ونحو ذلك» والحمد لله رب العالمين.
- 7”6[/ -
وينبغي لكبراء الزاوية: أن يرشدوا صغارها إلى ترك التخلق بسفاسف الأخلاق من الشره والقبح وترك التعفف ونحو ذلك. ويأمرونهم بالرضا ب| يعطيه لهم النقيب إذا فرق عليهم فاكهة أو ًا في العيد» أو كسوة في الشتاء والصيف»ء وألا يرد أحدهم على النقيب ما يعطيه له؛ لأن ذلك من سوء الأدب مع الله تعالى» ومع الشيخ» ومع النقيب» ومع الإخوان؛ بل كان الواجب على من يدعي أنه فقير أن يوصي النقيب أن يعطيه أدون شيء يكون» ويوفر إخوانه بالنفيس أو بالفاضل من
وسمعت سيدي أبا الحسن الغمري ي#لته يقول: ليحذر فقراء الزاوبة من ردّ نصيبه إذا فرق النقيب على فقراء الزاوية شيئاء ويقول: ليس ردي لأجل حقارة ذلك» وإنما ردي لازدراته لي ولمقامي» فيقال هذا على أي وجه رددت من هذين الوجهين» فعليك اللوم؛ وكأنك بردك نصيبك تنادي على نفسك بأنه دني الهمة وخسيس الأصل» وأنك من أهل الشره والشح» انتهى.
فاعلموا ذلك أبها المجاورون» واكتسبوا الفضائل في بقية أعماركم» واستروا عورتكم بالإيثار والعفة والقناعة» والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشيخ: أن يأمر فقراء الزاوية إذا دخلوا إلى طريق. القوم بالعزلة عن بعضهم بعضّاء ولا يجالس أحدهم أخاه إلا لضرورة؛ خوفًا أن يشغل أحدههما صاحبه عن عبادة ربه وَبْدْء وقد قالوا: إن خلطة فقراء الزاوية لبعضهم بعضًا من أكبر القراطع عن الله كَك؛ إذ الخلطة لا تليق إلا بالشيوخ الذين عرفوا من علامة نفوسهم» وصار أحدهم لا يشغله عن الله تعالى شاغل» انتهى.
وتقدم في الباب الأول: أنه لا ينبغي للشيخ: أن يمكن الأمرد الجميل من
- 1708-
المجاورة عنده؛ إلا إن غلب على ظنه أن له قوة تحمي المجاورين من آفاته» ومن لوث الناس بهم؟ وأنه إن لم يكن له قدرة على هذه الحاقة» فمن العقل أن يقول له: اذهب إلى زاوية أخرى.
وسمعت الشيخ عبد الحليم بن مصلح الله يقول: بنبغي لشيخ الزاوية: ألا يمكن أصحاب الصور الجميلة من المجاورة عنده؛ ولو كان أحدهم على العبادة والنسك؛ لاسي) إن كان حلو اللسان خدومًا. لإخوانه يَأخذ كلامه بالقبول؛ فإنه يفسد قلوب الضعفاء من المجاورين» وبغير. [و]" أحدهم يمتح بعلاج الشباب وكثرة عبادته» والحال أن حبه مخلوط بالشهوات النفسانية» فليقيس شيخ الزاوية نفسه ويتوجه إلى الله تعالى في أمر هذا الشاب. ويقول: اللهم إن كان في مجاورته لنا خيرًا وله فاجعله يقيم عندناء وإن لم يكن فيها خير لنا ولا له فاصرفه عنا بفضلك يا أرحم الراحمين.
وينبغي لجميع من دخل ني عهد الشيخ من فقراء الزاوية أو غيرهم؛ وتاب على يديه: أن يجدد العهد والتوبة» وتلقين الذكر كلا وقع في ذنب» ولا يتساهل في ذلك فيغش نفسه وشيخه بموت قلبه؛ بتراكم الذنوب على قلبه» وعدم معرفته بالتوبة النصوح من غيرها؛ فإذا جدد العهد وتاب ثانيًا وتلقن» فقد أحيا قلبه الذي كان مات بتلك المعصية أو ضعف أو فتر. لا بد في المعصية من حصول أحد هذه الأمور بحسب كبر الذنب وصغره في الشرعء وهذا الأدب يخل به كثير من الفقراء؛ فيستتحي أن يجدد العهد فيفوته خير كثير؛ لأن المحبة التي كان شيخه بذرها في قلبه قد تلفت وتسوستء وما بقيت تنبت خيرًاء قال تعالى: 9 وتويوأ ِل الله جمِيًا أيه )١( زيادة اقتضاها السياق؛ ولعلها سقطت من النسخة.
-09؟-
مسترت لَعَلكي تيمت © (النور: )١ فعلق الفلاح على وجود التوبة المخلاصة والله غفور رحيمء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للنقيب: أن يصغر الخبز إذا قل قمح الزاوية» ويسمي الله تعالى على كل رغيف حال التقريصء ويرشد النساء إلى ذلك فإنه جرب لحصول البركة في الرزق» فيقوم الرغيف الصغير مقام الرغيف الكبير؛ إذ هو رغيف على كل حال والأحكام تتبع الاسم غالبّاء وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: أصغر والله يبارك لكم فيه انتهى.
ولا ينبغي لأحد: الاعتراض عل الشيخ في تصغير الرغيف أيام ضيق المعيشة؛ فإن ذلك خروج عن سياج الأدبء بل من المعروف أن يكون الفقراء هم السائلون في ذلك لحديث: (ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطن» حسب ابن آدم لقيمات تقيم صلبه)"؛ فاعلموا ذلك أيها الفقراء واعملوا به والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يوسع على المجاورين في يوم وفاء النيل بالأكل والشرب؛ فإنه كيوم العيد بل أعظم عند العارفين بمقدار النعم» ولا يمنع الأطفال من المشي في الخليج يوم الوفاء» لكن مع صحبة من يوثق به من الفقراء.
وكذلك ينبغي للشيخ: أن يعطي مناديان النيل الدراهم والطعام؛ لأنه بشير الخير» وكان سيدي على المنواص ##الله يعطي القياس دينارًا كل سنة» ويعطي المنادي نصف فضة يوم البشارة بالنقطة» ونصف فضة يوم الوفاء؛ وكان سيدي محمد ابن
عنان يقل للمجاورين الزلابية في يوم الوفاء» ويخرج لهم قدور العسل النحل»
)١( رواه الترمذي (5/ 016)) وابن ماجه (7/ ))١١1١ والبيهقي في شعب الإيهان (18/0) بنحوه.
3
ويكون عندهم يوم سرور وفرح؟ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واعملوا عليه بنية: صالحة. والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لفقهاء الأطفال بالزاوية: أن يحرروا نيتهم في قرأتهم الأطفال على محبة الخير للأطفال بمناجاتهم ربهم بكلامه تعال؛ محبة في الله تعالى» وفي حصول الخير للمسلمين» ولا ينبغي لهم أن تكون همتهم في قراءة الأطفال القرآن مصروفة إلى شيء من أغراض الدنيا؛ كافتقاد أهل الأطفال للفقهاء باللبن» والكبد» والدجاجء والسمن» والبطيخ مثلاً؛ فإن ذلك دناءة همة ومروءة لا تليق بحملة القرآن» وقا. أرشدت بعض فقهاء الزاوية إلى تحرير نيته على محبة الخير» فأعانه الله تعالى على ذلك فسأل الله تعالى دوام ذلك عليه إلى المات» وأن يلهم بقية الفقهاء إلى حسن الئيات؟ فإني أكره لإخواني أن تكون أعالهم الأخروية وسيلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية؛ حين خرقت ببصري إلى الدار الآخرة ورأيت ثواب الأعمال» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يقيم نقيًا لينبه المجاورين في الليل والنهار؛ للذكر والقرآن والصلاة وغير ذلك من الخيرات؛ حتى يحببه في الله تعالى ورسوله وجميع المسلمين» فإن من لم يتحقق بمحبة الله تعالى» ولا محبة الخير للمسلمين ليس عنده داعية تجذب تنبيه أحد من القائمين» إنا بينهم خوفًا من غضب الشيخ عليه كالمكره؛ ومن كان كذلك فربا لا يطيعه أحد في الاستيقاظ.
وقد جهدت كل الجهد في حصول نقيب يحب الله ورسوله» ويحب الخير لإخوانه صادقًا؛ فلم أظفر به إلى الآن» وكثيرًا ما أقول له: أقل درجات محبتك للخير لإخوانك: أن توقظهم للأعمال الأخروية؛ مثلما توقظهم لتفرقة فلوس أرسلها الباشا
- 1
أو أحد من الأكابر لتفرق على فقراء الزاوية» وكثيرًا ما أنظر في حلقة الذكر» فأرى نصف المجاورين غائبًا؛ فأتحير بين أن أفارق حلقة الذكر وبين أن أدور على الغائبين أجمعهم؛ ثم أخرج النقيب فيدور عليهم كرمًا عليه.
وسمعت سيدي عليًا الرصفي #لقهيقول: ما غاب أحد عن مجالس خير إلا وهو أعمى عن ما في ذلك من الثواب والخير له. والحاذق من الأشياخ من فتح أعين الح ارد م 0 ا
(اتيت توق اه ٠ مويه وأ ا يَبْدِيهِ مِنْ بَعْد الله 0 ميك الس ررس يتولى هداك؛ وهو يتولى الصالبين» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وكبراء الزاوية: ألا يتساهلوا في أخذ أحد شيئًا من الهدية التي دخلت الزاوية قبل قسمتها ولو كان ولد الشيخ» بل ولد الشيخ أولى بترك ذلك؛ لأنه علامة على سقاطة نفسه وكثرة شراهتهاء ومن كان كذلك لا يصلح أن يكون شيخًا على فقراء الزاوية في مستقبل الزمان» وهو ضد لا يقصده له والده» ومن يحبه من الفقراء» وكان سيدي محمد الغمري يؤدب كل فقير قدم نفسه على إخوانه بالهجر والتوبيخ؛ خوفا من فتتح باب شراهة النفس في الزاوية» وذلك يفتح باب المخاصمة على الدنياء ويطلب كل واحد أن يتخصص عن إخوانه» وذلك خروج عن سياج الفقراء.
وقد أخذ ولدي عبد الرحمن بطيخة من هدية دخلت الزاوية من سيادي عمر ابن الأمير الجاي قبل القسمة» فوبخته غاية التوبيخ بين المجاورين» وقلت له: إن
-7117-
المجاورين وعيالهم مائة وحمسون نفسّاء والبطيخ خحمسة عشرء فأي دليل بجواز أخذك بطيخة وحدك؟ بل لو كان البطيخ مائة وخسين بطيخة؛ لكان من الأدب عدم مزاحمتك للفقراء في بطيخة واحدة؛ فاعلموا ذلك أبها الإخوان» واحسبوا عدد الرؤوس» وقسموا الحدية على قدر الرؤوسء. وهو في مثل هذه الحدية كل عشرة أنفس في بطيخة؛ فإن الله تعالى أوجب العدل على الحكام؛ ولم يخص ذلك بكثير الدنيا دون قليله» بل عمم الحكم في القليل والكثير والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يرشد المنشد في المجلس إلى مقام محبة الله تعالى» ومحبة ذكره؛ ومدح نبيه حتى يكون إنشاده لله تعالى لا يريد عليه جزاءًٌ ولا شكورّاء ومحك الصدق في ذلك: أن يحب من لم ينقطه بالدراهم» ولا يشكره على مدحه أكثر تمن ينقطه وبشكره. وذلك إن لم ينقطه ولم يشكره وفر عليه الثواب الأخروي» وساعده على الأدب مع الله تعالى ومع رسوله يِه ومن نقطه وشكره نقص أجره الأخروي؛ وعجل له ثوابه؛ فذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الأجر؛ فليمتحن مدعي الإخلاص في مدحه نفسه. فإن رأى قلبه يحب من لم ينقطه ولم يمدحه أكثر؛ فليعلم أنه صادق في الإخلاص»ء وإلا فهو مرائي ىا مر تقريرًا مرارّاء وهي ميزات تطيش على الذر.
ثم إذا وصل المنشد إلى مقام تقديم من لم ينقطه في المحبة» ولم يمدحه على من نقطه ومدحه يؤمر بالخروج عن ذلك إلى الغيبة عن الثواب على ذلك مطلقًا؛ ثم يؤمر بطلب الأجر من باب الفضل ولمنة عليه من الله تعالى» لا في مقابلة عمل؛ بل يرى الكل منه تعالى وإليه» وإنا أمرناه بأن يختم عمله بطلب الأجر من الله تعالى؛ لثلا تكون صورته صورة من يقول: أنا لا حاجة لي بفضل الله تعالى» ولا يخفى ما فيه من
شري
سوء الأدب مع كذبه في ذلك؛ فإن العبد محتاج إلى فضل الله ويفتقر إليه على الدوام شاء أم أبى؛ فكيف يقول أنا لا حاجة لي بفضل ربي؟ فاعلم ذلك أيها المنشد؛ واتبع في تحصيل مقام المحبة لله ولرسوله؛ حتى يكون عملك مرضيّاء وإلا خاب سعيك؛ الوك شاوت العالية,
وينبغي لكبراء المجاورين: أن يزاحموا على القرب من الشيخ في مجلس الذكر نما يفعل خواص العسكر مع أميرهم في صف القتال» ويقبح على قديم الحجرة المدعي بنسبته إلى الشيخ: أن يتأخر إلى حاشية الحلقة» ويتقدم إلى الشيخ الإغراء؛ وربا أعطى الله تعالى الشيخ في ذلك المجلس النظرة التي إذا وقعت على أحد سعد» وانصبت عليه الإمداد من حضرة الله تعالى صيًا.
وقد وقع أن سيدي الشيخ يوسف العجمي”" -شيخ سلسلة الفقراء بمصر-
)١( هو سيدي يوسف بن عبد الله بن عمر العجمي» العارف جمال الدين أبوالمحاسن الكوارني ثم المصري.ولد ببلدة وران» ونشأ بها على قدم التجريد» وجد واجتهد» وأخذ الطريق عن النجم محمود الأصفهاني» والبدر الششتري وغيرهماء ثم أمر بالتحول إلى مصر.
وذلك بينا هو ناكم ذات ليلة إلا وقد أمر بالسفر إلى مصرء والإقامة بها للتسليك» فانتبه واستعاذ واستغفرء وتطهر وصل ركعتين؛ ثم اضطجع ونام على جنبه الثاني» فآتاه آت» وأمره كذلك؛ ففعل ىا فعل أولآًء وتكرر ذلك مرارّاء فقال: لزم المسير. ش
وأخذ دلقه وقصعته وخرج من البلد فورًا ليلأء فأسفر الصبح وهو بشاطى دجلة» فخاض فيها إلى أنصاف ساقية وقال: اللهم إن كانت رؤياي حقًا فأرنيه لبناء وغرف بقصعته. فإذا هو لبن» فأراق» ثم قال كذلك واغترف, فإذا هو لبن - ثلاث مرات- فسار مجدًا في السير حتى دخل مصر.
وهو أول مسلكي مصر بعد انقطاع السلسلة منها. فكثر بها أتباعه جدّاء اشتهر ذكره» وبعد صيته» وكثر دمحتقاءوه. قال ابن حجر: وكان 1 زمانه في التسليك؛ وله أتباع ومريدون كش ون. ولبس الخرقة؛
- غ51 -
#لله: خرج يومًا من مجلس الذكر» فطلب أحدًا من الفقراء يقبض عليه ما فاض من المددء فلم يجد أحدًا فنظر إلى كلب على باب الزاوية» فصارت كلاب مصر كلها تنقاد له؛ فإن مشى مشواء وإن وقف وقفواء وصارت الناس يندرون الذبائح للكلاب» وضاقت عليهم شوارع مصر؛ فخرجوا إلى كيان البرقية» فبلغ ذلك سيدي يوسف؛ فأرسل وراء ذلك الكلبء فل! وقف بين يديه قال له: اخسأء فأكله الكلاب لوقته؛ وكان سيدي يوسف بعد ذلك يتأسف ويقول: لو أن تلك النظرة وقعت على فقير؛ لانقاد إليه جميع أهل مصر في الإرشاد وانتفعوا به؛ فاعلموا ذلك واعملوا ب والحمد لله رب العالمين.
وينبغي لجميع كبراء الزاوية: ألا يفارقوا شيخهم مثلاً إذا طال بهم مجلس الذكر من العشاء إلى الفجر مثلاً؛ لأن المدد ربا كان لا ينزل إلا في آخر المجلس؛ لكثرة شتات قلوب أهل ذلك المجلس» وقد قالوا: ينبغي للفقير أن يكون مترقبًا للأمداد الإلهية ليلاً ونباراء لا يغفل عن ذلك؛ لأن نفحات جنود الحق -جل وعلا- ربها أتت إلى عبد» فوجدته غافلاً عن الافتقار إليها؛ فترجع إلى غيره؛ انتهى.
ومن هنا كان المريد الصادق لا يمل من العبادة» وقد كان ابن المؤذن بناحية أم عبد الله بالبحر الصغير» لا يراه أحد غافلاً عن التوجه إلى الله تعالى في ساعة من ليل أو ماره حتى صلى الصبح بوضوء العشاء نحو أربعين سنة» وكان سيدي محمد السروي #لله يقول: ألا تعجبون من ابن المؤذن؟ لم يترك قطرة مدد تنزل من السماء في ليل أو نهار إلا وله فيها نصيب! انتهى. ولقن الذكرء وسلكء فأجاد؛ وعم نفعه البلاد والعباد» انظر: طبقات الشعراني (7/ 15): كرامات الأولياء (؟/ 97 ؟)؛ والدرر الكامنة (4/ 57 5)» الكواكب الدرية (585).
- 79060-
وممن أدركته على هذا القدم من مشايخي الشيخ محمد بن عنان» والشيخ على الضرير النبتيتي» والشيخ محمد الشناوي» والشيخ محمد العدل؛ كان نورهم في الليل والنهار إن! هو خفقات برؤوسهم وهم جالسون» وكان سيدي محمد الشئاوي كثيرًا ما يفتح مجلس الذكر بعد العشاء في ليالي الشتاء الطويلة؛ فلا يفرغ منه حتى يطلع الفجرء ثم يفتئح المجلس الذي بعد صلاة الصبح, فلا يفرغ منه إلى الظهرء حتى كان الأصحاب الذين يأتونه للزيارة يرجعون مرضى من طول السهر؛ لاستحيائهم من الشيخ أن يناموا والشيخ جالس؟؛ فاعلموا ذلك أيها الإخوان» واستغنموا مجالسة ربكم في ذكره في هذه الدار ولا تملواء والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للمجاورين: أن يكون أحدهم دائم الحمد والشكر بدوام الاعتراف بفضل ربه تعالى عليه؛ فإن الله تعالى لا يحول عن عبد نعمة إلا إن كان غير معترف بفضل الله عليه فيهاء وقد جربوا فوجدوا العبد إذا كان في ضيق من المعيشة» وقال: أنا بخير فلا بد أن يوسع الله تعالى عليه عن قريب عكس من يكون في خير ويشكوا من ضيق اليد؛ فإن الله تعالى لا بد أن يضيق عليه الرزق عن قريب؛ فاعلموا ذلك أمها المجاورين؛ واشكروا فضل ربكم عليكم» ولو لم يكن إلا نقلكم من بلاد الريف إلى المدائن» وإلباسه لكم الثياب الرفيعة» وإطعامه لكم المطاعم اللذيذة» فضلاً عن تعليمكم القرآن والعلم» وجلوسه في الظل وأهله في الحرث أو الحصاد والدراس» أو جرف الجسور ومدهاء ونحو ذلك من الأعمال الشاقة» وإياكم أن يرد أحدكم على النقيب الخبز اليابس؛ ويطلب الخبز اللين؛ فإن ذلك ربا كان سببًا لتحويل النعم
ينبغي للنقيب إذا ضرب الشيخ به المثل في: قلة أدبه» وشراهة نفسه.وكسله
لقت
وخموله مثلاً دون غيره: أن يفرح بذلك» ويقول: لولا علم الشيخ من قلبي الإخلاص» وثبات الود والمحبة له لما ضرب بي المثل بذلك؛ ولكان حمانيٍ منه ا حمى من كان قريب العهد في صحبته» تمن هو في مقام التأليف؛ ثم إذا قدر أن النقيب أخذ على الشيخ في نفسه. وصار يمن على الشيخ بخدمته السابقة له» فمن الأدب من المجاورين: ألا يحوجوا الشيخ إلى أن يعدد على النقيب ما جعله الله له على يديه من النعم» بل ينزهوا الشيخ عن مثل ذلك؛ لثئلا يلوث القاصرون به» ويحملونه على أنه إنما تعدد على النقيب النعم التي جاءت على يديه بحظ النفس؛ ىا هو شأن النقيب.
ويكون على علم الإخوان: أن الشيخ الأشياخ لا يعددون على مريد ما جاءه على يديهم من النعم؛ إلا تأسيًا بأخلاق الله تعالى كما في قوله تعالى: «( يب إنْريِيلٌ دكأ يممَىَ الى أت عَلْيَكرْ © (لبقرة: )4١ لا لشيء من الأغراض النفسانية» وإنما يقصدون بذلك رد المريد إلى محل ترتيبهم؟ إذا ذكروه بتلك النعم التي جاءته على يديهم» ونسيها كما هو شأن كل داع إلى حضرة الله تعالى.
وليحذر النقيب إذا تكدر من ضرب امثل به في الخمول والكسلء وخاب ظن الشيخ فيه العقل والثبات في المحبة: أن يعكس الأوراد» والاشتغال بالله» فتمامه في الشيخ؛ فإن منفعة تلك الأوراد إن) ترجع إلى قائلهاء ولا ينبغي لمؤمن من أن يفوت على نفسه الخير» ولا ينوي فواته لو أنه لم يقيم» بل الواجب على النقيب الإكثار من الذكر والقرآن» وفعل اخيرات مدة تكدر شيخه منه؛ استجلابًا لرضا الله تعالى عليه» فإن غضب الشيخ أو رضاه عنوان على غضب الله تعالى على ذلك الثقيب أو رضاه
عنه.
8م -
وينبغي للنقيب إذا طلب يطيب خاطر الشيخ عليه: أن يسوق عليه أكابر الأصحاب والمجاورين؛ حرمةٌ للشيخ وإظهارًا للأدب» ولا يجوز له أن يحوج الشيخ إلى بدأته بالصلح» وتقبيل رأسه مثلاً؛ فإن في ذلك إجلال بمقام الشيخ» واستهانة بالطريق؛ كما يقع فيه المريد الأعمى القلب عن أحوال الدنيا والآخرة» ومن فقد ذلك فقد عزل عن مقام النيابة» وإنه يريد أن يكون الشيخ تحت حكمه وتصريفه. عكس ما كان يرى نفسه قبل ذلك؛ فاعلم ذلك أيها النقيب» واحمل شيخك على المحامل الحسنة حسب الطاقة؛ والحمد لله رب العالمين.
ينبغي للشبخ إذا كان ناظرًا على وقف الزاوية» وفاض له شيء على الوقف: أن يسامح به ويشارك الواقف في الأجرء ولا ينبغي له أن يطالب به جهة الوقفء أو يقطع شيئًا من جوامك المستحقين حتى يستوفى ذلك القابض؛ فإن ذلك معدود من الأمور التي تخل بمروءة الفقراء؛ لاسيما إن كان ذلك الوقف من جهة شيخه الذي هو في زاويته» وعائش في مدده كتلامذة سيدي أحمد الزاهد. أو سيدي مدين» أو سيدي محمد الغمري؛ أو سيدي إبراهيم المتبولي» أوخليفة سيدي أحمد البدوي وأضرابهم؛ فإن الخليفة لا ينبغي له أن يرى له ملكا مع شيخه.
وقد جاءني جماعة سيدي أحمد البدوي يشكون لي من خليفتهم» الشيخ عبد المجيد؛؟ من حيث إنه طالبهم بها فاض له من المال بعد حساب الوقف, فأمرته بأن يسامح الوقف بجميع ما فاض له بعد حساب الوقف.
وقلت: أنت خليفة سيدي أحمد وخليفة سيدي عبد العال» وقد أحسنا لك بجعلك خليفة لما في مقامها؛ فكيف ينبغي لك أن ترى لك معهها ملكًا؟ إن الواجب عليك أن تشكرهما على ذلك. فسامح با كان له فشكره الفقراء على ذلك»
- ”"18-
فهكذاء فليكن التلميذ والخليفة في أمر وقف زأوية شيخه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يخرج عن كل من بدل وغيّر ما كان عاهده على فعله من تعليم العلم والأدب» وكثرة الذكر» وكف الجوارح عن المعاصي والرذائل؛ للا يتلف بقية اساعة الذين لم يرسخ حب الطريق في بواطنهم؛ فإنهم إذا راءوا بعضهم يأكل» ويشرب» وينام» ويراعي الملابس النفيسة من الجوخة والمضربة والشاش الرفيع» وترك الأكل من طعام الزاوية؛ وهو مقيم بالكرم؛؟ طمحت نفوسهم إلى أن يتبعوه في ذلك. وأن يخرج الشيخ مثل هذاء فسوف يخرج هو ويترك الشيخ؛ فإنه لو كان صادقًا في صحبة الشيخ لكان حكمه بعكس حاله الآن» كلما طالبه صحبته ازداد زهدًا في الدنيا وملابسها ومأكلها؛ ىا جرى عليه الفقراء الصادقرن من عهد أضعات القن إل تعض اهل .
وقد كان مصعب بن عمير أعرف غلام بمكة» وأطيبه عيشًا بشهادة رسول الله فلما صحب رسول الله يلد صار يخرج في عنقه جلد كبشء؛ وكان رسول الله و يبكى إذارآه ويقول: «انظروا هذا دعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون»”» انتهى.
كما اجتمعت بالبطرك قال لي: إن شرط رهبان الكنائس عندنا: ألا يلتفت أحدهم إلى شيء من شهوات الدنيا من مأكل أو ملبس أو بطالة» وكل راهب فعل شيئًا ثما ذكر أخرجناه من الكنيسة؛ لثلا يتلف بقية الرهبان» وأخبرني أن من شرط البطاركة والرهبان: أن يجتدب عدوة الله إن أراد أن الحق تعالى يحبه» فقلت له: وما هى عدوة الله؟ قال: الدنيا من مأكل أو ملبس أو منام أو جأه.
.)7 /1( ذكره اليافعى في «مرآة الجنان» )١(
-558-
وأخبر أيضًا: أن من شرط الرهبان عندهم: ألا يبيت أحدهم على دينار ولا درهم» ومتى بات على ذلك خرج عن طريق البطاركة والرهبان» قال: وكذلك بلغنا عن نبيكم» فقلت له: نعم كان ذلك من صفته» فقال: فلآي شيء تخالفون نبيكم؟ فقلت له: ذلك من الشقاءء فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» فقلت له: فهل يجد أحدكم في قلبه أنسًا بربه إذا ترك شهوات الدنيا؟ فقال: نعم ولولا ذلك الأنس ما وق الرهبان بحق الرهبانية» فقلت له: ما غاية ما يصلون إليه في الرهبانية؟ فقال: غايته أن يغلب عسكر الروح والقلب على عسكر النفس» وذلك أن مطلوب النفس الأكل والشرب والنكاح وغير ذلك» ومطلوب الروح أو القلب مشاهدة الرب -جل وعلا- ف| دام عسكر النفس غالبًا لعسكر الروح» فالراهب منا في محاربة على الدوام. انتهى كلام البطرك.
وسمعت سيدي عليًا المرصفى لله يقول: والله ما كنا نظن أننا نعيش حتى نرى زوايا الفقراء صارت مصيدة للدنياء فنسبت فقراؤها إلى الطريق؟ ثم إذا لاح لأحدهم شيئًا من الدنيا وثب عليه كالأسدء وخاصم كل من صده عنه» وكان الواجب عليه أن يشكر فضل كل من صد عنه الدنيا؛ لآنه ساعده على عدم حجابه عن حضرة ربه» وربا خرج فقراء الزاوية في بعض الليالي إلى القراءة بالفلوس في البيوت وعلى القبوره حتى تصير الزاوية لا يوجد فيها أحد يقول: لا إله إلا الله - انتهى- فاعلموا ذلك أيها الإخوان؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ: أن يعامل الله تعالى في تعبه في تربية المريدين» وخدمتهم في #بيئة ما يأكلون وما يشربون وما يلبسونء ولا يطلب منهم على ذلك جزاءً ولا شكورّاء بل يفعل ذلك كله إكرامًا لهم؛ لكوبم عبيد الله يي ولولا نسبتهم
3005
بالعبودية إلى الله تعالى ما كان خدمهم تلك الخدمة؛ فإذا فعل ذلك» واطلع الحق تعالى على نيته جازاه بفضله أعظم جزاء؛ وأما من يخدم الفقراء؛ لعلة وقوع مجازاتهم له بالشكر في المجالس فيا خيبة سعيه؛ لأنهم لم يُقابلوا على خدمته لهم بشيء» ولا هو عامل الله تعالى حتى يجازيه بالأجر والثواب» وليعلم سيدي الشيخ: أنه في زمان ما بقي أهله يحتملون إقامة ميزان التحقيق في مقام يدعونه بالعاقل من أخلص في معاملته لله» واستعان به عمن سواه؛ والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشبخ: ألا يفرح بكثرة المجاورين عنده؛ وإنا اللائق به الحزن؛ وذلك لأنه يعجز عن تربيتهم ونصحهم كل كثرواء وربا أحوجوه إلى سؤال الئاس لهم القمح والأدم وغيرهما ولو بالتعريض» وقد قال رسول الله ي: ما قلّ وكفى خير مما كثر وألحى»”' ومن تأمل بعين البصيرة وجد غالب من يجتمع عليه ويصحبه الزمان الطويل لا يستفيد منه أدبًا ولا علا صحيحًاء وغاية الواحد منهم أن يفتح عليه بشقشة اللسان بكلمات يتلقفها من الشيخ» لا تفتل أحدًا عن ما هو فيه من العمى والحجاب؛ ثم إن تنكر عليه الشيخ يومًا وطرده عن بابه» تكلم في حقه با لا يليق؛ فالعاقل من عرف زمانه؛ بل رأيت أنا بعيني جماعة أخحرجوا والدهم من الدار بعد أن رباهم وزوجهمء وأعطاهم ببائمه وزرعه؛ وقالوا له: اخرج عنا يا شيخ النحس ليس لك عندنا مال ولا دار» فصار دائرًا على وجوه الناس بالعجوز التي معه؛ لا يجد أحدًا يؤويه؛ فاعلم أءها الشيخ ذلك» والحمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ إذا كان أحد من جماعته مكتسبًا بالتجارة أو غيرها: أن يعلمه )١( رواه أحمد »)١191//0( وابن حبان في «صحيحه» (4/ »)١7١ والحاكم في «المستدرك) (1/ 447)) والطيراني في اللأوسط (9/ /لا6» والبيهقي في «الشعب» (/9/ /01410).
]ل -
الآداب المتعلقة بالتجارة؛ لاسيما إن كان أحدهم 5 شيخ السوق» وقد بسطت الكلام على آداب التجار وسائر المحترفة في أواخر كتاب «العهود الكبرى», ولكن نذكر للاخوان هنا طرفًا صا ًا من ذلكء فتقول وبالله التوفيق:
من آداب التاجر: أن يكون أول غارم إذا نزل على السوق نازلة حسب طاقته ولا ينبغي له أن يقول: أنا فقير الحال» ويتشفع بالعلماء والصا كين إلا إذا كان عاجرا العجز الشرعيء وربا قبل الولاة شفاعة العلماء والصالحين» وعتقوه من تلك الغرامة» فنزلت عليه مصيبة وحده هي أشد من تلك الغرامة ىم| جرت.
ومنها: أن يكون شيخ السوق مع أهل سوقه بالباطن» ومع الولاة باللسان فقط» وإذا اجتهد شيخ السوق في مقدار غرامة كل أحد بحسب حاله؛ فخالفوه بقوله لحم: دستوركم أرفع يدي من بينكم؛ وأدع الحكام يحكموا فيكم بحسب ذنوبكم,؛ فإذا اختاروا رفع يده يقول: اللهم.اشهد. وينصرف عنهمء وليحذر كل الحذر من أن يكون مع الولاة على أهل سوقة في الجور عليهم» أو يسمر حوانيتهم؛ فإن ذلك يستحق به العزل عنهم» وليحذر أيضًا أن يحمي نفسه وعصبته وأقاربه ونحوهم من الغرامة» ويوزع ما كان عليه على الناس؛ بأن ذلك يذهب هيبته من القلوب لعدم عدله؛ بل ينبغي له إذا كان حاله واسعًا أن يتحمل عن فقراء السوق
ل ل المعاملة حقيقةٌ إنما هي مع الله تعالى لا مع الخلق.
ومنها: أن يكون آخر الناس دخولاً السوق وأولهم خروجّاء ويأخذ الفائدة اليسيرة من الناس؛ فإن الخوف يذهب البركة» وليحذر أن يبيع برأس ماله فقط من غير فائدة أصلاً» فإن ذلك يركبه الدين؟ لأن البيع إنما شرع للارتفاق بالناس والربح
- 9/7 -
من المشتري.
وأما قول بعض السلف: ليس من المروءة الربح على الإخوان» فذلك محمول على من يفعل ذلك من كان ماله واسعًا جدًا.
ومنها: ألا يخرج من السوق مع الأوائل إلا إن ربح ما يكفي قوت عياله ذلك اليوم» وإلا مكث في حانوته إلى آخر النهار؛ لاسيهما في يوم السوق والاثنين و[للجسن:
منها: ألا يغمز زبونًا وقف على جاره أو غيره؛ ليعطيه ما كان يطلبه من ذلك الشخصء ويكثر الحلف على البيع بالله تعالل وصفاته أو يخبر المشتري وهو شاك فيه» أو يكتم العيب في تلك السلعة بأن ذلك كله ممحقة للبركة.
ومنها: أن يتوقى بيع من رآه جاهلاً بالقيمة إلا أن يكون أشفق عليه من والديه. فإن نصح المشتري» وأخرج له الثوب النفيس» واختار المشتري ا لخكسيس» ذلك وهذا الأمر قد كثر في الناس» فصار التاجر النصوح إذا أخرج للمشتري الثوب السالم من العيب يقول له: أعطني أحسن من هذاء فإذا أخرج له الثوب المعيب رضي به؛ وذلك لكثرة ما يرونه من غش الناس لبعضهم بعضًا.
ومنها: أن يعلم الشيخ من يقبل التعليم من أهل السوق آداب السلف في البيع والشراء» والأصحاب التي ينزل الله بها البركة» ونصح بها البيع والشراء من غير تحريم» وإن لم يكن الشيخ فارغًا لتعليمهم؛ فيرشدهم إلى أحد من الفقهاء يعلمهم ذلك.
وقد كان الإمام مالك فلك يدخل السوق كل قليل ومعه الدرة» فكل من رآه
الالال
لا يحسن البيع والشراء يضربه بالدرة» ويقيمه من السوق ويقول له: تفقه في دينك ثم بع واشتر منها: أن يأمر التجار بالصدقة في كل يوم لتدفع عنهم البلاء» فإن لكل يوم بلاء ينزل فلا يرفعه إلا الصدقة» وكان سيدي علي الخواص #لله يتصدق كل يوم ل ا ا ا ا تعالى: 2( وَأعلَموَا أَنَّمَا عَيِمسُم ين شَيْءِ دَآنّ يلع خمسة, © (الأنفال: )4١ وإن لم تكن الآية نزلت في ربح 0-6 فهو قياس على الغنيمة.
وسمعث سيدي تحمد المنير" كثلتهيقول: ما دام التجار يخرجون زكاة أموالهم, فلا يسلط الله تعالى عليهم أحدًا يأخذ أموالهم بغير حق أبداء فليقيس التاجر نفسه
)١( هو سيدي أحد أتباع الشيخ إبراهيم المتبولي. كان صال ًا نحريرًا على طريق التصوف قديرًا. وكان مقيًا ببلبيس» ثم عمّر زاويته المعروفة لما قيل: إنه عطشت امرأة وولدها من المارة في ذلك المكان» فمات الولد عطسّاء فاجتمعت عليه الفقراء. ووقف خاير بك رزقه على سماط زاويته.وحج بضعًا وستين حجة.وكان يقول: ما دامت اللقمة في زاويتي» فالبلاء عن أهل مصر من جهة المشرق مدفوع؛ فإذا فرغ الطعام منها أتاهم. وكانت عرامته من صوف أبيضء وله شعرة؛ ويلبس بشئًا خططًا بأحمر» ويقول: أنا أحمدي. ولا يركب في طريق الحج إلا نادرّاء ولا يجحلق رأسه إلا لنسك.
وكان تمن يشفع بعرفة في الموقف في عصاة الحج.وكان سريع العطب من يؤذيه. أنكر عليه الشيخ محمد بن عراق قبوله لصدقات الأمراء للفقراء» فكشف رأسه؛ وجعل عرامته تحت إبطه» ووقف بباب خلوة اين عراق» وقال: قولوا له: المنير. فلم يخرج إليه» فشكاة للمصفى ف فمرض ذلك اليوم؛ فهات بعد العشرين يومّاء وكانت هذه عادته. ما كشف رأسه لأحد إلا قتل.ويقال: إنه كان يحفظ «الروضة». وإنه كان يأنٍ كل يوم من زاويته إلى القاهرة يحضر درس ابن إمام الكاملية» ويرجع إلى زاويته من يومد.هات سنة إحدى وثلاثين وتسعاثة» ودفن بزاويته. انظر؛ طبقات الشعراني (1/ .)١7١ الكواكب السائرة (1/ 95)» والكواكب الدرية )6١8( بتحقيقنا.
عاب
قبل أن يتظلم» انتهى.
وكان يقول: الفقراء الصادقون أولى وأحق من يزن الغرامات من غيرهم؛ خوفًا من كراهة الحق تعالى لهمء فإنه تعالى يكره العبد المتميز عن أخيه حتى في ترك وزن الغرامات.
ومنها: أن يمنع أحدهم أخاه أن يشتكي أحذا في بيرت الحكام إلا لضرورة شرعية» وأن يقبلوا سياق العلاء والصالحين إذا طلبوا منه الصبر على المديون والتقسيط عليه بقدر حاله» أو إسقاط شيء من الدين عنه» وإن لم يقبل سياقهم فهو مغلوب في كل بيت دخله من بيوت الحكام ى) جرب؛ وليعلم صاحب الحق: أن مقام العلماء والصالحين يجل عن رد شفاعتهم» بل الذي ينبغي له أن يرى الألف ديئار قليل لا تساوي حق طريقهم لو تركها كلها للديون.
ومنها: أن يعطوا الفقير في السوق غفارته» وجماعة الولاة عادتهم لا يحوجنوهم إلى إظهار الحكم فيهم بين الناس» وقد كان سيدي علي الخواص يعطي جباة الظلم عادتهم من غير سؤال» ثم يبرئ ذمتهم من ذلك في الدنيا والآخرة» ويقول: أستحي من الله أن أرى لي حمًا يوم القيامة على أحد من عبيده؛ وبالجملة فيحتاج من يبيع ويشتري إلى معرفة أقوال علماء المذاهب؛ ليبيع ب| يتفق عليه المذاهب كلهاء أو على مذهب يرى صحته إن أراد التورع في مكسبه. والحمد لله رب العالمين.
[الخاتمة في مؤاخاة الشيخ الشعراني بين أصحابه وذكر من آخى بينهم]
الخائمة الموعود بذكرها في الخطبة: اعلم أنه ينبغي للشيخ: أن يؤاخي بين إخوانه كلهم؛ اقتداءً برسول الله يِه فقد ثبت أنه يع كان يؤاخي بين أصحابه طلبًا لتأليف قلوب بعضهم على بعض ليتعاضداء ويتساعدا على إحياء الدين وعدم ضعفه» وهذه إخوة زائدة على إخوة الإسلام العامة.
وقد جاءني [سيدي]" الشيخ عبد القادر الجيل» وسيدي أحمد بن الرفاعي- رضي الله عنه|- قْ ليلة ا جمعة ثالث عشرين المحرم سنة سبع وستين وتسعاثة» وقالا لي: آنخ بين أصحابك؛ فقلت: سممًا وطاعة» فآخيت بينهم؛ امتثالاً للشارع ولأمر هذين الشيخين -رضي الله عنههما- فرأى تلك الليلة جماعات منهم في المنام» كأن الجماعة كلهم نزلوا في طين وحل» فصار بعضهم يأخذ بيد بعض ويطلعه. حتى طلعوا كلهم» فحمدت الله تعالى على ذلك؛ لأن فيه علامة على أن تلك المواخاة 50 .
[ذكر جملة ممن آخاهم الشيخ في الله]
ولنذكر للإخوان جملة صالحة من أساء الذين يؤاخوا في هذا الكتاب؛ ليرجعوا إلى ذلك إذا نسى أحدٌ أحدًا من يؤاخي هو وإياهم؛ فنقول وبالله التوفيق:
من أخيت بينهم تلك الليلة الشيخ الصالح الورع الزاهد الشيخ جامع -إمام المدرسة المؤيدية بباب زويلة الشافعي- آخيت بينه وبين جميع أصحابي من حضر منهم ومن غاب» ووضعوا كلهم خطوطهم في مستند المؤاخاة. )١( الزيادة من «مناقب القطب الرباني» (ص ١ ؟1).
- لالم
ومنهم: الشيخ محمد العناني"الوقاد آخيت بينه وبين الشيخ عبد الررحمن» وبين ناصر الدين السندبسطي» والشيخ علي السرمي» والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ علي البهوتي» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ إسماعيل الطباخ”.
ومنهم: الشيخ علي المرحومي" آخيت بينه وبين الولد عبد الرحمن» وبين الشيخ أحمد القلتي» والشيخ عبد السلام -ولد العم- والشيخ علي السرسي» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ ناصر الدين السندبسطيء والشيخ على التلبان» والشيخ بركات الأحمدي, والحاج علي المنوفي» وأبي النصر التفهني» وأحمد العزاري", و[الشيخ] عبد القادر الصائغ”» وعلي البهوق» وأحمد الشيبيني”» والشيخ أحمد البحيري؛ والشيخ محمد السبكي» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ عبد الرحمن - النتقيب بالزاوية- والشيخ محمد الترساوي» و[الشيخ] علي الضرير السنجري”, والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ إسماعيل السرسي» والشيخ منصور- الذاكر في المكذنة- والشيخ أبي بكر -المؤذن- والشيخ عبد الغني الضريرء والشيخ علي شقير» والشريف معزء والشيخ عبد النبي المجذوب» والشيخ شرف الدين بن الأمير» وأخيه سيدي محمد» وسيدي شرف الدين الخطيب» وسيدي محمد بن الموفق»
)١( في «مناقب القطب الرباني» (ص ١ 17) [الكتاني].
)١( هكذا في امناقب القطب الرباني» (ص ))55١ وني الأصل: (الصباغ). )١( هكذا في الأصل وفي امناقب القطب الرباني» (ص١1١71)) (المرحومي). (4) في «مناقب القطب الربائي» (ص١؟١7): العذاري.
(5) في «مناقب القطب الرباني» (ص )١١١ [الصانع].
() في «مناقب القطب الرباني» (ص )١5١١ [الشبيني].
(0) في «مناقب القطب الرباي» (ص )75١١ [السنجرجي].
- 54
والشيخ محمد المغربي”- الإمام - والشيخ محمد الخضريء ومحمد المزين» و[الشيخ] محمد السماك» و[الشيخ] شرف الدين الصائغ.
ومنهم: الشيخ الصالح أب البقاء التفهني آخيت بيئه وبين الشيخ عبد السلام» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ إسماعيل الطباخ» والولد عبد الرحمن» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي البهوتي» والشيخ شرف الدين الطوخيء والشيخ عثان الصعيدي؛ والشيخ عبد ال رحمن النقيب» والشيخ منصور الذّاكر.
ومنهم: الشيخ أحمد الشبيني آخيت بينه وبين الشيخ حسن الحبّا والشيخ علي شقير» والشيخ عبد السلام» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ علي السرسي» والشيخ نور الدين النجاري؛ والشيخ عبد النبي الضرير» والشيخ شحاتة الضرير» وناصر الدين المنشاوي» ومحمد المزين» ومحمد القباني في مطبخ السكر» ومحمد بن السماك» والشيخ أحمد المقسميء والشيخ يوسف المنزلاوي» وسيدي محمد القصبي» والشيخ سلامة السندبسطي» وشرف الدين البهوتي» والشيخ محمد السبكي» ومحمد القلتشندي.
وآخيت بين الشيخ علي البدوي» والشيخ محمد المغربي» والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ عبد السلام -ولد العم- والشيخ علي السرمي» والشيخ إسماعيل السرسي» والشيخ أحمد المنشاوي. وأخيه زين" الدين» والشيخ إساعيل الطباخ» والشيخ محمد التباني”"» والشيخ على التلباني» والشيخ عبد ال رحمن النقيب» )١( في (مناقب القطب الرباني»! (ص )35١ ١ [المغزلي ]. (1) في «مناقب القطب الرباني» (ص؟١5١) [الكتان]. (©) في امناقب القطب الرباني؛ (ص؟ ؟17) [ناصر].
- 79/4
والشيخ حسن الحبّاره والشيخ أحمد البحيري. والشيخ علي البهوتي» وعلي الشعراوي» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ شهاب الدين الحلبي» والشيخ. محمد الأجهوري» وخضر القلقشندي» والشيخ سلام القهاوي» وأخيه خضرء والشيخ محمد المنزلاوي» والشيخ عبد النبي البصير» وشحاتة البصيرء وعمر البصير» والشبخ عمر -المؤذن- وأحيه الشيخ أبي بكرء وعمر” المنذري» ومحمد السنجي» ومحمد البلشوني”"» وعلي الشريف. وعبد الرحمن الصناديدي» وحسن السهرجتي» والشيخ علي البسطي» وأحمد السويفي» وأحمد الأسدودي» ومحمد الدمليجي» والشيخ عثمان الصعيديء وعبد الله الضرير» وأحمد الضرير» ومحمد البصير» وعامر البصير والشيخ علي شقير» والشيخ أحمد القلتي» والخضريء ومحمد المنذري.
وآخيت بين محمد بن خالد” الدلجموني وبين الشيخ علي البهوتي» والشيخ عبد النبي» وشحاتة البصير» ويوسف المسيري» وناصر الدين المنشاوي» وعلي الشعراوي.
وآخيت بين الولد سعد الدين” بن القاضي عبد المنعم القادري؛ وبين الولد عبد الرحمن» والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي شقير» والشيخ نور الدين النجاري» والشيخ عبد النبي الضرير» وسيدي علم الدين الخطبيب» وسيدي محمد بن الموفق الصغير.
)١( في «مناقب القطب الرباني» (ص177) [عامر].
(1) في «مناقب القطب الرباني» (ص”7؟17) [البلشومي].
(3) في لمناقب القطب الرباني» (ص517) [محبي].
(4) في امناقب القطب الرباني» (ص”117) بزيادة [الرزمكي].
-58٠-
وآخيت بين الشيخ علي شقير» وبين الشيخ نور الدين النجاري”» والشيخ أحمد المنشاوي؛ والشيخ علي السرمي»؛ والشيخ عبد السلام -ولد العم- والشيخ محمد الخضريء والشيخ علي البسطي, والشيخ نور الدين الملبجي» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ إبراهيم الشبيني» والشيخ أحمد الشبيني» والشيخ سراج الدين المتبولي» وسيدي أحمد بن الأسود الغمري» وسيدي جلال الدين السكري؛ وسيدي محمد القباني» والشيخ حسن الحبّار» والشيخ عبد النبي الضرير» وشحاتة البصير» وعلي الشعراوي» والشيخ ناصر الدين السندبسطي» وناصر الدين المنشاوي» والشيخ محمد السبكي» والشيخ أب بكر المؤذن» والسنجري" الضرير» والشيخ أحمد الكناني» والشيخ شرف الدين الثقباتي» والشيخ صلاح الدين المليجي» والشيخ أحمد القلني» والشيخ أبي بكر الدشطوطي» والشيخ أحمد المقسمي» وسيدي محمد القصبي» والشيخ جامع إمام المؤيدية الشافعي» وسيدي محمد المزين» وسيدي سعد الدين القادري.
وآخيت بين الشيخ علي البهوتي وبين الشيخ عبد السلام» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ علي السرمي؛ والحاج علي المنوثي» والشيخ إساعيل الثقيب» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ محمد الكناني» والشيخ محمد الترساوي» والشبخ أحد الشبيني» [والشيخ علي البسطي]والشيخ أحمد البحيري» والشيخ سلامة السندبسطيء, والشيخ عبد النبي البصير» وشرف الدين البهوتي» وشرف الدين الطوخيء والشيخ أحمد المنشاويء والشيخ نور الدين المليجي.
)١( في «مناقب القطب الرباني» (ص77١) [البلشومي].
(؟) في «مناقب القطب الرباني» (ص777) [البخاري] أحيانًا والنجاري في أخرى.
-181-
وأخخيت بين الشيخ علي التلباني وبين الولد عبد الرحمن» والشيخ أب بكر الدشطوطي» والشيخ شرف الدين بن الأمير» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ ناصر السندبسطي» ومحمد بن الشريفة» والشيخ إبراهيم المرصفي الشبيني» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ محمد السبكي» والشيخ أحمد التفهني”؛ وسيدي أحمد البرماري, والشيخ محمد البرماوي”» والشيخ محمد الخنضري» وسيدي يحيى الأحمدي الماوردي» والشيخ نور الدين النجاري» والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ أحمد البحيري» وسيدي محمد الموفق الكبير» وسيدي أبي الفضل -صهر الحخنفي- وسيدي مه العبادي وسيدي أي بكريين أن أصبع اوسني عل بن الأمير ازيات»والشيخ يوسف العبادي» وسيدي عبد الغني أخيه» وسيدي أبي البقاء بن أخي القاضي شرف الدين» وسيدي الشيخ عمر بن الجابي» والشيخ محمد الترساوي, والشيخ أبي النصر الجزري”» وسيدي أب الفضل الجزيري» والشيخ شرف الدين اللقاني", وسيدي محمد بن السبع» والشيخ علي السنجيدي» وولد عمه الشيخ محمد وأخيه؛ والشيخ نجم الضرير» وفخر الدين الضرير؛ ومحمد المناوي» ويعقوب الأعرج؛ وسنان الضرير» والشيخ مسلم البصير» وعمران البصير» ومحمد البصير الذاكرء وإبراهيم البصيرء وأحمد السرمي البصيرء وعامر السيدأبي البصير» والسنجري البصير» والشيخ شهاب الدين صهر الشوني» وموسى الضريرء وعبد الله الضرير» والشيخ محمد الضرير الشبيني» ورمضان الضرير» وعثان الصعيدي, ومحمد بن )١( في (مناقب القطب الرباني» (ص؛ )١١ [الشبيني] وهو خطأ. (؟) ليست «مناقب القطب الرباي» (ص": ؟١75), 1 (9) في «مناقب القطب الرباني» (ص؛ )5١ [الجزيري]. () في «مناقب القطب الرباني»؛ (ص؛ ؟5) [الميقاتي]» والمثبت هو الصواب.
-585-
الشعيبى» وعيسى البواب” والشيخ أبي بكر المؤذن» والشريف عبى الدين الوراق» ويوسف الضرير» وسالم المندراوي؛ والشيخ نور الدين الخداد” والفقيه صلاح الدين المليجي» والفقيه أحمد العبادي”» والشيخ علي الذاكر» والشيخ علي البسطي» وأخيه حسام الدين» وسيدي جلال الدين السكري» وسيدي أحمد بن نحيي الدين»
وولده عبد الله.
وآخيت بين الشيخ نور الدين المليجي الحداد وبين الشيخ عبد السلام -ولد العم- وبين الشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ أحمد الشعيبي"» والشيخ علي شقير» والشيخ محمد الترساوي» والشيخ علي البس.طي» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي الرطوقي وشاع عل ادراب [اللبيجي و«والدي خريات للحي راح اميد القادر. والشيخ محمد بن رضوانء» والشيخ أحمد المؤذن المليجي. وأخيه» والشيخ رد لاسي براق أن كرا ارال لولحو عل الللساز برو شين ا" المؤذن بمايج- والشيخ أحمد القلتي» والشيخ محمد الخضريء والشيخ أحمد الميلجي؛ والشيخ محمد الصعيديء والشيخ أبي الخير بكر الغرابلٍ المليجي» والشيخ علي السرمي.
وآخيت بين سيدي محمد بن الشعيبي وبين الشيخ نور الدين النجاري؛
)١( ني امناقب القطب الرباني») (ص 50؟11) [-حسين النواب]. (؟) ني امناقب القطب الرباني» (ص 6 55) زاد [المليجي].
(1) صحفتفي «امناقب القطب الرباني» (ص؛ 0) [للعباسي]. (4) صحفت «مناقب القطب الرباني» (ص 55 1) [للشعبي].
(0) في امناقب القطب الرباني» (ص175) [الدشطومي].
-185-
والشيخ علي شقيرء والشيخ علي السرمي, والشيخ أحمد المنشاوي؛ والشيخ أحمد الشبيني"؛ وزين العابدين ابن الشيخ عمر» والشيخ أحمد البحيري» وشرف الدين الطوخي”؛ والشيخ محمد الصعيدي؛ والشيخ علي التلباني"؛ والشيخ عبد النبي البصير» والشيخ أبي بكر الدشطوطيءوالشيخ منصور -الذاكر بالمئذئة-والشيخ عبد السلام ولد العم.
وآخيت بين الشيخ أحمد البحيري» وبين الشيخ نور الدين النجاري. والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ علي السرسي» والشيخ عبد السلام -ولد العم- والشيخ محمد الكناني» والشيخ محمد الخنضري» والشيخ عل البسطى» والشيخ عيك ال حمن الفقيه بالزاوية والخليفة بها من ذرية سيدي علي المليجي» والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ أحمد الشبيني» والشيخ أحجد الشعيبي» والشيخ نور الدين الحداد. والشبخ إبراهيم المرصفي» والشيخ سراج الدين المسيري”"» وسيدي جلال الدين السكري. وسيدي أحمد بن الأسود الغمري؛» والشيخ حسن الحبّارى وسيدي خمد الدين الطوخي» والشيخ أبي بكر الدشطوطي» والشيخ سلام القهاري» وسيدي وآخيت بين الشيخ شهاب الدين الشعيبي الإمام وبين الشيخ علي السرسي”؛ )١( في مناقب القطب الرباي» (ص75790) [الشعيبي]. )١( في امناقب القطب الرباني» (ص550) [الطويل]. (*) في «مناقب القطب الرباني» (ص 0؟١5) [التلمساني]. () في «مناقب القطب الربان» (ص7515) [النوي]. (0) في امناقب القطب الرباني» (ص7١١) [السيوطي].
-1584-
وبين الشبخ ناصر الدين السندبسطي» والشيخ علي شقير» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ إساعيل الطباخ» والشيخ نور الدين النجاري» والشيخ عبد السلام» وسيدي أجمل البرماوي. وسيدي شرف الدين ابن الأميرء وأخيه سيدي محمد» وأخيه سيدي حسام الدين» وسيدي محمد بن الموفق» وسيدي أبي الفضل الحنفي» والشيخ حسن الطريني» والحاج رمضان المناخلي» والحاج عوض»ء وولده سيدي أحمد. والحاج عل السلموني» وسيدي أبي بكر القباني» وسيدي إبراهيم الكتبي» والشيخ محمد الخضري» والشيخ محمد السبكي» والشيخ أبي بكر المؤذن» والحاج عبد الرحمن السندبسطي.
وآخيت بين سيدي شرف الدين بن الأمير -فسح الله في أجله- وبين ولدي عبد ال رحمن» وبين جميع المجاورين بالزاوية كل واحد باسمه.
وكذلك آخيت بين علماء مصرء وأولاد أمرائها من الترك والعربان؛ كالشيخ بدر الدين الشهاوي» والشيخ سراج الحانوتي» والشيخ شمس الدين الخطيب الشربيني» والشبخ نور الدين النجاري» والشيخ محمد الحنفي الشاذلي» وسيدي عمر ابن الأمير الجاي» والشيخ حسن الطريني» والشيخ عامر الطريني» وسيدي أب بكر ابن أبي الأصبع؛ وأخيه سيدي محمد» وسيدي علي باي بن الأمير أزبك» وسيدي سليمان بن بنت الملك المؤيد» والأمير منصور بن عمر» والأمير حسن بن حمادى وسيدي محمد العبادي» وسيدي محمد بن الموفق» وسبدي أحمد الراشدي» وسيدي أي الفضل -صهر الشيخ الحنفي- وسيدي شرف الدين الخطيب» وسيدي عبد الباسط ابن القاضي عبد الباسط.
وآخيت بين الشيخ شهاب الدين المنشاوي» وججميع أصحابي القاطنين في
-1586-
الزاوية والخارجين عنها كل واحد باسمه.
وآخيت بين سيدي جلال الدين السكري وبين الولد عبد الرحمن» والشيخ نور الدين النجاري»؛ والشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي البهوي» والشيخ محمد الترساوي» والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ محمد السبكي» والشيخ شهاب الدين المنشاوي» وسيدي أبي الفضل محمد -صهر الشيخ الحنفي- وسيدي أبي الفضل القبان» والشيخ علي شقير» وجميع من انختاره من الفقراء.
وآخيت بين سيدي محمد بن الأمير -شيخ سوق أمير الجيوش- وبين الشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ محمد الخضريء والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ علي البهوتي» والشيخ أحمد المنشاوي؛ والشيخ أحمد البحيري» والشيخ إساعيل النقيب» والشيخ منصور -الذاكر بالمئذنة- والنقيب" أحمد العبابى» وسيدي محمد بن الموفق» وسيدي محمد العبادي» وسيدي أبي الفضل -صهر الحنفي- وسيدي عبد الباسط -ابن القافي عبد الباسط صاحب المدرسة- وسيدي عمر بن الاي الحنفي.
وآخيت بين الشيخ يونس بن عباد وبين الشيخ محمد الترساوي؛ والشيخ عبد النبي البصيرء والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ أحمد النشاويء والشيخ عل السرسي» والشيخ محمد السبكي» والشيخ سلام القهاوي؛ وأخيه خضرء والشبخ شهاب الدين العامل.
وآخيت بين عل بن أحمد الأجهوريء وبين الشيخ ناصر الدين السندبسطي» )١( في «مناقب القطب الرباني» (ص778) [الفقيه].
-741-
والشيخ حسن الحباره والشيخ علي شقير» والشيخ علي السرمي”.
وآخيت بين الأخ أبي النصر وبين الشيخ شهاب الدين الضبعي» والشيخ جامع إمام المؤيدية؛ والشيخ منصور الصعيديء والحاج علي المقشاتي» والشيخ بشر” الحنفي» والشيخ شهاب الدين المقدسي» والشيخ محمد البرهمتوشي وغيرهم.
وآخيت بين محمد الشبراوي؛ والشيخ شهاب الدين المقدسي» والشيخ شهاب محمد البر«متوشي وغيرهم.
وآخحيت بين محمد الشبراوي» والشيخ محمد الترساوي» وشحاتة الضرير والشيخ حسن الحبّار» والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ عبد النبي البصير.
وآخيت بين الشيخ عبد النبي المنذري وبين الشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي البسطي» والشيخ علي الشعراوي» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ عبد الباقي؛ والشيخ محمد الترساويء والشيخ علي شقير؛ والشيخ سلام القهاوي.
وآخيت بين القاضي شمس الدين العبادي وبين سائر المجاورين» وبين سيدي شرف الدين بن الأمير وإخوته» وبين سيدي أب الفضل الحنفي» وسيدي محمد بن الموفق» وسيدي علي باي» وسيدي علي” بن أبي إصبع» وبين سيدي شرف الدين الخطيب» وبين سيدي أحمد الراشدي.
)١( صحفت في امناقب القطب الرباني) (ص8١١) [حسن]. )١( صحفت في امناقب القطب الرباني» (ص8١5) [البيري]. (؟) في «مناقب القطب الرباني» (ص15١١) [بشير]. () في امناقب القطب الرباني»! (ص١١) [بكر].
-/ا4؟ -
وآخخيت بين الأخ سلطان الحواوشي؛ وبين الشيخ أحمد المنشاوي» وأخيه ناصر الدين» والشيخ أحمد البحيري» والشبخ عبد النبي البصير» والشيخ على شقير» والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ علي الشعراوي» والشيخ محمد المنذري» والشيخ أبي الخير ابن عز الدين» والشيخ محمد الخضريء والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ صالح الشريف.
وآخيت بين ولد الأخ عامر وبين الشيخ عبد السلام -ولد عمه- والشيخ علي شقير» والشيخ محمد الصعيدي» والشيخ إسماعيل الطباخ.
وآخيت بين الشيخ على البهوي» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ العاملٍ شرف الطوخي»؛ وشرف الدين البهوي» ومحمد السنجيء وأحمد الحواوشي» والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ على البسطي» وشهاب الدين العاملي» وسلام القهاوي» وأخيه خضر.
وآخيت بين الشيخ علي السرسي» وبين الشيخ محمد الصعيديء وبين الشيخ حسن الحبّار» والشيخ أحمد الشبيني.
وآخيت بين ولد العم الشيخ عبد السلام» وبين محمد الأجهوري» والشيخ عبد النبي الضرير» والشيخ أحمد المنشاوي. والشيخ محمد السبكي» والشيخ علي
م
سفن
وآخيت بين الشيخ علي البسطي» والشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ عل البهوق» والشيخ نور الدين النجاري؛ والشيخ محمد الترساويء» والشيخ منصور الذاكر في الليل في المكذنة.
-788-
وآحيت بين الشيخ أحمد القلتي» وبين الشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ علي السرمي» والشيخ محمد السبكي» والشيخ علي شقير» والشيخ إسماعيل الطباخ؛ والشيخ عبد الرحمن النقيب» والشيخ محمد النضري:؛ والشيخ علي التلباني» وشحاتة الضرير» وعلى الشعراويء والشيخ أب بكر المؤذن» ونور الدين الحداد» ويوسف المسيري والشريف حسن".
وآخيت بين الولد عبد الرحمن وبين الشيخ حسن الحبّار والشيخ أحمد المقياسي؛ والشيخ أحمد الشبيني» والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ أحمد البحيري» والشيخ علي شقير» والشيخ محمد الكناني.
وآخيت بين سيدي محمد بن الموفق وبين سيدي أب الفضل الحنفي» وسيدي شرف الدين ابن الأمير» وسيدي علي باي بن أمير كبير» وسيدي أبي الفضل القبان» ومحمد ابن أخت الشيخ خضرء وسيدي عبد المنعم» وسيدي أبي البقاء الدميري» والشيخ ناصر" الدين السندبسطي» والشيخ عبد السلام الشعراوي» والشيخ أحمد الشعيبي» والشيخ محمد السبكي وجماعة.
وآخحيت بين الشيخ أحمد الشعيبي» وبين الشيخ إبراهيم الكفتي؛ والشيخ
رمضان لماحلل وسيدي عل البلموني”) وسيدي أبي بكر القباني» والسيد الشريف قنطر ساشاه؛ والريس حنكة وغيرهم. )١( في امناقب القطب الرباني» (ص4 17) [معن].
(؟) صحفت في امناقب القطب الرباني» (ص8١١) [ناظر]. (0) في «مئاقب القطب الرباني» (ص5١5) [الميلموي].
-1588-
وآخيت بين الشيخ خضرء وولده عبد المنعم» وبين أحمد المنشاوي» والشيخ محمد الخضري»: والشيخ مدين» والشيخ عبد السلام» والشيخ علي النجاري؛ والشيخ محمد الترساوي, والشيخ محمد الصعيدي وجماعة.
وآخخيت بين الأخ الصالح الشيخ شهاب الدين الضبعي الحنفي»؛ وبين الولد عبد الرحمن» والشيخ عمر بن الأمير الجاي الحنفي» والشيخ أمين الدين الحنفي» والشيخ شمس الدين البرهمتوشي الحنفي وجماعة.
وآخيت بين سيدي محمد بن السبع» وبين الولد عبد الرحمن» وبين الولد علي التلباني» ونور الدين البرماوي؛ والشيخ محمد الصعيدي» وسيدي شرف الدين بن الأمير» والشيخ أحمد المقياسي”» والفقيه عمر المليجي» والشيخ محمد الترساوي.
وآخيت بين الولد جمال الدين الشطنوفيء والشيخ عبد النبي الضرير» والشبخ
وآخيتث بين سيدي شرف الدين بن الأمير» وسيدي محمد بن الموفق» والأمير حسن بن بغداد» والأمير منصور بن عمر» والريس حنكة؛ وأمين الدين المحتسب» والحاج محمد شقير البناء والشيخ إبراهيم الكتبي» وسيدي علي البلمونٍ» وسيدي -.أبي بكر القباني» وأخيه ووالدهماء والشيخ بركات المزاهري» والشيخ على والشيخ أحد المعلوف» والشيخ محمد” الترساوي وجماعة.
وآخيث بين الولد عبد الرحمن» وبين الشبخ جامع إمام المؤيدية») وسيدي () في المناقب القطب الرباني» (ص )317”١ [العباسي]. (؟) في لمناقب القطب الرباني» (ص7؟؟) [أحمد].
#084
شرف الدين -ابن الأمير- والشيخ ناصر الدين السنديسطي وجماعة.
وآخيت بين الشيخ نور الدين النجاري» والشيخ حسن الطريني» والشيخ عامر الطريني؛ والشيخ علي الدكريسبي”» والشيخ ناصر الدين العشماوي وجماعة.
وآخخيت بين الولد عبد القادر السبكي» وبين الولد زين العابدين بن الشبخ عمر القلقشنديء ويين أحمد النعيم"» وأبي بكر” المؤذن» والشيخ علي السرمي» والشيخ علي شقير» والشيخ إسماعيل الطباخ» والشيخ علي البهوي؛ والشيخ أحمد البحيري.
وآخيت بين سيدي أبي الفضل الحنفي؛ وبين الولد عبد الرحمن» وبين الشيخ محمد الترساوي؛ وبين الشيخ عبد السلام العزاري» وبين الشيخ أحمد المنشاوي» والشيخ محمد السبكي» والفقيه أحمد العباسبي» وبين سيدي محمد الحنفي -صهره- وبين الشبخ حسن الحبّار» وسيدي محمد بن الموفق» وسيدي محمد جلبي» وبين سبدي الشيخ أي الصفاء بن عنان» والشيخ حسين العبادي» وسيدي محمد العبادي؛ وسيدي جلال الدين السكري» وسيدي شرف الدين بن الأمير وجماعة.
وآخيت بين الشيخ عبد الرحمن النقيب» وبين الشيخ عثئان الصعيدي» وبين ناصر الدين المنشاوي» ومحمد المنضري» وعلي التلباني» ومحمد الكناني» والشيخ إسماعيل الطباخ؛ وجماعة نحو ثلاثاثة نفس ذكرناهم في كراسة مستقلة.
)١( في «مناقب القطب الرباني» (ص١1؟) [الزركشي]. (؟) في «مناقب القطب الرباني» (ص5؟57) [اليتيم].
() في «مناقب القطب الرباني» (ص١77) [أجادل]. (4) في #مناقب القطب الرباني» (ص١11) [الشعراوي].
-5641-
فاعلم ذلك أبها الشيخ.وآخ بين إخوانك كلهم تألقاء وأوصهم أن يقوموا يحقوق يلاي يدف همي لمان وحذرهم من رؤية نفسهم على أحد من الفسقة إذا وقعت الأخوة بين الصالح والطالح؛ فإن الصالح متى رأى نفسه خيرًا من الطالح فقد خرج عن الصلاح؛ وا حمد لله رب العالمين.
وينبغي للشيخ وكبراء الزاوية: ألا يمنعوا الأطفال أصحاب الصوت الخسن من قوم في زفة الختان: سلام...سلام...سلام بالأنغام الحسنة» فإن الأطفال ليس عندهم شهامة نفس حتى يكون ذلك نقصًا في حقهم؛ ولكن ينبغي للشيخ وكبراء الزاوية: أن يعتبروا بذلك» ويتفاءلوا بدخول الجنة حين تقول الملائكة لهم: سم لتحم لِبسْرٌ دَأدْْلُوهًَا حَِدِينَ © (الزمر: 200000 َعَم عَمَّى ار # العاف بجوت ررك ل لقي إِذّا ينبغي لعاقل أن يفعل شيئًا | 00 الاعتبار والأغراض الصحيحة» ومن فعل شيئًا من ذلك غافلاً عن الاعتبار قسى
وليحذر الفقيه من أن يدخل رأسه في طوق الخلعة الحرير التي تخلعها عليه أم الصغير؛ لما يخطب في الإسراف بحضرة النساءء» بل يجعلها على كتفه أو ينكسهاء فيجعل ذيلها على كت 90 "افه وطوقها من أسفل؛ ليخرج عن اللبس المنهي عنه» ى) قالوا في المحرم في الحج؛ فنسأل الله تعالى من فضله أن يوقظنا في هذه الدار لكل ما فيه صلاحنا وصلاح إخوانناء وأن يلطف بنا في سائر الحركات والسّكنات إلى أن نجاوز الصراط -إنه سميع مجيب- آمين...آمين...آمين.
وليكن ذلك آخر الكتاب المسمى ب «تطهير أهل الزوايا من خبائث الطوايا» على يد مؤلفه: عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراوي في سابع عشر شوال سنة
- 187 -
سبع وستين وتسعائة بمصر المحروسة: حامدًا مصايًا عتسبًا مستغفرًا.
وكان الفراغ من تعليق هذا الكتاب في أواخر شهر شعبان من شهور سنة أربع وخحمسين وألف.
وحسبنا الله ونعم الوكيل..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
2000
- 76-